المطران مراياتي لقنشرين : الكنيسة اليوم تعاني اضطهاداً من نوع آخر

المطران مراياتي لقنشرين : الكنيسة اليوم تعاني اضطهاداً من نوع آخر
سيادة المطران بطرس مراياتي رئيس أساقفة حلب وتوابعها للأرمن الكاثوليك مِن مواليد حلب 1948، مُجاز في الفلسفة وفي اللاهوت من الجامعة الحَبريّة الغريغوريّة، روما. دبلوم في العلوم الأرمنيّة من المعهد الحَبريّ الأرمنيّ، روما. مُجاز في الأدب العربيّ من جامعة حلب، سورية.
- رُسم كاهناً لأبرشيّة حلب في العام 1971، وعمل في مجال الرعويّات والتربية والتعليم، وأنشأ في العام 1981 أخويّة "إيمان ونور" للمعاقين عقليّاً.
- نال الدرجة الأسقفيّة في العام 1990 رئيساً لطائفة الأرمن الكاثوليك بحلب وتوابعها.
- مُدبِّر رسوليّ على أبرشيّة الجزيرة والفرات.
- عضو اللجنة التنفيذيّة في مجلس كنائس الشرق الأوسط.
- رئيس اللجنة المسكونيّة الكاثوليكيّة في سورية.
- رئيس المحكمة الكنسيّة العُليا في البطريركيّة الأرمنيّة الكاثوليكيّة.
- رئيس اللجنة المسكونيّة البطريركيّة للأرمن الكاثوليك.
- شارك في مؤتمرات وندوات عالميّة عديدة في ما يخصّ الشؤون المسكونيّة والحوار بين الأديان والتربية الأخلاقيّة والعلوم الكنسيّة وغيرها.
- له دراسات ومقالات وترجمات بمختلف اللغات في الكتاب المقدّس، والمسكونيّات، والرعائيّات، والليتُرجيّة، وتاريخ الكنيسة، والأدب الأرمنيّ. إضافةً إلى ثلاثة كتب له بعنوان: "هَل أنتَ معي؟"، و"أنشودة الحياة الخالدة"، و"أبحرْ إلى العمق".

وقد أجرى موقع قنشرين حواراً مطولاً مع سيادته تناول فيه قضايا متعددة، أولها الكنيسة ورسالتها، وحوار الأديان، ومفهوم التعايش المشترك، ومسألة التطرف الديني، وتعديل قانون الأحوال الشخصية للطوائف الكاثوليكية في سورية،وغيرها من موضوعات مهمة، فكان هذا الحوار ....

1- للأديان دور تاريخي جليّ وعميق في بناء الحضارة الإنسانية، وما نراه اليوم على ساحة العالم يشوّه هذا الدور التاريخي للأديان، هل بإمكان حوار الأديان أن يقرّب بين وجهات النظر المتعدّدة، سواء أكانت متطرّفة أم معتدلة؟.
- طُبع تاريخ الشعوب بتاريخ الدين الذي وجّه حياتها. فإذا أردتَ كتابة تاريخ البشرية يكفيك كتابة تاريخ الأديان والعكس صحيح.
وكانت لهذه الأديان من المشارق إلى المغارب بصمات واضحة في تكوين الحضارة الإنسانية. وما يؤكّد ذلك الأوابد الأثرية والمتاحف العالمية التي تحكي قصّة الحضارة في ارتباط وثيق مع الفنّ الديني من كلّ جوانبه.
والجدير بالذكر أنّ الأديان كلّها تدعو الإنسان لعمل الخير ونبذ الشرّ (تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر) وهذا مطبوع على نحو فطري في ضمير البشر، ما يميّزهم عن سائر المخلوقات ويقودهم إلى الله.
لا شكّ في أنّ البشرية دخلت في صراعات بحسب الأزمنة والأمكنة واستغلّت عامل الدين أحياناً لتأجيج روح العداوات، ولكنّ الدين الحقّ منها براء.
فليس من دين ينادي بالقتل، وليس من دين يأمر بالكراهية. وأسوأ ما في التاريخ هو استغلال الدين لمآرب شخصية أو سياسية أو اقتصادية...
وليس من بديل سوى الحوار بين الأديان والحضارات وقبول الآخر ومعاملته بالحسنى "لأنّ الله يشرق شمسه على الأبرار والأشرار" و"مَن أنتَ لتدين الآخرين؟!".
الحوار هو طريق للبحث عن الحقيقة.
والحقيقة هي التي تحرّرنا.
فإذا كنتَ متطرّفاً أو معتدلاً فأنتَ مدعوّ للقاء الآخر والتحدّث إليه بالعقل والتقوى. وعن طريق الحوار يصبح المتطرّف معتدلاً والمعتدل أخاً لك.
أنا لا أؤمن بتطرّف ديني ينتهي بالقتل والإكراه وفرض العقوبات والتكفير، وإنّما أؤمن بصحوة دينية تدعو إلى النقاء والتقوى والمحبّة والرحمة ومكارم الأخلاق، وفي هذا نلتقي جميعنا أيّاً كانت مشاربنا ومعتقداتنا ووجهات نظرنا.

2- في ظلّ العولمة تسعى تيّارات متعدّدة مناوئة للدين إلى نشر أفكار مهدّمة للقيم والفضائل، ما دور الكنيسة في سبيل الحفاظ على تلك القيم في المجتمع؟.
- لقد أصبح العالم قرية صغيرة.
وغدت بيوتنا بلا أبواب وبلا نوافذ.
كلّ شيء يأتيك من الخارج ويدخل منـزلك بلا استئذان.
وليس كلّ ما يأتيك صالحاً وحسناً. فكم من زارع شرّير يزرع الزؤان في حقلك لكي يعيق نموّ القمح.
وهكذا بدأت بعض التيّارات الهدّامة تتغلغل في مجتمعاتنا وتقضي على القيم والفضائل باسم الحرّية والتحرّر والانفتاح والتطوّر والتنوّر...
ففقد الزواج قدسيّته.
وفقدت العلائق الإنسانية حرمتها.
فأصبح الزواج الحرّ وزواج المثليين مباحاً في بعض الدول وانتشرت الإباحية واستغلّ جسد المرأة في كلّ المجالات من حيث يراد لها التحرّر والمناداة بحقوقها.
وهنا يبرز دور الكنيسة في الدفاع عن قدسية الزواج وكرامة المرأة وحقوق الطفل ومكانة الأسرة، وأهمّية العدالة الاجتماعية، ورعاية الأيتام والعجزة والمعاقين...
وهذا ما تقوم به الكنيسة بكلّ ما أوتيت من وسائل.
ولكنّ مجابهة التيّار أصعب بكثير من الانجراف معه. ولذلك نقول إنّ رسالة الكنيسة صعبة ولكنّها ليست مستحيلة فإذا كان "الشرّ كثير الضوضاء" فإنّ الخير لا يزال يعمل في الخفاء.
ألم يطلب إلينا السيّد المسيح أن نكون "الخميرة في العجين" و"الملح في طعام العالم" و"النور في الظلام".
وهي حقيقة تاريخية أنّ الكنيسة، بالمحبّة والقدوة الصالحة والفضيلة، تغلّبت على الإمبراطورية الرومانية التي دبّ فيها الفساد وانحلال الأخلاق "فنالوا في أنفسهم الجزاء الحقّ لضلالتهم"، كما يصفهم بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومة (راجع الفصل الأوّل).
فبصبرها ومثابرتها وثباتها في الإيمان بالله والعمل بمبادئ الإنجيل والدعوة إلى القيم المثالية في العلاقات الزوجية والعائلية والاجتماعية استطاعت الكنيسة أن تهدي خلقاً كثيراً لا بل دولاً بكاملها بعد ثلاثة قرون من الاضطهاد الذي عانته من أجل الكلمة.
الكنيسة اليوم تعاني اضطهاداً من نوع آخر. وهي مدعوّة لتجابه هذا التحدّي العالـمي الجديد الذي هو أسوأ وأخطر من تحدّيـات الوثنية القديمة وانحطـاط القرون الوسطى وتيّارات الإلحـاد بأنواعها في العصور الحديثة.

3- نرى أنّ هناك اختلافاً جوهرياً قائماً بين نظرة الغرب إلى الدين، وبين نظرة الشرق إليه، بمعنى أنّ الغرب يتعامل مع المرء لا على أساس دينه، وخاصّةً في ما يتعلّق بموضوع الزواج، ما هي أسباب هذه الاختلاف؟.
- أوّلاً، علينا توضيح مصطلحين كَثُر الحديث عنهما وهما: "الغرب" و"الشرق".
فما هو الغرب وما هو الشرق؟
ولماذا لا نميّز أيضاً بين "الشمال" و"الجنوب"؟
نتحدّث أحياناً عن "عقلية غربية" و"عقلية شرقية"، ولكن أرى أنّ كلّ ذلك محاولة مصطنعة للتعبير عن اختلاف ما بين الشعوب والحضارات.
الواقع أنّ معظم الدول والمجتمعات في المشرق العربي أنشأت دساتيرها وسنّت قوانينها استناداً إلى مصدر ديني، أمّا الدول والمجتمعات في أوروبّا وأميركا وبلدان أُخرى فقد تحرّرت من هذه المصادر وأقرّت قوانين اجتماعية لا تمتّ إلى الدين بِصلة، لا بل تخالف تعاليم الدين المسيحي في معظم الأحيان، وخاصّة في ما يتعلّق بموضوع الزواج.
كما أنّ ثمّة بلداناً ومجتمعات تنطلق من مبدأ الإلحاد أصلاً في وضع القوانين وسنّ الأنظمة.
هو واقع معقّد من الصعب الحكم عليه جملةً بدون الدخول في التفاصيل.
وخلاصة القول إنّ البلدان التي كانت تستمدّ قوانينها من مصادر الديانة المسيحية قد تخلّت عنها اليوم.
فالغرب ليس مسيحياً كما يشاع، بل ثمّة مسيحيون يعيشون في الغرب.
والكنيسة أصبحت في غربة لأنّ قوانينها وتعاليمها ومبادئها تخالف القوانين العلمانية التي تسود معظم الدول في الغرب.

4- تقدّس الديانة المسيحية الزواج والأسرة وما يرتبط بهما، ولكنّنا اليوم نرى تفشّياً لأفكار غربية بين أفراد مجتمعنا المسيحي وشبابه تجعله يقلّد تقليداً أعمى تلك الأفكار، كيف بإمكاننا إعادة قدسية الزواج إلى فكر شبابنا؟.
- إنّ الديانة المسيحية واضحة كلّ الوضوح في تعاليمها حول الزواج والأسرة.
فهي تقدّس الزواج وترفع من شأن الأسرة وترفض كلّ علاقة زواجية خارج هذه المؤسّسة.
والجدير بالذكر أنّ الدول الإسلامية في تشريعاتها هي أقرب إلى المفهوم المسيحي من البلدان العلمانية وهي تحترم "الأحوال الشخصية" الخاصّة بالمسيحيين.
لا شكّ في أنّ بعض التيّارات بدأ يتغلغل في صفوف الشباب تنقلها إليهم المشاهد التلفزيونية الأجنبية، مثل الزواج الحرّ، والعلاقات العابرة، والمتعة والإباحية... ولكن، تبقى مجتمعاتنا محافظة بالنسبة إلى مجتمعات أُخرى. وعلى رجال الدين أن يتيقّظوا لتوجيه الشباب نحو سموّ الأخلاق في العلائق بين الفتيان والفتيات. وليس من تعليم أفضل من المثل الصالح الذي يقدّمه الأهلون لأولادهم.
كلّ زواج فاشل هو نكسة، ليس بالنسبة إلى الأسرة وحسب، بل إلى المجتمع والكنيسة أيضاً.
ومن هنا كانت أهمّية اللقاءات التحضيرية قبل الزواج، واللقاءات الأسرية بعد الزواج بغية التوعية والتضامن والتعلّق بأهداب التعليم القويم.
على رجال الدين والأهل أن يزرعوا في نفوس الشباب أنّ الزواج ليس نزوة عابرة، بل هو مؤسّسة أرادها الله وفق شروط وأنظمة تتطلّب روح المسؤولية لإنجاب الأولاد وتربيتهم.
ولذلك أرى أنّ أهمّ ما في الأمر تأكيد روح المسؤولية لدى شبابنا فيدخلون معترك الحياة بنضج ووعي والتزام.
والحقّ يقال إنّ البلاد الغربية ليست برمّتها فاسدة، كما تصوّرها وسائل الإعلام المغرضة. فهناك عائلات وشبّان وشابّات يعيشون حياة في منتهى السموّ الأخلاقي والرفعة الخلقية. فلماذا لا نتشبّه بهم بل نسعى وراء المظاهر البرّاقة التي تحمل في طيّاتها سمّاً زعافاً؟.

5- في كلّ لقاء مسيحي إسلامي، يُطرح مفهوم التعايش المشترك، كيف تنظرون إلى هذا التعايش من وجهة نظركم بشكل خاصّ، ومن وجهة نظر مسيحية بشكل عامّ؟.
إنّ اللقاءات المسيحية الإسلامية تختلف في مفهومها وأهدافها باختلاف الأزمنة والأمكنة.
إذا كان ثمّة مسيحيون وافدون على مجتمعات إسلامية، أو ثمّة مسلمون وافدون على مجتمعات مسيحية، فإنّنا في بلادنا نعيش لا كوافدين بل كأبناء البلد الواحد، جذورنا مشتركة وتاريخنا مشترك.
فنحن لا نتحدّث عن "تعايش مشترك" بل عن "عيش مشترك".
هذا العيش المشترك الذي طبع حياتنا يرتكز على الاحترام المتبادل وقبول الآخر والتعاون في شتّى الميادين والمساواة في الحقوق والواجبات... هذا ما تربّينا عليه من حسن الجوار والمشاركة في الأحزان والأفراح واستقبال الضيف والوفاء في العهود ومساعدة المحتاج بدون النظر إلى دينه ومعتقده...
عيشنا مع إخوتنا المسلمين في بلدنا هو أكثر من لقاء أو تعايش. إنّه حياة جمعتنا على الأخوّة في الماضي ولا نزال عليها اليوم ونأمل أن تستمرّ على الدوام.
ولذلك، في لقاءاتنا الدولية حول الحوار الإسلامي المسيحي نحن لا نتعلّم من الآخرين بقدر ما نعلّمهم ونعطيهم خبرات مئات السنين ونشهد لما نعيشه اليوم من حرّيات دينية وعلاقات مميّزة ورثناها عن أجدادنا ورعتها الدولة ولا تزال.

6- ما رأيكم بظاهرة التطرّف، وهل هناك ما يعرف بالتطرّف المسيحي؟.
التطرّف، كما تشير إليه الكلمة، هو الخروج عن الاعتدال أو عن الوسط، للتقوقع في الأطراف أو الزوايا النائية والمناوئة للاعتدال.
هذه الظاهرة ليست غريبة في تاريخ الشعوب والأديان.
والجدير بالذكر أنّه كلّما ظهرت حركة متطرّفة أو تطرّفية جلبت الويلات على الشعب والكنيسة حتّى ولو جاءت باسم الدين.
يظهر التطرّف لدى المسيحيين على نوعين:
- نوع فيه التعصّب للمذهب الخاصّ أو المعتقد أو الطائفة ورفض سائر المذاهب، لا بل محاربتها والتهجّم عليها وإنكار الخلاص لأعضائها...
- أمّا النوع الثاني ففيه التطرّف نحو الصهيونية. هذا ما يسمّى "بالمسيحية الصهيونية أو المتصهينة". والكنيسة منها براء. وتعطي هذه الحركة المتطرّفة الحقّ للوجود الصهيوني في فلسطين استناداً إلى التوراة التي ذكرت "أرض الميعاد" للشعب اليهودي في فلسطين.
أصحاب التطرّف يخطئون في ادّعائهم احتكار الحقيقة، كما يخطئون في تفسير المعطيات الكتابية.
والمتطرّف يأخذ جزءاً من الحقيقة ويتمسّك به وينسى الجزء الأكبر فيكتفي بنظرة محدودة ويتغاضى عن النظرة الشاملة الواسعة التي ترى مجمل الحقائق.
هذا وإنّ المتطرّف يضع نفسه مكان الله عزّ وجلّ الديّان العادل فيحكم ويدين لا بل يذهب إلى أبعد من ذلك فيكفّر ويلغي الآخر.
خلاصة القول إنّ المتطرّف، مهما كان لونه، هو أكره عباد الله لأنّه يزرع الشرّ وينمّي الفتن ويستعمل العنف ويستغلّ الجهلة والضعفاء.

7- في رسائلكم الراعوية الدورية تحضّون على موضوع الحشمة، ونرى أنّه ما من تقيّد فعّال من قبل السيّدات والآنسات.. ما هي إرشادات الطوائف المسيحية وحلولها تجاه هذا الموضوع، خاصّةً وأنّنا نعيش في مجتمع مختلط؟.
لقد وجّهنا في السنوات الأخيرة رسائل راعوية عديدة ونداءات متكرّرة طالبين من السيّدات والآنسات التحلّي بالحشمة في اللباس خاصّةً في أثناء الاحتفالات الدينية.
كما دعمنا هذا النداء بآيات من الكتاب المقدّس ودافعنا عن الذوق السليم ونبّهنا إلى الحسّ الأخلاقي في مجتمع متعدّد الانتماءات.
نحن نقدّر ونشكر مَن تجاوب معنا ولبّى النداء. ولكن، مع الأسف، لا تزال ظاهرة عدم التقيّد بمبادئ الحشمة في فصل الصيف متفشّية وبخاصّة في أثناء احتفالات الأكاليل (الزواجات)، وكأنّ الكنيسة تحوّلت إلى معرض للأزياء.
أمّا عن الشوارع والساحات في بعض المناطق فحدّث ولا حرج! إنّها المكان المفضّل لعرض آخر الصرعات في مجال الموضة المستوردة والتي تخدش الحياء في معظم الأحيان.
في اعتقادي أنّ دور الكنيسة ينتهي عند هذا الحدّ: فهي "أمّ ومعلّمة" وهي مرشدة وموجّهة لا أكثر.
هنا يبدأ دور الأهل. إنّ الفتيان والفتيات لا يأتون من الفراغ، إنّهم أبناء ينالون تربية بيتية ويخرجون من منازلهم تحت أنظار والديهم وبرضاهم.
ولذلك، سيكون نداؤنا في العام القادم موجّهاً إلى الأهل ليتحمّلوا مسؤوليّاتهم بإعطاء المثل الصالح والتوجيه السليم.
لقد صدق الأقدمون حين قالوا: "الجمال في البساطة والزينة في الحشمة".
وقالوا أيضاً:
ليس الجمالُ بأثوابٍ تزيّننا إنّ الجمالَ جمالُ العلم والأدب

8- ما هي إيجابيات تعديل قانون الأحوال الشخصية للطوائف الكاثوليكية في سورية، وهل من سلبيات تسعون إلى تفاديها في المستقبل، ولماذا انفردتم باتخاذ هذا القانون دون الطوائف الأخرى؟.
إنّ أهمّ الإيجابيات في تعديل قانون الأحوال الشخصية للطوائف الكاثوليكية في سورية كونه أعطى الحقّ للمسيحيين أن يعيشوا بحسب خصوصياتهم الدينية وقوانينهم الكنسية.
هذه الخصوصية كانت موجودة في السابق بما يتعلّق بالخطوبة والزواج.
وكلّ ما تمّ، وهو من باب المنطق والحقّ، أنّ قانون الأحوال الشخصية الجديد شمل أيضاً موضوع الحضانة والوصاية والإرث والتبنّي والوصية...
ولم نجد حتّى الآن من سلبيات في هذا القانون سوى الفرق الذي حدث بين قانون الكاثوليك وسائر المسيحيين الذين لم يطالبوا بهذه الميزات المشروعة وبقوا على ما كانوا عليه في الماضي.
وقد تقدّمت الطوائف الأرثوذكسية والإنجيلية بطلب تعديل قانون الأحوال الشخصية لديها ليتوافق وقانون الأحوال الشخصية للطوائف الكاثوليكية.
وهذا القانون الجديد إن دلّ على شيء إنّما يدلّ على انفتاح الدولة السورية، في احترام حقوق المسيحيين بحسب شرائعهم الخاصّة، وعدم إلزامهم بشرائع ليست من صلب قوانينهم الدينية.

9- هل من تعاون جادّ على صعيد معيّن قائم بين الطوائف المسيحية في محافظة حلب على الأقلّ، فما يراه المواطن المسيحي أنّه مجرّد تعاون شكلي لا يخدم المصلحة العامّة؟.
لا شكّ في أنّ جميع الطوائف المسيحية في محافظة حلب تعمل من أجل المصلحة العامّة من خلال مؤسّساتها التربوية والاجتماعية كالمدارس والمستشفيات والمستوصفات والأندية الرياضية... وغيرها التي أنشأتها لخدمة الجميع.
ولا أحد يستطيع أن ينكر ما تقوم به الطوائف المسيحية من أجل الخير العامّ.
ولكن، إذا سألنا عن بعض وجوه التعاون فهناك بوادر خجولة. فقد علّمتنا التجربة أنّه كلّما كثر عدد الجهات الراعية أو المسؤولة تبعثرت الجهود وضعف الأداء.
ومع ذلك، فإنّنا نسعى اليوم لمزيد من التعاون في مؤازرة اللاجئين العراقيين. إنّ الواقع يتطلّب منّا التضافر والتضامن في عمل مشترك لنساعد إخوتنا العراقيين في تجاوز المحنة التي ألمّت بهم.

10- هل من رسالة تودّون أن توجّهوها من خلال موقع قنشرين إلى الأرمن الكاثوليك في حلب وإلى المسيحيين بشكل عامّ؟.
رسالتي إلى جميع المسيحيين ألخّصها في كلمتين: التزام، وأمل.
الالتزام ببناء مجتمع أكثر إنسانية بكلّ ما أوتينا من روح الصدق والنـزاهة والجدّية والوفاء. فالوطن هو وطن الجميع، والأرض أرضنا فيها جذورنا السحيقة في التاريخ وعلينا أن نتأصّل فيها وندافع عنها ونبنيها بسواعدنا وأفكارنا الخلاّقة في لُحمة وطنية شاملة.
وثانياً، الأمل الذي لا يخبو بالرغم من كلّ الصعوبات والحواجز والإحباط. لقد مرّت بلادنا في محن خطيرة ولكنّنا تجاوزناها بفضل الله وإرادة الشعب. علينا أن نؤمن بغد مشرق فلا نستسلم للخوف من كلّ ما يحاك حولنا، بل نتابع مسيرتنا بعزم وتفاؤل وكلّنا قناعة بأنّه لا أغلى من الوطن، وإذا كان الله معنا فمَن علينا؟.

- سيادة المطران بطرس مراياتي رئيس أساقفة حلب وتوابعها للأرمن الكاثوليك ، نشكركم كلّ الشكر على هذا اللقاء الثمين ،على أمل أن نلتقي في لقاءات مستقبلية ،ولكم تحيات وامتنان فريق عمل الموقع.

بيانكا ماضية - قنشرين

المصدر:
http://www.qenshrin.com/details.php?id=5437

الحوار الخارجي: 
أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك