من تراث العفو في سيرة سيد البشر

من تراث العفو في سيرة سيد البشر

قصص العفو عن أهل مكة، وعن صفوان بن أمية، وعن هند بنت عتبة التي مثلت بجثة حمزة سيد الشهداء

محمد الهاشمي الحامدي

محمد بن عبد الله سيد البشر وإمام الأنباء وخاتم المرسلين. سيرته هي القدوة الأفضل والأمثل لكل إنسان على وجه الأرض، وهي تعبر في عمومياتها وفي تفاصيلها عن مكارم الأخلاق في أعلى مستوياتها. والعفو من مكارم الأخلاق، وهذه أمثلة له من سيرة ذلك الرجل العظيم، أخ موسى وعيسى وداود وسليمان عليهم السلام، ومتمم رسالة السماء التي تداول على حملها وتبليغها للناس طائفة كريمة نبيلة من الأنبياء والمرسلين.

 

السياق التاريخي للأمثلة التي أذكرها في السطور الآتية هو سياق حملة تحرير مكة، في شهر رمضان المعظم من العام الثامن للهجرة النبوية، الموافق تقريبا للعام 630 للميلاد. والنص الآتي كله مأخوذ من كتاب يصدر لي قريبا إن شاء الله تعالى بعنوان "السيرة النبوية للقرية العالمية"، وكنت نشرت العديد من فصوله الأولى الصيف الماضي تحت عنوان "جاذبية الإسلام".

 

***

 

تبدأ القصة بأبي سفيان بن حرب وهو يسرع على راحلته متجها إلى مكة يريد أن يصلها قبل أن يدخلها جيش الفتح العظيم.

 

ها هو أبو سفيان يسبق جيش المسلمين ويصل قبله إلى مكة، ويستدعي أهلها على عجل ليهتف فيهم بأعلى صوته: يا معشر قريش، هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. بهت الناس لكن الخبر لم يكن مفاجأة كاملة لهم. لقد عرفوا من قبل أنهم غدروا بحلفاء النبي ونقضوا عهد الصلح، وأن أبا سفيان لم ينجح في مسعاه لتجديد المعاهدة حين زار المدينة قبل أيام. لكن العناد ما زال يملأ رؤوس بعضهم، وخاصة هند بنت عتبة عدوة سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب وزوجة أبي سفيان. إن العناد ليخرجها عن طورها حتى أنها تتجرأ على معارضة زوجها أمام الملأ من قريش، بل إنها لتفعل أكثر من ذلك. لقد أخذت بشارب زوجها وشتمته وحرضت الحاضرين على قتله. لكن أبا سفيان لم يفقد صوابه من سوء صنيعها، وتوجه بالخطاب للحاضرين: ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. أما وقد استقرت الحقيقة في نفوس الناس فإنهم بدأوا يفكرون في أبواب الأمان الأخرى، فقالوا لأبي سفيان وقد أنساهم الخوف تذكر مقامه بينهم: قاتلك الله، وما تغني عنا دارك؟ فأجابهم: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن. واطمأن الناس فتفرقوا، بعضهم إلى بيوتهم وبعضهم الآخر إلى المسجد، ولم يشذ عن ذلك إلا قلة من السفهاء والصعاليك وأبناء بعض عتاة من حارب الإسلام من طغاة قريش، مثل عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، وكلهم تجمعوا في مكان يسمى الخندمة واستعدوا لقتال المسلمين.

 

في تلك اللحظات كان جيش الأمن والسلام والحرية قد وصل إلى مكان يسمى ذي طوى على أبواب مكة المكرمة. ونظر عبد الله بن أبي بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرآه يضع رأسه تواضعا لله وقد رأى ما أكرمه الله به من الفتح حتى كاد شعر لحيته أن يمس واسطة راحلته.

 

لحظة النصر عند النبي صلى الله عليه وسلم هي لحظة التواضع. لحظة التحرير الكبير هي لحظة الشكر لمن حفظه ونجاه من بطش قوى الشر والإستبداد لأكثر من عشرين عاما مضت بعد نزول الوحي عليه. لله الذي نصر إبراهيم وإسماعيل وموسى ويوسف وعيسى واسماعيل. لحظة القوة هي لحظة الإمتنان لمن بيده ملكوت السماوات والأرض والإعتراف بفضله. لحظة العزة هي لحظة ضبط النفس عن الغرور الذي طالما لعب برؤوس الزعماء السياسيين وقادة الجيوش. لحظة فتح مكة كانت موعدا جديدا لتأكيد نبوة الفاتح الكريم النبيل.

 

وزع النبي جيشه كتائب مختلفة تدخل قلب مكة من أكثر من اتجاه، فأمر الزبير بن العوام أن يدخل على رأس كتيبة من كدي من ناحية عرفة، وسعد بن عبادة أن يدخل من كداء أعلى مكة حيث وقف إبراهيم عليه السلام ودعا لذريته بالحرم. أما خالد بن الوليد فأمر بالدخول على رأس كتيبة من الليط أسفل مكة، بينما أمر أبو عبيدة بالدخول من بطن الوادي ممهدا للنبي. ودخل النبي من أذاخر، ونزل بأعلى مكة، ونصبت خيمته هناك.

 

دخلت كل هذه الكتائب مكة في سلام، إلا كتيبة خالد بن الوليد تصدى لها الأوباش والصعاليك الذين خرجوا مع عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو، فلم يصمدوا كثيرا وانهزموا وفروا، بعد أن قتلوا اثنين من المسلمين وأصيب منهم اثنا عشر رجلا.

 

التأم شمل كتائب الإسلام واكتمل النصر وشاع الأمن بين سكان أقدس المدائن على وجه الأرض. واتجه النبي صلى الله عليه وسلم صوب الكعبة المشرفة، فطاف بها سبعا على راحلته، وكان بيده قوس فجعل يطعن به حوالي ثلاثمائة وستين صنما كانت منصوبة في رحاب المسجد، وهو يقول: "جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا"، (1) ويقول: "جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد". (2)

 

ثم طلب مفاتيح الكعبة من عثمان بن طلحة ودخلها، ومعه أسامة بن زيد بن حارثة وبلال بن رواح، والناس في ساحة الحرم ينظرون وينتظرون.

 

داخل الكعبة وجد النبي صورا للملائكة ولإبراهيم أبي الأنبياء في وضعية من يستقسم بالأزلام، وهي السهام التي يستقسم بها الناس في ذلك العصر، وحمامة مصنوعة من عيدان، فأمر بكل تلك الصور فطمست. وصلى النبي داخل الكعبة، ووحد الله وكبره، ثم وقف ببابها، وأهل مكة أمامه صفوف ينتظرون أن يسمعوا منه أهم قراراته بعد التحرير الكبير.

 

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده. ألا كل مأثرة (أي ما يتحدث به من المكارم) أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج. ألا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا ففيه الدية مغلظة، مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها. يا معشر قريش: إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء. الناس من آدم وآدم من تراب. ثم تلا الآية 13 من سورة الحجرات: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير". (3)

 

الخطاب النبوي هنا يعالج بعض المسائل المستعجلة في مجتمع قريش، ويخاطب في نفس الوقت الناس جميعا إلى يوم القيامة، خاصة عندما نهى عن نخوة الجاهلية والإفتخار بالأنساب وتعظيمها، وذكر البشرية بأنها كلها لآدم وآدم من تراب، وبأن الله خلقها شعوبا وقبائل للتعارف والتعاون والتفاضل بالتقوى والعمل الصالح. * العفو النبيل عند المقدرة:

 

الصفوف القرشية تسمع في إنصات وخشوع لمحمد الصادق الأمين الذي نشأ بينهم وترعرع في صفوفهم، وجاءه الوحي فبذل كل ما في وسعه لنشر الدعوة لولا أن قوى الطغيان حاربته وأخرجته واستهدفته حتى وهو في المدينة تريد تصفيته واستئصال دينه وأتباعه. فهل ينتقم النبي لنفسه يا ترى من قومه الذين كانوا ألد الأعداء وأشدهم عليه؟

 

السؤال يملأ صدورهم يكادون ينطقون به. واللحظات طويلة جدا في انتظار الجواب. والنبي يعرف ذلك في وجوههم وفي نفوسهم، لذلك يسألهم: يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟ ويأتي الجواب سريعا ينطق بتطلعات قريش. قالوا: خيرا. أخ كريم وابن أخ كريم. قال النبي: فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته "لا تثريب عليكم اليوم". اذهبوا فأنتم الطلقاء. (4)

 

أنتم آمنون أحرار أيها الناس. جملة من 14 كلمة تقرر هذا المعنى وتخلو من أية إشارة لوم أو عتاب أو محاسبة. ولو كان لام لحق له أن يلوم. ولو كان عاتب لحق له أن يعاتب. ولو كان عاقب لحق له أن يعاقب. لكن المتحدث في يوم التحرير العظيم هذا هو خاتم الأنبياء والمرسلين، المثل الأعلى للناس أجمعين. فلا لوم ولا عتاب ولا عقاب، وإنما أمن وأمان وحرية وسلام. وتلك هي بكل وضوح وقوة وبساطة حقيقة رسالة الإسلام.

 

جلس النبي في المسجد فجاء إليه ابن عمه علي بن أبي طالب ومعه مفتاح الكعبة. قال: يا رسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك. وقيل في رواية أن الذي طلب منه ذلك عمه العباس. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أين عثمان بن طلحة. فدعي له، فقال: هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم بر ووفاء. (5)

 

ثم جاء وقت الصلاة فأمر النبي صاحبه ومؤذنه بلالا بأن يصعد ويؤذن على الكعبة. بلال، العبد الأسود الذي حرره الإسلام، والرجل الشجاع الذي ضرب المثل في التمسك بعقيدة الإيمان بالله رغم التعذيب المروع الذي تعرض له، والإنسان الشريف ذو النفس الحرة التي تحدت قوى الشرك والطغيان، ينال اليوم هذا الشرف العظيم بالدعوة للصلاة من على الكعبة، والمسلمون، وأهل قريش، وقادة قريش ينظرون ويسمعون. اثنان من هؤلاء القادة كانا جالسين بفناء الكعبة قرب أبي سفيان، هما عتاب بن أسيد والحارث بن هشام. قال عتاب للحارث ولأابي سفيان: لقد أكرم الله أسيدا ألا يكون سمع هذا فيسمع منه ما يغيظه. وقال الحارث: أما والله لو أعلم أنه محق لاتبعته. أما أبو سفيان فتحفظ: لا أقول شيئا، ولو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصى. فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال لهم: قد علمت الذي قلتم، ثم حدثهم بما دار بينهم، فقال الحارث وعتاب: نشهد أنك رسول الله. والله ما اطلع على هذا أحد كان معنا فنقول أخبرك.

 

للمستبدين دائما خصال ذميمة أخرى غير الاستبداد. وهؤلاء الطغاة المهزمون من كبراء قريش جمعوا الى ما بهم من طغيان وإعراض عن الحق والإيمان خصلة أخرى هي العنصرية والتمييز بين الناس على أساس اللون. ومن هنا صدرت تعليقاتهم التي ترى الموت أفضل واهون من رؤية بلال وهو يصعد أعلى مكة يدعو الناس للصلاة والفلاح. ولكنهم الآن إذ أسلموا وأمنوا بما نزل على محمد من الحق سيبدأون في التعلم من مدرسة جديدة تعلمهم أن الناس جميعا سواسية كأسنان المشط، كرامتهم من عند الله وحده، مهما كانت ألوانهم واعراقهم وبلدانهم ولهجاتهم، لا يحق لأي قوة أخرى على وجه الأرض أن تنزعها عنهم. تلك هي مدرسة الإسلام، وذلك ما هتف به النبي من باب الكعبة أمام القرشيين الذين حاربوه لسنوات طويلة، وذلك هو ما جعل بلالا وآخرين كثيرين مثله من السود في الجزيرة العربية ثم في كل أنحاء العالم على مدى التاريخ يرون في الإسلام دستور الحرية والمساواة والكرامة وينخرطون في معركة الدفاع عنه في وجه أعداء الحرية والإيمان.

 

وفي اليوم الثاني لفتح مكة خطب النبي صلى الله عليه وسلم في الناس مرة أخرى مؤكدا حرمة مكة وقداستها ومشددا على منهج القتال وسفك الدماء فيها من بعد أن بلغته أخبار حادثة قتل تورط فيها ناس من خزاعة، وكانوا يثأرون لقتيل لهم في عهد ما قبل الإسلام. قال النبي: أيها الناس، إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض، فهي حرام بحرمة الله الى يوم القيامة، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دما، أو يعبد فيها شجرة، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم. وإنما حلت لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد الغائب. (6)

 

الأمن، والسلام، والبر، والوفاء. تلك هي شعارات المرحلة الجديدة في مكة وقد تحررت من سلطة الطغاة وأعداء حرية العقيدة، وآن للعقول فيها أن تتحرر من سلطة الخرافة ومن الخضوع لأصنام يصنعها الناس بأيديهم ثم يخضعون لها ويعبدونها. يا له من سقوط يثير الدهشة والعجب والإستنكار. كيف يرفض الإنسان عبادة الله الواحد الذي دعا إليه أكرم الناس في تاريخ البشر، نوح وإبراهيم وهود وصالح ويونس وموسى ويعقوب وسليمان وداوود وزكريا ويحيى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام جميعا، ويقبل أن يخضع لسلطان صنم يصنعه هو بنفسه من طين أو حجر؟ كيف يقبل الإنسان على نفسه أن يشرك بالله أصناما يصنعها، وأن يستحل لنفسه ما حرمه الله وما تأباه الفطرة، وأن يقبل بالتمييز العنصري على أساس اللون أو النسب، وبامتهان المرأة، شريكته في الحياة وفي الإنسانية؟ * قصة صفوان بن أمية:

 

كان صفوان بن أمية زعيما من زعماء قريش وواحدا من هؤلاء الذين بنوا لأنفسهم مجدا وسلطانا وسيادة في قريش من ثقافة الشرك والطغيان. فلما كان تحرير مكة خرج صفوان الى جدة يريد أن يركب منها الى اليمن فارا من سلطة الإسلام. فجاء عمير بن وهب، من صحابة النبي، الى النبي يحدثه بأمر صفوان ويطلب له الأمان. قال النبي: هو آمن. قال عمير: يا رسول الله فأعطني آية يعرف بها أمانك فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم عمامته التي دخل فيها مكة. وأسرع عمير يقتفي طريق صفوان فوصل اليه قبل أن يبحر الى اليمن، وناداه: يا صفوان، فداك أبي وأمي، الله الله في نفسك أن تهلكها، فهذا أمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جئتك به. ولكن الزعيم القرشي الذي استكمل اجراءات الهروب يظن أمان نبي الإسلام مثل وعود كثير من قادة ذلك العصر غير الموثوقين، لذلك لا يهتم كثيرا بما يسمع من عمير ويطلب منه أن ينصرف. لكن صاحبه الذي جاءه بالأمان يعرف أن من أعطى الأمان أهل للثقة من الناس في عصره ومن الناس في كل عصر بعده. لذلك هتف لصفوان من جديد بحرص وإلحاح: أي صفوان، فداك أبي وأمي أفضل الناس (يعني النبي صلى الله عليه وسلم)، وأبر الناس، وأحلم الناس، وخير الناس، أبن عمك، عزه عزك، وشرفه شرفك، وملكه ملكك. قال صفوان: إني أخافه على نفسي. قال عمير: هو أحلم من ذاك وأكرم.

 

وما كان عمير كاذبا قط. وقد نجح في إقناع صفوان وعاد به حتى وصل عند النبي، فقال صفوان ومازال بنفسه شك وكبر وتردد: إن هذا يزعم أنك قد أمنتني. قال: صدق. قال: فاجعلني فيه بالخيار شهرين. قال النبي: أنت بالخيار فيه أربعة أشهر. (7)

 

وأسلم صفوان بعد ذلك، كما أسلم عكرمة أبن أبي جهل، وكان قد فر الى اليمن فتحدثت زوجته مع النبي صلى الله عليه وسلم وحصلت منه على الأمان لزوجها، فلما بلغه الخبر عاد وأسلم وأصبح لاحقا من القادة المسلمين البارزين. وأسلم أيضا فضالة ابن عمير الليثي، وهو كان خطط لقتل النبي في مكة أثناء طوافه بالكعبة. وفي اللحظات التي كان يتربص فيها بالنبي يريد اغتياله، قال له النبي: أفضالة؟ قال: نعم فضالة يا رسول الله. قال: ماذا كنت تحدث به نفسك؟ قال: لا شيء. كنت أذكر الله. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: استغفر الله. ووضع النبي يده على صدر فضالة فوجد في نفسه السكينة وروى بعد ذلك عن تلك اللحظات قائلا: والله ما رفع يده عن صدري حتى ما من خلق الله شيء أحب الي منه. (8)

 

وأسلمت أم حكيم بنت الحارث ابن هشام، وفاختة بنت الوليد زوجة صفوان أبن امية، وأم حكيم زوجة عكرمة ابن أبي جهل وهي التي حصلت له على الأمان من عند النبي، كما أسلمت أم هانئ بنت أبي طالب، وهي استأمنت مرة لرجلين من أقارب زوجها من قبيلة بني مخزوم وأخبرت النبي بذلك فقبل جوارها وأعطى الأمان لمن أمنت. وأسلم أكثر أهل مكة ودخلوا في دين الله أفواجا، وجاؤوا عند جبل الصفا يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فيما استطاعوا، وجاءت النساء أيضا فبايعن النبي على ترك الشرك والمعاصي. وكان من بين من بايع من النساء إمرأة متنكرة لكن النبي صلى الله عليه وسلم عرفها وسألها: وإنك لهند، قالت: نعم فاعف عما سلف يا نبي الله عفا الله عنك. وعفا النبي عن المرأة التي مثلت بجثة عمه ولاكت كبده. * د. محمد الهاشمي الحامدي : كاتب تونسي

 

الهوامش :

 

1 ـ القرآن الكريم. سورة الإسراء: 81

2 ـ القرآن الكريم. سورة سبأ: 49

3 ـ سيرة ابن هشام. الجزء الرابع. ص 40-41

4 ـ المصدر السابق. ص 41. و"الرحيق المختوم". ص 301

5 ـ سيرة ابن هشام. الجزء الرابع. ص 41

6 ـ الرحيق المختوم. ص 303

7 ـ سيرة ابن هشام. الجزء الرابع. ص 44-45

8 ـ المصدر السابق. ص 44

 

المصدر: خاص - الوحدة الإسلامية

الأكثر مشاركة في الفيس بوك