مفهوم التسامح ... من منظور إسلامى

مفهوم التسامح ... من منظور إسلامى

حمدي عبد العزيز

يتعرض الاسلام والمسلمون منذ انتهاء حقبة الحرب الباردة لحملات دعائية غربية مستمرة تهدف إلى أن تلصق بالاسلام تهم التعصب والإرهاب ورفض ( الآخر ) وغير ذلك مما لا أصل له فى الأصول الاسلامية المنزلة – القرآن والسنة – ولا سند له من العلم أو الخبرة التاريخية الاسلامية .

 

وتعددت فى الآونة الأخيرة المؤتمرات فى المنطقة وأوروبا والبرامج الاعلامية التى تتناول مفهوم التسامح فى الحضارة الاسلامية والعلاقة بين الدين والإرهاب وسواء كان ذلك من أجل الدفاع عن الاسلام أو لخدمة أجندات خارجية تسعى لتكريس مفاهيم معينة ذات أصول فلسفية غربية فمن الضرورة القاء الضوء على هذا المفهوم ليس كما يظن البعض انشغالا بالرد على الدعايات الباطلة أو انزلاقا إلى أجندات مفتعلة وإنما لكشف أبعاد المفهوم ومقارنته بنظيره فى الخبرة الاسلامية – رؤية وتطبيقا .

 

مفهوم التسامح.. نشأ فى ظل ظروف تاريخية مغايرة تمامًا - الحروب الدينية فى أوروبا - لما مر به التاريخ العربى، وبالتالى لم يتم طرح المفهوم بنفس مدلول نشأته فى الغرب(1). لكنه يشير إلى ظاهرة من خصائص المجتمع، وهى حرية الاعتقاد والحق فى الاختلاف.

 

وإذا كان لفظ «التسامح» لم يرد فى الشريعة الإسلامية إلا أنه يشير إلى إحدى خصائص المجتمع المسلم، كما جاءت الشريعة بما يقاربه أو يدل على معناه كما يلى: فقد دعا القرآن الكريم إلى التقوى والتشاور والتآزر والتواصى والتراحم والتعارف، وكلها من صفات التسامح، مؤكدًا حق الاختلاف بين البشر فالاختلاف آية بينة، وإن كان لا يلغى الائتلاف. وقد اعتبر الإسلام أن الناس جميعًا أسرة واحدة يرجع نسبهم إلى أب واحد وأم واحدة.. ورسالته السمحة رسالة شاملة موجهة إلى جميع الناس وصان الإسلام الكرامة الإنسانية ونبذ العنصرية والتعصب الدينى وقام على المساواة التامة، وقد ورد فى القرآن الكريم قوله تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرًا ونساء}، وفى قوله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}»(2). * التعريف والمحددات

 

ولفظ التسامح مشتق من الكلمة اللاتينية Tolere، أى يعانى أو يقاسى، وفى اللغة الإنجليزية مقابلان لكلمة تسامح: الأول، Tolerence، والثانى Toleration، مما أدى لتعدد الاجتهادات فى تفسير الفروق بينهما. فوفقًا لمعجم وبستر.. تعنى كلمة Toleration سياسة السماح بوجود كل الآراء الدينية وأشكال العبادة المناقضة أو المختلفة مع المعتقد السائد، بينما لفظ Tolerance يعنى استعداد المرء لتحمل معتقدات وممارسات وعادات تختلف عما يعتقد به(3).

 

ولم يولد مفهوم التسامح ويكتمل تطوره دفعة واحدة، ولكنه كان مفهومًا علميًا يعبر عن ظاهرة اجتماعية مرت بمراحل نمو وتطور، وكذلك تعرض - وما زال - يتعرض - لانتكاسات وتراجعات نتيجة عديد من العوامل والظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفكرية، وبحلول القرن الثامن عشر شهدنا. تحول أساس فى الاهتمام بمفهوم التسامح من مجرد اعتباره أداة أو وسيلة لحل مشكلة ما أو للتغلب على ظروف سياسية ودينية ما إلى شعار إصلاحى، بل وقيمة يأمل أى مجتمع فى تسييدها(4).

 

وقبل هذا التاريخ شهد المفهوم مرحلة تبلوره فى فترة الحروب والصراعات الدينية التى اكتسحت القارة الأوروبية والتى كانت مصدر إلهام العديد من الفلاسفة والمفكرين ورجال اللاهوت من مختلف المذاهب... كان محور اهتمام هؤلاء... كيفية تبرير التسامح وغرسه والاجتهاد فى سبيل استئصال التعصب، فقد كانت الآثار السياسية للحروب الدينية آثارًا دامية هددت كل جوانب الحياة الإنسانية فى القارة الأوروبية(5).

 

وبالنسبة إلى تعريف المفهوم فإن غالبية تعريفات التسامح السياسى تنبع من التعريف الأم لكريك عام 1793 عندما عرف التسامح بأنه الاستعداد لاحتمال الأشياء التى نعارضها والسماح بالتعبير عن الأفكار والمصالح التى تختلف معها (6) وهكذا يتضح أن عنصر وجود الاختلاف هو حجر الزاوية فى مفهوم التسامح السياسى وهو شرط مناقشته بالأساس.

 

ومثل غيره من المفاهيم الإجتماعية . يتشابك مفهوم التسامح مع مفاهيم أخرى عديدة مثل مفهوم التنوع والخصوصية والمواطنة والجماعة السياسية الواحدة، حيث يفترض التسامح أن هناك تنوعًا وتعددًا فى المجتمع أيًا كانت طبيعته، وأن هذا التنوع تتم ترجمته فى صورة آراء وممارسات، ولكنه فى إطار جماعة سياسية واحدة. (7) ولعل أساس هذه الفكرة يكمن فى ارتباط النشأة التاريخية للتسامح بتعدد الفرق والطوائف الدينية والصراع بينهم ومحاولة إيجاد طريقة بمقتضاها تتمكن هذه الطوائف والشيع المختلفة والمتناحرة من التعايش معًا.

 

وهكذا فإن المفهوم يعنى : أولا قبول الاختلاف، وأن نقيضه هو التعصب، والذى ينفى الاختلاف ويسعى للبحث عن التماثل وإنكار أى شكل من أشكال التنوع والاستقلال، ثانيا: ارتباط مفهوم التسامح بمفاهيم أخرى مثل التعدد والتنوع والخصوصية.. وثالثا: وجود فجوة بين التسامح كمبدأ مجرد والتسامح كسلوك وممارسة هذه الفجوة التى كانت ولا زالت أساسًا لعديد من الانتقادات التى وجهت لمفهوم التسامح فى الغرب.. رابعا: ارتباط التسامح بالشأن العام وليس الخاص، وآخرها ما يعترى قيمة التسامح من تناقض داخلى بين الاندفاع نحو التدخل فى شئون الآخرين والامتناع عن ذلك.

 

ولمفهوم التسامح العديد من المحددات ركز بعض الباحثين على محددات دون غيرها كل وفق اهتمامه وتخصصه، ومن هذه المحددات:

 

- المحددات الاجتماعية والديموجرافية: ومن أبرز المحددات الاجتماعية التى حظيت باهتمام الباحثين التعليم والعمر والدين والمكانة الاجتماعية والسكنى فى الحضر، وكل هذه العوامل ذات علاقة إيجابية بالتسامح ماعدا الدين فقد ربط بعض الباحثين إلى إقامة علاقة إيجابية بين التدين والانتظام فى التردد على الكنيسة وبين التعصب، وذلك بغض النظر عن نوع الطوائف والفرق الدينية؛ فالاختلاف فقط فى درجة هذه العلاقة(8).

 

- المحددات النفسية: وتدور المحددات النفسية أو المتعلقة بالشخصية - وفقًا لعديد من العلماء - حول تقدير الذات، الشخصية السلطوية، الشخصية الدوجماتية والأنومية، وتوصل بعض الباحثين إلى وجود علاقة إيجابية بين انخفاض تقدير الذات والتعصب السياسى، ومن ناحية أخرى فإن كلاً من الشخصية السلطوية والدوجماتية، وما يتصل بهما من خصائص وسمات ترتبط ارتباطًا إيجابيًا بالتعصب السياسى والعكس صحيح. وبالنسبة للأنومية فقد توصلت بعض الدراسات إلى وجود علاقة إيجابية بين الأنومية - بتعريفها الاجتماعى وهو الشعور بغياب المعايير والقواعد المحددة للسلوك - وبتعريفها النفسى - وهو فقدان التوجه - من ناحية والتعصب السياسى من ناحية أخرى(9).

 

- المحددات السياسية: وتُعد الثقافة السياسية من أبرز المحددات السياسية للتسامح، ومن أكثرها إثارة للجدل ويعد نمط الثقافة السياسية السائد محدد للتسامح؛ فحينما تسود الثقافة المدافعة للمجاراة تزداد احتمالات التعصب السياسى والعكس صحيح.

 

ومن المحددات السياسية أيضا الفاعلية السياسية، فكلما زاد إحساس الفرد بأنه أكثر فاعلية سياسية، وبالتالى أقل اغترابًا كلما كانت اتجاهاته أميل للتسامح السياسى، نظرًا لأن الفاعلية السياسية تؤدى لمزيد من المشاركة السياسية، والتى تسهم بدورها فى تعزيز التسامح السياسى، كذلك ربط بعض الباحثين بين متغير احتدام الصراعات الأيديولوجية فى المجتمع، وبالتالى إدراك أن هناك مزيدًا من التهديد السياسى من ناحية والميل نحو التعصب السياسى من ناحية أخرى، ففى أوقات التوتر السياسى الحاد والصراعات الأيديولوجية المستعرة يزداد إدراك الأفراد والجماعات للتهديد السياسى، مما يؤدى إلى ارتفاع معدلات التعصب السياسى لديهم(10).

 

وبناء على هذه المحددات يمكن طرح بعض عناصر مفهوم التعصب السياسى:

 

1 - حكم يفتقد للموضوعية ويتسم بالتعميم أو التبسيط المخل.

 

2 - يقوم على أساس مجموعة من القوالب النمطية والتصنيفات الجاهزة والأحكام الحدية والاستقطابية.

 

3 - ينشأ فى ظل سياق ثقافى واجتماعى دافع للمجاراة بدرجة أو بأخرى.

 

4 - يوجه نحو جماعة معينة أو أشخاص معينين بحكم عضويتهم فى الجماعة.

 

5 - يصادر أفراد هذه الجماعة فى الاختلاف. * التسامح والأقليات:

 

يرجع أغلب الكُتَّاب الغربيين والعرب على السواء ازدياد الاهتمام بالمفهوم فى الربع الأول من إلى تكثيف الحركة اليهودية العالمية لنشاطها الداعى لحماية الأقليات عامة والمطالبة بحماية الأقليات اليهودية خاصة ومنحها المساواة الكاملة فى الحقوق المدنية والسياسية فى الدول التى كانت تنكر هذه الحقوق ولعل تزايد الإهتمام به مؤخرا كما يظهر فى المؤتمرات العديدة التى تتناول المفهوم وتطبيقاته وزيارات لجنة الحريات الأمريكية المتكررة لدول عربية بغرض حث هذه الدول على التسامح مع الأقليات لا يعنى سوى أنه وسيلة للإضعاف والإستنزاف فضلا عن أنه يعمل على تكريس مبدأ أيدلوجى ( فى العقيدة الصهيونية )وهو ارساء القاعدة الإثنية كأساس مشروع لقيام "الدولة الشرق أوسطية "

 

وبالنظر إلى الحضارة الإسلامية فإنها لم تعرف مصطلح الأقلية . بنفس دلالته التى تطرحها العلوم الاجتماعية المعاصرة، والتى تعنى اختلافًا تفارق به الأقلية الأغلبية فى أحد المقومات الطبيعية أو الثقافية، ويؤدى هذا الاختلاف إلى تدنى نصيبها فى القوة الاجتماعية والسياسية وتعرضها لممارسات تمييزية تدفع أفرادها إلى التضامن فيما بينهم لمواجهة هذه الممارسات، مما يؤدى إلى توتر فى العلاقة بين الأقلية والأغلبية فى المجتمع(11).

 

وكان التمييز دينيًا داخل الدولة الإسلامية حتى بين المسلمين أنفسهم بموجب الآية القرآنية {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} ولم يحمل هذا التمييز بذلك أى مضامين تفضيلية، فالأرض لله والإسلام دينه، وكل بلد هو (دار إسلام) بالفعل فى الواقع الحاضر أو دار إسلام - فى المستقبل الآتى والبشرية كلها أمة إسلام، فهى إما (أمة ملة) قد اعتنقت هذا الدين أو (أمة دعوة) نحن ملزمون بالتوجه إليها لدخوله(12). وهى حرة فى ذلك.

 

وشرعًا: أن أصحاب الأديان المخالفة للإسلام صنفان:

 

1 - صنف هم أصحاب الديانات الوثنية أو الوضعية مثل: المشركين وعباد الأوثان والمجوس وعباد النار والصابئين وعُبَّاد الكواكب.

 

2 - وصنف هم أصحاب الديانات السماوية أو الكتابية، وهم الذين لهم دين سماوى فى الأصل ولهم كتاب منزل من عند الله كاليهود والنصارى، وهم الذين يسميهم القرآن {أهل الكتاب}... وهؤلاء الكتابيون لهم معاملة متميزة فى الإسلام(13).

 

ولكن الممارسة قد أكدت أن المعيار الذى ارتضاه الإسلام أساسًا لتصنيف الناس وهو الحكم الشرعى لم يكن كذلك فى الممارسة إذ ظهرت معايير أخرى مثل الانتماء القبلى كالانتماء إلى بعض القبائل كقيس ويمن ومعايير الانتماء القومى مثل العرب/ الموالى، أو الانتماء المذهبى كالحنابلة/ الشافعية، أو الانتماء للفرقة كالسنة/ الشيعة.

 

وكانت أخطر التعبيرات التى مثلت خطر على الدولة ومخالفة لنموذجها القياسى.. هى التعبيرات التى مثلها الانتماء القبلى والانتماء لأفكار خارجة عن إجماع الأمة الإسلامية كتعبيرات الباطنية بالذات(14). والفرق الدينية الخارجية والشعوبية على مر التاريخ لما لها من تهديد فكرى وعضوى.

 

إن خطر هذه الفرق يمكن وصفه بأنه خطر سياسى وثقافى ممتد، ويكفى تأكيد هذه الحقيقة إذا علمنا أن بدايات التجزئة فى الجسد الإسلامى حدثت بسبب استقلال أقلية بجزء من أطراف الدولة فيما يطلق عليه.. الدولة الأقلية Minority- State... وفى حالات تعرض الدولة الإسلامية للخطر الخارجى فإن هذه الفرق تتعاون مع أعداء الدولة الخارجيين إلى حد أن استدعاء التتار للعالم الإسلامى قد تم من قبل أحد الوزراء المنتمين للروافض الباطنية وهو ابن العلقمى(15). * التسامح والتعددية :

 

وفى الوقت الذى يرفع فيه ساسة العالم وأصحاب الرأى هذه الأيام شعارات التسامح و(التعددية) وضرورة التسليم باختلاف رؤى الناس ومذاهبهم فى الفكر والعمل نجد أن. الإسلام منذ بدأ الوحى ينزل على رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يعتبر اختلاف الناس حقيقة كونية وإنسانية ويقيم نظامه السياسى والاجتماعى والثقافى على أساس هذا الاختلاف والتنوع {وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا}»(16).

 

ويرتبط التسامح والحق فى الاختلاف بمفهوم التعددية . وهى فى منطق الإسلام تقتضى الاعتراف بالآخر، كما تقتضى الاستعداد النفسى والعقلى للأخذ عن هذا الرأى الآخر فيما يجرى على يديه من حق وخير ومصلحة.. ذلك أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها(17).

 

وهنا نجد أنفسنا بصدد رؤيتين حول التعددية وطبيعة الحق فى الاختلاف:

 

- الأولى: تعمل على وضع قواعد وآداب الاختلاف، وإن كان إقرارهم بأن الاختلاف فى الرأى سنة من سنن الحياة وعلامة من علامات صحة الفكر ودقة الاجتهاد(18). إلا أنهم يميزون بين الاختلاف والخلاف، ويعتبرون أن الاختلاف فى الرأى أمر طبيعى وعلامة صحة، بل ومصدر للثراء الفكرى، وعون على التصحيح إذا أدير بكفاءة وروعيت فيه شروطه وأدبه، بينما الخلاف قرين الفرقة التى لا يختلف على إنكارها ونبذها وليس كل اختلاف مؤديًا إلى الفرقة أو الخلاف، إلا إذا اختلت موازين الحوار وأهدرت شرائطه، أو إذا تصدى للأمر غير أهله(19).

 

والتفرقة أيضًا تكون بين الاختلاف فى الأصول والاختلاف فى الفروع، وبين الاختلاف فى الدين أو فى الفقه إذا تم الاتفاق حول الأصول فلا مشاحة فى الاختلاف حول الفروع، وكل اختلاف فى هذه الحدود محتمل ومقبول، وبنفس المقدار فإذا انعقد الاتفاق حول الشريعة - الكتاب والسنة - فكل اختلاف حول اجتهادات الفقهاء وأقاويلهم لا يجرح عقيدة أحد ولا يقلل من شأن أحد.

 

- أما الرؤية الثانية فإنها تقرر أن الإسلام قد احتمل اختلافًا فى العقيدة ذاتها باعترافه بأهل الكتاب، ودعا إلى البر بهم وقبل تعايشًا كريمًا مع أصحاب الأديان الأخرى، فيرون أن الاختلاف كأحد السنن الكونية التى أقرها الإسلام طبعته بطابع التسامح وقبول تواجد الآخر، فالاختلاف.. آية من آيات الله كما فى قوله تعالى: {ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم}، كما قال تعالى: {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم}(20).

 

وقد بلغ تسامح الإسلام فى قبول المخالف أعلى درجة، إذ احترم ما يعتقده غير المسلم ووسع لهم فى ذلك، ولم يضيق عليهم بالمنع والتحريم، وكان يمكنه أن يحرم ذلك مراعاة لشريعة الدولة ودينها وحتى فى الحوادث التى اتسمت بالتعصب ضدهم فلم تصل درجته إلى استئصال شأفتهم، أو التعامل بالمثل ردًا على تعصب ضد المسلمين فى دول أخرى.

 

إن التسامح.. له درجات ومراتب؛ فالدرجة الدنيا من التسامح أن تدع لمخالفيك حرية دينه وعقيدته ولا تجبره بالقوة على اعتناق دينك أو مذهبك.. ولكن لا تمكنه من ممارسة واجباته الدينية التى تفرضها عليه عقيدته، فهذه - وإن كان فيها شيء من التسامح - لا تخلو من التعصب.. والدرجة الوسطى من التسامح: أن تدع له حق الاعتقاد بما يراه من ديانة ومذهب... والدرجة التى تعلو هذه فى التسامح: ألا تضيّق على المخالفين فيما يعتقدون حله فى دينهم أو مذهبهم، وإن كنت تعتقد أنه حرام فى دينك أو مذهبك وهذه الدرجة هى التى يأخذ بها الإسلام فى التعامل مع مخالفيه. * حمدى عبد العزيز: باحث مصرى

 

الهوامش:

 

(1) د. هويدا عدلى رومان، التسامح السياسى - المقومات الثقافية للمجتمع المدنى فى مصر القاهرة لحقوق الإنسان، ط1، 2000، ص 101.

(2) جمال البنا، ما بعد الإخوان المسلمين، القاهرة: دار الفكر الإسلامى، ط1، 1996، ص 139.

(3) د. يوسف القرضاوى، الإخوان المسلمون، 70 عامًا فى الدعوة والتربية والجهاد، القاهرة: مكتبة وهبة، ط1، 1999، ص 36.

(4) د. هويدا عدلى رومان مصدر سابق، ص 87.

 

(5) المصدر نفسه، ص 85.

(6) المصدر نفسه، ص 44.

(7) المصدر نفسه، ص 37.

(8) لمزيد من التفصيل، المصدر نفسه، ص ص 44، 45.

(9) المصدر نفسه، ص ص 46، 47.

(10) المصدر نفسه، ص 48.

(11) كمال السعيد حبيب، الأقليات والممارسة السياسية فى الخبرة الإسلامية - دراسة حالة للدولة العثمانية، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الاقتصاد، جامعة القاهرة: 1995، ص 47.

(12) د. طه جابر العلوانى، نظرات تأسسية فى فقه الأقليات فى: صفحة السياسة، باب الإسلام وقضايا العصر، موقع: WWW.Islam online. net.

(13) د. يوسف القرضاوى، الأقليات الدينية والحل الإسلامى، القاهرة: مكتبة وهبة، ط1، 1996، ص 27

(14) كمال السعيد حبيب، مرجع سابق، ص 106.

(15) المصدر نفسه: ص 82.

(16) المستشار محمد المأمون الهضيبى، السياسة فى الإسلام من وجهة نظر الإخوان المسلمين، القاهرة: مكتبة المختار الإسلامى، 1998، ص ص 50، 51.

(17) د. هويدا عدلى رومان، مرجع سابق، ص 106.

(18) المصدر نفسه، ص 106.

(19) كمال السعيد حبيب، مرجع سابق، ص 83.

(20) د. يوسف القرضاوى، مرجع سابق، ص 34.

 

المصدر: خاص - الوحدة الإسلامية

الحوار الداخلي: 
الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك