سبع مبادئ عقلية: فن بلاغي لمواجهة الغلو

سبع مبادئ عقلية: فن بلاغي لمواجهة الغلو

خالد الجنفاوي

ناقش جيمس هيريك في كتابه "خطاب العقلانيين الإنجليز الراديكالي: حوار الشك 1680- 1750" (1997) سبع أساليب بلاغية اتبعها الفلاسفة والكتاب العقلانيون الإنجليز في القرن الثامن عشر لمناهضة التطرف الديني.. عند التبصر في هذه الأساليب البلاغية التي استخدمها هؤلاء الفلاسفة الإنجليز يمكن حقيقة تصور "إمكانية" استخدامها لدحض دراكولات العصر الجديد الذين بدؤوا عملية أبادة منظمة للمسلمين الآمنين والغير متفقين مع أطروحاتهم.

 

يوضح هيريك أن أحد أهم الأساليب البلاغية التي استخدمت في القرن الثامن عشر لدحض منطق الجماعات الدينية المتطرفة هو الحض علي "حرية التفكير." فلقد بدأ الفلاسفة العقلانيون تشجيع قرائهم لكي يرجعوا للنص الديني(الإنجيل) ويتبصروا في معانيه. فحسب وجهة نظر بعض من هؤلاء الفلاسفة، النص الديني يشجّع علي حرية التفكير ويحث الأفراد علي استخراج معانيه بأنفسهم دون تدخل الوسطاء. تشجيع حرية التفكير حسب قول أولئك الفلاسفة يشجع أيضا على نبذ العنف ونشر التسامح الديني.

 

أما الأسلوب البلاغي الثاني الذي اتبع في مواجهة الجماعات المتطرفة فهو التشديد علي أهمية "حكم العقل" في حياة الإنسان. فإن الخالق عز وجل حسب قول هؤلاء الفلاسفة قد خلق بني البشر كائنات عقلانية و كل ما يطلب تنفيذه من قبل الإنسان كالفرائض والمبادئ الأخلاقية المختلفة "لا يجب" ولا يمكن أن يتعارض بتاتا مع ما يمليه العقل.

 

ثالثا، نادى هؤلاء الفلاسفة إلي نبذ التميز الديني بين الفرق الدينية المختلفة. فليس لأحد الحق في القول أن خطابه أو تفسيره الديني هو أفضل أو أكثر شرعية من الآخرين. أي بمعني آخر، لا يوجد "أمتيازات" Privileges في الدين وليس هناك أحد أفضل من الآخرين إلا بما ينتجه الفرد من أعمال الخير.

 

رابعا، انتقد الفلاسفة العقلانيون استغلال رجال الكنيسة لعملية تفسير النص الديني حيث اعترضوا بأنّ هذه التفسيرات لا تخضع لميزان العقل ولا تخدم في أغلبها سوى المصالح الشخصية لأولئك المفسرين.

 

خامسا، فضح الفلاسفة ما أطلقوا عليه "مؤامرة المتطرفين" علي الناس البسطاء عن طريق اختراع طقوس ومبادئ أخلاقية واجتماعية تنافي ما يمليه العقل الإنساني كاتساق وتوازن الدين مع الطبيعة الإنسانية الأصلية. فلقد رفض هؤلاء ما صنفوه "بالخزعبلات" المخترعة والتي استخدمت لإرهاب الناس وتقوية واستمرار سيطرة القلة على الأكثرية من بني البشر.

 

سادسا، وحّد الفلاسفة العقلانيون خطاباتهم ضد المتشددين الدينين وحاولوا "بصدق" الاتفاق علي بعض المبادئ البلاغية والنقاشية التي يستخدمونها في نقدهم.

 

سابعا وأخيرا، شدد هؤلاء الفلاسفة علي أهمية استخدام ملكة العقل الإنساني في نقاشهم مع المتشددين مثيرين في أغلب خطاباتهم علي أنّ النص الديني يعكس حقائق لا تتنافى إطلاقا مع التفسير العقلي وأنّ من يحاول أن يقول غير ذلك عن طريق فبركة تفسيرات دينية تتنافي مع العقل لا يخدم الدين إطلاقا. بل ما يهدف إليه هذا الأخير هو إفساد وتشويش تفكير الإنسان العادي.

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك