أضواء قرآنية على دور الجدال والحوار في الدعوة للإسلام

أضواء قرآنية على دور الجدال والحوار في الدعوة للإسلام

الدكتور احسان عبد المنعم سمارة

جامعة جرش

أضواء قرآنية على دور الجدال والحوار في الدعوة للإسلام

مقدمة : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله رسول الله للناس أجمعين وخاتم النبيين ، المبعوث رحمة للعالمين ، ورضوان الله عمن استجاب لدعوته واهتدى بهديه وتأسى به إلى يوم الدين.
أما بعد : فيسعدني أن أشارك مؤتمركم الذي يعالج قضية مهمة في هذه الحقبة الزمنية التي كثرت فيها السهام الموجهة نحو الأمة وروحها الإسلامية ، وقد اخترت لمشاركتي بهذا البحث الموسوم ((أضواء قرآنية على دور الجدال والحوار في الدعوة للإسلام)) راجياً أن أوفق فيه للصواب وأهدي فيه للرشاد. وسأعرض في هذا التقديم للبحث إلى بيان موجز عنا فيه من أفكار لعله يجد القبول والرضى من طرفكم.
إن الحديث أوالكتابة عن الجدال والحوار متشعب الأطراف ؛ بحسب الأهداف والمقاصد في تناوله والاهتمام به ، ونحن في هذه الورقة إنما نهدف إلى بيان معنى الحوار والجدال، في اللغة الاصطلاح الشرعي ، وما بينهما من علاقة وفروق ، والمجالات الداعية لوجود كلٍّ منهما ، ودورهما في الدعوة للإسلام ونحو ذلك مما يقتضيه البحث في هذا الموضوع ، إلى جانب إلقاء الضوء على الاستعمالات القرآنية للحوار والجدال في موضوع الدعوة للإسلام الذي ارتضاه الله تعالى للناس ديناً. وتأتي أهمية البحث في هذا الموضوع من عدة اعتبارات رئيسية هي :-
1. شيوع العديد من المصطلحات والتركيز عليها في إطار العولمة وانتفاع قوى الهيمنة الاستعمارية العربية ، وغياب الوجود الإسلامي المؤثر الفعَّال ، وتململ العالم الإسلامي للنهوض من سبات على أساس الإسلام ،وعلى رأس هذه المفاهيم ، الوسطيَّة والاعتدال ، ونبذ التطرف والعنف ، والحوار بين الأديان والحضارات ، ونبذ الصراع والصدام ، ونحو ذلك.
2. المغالطات في تلك المصطلحات واستخدامها في غير موضعها ، مما أحدث كثيراً من الارتباك وعدم الوضوح ، بل والتوتر في أحايين كثيرة نحو الأعمال المرتبطة بالحوار والجدال ونحو ذلك من مفاهيم ومصطلحات تظهر في هذا المناخ الدولي الذي تعيش في ظله البشرية اليوم ، والمسلمون مهددون في مصالحهم العليا وعلى رأسها البنية العقديّة القيميّة التشريعية الإسلامية ، والتحديات المحيطة بهم باتت تهدد انتمائهم الإسلامي ، ومقوماتهم الثقافية والحضاريّة ، وتعرضهم للذوبان في الحضارة الغربيّة العلمانية ، بدعوى مقتضيات الجدال والحوار بين الأديان أو بين الحضارات.
3. انعدام الضوابط الشرعية الواضحة البنية في قواعد الحوار والجدال وغاياته وأهدافه ، وعدم التكافئي بين المتحاورين ، مما أوجد لدى كثيرين من المهتمين بالفكر الإسلامي الشكوك والريبة في الدعوة للحوار والجدال . مع العلم أن الحوار والجدال أصل من الأصول الثابتة والراسخة في الثقافة الإسلامية ومنهج أصيل في الدعوة للإسلام ، وفي القرآن الكريم والسنة النبوية الأدلة المتضافرة على التزام الأنبياء للجدال والحوار في ترسيخ الإيمان ، وتوهين عقائد خصومهم. ولذلك أصبح من الضروري الاهتمام بالبحث والتأصيل للجدال والحوار في الفكر الإسلامي والدراسات الشرعية، بعيداً عما اختلطت به مسألة الحوار والجدال من تجاوزات أملتها ظروف وأوضاع محليّة ودولية مشبوهة ووضعها في إطارها الفكري الإسلامي النقيّ ، ومحاولاتها الشرعية الدعوية للإسلام الذي ارتضاه الله للناس أجمعين لإخراجهم من الظلمات إلى النور .
ولإزالة ما خالط مفهوم الحوار وشابه من غموض وأبهام ، وما اكتنفه من ملابسات تضليلية ، ومغالطات استعمارية ، وتحريفات وتشويهات متعددة لمفهومه ومجالاته. لا بد من معالجة الموضوع بطريقة بحثية منهجية موضوعية ، وبعقلية نيرة في إطار النسق القرآنية ، وكمحاولة متواضعة يأتي هذا البحث راجين المولى سبحانه أن يهدينا فيه إلى الحق ، ويأخذ بأيدينا إلى الصواب فيه.
وللوصول إلى ما نؤمله في البحث يقتضي توزيع مادته العلمية على مقدمة وثلاثة مطالب وخاتمة على النحو الآتي :
1. المقدمة : وسنعرض فيها إلى مشكلة البحث ، ومبرراته ، والدراسات السابقة فيه ، وأهداف الدراسية والمنهجية المتبعة فيه إلى جانب الخطة التفصيلية فيه.
أما المطالب فهي : - المطلب الأول :- ويتضمن على التعريف بالحوار والجدال في اللغة والاصطلاح.
المطلب الثاني: فتعرض فيه إلى التأصيل الشرعي للحوار والجدال وبيان حكمهما في الإسلام.
المطلب الثالث:- عرض عدد من الآيات القرآنية المتعلقة بدور الحوار والجدال في الدعوة للإسلام.
والخاتمة :- فتشمل على ما سيتوصل إليه البحث من نتائج وتوصيات ضرورية في البحث.
سائلين المولى التوفيق والسداد ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وسلام على المرسلين.

بسم الله الرحمن الرحيم
المتطلب الأول
معنى الحوار والجدل في اللغة والاصطلاح
بين يدي الموضوع : الحديث عن الحوار والجدال ليس جديداً ، وانما تعرض لهما الكثير من المفكرين والباحثين منذ فجر التاريخ البشري ، وذلك لان الحوار من لوازم الحياة البشريَة ومن مقتضيات العلاقات بين البشر ، باعتبارة طريقاً للتواصل بين البشر ، والتفاهم فيما بينهم ، ووسيلة هامة لتبادل المعارف والعلوم ، وتلاقح الافكار ، وتقريب وجهات النظر المتباينة ، ورغم اهمية الحوار والجدال في توفير جوَ من الالفة والمودة ، نجد انهما قد تسخران لفرض الهيمنة والتبعيَة للغير ، إمَا عن طريق المغالطات بهما ، او عن طريق توظيفهما لأغراض الاقوياء ، واصحاب النفوذ السياسي والاقتصادي ، ووضعهما في سياق المقاصد والمضامين الاملائية في المؤتمرات والندوات الموجهة توجيهاً خاصاً ، كما هو سائد في العصر الحديث الذي نعيش فية هذة الايام . اذ ان استخدام الحوار والجدال في كثير من الكتابات المعاصرة ، المتأثرة بضجيج الاعلام الموجَه ، وما تفرزه مؤتمرات الحوار والجدل ، حول الثقافات والحضارات والاديان والشعوب ونحو ذلك . مما يتغلب عليها طابع التبعية وقبول ما تحتمه او تفرضه القوة العظمى المتفردة بالموقف الدولي . وهذا يعني ان الحوار والجدال ؛ قد أفرغتا من معانيها اللغويَة والاصطلاحية وفقدان مضامينها الشرعية الصحيحة . معنى الحوار والجدال في اللغة العربية والاصطلاح ،لا سيَما وانهما من الالفاظ التي تكررت في واصبحتا زخرفا من القول غروراً . لذا فإن الامر يستدعي بذل الجهود المركزة حول تحديد النصوص القرانية ؛ بل لقد اجتمعتا في آية كريمة من كتاب الله في قولة سبحانة : ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير ) . واتساماً مع هذا التصور كان هذا المطلب الذي نحن بصددة .
معنى الحوار لغة واصطلاحاً : بتتبع كلمة الحوار في المعاجم والقواميس والاستعمالات اللغوية لها ، نجد انها لا تخرج عن المجاوبة ومراجعة الكلام. ويظهر ذلك فيما اورده اصحاب القواميس المشهورة من مثل ابن منظور ، والفيروز آبادي حيث قالوا ( " اصل الحوار من حور وهو الرجوع عن الشيء والى الشيء ، والمحار : المرجع ، وكلمتة فما رجع الى جواراً وقواراً وً ومحاورة وحويراً ومحورة بوزن مشورةً أي جواباً " " وأحار علية جاوبه أي رَده ، والمحاوره: المجاوبة ، والتحاور : التجاوب ، وهم يتحاورون : أي يتراجعون الكلام ") فالحوار في اللغة إذن هو مراجعة الكلام بين اثنين أو اكثر على نحو يحصل فيه تمُثل الكلام من قبل كلَ طرف، والرد علية والمجاوبة علية، وهي أسلوب من أساليب الخطاب ، يتضمن طرح المسائل والقضيايا ، على نحو يحصل فيه الردَ والمراجعة للكلام في موضوع الحوار حتى ينتهي بهم الامر الى التوافق أو الاتفاق .
معنى الحوار في الاصطلاح :المتتبع لتَداول كلمة الحوار في الاستعمالات الفكريَة والفلسفية والنصوص الشرعية، يجد انها لم تستخدم بمعنى مغاير للمعنى اللغوي ، وانما قد يحدث التلاعب في توظيف اللفظة لأغراض سياسيَة وفكريَة ، فيقع فيها نوعاً من المغالطات على حسب المقاصد والمضامين التي يرمي السياسين والمفكرين إليها
في الحوار، وهذا التلاعب في الحوار لا يعطي الحوار دلالة اصطلاحية . وانما هومن قبيل توجية الحوار والإفادة منه في تحقيق أغراضٍ ومضامين يريدها اصحاب النفوذ السياسي والفكري ، كنوع من انواع التضليل السياسي والفكري ، بالتمويه على الغير تحت غطاء الحوار .
ويتأيد هذا الفهم بما جاء في المعاجم ، وما تضمنته الدراسات المعنية بالحوار حيث جاء فيها ان الحوار هو نوعً من المحادثة والخطاب بين اثنين أو اكثر يتراجعون في الكلام والحجج والبينات كي يتجاوب احدهما مع الاخر ويتفقا معاً على وجهة نظر واحدة ، أو يحدثا تأثيراً مشتركاً ، فيما جرى التحاور حوله . وفي هذا الخصوص يقول الاصفهاني : ( الحوار : المرادَة في الكلام ، ومنه التحاور ، قال الله تعالى ( والله يسمع تحاوركما) وسمي المحور محوراً : للدوران ؛ لانة يرجع الى المكان الذي زال عنة ، وهو العود الذي تجري البكرة لترددة ) -1-
وبهذا المعنى فسرت كلمة الحوار من قبل علماء التفسير في معرض تفسيرهم للآيات القرانية التي تضمنت هذة الكلمة من مثل قولة تعالى ( فقال لصاحبه وهو يحاوره) ( قال له صاحبه وهو يحاوره ). -2-
وقال سبحانة ( والله يسمع تحاوركما ).-3-
فقال القرطبي وغيرة من أئمة التفسير : ( أي يراجعة الكلام ويجاوبة والمحاورة المجاوبة والتجاور ، التجاوب ) .-4-
ويقول صاحب المعجم الوسيط وفي الاستعمال المعاصر كثر استخدام لفظ الحوار للحديث الذي يجري بين شخصين أو اكثر في العمل القصصي ، او بين ممثلين او اكثر على المسرح ونحوه ) .-5-
وفي هذا الخصوص يقول الدجاني ( الحوار هو حديث يتضمن طرح افكار وعملية الحوار تشهد مطارحة افكار ، وهى تتضمن محادثة تجري بين اكثر من اثنين ويتلقى فيه الطرح اكثر من جواب وتتسع دائرة التجاوب والمراجعة والمرادة لتصل بهذة الاطراف الى اجوبة اخرى فقد تنتهي بهم الى الاتفاق أو الى اطمئنان كل منهم لما توصل الية ).-6-
ويقول صاحب اللسان وغيرة من اصحاب المعاجم والقواميس (" الحور : الرجوع عن الشيء والى الشيء ، والتحاور : التجاوب " " المحاورة : المجاوبة ومراجعة الكلام في المخاطبة ... وتحاوروا : تراجعوا الكلام بينهم ...) .-7-
فعلى ضوء هذه النقولات جمعيها نجد ان بأن الحوار في كل الاستعمالات لا يخرج عن كونه مراجعة الكلام ومدا____ بين المتحاوين للوصول الى نوع من التقارب والتفاهم في الراي او التوصل الى اقناعة مشتركة فية والى ذلك المعنى اشار صاحب المعجم الفاسفي في قولة ( ... حاوره محاورة جادله ، قال تعالى : ( قال له صاحبة وهو يحاوره ) الكهف : (37) والتحاور : التجاوب ، لذلك لا بد فيه من وجود متكلم ومخاطب ، ولا بد فيه من تبادل الكلام ومراجعته ، وغاية الحوار توليد الافكار الجديدة في ذهن المتكلم ، لا الاقتصار على عرض الافكار القديمة ،وفي هذا التجارب توضيح للمعاني واغناءً للمفاهيم يقضيان إلى تقدم الفكر . واذا كان الحوار تجاوباً بين الاضداد _ سمي جدلاً ) وقول عبد المنعم حنفي ( المحاورات : طريقة التوليد بالحوار مع الناس ، واستخراج ما في اذهانهم من مفهومات وهي محادثات فلسفية منظمة وهادفة تقصد الى الوصول للحقيقة والى وضع التعريفات على النقيص من محاورات السفطائيين القائمة على الجدل القائم على المغالطات )-2-.
ويمكن ان نخرج من هذا التتبع لمدلول الحوار في اللغة والاصطلاح ، بأن الحوار اسلوب من اساليب المخاطبة الهادفة يقصد فية التوصل الى الحقيقة او لإظهار الصواب ، او للتوصل الى توافق اواتفاق في الرائ حول امر ما هو في الاصل محل خلاف .ولا فرق في ذلك بين المعنى اللغوي والاصطلاحي في التداول لكلمة الحوار، عند الإعلاميين او السياسيين او في المؤتمرات والندوات الفكرية فالجميع يستعملها بإزاء اسلوب المخاطبة في مراجعة الكلام وتداول الاراء لاظهار الصواب فيها، واستخراج المفاهيم التي يمكن ان تكون موضع اقناع وتوافق واتفاق، وهذا ما يطهر بوضوح إيضاً في قولة سبحانة : (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله والله يسمع تحاوركما ) -3- بمعنى ان الجدل نوعاً من الحوار الذي فية خصومه ، وإلاَ فهو حوار
فالحق سبحانة جعل موضع المنازعة في اسلوب الخطاب مجادلة ، وسمي المراجعة والمداورة في الكلام لاقناع الرسول ،وتوليد الافكار، واستخراج مفهوم ما مقنعاً في قضَية المرأة المشتكية الى الله تعالي ما فعله زوجها بها حواراً . فكان من نتائج هذه المحاورة توليد حكم الظهار ،على ما هو بين في الايات اللاحقة . اذن الحوار اسلوب منظم في عرض القضايا ومراجعة الكلام حولها من قبل طرفين أو اكثر ، للوصول الى توافق او اتفاق عليها ، أو لتوليد مفهوم أو فكر جديد يكون موضح او اتفاق، وإلأيكون الخطاب جدلاً عقيماً ، او مغالبة وخصومة وفكريَة ، لا طائل تحتها ، ومن هنا غلب على اسلوب المؤتمرات والندوات الهادفة مسمىَ الحوار ، وغلب على الندوات والمؤتمرات مثار النزاع وإثارة الفتن مسمىَ المناظرات والجدال ونحو ذلك .
وسيتبَينُ لنا ذلك بوضوح عند استعراض معنى الجدل والجدال في اللغة والاصطلاح مع ما بينهما من تقارب، حيث أن كليهما اسلوب من اساليب المخاطبة للتأثير على الغير، بشكل من اشكال حمل الغير على راي، او قناعة خاصة بأحد المتخاطبين

_______________________________________________________________________
1- جميل صليبا ، المعجم الفلسفي ،الشركة العالمية للكتاب ، بيروت ، ح1، ص501 .
2- عبد المنعم الحنفي ، المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفة،مكتبة مدبولي ،ط1، سنة 2000م ، ص7470748
3- المجادلفة: ( 1)
4الاصفهاني : الراغب الاصفهاني : مفردات الفاظ القران الكريم ،تحقيق صفوان عدنان داوودي ، دار القلم ، دمشق ، بيروت ط21، 1997 ، ص 262 . وانظر سميح عاطف الزين ، مجمع البيان الحديث ، تفسير القران الكريم ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت ،ط21 ،سنه1980، ص264 .
5الكهف (34-37) 3. المجادلة (1)
6- القرطبي :تفسير القرطبي ، دار الكاتب العربي ،القاهرة ح 10 ،ص403 وانظر 2 الطبري ، تفسير الطبري ،دار الفكر ، بيروت ، ح 5 المجلد 9 ،ص247 ، وانظر الشوكاتي ، فتح القديرة الباب الحلبي ، القاهرة ، ح 3 ،ص 286 وانظر ايضاً ،القنوجي ،فتح البيان في مقاصد القران ، دار احياء التراث ، قطر ، ح14 ،ص 9-10 وانظر ايضاً الطبطبائي ، الميزان في تفسير القران ، مؤسسة الاعلى للمطبوعات ، بيروت ح13 ص 305 ،ح 19،ص 185 وانظر ايضاً ،الرازي ، التفسير الكبير ، دار الكتب العلمية ، بيروت ،مجلد 11 ، مجلد 15 ،ص 218 . وانظر ابن عطية ، المحرر الوجيز الدرجة ح9 ،ص309وانظر ايضاً الزمخشري ،الكشاف ، تحيقيق محمد صادق قحماوي، الباب الحلبي ، القاهرة ،ح4 ص 205 .
7- ابراهيم مصطفى واخرون ، المعجم الوسيط ،مرجع سابق ح1، ص205
8- احمد صدقي الدجاني ،الحوار ما احوجنا الية ، مجلد العربي ،العدد 313، كانون الاول سنة 1984م ، ص 93-94 يتصر بسيط .
9- ابن منظور ، لسان العرب ، مادة (حور) مجلد 4 ،ص 217-219 وانظر ايضاً : الزبيدي ، تاج العروس ، دار الهدية ، مجلد 11،(حور) ، ص 108 وايظر ايضاً : احمد رضا ، متن اللغة ، منشورات الحياة ، بيروت ، مجلد3،ص190.

معنى الجدال في اللغة :كثيراً من الباحثين قديماً وحديثاً يجمعون في المعنى بين الجدال والحوار والمناجاة والمحاجَة والمناقشة والمناظرة معتبرينها طرائق متنوعة في أساليب الخطاب عند طرح الاراء والافكار المتباينة ، وتلاقح المفاهيم المتعارضة . وما هى الا منهجية خطابية في محاولة اقناع الغير ، او التأثير علية وإلزامه الحجة او الغلبة علية في قضية من القضايا الفكرية او السياسية او العقديَة . والحقيقةان هذه الالفاظ وان التقت جميعها في صعيد فكري واحد من حيث كونها جميعها من اساليب الخطاب للتأثير على الغير ، وتوفير القناعة الفكرية او اقامة الحجة على قضية ما . فإن لكلَ معناه ولكل دلالته الخاصة وظرفه الخاص في أساليب الخطاب عملاً بالقاعدة اللغوية ( بأن اختلاف العبارات والاسماء يوجب اختلاف المعاني وهذا يدل على ان كل اسمين يجريان على معنى من المعاني ، وعين من الاعيان في لغة واحدة فإن كل واحد منها يقتضي خلاف ما يقتضية الاخر ، وإلاَكان الثاني فضلاً لا يحتاج الية )-1-
وعلى ذلك فإن للجدل معنى غير الحوار ، كما هو بين في أصل المعنى اللغوي لدى علماء اللغة وأصحاب المعاجم والقواميس اللغوية . اذ قالوا بأن الجدل فيه معنى الخصومة والصراع والمغالبة على سبيل المنازعة ، بينما الحوار ليس كذلك وان التقيا في المراد وهو اسلوب من اساليب الخطاب لإمالة الغير عن رايه لصالح الاخر .و يتضح ذلك ممَا جاء في لسان العرب وغيره من المعاجم والقواميس اللغوية في معنى الجدل حيث قالوا: ( الجدل :اللدد في الخصومة الجدل :مقابلة الحجة بالحجة ، والمجادلة :المناظرة والمخاصمة ، واصل الجدل ، من جدلت الحبل ، اذا شددت فتله فتلاً محكماً وجادله : فاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة: وناظره وجادلة مجادلة وجدالاً : ناقشة لإلزامة الحجة وإفحامة المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة )-2-

معني الجدل في الاصطلاح :الجدل والجدال في الاصطلاح لا يختلف كثيراً عن المعنى اللغوي حيث ان كلاَمن المتناظرين على سبيل المنازعة والخصومة واقامة الحجة على صاحبه والتغلب علية واخضاعة لرأيه ، انما هو كمن يفتلة عن رايه بقوة حجتة أويحمله على ترك رأيه والتخلي عنة ، أو كمن يطرحة على الجداله أي على الارض . هذا ما أكدة المهتمون بالوقوف على المعاني والمصطلحات القرانية ونحوها فقالوا ( الجدل : اصله من جدلت الحبل هذا المعنى الحسي ؛ ومنة استعير المعنى المعنوي وهو : المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة فكان كلاَ من المتجادلين يفتل الاخر عن رايه _ والجدل على ثلاثة اوجة ؛ فالوجة الاول منها : الخصومة ؛1_ كقولة سبحانة (وهم يجادلون في الله ) -3- ؛( ومن الناس من يجادل في الله )4- والثاني : المراء ؛كقولة سبحانة (ولا جدال في الحج ) -5- ( ما يجادل في ايات الله الاَ اللذين كفرا ) -6- والثالث : الصراع؛ كقولة سبحانة ( وجادلهم بالتي هي أحسن )-7- واصل الجدال : اسقاط الانسان صاحبة على الجدالة ، وهي الارض الصلبة .او إحكام الحجة ، وفتل الحبل وقوه جدله بشكل محكم كمن يفتل خصمه عن رأيه بقوة حجته وإحكامها.
____________________________________________________________________
1- ابو هلال العسكري ،الفروق اللغوية ،تحقيق ابي غمرُ عماد زكي البارون، المكتبة التوفيقية ، القاهرة ،ص16
2- ابن منظور ؛ لسان العرب ، مصدر ____ ، مادة( جدل ) مجلد11 ، ص 103-105 . وانظر ؛ احمد رضا ، متن اللغة مصدر سابقة ، مجلد1 ،ص 489 ، وانظر ايضاً : الجوهري ، الصحاح ، تحقيق احمد عبد الغفور ، دار العلم ____ بيروت ، ح4، ص1653.
3- الرعد :(13) -4-الحج (3) -5- البقرة : ( 197) .-6- غافر : ( 4) -7- النحل : (125) .

وقريب من ذلك المعنى أو قد يتطابق معه أحيانأ ؛ ما قاله جمهرة المفسرين للايات القرانية في هذا الخصوص اذا قالو : ( الجدال : من الجدل وهو الفتل ، والمجادلة المخاصمة وقيل من الجدالة : وهي الارض الصلبة فكل واحد من الخصمين يريد ان يلقي صاحبة عليها ، وجادلتهم : حاججتهم ونازعتهم ، والمجادلةلا تكون الا بين مبطلين أو مبطل ومحق، وهي فتل الشخص عن مذهبة محقاً او مبطلاً والجدال : المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة واصله من جدلت الحبل : احكمت فتلة فكأن المتجالين يفتل كل واحد الاخر عن رايه ، وقيل الاصل في الجدال : الصراع ، واسقاط الانسان صاحبة على الجدالة وهي الارض الصلبة ، ولم يبتعد عن هذة المعاني اصحاب المعاجم الفلسفية حيث قالوا ( الجدل : هو المراء المتعلق بإظهار المذاهب وتقريرها وقوامه استعمال الاستدلالات المموهة والحجج السفسطائية جدل جدالاً : اشتدت خصومته ، وجادلة : ناقشه وخاصمه وفي القران الكريم"وجادلهم بالتي هي احسن " المجادلة : هي المنازعة والمخاصمة لا لاظهار الحق او الصواب ؛ بل لالزام الخصم . وهو منهج لدحض حجج الخصم ) -1- وفي النهاية لهذا التطواف بين الاقوال في معنى الحوار والجدال لغة واصطلاحاً يمكن ان نخلص الى القول بأن كلاَ من اللفطين متقاربين في الدلالة اللغوية والاصطلاحية من حيث كونهما أسلوبين من أساليب الخطاب والمحاجَة؛ لالزام الغير الحجة ، او استعراض كل من المتنازعين او المتعارضين فكره بالحجج والبراهين؛ لدحض حجج خصمة . ورغم هذا التقارب نجد ان بينهما بعض التباين والاختلاف من حيث غلبة الاستعمال الشائع في اللغة والاصطلاح ؛ فغالبا ما تستخدم كلمة الحوار بإزاء الحرص على الوصول للاتفاق او التوافق، بعيدا عن الخصومة والنزاع ؛ كما انها تستخدم مطارحة الافكار والاراء ومراجعة الكلام فيها حتى يتبلور منها مفهوما يكون في موضوع الرضى والقبول لدى كل من اطراف الحوار ، اما الجدال فغالبا ما يكون في موضوع المنازعة والخصومة والمغالبة لا لاطهار الصواب والكشف عن مواطن الاتفاق والوصول الى الحق ، بل لإلزام الخصم الحجة وافحامة ، ولذلك قيل في المجادلة :( انها المنازعة بمعارضة القول ، والكلام الذي يحاول به ابطال ما في الكلام المخاطب وفتلة عن راية بالحجة ، او الاقناع ، او بالباطل ) -2-
وقال المارودي :( المجادلة لا تكون الا بين مبطلين او بين مبطل ومحق ، والمجادلة فتل الشخص عن مذهبة محقاً او مبطلاً ).-
_______________________________________________________________________
1- الدمغاني : قاموس القران الكريم ؛ اصلاح الوجوه والنظائر في القران الكريم دار العلم ___ بيروت ط3 ،سنة 1980 تحقيق عبد العزيز سيد الاهل ، ص 103 ، وانظر الوجوه والنظائر في القران الكريم ، هارون بن موسى رسالة الماجستير ، كلية التربية ، جامعة الملك سعود، الرياض ، سنة 1402هـ ، ص428.، وانظر ايضاً الاصفهاني ، المفردات في غريب القران ، تحقيق محمد محمد سيد كيلاني ، دار المعارف ؛ بيروت ، ص 90 وانظر ايضاً : سليمان بن صالح القرعاوي ، الوجوه والنظائر في القران الكريم ، مكتبة الرشد الرياض ، ص237 .وانظر عبد المنعم الحنفي ، المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفة ، مكتبة مدبولي ، ط3 سنة 2000 ، ص249 وانظر جميل صليبة الشركة العلمية للكتاب ، بيروت ح1 ، ص391-394 ، وانظر محمد فتحي عبد الله معجم مصطلحات الفلسفة والعلوم ، دار الفرقاء ، اسكندرية ،ص 76-77.
2- القرطبي ، تفسير القرطبي ،دار الكاتب العربي للطباعة ، ط3 ،سنةسنة 1967، ط5 ، ص 378 وما بعدها ، وانظر الرازي التفسير الكبير دار الكتب العلمية ، بيروت مجلد 10 ، ص112 ، مجلد 11، ص107 ، وانظر سميح عاطف الزين ، تفسير مفردات القران الكريم الشركة العالمية للكتاب ، بيروت ، ص189 . وانظر ،زينب عطية ، واصول العلوم الانسانية ، كلية الشريعة قطر ح 1، ص591.

ويتأيد ذلك بما ورد في القران الكريم بخصوص الحوار والجدال ، حيث كان استخدام الجدال في موضع مخاصمة المرأة زوجها وشكواها عليه الى النبي صلى الله علية وسلم ، وفي موضح الحديث مع النبي صلى الله علية وسلم كان استخدام لفظ الحوار . قال سبحانة وتعالى :( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله ، والله يسمع تحاوركما ) المجادله: (1).
فالحوار إذن اعم من الجدل ؛ اذ قد يكون الحوار في معرض الخصومة وقد لا تكون مع مراجعة الكلام في اسلوب الخطاب ايةَ خصومة ، وبذلك يتسع الحوار في دلالتة ليشمل الجدال . والجدال غالباً ما يستعمل في موقع المنازعة والمغالبة ، ولا يكون في غير المنازعة، واللدد في الخصومة؛ إلا بضوابط معينة . لذا أورد القران الكريم الجدال في معرض الذم غالباً ، وعند إباحة استخدامة طلب الحق سبحانة ان يكون بالتي هي احسن وسنعرض لذلك بشكل واضح في المطلب اللاحق . قال الله سبحانة وتعالى :_( ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعطة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن )النحا : ( 125) .
وعلى ذلك فإن كل مناظرة او مناقشة او محاجَة او مناجاة بقصد الوصول الى موقف فكري مشترك يكون موضع اتفاق لدى الاطراف جمعيها يعدَ حواراً ، وإن كان الغرض منة الزام الخصم الحجة وافحامة والتغلب علية بالحق او بالباطل فيكون من باب الجدل والممارات والمكابرة والمنازعة والمعاندة ، وان اريد به الاقناع فهو الجدال بالتي احسن فيلتقي بذلك مع الحوار . وعلية فكل حوار متضمن للجدال بالتي هي احسن وليس كل جدل حوار . فالجدل تمييز الحق من الباطل وتوليد الافكار الصحيحة واقامة الحجة هو نمط في الحوار .

زينب عطية ، اصول العلوم الانسانية ، كلية الشريعة ، جامعة قطر ، ح 1، ص 591 . وانظر ايضاً :
1- المارودي ، تفسير المارودي ، دار الكتب العلمية ، بيروت مجلد (5) ، ص143
2- المجادلة (1)-4- النحل -5- الروم :( 30) .

المطلب الثاني
مدى مشروعية الجدل والحوار في الإسلام
مما لا شك فية ان الجدل والحوار من فطرة الانسان وخاصية من خواصة التي لا تنفك عنه ؛ لانة من لوازم النطق والتفكير ، ويبعث علية العديد من المظاهر الغريزيَة في الانسان كحب الغلبة ، وحب الشهرة ، وتحقيق الذات الشخصية او الإعتباريَة ونحو ذلك ؛ إذن والحالة هذه لا بد وان يكون في الادلة الشرعية ما يكشف عن مشروعية اوعدم مشروعية الجدال والحوار ، لان الاسلام في كل توجيهاته ومعالجاتة ، انمَا يتفق مع الفطرة ،ويهدي الانسان فيها للتي هي اقوم . قال سبحانة وتعالى : ( فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها ، لا تبديل لخلق الله ، ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون ) الروم : (30)
وعلى هذا الاساس يتحتَم النظر في القران الكريم والتأمل في آياته للوقوف على مدى مشروعية الجدل والحوار في الاسلام وبيان الحكم الشرعي فيها .والموضع الذي يجب استخدامها فيه او يحرم استخدامها فيه ومتي وكيف يكون الجدال والحوار مع الاخرين مشروعاً ، ومتى وكيف لا يكون مشروعاً ؟ !
وبتتبع الجدل والحوار وما هو في حكمهما ، وما تصرف منها نجد قرابة الثمانين آية ؛ منها اثنتان وسبعون تقريباً يذكر فيها الجدل والمحاجَة صراحة ، وبخصوص لفظة الجدل وما تصرف منها تحديداً ، فقد ذكرت في تسع وعشرين موضع ، في سبع وعشرين آية من ايات القران الكريم
منها ما كان في معرض بيان طبيعة الانسان مثل قولة سبحانة :( وكان الانسان أكثر شيءً جدلاً )-1-
وقولة سبحانة :( يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها ) 2-ومنها ما جاء في معرض الذم وهو الاعم الاغلب من مثل قولة سبحانة وتعالى :( ولا جدال في الحج ) 3- وقولة :( ان الشياطين ليوحون الى أوليائهم ليجادلوكم)4- وقولة :( ما يجادل في ايات الله الا اللذين كفروا) ، 5- وقولة ( الم تر الى الذين يجادلون في ايات الله انَى يصرفون ) 6-ومنها ما ورد في معرض المحاجة والإقناع بقضية ما ،أو لغرض حمل رسالة الحق، وبيان زيف الباطل وإبطالة مثل قولة سبحانة (ولا تجادل عن الذين يختانون انفسهم ) 7- وقولة :( هأنتم جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة ) 8- وقولة :( اتجادلوني في اسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزَل الله بها من سلطان ) 9-وقوله :( قالوا يانوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا ) 10- وقوله :( ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق ) 11- وقوله : ( وإن جادلوك فقل الله اعلم بما تعملون ) 12- ومن الايات الكريمة ما هو في بيان ضوابط الجدل ومجالاتة ؛ مثل قولة سبحانة وتعالى :( يجادلونك في الحق بعد ما تبين ) 13- وقولة : ( ومن الناس من يجادل في الله من غير علم ) 14- وقولة : (ما ضربوه لك الاَ جدلا بل هم قوم خصمون ) 16- وقولة سبحانة ( وجادلهم بالتي هي احسن ) 17- : ( ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن الا الذين ظلموا منهم )
-18- ويمكن ان تخرج من هذا التتبع والعرض لنماذج من الايات التي استعملت كلمةَ الجدال في الخطاب القراني ، ان معظمها دلَ على المحاكمة والمنازعة والمعاندة ، والمكابرة والحديث غير المجدي ، او الحديث والحجاج المذموم ، ولم يرد الاستعمال القراني للجدل في معرض حمل الدعوة او اثبات قضية مشروعة الا ويرشد الى نوع خاص من الجدال وهو ان يقصد بة الحق ودحض الباطل ، مع الالتزام باداب الحديث وحسن المجادلة وهذا ان دل على شيء ؛ فأنة يدل على ان الاصل في الجدال : عدم المشروعية إلاَ بضوابط بنبغي وحدود ، والا عند الجوء إلية إلاَ الضرورة وبقدر الحاجة الية في مل الدعوة للاسلام وابطال دعوى المشركين والمبتدعين والكافرين وهذا ما اكده الفقهاء حيث قالوا : بأن الجدل نوعان :مأمور به ممدوح ، ومنهيَُ عنه مذموم؛ اما الجدل الممدوح ، فهو الجدل لاثبات الحق وابطال الباطل والمذموم كل ما سوى ذلك لا سيما الذي يقصد . منه المماراة والمماحكة وإفحام الغير وتعجيزه وتنكيسه واطهار التاعلم على الغير ، ونحو ذلك من الامراض النفسية كالتحاس والتباغض والكبر ونحوها . وفي هذا الخصوص قال البغدادي وغيرة ( والجدل كله سؤال وجواب فنظرنا في كتاب الله تعالى واذا فيه ما يدل على الجدل فأمر الله رسولة بالجدال وعلمة منها جميع ادابه من الرفق والحجاج فمن ذلك قولة سبحانة : ( ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ) والبيان والتزام الحق والرجوع الى ما اوجبته الحجة وكتاب الله لا يتعارض ولا يختلف ، فتضمن الكتاب ذمم الجدال ، والامر به ، فعلمنا عما يقينيا ان الذي ذمه ؛ غير الذي امربه ؛ وان من الجدال ما هو محمود مامور به ، ومنه ما هو مذموم منهي عنه ، كقولة تعالى " الذين يجادلون في ايات الله بغير سلطان آتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين امنوا " فالجدال اتلمذموم كما تبينة الايه ، وجهان : احدهما : الجدال بغير علم ، والثاني نصرة للباطل بعد ظهور الحق وبيانة ، وأمَا جدال المُقَينفمن النصيحة في الدين ، وعلى هذا جرت سنة رسول الله صلى الله علية وسلم ) هذا بخصوص الجدال ومشروعيتة ، اما الحوار ؛ فقد جاء في ايات القران الكريم
بنسبة قليلة لا تتعدى ثلاثة مواضيع ، اثنان منها في صورة الكهف وقصة صاحب الجنتين ، حيث جاء فيها قولة سبحانة " فقال لصاحبة وهو يحاوره " " قال له صاحبة وهو يحاوره " والموضع الثالث في مطلع سورة المجادلة ، حيث اجتمع فيها الجدال والحوار في قولة " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله والله يبسمع تحاوركما ان الله سيمع بصير " وفي كل المواضع انما يظهر فيها المراجعة الكلامية للوصول الى حقيقة واحدة ، يقتنع بها كلا من الطرفينالمتحاورين ؛ او يتوافقا عليها ، ادابه وضوابطة ، وفي ذلك دلالة ؛ على ان الحوار غالباً لا يكون فيه خصومة داعية الى الكابرة والمماحكة والمراء وإنما يكون فيما يحتاج الامر فيه الى مراجعة الكلام والتجاوب فيه لبيان وجه الحق المطلوب لدى كل من الفريقين المتحاورين . وهنا يكون اللقاء في الاستعمالات الشرعية بين الجدل المحمود والحوار . ويكون المقصود في كيلهما اثبات دعوه الحق وابطال الباطل بالحجج والاساليب المقنعة في الخطاب وهذا مما لا يشك مسلم في مشروعية على نحو الفرص الذي لا يسع مسلماً تركه او عدم الاهتمام به . هذا بيَن في قولة سبحانة " ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن " واما الجدال بغير علم او بغية اضلال الناس عن الاسلام واحكامه ، والجدال لدعوه الناس الى الكفر والعصيان والترويج للباطل ، والجدال للمباهاة والمعاندة والكبر ، ونحو ذلك بواقع الديث ومضمونه وغاياته لا بما يطلق علية ، وينبغي ان يكون ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرر لكثرة الايات والاحاديث النبوية المتضافرة في هذا الخصوص كقول سبحانة " وان الشياطين ليوحون الى اوليائهم ليجالوكم وان أطعتموهم انكم لمشركون " وقولة سبحانة " ويجادل الذين كفرا بالباطل ليدحضوا به الحق ) وقولة صلى الله علية وسلم " ما ضل قوم الا اوتو الجدل بعد هدى كانوا عليه "

المطلب الثالث

دور الجدال الحوار في الدعوة للإسلام
على ضوء التوجيهات القرآنية
تمهيد :
على ضوء ما توصلنا إليه في الدراسة من كون الجدال والحوار ظاهرة بشرية فطرية ملازمة للإنسان منذ استخلفه الله في الأرض، وهي مما لا بد منه في نقل الأفكار والآراء ، وتكوين المواقف والاتجاهات لدى الأفراد والجماعات والأمم، سواء فيما له طابع فكري أو سياسي، أو فلسفي، أو ديني .
واتساقاً مع ما جاء في مشروعية الجدال والحوار في الإسلام، بأنّهما محرمان في مواطن الشغب، والتمويه والتضليل، والمغالطة في الحق، ونصرة الباطل والترويج له، وعلى سبيل المكابرة والمغالبة، والسفسطة ، وإلباس الحق بالباطل ونحو ذلك، وهما فرض في مجال نصرة الحق،والدعوة للإسلام، والذبّ عنه، ونحو ذلك، واستجابة لأمر الله تعالى في طبيعة الجدال والحوار المشروع وأسلوبه المنتج. لا بد وأن نقف على نماذج حوارية قرآنية قام بها الأنبياء لدعوة الناس إلى الإسلام الذي ارتضاه الله للناس أجمعين، حيث أنه هو الدين الحق، وما عداه فباطل وضلال، وهو الدين الذي دعى إليه جميع الأنبياء، منذ آدم عليه السلام، وحتى خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ، مقتصراً على بعض النماذج الحوارية الجدلية القرآنية لأنبياء، شكلت نبواتهم محاور مفصلية في التاريخ البشري، كنوح عليه السلام، وإبراهيم، ومحمد عليهم الصلاة والسلام ولما فيها من توجيهات ربانية لطبيعة الجدال والحوار المشروع، من حيث الأسلوب والمضمون والحالات الجدلية الحوارية، التي تصلح أن تكون منطلقاً شرعياً للمسلمين والدعاة للإسلام في هذا العصر وغيره، مما يساهم في التوصل الى اسس دعوية مشتركة، ويقرب وذلك لتقريب وجهات النظر المتباينة بين حملة الدعوة من جهة، ومن جهة اخرى يسرع في وصول حملة الدعوة لغايتهم. هذا الى ما لذلك من آثار في تنقية أجواء العالم الإسلامي من فتن الصراعات المذهبية والطائفية والحزبية، وتندفع الأمة لاستئناف حياتها على أسا الإسلام وفق منهجية دعوية سليمة، صفاً واحداً كأنهم بنياناً مرصوصاً يشد بعضه بعضاً. ولعل ما نحن بصده من دراسة دور الجدال والحوار في الدعوة للإسلام على ضوء التوجيهات القرآنية، في معرض دعوة الأنبياء لأقوامهم مما قد يلفت النظر إلى المناهج الدعوية السليمة ممثلة بسنن الأنبياء والمرسلين الذين سنتعرض لمواقفهم الحوارية مع أقوامهم، ومجادلتهم بالحجج والبراهين الدامغة؛ لإقناعهم بدعوة الحق وصرفهم عما هم عليه من باطل وضلال.

النموذج الحواري بين نوح عليه السلام وقومه:
لقد تضمن القرآن الكريم العديد من المواقف الحوارية بين نوح وقومه ، كما هو بين في قوله تعالى في حق نوح عليه السلام : (ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه إني لكم نذير مبين ، أن لا تعبدا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم، فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشراً مثلنا وما نراك أتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين، قال يا قوم أرأيتم إن كنتُ على بينة من ربي وأتاني رحمةً من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون، ويا قوم لا أسئلكم عليه مالاً إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا أنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوماً تجهلون، ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون.. إلى قوله سبحانه " قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فإتنا ما تعدنا إن كنت من الصادقين، قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين.. إلى قوله سبحانه : " تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كانت تعلمها أنت ولا قومك من قبل فاصبر إن العاقبة للمتقين " ) . فهذا النموذج الجدلي الذي دار بين نوح عليه السالم وقومه، يتضمن الجدل بالتي هي أحسن، أي الجدل المفروض على المسلمين إتباعه في الدعوة للإسلام، كما يتضمن الجدل المذموم الذي يحرمه الإسلام، وهو جدال المشركين بالباطل ليدحضوا به الحق .
النموذج الحواري بين إبراهيم وقومه :
وكنموذج آخر من النماذج الجدلية الحوارية في القرآن الكريم ما تضمنته قصة من قصص إبراهيم عليه السلام مع قومه في قوله سبحانه (وإذا قال إبراهيم لأبيه آزراء أتخذ أصناماً آلهة إني آراك وقومك في ضلال مبين، وكذلك نُري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض ليكون من الموقنين، فلما جُن عليه الليل رءا كوكباً قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين ، فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكوننّ من القوم الضالين، فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريئٌ مما تشركون، إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، وحاجُّة قومه قال أتحاجونّي في الله وقد هداني ولا أخافُ ما تشركون به .. وكيف أخاف ما أشركتم ، ولا تخافون إنكم اشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطاناً فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون، الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون،وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه.. ) . وهذا النموذج الحواري أيضاً بين إبراهيم وقومه غني بالحجج والبراهين الجدلية التي تعزز الإيمان في نفوس حملة الدعوة الإسلامية وتقوض أباطيل المنحرفين والكافرين، وتُفْسِر عليهم مغالطاتهم ، وتبطل ضلالاتهم، وتسفه أحلامهم بأسلوب جدليٍ محكم، يحتوي على حجج وبراهين قاطعة، وأدلة قوية لا يقوى الخصم على مجابهتها، ولا يُقبل منه إلا الإذعان إليها، حيث أنها اعتمدت الحجج البرهانية تارة، وتارة أخرى الحجج الخطابية وتارة ثالثة الجج الجدلية المُلجئة الملزمة للخصم، وتارة آتت على مغالطات القوم فأبطلتها، وكانت في كل الأحوال ترمي إلى إقناع المشركين من قومه بالحق والدفاع عنه بالتي هي أحسن. هذا على جانب ما تضمنته الآيات من صور ا لجدال المذموم، وهو الجدال بالباطل الذي قوامه المغالطات، والسفسطة ، والمكابرة، والمماراة، والمنازعة واللّدَذْ في الخصومة، والتمويه بإلباس الحق بالباطل، وإلقاء الكلام على عواهله من غير علم ولا هدىً ولا كتاب منير، للاضلال عن سبيل الله والدين الحق، ونصرة الباطل وحمايته، والدفاع عنه، وتلك سنة إلهية في الاجتماع البشري، في الصراع الفكري العقدي بين الحق والباطل، وهو أخطر أنواع الصراع، وهو الصراع الذي على ضوئه تحدث المتغيرات في أحوال البشر، وتتشكل على إثره أفكار البشر وأذواقهم وأعرافهم وتوجهاتهم في الحياة الدنيا، وعلى ضوئه يكون فوز البشر ونجاتهم وسعادتهم في الدارين، ومن هنا نجد أن القرآن عرض في كثير من آياته لصور متنوعة من الجدال والحوار بين الأنبياء وأقوامهم. والمتتبع لآيات القرآن الكريم يلاحظ دور الجدال والحوار في حمل الدعوة للإسلام الذي دعى إليه كل الرسل، ويلاحظ دور الجدل والحوار في تقويم حياة البشر، ويلاحظ دور الحوار والجدل في التواصل الفكري والثقافي بين الأمم ، والتواصل الفكري والحضاري بين أفارد وشعوب الأمة الواحدة، لذلك كان طبيعياً أن يكون الجدل والحوار بارزاً في دعوة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو المبعوث رحمة للعالمين، وخاتم النبيين للناس أجمعين. حيث جاءت رسالته ومعجزته شيء واحد هو القرآن الكريم، والقرآن الكريم حافل بأساليب الجدال والحوار المتنوعة بحسب مقتضى الحال ومقتضيات الرسالة، فالقرآن المكي له أساليبه وقضاياه الحوارية والآيات المدنية لها أساليبها وقضاياها. وكل متدبر للقرآن يدرك أن معظم القرآن المكي دلائل وبراهين على ما يراد تركيزه من أمور العقيدة الإسلامية ومقتضياتها ، وأدلة قاطعة على بطلان عقائد المشركين وقيمهم وأعرافهم، وتسفيه أحلامهم، وضرب العلاقات والانظمة القبلية الجاهلية، ونزع مهابة الأصنام، والزعماء من نفوسهم، وبيان زيف عباداتهم باسلوب جدالي وحواري محكم.
هذا إلى جانب الحوارات المتعددة والمتنوعة، التي لا تكاد تخلوا منها سورة من سور القرآن الكريم مكيّة ومدنيّة ، فقد جاء الجدال والحوار وما في معناهما موزعاً على ألف وثلاثمائة وست وتسعين آية مكيّة، مقابل مائة وسبع وتسعين آية مدنيّة،وذلك مما يتناسب وحجم القرآن المكي ، بالنسبة لحجم القرآن المدني، إذ أن قرابة 75.4%، من آيات ا لقرآن الكريم مكيّة و 24.5% من آيات ا لقرآن الكريم مدنية.
وبتتبع مواطن الجدال والحوار في القرآن الكريم ؛ نجد أنه يأخذ طابعين، أحدهما : الطابع القصصي وهو المتعلق بالأنبياء السابقين على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي الغالب يأتي هذا النمط للعبرة، وتسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وتثبيتاً للمؤمنين، وكشفاً عن السنن الإلهيّة في بناء الأمم وفي انهيارها .
وفي عمومها بيان لأحداث مضت، ومواقف حصلت، وصراعات فكريّة ودمويّة تأزمت، تتمحور جميعها بين قوى الخير والشرّ في إطار الرسالات الإلهية. وذلك مما يتكرر في دنيا البشر على الدوام .
وأما الطابع الثاني من الجدال والحوار القرآني ؛ فهو غير القصصي ؛ وهذا النوع من الجدال والحوار خاصٌّ بخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ، والمبعوث رحمة للعلامين، وللناس أجمعين إلى يوم الدين .
وهذا النوع من الجدال والحوار القرآني ؛ عبارة عن مقولات غير قصصيّة وإنما هي أحداث واقعيّة في محيط الدعوة الإسلاميّة الشاملة التامة العالميّة. ومضامين هذا ا لحوار؛ إمّا إيقاظ التفكير وإثارة الانتباه إلى الحقائق الإيمانية التي يراد تركزيها في النفوس ، وبناء المجتمع الإسلامي عليها، وإمّا مخاطبة ا لعقول ، وإثارة الوجدان والعواطف، وملامسة الفطر السليمة لتنشيطها وتزكيتها ، للتأسيس إلى منهاج الحياة الإسلامية الربانية، التي تصطبغ بالصبغة القرآنية ، وإمّا أن تدور المجادلات والحوارات القرآنية المعلقة بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم في إطار حمل الدعوة إلى الإسلام، وفلك الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له، بمعنى العبادة الشامل لكل أنشطة الإنسان في الحياة، وفي ذلك يلتقي أسلوب الحوار هذا مع الأسلوب الحواري الذي قصه القرآن الكريم في حوارات الأنبياء السابقين مع أقوامهم ، وكثيراً ما يرتبط ويلتقي فيها الجدال الحواري المتعلق بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، مع النمط الجدالي الذي أجراه الأنبياء السابقين مع أقوامهم باعتبار أنّ أصل الدين واحد كما هو بين في قوله تعالى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُواْ الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ) (الشورى : 13)؛ وإمّا أ، يغلب على حوارات النبي صلى الله عليه وسلم مع من بُعث فيهم الى يوم القيامة إثارة قضايا فيها لفت النظر إلى الأمراض النفسية البشريّة، والسلوكيات المنحرفة؛ ذات الآثار المجتمعيّة ، والأنظمة الحياتية ذات الآثار المجتمعيّة العالمية، ونحو ذلك مما اشتملت عليه الآيات القرآنية من موضوعات متنوعة متعلقة بأغراض الإسلام الشاملة للأمور الدنيوية والأخروية، بما يوجه الإنسان الوجهة الصحيحة، ويهديه للتي هي أقوم في علاجها. وانسجاماً مع شمول رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وعالميتها وإنسانيتها وتمامها وكما لها ، لم يكن أسلوب الجدال والحوار في رسالة محمد  على لسان أقوام بعينهم، ولم تكن حول أحداث مضت. وإنما كان أسلوباً يخاطب جميع البشر على اختلاف ألوانهم، وأعراقهم، ومعتقداتهم، ومذاهبهم السياسية والاجتماعية، وفي موضوعات شاملة متنوعة مرتبطة بالإنسان من حيث هو إنسان بغض النظر عن زمانه ومكانه ، فجاء أسلوباً يثير في المتلقي فكره وعواطفه، ويوقظ فطرته السليمة، ويتحّداه أحياناً، ويوضح له عاقبة أهل ا لإيمان بالإسلام، وعاقبة أهل الكفر والعصيان، وكثيراً ما يغلب على هذا النمط من الجدل والحوار الأسلوب التلقيني، والأسلوب الخطابي،والأسلوب البرهاني، والأسلوب الاستنباطي،والأسلوب الوجداني العاطفي، بهدف إقامة الحجة على الكافرين ،وتركيز الإيمان في نفوس المؤمنين، وخفرهم إلى تنفيذ أوامر الله ونواهيه، والاصطباغ بها في حياتهم على المستوى الفردي والمجتمعي، والأمة والدولة.

قبسات من النماذج الحوارية في دعوة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) :
وكنموذج قرآني في مضامين الجدل والحوار في دعوة محمد صلى الله عليه وسلم ، نعرض لبعض الصور والمواقف التي وردت في كلٍّ من سورة البقرة، وسورة الأنعام، كنموذج في الجدال والحوار المكيّ المدنيّ، الذي يكشف عن مضامين الجدال والحوار بين النبي صلى الله عليه وسلم ، وبين المشركين والكافرين على اختلاف أطيافهم، ولكون مقولاتها الجدلية الحوارية زاخرة بالمفاهيم والمنطلقات الدعويّة، كما وأنها تعطي تصوراً عن طبيعة الجدال والحوار، وأسلوبه، ومجالاته، في دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، في القرآن المكي والمدني، حيث أن سورة البقرة مدنية، وسورة الأنعام مكية، وفيهما الكثير من الأنماط الجدلية الحوارية الدعوية إلى جانب الأساليب الدعوية المثلى ، والمعالجات لأمراض القلوب، والعقد النفسية لدى البشر كالتكبر، والحسد، والغرور، الشذوذ في التفكير والميول، ونحو ذلك مما يؤثر في إعراض البشر عن دعوة الإسلام، أو يدفعهم لمعاداتها. كما وأنّهما اشتملت على نمط من الحوار التلقيني، الذي اختص به رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، والموجه في غالبه إلى المشركين والكافرين في الآيات المكية، وإلى أهل الكتاب والمنافقين في الآيات المدنية. وكانت مضامين الحوار والجدال في الآيات المكية موجهة إلى الكافرين والمشركين، إمّا على وجه الإنكار عليهم في عقائدهم الباطلة ، أو قيمهم الهابطة، أو عاداتهم الفاسدة، وإمّا تتوعدهم وتُنْذَرهم بالخزي وعذاب الهون، أمّا الآيات المدنية فمضامين الجدل والحوار فيها تدار مع المنافقين، وأهل الكتاب لفضح دسائسهم، وكشف أكاذيبهم، وبيان زيف عقائدهم، ومشابهتهم للكافرين، والرّد على افتراءاتهم، وتحريفاتهم، وأضاليلهم في الدين، كما وتتضمنا الحوارات القرآنية المتعلقة بالنبي صلى الله عليه وسلم العديد من تساؤلات المسلمين واستفساراتهم المتعلقة بأمور دينهم ودنياهم، والإجابة عليها من الله تعالى. والمقام هنا لا يتسع لاستعراض مواطن الجدال والحوار كلها في هذه السور الآنفة الذكر، وإنّما سنكتفي بمثال يتناسب مع طبيعة الرسالة الإسلامية ومقتضياتها، وأغراضها الشاملة لأمور الدنيا والآخرة، كقوله سبحانه : (.. وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين، قولوا آمناً بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرّق بين أحد منهم ونحن له مسلمون، فإن آمنوا بمثل ما آمنهم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله، صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون، قل اتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون، أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هوداً أو نصارى قل ءأنتم أعلمُ أم الله .. إلى قوله سبحانه : " سيقول السفهاء من الناس ما ولهم عن قبلتهم التي كانوا عليها، قل لله المشرق والمغرب يهد من يشاء إلى صراط مستقيم .. ) . ، كقوله سبحانه : (يسئلونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل.. يسئلونك عن الشهد الحرام قتال فيه، قل قتال فيه كبير وصدٌ عن سبيل اله وكفر به والمسجد الحرام إخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل.. يسئلونك عن الخمر والميسر قل فبهما إثم كبير ومنافع للناس واثمهما أكبر من نفعهما، ويسئلونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخر، ويسئلونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم.. ويسئلونك عن المحيض، قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض .. )
فهذا النموذج الجدليّ الحواريّ من سورة البقرة يمثل صورة الجدال والحوار التلقيني،الذي يغلب على أسلوب ومضامين المجادلات والمحاورات التي كانت تتردد بين رسول الله وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، وبين من بعث فيهم من المشركين وأهل الكتاب، ومن هو في حكمهم أو يدور في فلكم وكلها إما أن تقتصر على قضية واحدة يُجري حولها الحوار لحسمها، أو عدة قضايا، ومنها ما يعرض لمعتقدات أهل الكتاب، أو فساد طرائق التدين عندهم، أو إبطال دعاويهم الكاذبة حول أنبيائهم وعلاقاتهم بهم، أو الكشف عن فساد أفعالهم وضلالتهم، أو أمراضهم النفسية ونحو ذلك، ومنها ما يعرض لما يحتاج إليه المسلمون في دينهم ودنياهم كما هو بين فيما أوردناه من نموذج جدالي حواري قرآني من سورة البقرة يمثل النمط الجدلي في دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويمثل صورة الجدال والحوار النبوي في الآيات القرآنية المدنية، وهو في معظمه إمّا أن يتخذ أُسلوب قلب دعوى الخصم، أو يتوعدهم بالخزي والعذاب في الدنيا والآخر ، أو يسخرَ مما هُمْ عليه من عقائد باطلة، وأفعال فاسدة، أو يتحدى قدراتهم ويظهر عجزهم في إثبات دعاويهم الباطلة، أو ينحى عليهم باللائمة وينكر عليهم أوضاعهم الدينية والدنيوية. ونحو ذلك من الأساليب الجدلية الحوارية التي تظل فاعليتها قائمة إلى يوم القيامة، وهي خير الأساليب لنقل مضامين الرسالة الإسلامية وحملها للمؤمنين بها، أو للكافرين بها على اختلاف أطيافهم وأشكال كفرهم. أما عن النموذج الجدلي الحواري في الآيات القرآنية المكية من سور الأنعام التي أنزلت في مرحلة عصبية من مراحل الدعوة الإسلامية في مكة، حيث كان نزولها في السنة الرابعة ، يوم أُمِر النبي صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة للإسلام، إثر نزول قوله سبحانه : (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) إذن فهي نموذج جدلي حواري دعوى، يكشف عن طبيعة الصراع الفكري بين الإسلام وقوى الكفر، ويكشف عن مضامين الدعوة الإسلامية، ومحاورها الرئيسة، وتكشف عن مضامين دعوات الشرك والضلال إلى يوم القيامة، وتكشف عن طبائع الكافرين والمشركين والمنحرفين وأعداء الدعوة الإسلامية، ومرتكزاتهم الفكرية، ودوافع كفرهم وعدائهم للإسلام عقيدة وشريعة، ومنهاج حياة. ولذلك جاءت السورة حافلة بالمواقف الجدلية الحوارية التي لا غنى للمسلمين عنها في كل حين . فمنها ما يتعلق بإقامة الحجج الدامغة على المرتكزات العقدية الإسلامية، ومنها ما يكشف عن طبائع الكفار، والمعاندين، والمكذبين لدعوة الإسلام الحق، والمعرضين عنها، ومنها ما فيه تسلية للنبي وتسرية عنه، وإزالة لهمومه،وتثبيتاً لقلبه والمؤمنين معه. ونحو ذلك مما يمكن إجماله على النحو الآتي : إقامة الأدلة على وحدانية الله وقدرته وانه سبحانه هو ا لمستحق للعبادة، وأن شرعته ومنهاجه الحق وفيهما خيريّ الدنيا والآخرة، وما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم عن ربه هو المرجع الوحيد للدين الحق، وما سواه فباطل وضلال، وهو المرجع الحق ، في كل ما يتعلق بالإنسان في معتقده، وعبادته، ومعاملاته، وعلاقاته،وأنظمة حياته وسائر شؤون في الدنيا والآخرة.
وهذا بيّن قوله سبحانه : (.. قل لمن ما في السماوات والأرض، قل لله كتب على نفسه الرحمة.. قل أغير الله اتخذو ولياً فاطر السماوات والأرض وهو يُطعم ولا يُطعم، قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكون من المشركين، قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم.. قل أي شيء أكبر شهادةً، قل الله شهيد بيني وبينكم، وأوحي إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون مع الله آله أخرى ، قل لا أشهد ، قل إنما هو إله واحد وإني بريءٌ مما تشكرون) .
2-إقامة الأدلة على صدق دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وبيان عمومها وشمولها وأنها دعوة الحق التي بها وحدها يخرج الناس من الظلمات إلى النور، وبها وحدها سعادة الإنسان في الدنيا ونجاته يوم القيامة. فمن أمن بها رشد وكان من الفائزين في الدنيا والآخرة، ومن كفر بها وعاداها هلك في الدنيا والآخرة وكان من الخاسرين، كقوله سبحانه : (... وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه، قل إن الله قادر على أن يُنزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون.. قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين،.. قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به أنظر كيف تصرف الآيات ثم هم يصرفون، قل أرأيتكم، إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون، وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، قل لا أقول لكم عندي خزائن الله، ولا أعلم الغيب،ولا أقول لكم إني ملك، اإتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي الأعمى والبصير، افلا تتفكرون،.. قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله، قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذن وما أنا من المهتدين قل إني على بينة من ربي وكذبتهم به، ما عندي ما تستعجلون به، إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين.. ) .
3- تفنيد الشبهات التي يثيرها الكفار والمشركون حول الإسلام، في الجوانب العقدية، التشريعية، والقيمية. كقوله سبحاه : (.. وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون، وإذ جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتي مثل ما أوتي رسُل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته ، سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون .. وقالوا هذه أنعام وحرث حِجرٌ لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم، .. وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء،.. قل الذكرين حرّم أم الانثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبئوني بعلم إن كنتم صادقين،.. قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه، إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به، سيقول الذين أشركوا الوشاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم،.. قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا، إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون، قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين،.. قل تعالوا أتل ما حرّم ربكم عليكم..، .. قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دنيا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين، قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ،.. قل أغير الله أبغي رباً وهو ربُّ كل شيء..) . وهكذا تمضي آيات سورة الأنعام من أولها إلى آخرها بأساليب جدلية حوارية محكمة مؤثرة في العقول وفي القلوب، وتحمل ذوي الفطر السليمة، وأولى الألباب؛ على المسارعة للدخول في الإسلام والتفاعل معه، عن طواعية واختيار. وقد أكد كثير من العلماء على ما اشتملت عليه سورة الأنعام من حجج وبراهين فقالوا : (.." إنها مشتملة على دلائل التوحيد والعدل والنبوة والمعاد، وإبطال مذاهب المبطلين والملحدين "، " هذه السورة أصل في محاجة المشركين وغيرهم من المبتدعين.. وعليها بني المتكلمون أصول الدين .." ، " .. فهي تورد الأدلة المتعلقة بتوحيد الله .. في صورة الشأن المسلم الذي لا يقبل الإنكار أو الجدل، وتتضح لذلك ضمائر الغائب عن الحس، الحاضر في القلب،.. والتي لا يماري قلب سليم في أنه سبحانه مصدرها.. " هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلاً، وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون"، " وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير "..
أما الأسلوب الثاني : فهو تلقين الحجة، الأمر بقذفها في وجه الخصم حتى تأخذ عليه سمعة، وتملك عليه قلبه، وتحيط به من جميع جوانبه ، فلا يستطيع التفلت منها، ولا يجد بدا من الاستسلام لها ..) .
هذا ما أسعف به الجهد في الكشف عن دور الجدال والحوار في الدعوة للإسلام على ضوء النماذج القرآنية، من سورتي البقرة والأنعام، لعلّ في هذا القدر فاتحة خير للبحث على هذا المنوال ، لبلورة مشروع دعوي مستوف لقواعد الدعوة الإسلامية الصحيحة، بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال باللتي هي أحسن. سائلاً الله من فضله التوفيق والسداد في الرأي وأن يجعله في ميزان حسناتنا يوم الدين .
وبحسب ما عرضت له الدراسة، يتعين استكمالها بما يركز بعض المفاهيم الرئيسية فيها، بالنتائج والتوصيات الآتية :
أ-النتائج :
1-إن الجدال والحوار بين الأفراد ، أو الجماعات والأحزاب، أو المفكرين والعلماء، في مسائل فكرية أو فلسفية أو دينية، ليست بدعة غربية معاصرة، وإنما هي ظاهرة إنسانية مرتبطة بالإنسان فطرياً قال الله تعالى : (.. وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً) الكهف : (54). وقال الله تعالى : (.. فقال لصاحبه وهو يحاوره.. قال له صاحبه وهو يحاوره ..) . ألكهف: (34-37) .
2-الجدال والحوار ليست خيراً له، فمنه ما هو محرم مذموم،ومنه ما هو فرض لا يسع المسلم تركه، وعليه ليس كل ما ينتجه الجدال والحوار صحيحاً ، بل قد يكون باطلاً وزوراً، ولذلك اضطر العلماء والفقهاء المسلمين أن يحتاطوا لذلك فألقوا العديد من لكتب في آداب الجدال والحوار المناظرة وشروطا وضوابطها .
3- الإسلام منذ نزوله على محمد صلى الله عليه وسلم وهو يقارع الكفار والمشركين الحجة بالحجة، ويأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يحاور الكفار بالتي هي أحسن، وفي القرآن الكريم أمثلة كثيرة على الجدال والحوار بين الأنبياء السابقين وأقوامهم، ولفظة الجدال والحوار تكررتا في مواطن عدة من القرآن الكريم .
وفي هذا الخصوص يقول فوز نزال : (... فالقرآن الكريم كتاب الحوار، إذ يجعله سبيلاً لُجل قضاياه ابتداءً بباب الحوار الأول الذي فتحه الله مع الملائكة ... مروراً بحوارات رسله مع أقوامهم، وانتهاءً بحواره مع خلق يوم القيامة وتوزع الحوار القرآني على مكيّ القرن، ومدنيه.." .
4-إن الإسلام في العديد من النصوص القرآنية ، يوجه المسلمين لأهمية الجدال والحوار في الدعوة للإسلام. مع التركيز على خلوه من المراء، والمغالطة، واللدذ في الخصومة، والمكابرة، والعناد ونحو ذلك. وحصره في الجدال بالتي هي أحسن كما هو بين في قوله سبحانه : (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجاء لهم باللتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) .
ب-التوصيات :
1. توصي الدراسة بضرورة اليقظة والحذر من استخدام الجدال الحوار في غير موضعه، من قبل جهات مشبوهة ، تسعى لتطوير الفكر والمفاهيم الإسلامية بما يتوافق والقيم الغربية العلمانية، أو إلباس الإسلام اللبوس الغربي أو العكس – وهو ما يطلق عليه بين الفينة والأخرى – علمنة الإسلام أو أسلمة العلمانية – من خلال عقد الندوات، والمؤتمرات لهذا الغرض، تحت مسمى حوارات فكرية أو حضارية او ما شابه ذلك .
2. كما توصي الدراسة بأن لا تستغل مشروعية الجدال والحوار، لإضفاء الشرعية على المواقف المنطلقات الفكرية المنحرفة الضالة، أو رفع القداسة عما هو مقدس في العقيدة الإسلامية، وإضفاء القداسة على ما لا قدسية له من الأوضاع الشاذة والقضايا المنحرفة.
3. وتوصي الدراسة ، بضرورة اهتمام المسلمين بالأساليب الجدلية الحوارية في حمل الدعوة للإسلام، وفق الضوابط الشرعية في الجدال والحوار لتوفير الجو الفكري المناسب لإحداث تغيرات فكرية يتبعها يتبعها تغيرات منهجية في استئناف الحياة الإسلامية في العلام الإسلامي، ومن ثم تحمل الدعوة للإسلام عالمياً .
4. ضرورة وضع مساقات تعليمية في كل المراحل التعليمية العليا تعني بتأصيل أسس الجدال والحوار المشروع وقواعده وضوابطه وشروطه، وبيان كيفية الأساليب الجدلية الحوارية في الخطاب الدعوي، حتى تكون الجدال باللتي هي أحسن .
5. ضرورة إنشاء مراكز تدريبية لإعداد وتأهيل دعاة متمرسين على طرق الجدال والحوار، ومتقنين لأساليبه وفنونه، ليكونوا كوادر قيادية في حلم الدعوة الإسلامية وإيصالها غلفى الغير بطريق سليم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العلامين وسلام على المرسلين والعاقبة للمتقين،،،،

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك