المحطة الأولى: الثقافة الرابعة

المحطة الأولى: الثقافة الرابعة

حدد المفكر العالمي "ليفي شتراوس" الثقافة الإنسانية بثلاث مراحل، المرحلة الأولى عُرفت في عصر النهضة، حيث أسهمت معرفة اللغتين اليونانية واللاتينية والمعارف التاريخية والنقد الداخلي في زعزعة السلطة القوية التي كانت تتمتع بها المؤسسة الكنسية.. وفي المرحلة الثانية، هيأ التلاقي بين الغرب والشرق، الظروف لظهور عقلية المقارنة، مما أسفر عن قيام علوم جديدة، وتخصصات جديدة كعلم اللغات مثلاً.
المرحلة الثالثة، نتجت عندما توخت الإنسانية الإحاطة بمجمل المجتمعات البشرية، فأثمرت الطريقة البنيوية، وهذه مكّنت" ليفي شتراوس" من رصد العالم بمجمله واكتشاف ترتيب كامن وراء تنوع أشكال التنظيم الاجتماعي والتعبير الثقافي، وهذا الترتيب هو في نظر "أب البنيوية" سِمة الفكر البشري.
الثقافة الإنسانية الرابعة، هي الثقافة الرقمية، التي حدثت حصيلة لتقارب، هو الأول من نوعه، بين تراثنا الثقافي المعقد، وتقنية أصبحت ملتقى لحسن تعاشر أعاد توزيع المفاهيم والأشياء والممارسات المصاحبة لها في بيئة افتراضية، مما فتح مجالات كثيرة أمام البحث.. إنه اكتشاف التكنولوجيا الجديدة الآخذة في زعزعة المقولات الاجتماعية الثقافية الراسخة..
إن الرقي، على الرغم من مكونات التقنية والاقتصادية، التي يجب وضعها دوماً موضع التساؤل ومراقبتها، يوشك أن يصير ثقافة، بمعنى أنه يتميز بمنحى تغييره نظرتنا إلى الأشياء والعلاقات والقيم، وأنه يفتح ميدان النشاط البشري نحو آفاق جديدة.
إن فضاء الثقافة الرقمية، يشكل منحى جديداً في تكوين مجتمع ثقافي جديد، يساهم في ظهور الثقافة الإنسانية الرابعة.
"أسرة الباحثون"

المصدر : الباحثون العدد 55 كانون الثاني 2012

http://www.albahethon.com/?page=show_det&select_page=49&id=1396

 

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك