الإختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية

الإختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية

 حقيقى؟
يعنى الكلام ده مش أى كلام و طحينة؟
بيحصل فعلا؟

يعنى ممكن كدة أختلف أنا و انت و أخر اليوم نمشى و احنا لسه اصحاب؟
 
تحولت الكلمة من مثل إلى حكمة و من حكمة إلى أمنية نتمناها فى منامنا , ثم تدريجيا أصبحت تاريخ , ثم خرافة تحكى للأطفال قبل النوم , و أصبح الإختلاف فى الرأى يفسد للود قضية .
ليه؟
عشان احنا اتربينا غلط 
اتربينا ان رأينا صواب لا يحتمل الخطأ وأى رأى أخر خطأ لا يحتمل الصواب

ولأن معظمنا عاش تحت نظام شمولى سادى تعفنى استبدادى زاد عن الستون عاما بقليل فلم يتعود على الإختلاف فى الرأى لأنه لم يدرك ماهية الرأى طوال حياته 
 
فالرأى رأى المدرس فى المدرسة
و رأى الدكتور فى الكلية
و رأى المدير فى العمل
ورأى ريسنا بابا مبارك
حتى لو كان خطأ
وبالتالى اعتدنا أن نحتفظ برأينا داخلنا حتى نصبح نحن فى موقع السيطرة و نستبد بالرأى كسنة للحياة تربينا عليها 
 
لكن بعد أن تم الإطاحة بمبارك و سقوط سوطه المدوى_ جهاز أمن الدولة المخيف, أصبح الرأى أمرا من الممكن أن نعبر عنه بدون خوف , ولأول مرة لا يوجد ما نخاف منه , فانطلق السهم من قوسه انطلاقة هوجاء لا تعرف قواعد إلا اخترقتها.
 
فالعامل تمرد على رئيسه
و الصغير تطاول على الكبير
و المظلوم انتفض على الظالم 
ولكن 
بلا عقل
بلا منطق 
بلا تفكير
مع انكسار طوق الخوف و خروج الحرية للنور أصبح الكل يريد أن يعبر و يعبر و أحيانا بدون أن يفكر فيما تحمله أفكاره أو أفعاله من أثر على الأخرين
 
 
وانعكس هذا على كل نواحى الحياة 
ففى بيئة العمل أصبح العامل يبحث عن الزيادة فى الأجر , دون أن يدير عجلة الإنتاج و رئيسه يرى أنه لا يبذل ما فى وسعه وبالتالى لا يستحق زيادة وبين الإثنان هناك نظام إدارى كله أخطاء أتت على العدالة الإجتماعية و جعلت كلا منهما يدور فى حلقة مفرغة من التشبث بالفكر  دون التفكير
.
 
وفى السياسة أصبح كل فصيل سياسى يحمل العداء المحكم لمن ينافسه و يبحث عن نقاط ضعفه ليهاجمها و يحقق منها نقاط مكسب تحت عباءة حرية التعبير عن الرأى بحثا عن قطع من الكعكة يضيفها لرصيده  دون أن يبحث عن مصلحة الوطن العليا أولا و انشغل كل فصيل منهم فى كيفية إثبات أن الأخر على خطأ فى تعصب شديد ربما قبل أوانه بكثير , متناسيا أنه كفصيل سياسى لايزال وليدا يحبو أول خطواته .. و أن تقبله للأخر و الإستفاده منه لتحقيق المصلحة العليا للوطن أهم من الهجوم عليه
 
وحتى فى الرياضة أصبح الخلاف على هدف سببا كافيا لإفتعال مشاجرة يصاب فيها الكثيرين,ولا أدعى أن هذا لا يحدث فى الخارج .. ولكن استيقظوا.. ليس لدينا شرطة أو أمن حتى نفعل ما يحلو لنا ونترك الفرصة لأى مخرب باستغلال الفوضى و انشغال حماة البلد بهذه الأحداث الخطيرة ليعيث فسادا بالبلد
 
و فى الشارع أصبح سائق الميكروباص يعبر هو الأخر عن رأيه بطريقته .. فهو يعتبر الشارع ملكه لأنه يستطيع .. يستطيع ماذا ؟ يستطيع كل شىء , و أنت لا تستطيع أى شىء ففرض علي الشارع رأيه و ثقافته التى حرم من التعبير عنها من خلال قوانين اعتبرها مقيدة لحريته فصار لدينا سببا للإزدحام فى كل مناطق الجمهورية ألا وهو حرية سائقى الميكروباص من القوانين المنظمة للمرور
 
وتناسى الجميع ثقافة مهمة جدا , وهى ثقافة الإختلاف, فمع الحرية فى التعبير جاءت الصدمة, أننا لسنا وحدنا فى هذا الكون ,وأن هناك حتما من يفكر غيرنا , ومن يحمل رأيا مخالفا لنا  وبدلا من تقبل هذا الإختلاف , أصبح محلا للهجوم فى كل مجال ممكن,و كأن ديكتاتورية الفرد انتقلت بالعدوى للشعب فأصبح لدينا ديكتاتورا صغيرا في كل مكان بمصر وهذا لابد أن يتنبه الناس له و يحاولوا تغييره فى أسرع وقت
 
ولكى نتقبل هذا الفكر الجديد_فكر التقبل للأخر_ لابد أولا ان نؤمن بأهميته فالفكر , أى فكر يحتمل الصواب و الخطأ و أى فكر مخالف يجب أن نستمع له أولا و نفكر فيه قبل أن نهاجمه أو نرفضه , و الأهم ألا ننبذه حتى لو لم نقتنع به 
لأن أول بذور التطرف فى الفكر .. هى اعتناق الفكر من مبدأ دفاعى , فالفكرة المرفوضة قد تجعل صاحبها يتشبث بها أكثر و أكثر وكلما زاد الهجوم , زاد التطرف وزادت الفجوة , و فى النهاية تختفى نقاط التلاقى و تضيع معها المصالح المشتركة التى هى نواة أى تعاون بناء.
 
والإختلاف كان دوما سنة الحياة  
 
 
 
يقول الله عز وجل :(لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما اتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون)
 
ويقول أيضا:
 (ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف السنتكم والوانكم... )
يجب أن نبدأ بالبحث عن نقاط التلاقى وسط بحار الإختلاف , لنبدأ حوارا بناءا يصب فى مصلحة وطننا , فى كل مكان : فى العمل , فى الشارع , فى المنزل , فى العمل السياسى .. و نتوقف عن اتهام كل فكر مختلف بأنه إما خائن أو عميل أو جاهل أو أى صفة مشينة يمكن أن نطلقها لمجرد أنه مختلف معنا فى الرأى
 
 
 
ولنؤمن دائما أن فى الإختلاف تنوع , وفى التنوع دوما جديد .. و الجديد هو ما نحتاجة دوما لنتطور ونتقدم , لأن سبب ركودنا كان الجمود الناتج عن عدم تقبل أى أفكار مختلفة .. وهذا كان أكبر معوق أدى لتراجعنا سنوات بعد سنوات

 

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك