نحن والفضائيات

نحن والفضائيات

أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي
 

الدعوة إلى الخير إحدى ركائز دين الإسلام؛ لأنها الوسيلة الأساس في نشر الإسلام، وتحقيق العدل.

 

سواء كان ذلك بالأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر، أو القدوة الحسنة، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104].

 

قال ابن كثير: ((المقصود من هذه الآية أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن وإن كان ذلك واجباً على كل فرد، كل بحسبه، كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه. وذلك أضعف الإيمان) ا. هـ.

 

وفضل القيام بهذه ا لدعوة لا يكاد يَعْدِلُه فضل، قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33].

 

وغني عن البيان أن كل شأن يقوم به الإنسان لابد له من أسلوب ووسيلة، كي يحقق المطلوب.

 

والوسائل تتبع المقاصد في أحكامها، فوسيلة المحرم محرمة، ووسيلة الواجب واجبة وكذلك بقية الأحكام. (ينظر الفروق للقرافي 144)

 

ولا بد كذلك أن تكون الوسيلة إلى المشروع مشروعة، والدعوة تحتاج إلى الوسائل من أجل تبليغها للمكلفين ومن ذلك القدوة الصالحة، والكلمة الطيبة من خلال المنبر، أو الجدال، أو الكتابة، أو ما إليها.

 

(وكل وسيلة تساعد على أهداف الدعوة يمكن اتخاذها لذلك ما لم تكن محرمة) الموسوعة الفقهية الكويتية 20/ 332.

 

وقد ظهرت وسائل إعلامية واتصالية كثيرة في العصر الحديث بدأت بالجرائد والمجلات، ثم الإذاعة ثم التلفاز والهاتف والبرق والتلكس والفاكس، ثم أخيرًا شبكة الاتصال العالمية (الإنترنت) وأصبح بالإمكان متابعة الحدث أو الحديث في الحال بل التحادث والمخاطبة من أقصى الدنيا إلى أقصاها.

 

وقد أخذ العالم المتحضر (ماديًا) في سباق محموم في هذه الوسائل من أجل كسب الرهان في عولمة الشعوب والدول، وفرض حضارته (الفكرية والمادية).

 

وأصيب العالم الإسلامي بحالة من الذهول والوجوم، جعلت أبناء الإسلام في مفترق طرق، فمنهم من أخذ بالركض وراء تلك المدنية إعجاباً وانبهارًا.

 

ومنهم من اختار التجاهل أو الرفض لها اعتقادًا منهم بأن ذلك هو الموقف المناسب.

 

ومنهم من وقف موقف المتأمل المتيقظ، والمتفاعل بحذر، وأنت - أخي - خبير بأن الموقفين الأول والثاني غير موفقين ولا راشدين.

 

وأن الموقف السليم هو الثالث.

 

وكما يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:

إن الموقف من الحضارة الغربية ينحصر في أربعة أقسام لا خامس لها:-

الأول: ترك الحضارة نافعها وضارها.

الثاني: أخذها كلها ضارها ونافعها.

الثالث: أخذ ضارها دون نافعها.

الرابع: أخذ نافعها وترك ضارها.

 

فنجد الثلاثة الأولى باطلة بلا شك، وواحدًا فيها صحيحًا بلا شك وهو الأخير. (أضواء البيان 4/ 382).

 

وبعد هذه التوطئة، وفي ضوئها ندلف إلى الحديث عن الفضائيات الإعلامية وما يتبعها من إذاعات مسموعة سواء كانت عربية أو غير عربية وبأي لغة كانت.

 

وسواء كانت ذات طابع اختياري، أو ثقافي أو رياضي، أو دعائي (إعلاني) أو فني... الخ، أو كانت عامة غير متخصصة.

 

فالسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، ويتردد في أوساط الغيورين من علماء ومتعلمين ومثقفين وعامة، ما مدى شرعية التفاعل الإيجابي مع تلك الوسائل (القنوات والإذاعات)، وذلك بالمشاركة بالرأي والحوارات والفتاوى وما إليها؟ هل ذلك مشروع، أو غير مشروع؟ وما الحجة في ذلك؟

 

وقبل أن ندخل في عرض الآراء يجدر التنبيه إلى أمر مهم، هو أننا نتجاوز الخلاف القديم حول الإذاعة والتلفاز، ولا نناقش الرأي الرافض لهما بإطلاق، والذي يعتبرها من اللهو الباطل، أو لوجود التصوير في التلفاز.

 

أقول: نتجاوز ذلك إلى الرأي القائل بأنها وسائل عادية يمكن الاستفادة منها بدون تعد إلى المحظور.

 

حكم المشاركة في الفضائيات العربية وأشباهها:

يبدو أن المسألة لا تخرج عن رأيين:

الأول: عدم جواز المشاركة فيها.

الثاني: جواز المشاركة فيها.

 

وإن كان بعض أهل العلم يرى بعض التفصيل مما سنشير إليه.

 

وأحاول أن أعرض الآراء مجتهداًَ في سبر أدلتهم وتتبعها ما أمكن، ثم أناقشها.

 

أولاً: القول بعدم المشاركة:

لعل أبرز الأدلة على ذلك:-

1- أنها وسائل مؤسسة على باطل، فهي لم يقصد منها في الأصل بث الفضيلة وإعلاء كلمة الله، بل أسست لأهداف غير نبيلة، ومهما تنوعت الأهداف فإنها تكاد أن تصب في حوض واحد هو (اللهو الباطل).

 

وتكاد أن تتفق هذه القنوات على أن المرأة بمفاتنها وزينتها وكلامها هي الوسيلة الأقرب لجذب المشاهد والمتلقي.

 

كما أن الموسيقى - شرقيها وغربيها، وما يصاحبها من غناء - هي الوسيلة الأخرى للجذب.

 

ناهيك عن المضامين الساقطة للمادة الإعلامية، سواء كانت حوارًا، أو غناءً بل خبرًا، هذا إذا سلمت من موبقات الكفر.

 

وإذا كانت كذلك، فهذا أشبه ببؤرة فساد:

أ- وقد قال الحق سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 68].

 

قال الشوكاني: والمعنى إذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا بالتكذيب والرد والاستهزاء فدعهم ولا تقعد معهم لسماع مثل هذا المنكر العظيم حتى يخوضوا في حديث مغاير له.

 

ب- وقال في صفات عباد الرحمن: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [الفرقان: 72].

 

قال الطبري في هذه الآية بعد أن ذكر أقوال المفسرين في المراد بالزور: وأولى الأقوال بالصواب أن يقال: والذين لا يشهدون شيئاً من الباطل لا شركاً ولا غناء ولا كذبا ولا غيره، وكل ما لزمه اسم الزور، لأن الله عم في وصفه إياهم أنهم لا يشهدون الزور.

 

ثم ذكر قريبًا من هذا المعنى في تفسير اللغو.

 

ج - وهذه البؤرة أشبه بالمجلس الذي تنتهك فيه المحرمات، وقد روى النسائي بسند جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس إلى مائدة يدار عليها الخمر). (ينظر فتح الباري 9/ 250).

 

ووجه الاستشهاد بتلك النصوص أن الفضائيات وأشباهها تتخذ من كلمة الحق ومن دعاة الحق مثار سخرية واستهزاء، وتلاعب، حيث تحشر الحق القليل بين ركام الباطل الكثيف وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ﴾ [الأنعام: 70].

 

2/ ثم إن دخول أهل الفضل ومشاركتهم فيها يضفي عليها صبغة شرعية، يحتج بها أصحابها وممولوها، والمتلقون من المشاهدين والمستمعين، مموهين بذلك على السذج من الناس.

 

ثانيًا: القول بالمشاركة:

يستند القائلون بالجواز إلى مجموعة من الأدلة.

1- يرى هؤلاء أنه ينبغي التفريق بين المحرم لذاته كالخمر والموسيقى وقول الزور والوسيلة إليه، فإنه ليست كل وسيلة إلى الحرام تكون حراماً بالضرورة.

 

قال القرافي في الفروق (الفرق 58) تنبيه: قد تكون وسيلة المحرم غير محرمة إذا أفضت إلى مصلحة راجحة كدفع مال لرجل يأكله حراماً حتى لا يزني بامرأة إذا عجز عن دفعه عنها إلا بذلك).

 

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (2/ 137): ((وما حرم سدًا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، كما أبيحت العرايا من ربا الفضل... وكما أبيح النظر - أي إلى المرأة - للخاطب والشاهد والطبيب)).

 

ومن هنا فإن وسائل الإعلام والاتصال هي من هذا الباب، بل هي مباحة في أصلها، بدليل أنه لو ملكها أهل الحق واستعملوها في نشر الحق لم يكن في جوازها شبهة.

 

وتكون كالمنابر أو المنتديات التي تتخذ وسيلة للحوار والتبليغ.

 

وإذا كانت تتخذ وسيلة لإثارة الشبهات والشهوات فلا يمنع ذوي الفضل أن يزاحموا أهلها ويلجئوهم إلى نشر الحق كله أو بعضه بحسب الإمكان.

 

وهب أن ناديا ثقافيا أو منتدى يقصده جمهور الناس، وقد شرعت أبواب منصته لكل متقدم سباق، وكان أكثر السباقين من أهل الباطل، فهلا تكون مشاركة ذوي الفضل والدعوة مطلوبة عندئذ؟

بلى، والظاهر أن تلك الوسائل لا يوجد بينها وبين هذه المنتديات كبير فرق.

 

ولعل مما يشهد لأصل هذا القياس ما هو مشهور في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من حضوره مواسم أهل الجاهلية وأسواقهم بهدف الدعوة.

 

فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم بعكاظ ومجنة، وفي المواسم بمنى يقول: (من يؤيدني؟ من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي؟ وله الجنة) رواه أحمد في المسند 3/ 322.

 

وعن ربيعة الديلي قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية في سوق ذي المجاز وهو يقول: (يا أيها الناس قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا) سنده حسن.

 

ومعروف أن عكاظ ومجنة وذا المجاز كانت أسواقاً في الجاهلية يجتمع فيها العرب فيتناشدون ويتفاخرون وقد يتنافرون ويتدابرون.

 

2- ومعروف من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يخالط المشركين واليهود والنصارى بغرض الدعوة، وكان ربما جلس إليه بعض المشركين أو اليهود وتحاورا معه، وقرأ عليهم القرآن.

 

والأدلة على ذلك متواترة:

ومنها ما رواه أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه ارتدف مع النبي صلى الله عليه وسلم على حمار ذاهبين لعيادة سعد بن عبادة وكان مريضاً فمر النبي صلى الله عليه وسلم بمجلس فيه عبد الله بن أبي بن سلول، وفي المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين واليهود، فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم وقف ونزل من دابته، فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن (وذلك في قصة مطولة، أخرجها البخاري في صحيحه في تفسير سورة آل عمران الباب 14).

 

وإذا كانت مخالطة المشركين جائزة مع ما يصاحبها أحيانًا من رد للحق وسخرية منه فإن تقصُّدَ تلك الوسائل (الإعلامية) لاتخاذها منبرًا للجهر بالحق، لا يختلف كثيراً عن مخالطة الكافر ومجادلته، من حيث وجود المخالف، والرأي المغاير في كل.

 

3- عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وألا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف لومة لائم. متفق عليه.

 

فقوله: "حيثما" ظرف مكان، أي: في أي مكان كنا، ورواية مسلم: أينما كنا. وهما بمعنى.

 

قال النووي: قوله: وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف لومة لائم. معناه نأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر في كل زمان ومكان، الكبار والصغار، لا نداهن فيه أحداً ولا نخافه. شرح النووي 12/ 230.

 

فإذا كان مطلوبًا من المسلم أن يقول كلمة الحق أينما كان فإن من جملة ظرف المكان وسائل الإعلام والاتصال أينما كانت.

 

4- وإذا احتكمنا إلى قاعدة المصالح والمفاسد، فإن الإسهام والمشاركة في هذه الوسائل تفوق مصالحه على مفاسده بدرجة واضحة، وذلك من وجوه:

أ- أن جمهور هذه الوسائل المتلقين لها لا يكاد يحصى سواء من المسلمين أو غيرهم، من ذكور وإناث، ومن مختلف المستويات الثقافية، ولقد يسمع بعضهم كلمة حق فيصغي لها، ويتأثر بها فهي إذن فرصة سانحة للتبليغ.

 

ب- وليس كل هذا الجمهور سيئًا، أو عزوفًا عن سماع الحق، بل لأن هذه الوسائل قد دخلت معظم البيوت، وفرضت نفسها على الناس، ووجد فيها أكثر الناس كل أسباب الدعاية والترويج، فانساقوا معها، ولو وجدت وسائل إصلاح نشطة وقوية لفعلت الفعل نفسه.

 

ج- وإذا كان يوجد شيء من وسائل الإصلاح في بعض بلاد المسلمين فإنه لم تجتمع فيه مقومات الجاذبية والتأثير، ولذلك يبقى أصحابها بها محدودي العدد.

 

أما الأكثرية الساحقة فهي مشدودة مع الفضائيات، حتى ربما استوحش بعضهم من تلك الوسائل الإصلاحية باعتبارها تخاطب المتدينين، وهو لا يعد نفسه منهم.

 

والظاهر أن مسؤولية التبليغ المناطة بأهل العلم والفكر تقتضي سلوك كل طريق ممكن ومتاح؛ لتبليغ الدعوة لأولئك الأجناس من البشر للخروج من التبعة. (ينظر الموسوعة الفقهية 20/ 332).

 

موازنة:

من خلال هذا العرض تبرز الوجهتان في كفتين متقاربتين.

وإن كانت الوجهة الثانية تبدو راجحة في ضوء الاعتبارات المذكورة، والتي يصعب إلغاؤها، أو التقليل من شأنها.

وأما أدلة المنع فهي محل نظر.

 

فقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ﴾ [الأنعام: 68].

 

يمكن أن يقال: إن بإمكان داعي الحق أن يقوم بعمله دون أن يصاحب ذلك شيء من المحظورات كالاستهزاء أو الغناء أو الموسيقى، أو الإعلانات التجارية غير المشروعة.

 

وإذا تحقق ذلك لم يكن خوض ثَمَّ، فلا محذور إذن، وبمثل هذا يجاب أيضاً عن حديث ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس... الخ).

 

وأما قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ﴾ [الفرقان: 72].

 

فإن تلك الوسائل في ذاتها ليست من الزور؛ لأنها وسائل خير وشر، ويمكن أن يخصص جزء من الوقت للإصلاح لا يصاحبه زور.

 

وأما القول بأن مشاركة أهل العلم والفضل تصفي الشرعية على الفضائيات فهو محل تأمل.

 

وربما اختلف ذلك بحسب الأشخاص والأحوال.

 

وإذا انتهينا إلى ترجيح القول الثاني للاعتبارات المذكورة فإنه لا بد من بعض القيود والشروط هنا.

 

ومن أهمها في نظري:

1- أن يكون ظرف الزمان والمكان والحال مناسباً لدعوة الحق، بحيث يخلو من المحظورات الشرعية البين حظرها كالمعازف، ووجود النساء المتبرجات، والدعايات التجارية الماجنة، والترويج للدين الباطل... وما أشبه ذلك.

 

2- أن يغلب على ظن الداعي أو ا لعالم رجحان جدوى المشاركة، وذلك بحسب القرائن والملابسات، كأن يلمس من القائمين على القنوات الرغبة في نشر الفضيلة، أو يرى منهم عدم قناعة في برامجهم وأنهم يسعون إلى التجديد، أو يرى في مشاركته تطويراً في الأداء الإعلامي الهابط وتحسين صورته لدى المتلقي... وهكذا.

 

3- أن يكون المشارك ذا أهلية ومقدرة، سواء في شخصيته، أو علميته.

أما الضعيف فلا ينبغي له أن ينبري للمشاركة، وبخاصة إذا كانت المشاركة حوارًا مع خصوم الإسلام؛ لأن ضعفه يضعف الحق الذي يدعو إليه، فينسب ذلك إلى الإسلام.

 

وعلى هذا فليس الأمر جائزًا بإطلاق، كما أنه ليس ممنوعًا بإطلاق.

 

ولكني أناشد كل مسلم غيور ألا يبالغ في تصخيم المعوقات في طريق فعل الخير، وأذكره بكلام للإمام ابن تيمية، ذكره في كتاب الحسبة في مقام أقسام الناس تجاه فعل الخير يقول: "وأقوام ينكلون عن الأمر (بالمعروف) والنهي (عن المنكر) والقتال الذي يكون به الدين لله، وتكون كلمة الله هي العليا لئلا يفتنوا وهم سقطوا في ا لفتنة... وهذه حال كثير من المتدينين يتركون ما يجب عليهم من أمر ونهي وجهاد يكون به الدين كله لله، وتكون كلمة الله هي العليا؛ لئلا يفتنوا بجنس الشهوات، وهم قد وقعوا في الفتنة التي هي أعظم مما زعموا أنهم فروا منه، وإنما الواجب عليهم القيام بالواجب وترك المحظور وهما متلازمان".

 

هذا مبلغ علمي، وفوق كل ذي علم عليم، وإذا كان ثم نقص أو خطأ فأملي في القراء أن يسددوا الخطأ، ويسدوا النقص.

 

والله ولي التوفيق.

 

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Web/triqi/10946/31529/#ixzz1m59yxsTy
 

 

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك