تنبيه المسلمين العوام إلى ما عند الإثني عشرية من طوام

تنبيه المسلمين العوام
إلى ما عند
الإثني عشرية من طوام

جمع وترتيب
سعد بن مبارك الدوسري

قرأ أصل هذا البحث وأثنى عليه بعض مشائخنا وهم :

1ـ شيخي أحمد بن محمد الصقعوب ، وأقترح علي طباعته . [ عضو في الدعوة والإرشاد في القصيم ]
2ـ شيخي عثمان الخميس .
3ـ الشيخ أحمد القاضي . [مدرس في جامعة القصيم ـ قسم العقيدة ]
4ـ شيخي صالح المحسن .[ مدرس في جامعة القصيم ـ قسم العقيدة ]
وقرأ هذا البحث بصورته الحاليه شيخي ممدوح الحربي وأوصاني بطباعته .

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمــة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله  .
[يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا] .
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ] .
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا] .
أما بعد :
" فالخلطة شأنها كبير في التأثير على أخلاق الناس المختلط بهم ،وعاداتهم ، وعقائدهم ، ولاأقول ان الانسان يتأثر بما يخالطه من البشر ، بل انه يتأثر حتى بالبهائم اذا خالطها ، ويقتبس شيئاً من طباعها ، فالغلظة في أهل الابل ، والغنم فيها السكينة ، ولم يُبعث نبي قط الا كان راعياً للغنم .
ومن اجل هذا قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ : (( ان النفوس تتأسى بما تشاهده من أحوال أبناء الجنس )) .
واذا كانت النفوس تتأسى بما تشاهده من أحوال أبناء الجنس ؛ فان هذا المؤثر يزداد مع رؤية النظراء والأقران " .
" ومن أجل تأثير الخلطة جاء الشرع بالحمية من خلطة أهل البدع ، وأهل الفساد ، قال تعالى : { وقد نزل عليكم في الكتاب أن اذا سمعتم ءايات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره انكم اذا مثلهم } .
وقال : { واذا رأيت الذين يخوضون في ءايتنا فأعرض عنهم } .
وضرب النبي  مثلاً لما يصيب جليس السوء من صاحبه : ( ونافخ الكير اما أن يحرق ثيابك واما أن تجد منه ريحاً خبيثة ) .
والشخص اذا جالس أهل البدع سرق من أخلاقهم ؛ لأن الطبع لص ، وأورثته مجالستهم التزام أصول وطرائفهم في الاستدلال والتقرير ، حتى يصير بعد ذلك واحداً منهم .
قال الامام بندران بن الحسين ـ رحمه الله ـ : (( صحبة أهل البدع تورث الاعراض عن الحق )) .
وقال امام دار الهجرة مالك ـ رحمه الله ـ : (( الدنو من الباطل هلكة ، والقول في الباطل يصد عن الحق )) .
وقال الامام الفضيل بن عياض ـ رحمه الله ـ : (( من جالس صاحب بدعة لم يعط الحكمة ))
وقال العلامة شمس الدين ابن القيم ـ رحمه الله ـ : (( ان العبد اذا اعتاد سماع الباطل وقبوله أكسبه ذلك تحريفاً للحق عن مواضعه )) .
فحذار ثم حذار من مجالسة أهل البدع ، فان مجالستهم تمرض القلب ، لما يرد على القلب من سماع أهوائهم المبتدعة وشبهاتهم المظلة ، وهكذا يخبو نور الايمان من القلب بعد أن كان مشرقاً بنور الكتاب والسنة ، مصوناً محمياً عما يضعفه ويمرضه من الأهواء ."
سبب كتابة البحث :
إن مما دفعني إلى كتابة هذا البحث الصغير في حجمه ومضمونة مع وجود من كتب في ذلك من الأئمة الكبار والعلماء الأجلاء في القديم والحديث وتصديهم لأهل البدع والأهواء وهذه الأسباب هي ثلاثة أسباب:
1 – إبراءاً للذمة أمام الله عزوجل .
2 – نصحاً للمسلمين من كيد هؤلاء الروافض .
3 – وجود كثير من عوام أهل السنة من اغتر بهم بل ويثني عليهم بل والله يفضلهم على كثير من أهل السنة .
طريقة البحث :
يقوم هذا البحث على عرض لعقيدة أهل السنة والجماعة أولاً في موضوع ما ثم عقيدة الرافضة في ذلك، فمثلاً أعرض عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن ثم آتي بعقيدة القوم في ذلك وهكذا دواليك.
• ـ ولقد تناول هذا البحث ثمان عقائد هي من أبرز وأهم عقائد الرافضة في وجهة نظري القاصره وهي كالتالي :
1 – القرآن الكريم .
2 – التوحيد .
3 – الصحابة .
4 – أمهات المؤمنين رضي الله عنهن .
5 – الإمامة .
6 – المهدي .
7 – البداء .
8 – التقية .
وقبل أن أخوض في هذه العقائد بدأت بتنبيه ثم قدمت بست مقدمات وفي نهاية البحث ختمت بمطلبين مهمين ثم الخاتمة، وقد أسميت هذا البحث بـ(تنبيه المسلمين العوام إلى ما عند الإثنا عشرية من طوام ) .
والله أسأل أن يوفقنا وأن يعيننا على إتمام هذا البحث وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وكتبه
سعد بن مبارك الدوسري

تنبيه

[ ٳن لفظ الشيعه إذا أطلق اليوم ﻓﺈنه لا ينصرف ٳلا ٳلى طائفة الاثناعشريه " ".
وذلك لأن الأثنى عشريه هم غالبية الشيعه اليوم في إيران والعراق وسوريا ولبنان ودول الخليج وغير ذلك من الأماكن ، ولأن مصادرهم في الحديث والروايه قد أستوعبت معظم أراء الفرق الشيعيه التي خرجت في فترات التاريخ ... الخ ] " "

المقدمة الأولى : لماذا سموا أهل السنة والجماعة بهذا؟؟
" سمي أهل السنة بذلك لأنهم الآخذون بسنة رسول الله  العالمون بها العاملون بمقتضاها والمتمثلون لقول الرسول  : (عليكم بسنتي) فالسنة : هي ما تلقاه الصحابة رضي الله عنهم عن رسول الله  من الشرع والدين والهدي الظاهر والباطن وتلقاه عنهم التابعون ثم تابعوهم ثم أئمة الهدى العلماء العدول المقتدون بهم ومن سلك طريقهم إلى يوم الدين، ومن هنا صار أهل الحق المتبعون للسنة أهل السنة فهم الجديرون بذلك على الحقيقة.
أما تسميتهم بالجماعة فلأنهم اجتمعوا على الحق وأخذوا به واقتفوا أثر جماعة المسلمين المتمسكين بالسنة من الصحابة والتابعين وأتباعهم ولأنهم أجمعوا على الحق وعلى أتباع الجماعة وأهل السنة والحق ولأنهم دائما بحمد الله يجتمعون على أئمتهم ويجتمعون على الجهاد وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويجتمعون على السنة والإتباع وترك الابتداع والأهواء والفرق فهم الجماعة التي عناها رسول الله  ووصفها وأمر بالأخذ بها ) ( ).
المقدمة الثانية: لماذا سموا الإثنا عشرية بهذا وبالرافضة ؟
سموا بالإثنا عشرية لقولهم بإثنا عشر إماما من نسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
وسموا بالرافضة لرفضهم زيد بن علي بن الحسين عندما لم يتبرأ من الشيخين، قال شيخ الإسلام : " لكن لفظ الرافضة إنما ظهر لما رفضوا زيد بن علي بن الحسين في خلافة هشام " ( ) .
المقدمة الثالثة : متى ظهر مذهب أهل السنة والجماعة ؟
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "مذهب أهل السنة والجماعة مذهب قديم معروف قبل أن يخلق الله أبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد فإنه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم  ومن خالف ذلك كان مبتدعاً عند أهل السنة والجماعة " ( ) .
المقدمة الرابعة : متى ظهر مذهب الرافضة ؟
" .. وفي الجملة إن المذهب الشيعي ليس له وقت يحدده ويحدد نشأته، إذ أخذ يتطور شيئاً فشيئاً حتى صار ماهو عليه الآن، وإن أول من بدأ بوضع عقائد الشيعة هو عبد الله بن سبأ اليهودي كما يذكر النوبختي في كتابه المعتبر عندهم [ فرق الشيعة ] حيث يقول: ( وحكى جماعة من أهل العلم من أصحاب علي – عليه السلام – وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى عليه السلام بهذه المقالة فقال في إسلامه بعد وفاة النبي  في علي عليه السلام بمثل ذلك، وهو أول من شهر القول بفرض إمامة علي عليه السلام، وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه، من هناك قال من خالف الشيعة أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية ) ( ) " .

المقدمة الخامسة : ماهي مصادر التلقي عند أهل السنة والجماعة ؟
قال شيخنا وليد السعيدان : { إن أمور الاعتقاد ومسائله لا تساق إلا من كتاب الله جل وعلا وما صح من سنة نبيه  ، فإنهما المعين الصافي الذي لا شوب فيه ولا كدر ، فأهل السنة والجماعة ، بل المسلمون على وجه العموم لا يأخذون معتقدهم إلا من الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة  ، وليس لهم إلا هذان الأصلان العظيمان ، وفيهما الهداية والكفاية لمن أراد الله هدايته ، فعن [ امنا ] عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله  : (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) متفق عليه ، ولمسلم : (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) .
وعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله  : (( أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد  وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة )) رواه مسلم .
وعن العرباض بن سارية  قال : صلى بنا رسول الله  ذات يومٍ ثم أقبل علينا بوجهه فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال رجل : يا رسول الله كأنها موعظة مودعٍ فأوصنا ، فقال : (( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبدًا حبشيًا فإنه من يعش منكم فسيري اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه بسندٍ صحيح .
وعن ابن مسعودٍ  قال : خط لنا رسول الله  خطًا ثم قال : (( هذا سبيل الله )) ، ثم خط خطوطًا عن يمينه وشماله وقال : (( هذه سبل وعلى كل سبيل شيطان يدعو إليه )) وقرأ :  وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله  رواه أحمد والنسائي بسندٍ حسن وصححه الحاكم .
وعن عبدالله بن عمرو  قال : قال رسول الله  : (( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به )) وفي سنده ضعف .
وعن أبي موسى  قال : قال رسول الله  : (( إن مثل ما بعثني الله من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا فكان منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت العشب والكلأ الكثير ، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأً فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني به فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به )) متفق عليه .
وقال - عليه الصلاة والسلام - : (( تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنة نبيه )) .
وعلى ما دلت عليه هذه النقول انعقد إجماع أهل السنة والجماعة ، فقال عبدالله بن مسعود : ( اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ) ، وقال  : ( إنا نقتدي ولا نبتدي ونتبع ولا نبتدع ولن نضل ما تمسكنا بالأثر ) .
وقال محمد بن سيرين - رحمه الله تعالى - : ( كانوا - أي السلف - يرون أنهم على الطريق ما كانوا على الأثر ) .
وقال شاذ بن يحيى - رحمه الله تعالى - : ( ليس طريق أقصد إلى الجنة من طريق من سلك الآثار ) .
وقال جمع من الصحابة والسلف - رحمهم الله تعالى - : ( الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة ) .
وقال ابن عمر  : ( كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة ) .
وقال عبدالله بن الديلمي - رحمه الله تعالى - : ( إن أول ذهاب الدين ترك السنة يذهب الدين سنة سنة كما يذهب الحبل قوة قوة ) .
والنقول وكلام السلف في ذلك كثير ، وإنما المقصود الإشارة ، فهذه النقول الصحيحة الصريحة تفيدك إفادة قطعية أنه يجب الاعتصام بالكتاب والسنة وأن لا يؤخذ المعتقد إلا منهما ، جعلنا الله وإياك من المتبعين لهما باطنًا وظاهرًا ، والله أعلم } .

المقدمة السادسة : ماهي مصادر التلقي عند الرافضة ؟
إن الرافضة لا يرون حجية القرآن والسنة ، وذلك كالتالي:
أولاً : القرآن الكريم : فهم لا يرون حجيته لأمور منها :
1 – أنه ليس تام بل قد حرف وزيد فيه وأنقص بل ذكر الاتفاق على ذلك المفيد في كتابه أوائل المقالات .

2 – أنه ليس بحجة إلا بقيم يروي الكليني في أصول الكافي: "... أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم ... فأشهد أن عليا عليه السلام كان قيم القرآن، وكانت طاعته مفترضة وكان الحجة على الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله " .
ثانياً : السنة المطهرة : " يذكر بعض علماء السنة أن الشيعة وبعض الفرق الأخرى رفضوا الأخذ بسنة رسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وذلك لتكفيرهم الصحابة رواة الأخبار ( ) . ولكن جاءت بعض الأخبار في كتب الشيعة لتنفي ذلك بقولهم إن الأئمة قالوا: (كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف )( ) .
ولكن الناظر في كتب الشيعة والمدقق لها يجد روايات أخرى كثيرة تخالف ما قرروه سابقاً ، بل إنك لتعجب من مخالفتهم لما قرره علماء الإسلام في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - الأصل الثاني من أصول التلقي المفسر لكتاب الله الشارح له - على مدى قرون طويلة .
وسوف نعرض لشيء من هذه المخالفة على وجه الإيجاز، وإلا فبسطه يطول جداً .
1 - وأول شيء تطالعنا به كتبهم أن اتصال السند إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أحاديثهم ليست لازمة في صحة النقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بل يكفي أن يروى الحديث عن أحد من الأئمة الاثني عشر الذين يعتقدون عصمتهم ، فيُعلم بذلك صحته ونسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ بل عندهم أن الإمام المعصوم إذا حدث بحديث يجوز لك أن تقول : قال الله !! .
يقول عبد الله فياض - أحد الشيوخ المعاصرين - : (إن الاعتقاد بعصمة الأئمة جعل الأحاديث التي تصدر عنهم صحيحة دون أن يشترطوا إيصال سندها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما هو الحال عند أهل السنة ) ( ) . ويصف مُحَمّد رضا المظفر ذلك بأنه (استمرار للنبوة) ( ) .
ويقول المازندراني شارح «الكافي» : (يجوز من سمع حديثاً عن أبي عبد الله  أن يرويه عن أبيه ، أوعن أحد من أجداده ، بل يجوز أن يقول : قال الله تعالى !!) ( ) .
وبهذا يُنسف كل ما قرره علماء الحديث وغيرهم لثبوت صحة الحديث المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من اتصال السند وعدالة رواته ، وموافقته للأصول العامة في متنه ، وعدم غرابته ونكارته ، وعدم مخالفته للقرآن والأحاديث الصحيحة الأخرى ... إلخ . كل هذا يُنسف برواية عن إمامهم المعصوم ! هذا إن صح عنه وهو لا يصح فهؤلاء الأئمة الذين ينتسبون إليهم أجل من يقولوا ما يرون عنهم في كتب القوم. ليس لها زمام ولا خطام .
وإن اعتقادهم هذا يفتح باب الكذب على الله جل وعلا وعلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، نسأل الله العافية ، وفي هذا يقول مُحَمّد تقي الحكيم : ( وألحق الشيعة الإمامية كل ما يصدر عن أئمتهم الاثني عشر من قول أو فعل أو تقرير بالسنة الشريفة ) ( ) .
ومن هذا ومما سبق يتضح أن الشيعة الإمامية جعلت كلام أئمتها حجة واجبة الاتباع من طريقين :
الأول: كونها سنة معتبرة كسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وسنة النبي طريقها الوحي .
والثاني : أنهم يأخذون علمهم من الأئمة المعصومين قبلهم . وبهذا فإن الشيعة لا مناص لها ولا محيد من الأخذ بما يقوله أئمتهم وقبوله على وجه الإذعان والتسليم حتى ولو خالف النصوص القرآنية أوالأحاديث الصريحة الصحيحة ، أو خالف إجماع المسلمين .
3 - طرق تلقي العلم عند الأئمة يكاد يضاهي بل ضاهى ما يحصل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند تلقيه للوحي من ربه . ويبين هذا رواية في «الكافي» عن موسى بن جعفر قال - كما يزعمون - : (مبلغ علمنا على ثلاثة وجوه : ماض ، وغابر ، وحادث . فأما الماضي فمفّسر ، وأما الغابر فمزبور ، وأما الحادث فقذف في القلوب ونقر في الأسماع وهو أفضل علمنا ولا نبي بعد نبينا) ( ) .
فهم يعنون بالماضي المفسر هو ما حدث به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وأما الغابر المزبور : فهو ما كتبه علي بن أبي طالب رضي الله عنه بيده إملاءً من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو من الملائكة مثل الجامعة . وأما الحادث : فهو علمٌ يحدث لأئمتهم المعصومين من الله مباشرة بلا واسطة ملك ، ثم هذا الحادث متنوع فهو إما قذف في القلوب فيحدث العلم في قلب الإمام المعصوم بمجرد القذف ، وإما نقر في الأسماع حيث يحدثه الملك بما كان أو يكون أو نحو ذلك .
ثم قال : (وهو أفضل علمنا ولا نبي بعد نبينا) . وهذه الجملة الأخيرة تناقض ما ذُكر قبل ، وبيانه : أن النبي بشر كسائر الناس إلا أن الله اصطفاه وخصه بالرسالة وبالوحي لتبليغ شرع الله ودينه إلى الناس . قال تعالى آمراً نبيه أن يقول : ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ﴾ .
ولكن ما يحدث للأئمة المعصومين عند الشيعة الإمامية من تلقي الوحي والنكت في الأسماع والقذف في القلوب ، لهو من خصائص النبوة والرسالة التي لا تكون لأحد غيرالأنبياء والرسل ، وبهذا يظهر أن الذي وضع هذه الرواية لم يُحسن سبكها ! .
4 - اعتقاد أن هناك علماً ووحياً إلهياً مودعاً عند الأئمة المعصومين . ولا يظهر إلا عند الحاجة إليه . يقول شيخهم مُحَمّد بن حسين آل كاشف الغطاء - وهو من المعاصرين - : (أن حكمة التدريج اقتضت بيان جملة من الأحكام وكتمان جملة ، ولكنه - سلام الله عليه ـ أودعها عند أوصيائه : كل وصي يعهد به إلى الآخر لينشرها في الوقت المناسب لها حسب الحكمة من عام مخصص ، أومطلق أو مقيد ، أو مجمل مبين ، إلى أمثال ذلك . فقد يذكر النبي عاماً ويذكر مخصصه بعد برهة من حياته ، وقد لا يذكره أصلاً بل يودعه عند وصيه إلى وقته ) ( ) .
ويقول شيخهم بحر العلوم - وهو معاصر أيضاً - : ( لما كان الكتاب العزيز متكفلاً بالقواعد العامة دون الدخول في تفصيلاتها ، احتاجوا إلى سنة النبي ... والسنة لم يكمل بها التشريع ! ، لأن كثيراً من الحوادث المستجدة لم تكن على عهده صلى الله عليه وآله وسلم ، احتاج أن يدخر علمها عند أوصيائه ليؤدوها عنه في أوقاتها ) ( ) .
وذهب إلى مثل ذلك آيتهم العظمى شهاب الدين النجفي في تعليقه على إحقاق الحق( ).
وللرد على كاشف الغطاء وبحر العلوم وشيعتهما نقول : نعم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم جاءا بالقواعد العامة والضوابط والأصول ولم يدخلا في كل جزئية إذ هذا متعذر ويصعب حفظه وضبطه - إلا ما دعت الحاجة إلى تفصيله - ، وهذا من عظمة التشريع وحكمة الباري إذ جعل قواعد وأصولا تُرد إليها الجزئيات والتفصيلات الدقيقة في كل ما يستجد للناس من أحوال ، ولو أن الشريعة جاءت بتفصيلات فقط لوقعنا في حرج عظيم الآن لما يحصل من مستجدات ونوازل يحتاج معها إلى حكم يوافق الشرع . وقوله إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ادخر هذا العلم عند الأوصياء فنقول له : ﴿ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ ... ولن تجد ذلك أبداً إلا في رواياتهم عن أئمتهم .
وقد سبق الكلام على ما تزعمه الشيعة من وجود علم لا يعلمه إلا آل البيت مما جعل أبا جحيفة يسأل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن ذلك ، فعن أبي جحيفة قال: (سألت علياً : هل عندكم شيء ليس في القرآن ؟ فقال : لا ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، ما عندنا إلا ما في القرآن ، إلا فهما يعطيه الله الرجل في كتابه ... الحديث) والحديث مخرج في البخاري( ) .
5 - بقي أن يقال ما موقف الشيعة الإمامية من السنة التي بين أيدينا ، مع أنهم يستشهدون بها أحيانا في كتبهم . والجواب عن ذلك أن يقال : هم يستشهدون بها في كتبهم لإقناعنا بطروحاتهم وأفكارهم ، ليس إلا ، وإلا فهل يعقل أن يؤخذ الحديث عن كافر ؟ لأنهم يعدون جل الصحابة كفاراً قد ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم . ولهذا فهم لا يذكرون الأحاديث التي تُظهر بطلان عقيدتهم وإن ذكروها أولوها وبدلوا في معناها "

المبحث الأول : القرآن الكريم
أولاً : أهل السنة والجماعة :
قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ عن القرآن : " وهو كتاب الله المبين وحبله المتين وصراطه المستقيم وتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين بلسان عربي مبين ، منزل غير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود ، وهو سور محكمات وآيات بينات وحروف وكلمات من قرأه فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات ، له أول وآخر وأجزاء وأبعاض ، متلو بالألسنة محفوظ في الصدور ، مسموع بالآذان مكتوب في المصاحف ، فيه محكم ومتشابه ، وناسخ ومنسوخ ، وخاص وعام ، وأمر ونهي { لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } ، وقوله تعالى : { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } " .
والقرآن مصون من التحريف والزيادة والنقصان وذلك لحفظ الله له قال تعالى :  إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون  .
ثانياً : الرافضة :
يعتقد الرافضة أن القرآن محرف ومبدل بل أنهم مجمعون على ذلك فقد حكى الإجماع المفيد في كتابه أوائل المقالات حيث قال: " واتفقوا – أي الإمامية – على أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي  " .
وقال في موضع آخر : " إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد  باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان "
وقال نعمة الله الجزائري في كلامه حول القراءات السبع : " إن تسليم تواترها عن الوحي الإلهي، وكون الكل قد نزل به الروح الأمين يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة، بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاماً ومادة وإعراباً، مع أن أصحابنا رضوان الله عليهم قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها " .
بل إن شيخهم النوري الطبرسي ألف كتابا يثبت فيه تحريف القرآن وأسماه [ فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب ] .
يقول النوري الطبرسي : " إن الأخبار الدالة على ذلك تزيد على ألفي حديث، وأدى استفاضتها جماعة كالمفيد والمحقق المادا والعلامة المجلسي وغيرهم " .

المبحث الثاني : التوحيد
أولاً : أهل السنة والجماعة : " أقسام التوحيد عند أهل السنَّة ثلاثة : توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات .
فتوحيد الألوهية: توحيد الله بأفعال العباد، كالدعاء والاستغاثة والاستعاذة والذبح والنذر وغيرها من أنواع العبادة، كلُّها يجب على العباد أن يخصُّوا الله تعالى بها، وأن لا يجعلوا له فيها شريكاً.
وتوحيد الربوبية: هو توحيد الله بأفعاله، كالخلق والرَّزق والإحياء والإماتة والتصرف في الكون، وغير ذلك من أفعال الله التي هو مختصٌّ بها، لا شريك له فيها.
وتوحيد الأسماء والصفات: هو إثبات ما أثبته الله لنفسه وأثبته له رسوله  من الأسماء والصفات على وجه يليق بكمال الله وجلاله ، من غير تمثيل أو تكييف، ومن غير تحريف أو تعطيل.
●ـ وهذا التقسيم لأنواع التوحيد عُرف بالاستقراء من نصوص الكتاب والسنَّة ، ويتَّضح ذلك بأوَّل سورة في القرآن وآخر سورة ؛ فإنَّ كلاًّ منهما مشتملةٌ على أنواع التوحيد الثلاثة.
فأمَّا سورة الفاتحة، فإنَّ الآيةَ الأولى منها، وهي { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } مشتملةٌ على هذه الأنواع، فإنَّ { الْحَمْدُ لِلَّهِ } فيها توحيد الألوهية؛ لأنَّ إضافةَ الحمد إليه من العباد عبادةٌ، وفي { رَبِّ الْعَالَمِينَ } إثباتُ توحيد الربوبيَّة، والعالَمون هم كلُّ مَن سوى الله؛ فإنَّه ليس في الوجود إلاَّ خالق ومخلوق، والله الخالق وكلُّ مَن سواه مخلوق، و(الله) و(الربُّ) اسمان لله .
وقوله: { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } مشتملٌ على توحيد الأسماء والصفات ، و{ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } اسمان من أسماء الله يدلاَّن على صفة من صفات الله، وهي الرحمة، وأسماءُ الله كلُّها مشتقَّةٌ، وليس فيها اسمٌ جامد، وكلُّ اسم من الأسماء يدلُّ على صفة من صفاته.
وقوله: { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } فيه إثبات توحيد الربوبية.
وقوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } فيه إثبات توحيد الألوهية.
وقوله: { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ } فيه إثبات توحيد الألوهية.
وأمَّا سورة الناس فقوله: { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } فيه إثبات أنواع التوحيد الثلاثة؛ فإنَّ الاستعاذة بالله من توحيد الألوهية.
و { بِرَبِّ النَّاسِ } فيه إثبات توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، وهو مثل قول الله عزَّ وجلَّ في أول سورة الفاتحة: { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } .
وقوله: { مَلِكِ النَّاسِ } فيه إثبات الربوبية والأسماء والصفات .
و { إِلَهِ النَّاسِ } فيه إثبات الألوهية والأسماء والصفات . "
ثانياً : الرافضة : فالرافضة قد تخبطوا في توحيد الله ايما تخبط ، وذلك على النحو التالي :
أ – توحيد الربوبية : أما توحيد الربوبية عند الرافضة فقد ضلوا فيه ضلالاً كبيراً فإنهم يعتقدون في أئمتهم ما كان تعتقده بعض الديانات الغابرة من المجوس من إضفاء فكرة النور ومجمل هذه الاعتقاد أن أول مخلوق خلقه الله هو نور الأئمة ومنه فتق جميع من في الكون من مخلوقات علوية وسفلية ثم فوض إليهم أمر مخلوقاته فهم المتصرفون في أمور هذا الكون من إحياء وإماته ورزق وعلم وتصرف .
رووا عن النبي  - زورا وبهتانا – أنه قال : ( إن الله عرف أنواره نفسه ثم فوض إليهم أمره وأباحهم جنته والذي نفسي بيده ما استوجب آدم أن يخلقه الله وينفخ فيه من روحه وأن يتوب عليه ويرده إلى جنته إلا بنبوتي والولاية لعلي والذي نفسي بيده ما أرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض ولا اتخذه خليلا إلا بنبوتي والإقرار لعلي والذي نفسي بيده ما كلم الله موسى تكليما ولا أقام عيسى آية للعالمين إلا بنبوتي ومعرفة علي والذي نفسي بيده ماتنبأ نبي قط إلا بمعرفته والإقرار لنا بالولاية، علي ديان هذه الأمة والشاهد عليها والمتولي لحسابها ... وهو عين الله الناظرة وأذنه السامعة ولسانه الناطق في خلقه ويده المبسوطة على عباده بالرحمة ووجهه في السموات والأرض وجنبه الظاهر اليمين وحبله القوي المتين وعروته الوثقى التي لا انفصام لها وبابه الذي يؤتى منه وبيته الذي من دخله كان آمنا وعلمه على الصراط في بعثه من عرفه نجا إلى الجنة ومن أنكره هوى إلى النار )( ).
وجاء في بعض كتبهم المعتمده أن الإمام علي خطب على منبر الكوفة وكان مما قال : " والله إنّي لديّان الناس يوم الدين، وقسيم الجنة والنار لا يدخلها الداخل إلاّ على أحد قسمي، وانّي الفاروق الأكبر، وإنّ جميع الرسل والملائكة والأرواح خلقوا لخلقنا ، ولقد أعطيت التسع التي لم يسبقني إليها أحد، علّمت فصل الخطاب، وبصرت سبيل الكتاب، وأدخل إلى السبحات، وعلمت علم المنايا والبلايا والقضايا، وبي كمال الدين، وأنا النعمة التي أنعمها الله على خلقه، كلّ ذلك مِن مَنّ الله به عليّ، ومنّا الرقيب على الخلق، ونحن قسم الله وحجّته بين العباد إذ يقول الله {وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالاَْرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} فنحن أهل البيت عصمنا الله من أن نكون فتّانين أو كذّابين أو ساحرين أو زيّافين، فمن كان فيه شيء من هذه الخصال فليس منّا ولا نحن منه، إنّا أهل البيت طهّرنا الله من كلّ نجس، نحن الصادقون إذا نطقنا والعالمون إذا سئلنا، أعطانا الله عشر خصال لم تكن لأحد قبلنا ولا تكون لأحد بعدنا: الحلم والعلم، واللب النبوّة، والشجاعة والسخاوة، والصبر والعفاف والطهارة، فنحن كلمة التقوى وسبيل الهدى والمثل الأعلى والحجة العظمى والعروة الوثقى، والحقّ الذي أقرّ الله به {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} " ( ).
وجاء في أصول الكافي عن أبي بصير قال : " دخلت على أبي جعفر عليه السلام فقلت له فأنتم تقدرون على أن تحيوا الموتى وتبرئوا الأكمه والأبرص؟ قال: (نعم بإذن الله) وكان أبو بصير أعمى فقال له جعفر : (أدن مني) قال فدنوت منه فمسح على وجهي وعلى عيني فأبصرت الشمس والسماء والأرض والبيوت وكل شيء في البلد ثم قال لي : (أتحب أن تكون هكذا ولك ما للناس وعليك ما عليهم يوم القيامة أو تعود كما كنت ولك الجنة خالصاً؟) قلت : أعود كما كنت فمسح على عيني فعدت كما كنت"( ).
ب – توحيد الألوهية : إن الرافضة لم يحافظوا على هذا التوحيد أيضا فلم يفردوا الله بالعبادة بل أشركوا أئمتهم في ذلك فالناظر إلى كتب القوم لا يجد إلا التوجه إلى الأموات وسؤالهم الحاجات ورفع الكربات حتى النصوص التي جاءت تأمر بعبادة الله وحده غيروا معانيها إلى الإيمان بإمامة علي وباقي الأئمة فقد جاء في أصول الكافي وتفسير القمي وبحار الأنوار في قوله تعالى :  ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين  ( ) ، كما يلي ( يعني أن أشركت في الولاية غيره ) وفي ألفاظ متقاربة في التفاسير .
وأن سبب نزول هذه الآية عندهم ( أن الله عز وجل حين أوحى لنبيه  أن يقيم عليا للناس علماً أتى إليه معاذ بن جبل فقال: أشرك في ولايته الأول والثاني حتى يسكن الناس إلى قولك ويصدقوك، فلما أنزل الله عز وجل  يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك  ( ) .
شكا رسول الله  إلى جبريل فقال : إن الناس يكذبوني ولا يقبلون مني فأنزل الله عز وجل :  لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين .
وعن سمعان بن مهران قال : ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى:  فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً  ( ) ، قال: (العمل الصالح) المعرفة بالأئمة ، (ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) التسليم لعلي، لا يشرك معه في الخلافة من ليس ذلك له ولا هو من أهله) ( ) .
وروى المجلسي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: (بنا عرف الله وبنا وحد الله) ( ) .
وقالوا : ( إن دعاء الأنبياء استجيب بالتوسل والاستشفاع بهم صلوات الله عليهم أجمعين ) ( ) .
ج – توحيد الأسماء والصفات : وأما هذا التوحيد لم يسلم من أيدي العباثين ممن ادعى حب آل البيت فإنهم شبهوا وعطلوا أسماء الله وصفاته يقول الرازي : ( اعلم أن اليهود وأكثرهم مشبهة وكان بدء ظهور التشبيه في الإسلام من الروافض مثل بنان بن سمعان الذي كان يثبت لله تعالى الأعضاء والجوارح وهشام بن الحكم وهشام بن سالم الجواليقي ويونس بن عبدالرحمن القمي وأبو جعفر الأحول الذي يدعى شيطان الطاق وهؤلاء رؤساء علماء الروافض) ( ) .
فنجد هشام بن الحكم كما يقول البغدادي : " زعم هشام بن الحكم أن معبوده جسم ذو وجه وأنه طويل عريض عميق وأن طوله مثل عرضه وعرضه مثل عمقه ... " ( ) .
ويقول : " إن هشام بن سالم الجواليقي مع رفضه على مذهب الاماميه مفرط في التجسيم والتشبيه لأنه زعم أن معبوده على صورة الإنسان ولكنه ليس بلحم ولا دم بل هو نور ساطع بياضا وزعم أنه ذو حواس خمس كحواس الإنسان" ( ).
وقال : " أفرط يونس بن عبد الرحمن في باب التشبيه " ( ) .
ربما يقال إن الذين قالوا هذا الكلام ونقلوه هم خصومهم فلا يعتد بكلامهم فنقول للمعترض هذا أقرأ هذه الروايات المعتمدة عندكم على أن هؤلاء قد وقعوا في ذلك :
أولا : عن الصقر بن أبي دلف قال : سألت أبا لحسن علي بن محمد بن موسى الرضا عليه السلام عن التوحيد وقلت له إني أقول بقول هشام بن الحكم ! فغضب عليه السلام .
ثم قال : ما لكم ولقول هشام أنه ليس منا ، من زعم أن الله عز وجل جسم نحن منه براء في الدنيا وفي الآخرة يا ابن أبي دلف إن الجسم محدث والله محدثه ومجسمه ) ( ) .
ثانيا : عن إبراهيم بن محمد الخزار ومحمد بن الحسين قالا : ( دخلنا على أبي الحسن الرضا عليه السلام فحكينا له ما روي أن محمد  رأى ربه في هيئة الشاب الموفق في سن أبناء ثلاثين سنة رجلاه في خضرة ، وقلت : إن هشام بن سالم وصاحب الطاق والميثمي يقولون إنه أجوف إلى السرة والباقي صمد، فخر ساجدا ثم قال : سبحانك ما عرفوك ولا وحدوك فمن أجل ذلك وصفوك ، سبحانك لو عرفوك بما وصفت به نفسك ) ( ) .
وأما نفي الصفات فيقول القمي في كتابه التوحيد : "وكمال معرفة التوحيد نفي الصفات عنه"( ).
وهذا التعطيل للصفات يستلزم منه تعطيل الذات ، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً .

المبحث الثالث :
الصحابة رضي الله عنهم
أولاً : أهل السنة والجماعة :
يعرف أهل السنة والجماعة الصحابي بقولهم : هو من اجتمع بالنبي  مؤمنا به ومات على ذلك وإن تخلل ذلك ردة .
ومن عقيدة اهل السنة والجماعة انهم " يحبون أصحاب رسول الله  ويتولونهم بلا إفراط ولا تفريط وأنهم عدول وثقات وأثبات وأنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم ، ويحفظون ألسنتهم عن الخوض فيما شجر بينهم ، ويتعقدون أنهم في ذلك مجتهدون فالمصيب له أجران والمخطئ له أجر واحد ، وأن غالب المرويات في ذلك كذب موضوع أو ضعيف لا يثبت مثله والصحيح منه هم فيه معذورون ، ويؤمنون بما صحت به الأخبار من فضائلهم ومراتبهم على وجه العموم والخصوص ، وأن المهاجرين أفضل من الأنصار والخلفاء الأربعة أفضل المهاجرين وأن أبا بكر أفضلهم ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمين ، ويؤمنون بأن الله تعالى رضي عنهم ورضوا عنه ، وأن كل من ورد عليه الثناء الجميل فالقرآن فإنه سيموت على ذلك ، وأن لهم من الفضائل والمحاسن المشهورة ما يكون سبباً في مغفرة ما قد يقع من الواحد منهم إن صح ذلك عنه ، وهم أحق الأمة بالشفاعة ومغفرة الزلل ، ولا نقول إلا كما أمرنا به " ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " ، وأن الخلافة بعد موته  للصديق ثم لعمر ثم لعثمان ثم لعلي رضي الله عنهم ، وأن من سبهم أو وقع في أعراضهم بالثلب والتفسيق والتكفير فهو الحقيق بما قال ، ويحبون آل البيت بلا إفراط ولا تفريط ، ويتولون أزواج النبي  ويعتقدون أنهم أمهات المؤمنين في المنزلة والتقدير والتحريم والإعظام لا في المحرمية ، وبأنهن أزواجه في الجنة ، كل ذلك يعتقدونه بلا شك ولا ريب بل يقين راسخ أعظم من رسوخ الجبال الرواسي ، والله أعلم . "
ثانياً : الرافضة :
إن الرافضة يعتقدون بردة الصحابة كلهم إلا نزر قليل لا يتجاوز عدد الأصابع، ويتقربون إلى الله بلعنهم وسبهم وتكفيرهم فعن حمران قال: ( قلت لأبي جعفر عليه السلام ما أقلنا لو أجتمعنا على شاة ما افنيناها! قال: فقال: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ قلت: بلى، قال: المهاجرون والأنصار ذهبوا" وأشار بيده" إلا ثلاثة ) ( ) .
وعن بريدة بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام : ( ارتد الناس بعد النبي  إلا ثلاثة نفر المقداد بن الأسود وأبو ذر وسلمان الفارسي ثم أن الناس عرفوا ولحقوا بعد ) ( ) .
وسبب هذه الردة عندهم أن الصحابة تركوا مبايعة علي رضي الله عنه ، روى الكليني (عن عبدالرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى:  إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى  فلان وفلان وفلان ، أرتدوا عن الإيمان في ترك ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، قلت: قوله تعالى :  ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر  ، قال: نزلت والله فيهما وفي أتباعهما" ( ) .
هذا موقفهم من الصحابة بالعموم ، أما موقفهم من أبي بكر وعمر وعثمان على وجه الخصوص فقد خصومهم بالنصيب الأوفى من اللعن والتكفير .
يقول المجلسي : " وعقيدتنا في التبرؤ : أننا نتبرأ من الأصنام الأربع أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية والنساء الأربع عائشة وحفصة وهند وأم الحكم وعن جميع أشياعهم وأتباعهم وأنهم شر خلق الله على وجه الأرض وأنه لا يتم الإيمان بالله ورسوله والأئمة إلا بعد التبرؤ من أعدائهم " ( ).
ويذكر العياشي في تفسيره "عن أبي جعفر عندما سئل عن أعداء الله؟ قال: الأوثان الأربعة ، قال : قلت من هم؟ قال: أبو الفصيل ورمع ونعثل ومعاوية ومن دان بدينهم فمن عادى هؤلاء فقد عادى أعداء الله" ( ).
وعلق المجلسي على هذه الرواية في البحار قائلا : " وأبو الفصيل أبو بكر لأن الفصيل والبكر متقاربان في المعنى ورمع مقلوب عمر ونعثل هو عثمان"( ).
وروى المجلسي في البحار عن أئمتهم في قوله تعالى :  والليل إذا يغشاها حبتر ودلام غشيا عليه الحق، وعلق المجلسي "حبتر ودلام أبو بكر وعمر"( ).
وقد قال صاحب الأنوار النعمانية ما نصه : " ولا تعجب من هذا الحديث فإنه قد روي في الأخبار الخاصة أن أبا بكر كان يصلي خلف النبي  والصنم معلق في عنقه وسجوده له ... " ( ) .

المبحث الرابع : أمهات المؤمنين رضي الله عنهن
أولاً : أهل السنة والجماعة : لقد بين علماء العربية وأئمة الدين معنى كلمة ال البيت المركبة من المضاف والمضاف إليه بياناً شافياً أوضحوا فيه أن أول من يدخل في هذه الكلمة أزواجه رضي الله عنهن جميعاً .
جاء في لسان العرب لابن منظور: " وأهل المذهب: من يدين به، وأهل الإسلام من يدين به وأهل الأمر ولاته، وأهل البيت سكانه وأهل الرجل: أخص الناس به، وأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه وبناته وصهره أعني علياً عليه السلام، وقيل: نساء النبي صلى الله عليه وسلم ... إلى أن قال: والتأهل: التزوج، والآهل الذي له زوجة وعيال، والعزب الذي لا زوجة له ... وآل الرجل أهله وآل الله ورسوله أولياؤه " .
قال القرطبي رحمه الله تعالى: "والذي يظهر من الآية أنها عامة في جميع أهل البيت من الأزواج وغيرهم وإنما قال: "ويطهركم" لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلياً وحسناً وحسيناً كانوا فيهم وإذا اجتمع المذكر والمؤنث غلب المذكر فاقتضت الآية أن الزوجات من أهل البيت لأن الآية فيهن والمخاطبة لهن يدل عليه سياق الكلام" .

وامهاتنا هن : خديجة بنت خويلد ، وعائشة بنت أَبي بكر ، وحفصة بنت عمر بن الخطاب ، وأُم حبيبة بنت أَبي سفيان ، وأُم سلمة بنت أَبي أُمية بن المغيرة ، وسودة بنت زمعة بن قيس ، وزينب بنت جحش ، وميمونة بنت الحارث ، وجويرية بنت الحارث بن أَبي ضرار ، وصفية بنت حيي بن أَخطب .
قال الموفق ابن قدامة في لمعة الاعتقاد : " ومن السنة : الترضي عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين المطهرات المبرآت من كل سوء ، أفضلهن خديجة بنت خويلد ، وعائشة الصديقة بنت الصديق ، التي برأها الله في كتابه ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ، فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم ."
بل ان من قذف احد امهات المؤمنين فهو كمن قذب امنا عائشة رضي الله عنها ، قال شيخ الاسلام ابن تيمية ـ رحمة الله تعالى ـ : " وأما من سب غير عائشة من أزواجه ففيه قولان:
أحدهما: أنه كساب غيرهن من الصحابة على ما سيأتي.
والثاني: وهو الأصح أن من قذف واحدة من أمهات المؤمنين فهو كقذف عائشة رضي الله عنها وقد تقدم معنى ذلك عن ابن عباس وذلك لأن هذا فيه عار وغضاضة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذى له أعظم من أذاه بنكاحهن بعده وقد تقدم التنبيه على ذلك فيما مضى عند الكلام على قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَه} الآية والأمر فيه ظاهر . "
ثانياً : الرافضة :
إن موقف الرافضة من أمهات المؤمنين لا يختلف عن موقفهم من الصحابة رضوان الله عليهم ، ولقد وجه الرافضة إليهن عدة تهم من أبرزها تهمتان :
التهمة الأولى : أنهن تأمرن على قتله  ، فقد جاء في تفسير البرهان : ( عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تدرون مات النبي  أو قتل؟ إن الله يقول :  أفإن مات أو قتل انقبلتم على أعقابكم  فسم قبل الموت أنهما سقتاه قبل الموت فقلنا أنهما وأبويهما شر من خلق الله " ( ) .
التهمة الثانية : اتهام عائشة رضي الله عنها بالفاحشة ،جاء في تفسير القمي : " والله ما عني بقوله فخانتاهما إلا الفاحشة، وليقمن الحد على فلانة فيما أتت في طريق ... وكان فلان يحبها فلما أرادت أن تخرج إلى ... قال لها فلان : لا يحل لك أن تخرجي من غير محرم ، فزوجت نفسها من فلان " ( ) .
هكذا النص " فلان ، نقاط " وهذا عندما كانت التقية شديدة وعندما ارتفعت التقية أتى البحراني في تفسيره وفكك هذه الرموز فقال : كما جاء في الطبعات القديمة "فلانة عائشة " ، "النقاط البصرة" ، "فلان طلحة" ( ).
قال العياشي : " عن عبد الرحمن بن سالم الأشل عنه عليه السلام ، قال: "التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً" عائشة هي نكثت أيمانها " ( )

المبحث الخامس : الإمامـــة
أولاً : أهل السنة والجماعة : قال الشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق : " 5 ـ وجوب نصب الإمام العام:
الإمامة: ويجب على أهل الحل والعقد اختيار الإمام، وعقد البيعة له، نيابة عن أهل الإسلام لسياسة الدنيا وحراسة الدين، وهو وكيل عن الأمة بعد البيعة، ويحرم غصب الأمة حقها في اختيار الإمام، ومن غلب بالقوة حتى استقر له الأمر في الحكم فهو إمام ويجب عليه أن يقيم فيهم الكتاب والسنة، ويعدل بينهم في الحكم، وينصف في القسم ويوصل الحقوق ويوقع الحدود، ويؤمن السبل، ويحمي البيضة ويجاهد الأعداء" .
6 ـ واجب الأمة نحو الإمام:
"وإذا قام الإمام بحقوق الأمة وجب له حقان الطاعة والنصرة" .
ويحرم الخروج على العدل إجماعاً.. وإن جار حرم الخروج على القول الصحيح.. وفي الحديث: [ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق] .. و[إنما الطاعة في المعروف] فإن كان الإمام عدلاً وجبت طاعته فيما لم يعلم أنه معصية، وإن كان غير عدل فتجب طاعته فيما يعلم أنه طاعة لله ورسوله كالجهاد في سبيل الله ونحوه.
ويجب الخروج إذا كفر إجماعاً إذا تحققت القدرة والاستطاعة، وأمن من وقوع مفسدة أكبر.. قـال الحافظ ابن حجر: "إنه ينعزل بالكفر إجماعاً فيجب على كل مسلم القيام في ذلك فمن قوي على ذلك فله الثواب، ومن داهن فعليه الإثم، ومن عجز وجبت عليه الهجرة" .
ودليلهم قـوله تعالى: {وأولي الأمر منكم} ، والكافر ليس من المسلمين، وقوله صلى الله عليه وسلم: [لا ما أقاموا فيكم الصلاة ].. و[إلا أن تروا كفراً بواحاً] .
وفرض على الأمة أن يكون لها إمام واحد.. قال شيخ الإسلام: "فإذا فرض أن الأمة خرجت عن ذلك لمعصية من بعضها، وعجز من الباقين أو غير ذلك فكان لها عدة أئمة لكان يجب على كل إمام أن يقيم الحدود ويستوفي الحقوق" .
وإن كان إمام عامة والأمة عليه مجتمعة فيجب على كل مسلم اعتقاد إمامته وطاعته. سئل الإمام أحمد عن حديث: [من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية] (رواه أحمد وابن أبي عاصم) فقال: (تدري ما الإمام؟ الإمام الذي يجمع المسلمون عليه كلهم يقول هذا الإمام فهذا معناه) .
وإن لم يكن كذلك فإنما يطاع في حدود دولته وسلطانه وهذا في زمن الفتنة والافتراق.
7 ـ النصح للإمام المسلم:
ويجب على الرعية مناصحة الإمـام وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر بالعلم والحكمة، ويجب الإسرار إليه بالنصيحة فيما لم يظهره من المعاصي وفيما كان ضرره قاصراً عليه، فإن كان معلناً بالمنكر فبحسب المصلحة والمفسدة.
قال النووي في قـول كعب بن عجرة لعبد الرحمن ابن الحكم: "انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعداً ..
قـال النووي: "هذا كلام يتضمن إنكار المنكر والإنكار على ولاة الأمر إذا خالفوا السنة" .
وقد رأى عمارة بن رؤيبة رضي الله عنه بشر بن مروان رافعاً يديه فقال: (قبح الله هاتين اليدين)، وروى مسـلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري: خرجت مخاصراً مروان حتى أتينا المصلى.. فإذا مروان ينازعني يده كأنه يجرني نحو المنبر، وأنا أجره نحو الصـلاة فلما رأيت ذلك منه قلت: أين الابتداء بالصلاة؟ لا يا أبا سعيد قد ترك ما تعلم. قلت: كلا والذي نفسي بيده لا تأتون بخير مما أعلم (ثلاث مرات ثم انصرف) .
قال النووي: "وفيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن كان المنكر عليه والياً وفيه أن الإنكار عليه يكون باليد لمن أَمكنَهُ ولا يجزى عن اليد اللسان مع إمكان اليد" .
وقال في قول أبي سعيد الخدري وقد رأى رجـلاً ينكر على مروان: "فقال أبو سعيد أما هذا فقد قضى ما عليه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان] .
قال النووي: "يحتمل أن أبا سعيد كان حاضراً، ولكنه خاف على نفسه أو غيره حصول فتنة بسبب إنكاره فسقـط عنه الإنكار، ولم يخف ذلك الرجل شيئاً لاعتضاده بظهور عشيرته أو غير ذلك أو أنه خاف وخاطر بنفسه، وذلك جائز في مثل هذا بل مستحب.. وأما قوله صلى الله عليه وسلم (فليغيره) فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة، وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتاب والسنة والإجماع وهو أيضاً من النصيحة التي هي الدين.."
قال العلماء: ولا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأصحاب الولايات، بل ذلك جائز لآحاد المسلمين..
قال إمام الحرمين: "والدليل عليه إجماع المسلمين فإن غير الولاة في الصدر الأول والعصر الذي يليه كانوا يأمرون الولاة بالمعروف وينهونهم عن المنكر مع تقرير المسلمين إياهم" .
قال القاضي عياض: "هذا الحديث أصل في صفة التغيير فحق المغير أن يغيره بكل وجه أمكنه زواله به قولاً كان أو فعلاً فيكسر آلات الباطل بنفسه ويريق المسكر بنفسه أو يأمر من يفعله وينزع الغصوب ويردها إلى أصحابها بنفسه أو بأمره إذا أمكنه، ويرفق في التغيير جهده ولا يسقط الإنكار إذا بلغ الإمام فلم ينكره.." .
قال العلامة حمد بن ناصر بن معمر: "المسألة الأولى في المنكر الذي يجب إنكاره هل يسقط الإنكار إذا بلغ الأمير، أو لا؟ فاعلم أن انكار المنكر يجب بحسب الاستطاعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: [من رأي منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان] .
وحينئذ إذا وقع المنكر وبلغ الأمير فلم يغيره لم يسقط إنكاره بل ينكره بحسب الاستطاعة لكن إن خاف حصول منكر أعظم سقط الإنكار وأنكر بقلبه" .
وقد أنكر شيخ الإسـلام على من يدع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالجهاد في سبيل الله معللاً تركه القيام بالأمر والنهي لما يترتب عليه من أذى بعض الناس والانتقام منهم فينتشر الفساد. وقال: "حتى يستولي الكفار والفجار على الصالحين الأبرار فلا ينظر المصلحة الراجحة في ذلك وقد قال تعالى: {ويسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل} ، يقول سبحانه وإن كان قتل النفـوس فيه شر فالفتنة الحاصلة بالكفر، وظهور أهله أعظم من ذلك فيدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما" .
قال القرطبي في تفسيره: "أجمع المسلمـون فيما ذكر ابن عبدالبر أن المنكر واجب تغييره على كل من قدر عليه وأنه إذا لم يلحقه بتغييره إلا اللـوم الذي لا يتعدى إلى الأذى فإن ذلك لا يجب أن يمنعه من تغييره فإن لم يقدر فبلسانه... ونقل عن ابن العربي أن من رجـا زواله (أي المنكر) وخاف على نفسه من تغييره الضرب، أو القتل جاز له عند أكثر العلماء الاقتحام عند هذا الغرر (الخطر) " .
قال القرطبي: "وهذه الآية تدل على جواز الأمـر بالمعروف والنهي عن المنكر مع خوف القتل وقال تعالى: {وأمر المعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك} (لقمـان:17) وهذا إشارة إلى الإذاية" .
8 ـ إذا عجز الإمام عن بعض الولايات:
ما كان من فروض الكفايات مما هو مناط بالسلطان كالجهاد وغيره من الولايات إذا عجز السلطان عن القيام بها أو شغل عنها وجب على من استطاع القيام بها أن يقوم بها تداركاً لمصلحة الأمة وأداء لما فرض الله عليها..
قال الطحاوي في فوائد قصة جيش مؤتة: "وفي هذا الحديث ما كان من خالد رضي الله عنه بلا تولية لما رأى من الحاجـة إلى ذلك ففي هذا ما قد دل على أن ما حدث من أمور المسلمين مما شغل إمامهم عن التولية عليه أنه جائـز لمن يتولى على القيام بذلك القيام به، بل عليه القيام به، وعلى الناس السمع والطاعة فيه، وقد امتثل ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه في صلاة العيد لما حصر عثمان رضي الله عنه عنها ومنعها فصلى عن الناس" .
لكن يجب أن يراعى في القيام بذلك أن يكون من ذي شوكه عالم بأحكام الشريعة قادر على تحقيق مقاصد الولاية التي عجز عنها السلطان من دون أن يعقب ذلك فساد أعظم من فوات مصلحة الولاية نفسها. "
ثانياً : الرافضة :
يعتقدون بأن الإمامة منصب إلهي يختاره الله بسابق علمه وبأمر النبي  أن يدل عليه ويأمرهم باتباعه فلذلك أمر الله نبيه بأن ينص على علي ثم أحد عشر إماما من ولد علي ظاهرا مشهورا أو غائبا مستورا ولكل إمام أن يعهد بالإمامة إلى من يليه وهي وظائف دينية لا تتم بالانتخاب والاختيار من قبل الناس وإجماعهم وإنما هي تعاليم مقدسة يتلقاها إمام عن نبي أو إمام عن إمام وهو الخليفة والنائب العام المتبع في حفظ نواميس الشريعة وإقامة كيان الملة والحفاظ على قوانينها سواء كانت دينية أو دنيوية .
جاء في الكافي عن أبي جعفر ( بني الإسلام على خمس على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم ينادى بشيء كما نودي بالولاية فأخذ الناس أربع وتركوا هذه – يعني الولاية ) ( ) .
ويعتقدون بأن الإمام معصوم من جميع الرذائل من الطفولة إلى الموت ولا يجوز عليه الخطأ والنسيان والسهو ، يقول كاشف الغطاء : "الإمامة متسلسلة في اثني عشر إمام كل سابق ينص على اللاحق ويشترطون (الشيعة) أن يكون معصوما كالنبي من الخطأ والخطيئة " ( ) .
وقال الصدوق : " اعتقادنا في الأنبياء والرسل والأئمة والملائكة صلوات الله عليهم أنهم معصومون مطهرون من كل دنس، وأنهم لا يذنبون ذنبا " صغيرا " ولا كبيرا "، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ومن نفى عنهم العصمة في شئ من أحوالهم فقد جهلهم، واعتقادنا فيهم أنهم موصوفون بالكمال والتمام والعلم من أوائل امورهم إلى أواخرها، لا يوصفون في شئ من أحوالهم بنقص ولا جهل " .
ويعتقدون أن جاحد الإمامة كجاحد النبوة قال ابن بابوية القمي : "اعتقادنا فيمن جحد إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من بعده أنه كمن جحد نبوة جميع الأنبياء ، واعتقادنا فيمن آمن بأمير المؤمنين وأنكر واحد من بعده من الأئمة أنه بمنزلة من أقر بجميع الأنبياء وجحد نبوة محمد  " ( ) .
ويقول المفيد : " واتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار " .

وهؤلاء الأئمة هم كالآتي :

م اسمه كنيته لقبه ولادته وفاته
1 علي بن أبي طالب أبو الحسن المرتضى ولد قبل البعثة بعشر سنوات استشهد سنة 40
2 الحسن بن علي أبومحمد الزكي 3 50
3 الحسين بن علي أبوعبدالله سيد الشهداء 4 61
4 علي بن الحسين أبو محمد زين العابدين 38 95
5 محمد بن علي أبوجعفر الباقر 57 114
6 جعفر بن محمد أبوعبدالله الصادق 83 148
7 موسى بن جعفر أبو إبراهيم الكاظم 128 183
8 علي بن موسى أبوالحسن الرضا 148 202 أو 203
9 محمد بن علي أبوجعفر الجواد 195 220
10 علي بن محمد أبوالحسن الهادي 212 254
11 الحسن بن علي أبومحمد العسكري 232 260
12 محمد بن الحسن أبوالقاسم المهدي 256 [ على قول عندهم ] غاب غيبة صغرى سنة 260هـ وغيبة كبرى سنة 329هـ إلى أن يظهر آخر الزمان

المبحث السادس : المهــــدي
أولاً : أهل السنة والجماعة : قال الشيخ عبد الله الغفيلي : " من علامات الساعة وأماراتها الكبرى ظهور المهدي الذي يخرج في آخر الزمان ، ويلي أمر هذه الأمة ويجدد لها دينها ، وهو رجل يحكم بالإسلام ويملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا وظلما ، تنعم الأمة في عهده بالخيرات والنعم التي لم تنعم بمثلها قط ، قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - : في زمانه تكون الثمار كثيرة ، والزروع غزيرة ، والمال وافر ، والسلطان قاهر ، والدين قائم ، والعدو راغم ، والخير في أيامه دائم .
وسيكون الكلام عليه في المسائل الآتية :
المسألة الأولى : معنى المهدي :
المهدي : لغة اسم مفعول من : هداه هدى وهديا وهداية ، والهدى : هو الرشاد والدلالة ، يقال : هداه الله للدين هدى ، وهديته الطريق ، وإلى الطريق هداية : أي عرفته .
وقال ابن الأثير : المهدي الذي هداه الله إلى الحق ، وقد استعمل في الأسماء حتى صار كالأسماء الغالبة .
وقد وردت هذه الكلمة في أحاديث عديدة ، منها حديث العرباض بن سارية ، وفيه : « وسنة الخلفاء الراشدين المهديين » .
وقال ابن الأثير : " ويريد بالخلفاء المهديين أبا بكر وعمر وعثمان وعليا رضي الله عنهم أجمعين وإن كان عاما في كل من سار سيرتهم " .
والمراد بالمهدي هنا : هو الذي بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يجيء في آخر الزمان ، ويؤيد الدين ويظهر العدل ، ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية ، ويكون من أهل بيته صلى الله عليه وسلم ، ويخرج في زمنه عيسى عليه السلام ، والدجال .
وقد وردت في شأن المهدي أحاديث كثيرة ما بين صحاح وحسان وضعاف تنجبر وضعاف شديدة الضعف .
وهذه الأحاديث توضح وتخبر عن خروجه في الناس ، وذلك بعد ما يعم الأرض الظلم والفساد والطغيان ؛ فيأتي ويملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت جورا وظلما .
وهو من سلالة النبي صلى الله عليه وسلم ومن أبناء فاطمة - رضي الله عنها - وعلى خده شامة كأنها كوكب دري .
المسألة الثانية : اسمه واسم أبيه ونسبه :
اسم المهدي ( محمد ) ، واسم أبيه ( عبد الله ) .
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلا مني - أو من أهل بيتي - يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض . . . » الحديث .
وفي رواية أخرى : « لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي » .
وفي رواية أخرى : « يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي » ، قال : وقال أبو هريرة : « لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي . . . » .
وأما نسبه : فالروايات الكثيرة تبين لنا أنه من ولد فاطمة البتول ، ابنة النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام - رضي الله عنها - وعن أولادها الطاهرين .
عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « المهدي من عترتي من ولد فاطمة » .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة » .
فهذه الأخبار كلها تؤكد أن المهدي من ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من ولد فاطمة الزهراء ، وهذا ما عليه جماهير الأمة ، فلا يسوغ العدول عنه ولا الالتفات إلى غيره من الأحاديث الضعيفة والموضوعة .
يقول الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في المهدي : وهو محمد بن عبد الله العلوي الفاطمي الحسني رضي الله عنه .
المسألة الثالثة : صفة المهدي :
من صفات المهدي الواردة في السنة ما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : « سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " المهدي مني ، أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت جورا وظلما ، ويملك سبع سنين » .
ومن الأمور الدالة عليه ، أنه يخرج في زمان ساد فيه الجور والظلم ، فيقيم هو بأمر الله العدل والحق ، ويمنع الظلم والجور ، وينشر الله به لواء الخير على الأمة ، حيث يسقيه الله الغيث فتمطر السماء كثيرا لا تدخر شيئا من قطرها ، وتؤتي الأرض أكلها لا تدخر عن الناس شيئا من نباتها ، وتكثر المواشي بسبب الخيرات ، ويفيض المال فيقسمه بين الناس بالسوية . فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « يخرج في آخر أمتي المهدي ، يسقيه الله الغيث ، وتخرج الأرض نباتها ، ويعطي المال صحاحا ، وتكثر الماشية ، وتعظم الأمة ، يعيش سبعا ، أو ثمانيا ، يعني حججا » .
المسألة الرابعة : مكان خروج المهدي وزمانه ومدة مكثه في الأرض :
ليست هناك روايات صحيحة صريحة تدل على مكان خروجه ، أو الزمن الذي يخرج فيه ، ولكن استأنس أهل العلم في بيان ذلك من مفهوم بعض الروايات وإن لم تكن قطعية .
فعن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يقتتل عند كنزكم ثلاثة ، كلهم ابن خليفة ، ثم لا يصير إلى واحد منهم ، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم " . ثم ذكر شيئا لا أحفظه فقال : " فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي » .
قال ابن كثير - رحمه الله - : والمراد بالكنز المذكور في هذا السياق كنز الكعبة ، يقتتل عنده ليأخذه ثلاثة من أولاد الخلفاء ، حتى يكون آخر الزمان فيخرج المهدي ، ويكون ظهوره من بلاد المشرق لا من سرداب سامرا ، كما يزعمه جهلة الرافضة من أنه موجود فيه الآن وهم ينتظرون خروجه في آخر الزمان ، فإن هذا نوع من الهذيان ، وقسط كبير من الخذلان ، شديد من الشيطان ؛ إذ لا دليل على ذلك ، ولا برهان لا من كتاب ولا سنة ولا معقول صحيح ولا استحسان ، إلى أن قال : " ويؤيده بناس من أهل المشرق ينصرونه ويقيمون سلطانه ويشدون أركانه ، وتكون راياتهم سودا أيضا ، وهو زي عليه الوقار ؛ لأن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سوداء يقال له العقاب " إلى أن قال : " والمقصود : أن المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان يكون أصل خروجه وظهوره من ناحية المشرق ، ويبايع له عند البيت كما دل على ذلك نص الأحاديث " .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة فينزل عيسى فيقول أميرهم : تعال صلّ لنا ، فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمراء ، تكرمة الله هذه الأمة » .
وهناك رواية أوردها ابن القيم - رحمه الله - في المنار المنيف حدد فيها اسم الأمير الذي يصلي إماما وأنه المهدي بلفظ : « فيقول أميرهم المهدي : تعال صلّ بنا » . . . إلى آخر الحديث . ثم قال ابن القيم - رحمه الله - بعد أن أورد الحديث : وهذا إسناد جيد .
وعن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث ، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم ، فقلت : يا رسول الله ، فكيف بمن كان كارها ؟ قال : يخسف به معهم ، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته » .
وعن حفصة - رضي الله عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « سيعوذ بهذا البيت - يعني الكعبة - قوم ليست لهم منعة ولا عدد ولا عدة ، يبعث إليهم جيش ، حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم » .
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : « عَبِثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه ، فقلنا : يا رسول الله ، صنعت شيئا في منامك لم تكن تفعله ؟ فقال : " العجب أن ناسا من أمتي يؤمون بالبيت برجل من قريش ، قد لجأ بالبيت ، حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم " ، فقلنا : يا رسول الله ، إن الطريق قد تجمع الناس ، فقال : " نعم ، فيهم المستبصر ، والمجبور ، وابن السبيل يهلكون مهلكا واحدا ، ويصدرون مصادر شتى ، يبعثهم الله عز وجل على نياتهم » .
ففي هذه الروايات الثلاث عن أمهات المؤمنين - رضي الله عنهن - جميعا ، إشارة صريحة للعائذ بالبيت وأنه من قريش ، وأنه يؤيد بنصر الله ، فيهلك الله أعداءه بالخسف .
وقد ورد أيضا في الأحاديث الصحيحة ذكر خليفة يكثر الخير في زمانه حتى إنه يحثو المال حثوا ولا يعده عددا ويعطيه للناس بدون عدد ، ولكن الروايات هنا أيضا لم تحدد اسم هذا الخليفة .
فعن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده » .
وفي رواية : « يكون في آخر أمتي خليفة يحثو المال حثوا » .
وعن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « يكون اختلاف عند موت خليفة ، فيخرج من بني هاشم فيأتي مكة فيستخرجه الناس من بيته بين الركن والمقام ، فيجهز إليه رجل من قريش ، أخواله من كلب ، فيجهز إليه جيش فيهزمهم الله ، فتكون الدائرة عليهم ، فذلك يوم كلب ، الخائب من خاب من غنيمة كلب ، فيستفتح الكنوز ويقسم الأموال ، ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض ، فيعيشون بذلك سبع سنين أو قال : تسعا » .
وفي رواية أبي داود : " . . . « فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة ، فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام ، ويبعث إليه بعث من الشام » . . . " الحديث .
ومن مجمل الروايات السابقة يتبين لنا أن المهدي رجل صالح يخرج في آخر الزمان ، ويأوي إلى مكة هاربا من المدينة ، فيبايع بين الركن والمقام عند الكعبة المشرفة ، فيبعث إليه جيش لقتله فيخسف بهم ، وينصره الله ويؤيده فيحكم بالإسلام ، وينشر العدل بين الناس ، ويعم الرخاء والنعمة بزمانه ، ويلتقي مع نبي الله عيسى عليه السلام فيؤم الأمة وعيسى عليه السلام يصلي خلفه ، ويخرج معه ويساعده على قتل الدجال ، ويعيش سبعا أو تسع سنين ، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون .
المسألة الخامسة : تواتر أحاديث المهدي :
لقد نص على تواتر الأحاديث في المهدي تواترا معنويا عدد من الأئمة والعلماء :
يقول الحافظ أبو الحسن الآبري : " وقد تواترت الأخبار واستفاضت وكثرت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بخروجه ، وأنه من أهل بيته ، وأنه يملك سبع سنين ، وأنه يملأ الأرض عدلا ، وأنه يخرج مع عيسى عليه السلام فيساعده على قتل الدجال بباب لد ، بأرض فلسطين ، وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه "
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : " الأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة رواها أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم " .
ويقول الحافظ ابن كثير : " فصل في ذكر المهدي الذي يكون في آخر الزمان ، وهو أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين ، وليس بالمنتظر الذي تزعم الروافض وترتجي ظهوره من سرداب في سامرا ، فإن ذاك ما لا حقيقة له ولا عين ولا أثر . . . وأما ما سنذكره فقد نطقت به الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه في آخر الدهر ، وأظن ظهوره يكون قبل نزول عيسى ابن مريم كما دلت على ذلك الأحاديث " .
ويقول العلامة محمد السفاريني في المهدي : " وقد كثرت بخروجه - أي المهدي - الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي وشاع ذلك بين علماء السنة ، حتى عد من معتقداتهم " .
ويقول أيضا : " وقد روي عمن ذكر من الصحابة وغير من ذكر منهم رضي الله عنهم بروايات متعددة وعن التابعين من بعدهم ما يفيد بمجموعه العلم القطعي ، فالإيمان بخروج المهدي واجب ، كما هو مقرر عند أهل العلم ، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة " .
ويقول العلامة محمد البرزنجي في كتابه - الإشاعة لأشراط الساعة - : " قد علمت أن أحاديث المهدي وخروجه آخر الزمان وأنه من عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولد فاطمة عليها السلام بلغت حد التواتر المعنوي فلا معنى لإنكارها " .
ويقول العلامة محمد صديق خان بن حسن القنوجي في كتابه - الإذاعة لما كان ويكون بين يدي الساعة - : " الأحاديث الواردة في المهدي على اختلاف روايتها كثيرة جدا تبلغ حد التواتر المعنوي ، وهي في السنن وغيرها من دواوين الإسلام من المعاجم والمسانيد " .
وقال العلامة الشوكاني : " الأحاديث في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثا ، فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر ، وهي متواترة بلا شك وشبهة ، بل يصدق وصف التواتر على ما دونها في جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول ، وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي كثيرة أيضا ، لها حكم الرفع ؛ إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك " .
وقال العلامة محمد بن جعفر الكتاني : " والحاصل أن الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة ، وكذا الواردة في الدجال وفي نزول عيسى ابن مريم عليهما السلام " .
ويقول العلامة أبو الطيب شمس الحق العظيم آبادي : " واعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى بالمهدي ، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على إثره ، وأن عيسى عليه السلام ينزل من بعده فيقتل الدجال ، أو ينزل معه فيساعده على قتله ، ويأتم بالمهدي في صلاته .
وخرج أحاديث المهدي جماعة من الأئمة منهم : أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، والبزار ، والحاكم ، والطبراني ، وأبو يعلى الموصلي ، وأسندوها إلى جماعة من الصحابة مثل : علي ، وابن عباس ، وابن عمر ، وطلحة ، وعبد الله بن مسعود ، وأبي هريرة ، وأنس ، وأبي سعيد الخدري ، وأم حبيبة ، وأم سلمة ، وثوبان ، وقرة بن إياس ، وعلي الهلالي ، وعبد الله بن الحارث بن جزء رضي الله عنهم .
ويقول سماحة العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - ما ملخصه : " أمر المهدي معلوم ، والأحاديث فيه مستفيضة ، بل متواترة متعاضدة ، وقد حكى غير واحد من أهل العلم تواترها ، وتواترها تواتر معنوي ، لكثرة طرقها ، واختلاف مخارجها وصحابتها ورواتها وألفاظها ، فهي بحق تدل على أن هذا الشخص الموعود به أمره ثابت وخروجه حق ، وهو محمد بن عبد الله العلوي الحسني من ذرية الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ، وهذا الإمام من رحمة الله عز وجل بالأمة في آخر الزمان ، يخرج فيقيم العدل والحق ، ويمنع الظلم والجور ، وينشر الله به لواء الخير على الأمة عدلا وهداية وتوفيقا وإرشادا للناس .
وقد اطلعت على كثير من أحاديثه فرأيتها كما قال الشوكاني وغيره ، وكما قال ابن القيم وغيره : فيها الصحيح ، وفيها الحسن ، وفيها الضعيف المنجبر ، وفيها أخبار موضوعة ، ويكفينا من ذلك ما استقام سنده ، سواء كان صحيحا لذاته أو لغيره ، وسواء كان حسنا لذاته أو لغيره ، وهكذا الأحاديث الضعيفة إذا انجبرت وشد بعضها بعضا ، فإنها حجة عند أهل العلم . . . والحق أن جمهور أهل العلم - بل هو كالاتفاق - على ثبوت أمر المهدي ، وأنه حق ، وأنه سيخرج في آخر الزمان ، أما من شذ عن أهل العلم في هذا الباب فلا يلتفت إلى كلامه في ذلك " .
وقد أحصى فضيلة شيخنا الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر - حفظه الله - في كتابه القيم عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر عدد الصحابة الذين رووا أحاديث المهدي فبلغوا ستة وعشرين صحابيا ، كما أحصى عدد الأئمة الذين خرجوا هذه الأحاديث والآثار في كتبهم فبلغوا ستة وثلاثين إماما ، منهم أصحاب السنن الأربعة والإمام أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وغيرهم ، كما ذكر بعض من ألف في شأن المهدي ، والذين حكموا على أحاديث المهدي بالتواتر ، كما ذكر بعض العلماء المحققين الذين احتجوا بأحاديث المهدي واعتقدوا موجبها وهم جمع كبير .
وفي الجملة : فهي رسالة جيدة وقيمة في هذا الموضوع يحسن الرجوع إليها وقراءتها لما اشتملت عليه من فوائد عظيمة . "
ثانياً : الرافضة : ان المهدي عند الرافضة الاثني عشرية يختلف تماماً عن مهدي أهل السنة والجماعة ، فدونك هذه النقاط التي يتبين لك من خلالها الفرق بين مهدينا ومهديهم :
أولا : أسماؤه :
المهدي ، محمد ، القائم ، الغائب ، الصاحب ، الحجة ، الخائف ، الخلف ، أبوصالح ، الناحية المقدسة ، الشريد ، صاحب الكرة البيضاء ، الغوث .
ثانيا : أسم أمه :
1_ قيل انها جارية أسمها سوسن .
2ـ و قيل انها جارية أسمها نرجس .
3ـ وقيل انها جارية أسمها صقيل .
4ـ وقيل انها جارية أسمها مليكة .
5ـ وقيل انها جارية أسمها خمط .
6ـ وقيل انها جارية أسمها حكيمة .
7ـ وقيل انها جارية أسمها ريحانة .
8ـ وقيل انها أمراءة سوداء .
9ـ وقيل هي امراءة حرة اسمها مريم بنت أبي زيد العلوي .
ثالثاً : كيف حملت به أمه :
حملت به في بطنها كما يحمل سائر النساء ، وقيل حملته في جنبها ليس كسائر النساء .
رابعاً : كيف ولدته أمه :
ولدته أمه كسائر النساء ، وقيل ولدته من فخذه على غير عادة النساء .
خامساً : متى ولد المهدي :
قيل انه ولد في الثامن من شهر ذي القعدة سنة 257 ھ ، وقيل سنة 258 ھ ،
وقيل في النصف من شعبان ستة 255 ھ ، وقيل ولد سنة 252 ھ ، وقيل في الثامن من شعبان سنة 256 ھ ، وقيل في النصف من رمضان من غير تحديد السنة .
سادساً : اين يقيم المهدي :
1ـ قيل في المدينة .
2ـ وقيل جبل رضوى .
3 ـ وقيل في مكة بذي طوى ، وقيل في سرداب سامراء .
سابعاً : مدة غيبته :
ولقد اختلفت الروايات هنا كاختلافها في سابقتها من الروايات عنهم في اسمه واسم امه وسنة ولادته وغير ذلك ، وهذه الروايات هي على النحو التالي :
أ ـ جاء في الكافي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : ( تكون له غيبة وحيرة يضل فيها أقوام ويهتدي آخرون ، فلما سُئل كم تكون الحيرة ؟ قال : ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين ) .
ب ـ وجاءت رواية أن مدة غيبته (28 ) سنة ، كما غاب موسى عن قومه .
ج ـ وفي رواية أن مدة غيبته ( 40 ) سنة ، كتيه بني اسرائيل .
ثامناً : مدة ملكه :
أ ـ في رواية أن ملك القائم ( 19 ) سنة .
ب ـ وفي رواية سبع سنين يطول الله له في الأيام والليالي حتى تكون السنة من سنيه مكان عشر سنين فتكون سنوات ملكه ( 70 ) سنة من سنيكم هذه .
ج ـ وفي رواية آخرى ( 40 ) سنة .
د ـ وفي رواية ( 120 ) سنة .
ھ ـ وفي رواية أخرى أن القائم يملك ( 309 ) سنين ، كما لبث أهل الكهف في كهفهم .
• ـ الى غير ذلك من الأختلافات الشديدة في مهديهم ، سواءً في اسمه أو اسم أمه أو في ولادته ، ونحو ذلك ، فلا يملك القارئ الا ان يجزم جزما لا تردد فيه أنه لا مهدي للقوم ، وانما هي أسطورةٌ سطرت عبر التاريخ لأغراض شخصية فيا أيها الرافضي المحترم اعمل عقلك ، واجعله في معزل عن تأثير الأسياد فستفلح باذن الرب جلا وعلا .
ماهي أعمال المهدي اذا خرج ؟؟
ان لمهدي الروافض ـ المزعوم طبعاً ـ أعمالاً عند خروجه منها :
أولاً : وضع السيف في العرب !! :
جاء في بحار الأنوار " عن رفيد مولى ابن هبيرة قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك يا ابن رسول الله يسير القائم بسيرة علي بن أبي طالب في أهل السواد ؟ فقال: لا، يا رفيد إن علي بن أبي طالب سار في أهل السواد بما في الجفر الابيض، وإن القائم يسير في العرب بما في الجفر الاحمر، قال: فقلت: جعلت فداك وما الجفر الاحمر ؟ قال: فأمر أصبعه على خلقه فقال: هكذا يعني الذبح ... " .
وجاء ايضاً في بحار الأنوار : " عن محمد بن عبد الله ابن زرارة، عن الحارث بن المغيرة وذريح المحاربي قالا: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح وأومأ بيده إلى حلقه " .
ثانياً : يهدم المسجد الحرام والمسجد النبوي :
جاء في بحار الأنوار ومستدرك الوسائل : " عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: القائم يهدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه، ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله إلى أساسه ويرد البيت إلى موضعه، وأقامه على أساسه، وقطع أيدي بني شيبة السراق، وعلقها على الكعبة " .
ثالثاً : يقيم حكم أل داود :
فقد بوب الكليني في الكافي باب بعنوان [ باب في الائمة عليهم السلام انهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود وآل داود ] .
ثم ساق رواية عن أبي عبد الله أنه قال : " إذا قام قائم آل محمد عليه السلام حكم بحكم داود وسليمان لا يسأل بينة " .
• ـ فيا أيها الرافضي الكريم ايعقل أن يفعل هذا الفعل مسلم فضلاً عن كونه اماماً من الأئمة ، فتنبه فالأمر والله ثم والله ثم والله خطير جدُ خطير ، اللهم اني بلغت فاشهد .

المبحث السابع : البـــــداء
أولاً : أهل السنة والجماعة :
قال شيخنا ناصر بن عبد الله القفاري : " إذا رجعت إلى اللغة العربية لتعرف معنى البداء تجد أن القاموس يقول: بدا بدوًا وبدوًا وبداءة: ظهر. وبدا له في الأمر بدوًا وبداء وبداة: نشأ له فيه رأي .
فالبداء في اللغة - كما ترى - له معنيان :
الأول: الظهور بعد الخفاء ؛ تقول : بدا سور المدينة أي : ظهر .
والثاني : نشأة الراي الجديد ؛ قال الفراء: بدا لي بداء أي: ظهر لي رأي آخر، وقال الجوهري : بدا له في الأمر بداء أي : نشأ له فيه رأي .
وكلا المعنيين وردا في القرآن ، فمن الأول قوله تعالى: {وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ} .
ومن الثاني قوله: {ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} .
وواضح أن البداء بمعنييه يستلزم سبق الجهل وحدوث العلم وكلاهما محال على الله سبحانه. ونسبته إلى الله سبحانه من أعظم الكفر ... "
ثانياً : الرافضة :
تعتقد الرافضة بهذه العقيدة فعن الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول : " ما بعث الله نبيا إلا بتحريم الخمر وأن يقر له بالبداء"( ).
وعن زرارة بن أعين عن أحدهما عليه السلام قال : " ما عبد الله بشيء مثل البداء " ( ) .
وعن مرازم بن الحكيم قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "ما تنبأ نبي قط حتى يقر لله بخمس : البداء والمشيئة والسجود والعبودية والطاعة"( ).
وعن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : " لو علم الناس ما في القول بالبداء من أجر ما فتروا عن الكلام فيه " ( ) .

المبحث الثامن : التقيـــــــــــة
أولاً : أهل السنة والجماعة :
التقية في اللغة : اسم مصدر من الاتقاء ، بمعنى استقبل الشيء وتوقاه ، يقال : اتقى الرجل الشيء يتقيه ، إذا اتخذ ساتراً يحفظه من ضرره ، قال تعالى : ( فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ) ، ومن ذلك قول النبي ( : (( فليتقِ أحدكم النار ولو بشق تمرة )) ، قال ابن منظور : (( التقاة تعني أن الناس يتقي بعضهم بعضاً ويظهرون الصلح والاتفاق وباطنهم بخلاف ذلك )) ، والتقية والتقاة كلها بمعنى واحد .
أما في الاصطلاح فالتقية عندما تطلق غالباً فيراد منها وقاية الناس بعضهم من بعض لسبب ما ، وأصل هذا جاء من قوله تعالى : ( لاَّ يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ) .
وقد عرّفها ابن القيم ( رحمه الله ) فقال : " التقية أن يقول العبد خلاف ما يعتقده لاتقاء مكروه يقع به لو لم يتكلم بالتقية " .
والعمل بالتقية عند أهل السنة والجماعة من باب الرخصة وليس من باب العزيمة ، قال الامام الجصاص : " وإعطاء التقية إنما هو رخصة من الله تعالى وليس بواجب ، بل ترك التقية أفضل ، قال أصحابنا فيمن أكره على الكفر فلم يفعل حتى قتل : إنه أفضل ممن اظهر " .
بل ان التقية تكون مع الكفار ، قال ابن جرير الطبري : " التقية التي ذكرها الله في هذه الآية إنما هي تقية من الكفار لا من غيرهم " ( ) .
بل إن أهل السنة مجمعون على أن التقية رخصة في حال الضرورة، قال ابن المنذر : " أجمعوا على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل فكفر وقلبه مطمئن بالإيمان أنه لا يحكم عليه بالكفر " ( ) .
ثانياً : الرافضة :
قال المفيد في تعريفه للتقية : " كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه ، ومكاتمة المخالفين وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرراً في الدنيا والدين " .
بل يعتقد الرافضة أن التقية عزيمة تصل إلى درجة الأركان كالصلاة، يقول ابن بابويه القمي : " اعتقادنا في التقية أنها واجبة من تركها بمنزلة من ترك الصلاة" ( ) .
ورووا عن الصادق قوله : " لو قلت أن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا " ( ) .
ورووا أيضا عن الصادق قوله : " إن تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له " ( ).
وفي رواياتهم : " يغفر الله لمؤمن كل ذنب يظهر منه في الدنيا والآخرة ما خلا ذنبين : ترك التقية وتضييع حقوق الإخوان " ( ) .
بل إن التقية تجري في كل الأحوال ومر العصور وإن لم يوجد ما يبرره، ووجوب استعمالها مع الصديق والعدو فعن الصادق عليه السلام أنه قال: "عليكم بالتقية فإنه ليس منا من لم يجعله شعاره وديثاره مع من يأمنه لتكون سجيته مع من يحذره " ( ) .
وهم يحثون أتباعهم على التمسك بالتقية في بلاد المسلمين جاء في رواياتهم : " التقية فريضة واجبة علينا في دولة الظالمين "أي أهل السنة" فمن تركها فقد خالف دين الإمامية وفارقة" ( ) .
وعن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : " من صلى معهم في الصف الأول فكأنما صلى مع رسول الله  في الصف الأول " ( ) .
يقول الشهرستاني : " لذلك أضحت شيعة الأئمة من آل البيت تضطر في كثير من الأحيان إلى كتمان ما تختص به من عادة أو عقيدة أو فتوى أو كتاب أو غير ذلك ... لهذه الغايات النزيهة كانت الشيعة تستعمل التقية وتحافظ على وفاقها في الظواهر مع الطوائف الأخرى متبعة في ذلك سيرة الأئمة من ال محمد  وأحكامهم الصارمة حول وجوب التقية من قبيل "التقية ديني ودين أبائي و"من لاتقية له لا دين له" أذن دين الله يمشي على سنة التقية " ( ) .
مطلـــب ( 1 )
هذا المطلب يبين حقد الرافضة على أهل السنة والجماعة ...
ويتبين ذلك الحقد فيما يلي:
أولاً : أنه تجري عليهم أحكام المسلمين في الظاهر فقط وأنهم من أهل النار، قال زين العابدين بن علي العاملي الملقب بالشهيد الثاني : "إن القائلين بإسلام أهل الخلاف يريدون .. صحة جريان أكثر أحكام المسلمين عليهم في الظاهر لا أنهم مسلمون في نفس الأمر ولذا نقلوا الإجماع على دخولهم النار"( ).
ثانياً : أن أهل السنة كفار أنجاس بالإجماع ، قال الجزائري: " أنهم كفار أنجاس بإجماع شيوخ الشيعة الإمامية وأنهم شر من اليهود والنصارى.." ( ).
ثالثاً : أن أهل السنة أولاد زنا ،فقد جاء عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : " والله إن الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا " ( ) .
رابعاً : وجوب قتل أهل السنة واغتيالهم ، روي عن أبي عبدالله " قلت لأبي عبدالله : ما تقول في قتل الناصب ؟ قال : حلال الدم ، لكني أتقي عليك أن قدرت أن تقلب عليه حائطا أو تغرقه في الماء لكي لا يشهد به عليك فافعل، قلت : فما ترى في ماله؟ قال: خذه ما قدرت) ( ).
خامسا : وجوب الاختلاف معهم ، روى الصدوق عن علي بن أسباط قال : " قلت : للرضا يحدث الأمر لا أجد بدا من معرفته وليس في البلد الذي أنا فيه من أستفتيه من مواليك ؟ فقال: ائت فقيه البلد فاستفته في أمرك فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه إن الحق فيه " ( ) .

مطلـــب ( 2 )
قال أبو عبد الله الأثري :
" قد يقول قائل إنكم قد بالغتم في إظهار عداوة الشيعة لأهل السنة فإنا نجد منهم حسن المعاملة والطيبة والخدمة الحسنة ، فنقول : إنهم يتخذون هذه الطريقة في حالة الضعف وعدم قيام دولة لهم ، لذا نصحهم الخميني بقوله : لا تبعدوا الناس عنكم الواحد تلو الآخر ، لا تكيلوا التهم لهم بالوهابية تارة وبالكفر تارة أخرى ، فمن يبقى حولكم إذا عمدتم إلى ممارسة هذا الأسلوب" .
فهم يتصنعون هذه الأعمال من أجل التمكن وأيضا نشرا لمذهبهم وهذه هي طريقة صانعو الخيام النصارى في نشر النصرانية ، فقد نصح المجلس البريطاني للكنائس هؤلاء الذين يذهبون للعمل في الخليج بألا يتظاهروا بتبشيرهم بالمسيحية لأن معظم الدول الإسلامية لا تسمح بالتبشير في أراضيها ويجب احترام هذا القانون بدقة ، ويكفي بالتبشير من خلال السلوك الفردي المسيحي، والعلاقات الشخصية فهي أفضل طريقة لأداء المهمة ، هل وجدت فرقا ؟!
وقد شهد الإمام الشوكاني – رحمه الله – بذلك وهو ممن عرف الروافض وعاش بينهم فقال : " لا أمانة لرافضي قط على من يخالفه من مذهبه ويدين بغير الرفض ، بل يستحل ماله ودمه عند أدنى فرصة تلوح له ، لأنه عنده مباح الدم والمال ، وكل ما يظهر من المودة فهو تقية يذهب أثره بمجرد إمكان الفرصة .
وقال : " وقد جربنا وجرب قبلنا فلم يجدوا رجلا رافضيا يتنزه عن محرمات الدين كائنا ما كان ، ولا تغتر بالظواهر فإن الرجل قد يترك المعصية في الملأ ، ويكون أعف الناس عنها في الظاهر ، وهو إذا أمكنته فرصة انتهزها انتهاز من لا يخاف نارا ولا يرجو جنة " .
وصدق الشاعر حين قال :
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها عند التقلب في أنيابها العطب " ( ).

الخاتمة
وبعد أخي المسلم ، لعلك الآن اتفقت معي في أن من يدين بهذه النحلة الفاسدة ليس من المسلمين وإن تسمى بالإسلام .
فالواجب عليك الحذر منهم والتحذير من معتقدهم الخبيث المبني على العداء لكل موحد .
فهم يكنون لنا العداء والبغضاء ، ومع هذا نجد المخدوعين بهم من عامة أهل السنة يخالطونهم في أمور حياتهم ويثقون بهم وهذا كله بسبب الإعراض عن دين الله ومعرفة أحكامه التي تأمر المسلم بالعمل بعقيدة الولاء لكل مسلم موحد والبراءة من كل كافر أو مشرك .
نسأل الله أن ينصر دينه وأن يعلي كلمته وأن يخذل الرافضة ومن شايعهم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

وكتبه
سعد بن مبارك الدوسري
المملكة العربية السعودية ـ حفظها الله ـ
المنطقة الشرقية ـ الكهفة
تم في يوم الاثنين
29/2/1428هـ

الأكثر مشاركة في الفيس بوك