الحوار في حياتنا

 

الحوار في حياتنا
بقلم : عبد الستار الاسماعيلي
 

مما لاشك فيه أن النظرة الى مختلف جوانب الحياة تتباين بين الناس وهذا الاختلاف ناشئ من أسباب متعددة فقد
ينظر الإنسان للحياة من خلال معتقده أو دينه أو من خلال البيئة الاجتماعية التي عاش فيها أو نتيجة
انعكاس دراسته وتأثيرها فيه بالإضافة الى العوامل النفسية وتأثير الظروف والتجارب التي يمر بها الإنسان
خلال عمره فلهذه الأسباب مجتمعة أو متفرقة تأثير في نظرة الإنسان وموقفه من مختلف إشكاليات الحياة وفي
تبلور آراءه وأفكاره وبما أن تأثير تلك العوامل مختلف بين مجتمع وأخر فقد اختلفت تبعا لذلك الأفكار والآراء
بين الناس ومما هو معلوم أن أفكار الإنسان وآراءه تنعكس على سلوكه العام وعلى جميع الأنشطة
التي يزاولها في الحياة بما في ذلك علاقة الإنسان بأخيه الإنسان فعلاقة إنسان بآخر قد تتوافق وقد تتباين وقد
تتوافق في بعض الأوجه وتتباين في الأوجه الاخرى0
وإذا كان مما لابد منه اجتماع بني الإنسان للعيش على
هذه الأرض على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم مع تداخل المصالح واحتياج الإنسان لأخيه الإنسان فان مسالة
تقريب وجهات النظر من خلال الحوار تصبح ضرورة من ضرورات الحياة الاجتماعية وكل ما يتصل بها من نواحي متعددة 0
وإذا أردنا أن نتخيل الاحتمالات المتوقعة لإمكانية وجود
حوار بين أي رأيين متعارضين أو موقفين مختلفين فان هذا التخيل يقودنا الى الاحتمالات الآتية :

1-أن يكون الحوار مقطوعا بين الطرفين المتعارضين
لشدة التناقض القائمة بينهما فيلتزم كل طرف برأيه ويتزمت لمذهبه وهذا لا يؤدي الى نتيجة ويظل التنافر
قائما ما زال الحوار معدوما0
2-أن يكون كل طرف أو احد الأطراف يحاور لأجل
الحوار بدوافع مختلفة باختلاف أسبابها كسبا للوقت أو إظهاراً للقدرة على المناظرة والجدل أو لإثبات
وجود المحاور وتأكيد ذاته 00الخ من الأسباب وهذه السفسطة
التي لا طائل من ورائها0
3-الحوار لأجل الانتصار للفكرة سواء كانت ديناً أم
مذهباً أم عقيدة أم أي شكل آخر من أشكال قناعات الإنسان فان هذا الشكل من الحوار لا ينطلق إلا من قناعات
المحاور الذاتية وفلسفته الخاصة ونظرته للأمور والتي
قد لا يؤمن بها الطرف الآخر بينما المطلوب أن ينطلق
المحاور من قناعات مشتركة0
4-الحوار لأجل كشف الحقيقة وهدف المحاور فيه أما للوصول الى الحقيقة عن طريق القناعة التي تتولد عن
المحاورة أو لغرض إيضاح ما التبس على الطرف
الأخر وإفهامه بما غمض عليه من الأمور وهذا النوع من الحوار بالتأكيد يؤدي الى نتيجة مثمرة وهي التقاء
الطرفين على الأقل في نقاط مشتركة بينهما وان لم يلتقيا كليا ولكن باستمرار عملية الحوار بهذه الكيفية
تزداد فرص التلاقي واهم ما يميز الحوار الناجح عن غيره أمور يجب على المحاور أن لا يغفل عنها وهي :
أ‌- انطلاق المحاور من حقائق موضوعية لا مجال للطرف الأخر ألا أن يسلم بها ويقتنع بمضمونها0
ب‌- على كل طرف محاور أن يحترم رأي الطرف الأخر والاستماع أليه بشكل جيد
والتغاضي مؤقتا عن ما يكتنف أطروحاته وآراءه من مؤاخذات ونقاط ضعف حتى إذا أتيح المجال
رد بأسلوب المحاور الفطن دالاً الطرف المقابل على ما في رأيه من إشكالات متسالماً معه
على الحقائق التي لا تقبل الشك متخذا من تلك الحقائق ركيزة الإقناع الطرف المقابل بما لديه
من قناعات0
ج- المحافظة على المناخ الهادئ والإيمان بان الحوار هو مقارعة الفكر ودحض الحجة بالحجة0
د- هنالك بكل تأكيد أمور يعتقد بها كل طرف ويعدها من المُسلمات فد تكون لدى الطرف الأخر ليست
بذات الأهمية والقيمة عند من يعتقدها لذا فان المحاور الناجح يجب أن يتنبه لذلك ولا يخدش معتقدات الطرف الأخر
وإنما يناقش ذلك منطلقا من مسلمات متفق عليها0
هـ- و الأمر الأكثر أهمية من غيره هو فهم وإدراك المحاور لرأيه ومعتقده ولديه أحاطه تمكنه من الإجابة
على أسئلة الطرف المقابل وإلا يكون من خطل الرأي أن يقدم احد على المحاورة بعد لم يدرك فكرته أو رأيه
بالتحديد والأمر الأخر الذي لا يقل أهمية عن سابقه هو الاطلاع على ما لدى الطرف الأخر من أفكار بالإضافة
الى الحضور الذهني لما يراه من تناقض في هذه الافكار0
وعلى ضوء ما تقدم تبرز أهمية الحوار في حياتنا كونه يوفر فرصة لكي تفهم الطرف الأخر وجهة نظرك وتدله
في نفس الوقت على نقاط الضعف التي قد تراها في وجهة نظره وما أحوجنا اليوم الى لغة حوارهدفها الحقيقة لاغيروالله الموفق0

المصدر: http://www.alsahroon.com/Ardetls.aspx?a=4

 

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك