ليس مادة للضحك

ليس مادة للضحك
بقلـم راي حناني
شيكاغو – تعلمت العديد من الأمور في عالم ما بعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر. من الأسهل أن تكره غريباً من أن تكره شخصاً تعرفه. ويظهر الغضب أحياناً على أنه كراهية عندما يرافقه خوف شديد وافتقاد للمعرفة.

هناك شعور بالكراهية بدأ يظهر، شعور "بغضب خرج عن السيطرة" في أمريكا ضد العرب والمسلمين بسبب 11 أيلول/سبتمبر. ويبدو أن هناك قبولا متزايدا بين الفلسطينيين والإسرائيليين بأنه لم يعد هناك مجال للسلام والحل الوسط.

السلام والحل الوسط ممكنان دائماً. إلا أن ما تغير هو الموقف والتوجه. الناس أحبطهم العنف الذي لا ينتهي وفشل العملية السلمية والطرح السلبي المتزايد.

هل نقف ونترك المجال للمتطرفين ليسيطروا علينا؟ أم هل نتخذ خطوات غير عادية لنذكر الجميع بأننا بشر وبأن السلام والحلول الوسط هي في الواقع البدائل الوحيدة للنزاع والعنف؟

بعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، قررت التحول إلى أقوى نوع من الاتصال بين بني البشر. الفكاهة. ليس فقط أي نوع من الفكاهة وإنما الفكاهة وقوفاً، وهي نوع من الفكاهة المسيطر عليها والتي تحتوي على نقد اجتماعي ساخر وتعليقات لاذعة أحياناً، لا تهدف إلى التسلية فقط وإنما لإرسال رسائل هامة.

لا يمكن للفكاهة وحدها أن تحل المشاكل، كالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ عقود، ولكنها تستطيع تغيير المواقف. يمكنها أن تعيد إيمان الشخص بإنسانية الآخرين من البشر. تستطيع أن تجعل الناس يرون بعضهم بأسلوب إيجابي باستطاعته رعاية علاقات محسنة. إذا استطاع الناس أن يضحكوا معاً فسوف نستطيع العيش معاً.

اختبرت النظرية في البداية في عرض في القدس الشرقية في تشرين الأول/أكتوبر 2004 في منزل القنصل الأميركي العام. حضر العرض أكثر من خمسة وسبعين فلسطينياً وإسرائيلياً.

حتى يتسنى لي إبراز الحاجة لإدخال الفكاهة عند الفلسطينيين والإسرائيليين قمت بالتشارك بتأسيس "رحلة الفكاهة" Comedy Tour (www.IPComedyTour.com) مع الكوميدي الإسرائيلي تشارلي ورادي، والتي ظهر فيها كذلك الفكاهي الإسرائيلي يسرائيل كامبل والكوميدي الإفريقي الأميركي اليهودي آرون فريمان.

في كانون الثاني/يناير، ومرة أخرى في حزيران/يونيو، قدمنا عشرة عروض في إسرائيل أمام جمهور مختلط، غالبيته من الإسرائيليين، وفي القدس الشرقية أمام جمهور غالبيته من الفلسطينيين. وفي أيار/مايو قامت مجموعة Comedy Tour الإسرائيلية الفلسطينية بعرض في تورنتو بكندا لأكثر من 1200 شخص معظمهم من اليهود والفلسطينيين.

كانت هناك بعض المعارضة. بعض الكوميديين الإسرائيليين قالوا إنهم ليسوا على استعداد للظهور معي لأن ذلك يؤذي مستقبلهم الفني.

بالنسبة للعرب يعتبر الظهور على المسرح مع "إسرائيليين" حراما، وليس مماثلا للظهور مع "كوميديين يهود". قامت أربع منظمات عربية بإلغاء حفلاتي المبرمجة أمامهم قبل أسبوعين من عودتي من رحلتي الأولى إلى إسرائيل وفلسطين. قام كوميديون فلسطينيون ومسلمون آخرون بمنعي من الظهور في مهرجاناتهم وبرامجهم التلفزيونية.

لا أبالي بالرفض، لأن القبول كان ساحقاً.

بعد حفلة عام 2004، قال القنصل العام إنها كانت "أول مرة خلال ثلاث سنوات" يجتمع فيها فلسطينيون وإسرائيليون في غرفة واحدة. بعد عرض تورنتو امتلأ مدخل القاعة بآلاف الفلسطينيين واليهود الذين وقفوا فعلياً وتحدثوا وضحكوا معاً.

علينا أن تفعل المزيد من ذلك.

خلال رحلة كانون الثاني/يناير، جعلتنا عملية تفجيرية انتحارية في إيلات نفكر فيما إذا كنا سنستمر. قررنا أنه يتوجب علينا الاستمرار لأنه لا يمكن لنا أن نسمح لإرهابي واحد أو مجموعة من المتطرفين أن تسيطر على حياتنا.

عنف القلة يجب أن يؤنَّب أمام القلة. علينا أن نكافح لنؤمن أن غالبية الإسرائيليين والفلسطينيين غير المنخرطين في العنف هم أناس غاضبون ومحبطون ولكنهم ليسوا بالضرورة كارهين للغير.

استمرينا في عروضنا مذكرين جماهيرنا بأن الإرهابيين والمتطرفين لا يتكلمون نيابة عن غالبية الفلسطينيين والإسرائيليين.

نستطيع الوصول إلى السلام والحلول الوسط إذا توقفنا عن خلع الشيطانية على بعضنا بعضاً. أفضل أسلوب لعمل ذلك هو الفكاهة.

وهذه ليست نكتة.

###

* راي حنانيا كاتب عمود فلسطيني أميركي فاز بجوائز عديدة، وكوميدي بأسلوب الكوميديا وقوفاً، مركزه شيكاغو. يمكن الاتصال به على البريد الإلكتروني rayhanania@aol.com. تقوم خدمةCommon Ground الإخبارية بتوزيع هذا المقال الذي يمكن الحصول على نسخة منه من الموقع الإلكتروني www.commongroundnews.org.

المصدر: http://www.commongroundnews.org/article.php?id=21502&lan=ar&sp=1

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك