الغزو الفكري والانفتاح العالمي وتأثيره على الطالبات

د. هند بنت مصطفى شريفي

 

تقيم الدعوة الإسلامية حصناً واقياً حول الفتاة المسلمة يقيها من شرور التيارات الثقافية الوافدة عن طريق وسائل الاتصال المعاصرة بأنواعها، والتي تحمل غثاء الثقافات غير الإسلامية، وتروج لها وتدعو إلى ما تحمله من أفكار وعادات وتقاليد تحاول التأثير على المسلمين ومسخ هويتهم الإسلامية، وقد بيّن الله تعالى حرص أعداء الدين من اليهود والنصارى على إضلال المسلمين بشتى الوسائل، قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ ﴾ [النساء: 44] [1] (فهم لا يكتفون بضلال أنفسهم الذي يشترونه؛ بل يحاولون طمس معالم الهدى من حولهم، حتى لا يكون هناك هدى ولا مهتدون)[2].

 

وتكمن خطورة الغزو الفكري في زعزعته للقناعات وعمق أثره - إذا أهمل التحصين ضده، وأهمل علاج انحرافه - مع مرور الأيام، فيتجاوز السلوك الظاهر إلى أعماق القلب والعقل والحس الأخلاقي حتى يعود القلب لا يعرف المعروف ولا ينكر المنكر، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((تعرض الفتن على القلوب كالحصير، عوداً عوداً، فأي قلب أُشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة مادامت السموات والأرض، والآخر أسود مربادًا كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه))[3]، فالأفراد والمجتمع ينكرون المنكر عند وقوعه أول مرة، فإذا تكرر وقوعه، وتهاون الناس في إنكاره؛ خفّ صوت الإنكار شيئاً فشيئاً؛ وصار هذا المنكر معروفاً مألوفاً.

 

إن أعداء الإسلام اليوم في ظل الانفتاح العالمي يعملون ليل نهار على تغريب المرأة المسلمة، وتذويب شخصيتها (في الشخصية الغربية، بحيث لا ترى إلا بالمنظور الغربي، ولا تعجب إلا بما يعجب به الغرب، ولا تعتنق من الأفكار والمناهج إلا ما هو مستورد من الغرب، وتبتعد عن قيمها وعقائدها وأخلاقها المستمدة من شريعة الإسلام)،[4] وهذه هي حقيقة الهزيمة النفسية في أدق صورها وأجلى معانيها، وهي داء عضال ومرض فتاك؛ لأنها تسلب المصاب بها أهم خصائصه من الشعور بقيمته، والإحساس بوجوده، والاعتزاز بنفسه وبمقوماته[5].

 

ولقد ركز أعداء الإسلام على قضايا المرأة وحقوقها وتحريرها، وهم يعلمون بطلان دعاويهم، ولكنهم يتطلعون إلى أهداف أخرى تؤدي إلى مخاطر عظيمة وفتن كبيرة، ومن أهمها ما يأتي:

 

الطعن في الشريعة الإسلامية ذاتها، لأنها - بزعمهم - سبب احتقار المرأة.

 

نشر الإباحية والانحلال في المجتمع الإسلامي.

 

القضاء على الأسرة، وهي المحضن والحصن للنشء، وتجهيل النشء بدينه للسيطرة عليه[6].

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] سورة النساء: آية 44.

[2] في ظلال القرآن 2 /675.

[3] صحيح مسلم، سبق تخريجه ص 115، وشرح الغريب ص 114.

[4] أساليب العلمانيين في تغريب المرأة المسلمة: د. بشر فهد البشر ص 11.

[5] ينظر: المسلمون وظاهرة الهزيمة النفسية: عبدالله حمد الشبانة ص 41-42، دار طيبة للنشر والتوزيع، الرياض، ط:4، 1423هـ/2002م.

[6] ينظر: العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية: د. فؤاد عبدالكريم العبد الكريم ص 22، كتاب البيان، مطابع أضواء المنتدى، الرياض، ط:1، 1426هـ/2005م.

 

المصدر: https://www.alukah.net/social/0/78902/

الحوار الداخلي: 
أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك