الجيل الجديد المفقود جيمس بالدوين

نعمان الحاج حسين

 

هذا سجّل صعب التّقييم للغاية. ربّما يرجع الأمر بالنّسبة لي إلى عام 1946، عندما قتل أعزّ أصدقائي نفسه. لقد كان صبيّاً زنجيًا متوهّجًا عمره أربعة وعشرين عامًا، والّذي كان مستقبله يبدو لنا جميعًا مستقبلًا مجيدًا. هو وأنا كنّا اشتراكيين، كما كان معظم أصدقائنا، حلمنا بهذه اليوتوبيا، وعملنا من أجلها. ربّما نكون قد أظهرنا قناعة أكثر من الذّكاء أو المهارة، ومن غطرسة الشّباب أكثر من أي منهما، ولكنّنا، مع ذلك، حملنا الرّجاء بها معًا، وقاتلنا المالكين معًا، وعملنا كعمّال معًا، وتمّ طردنا معًا وتجويعنا معًا.

ولكن لبعض الوقت قبل وفاته، كانت مشاكل أكثر شدّة من تلك قد تراكمت على صديقي. لم يرفض العالم رؤاه بعناد فحسب؛ بل احتقره لأجل تلك الرّؤى، وجلده من أجل لونه. بالطّبع، لقد احتقرني العالم وجلدني أيضًا، لكنّني كنت مختلفًا عن صديقي لأنّ الوقت لم يستغرق منّي الكثير تقريبًا لكي أحتقر العالم بالمثل وأقرّر أنّني سأحقّق، في الوقت المناسب، بالصّبر والمكر ما لم أحقّقه ربّما في هذه اللّحظة بعد، وسوف أصبح غير قابل للتّدمير بالقوّة أو الإقناع. أمّا صديقي فلم يحتقر أحدا. لقد كان يعتقد حقًا أنّ النّاس جيدين، وأنّه يجب على المرء فقط أن يدلّهم على الطّريق الصّحيح من أجل أن يجعلهم، في الحال، يتدفّقون إليه في مجموعات مبتهجة بصوت عالٍ.

قبل وفاته، تشاجرنا بمرارة شديدة حول هذا الموضوع. لقد فقدت إيماني بالسّياسة وبالطّريق الصحيح؛ وإذا كان هناك طريق صحيح، فقد يتأكّد المرء (أخبرته من خلال سم عظيم) أنّ كلّ من كان عليه فإنّه يطلب ببساطة الرّجم حتّى الموت – من قبل جميع النّاس الطّيبين في العالم. وإلى جانب ذلك، لم أهتم بما يحدث للعالم التّافه البائس الّذي لا يوصف. فربّما لم يكن هناك عدد قليل من النّاس المحترمين فيه. بدا صديقي حزينًا جدًّا من هذه التّأملات المبتكرة. وقال إنّني على ما يبدو كأنّني أسلك الطّريق الّذي انتهى بالفاشيّة والاستبداد والدّم.

فقلت له، هل ترى ذلك؟.. في أحد الأيّام الجميلة، ستدرك أنّ النّاس لا يريدون أن يكونوا أفضل. لذا سيكون عليك أن تجعلهم كذلك. وكيف تعتقد أنّك ستفعل ذلك؟

لم يقل شيئا عن هذا. كان يجلس أمامي، في كشك، في مطعم قرية غرينوتش.

وماذا عن الحبّ؟ سألني.

سؤاله جاء على حين غرّة وأصابني بالرّعب. ومع سلطة لا توصف لابن اثنين وعشرين، زمجرت: الحبّ؟!.. من الأفضل أن تنسى ذلك يا صديقي..لقد فات ذلك القطار.

في اللّحظة الّتي قلت فيها هذا ندمت عليه، لأنّني تذكّرت أنّه كان في حالة حبّ: مع فتاة بيضاء شابّة، واشتراكيّة أيضًا، كانت عائلتها تهدّد بوضعه في السّجن. وفي الأسبوع السّابق، صادفتهما حفنة من البحارة في مترو الأنفاق وضربوه بشدّة. نظر إليّ وأردت أن أتراجع عمّا قلته لأقول شيئًا آخر. لكنّني لم أستطع التّفكير في أي شيء لا يبدو، ببساطة، مثل عزاء غير رجولي، أو لا يبدو كما لو كنت أسايره.

قال: أنت شاعر ولا تؤمن بالحبّ؟..

ثمّ وضع رأسه على الطّاولة وبدأ في البكاء. لقد مررنا ببعض الأشياء المرهقة معًا، ولم أره يبكي أبدًا. في الواقع، دخل وخرج من المعارك وهو يضحك. كنّا في مكان معادٍ. مكان عام وكانت نيويورك معادية بشكل مرعب في تلك الأيّام، مثلما أنّها لا تزال كذلك. كان هو صديقي المفضّل، وللمرّة الأولى في حياتنا لم أستطع أن أفعل شيئًا له. وقد كان حنقي غير المدروس هو الّذي آذاه. كنت أرغب في إرجاع ذلك للوراء، لكنّني لم أكن أعرف كيف. كنت سأعرف كيف لو كنت غير صادق. ولكن، رغم أنّني أعرف الآن أنّني كنت مخطئا، لكنّني لم أعرف ذلك حينها. لقد قصدت ما قلته، ولن تسمح لي حياتي الّتي لم يتم فحصها بالتّحدّث بطريقة أخرى. لم أكن حقًا أعتقد، على حدّ علمي، بأنّ الحبّ كان موجودًا، باستثناء الألم غير المجدي. وكان الوقت مازال بعيدًا قبل أن أبدأ في رؤية التّناقض الضّمنيّ في حقيقة أنّني كنت أقوم بثني جميع قواي، أو تخيّلت أنّني أفعل ذلك، لحماية نفسي منه.

بكى ..وجلست أنا هناك. ومن عجب، أن لا أحد أزعجنا. دفعنا النّقود بسرعة، وخرجنا إلى الشّوارع. كانت هذه المرّة الأخيرة، ولكن المرّة الّتي رأيته فيها؛ كانت آخر مرّة تحدّثنا فيها حقًا. بعد فترة وجيزة جدّا، تمّ العثور على جثته في نهر هدسون. قفز من فوق جسر جورج واشنطن.

لماذا أبدأ رسم تخطيطي للأميركيين في الخارج بهذه الذّاكرة؟ أفترض أنّه يجب أن يكون هناك العديد من الأسباب. لا يمكنني بالتّأكيد الأمل بأن أقول أو بأن أواجه الجميع في الحقيقة، أحد الأسباب بالطّبع هو أنّني فكّرت لفترة طويلة أنّني قد عجلت بوفاته. (أنت شاعر ولا تؤمن بالحبّ). ولكن، بغض النّظر عن هذه التّكهنات البشعة وغير المفيدة، منذ وفاة صديقي قرّرت أن أغادر أمريكا. كان هناك سببان لذلك. الأوّل هو أنّني كنت متأكّدًا تمامًا، منذ اللّحظة الّتي علمت فيها بوفاته، أنّني أنا أيضًا، إذا بقيت هنا، سوف أصل إلى نهاية مماثلة.

شعرت حينها، ولكي أقول الحقيقة أشعر بذلك الآن، أنّه لم يكن سيموت بهذه الطّريقة وبالتّأكيد ليس بتلك السّرعة، لو لم يكن أسودًا. (من النّاحية القانونيّة. جسديًا، على الأغلب ولكن ليس تمامًا، كان خفيفًا بما يكفي لتمريره.) وهذا يعني أنّه كان أشدّ قتامة، حتّى ذلك الحين، من سلسلة الخسائر الّتي ألقيت باللّوم فيها على الجمهوريّة الأمريكيّة. منذ وقت ذلك الموت، بدأت أخشى من تحمّل المزيد. كنت خائفا من أنّ الكراهية، والرّغبة في الانتقام ستصل إلى أبعاد لا يمكن السّيطرة عليها في داخلي، وأنّ نهايتي، حتّى لو لم يكن عليّ أن أموت جسديًا، ستكون أكثر فظاعة من انتحار صديقي.

لم يكن الضّحية الوحيدة في تلك الأيّام. كان هناك آخرون، بيض، من أصدقائي الّذين، في نفس الوقت الّذي تمّ فيه انتشال جثّته الملوّنة الّتي لا توصف من النّهر، كانوا عائدين من أكثر حروب العالم بشاعة. كان بعضهم من الأولاد حين كنت أنا في المدرسة الثّانويّة. صبي يهودي، جلس معي طوال اللّيل في شقتي في شارع أورشارد، يخبرني عن المعسكرات الّتي شاهدها في ألمانيا وعن الألمان الّذين محاهم عن وجه الأرض. لن أنسى وجهه أبدًا. كنت ذات مرّة أعرفه جيّدًا  – قبل قليل، عندما كنّا أطفالًا. لم يكن وجه الطّفل الآن. لقد رأى ما يمكن أن يفعل النّاس به لأنّه يهودي. وكان يعرف ما فعله بالألمان. وليس فقط لا يمكن التّراجع عن شيء، فقد يكون من الجيّد جدًّا أن هذا هو كلّ ما يمكن للعالم أن يفعله أو يكونه، مرارًا وتكرارًا، إلى الأبد. جميع الآمال والأنظمة السّياسيّة بدت مفلسة أخلاقياً: إذا كان بوخينفالد معسكر الاعتقال النّازي على خطأ، فما الّذي جعل هيروشيما على حقّ؟ هزّ رأسه، يهودي عجوز للتّو، رجل عجوز. إذا كانت كلّ رؤى الطبيعة البشريّة يجب عدم الثّقة بها، وكلّ الآمال، فماذا عن الحبّ؟

*           *           *

النّاس الّذين أعرفهم وجدوا أكثر الطّرق استثنائيّة للتّعامل مع ذلك السّؤال. لكنّه كان سؤالا حقيقيا. كانت الفتيات اللاّتي كن عذارى عندما تزوجن من أزواجهنّ – وكان هناك بعضهنّ أعرفهنّ – في بعض الأحيان كان عليهنّ أن يجهضن قبل عودة أزواجهنّ من الخارج. الزّواج لم ينجو بدًا من الضّغوط النّاتجة، وغالبًا ما فقد الشّركاء – أو الشّركاء السّابقين – توازنهم العقلي ولم يتمّ استرداده أبدًا. الرّجال الّذين لديهم مغامرات مثليّة الجنس في المعسكرات، أو في الخدمة، لم يمكنهم قبول ما حدث لهم، ولا يمكنهم نسيانه، ولا يجرؤون على اكتشاف ما إذا كانوا يرغبون في تكراره، وسقطوا في حالة شلل حيث لم يعد يثيرهم لا الرّجال ولا النّساء. كان وقت الفوضى الشّخصيّة الأكثر رعبا. إذا أقام أحدهم حفلة، فقد كان من المؤكّد تقريبًا أنّ شخصًا مّا، ربّما يكون هو نفسه، سيكون لديه إمّا نوبة بكاء أو أن يُمنع من القتل أو الانتحار. كان وقت التّجريب، مع الجنس، مع الماريجوانا، وانتهاكات طفيفة للقانون، مثل “التّحفيز” من “A&P” وسرقة الكهرباء من “Con Edison”. كنت أعرف بعض الأشخاص الّذين لديهم ثلاجة مسروقة لم يكن لديهم غرفة لها ولا حاجة لاستخدامها، ولم يتمكّنوا من بيعها: لقد تمّ شحنها أخيرًا، على ما أعتقد، من جميع الأماكن، إلى كوبا. ولكن، أخيرًا، يبدو لي أنّ الحياة قد بدأت تخبرنا من نحن، وما هي الحياة – أخبار لم يرغب أحد في سماعها على الإطلاق: وقد قاتلنا ردّا بالتّمسك برؤيتنا لأنفسنا كأبرياء، وللحبّ باعتباره ليس كاملا ربّما لكنّه متبادل ودائم. ولم نكن نعلم أنّ ثمن ذلك كان تجربة. لقد نشأنا لنؤمن بالصّيغ.

في وقت لاحق، فإنّ اكتشاف النّشوة الجنسيّة الأورغازم – أو بالأحرى، صندوق الطّاقة الرّوحيّة الأورغون – بدا هو الأقلّ جنونًا في الصّيغ الّتي تمّ التّوصل إليها. وعلى الرّغم من أنّني، ربّما، حقنت بمرارة شديدة بالفعل ضدّ الجماعات أو العلاجات – فقد بدا لي أنّ تحوّل النّاس من فكرة جعل العالم أفضل من خلال السّياسة إلى فكرة جعل العالم أفضل من خلال الصّحة النّفسيّة والجنسيّة مثل خطاة نزلوا عبر الممر في اجتماع إحيائي. وشكّكت في أن تحوّلهم أصبح أكثر جدارة بالثّقة من ذلك. في الواقع، المتحوّلون انتقلوا في هالة مبتهجة من الرّفاهيّة، والّتي ليست الأخيرة. لم يصبحوا أكثر سخاء، ولكن أقلّ، وليس أكثر انفتاحًا، ولكن أكثر انغلاقا. وتوقّفوا كليًا عن الاستماع، وكان بإمكانهم فقط التّبشير. كما لم تصبح حياتهم الخاصّة بشكل ملحوظ أقلّ شجارا. لا توجد صيغ لتحسين الحياة الخاصّة، أو أي حياة أخرى، وبالتّأكيد ليست صيغة رعشة أكثر وأفضل. (من يقرّر؟) كان الأشخاص الّذين نشأت بينهم لديهم هزّات جماع طوال الوقت، وظلّوا يقطعون بعضهم بعضا بشفرة الحلاقة في ليالي السّبت.

ثمّ ومن خلال هذه العمليّة الوحشيّة، من الفشل والإقصاء والرّفض، فأنا بالتّأكيد، ومعظم النّاس الّذين عرفتهم ذهبنا إلى أوروبا “واستوطنا”، تقريبًا، هناك. لقد عاد الكثير منّا، ولكن ليس جميعنا: من المهمّ أن نتذكّر أنّ العديد من المغتربين يختفون في حياة بلدهم المتبنّى، فقط، ليتمّ طردهم، ليس في ذلك الوقت دائمًا، بسبب حالة طوارئ دوليّة خطيرة. وينطبق هذا بشكل خاصّ، بالطّبع، على النّساء اللاّتي نادرا ما يكون لديهنّ الوقت بسبب ضغوط تربية الأسرة، للحنين إلى الوطن، أو بالذّنب بشأن “الهروب” من مشاكل الحياة الأمريكيّة. إنّ ولاءهنّ الأوّل، والحمد لله، هو لأزواجهنّ ولأطفالهنّ الّذين يجب عليهنّ تربيتهم. لكنّي أعرف الأزواج والزّوجات الأمريكيين أيضًا، الّذين جعلوا منازلهم في أوروبا سعيدة للغاية، وليس لديهم نيّة للعودة إلى هذا البلد. من الجدير بالملاحظة أيضًا أنّ هؤلاء الأشخاص دائمًا ما يتميّزون بنقص الحقد أو عدم الارتياح فيما يتعلّق بهذا البلد الّذي يفشل تمامًا في وصف ما أميل إلى التّفكير فيه على أنّه المغترب “النّازح” أو “المرئي”. أي أنّه وقد يبدو هذا ملحوظًا، ليس من الضّروري أن تكره هذه الدّولة من أجل الحصول على حياة جيّدة في مكان آخر. في الواقع، فإنّ الأشخاص الّذين يكرهون هذا البلد لم يتمكّنوا أبدًا من تركه، إلاّ جسديًا، ولديهم حياة بائسة أينما ذهبوا.

وبطبيعة الحال، أصبح الكثير منّا، في الواقع، مسافرين؛ وهي حالة أقل قابليّة الآن عمّا كانت عليه قبل عقد من الزّمان. الكثير منّا لم يعودوا ولكنّهم لم يبقوا مستقرّين، ولكن يمكن العثور علينا في حانات ريفيّة، ونحن نتحدّث عن أوروبا، أو في الحانات الأوروبيّة، ونحن نتحدّث عن أمريكا.

وبصرف النّظر عن الطبوغرافيا فالّذين بقوا في أوروبا، استخدموا بعناية جميع الشّقق الرّخيصة، وكلّها تقريبًا، كما اتّضح، متاحة بالنّيّة الحسنة، أمّا نحن، الّذين تمّ وصفهم (بشكل ليس مفيدًا جدًّا) بـ “المغتربين الجدد”، فقد بدأنا في الوصول إلى باريس منذ العام “1945”   وحتى “48”. وبدأت طبيعة التّدفق تتغير بشكل جذري بعد ذلك، إن كان فقط لأنّ الوافدين الجدد لديهم البصيرة لتسليح أنفسهم بالوظائف: وظائف الحكومة الأمريكيّة، ممّا يعني أيضًا أنّ لديهم بدلا للسّكن ولا يهتمّون بمقدار الإيجار الّذي يدفعونه. بالطّبع، لم يهتمّ الملاك الفرنسيون أيضا، والنّتيجة ارتفاع الإيجارات بشكل فلكي، ونحن الّذين اعتبرنا أنفسنا إلى الأبد مثبّتين في الحيّ اللّاتيني وجدنا أنفسنا نعيش في جميع أنحاء باريس. لكن هذا، على الأقلّ بالنّسبة للبعض منّا، تبيّن أنّه صحي وقيم للغاية. فبعد كلّ شيء كنّا في باريس، لأنّه من المفترض أنّنا وضعنا جميع الصّيغ وكلّ الأمان لصالح عدم القدرة على التّنبؤ بالخبرة المخيفة.

يكتشف المسافر أنّ العالم لا يمكن أن يكون أكبر من الشّخص الموجود فيه؛ لكن من المستحيل التّنبؤ بهذا، ومن المستحيل الحذر منه. فقط عندما يبدأ الوقت في التّسلل من خلال أصابعه مثل الماء أو الرّمال – آخذا إلى الأبد، الأحلام والاحتمالات والتّحديات والآمال – حينها يدرك الشّاب أنّه لن يكون شابًا إلى الأبد. وإذا كان يرغب في رسم صورة، أو تنشئة أسرة، أو كتابة كتاب، أو تصميم مبنى، أو بدء حرب، حسناً فليس لديه الأبد للقيام بذلك. لديه فقط قدر معيّن من الوقت، وربّما نصف ذلك الوقت انقضى بالفعل. طالما أنّ طموحاته في عالم الحلم، فهو آمن؛ وعندما يجب أن يعود بها إلى العالم، يكون في خطر.

المصدر: https://www.alawan.org/2020/06/26/%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%8a%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%81%d9%82%d9%88%d8%af/

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك