نظرية زينوفيف حول مستقبل الحضارات

 
الفيلسوف الروسي زينوفيف (Zinoviev)، يرى أن الحضارات ليست إلا ظاهرة تاريخية تبرز وتعيش وتتطور وتتغير ثم تموت،وكل مرحلة من هذه المراحل تتم من خلال ظروف معينة،ولم يكن ظهور الحضارات في السابق ضرورة مؤكدة، إذ لا يمكن اعتبار مجرد تجمع جماعات بشرية أمرا منتجا للحضارة أو محافظا عليها ،أما الحضارات المتبقية ومنها الحضارة الغربية فهي محكومة بالفناء، وستحل محل كل هذه الحضارات ظاهرة جديدة، وأكثر مواءمة للظروف الدولية المعاصرة.

فمنذ منتصف القرن العشرين بدأت الحضارة الغربية تتماهى في تنظيم اجتماعي من مستوى أعلى، وهي المجتمعات العملاقة(global super society)،وهذا التحلل للحضارات له جذوره في النموذج النيوليبرالي للعولمة والذي يفرض ذاته من خلال تسييد قيمه وأنماط انتاجه ونظمه التقنية والاقتصادية المختلفة .

لكن التنوع الحضاري الذي افرزته القرون السابقة، وامتداد جذور بعض الحضارات في أعماق التاريخ يحول دون ذوبانها في كيانات أكبر،كما أن هذا التنوع ساهم في إضفاء حيوية على حركة التطور الإنساني،وبغياب هذا التنوع تضع الحضارات نفسها في حالة فقدان الحيوية الأمر الذي قد يؤدي لموتها.

نتيجة لهذه القوى المتعاكسة، سيبقى التنوع الحضاري ،لكن العلاقة بين هذه التنوعات الحضارية ستتجه تدريجيا بفعل أنماط الترابط والتشابك بينها نحو التشاركية والحوار لمواجهة المشكلات التي تواجهها كلها.

وترى نظرية “زينوفيف” أن قوى الدفع لتذويب الحضارات تتمثل في الآتي:

1- مناهج التعليم ووسائل الترفيه وأنماط الحياة الغربية: فمعظم مناهج ومضمون المساقات العلمية في الجامعات المختلفة في كل العالم تكاد أن تكون متقاربة بنسبة كبيرة،بما في ذلك العلوم الإنسانية رغم أن هذه أقل قياسا للعلوم الطبيعية(وهو ما يجسده الاعتراف المتبادل بين الجامعات بشهادات بعضها)، ويتكرر النموذج في قطاعات أخرى،ويكفي النظر إلى أفلام الكرتون الخاصة بالأطفال ،فقد أصبح “توم آند جيري” معروفا لكل أطفال العالم بعد أن حل التلفزيون محل الحكاية الشعبية التي تبني أنماط تفكير وخيال مختلف،بينما يوحد “توم آند جيري” وغيره من الانماط مشاعر هؤلاء الأطفال في مختلف المجتمعات…الخ.

2- عدم قدرة الحضارات المحلية على الاستقلال الاقتصادي نتيجة سيطرة الشركات متعددة الجنسية على أنماط الإنتاج وتدفق السلع والأموال،وهو ما ترتب عليه اتساع الفجوة الاقتصادية بين الكتل الحضارية، لكن ذلك سيزيد من الاعتماد المتبادل بين الأطراف المتفاعلة.

3- تنسيق السياسات البيئية واستعمال الموارد الطبيعية،والذي يعكس القلق الإنساني لاسيما أن الطبيعة لا تحتوي أوكسجينا مسلما وآخر مسيحيا ، ويبدو أن الدعوة للحوار التي أطلقها معهد ” بيتريم سوروكين ونيكولاي كوندرتيف” الروسي تستهدف وضع أسس لحوار على أساس “المشاركة الحضارية” من خلال”الاستثمار المشترك” للموارد المختلفة في العالم.

المصدر: https://islamonline.net/33049

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك