ضرب الأولاد للتأديب بين الضرورة والضرر دراسة فقهية، نفسية، قانونية
الدكتورة أم كلثوم بن يحي
مقدمة:
التعامل مع الأطفال فن يستعصى على كثير من الأولياء و المربين التائهين وسط تعقيدات الحياة العصرية و تكاليفها، و ما تخلفه من ضغوط نفسية و قلة صبر، فيرون في الضرب الوسيلة الأسهل و الأنجع لتقويم سلوك الطفل الغير المرغوب فيه، لكن ما يشغل الباحثين في مجال التربية هو: هل يمكن اعتبار الضرب وسيلة من وسائل التربية ؟
إذا كان الجواب نعم: فما هي حدوده الشرعية و القانونية؟ و هل له تبعات و آثار سلبية على شخصية الطفل؟
ثم من المخول بضرب الطفل...؟ و متى يكون أسلوبا ناجحا و متى يكون عنفا يرتكب في حق الطفل..؟
و للإجابة على هذه التساؤلات سأحاول من خلال هذا البحث دراسة الضرب كوسيلة تأديبية دراسة شرعية و تربوية و قانونية.
أولا: ضرب الأولاد في ميزان الشريعة:
1- الحكم الشرعي للضرب:
حرص الشارع الحكيم على إيجاد مكلف قادر على حمل الأمانة، و تحقيق الخلافة في الأرض، و ذلك بتتبع أطوار حياته بدأ من مرحلة الطفولة، و ضبطها بأحكام شرعية تتناسب و إياها.
و أناط تحقيق ذلك بالمربي فجعل التربية السليمة للطفل واجب شرعي عليه، و قد بين ابن القيم ذلك فقال:(و كم ممن أشقى ولده و فلذة كبده في الدنيا و الآخرة بإهماله، و ترك تأديبه، و إعانته علىشهواته، و يزعم أنه يكرمه و قد أهانه، و أنه يرحمه و قد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده، و فوَّت عليه حظه في الدنيا و الآخرة، و إذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته منقِبَل الآباء).([1])
و من الأدلة الدالة على مسؤولية الأولياء في القرآن الكريم قوله تعالى:]يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا وقودها الناس و الحجارة[ .(التحريم، الآية:6)
فالوقاية المطلوبة في الآية تكون بتعويدهم الانقياد لله جل و علا و إبعادهم عن المعاصي و مسبباتها، قال ابن كثير:( أي مروهم بالمعروف و انهوهم عن المنكر، و لا تدعوهم هملا؛ فتأكلهم النار يوم القيامة)([2]).
و من السنة ما روي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت).([3])
و ما روى الترمذي عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله r: ( لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع).([4])
و قوله r:( ما نحل والد ولدا أحسن من أدب حسن ).([5])
و من أقوال السلف: ما ورد عن القاضي أبو بكر بن العربي: (الصبي أمانة عند والديه ، و قلبه الطاهر جوهرة نفيسة، ساذجة خالية من كل نقش و صورة، و هو قابل لكل نقش، و مائل إلى كل ما يمال به إليه، فإن عود الخير و علمه نشىء عليه، و سعد في الدنيا و الآخرة، و شاركه في ثوابه أبوه، و كل معلم له و مؤدب، و ان عود الشر و أهمل إهمال البهائم شقي و هلك، و كان الوزر في رقبة القيم عليه و الوالي له).([6])
و أما فيما يتعلق بضرب الأولاد فقد اتفق فقهاء السلف([7]) على جواز ذلك تأديبا لهم و إصلاحا، و أناطوا ذلك بشروط و ضوابط لا بد من تحققها في المؤدب و في الصبي و في أداة التأديب، مستندين في ذلك إلى أحاديث الحبيب المصطفى التي تجيز ضرب الأولاد للتأديب عند الحاجة، من ذلك قوله r:(علقواالسوط حيث يراه أهل البيت فإنه أدب لهم ).([8])
و قوله r: (مروا أولادكم بالصلاة و هم أبناء سبع سنين و اضربوهم عليها و هم أبناء عشر و فرقوا بينهم في المضاجع).([9])
2- الضوابط الشرعية لضرب الأولاد:
إذا كان الشرع قد وجه المربي إلى الضرب كنوع من العقاب الـرادع للحالات التي لا تنصلح إلا به، بعد فشل أساليب العقوبة المعنوية من إيحاشٍ و إعراضٍ و ذمٍ و توبيخٍ و تخويفٍ، فإنه قيده بضوابط شرعية يجب عليه الالتزام بها، و إلا كان أثما ملزما بالضمان، ففي البحر الرائق: ( لو ضرب المعلم الصبي ضربا فاحشا، فإنه يعزر و يضمنه لو مات).([10])
و قد بين الشرع الحالات التي يجوز فيها الضرب، و مواصفات المؤدِب و المؤدَب، و مواصفات أداة الضرب، كما بين طريقته، و مكانه:
2-1 الحالات التي يجوز فيها الضرب:
أولا: استنفاذ الوسائل التربوية التي تسبق الضرب
إن المتقدمين من الفقهاء و ان لم ينكروا مبدأ العقاب بالضرب كوسيلة من وسائل التربية، فقد جعلوه أخر الدواء، و قدموا عليه الرفق و اللين عملا بقوله r: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه و لا ينزع من شيء إلى شانه).([11])
قال ابن حجر :( و إذا جاز للمعلم التعزير فله الضرب، و يلزمه أن يكون على حسب ما يراه كافيا بالنسبة لجريمة الولد، فلا يجوز له أن يرتقي إلى مرتبة و هو يرى أن ما دونها كافيا بالنسبة لجريمة الولد).([12])
و قال ابن الحاج المالكي: (....فإذا كان الصبي في سن من يضرب على ترك الصلاة و اضطر إلى ضَرْبِه، ضَرَبَهُ ضربا غير مبرح....)،([13]) فقوله: "و اضطر إلى ضربه" تدل دلالة واضحة على أن العقاب بالضرب كان من الأمور غير المستحبة عند المتقدمين.
و أساليب التربية متعددة بتعدد المواقف التي يتعرض لها المربي مع الطفل، و متدرجة حسب نوع الخطأ و درجته و درجة تقبل الطفل للأدب، فرب صبي يكفيه عبوسة وجهه عليه و آخر لا يرتدع إلا بالكلام الغليظ و التهديد و آخر لا ينزجر إلا بالضرب و الإهانة كل على قدر حاله([14]).
كما أن التربية لا تؤتي ثمارها إلا إذا قامت على أساسين اثنين: الرغبة و الرهبة، و الترغيب أنما يكون بتحفيز الطفل و تشجيعه على السلوك الايجابي و إثابته على امتثاله لإرشادات المربي.
و الثواب قد يكون ماديا و قد يكون معنويا، فالمادي كالهدايا و اللعب، و مما ورد عن السـلـف في ذلك ما رواه النضر بن الحارث قال:سمعت إبراهيم بن أدهم يقول، قال لي أبي: يا بني اطلب الحديث، فـكـلـمـا سـمـعـت حـديـثـاً و حفـظـتـه فلك درهم، فطلبت الحديث على هذا.
أما المعنوي فكالمدح و الضم و التقبيل، مع ربط هذه التصرفات بالفعل الجيد الذي قام به الطفل،
قال القابسي: (و إذا هو أحسن يغبطه بإحسانه من غير انبساط إليه و لا منافرة له لـيـعـرف وجــــه الـحـســن مــن الـقـبـيـح فيتدرج على اختيار الحسن).([15])
فإن لم يجد الترغيب نفعا انتقل المربي إلى الترهيب الذي يشمل التخويف قبل الضرب، و قد تقدم معنا قوله r:(علقوا السوط حيثُ يراه أهل البيت، فإنه أدبٌ لهم)، إذ في الحديث دلالة على استعمال التخويف من الضرب قبل الضرب كوسيلة تربوية، فان لم يجد التخويف لجأ إلى الضرب المباح بشروطه و ضوابطه.
و قد روى ابن خلدون في مقدمته أن هارون الرشيد لما دفع ولده الأمين إلى مؤدب قال له: (قومه ما استطعت بالقرب و الملاينة، فإن أباهما فعليك بالشدة و الغلظة ).([16])
ثانيا: ألا ينتفي الغرض التربوي للضرب
متى انتفى الغرض انتف جواز الوسيلة، قال العلامة بن حجر:( و العقوبة إنما جازت لنمو الصبي على خلاف الأصل لظن إفادتها زجرا له و إصلاحا، فإذا ظن انتفاء فائدتها فلا مقتضى لجوازها)([17]).
و من هنا يجب على المربي مراعاة شخصية الطفل و طباعه، و أن يكون على علم بما يصلحها و بما يفسدها، و قد ندد ابن خلدون في استعمال الشدة في التربية فقال :( من كان مَرباه بالعسف و القهر من المتعلمين أو المماليك أو الخدم، سطا به إلى القهر، و ضيق كل النفس في انبساطها و ذهب بنشاطها و دعا إلى الكسل، و حمله إلى الكذب خوفاً من انبساط الأيدي بالقهر عليه، و علمه المكر و الخديعة).([18])
و نفس المعنى نستشفه من كلام سحنون الفقيه في وصية لمعلم ابنه : (لا تؤدبه إلا بالمدح و لطيف الكلام ، و ليس هو ممن يؤدب بالضرب أو التعنيف).([19])
2-2 مواصفات المؤدب:
إذا وجد المربي نفسه أمام حالة تربوية تستدعي ضرب الصبي، فإنه غير مخول بذلك ما لم تتوفر فيه الضوابط التي حددها العلماء، و هي:
أولا: أن يكون المربي محل ثقة للطفل بأن يكون قدوة
لأن تأثير المواقف العملية على نفس المتلقي أبلغ بكثير من الحديث و الخطب البالغة، فهي تكتسب برهان صدقها من حدوثها و تحققها؛ لذلك كان تفاعل المربي مع القيم التربوية التي يدعو إليها و التزامه بها أجدى بكثير من الكلام عن أهميتها و الدعوة إليها، و الضرب على مخالفتها.([20])
و قد نبه المقدسي على أهمية القدوة فقال: (.....و اعلم أن التأديب مثله كمثل البذر، و المؤدب كالأرض متى كانت الأرض رديئة ضاع البذر فيها و متى كانت صالحة نشأ..).([21])
و قال الغزالي:( أن يكون المعلم عاملا بعلمه فلا يكذب قوله فعله؛ لأن العلم يدرك بالبصائر، و العمل يدرك بالأبصار و أرباب الأبصار أكثر ....) .([22])
كما روى الجاحظ عن عقبة بن أبي سفيان أنه قال لمؤدب ولده لما دفعه إليه:(ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح بني إصلاح نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما استحسنت، و القبح عندهم ما استقبحت، و علمهم سير الحكماء و أخلاق الأدباء، و تهددهم بي و أدبهم دُونِي، و كن لهم كالطبيب الذي لا يعجل بالدواء حتى يعرف الداء، و لا تتكلن على عذر مني، فإني قد اتكلت على كفاية منك ).([23])
ثانيا: أن يكون صبورا عالما بأساليب التأديب و تدرجها
على المربي أن يكون ملما بطرق التأديب، فلا يستعمل القوة في موقف يستدعي اللين و لا العكس و قدم تقدم معنا ذلك في الحالات التي يجوز فيها الضرب.
ثالثا: أن يكون حليما غير غضوب
على المربي أن لا يلجأ إلى التأديب بالضرب و هو في حالة الغضب الشديد، فقد قال r: (إنما العلم بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم، و من يتحرّ الخير يعطه، و من يتق الشر يُوَقَّه) .([24])
و قال ابن الحاج: (...من كان منهم في خلقه حدة أو فيه غلظة و فظاظة فيتعين عليه إذا أدركه شيء مما ذكر أن لا يؤدب الصبي في وقته ذلك بل يتركه حتى يسكن غيظه و يذهب عنه ما يجده من الحنق عليه و حينئذ يؤدبه الأدب الشرعي...)([25])
و يجب ألاّ يكون الضرب انتقاماً من الصبي و إنما يكون لعلاجه و تأديبه، قال القابسي: (ينبغي لمعلم الأطفال أن يراعي منهم حتى يخلص أدبهم لـمـنافعهم، و ليس لمعلمهم في ذلك شفاء من غضبه، و لا شيء يريح قلبه من غيظه؛ فإن ذلك إن أصـابـه فإنما ضَرَبَ أولاد المسلمين لراحة نفسه، و هذا ليس من العدل).([26])
2-3 أهلية الطفل المؤدَب: ([27])
قيًد الفقهاء استعمال الضرب للتأديب بقيود تكاد تجعل المربي يعزف عنه إلى غيره من الوسائل مخافة الإثم الشرعي و مخافة القصاص، و من هذه القيود أن يكون الطفل ممن يؤدب مثله، و ذلك بتجاوزه العشر سنين، و هم بذلك يفرقون بين مرحلة ماقبل التمييز، و بين مرحلة التمييز التي يقسمونها أيضا إلى مرحلتين: الأولى من سبع سنين إلى عشر، ثم من عشر سنين إلى البلوغ:
المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل التمييز
في هذه المرحلة يحرم إنزال العقوبة الجسدية بالطفل إذا كان دون السابعة شرعا و يستحيل عقلا، بل يقع على كاهل المربي أن يؤدبه التأديب الوقائي بإبعاده عن الوسائل الموقعة في الخطأ، و عند وقوعه في الخطأ يتم صرفه عنه و لا مانع أن يكون هذا الصرف و الإبعاد مصحوبا ببعض التأديبات المعنوية كالزجر و التوبيخ. ([28])
و ببلوغ الطفل السنة السابعة من عمره يصبح من حق المربي اعتماد الأسلوب الإصلاحي بالإضافة إلى الأسلوب الوقائي لتقويم سلوكه السيء، دون استعمال الضرب، فعن ابن الحاج المالكي:
(....و قد جاء أن الصلاة لا يضرب عليها إلا لعشر فما سواها أحرى فينبغي له أن يأخذ معهم بالرفق مهما أمكنه إذ إنه لا يجب ضربهم في هذا السن المتقدم ).([29])
و الأسلوب الإصلاحي في هذه المرحلة يقتصر على العقوبات المعنوية المتمثلة فيما يلي:([30])
1- الإرشاد إلى الخطأ بالتوجيه:
فعن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: (كنت غلاما في حجر رسول الله r و كانت يدي تطيش في الصفحة فقال لي رسول r يا غلام سم الله تعالى كل بيمينك، و كل مما يليك).([31])
2- الإرشاد إلى الخطأ بالتأنيب و التوبيخ([32]):
في هذه المرحلة على المربي اعتماد مجموعة من الخطوات مرتبة كالآتي:
الخطوة الأولى:أن يتغافل المربي عن خطأ الطفل إذا رأى أن الطفل يحاول إخفاءه إما حياء من الناس أو خوفا.
الخطوة الثانية: إذا عاد الطفل للذنب ثانية مع الاصرار عليه عاتبه المربي سرا.
الخطوة الثالثة: إذا لم يرتدع الصبي وعاد للذنب جاز للمربي أن يعاتبه جهرا مستغلا خوفه الأدبي من الناس.
3- الإرشاد إلى الخطأ بالهجر: إذا لم تنفع الخطوة السابقة يلجأ المربي إلى توبيخ الطفل و معاتبته جهرا دون سب أو تقريع، معتمدا في ذلك على خوف الطفل من هذا النوع من التأديب لما فيه إحراج له أما أقرانه.
4- الإرشاد إلى الخطأ بالتهديد: هنا يستعمل المربي التهديد بالضرب كوسيلة لتقويم السلوك غير المرغوب دون اللجوء للضرب؛ لأن سن الطفل لا تسمح باستعمال الضرب؛ لأنه غير مميز.
المرحلة الثالثة: مرحلة التمييز الثانية
و هي المرحلة التي يجوز فيها ضرب الصبي، و تبدأ من بلوغه العاشرة من عمره و تنتهي بالبلوغ، إذ يستطيع للمربي تأديب الطفل بالعقوبات البدنية بعد استنفاذ الوسائل الأخرى انطلاقاً من الحديث المتقدم:( مروا صبيانكم بالصلاة وهم أبناء سبعة واضربوهم عليها وهم أبناء عشر).
لو تأملنا الحديث جيدا لوجدنا أن النبي r طلب من المربي أمر الصبي بالصلاة التي هي عماد الاسلام، ثم طلب منه الانتظار ثلاث سنوات، أي ستة وثلاثين شهرا، أي ما يقارب ألفا وثمانين يوما، وما يعادل خمسة ألاف وأربعمئة صلاة ليضربه عليها فما بالك بغيرها من الأمور الحياتية.
ويتوقف العقاب البدني ببلوغ الطفل، إذ نص الفقهاء على أنه ليس للأب أو الأم أو المربي ضرب البالغ ولو كان سفيها.([33])
2-4 مواصفات أداة الضرب:
لا بد أن تتوفر في أداة الضرب المواصفات التالية:
1- ان تكون الأداة معتدلة الحجم، فلا يضرب الصبي بعصا غليظة تكسر العظم، ولا رقيقة لا تؤلم الجسم بل تكون وسطا.([34])
2- أن تكون معتدلة الرطوبة فلا تكون رطبة تشق الجلد لثقلها، ولا شديدة اليبوسة، فلا تؤلم لخفتها، فعن القابسي: (أن تكون الدّرّة التي يضرب بها المعلم الصبيّ رطبة مأمونة لئلا تؤثر أثراً سيئاً).([35])
3- لا بد أن تكون دون الآلة الشرعية التي تقام بها الحدود ولا يتعين لذلك نوع بل يجوز بسوط وبعود وخشبة وطرف ثوب بعد فتله حتى يشتد .([36])
2-5 طريقة الضرب :
فصل العلماء([37]) في طريقة الضرب، حتى يؤدي الغرض التأديبي منه ولا يتحول إلى عنف وتعذيب:
1- أن يكون مفرقا لا مجموعا في محل واحد، فلا يجوز أن يكون الضرب كثيرا متكررا لرجحان مفسدته حينئذ وضياع مصلحته لما يسببه الضرب المتكرر من بلادة الحس وما يؤدي إليه من آثار نفسيه سيئة على الطفل. ([38])
2- أن يكون بين الضربتين زمن يخف به ألم الأول.
3- ألا يرفع الضارب ذراعه لينقل السوط لأعضده حتى يرى بياض إبطه فلا يرفعه لئلا يعظم ألمه،
وقد كان عمر يقول للضارب: لا ترفع إبطك. أي لا تضرب بكل قوة يدك.
4- ألا يزيد على ثلاث، فإن اضطر إلى زيادة على ذلك فله فيما بين الثلاثة إلى العشرة سعة،
ونقل عن أشهب من المالكية : (أن مؤدب الصبيان لا يزيد على ثلاث، فإن زاد اقتص منه).([39])
قال ابن سحنون:( ولا بــــأس أن يضربهم ـ يعني المؤدب أو المعلم ـ على منافعهم، ولا يتجاوز بالأدب ثلاثاً إلا أن يأذن الأب فـي أكـثـر من ذلك إذا آذى أحداً، ويؤدبهم على اللعب والبطالة، ولا يجاوز بالأدب عشراً، وأما على القرآن فلا يجاوز أدبه ثلاثاً).([40])
وانفرد القابسي من المتقدمين بتجويز أن يزيد المربي على عشرة فقال:(وربما كان من صبيان المعلم من يناهز الاحتلام ويكون سيئ الرعية، غليظ الخلق، لا يروِّعه وقوع عشر ضربات عليه ويرى للزيادة عليه مكاناً، وفيه محتمل مأمون، فلا بأس ـ إن شاء الله ـ من الزيادة على العشر ضربات).([41])
5- أن يكون الضرب بقدر الذنب حتى لا يخرج عن حدوده الشرعية، قال القابسي: (وإذا استأهل الضرب فاعلم أن الضرب من واحدة إلى ثلاث، فليستعمل اجتهاده لئلا يزيد في رتبة فوق استئهالها).([42])
6- أن يقوم المعلم بضرب الصبيان بنفسه: (ولْيـتـولّ أدبهم بنفسه؛ فقد أحب سحنون ألا يُولي أحداً من الصبيان الضرب).([43])
7- أن يكون الضرب بحـيـث لا يـتـعـدى الألم إلى التأثير المشنع أو الوهن المضر.([44])
8- أن يراعي الفروق بين الصبيان المعاقبين بحسب شخصيتهم ودرجة تقبلهم للعقاب. ([45])
9- أن لا يكون الضرب مصحوبا بالشتم والسخرية؛ إذ يجب على المربي الاكتفاء بالضرب دون تعنيف الطفل أو شتمه أو السخرية منه لما في ذلك من جمع بين الألم الجسدي والألم النفسي وهذا حرام.([46])
وفي حالات كثيرة ينادي الطفل بأسماء تحط من قدره ووصفه بأنه وضيع؛ ولهذا أوصى القابسي في رسالته بالابتعاد عن ذلك، فقال : (عندما يكثر خطأ الطفل ولم يغن فيه العزل، والتقريع بالكلام الذي فيه القواعد من غير شتم ولا سب لعرض ، كقول من لا يعرف لأطفال المؤمنين حقاً فيقول : يا مسخ يا قرد !!!).([47])
ولابأس في بعض الحالات من استعمال ألفاظ قاسية تساعد في التربيةكأن يوصف الطفل الذي سرق بالسارق أثناء العقوبة فهو سب من جنس مسبب العقوبة الذي هو السرقة، من ذلك ما ذكره عبد الله بن بسر المازني قال:( بعثتني أمي بقطف من عنب فأكلت منه قبل أن أبلغه اياه r فلما جئت به أخذ بأذني وقال يا غذر).([48])
11- أن يتوقف المربي عن الضرب إذا ذكر الطفل الله؛ حيث يجب على المربي تعظيم الله تعالى في نفس الطفل، فيبين للطفل أنه مستحق للعقوبة لولا ذكره لله عز وجل؛ لقوله r: (من استعاذكم بالله فأعيذوه).([49])
وقريب من ذلك إذا تشفع الطفل بأحد كالأم أو الأب عندما يكون أحدهما المؤدب أو أحد الأقارب فلو أهمل المؤدب ذلك يكون قد قلل من مكانة من تشفع به الصبي.
12- أن يبين المربي سبب العقاب الذي سلط على الطفل حتى يستطيع الربط بين العقوبة والخطأ.
وعند دراسة سبب الخطأ الصادر من الطفل نجده إما فكري وإما عملي وإما عمدي:
الخطأ الفكري:
والمقصود به أن لا يتوفر عند الطفل مفهوم صحيح عن الشيء، فلجوء المربي إلى الضرب خطأ فادح في حقه، بل يجب عليه تصحيح المفهوم عند الطفل، وتصحيح فكره اسوة بالرسول r ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال رسول الله r:( كخ كخ ) ليطرحها،ثم قال: أما شعرت أنا لا نأكل صدقة).([50])
فالرسول وهو قدوتنا لم يكتف فقط بالنهي، ولم يهمل عقل الحسن بل خاطبه خطاب العاقل فبين له سبب النهي.
الخطأ العملي:
والمقصود به أن يوكل للصبي القيام بعمل لم يسبق له القيام به فلا يجيده، فعلى المربي تجنب الضرب بل عليه تعليم الطفل كفية القيام بالعمل بشكل صحيح أسوة بالنبي r الذي قال للصبي الذي لم يعرف كيف يذبح الشاة حيث قال: (تنَحَّ حتى أُرِيَك)([51]).
الخطأ العمدي:
والمقصود به أن يتعمد الصبي الخطأ كنوع من التمرد على المربي، أو الكسل أو الاصرار على عدم التعلم، فهنا يجب على المربي الذي استنفذ جميع الوسائل التربوية، والذي هو على علم بنفسية الطفل وما يصلحه أن يلجأ إلى الضرب المقيد بالضوابط الشرعية السابقة، لحديث الرسول المتقدم معنا عن الصلاة حيث أمر بضرب الصبي على الصلاة بعد العاشرة أي بعد ثلات سنوات من تعليمه إياها.
2-6 مكان الضرب: ([52])
على المؤدب أن يتحرى مكان الضرب، فلا يطال الوجه لتكريم الله له ولجمعه محاسن الإنسان، ولا الفرج، ولا مكان المقاتل، بل يعتمد في ضربه على الأيادي والأفخاذ وأسافل الرجلين؛ لأن هذه المواضع لا يخشى منها مرض، ولا غائلة. ([53])
والدليل في ذلك ما ورد في صحيح مسلم أن الرسول r قال : (إذاضرب أحدكم فليتق الوجه).([54])
وقال القابسي: (وليتجنب أن يضرب رأس الـصـبـي أو وجـهــه؛ فإن سحنون قال فيه: لا يجوز له أن يضربه، وضرر الضرب فيهما بيّن، قد يوهن الدمـاغ، أو تطرف العين أو يؤثر أثراً قبيحاً، فلْيُجتنبا؛ فالضرب على الرّجْلين آمن وأحمل للألم في سلامة).([55])
ثانيا: الضرب في ميزان علماء النفس:
تلتقي نظريات علم النفس الحـديـث مــع الإسلام في أن العقوبة أمر مشروع لمن لم تُفد معه الأساليب التربوية الأخرى كالمدح والثـنـاء في وضع حد للسلوك الخاطئ وإطفائه؛ ذلك أن بعض الناس لا يرتدعون إلا بالعقوبة؛([56])وقد جاء في الأثر: (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)([57]).
فكثيرا ما يعنف الأولياء أبناءهم دون استيعاب العواقب النفسية التي تلحق بهم نتيجة إهانتهم إما بالضرب أو بالتعنيف اللفظي الذي يوجهونه لهم.
فالطفل الذي يتعرض للتعنيف المفرط الذي لا يراعي فيه المربي الضوابط الشرعية والنفسية يكون عرضة لشتى الاضطرابات النفسية والعاطفية التي تنعكس على شخصيته، فإما أن يكتسب من ذلك شخصية ضعيفة سمتها الخجل المفرط وعدم الثقة بالنفس، أو يكتسب شخصية عدائية عنيفة بقدر العنف الذي مورس ضدها، حيث يعمل الطفل على تفريغ هذه الشحنات على أقرانه، ومن ثم أولاده مستقبلا.([58])
ويزخر الثراث العالمي بالعديد من الدراسات التي تناولت علاقة الأباء بالأبناء وأثرها في تكوين شخصياتهم إما بالايجاب وإما بالسلب كدراسة ( بارش وزملائه،1994م، وبالدوين، ميلون وزملاؤه 1996م)، والتي تبين أن المعاملة المتسلطة تؤدي إلى الانعزال والهدوء غير السوي، وعدم القدرة على التعامل مع الآخرين.([59])
وقد وجه المختصون في علم التربية المربي سواء في البيت أو في المؤسسة التربوية إلى الخطوات العملية في تأديب الطفل دون أن تكون لها عواقب نفسية تضر بالطفل:
2-1 خطوات العقوبة التربوية: ([60])
أولا: تجاهل خطأ الطفل في البداية :
يجب على المربي غض الطرف عن الخطأ إذا صدر من الصبي لأول مرة ولم يكن عظيما، وهو ما بسميه البعض فن التغافل، مع استعمال التلميح دون المواجهة والتصريح ، وذلك حتى يعطى الفرصة لمراجعة سلوكه ويصحح خطأه.
ثانيا: عتاب الطفل سراً :
إذا لم ينفع التلميح لجأ المربي إلى التصريح سراً ، فيعاتبه سرا دون التشهير به، وهو أسلوب اعتمده فقهاؤنا.
ثالثا: عتاب الطفل ولومه جهراً :
إذا استمر الطفل على خطأه رغم تحذيره ومعاتبته سراً فينبغي معاتبته أمام إخوانه أو رفاقه ولا ينبغي أن يشتمل لومه وتقريعه على شتم أو سب أو تحقير لذاته .
والهدف من معاتبته على الملأ هو استغلال خوف الطفل على مكانته بين أقرانه في الرجوع عن الخطأ وتعديل السلوك.
رابعا: الضرب :
الضرب هو أخر ما يلجأ إليه المربي بعد استنفاذ أساليب العقوبة المختلفة، على أن يراعي فيه الشروط والضوابط حتى لا تخرج العقوبة عن مغزاها التربوي، فيتحول الضرب من وسيلة تأديب إلى أمارة على وجود العنف الأسري، ومن هذه الشروط :-
1-أن يكون الضرب على ذنب حقيقي، فلا يصح أن يضرب الطفل على شبهة أو ظن .
2- يجب على المربي إيقاع العقوبة على الطفل مباشرة بعد الخطأ حتى يستطيع الطفل الربط بينهما؛ لأن التراخي في العقوبة يشوش ذهن الطفل ولا يقوم سلوكه.
3- إذا كان خطأ الطفل صدر أمام إخوته فيجب معاقبته أمامهم، لما في ذلك من عملية تربوية للأسرة كلها .
4- على المربي أن يتولى الضرب بنفسه ولا يترك ذلك لأحد أولاده حتى لا يحقد بعضهم على بعض .
5- أن لا يكون الضرب شديداً مبرحاً فيخرج من دائرة العقوبة الموجهة إلى الانتقام والتشفي، كما يجب على المربي أن ألا يعاقب حال الغضب لأنه قد يزيد في العقاب .
6- لا يكون الضرب على الوجه أو على الأماكن ذات الحساسية الشديدة في الجسم، كما يجب أن يكون مفرقا لا مجموعا في محل واحد .
7- أن لا يكون مكرراً بحيث يفقد فعاليته وهيبته.
8- أن يكون ثابتا في المبدأ ومساواة بين الأولاد وعدلا بينهم ، لأن العقوبة الظالمة لا تجلب الضرر
على الوالدين أو المربي تجنب معركة لا يمكن الفوز بها . ([61])
9- كما يجب على المربي أن يبتعد عن السب والشتم والتوبيخ أثناء معاقبته للطفل لأن ذلك يفسده ويشعره بالذلة والمهانة وقد يولد الكراهية كما أن على المربي أن يبين للطفل أن العقاب لمصلحته لا حقداً عليه .
2-2 النتائج السلبية للضرب غير المقنن:
إذا كان الفقهاء وعلماء النفس قد صنفوا الضرب كآخر الوسائل التربوية التي من الممكن أن يلجأ إليها المربي، فإنهم لم يغفلوا الآثار السلبية التي ينتجها الضرب إذا تجاوز الضوابط والشروط التي أناطوها به مدركين أن بين الضرب المسموح والضرب الممنوع شعرة قد لا يدركها أغلب المربون.
فكثيرا ما يلجأ الوالدان إلى الضرب معتقدان أن تقويم سلوك الطفل يجب أن يكون بإظهار القوة والقدرة على الايذاء من جانب المربي، والخضوع والاستسلام من جانب الطفل، وأن نتائجه أسرع في وضع حد للسلوك غير المرغوب فيه، لكن الحقيقة أن ذلك لا يغير من سلوك الطفل شيئا، بل يضيف مشاكل عدة وربما أخطر من السلوك الذي ضرب الطفل من أجله، لعل أهمها: ([62])
- تعطيل عملية التربية التي من أجلها استخدم الضرب:
فالمربي يعاقب الطفل بالضرب اعتقادا منه بأنه فعال في ايقاف السلوك السيئ للطفل، لكن الواقع يثبت العكس، فرد الفعل للعقوبة وإن كان فوريا بحيث يتوقف الطفل عن مباشرة السلوك المرفوض إلا أنه سرعان ما يعود إليه متى غاب الرقيب، ما يجعل المربي في حلقة مفرغة لا فائدة منها.
- تعثر العلاقة بين الطفل وبين الوالدين:
فبدلا من أن يشعر الطفل بأن أبويه هما ملاذه الآمن، ومنبع الحنان اللامشروط، يشعر بالخوف والرهبة، فيعمد إلى الحد من علاقته بهما خوفا من العقاب الشديد، فينشئ عالمه السري البعيد عن أبويه مما يعطل أثر الأهل في مسيرة التربية الصحيحة اللازمة للأولاد، ليتفاجأ الأهل فيما بعد بأن ابنهم مدمن أو مجرم مطالب لدى العدالة، وأن ابنتهم غير سوية السلوك، وغير ذلك من المآسي التي لا تخفى على أحد.
- تربية طفل مضطرب نفسيا:
العنف اللامشروع ضد الطفل يجعله يعاني من اضطرابات نفسية خطيرة كالوسواس القهري، والاضطرابات التحولية والانشقاقية، ومحاولات إيذاء النفس كالانتحار،([63]) أو إيذاء الغير كنوع من التنفيس عما تعرض له من أذى، وغير ذلك من الأمراض النفسية.
فقد بينت دراسة أجراها د. يحي محمد النجار، وهدفت إلى التعرف إلى البناء النفسي للطفل المعنف أسريا، وتكونت عينة الدراسة 197 طفل وطفلة تتراوح أعمارهم بين 6و16 سنة، أن الأطفال المعنفين أسريا مضطربون نفسيا واجتماعيا، وأكثر عدوانية من أقرانهم المستقرين أسريا. ([64])
- توريث ثقافة العنف للطفل وتنميتها:
معظم الأباء الذين تربوا على العنف يمارسونه تلقائيًّا مع أبنائهم، وهو ما يعرف عند علماء النفس بدورة العنف.([65])
فالطفل الذي تربى على قدسية الأبوين التي توجب عليه الطاعة العمياء، فيتقبل الضرب على أساس أنه حق لهما تجاهه يجعل منه حاضنا لاشعوريا للعنف حيث ينشأ لديه نظامٌ لمفاهيم الحياة قائمٌ على التسلُّط والعنف.([66])
- قتل الإبداع عند الطفل:
التربية بالضرب وإن كان الأولياء يرون في تطبيقها نتائج فورية، إلا أنها تقتل حب الاكتشاف والتعلم عند الطفل خوفا من العقاب، ويلغي شخصيته مما يحول دون تحقيقه لذاته وانطوائه وانسحابه من المجتمع ليتحول إلى مواطن سلبي عالة على مجتمعه.
فالطفل الذي يعايش هذا الوضع يلازمه الشعور بالدونية، وفقدان الثقة ، والخوف، والعجز وبالتالي الفشل في التكيف والاندماج والتحصيل ومواجهة مشاكل الحياة.([67])
- ضعف المهارات اللغوية لدى الطفل المعنف:
تقل المهارات اللغوية عند الطفل الذي يتعرض للضرب المفرط بسبب عدم تنميتها، إذا أنها تقوم على أساس الخوض في الموضوعات المختلفة وابداء وجهات النظر والدفاع عنها بالحجج والبراهين، وهو ما لا يستطيعه بسبب الخوف من الضرب.
فالضرب المفرط أسلوب يقلل من أهمية الإقناع والمكافأة من جهة، ومن جهة أخرى يزيد من أهمية العقاب الجسدي والتلقين.
2-3 تحول الضرب من وسيلة تأديب إلى أمارة على وجود العنف الأسري:([68])
يعد العنف الأسري مشكلة اجتماعية كانت تعتبر حتى وقت قريب مجرد ظروف اجتماعية مصاحبة للأسرة منذ تكون النظام الأسري، فلم يكن القانون في أغلب الدول يعتبر بعض أشكال العنف الأسري جريمة، بل كانت جزءاً مقبولاً من التفاعل بين الأطفال والراشدين.([69])
من الأمور التي تدعو للأسف في أسرنا العربية، أن التأديب والعنف أصبحا من المفردات المترادفة، في ضوء التقاليد الخاصة بالمجتمع العربي التي ساهمت في انتشار العنف الأسري الذي يمارس باسم التأديب نتيجة إعطاء الحق للوالدين في استخدام الأساليب القاسية أو الصارمة في تنشئة وتربية أبنائهم دون علم بالعواقب الوخيمة التي تنعكس على الطفل فلذة كبدهم، بل قد تكون هذه الأساليب في حد ذاتها من مسببات السلوك المرفوض الذي يعاقب الطفل من أجله.
وفي دراسة قام بها د. سرور قاروني خلص في نهايتها أن المجتمع البحريني كنموذج عن المجتمع العربي لا يعتبر قضية سوء معاملة الأطفال قضية اجتماعية عامة بل يعتبرها قضية عائلية خاصة مما يعطي الأهل مساحة أكبر للإساءة لأطفالهم دون اعتبار لأي مساءلة قانونية أو اجتماعية.([70])
إنه ليدعو للسخرية أن يكون الوالدين السبب الرئيس في انحراف الطفل، وهما يحسبان أنهما يحسنون صنعا في استعمال الشدة المفرطة معه.
فالتربية ما هي إلا عملية بنائية لشخصية الطفل الذي يكون بفطرته قابلا للتشكيل والتكوين، فإذا تعرض لتجارب تربوية مؤلمة اختل نموه النفسي وأصبح مهيأ للانحراف في أية مرحلة من مراحل حياته.
ثالثا: الضرب في ميزان القانون الجزائري
إذا كان الإسلام وهو القانون الإلاهي أولى الطفل الاهتمام الكامل المتكامل الذي يرافقه من أول ما يكون جنينا في ظلمات الرحم إلى أولى علامات البلوغ التي تظهر عليه ليعامل معاملة البالغ المكلف، فإن القوانين الوضعية بدأت الاهتمام به في مطلع العشرينات من القرن الماضي بظهور قوانين لحماية الطفل.
3-1 العنف الجسدي ضد الأطفال في الأسرة الجزائرية:
تعد ظاهرة العنف الجسدي ضد الأطفال في الأسرة الجزائرية من أخطر الظواهر المرضية التي تنخر جسد المجتمع الجزائري، خاصة أن الكثير من المعطيات تشير إلى تفشيها وانتشارها المتزايد لدرجة أن ممارسة العنف الجسدي ضد الأطفال في الأسرة تحولت في مفهوم العديد من الأسر إلى وسيلة للتربية والتنشئة الاجتماعية بما تحمله من مظاهر تؤثر سلبا على حاضر ومستقبل الأطفال من حيث سلوكهم ومواقفهم وتصوراتهم.([71])
ومما ساعد على استفحال هذه الظاهرة تكتم المجتمع الجزائري عليها باعتبارها أمر داخلي يخص الأسرة، بل حتى وصفها بالظاهرة الصحية التي تدل على اهتمام الأهل بتربية أطفالهم.
ومن الدراسات التي أجراها الباحثون على ظاهرة العنف في المجتمع الجزائري،([72]) الدراسة التي قامت بها الأستاذة خديجة بن فليس من جامعة باتنة والتي خلصت إلى تفشي الاساءة الجسدية وأكثر منها الإساءة النفسية في الأسر الجزائرية دون استيعاب الأولياء لنتائجها الخطيرة.
والدراسة التي قام بها الاستاذان عبد المالك بلالي وعبد العزيز رواتيني من جامعة البليدة حول التربية الاسرية وعلاقتها بانحراف المراهقين وخلصا فيها إلى أن نمط التربية التي تلقاها الوالدان في صغرهما تنعكس على تربيتهما لأولادهما.
وكشفت الدراسة التي كانت عينتها 811 طفل ينتمون إلى مركزي اعادة التربية بالبليدة وبئر الخادم بالعاصمة أن 51.02 %من الأولياء لا يقومون بواجب الحث والتوجيه الديني، وأن 27% يستخدمون العقاب الجسدي، فيما يضرب 12.07 %بسبب أمور لا تستحق ذلك، وأظهرت النتائج أيضا أن 38.27 %من الأولياء يعاملون أبنائهم بقسوة، في حين أن 43.03% لا يشعرون أبنائهم بالعاطفة، كما أن 60 %من الوالدين لا يثقون في أبنائهم، مما يفسر ظهور السلوكات المنحرفة لدى العينة المدروسة.
3-2 العنف الأسري في القانون الجزائري:
اعتبر المشرع الجزائري تأديب الطفل ملازم لحق الولاية الذي يملكه الأولياء؛ لذلك استقرت النظم القانونية على منح الأب حق التأديب([73])، لكن هذا لم يمنع المشرع الجزائري من التصدي لظاهرة الإساءة للأطفال بما فيها الاساءة الوالدية، فسن القوانين التي تحمي الطفل من سوء المعاملة و الاهمال، و جرم المسيئن إليه و سلط عليهم أقصى العقوبات ضمن عدة قوانين كقانون العقوبات، و قانون الإجراءات الجزائية، قانون العمل، قانون الأسرة و بعض الأوامر القانونية.([74])
و استطاع المشرع الجزائري أن يوجد منظومة خاصة بحماية أربع فئات من الأحداث حماية خاصة، حسب التقسيم التالي: ([75])
- الحماية القانونية للطفولة في خطر معنوي: و قد بينت المادة الأولى من الأمر 72/03 : على أنهم القصر الذين لم يكملوا سن الرشد المدني، و تكون صحتهم و أخلاقهم أو تربيتهم عرضة للخطر أو يكون وضع حياتهم مضر بمستقبلهم.
- الحماية القانونية للطفولة الجانحة.
- الحماية القانونية للطفولة المجهولة الأبوين.
- الحماية القانونية للطفولة العاملة.
و الذي يهمنا في بحثنا هذا هو الطفولة في خطر معنوي لإن الإساءة بالضرب تندرج تحتها تحت مسمى: سوء معاملة الطفل.
و لا يقتصر سوء المعاملة في التشريع الجزائري على إتيان الفعل كالضرب و الإعتداء و إنما اعتبر الإمتناع عن الفعل كالإهمال العائلي، الإمتناع عن تقديم المساعدة كالعلاج و التغذية صورا أخرى من سوء معاملة الأطفال،
و قد ركز القانون الجزائري على الضرب و الجرح العمدي حيث خصص قسما لهذا في قانون العقوبات "أعمال العنف العمدية":
فقد جاء في المادة 269 من قانون العقوبات الجزائري تحت (أمر رقم 57-47 المؤرخ في 17 جوان 1975) ما يلي:(كل من جرح أو ضرب عمدا قاصرا لا يتجاوز سنه السادسة عشر أو منع عنه الطعام أو العناية إلى الحد الذي يعرض صحته للضرر أو ارتكب ضده عمدا أي عمل آخر من أعمال العنف أو التعدي فيما عدا الايذاء و التحقيق يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات و بغرامة من 500 إلى 5000دج).
أما فيما عدا الإيذاء الخفيف يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات و بغرامة من 500 إلى 5000 دج كل جاني يقوم بالاعتداء على الطفل سواء بالضرب أو الجرح أو أي عمل من أعمال العنف، غير أنه تشدد العقوبة في الحالات التالية :
1/ إ ذا كان الجاني أحد الأصول أو من له سلطة على الطفل أو من يتولون رعايته فترفع العقوبة إلى الحبس من 3 إلى 10 سنوات و الغرامة إلى 500 حتى 6000 دج إذا لم تنشأ عن أعمال العنف مرض و عجز كلي لمدة لا تتجاوز 15 يوما .
2/ أما إذا تجاوزت مدة العجز عن 15 يوم فتكون العقوبة الحبس من 3 إلى 10 و إ ذا كان الجاني من الأصول أو من له سلطة على الطفل أو من يتولون رعايته، فتتغير وصف الجريمة لتصبح جناية معاقب عليها بالسجن من 5 إلى 10 سنوات و تضاعف العقوبة إلى 10 ـ 20 سنة إذا اقترنت الجريمة بظرف الإسرار أو الترصد .
3/ أما إذا ترتب عن أعمال العنف عاهة مستديمة و كان الطفل لا يتجاوز سن 16 فالجزاء هو السجن من 10 إلى 20 سنة أما إذا كان الجاني أحد الأصول أو من له سلطة على الطفل يعاقب الجاني بالسجن المؤبد أما إذا اقترن بظرف الاعتياد و كان الجاني أحد الأبوين يعاقب بالإعدام.
و في الأخير:
يقع على عاتق الوالدين الحرص التام على توفير الجو الأسري المستقِر المبني على الحوار و التواصل و الذي يحقق الإشباع العاطفي للطفل، فالتربية الصحيحة و التوجيه من الصغر إلى الكبر هو الوسيلة الأنجع لتنشئة جيل أفراده معتدلون عائلياً و اجتماعياً، يستطعون ضبط ميولهم النفسية، أما التقصير في ذلك له عواقبه الوخيمة.
و لم يغفل الشرع حالة الطفل النفسية فوجه المربي إلى احترام الطفل، لما لذلك من أثر بين في نموه العقلي و الجسدي، لذلك يجب تصحيح المفهوم الشائع عند الأهل من أن الضرب له نتائج سريعة لتعديل السلوك، و الحقيقة هي أنه هو الأسلوب الأسهل لانتهاجه في ظل الضغوط و المسؤوليات المُلقاة على عاتق الأهل، فلا يكلِّفون أنفسهم عناء التوجيه و الصبر على الأولاد و التفتيش عن الباعث الذي أدّى إلى الخطأ لعلاج المشكلة الحقيقية في السلوك.
و قد وافق علماء النفس علماء الشرع في ذلك بحيث نجد فـي الــدراسات النفسية الحديثة دعوة ملحة لاجتناب استخدام العقاب في التعليم، و إشارات عديدة لكون العقاب يعد أقل الأساليب التربوية فعالية في التعليم، و مع ذلك فإنِ احـتـاج المعلــم إليه فعليه أن ينبه الصبيّ إلى مواضع الخطأ قبل إيقاع العقاب عليه، و أن يبين له السلــوك البديل فيما أخطأ فيه، و إذا أوقع عليه العقاب فليكن القصد منه مصلحة الصبي دون التهجم على شخصه.
قائمة المصادر و المراجع:
المصادر
- الأنبابي، شمس الدين بن محمد ، رسالة في رياضة الصبيان و تعليمهم و تأديبهم، مخطوط.
- الأنصاري، زكريا بن محمد بن زكريا، أسنى المطالب شرح روض الطالب، دار الكتاب الاسلامي، دت.
- الباجي، سليمان بن خلف، المنتقى شرح الموطأ، دار الكتاب الاسلامي، دت.
- البخاري، أبو عبد الله اسماعيل بن محمد ، الجامع الصحيح، ط(1)،1400هـ، المكتبة السلفية، القاهرة، دت.
- البهوتي، منصور بن يونس، كشاف القناع عن متن الاقناع، دار الكتب العلمية، دت.
- البيهقي، الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين، الجامع لشعب الايمان، تحـ مختار احمد الندوي،ط(1)، 2002م، مكتبة الرشد.
-الترمذي، محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي، الجامع الصحيح سنن الترمذي، تحقيق: أحمد محمد شاكر و آخرون، دار إحياء التراث العربي، دت.
- الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر، البيان و التبين، طبع مصطفى محمد 1932م، تحقيق السندوبي، ج :2، ط:2.
- الجمل، سليمان بن منصور العجيلي المصري، حاشية الجمل، دار الفكر، دت.
- ابن الجوزي ، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن : الطب الروحني ، مطبعة الترقي، دمشق ، 1348 ه.
- الجوزية، محمد بن أبي بكر الزرعي الشهير ابن القيم، تحفة المودود في أحكام المولود، المكتبة القيمة، 1961م.
- ابن الحاج، محمد بن محمد العبدري، المدخل، دار الثرات، دت.
- الحطاب، محمد بن محمد بن عبد الرحمن، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، دار الفكر، دت.
- الخطيب، محمد بن أحمد الشربيني، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، دار الكتب العلمية، دت.
- ابن خلدون، المقدمة، تحـ: د. محمد محمد تامر، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، دت.
- ابن دقيق العيد، محمد بن علي تقي الدين، احكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، مطبعة السنة المحمدية، دت.
- أبو داود، سليمان بن الأشعث الأزدي، سنن أبي داود، تعليق عزة عبيد الدعاس، ط(1)، 1997م، دار بن حزم، بيروت.
- بن سحنون، محمد، آداب المعلمين، ملحقة في كتاب التربية في الإسلام، أحمد فؤاد الأهواني، دار المعارف دت.
- العامري، أحمد بن عبد الكريم الغزي، الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث، تحـ: فواز أحمد زمرلي، دار ابن حزم.
- العجلوني، إسماعيل بن محمد الجراحي، كشف الخفاء و مزيل الالباس عما اشتهر من الاحاديث على ألسنة الناس، دار إحياء التراث العربي، بيروت،دت.
- الغزالي،أبي حامد محمد بن محمد، إحياء علوم الدين، 2009م، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، بيروت.
- ابن فرحون، ابراهيم بن علي، تبصرة الحكام، دار الكتب العلمية، دت.
- القابسي، أبو الحسن : الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين، تحـ:أحمد خالد نشر الشركة التونسية للتوزيع ، ط(1)، تونس، 1986.
- ابن قدامة، موفق الدين عبد الله بن أحمد، المغني، دار احياء الثرات العربي.
- القرشي، محمد بن محمد بن أحمد بن الإخوة، معالم القربة في معالم الحسبة، دار الفنون كمبردج.
- ابن كثير، أبو الفداء اسماعيل بن عمر القرشي الدمشقي، تفسير ابن كثير، تحـ: سامي بن محمد سلامة، ط(2)، 1999م ، دار طيبة للنشر والتوزيع.
- مروك نصر الدين، الحماية الجنائية للحق في سلامة الجسم في القانون الجزائري و القانون المقارن، الديوان الوطني للشغال التربوية، الجزائر، ط(1)،2003م.
- المزي،جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي، تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف، تحـ: عبد الصمد شرف الدين، ط(2)،1403هـ، 1983م المكتب الإسلامي، والدار القيّمة.
- مسلم، بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري، صحيح مسلم، تحـ : محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي – بيروت .
- المقدسي، محمد بن مفلح بن محمد، الآداب الشرعية و المنح المرعية، عالم الكتب.
- المواق، محمد بن يوسف العبدري، التاج والاكليل لمختصر خليل، دار الكتب العلمية.
- ابن نجيم، زين الدين ابن ابراهيم، البحر الرائق شرح كنز الحقائق، دار الكتاب الاسلامي.
- النووى، رياض الصالحين، تحـ: تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي بيروت.
- ابن الهمام، كمال الدين بن عبد الواحد، فتح القدير، دار الكتب.
- الهيتمي، أحمد بن محمد بن علي بن حجر، تحفة المحتاج في شرح المنهاج، دار احياء الثرات العربي، دت.
- الهيثمي، نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، مجمع الزوائد و منبع الفوائد المؤلف، 1412هـ دار لفكر، بيروت.
المراجع:
- د. جلنك محمد زكي حسن، الطفل حتى سن الخامسة، دار المثنى للطباعة و النشر، بغداد، العراق.
- د. كريمان محمد بدير، مشكلات طفل الروضة و أساليب معالجتها، ط(1)، 2007م، دار الميسرة للنشر و التوزيع ، الأردن.
- الدباغ، فخري، الموت اختيارا، دراسة نفسية اجتماعية موسعة لظاهرة قتل النفس، بيروت، دار الطليعة، ط(2)، 1986.
- يونس، انتصار، السلوك الانساني، مصر دار المعارف، 1986م.
- هول، ك،ج.لندزي، نظريات الشخصية، ترجمة د. فرج أحمد فرج و آخرون، دار الفكر العربي، 1969م، ص: 178.
- يامن سهيل مصطفى، العنف الأسري وعلاقته بالتوافق النفسي لدى المراهقين، رسالة ماجستير، جامعة دمشق، 2010.
- أسيا بنت علي راجح بركات، العلاقة بين أساليب المعاملة الوالدية و الاكتئاب لدى بعض المراهقين و المراهقات المراجعين لمستشفى الصحة النفسية بالطائف، جامعة أم القرى، 2000م.
- حسين عبد الفتاح الغامدي، دراسة مقارنة لسمات الشخصية المميزة للجانحين و غير الجانحين بالمملكة العربية السعودية، رسالة ماجستير، 1993م،مكة المكرمة، جامعة أم القرى.
المجلات:
- جريدة الوسط، العدد 2378، الأربعاء 11 مارس 2009.
- العنف الأسري، تأثيرات الشارع وضعف الاتصال، جريدة المساء 09/07/2008م.
- مجلة الجامعة الإسلامية، العدد الأول، المجلد السابع، يناير 1999م، ص:149.
- د. يحي محمد النجار، البناء النفسي لدى الأطفال المعنفين أسريا، مجلة الجامعة الاسلامية، المجلد الثامن عشر، العدد الثاني، ص ٥٥٧ - ص ٥٩٥ يونيو 2010.
- مجلة شبكة العلوم النفسية العربية، العدد 1، جانفي، 2004.
- محمد بن شاكر الشريف، نحو تربية اسلامية راشدة، مجلة البيان، ط(1)، 2006، الرياض.
- خليل ابراهيم السعادات، طرق تنمية الاعتماد على النفس، ومراقبة الأبناء لدى عينة من الأباء الدارسين، مجلة كلية التربية، العدد:18، 2001م، جامعة الإمارات العربية المتحدة.
- النعمان بن عبد الرحمن المشعل، أحكام الجناية المترتبة على التأديب في الفقه الاسلامي و تطبيقاتها في محاكم منطقة الرياض، مجلة العدل، العدد (10)، 1422هـ.
- ماجد أبو جابر، إدراكات الوالدين لمشكلة إهمال الأطفال و الإساءة إليهم في المجتمع الأردني، المجلة الأردنية في العلوم التربوية، مجلد 5، عدد 1، 2009م.
- عمر النمري، الثواب و العقاب في التربية، مجلة البيان، العدد (137)، محرم 1420، يونيو
1999 .
- أ. عبد الحليم بن مشري، واقع حماية حقوق الانسان في قانون العقوبات الجزائري، مجلة المنتدى القانوني، العدد الخامس، جامعة محمد خيضر، بسكرة.
مواقع الألكترونية:
- علم نفس المراحل العمرية أ/د عمر المفدى، ص:393. http://rowad-ryd.com/index.php?t=content&tid=339&cid=307
- د. أحمد بن عبد العزيز الحليبي، حماية الإسلام للطفل من الإساءة و الإهمال، 1425هـ، ص:27،http://www.musanadah.com/images/Hemaet_Eslam.pdf
- مام عواطف، ظاهرة العنف ضد الأطفال، 09 نوفمبر 2010م ، http://el-kantara.yoo7.com/montada-f33/topic-t576.htm
- د. سرور قاروني، دراسة في نظرة المجتمع البحريني لسوء معاملة الأطفال و الإهمال، الواقع و التداعيات، مركز البحرين للدراسات و البحوث، 09 نوفمبر 2010م.
http://www.befreecenter.org/Upload/papers/socialview.pdf
-القاضي: بن رزق الله اسماعيل، حقوق الطفل وفقا للتشريع الجزائري، 2008م-2009م، http://www.courdetebessa.mjustice.dz/document/conf_benrzkallah_ismail.pdf
http://www.befreecenter.org/Upload/papers/socialview.pdf