الكرد والعرب: نقمة الجغرافيا أم نعمتها؟
عبد الحسين شعبان
مع كل ربيع وعند كل عيد "نوروز" وحيث يتم استذكار كاوا الحداد الذي أضرم النار في الجبال، فأينعت أزهاراً كما تقول الأسطورة، أستعيد ثلاثة أحداث مهمة لعلاقة العرب بالكرد، وهذه الأحداث الثلاثة تركت بصمتها على التاريخ العراقي المعاصر، خصوصاً لما لها من دلالة مهمة تستوجب أخذ الدروس والعبر منها، ولاسيّما ما صاحبها من مآسي.
والدلالة التي نستخلصها من تلك الأحداث تؤكد أن الحكومات التي مرّت على العراق بقضها وقضيضها فشلت في القضاء على الحركة الكردية أو في لجم مطالب الشعب الكردي العادلة والمشروعة، ولاسيّما بالخيار العسكري والأمني، مثلما تؤكد إخفاق الحركة الكردية في الوصول إلى تحقيق أهدافها عبر العمل المسلّح، الأمر الذي تطلّب في الحاضر، وربما في المستقبل التفكير والبحث للوصول إلى حلول ومعالجات بالخيارات السلمية التي ترضي الطرفين.
أما الأحداث الكبرى التي مرّت بالشعب الكردي بشكل خاص وبالعراق عموماً، فإنها تركت تأثيرات عميقة على تطوره من جهة وعلى علاقاته مع جيرانه من جهة أخرى، سلباً أو إيجاباً، فهي:
الحدث الأول- صدور بيان "اتفاقية" 11 مارس (آذار) لعام 1970، حيث تم الاتفاق على حل سلمي للمسألة الكردية بين الحكومة العراقية في حينها برئاسة أحمد حسن البكر رئيس الجمهورية، وبين قيادة الحركة الكردية بزعامة الملّا مصطفى البارزاني من جهة أخرى. وقد اعترف البيان الذي أسماه الكرد قبل العرب بـ "التاريخي"، بكون الشعب العراقي يتألف من قوميتين رئيستين؛ هما العربية والكردية، وثبت ذلك دستورياً، ثم صدر قانون الحكم الذاتي العام 1974، وعلى الرغم من نواقصه وعيوبه، لكنه كان خطوة أولية لإيجاد مؤسسات تشريعية وتنفيذية لإقليم كردستان. وكانت ثورة يوليو (تموز) لعام 1958 قد اعترفت في أول دستور لها ولأول مرة بشراكة العرب والأكراد.
وللأسف، فإن تعقيدات المشهد السياسي الداخلي وتعاظم نزعة التسلّط والاستئثار في الحكم، إضافة إلى التداخلات الخارجية، الإقليمية والدولية، دفعت الأمور إلى الصدام المسلّح، خصوصاً في أجواء انعدام الثقة، وهكذا تجدّدت الحرب ورجح الخيار العسكري مرّة أخرى في العام 1974 والتي استمرت لنحو عام واحد، وتوقفت بعد توقيع اتفاقية 6 مارس (آذار) المعروفة باسم "اتفاقية الجزائر" 1975 بين شاه إيران محمد رضا بهلوي وصدام حسين نائب الرئيس العراقي حينها، وكان أول ضحاياها هم الكرد، ولا تزال آثار هذه الاتفاقية غير المتكافئة حاضرة في الواقع العراقي.
كانت زيارة الشيخ حسن روحاني رئيس الجمهورية الإسلامية إلى بغداد 11-12 مارس (آذار) 2019 مناسبة لاستحضار آثار تلك الاتفاقية المجحفة، وارتفعت بعض الأصوات التي تطالب بإعادة النظر فيها أو تعديلها، ولاسيّما ما يتعلّق بحقوق العراق في المياه واليابسة، سواء بخط الثالويك الذي أدى إلى انحسار نهر شط العرب باتجاه الأراضي الإيرانية بما يزيد عن 2000 م واستعادة مناطق ناوزنك "نوكان" في كردستان التي تزيد على 1000 م، إضافة إلى تعديل الحدود.
مثلما استغلّت حكومة إيران أكراد العراق لضعضعة أركان الحكم في بغداد، فإن حكومة بغداد حاولت استغلال أكراد إيران، خصوصاً بعد العام 1979
وبحسب وزير النقل الأسبق عامر عبد الجبّار، فإنّ العراق خسر نحو كيلومترين من شطّ العرب لصالح إيران نتيجة للتغيّرات الطبيعيّة، والإهمال العراقيّ لكري الشطّ، فضلاً عن التلاعب الإيرانيّ بتغيير مجرى نهر الكارون الذي يصبّ في شطّ العرب، علاوة على رمي نفايات من قبل العراق وإيران في الشطّ.
ومثلما استغلّت حكومة إيران أكراد العراق لضعضعة أركان الحكم في بغداد، فإن حكومة بغداد حاولت استغلال أكراد إيران، وخصوصاً بعد العام 1979، وكانت "اتفاقية الجزائر" سبباً في اندلاع الحرب العراقية- الإيرانية (1980-1988)، وبعد ثماني سنوات من حرب ضروس أعاد النظام السابق العمل باتفاقية شط العرب برسالة وجهها الرئيس العراقي صدام حسين إلى الرئيس الإيراني علي أكبر هاشمي رفنسجاني؛ وذلك بتاريخ 15 أكتوبر (تشرين الأول) العام 1990؛ أي بعد غزو القوات العراقية للكويت في 2 أغسطس (آب) من العام ذاته.
الحادث الثاني- قصف مدينة حلبجة الكردية "الجميلة" بالسلاح الكيمياوي في 16/17 مارس (آذار) 1988 وهي مدينة حدودية بالقرب من بحيرة دربندي، حيث تم رشّها بغاز الخردل، وأصيب إثر ذلك خمسة آلاف مواطن كردي عراقي، فقد الكثير منهم حياته في الحال. وكانت المدينة قد شهدت محاولات اختراق إيراني إضافة إلى وجود قوات للمعارضة الكردية حينها، وقد حاول كل طرف (إيران والعراق) أن يرمي المسؤولية على الطرف الآخر.
وكان هذا الحادث الذي هزّ الضمير العالمي، واستدعى من الحركة الحقوقية الدولية الإدانة، قد استُغِلّ من جانب القوى الدولية المتنفّذة، ولاسيّما الولايات المتحدة، التي قالت تقاريرها في البداية، أن الأقمار الصناعية لم تسجل استخدامها من جانب بغداد أو من جانب طهران، وإنْ نشرت أخباراً تحمل وجهات نظر متناقضة أحياناً، بتحميل هذا الطرف أو ذاك المسؤولية، لكنها عادت بعد انتهاء الحرب لتدمغ الحكومة العراقية وتحدّد مسؤوليتها، خصوصاً في مؤتمر تم تنظيمه في باريس العام 1989 لهذا الغرض، وزاد الأمر "توثيقاً" ومطالبة بعد احتلال القوات العراقية للكويت، بل أصبح نزع أسلحة العراق للدمار الشامل مادة مكررة في القرارات الدولية في مجلس الأمن الدولي ونظام العقوبات الذي اتبع منذ العام 1990 ولغاية العام 2003، حتى تمت الإطاحة بالنظام السابق واحتلال العراق.
ولعلّ من تداعيات الغزو ونتائجه صدور قرار مجلس الدولي رقم 688 في 5 أبريل (نيسان)1991، الذي أكّد احترام حقوق الإنسان والحقوق السياسية لجميع المواطنين ووقف القمع الذي تتعرّض له المنطقة الكردية وبقية مناطق العراق، وذلك بالترافق مع مشاهد الهجرة الجماعية للكرد إلى الحدود باتجاه تركيا وإيران بعد هزيمة القوات العراقية وانسحابها من الكويت، حيث توجّهت بعض هذه القوات، ولاسيّما بعد اجتماع خيمة صفوان لقمع الهبّة الشعبية التي اندلعت في كردستان والتي أشعل شرارتها الأولى محافظات الجنوب والفرات الأوسط.
ويشكّل هذا التاريخ عودة القضية الكردية ثانية إلى الأروقة الدولية منذ الالتفاف على معاهدة سيفر الصادرة في العام 1920، والتي اعترفت بجزء من حقوق الشعب الكردي، بإبرام معاهدة لوزان للعام 1923، وهكذا بدأ مسلسل جديد للقضية الكردية ولعلاقة العرب بالأكراد.
الحدث الثالث- احتلال العراق في 9 نيسان (ابريل) 2003 وبداية فصل جديد للعلاقة العربية- الكردية، اتخذ بُعداً دستورياً وقانونياً وعملياً، لاسيّما في ظلّ وجود "المنطقة الآمنة" (ٍSafe heaven)، حيث حكم الأكراد أنفسهم بعد انسحاب الإدارة الحكومية منذ أواخر العام 1991 وأجروا انتخابات برلمانية في العام 1992 واتخذوا قراراً في 4 أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه بصيغة جديدة لحكم العراق على أساس الاتحاد الفيدرالي، وهو ما تم إقراره في قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية والدستور الدائم (2005).
وعلى الرغم من الاستقرار النسبي للمنطقة الكردية، فإن ما أصاب العراق من ويلات ومآسي ونكبات بعد الاحتلال وأهمها اندلاع الفتنة الطائفية- الإثنية انعكس على عموم العراق الذي لم يشهد تطوراً وتراكماً مطلوباً، بل عمّت الفوضى جميع مرافق الدولة، بما فيها علاقة الدولة الاتحادية بالإقليم. وكان الحاكم المدني الأمريكي للعراق بول بريمر قد أسس مجلس الحكم الانتقالي وفقاً لنظام المحاصصة الطائفية- الإثنية التي أصبحت بؤرة للتوتر وللحصول على الغنائم في ظل زبائنية تنافسية على حساب الآخر أحياناً، خصوصاً بضعف مرجعية الدولة، وذلك بعد حل الجيش والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية المختلفة، مما دفع البلاد لموجة إرهابية شديدة بدأتها القاعدة وواصلها داعش الذي احتل الموصل في 10 يونيو (حزيران) العام 2014 وتمدد إلى محافظات صلاح الدين والأنبار وأجزاء من ديالى وكركوك وصولاً إلى مشارف العاصمة بغداد، وتطلب إقامة تحالف دولي للقضاء عليه (أواخر العام 2017)، لكن ذلك كشف أيضاً هشاشة العلاقات بين الإقليم والحكومة الاتحادية، وهو ما برز خلال ما سمّي بالاستفتاء الكردي وردود الفعل المختلفة ضده (25 سبتمبر/أيلول/2017).
وإذا كان هذا الوجه الرسمي للعلاقة العربية- الكردية من خلال الأحداث الكبرى، فهناك وجه آخر أساسه المجتمع المدني والقوى اليسارية التي ساندت كفاح الشعب الكردي منذ عقود من الزمان، وهي وإن انتقدت الحكومات المتعاقبة الدكتاتورية والشوفينية والاستعلائية، لكنها في الوقت نفسه انتقدت ضيق الأفق والانعزالية وتأثير القوى الخارجية على الحركة الكردية، وكانت قد رفعت منذ الثلاثينات شعار "على صخرة الأخوة العربية- الكردية تتحطم مؤامرات الاستعمار والرجعية".
وبهذه المناسبة، يمكن التوقف عند الموقف المتميز لليسار العراقي الذي كان قد بلور فكرة "حق تقرير المصير" للكرد منذ العام 1935، واتخذ قراراً في الكونفرنس الثاني للحزب الشيوعي العام 1956 بالانطلاق من الفكرة الأولى إلى بلورة شعار عملي أساسه "الاستقلال الذاتي" في إطار بحث مشروع عن الهويّة والوحدة القومية، ولاسيّما التلازم بين الحركة القومية العربية والحركة القومية الكردية، بصفتهما حركتي تحرر وطني تناضلان من أجل أهدافهما التحررية الديمقراطية.
كما لعبت الحركة الحقوقية المدنية والسلمية دوراً في دعم حقوق الكرد المشروعة، أشير هنا إلى مواقف متميزة للتيار الديمقراطي ممثلاً بـ كامل الجادرجي وحسين جميل والحركة اليسارية الديمقراطية ممثلة بـ عبد الفتاح إبراهيم وعزيز شريف وآخرين إضافة إلى بعض المؤيدين من الحركة القومية العربية. وكان لكاتب السطور دور في مبادرة قام بتنظيمها لأول حوار عربي- كردي في التاريخ المعاصر قبل أكثر من ربع قرن (1992) حيث التأم حوار ضم 50 مثقفاً كردياً وعربياً (من أقطار مختلفة) لمناقشة إشكاليات ومشكلات العلاقة بين العرب والكرد وسبل البحث عن الحلول المشتركة (في إطار المنظمة العربية لحقوق الإنسان). وهكذا اتخذ الحوار العربي- الكردي بُعداً جديداً بعد أن بدأ في إطار المجتمع المدني، وهو الحوار الذي تجدّد في القاهرة العام 1998، إضافة إلى حوارات أخرى.
وإذا كان الحوار "فرض عين وليس فرض كفاية" كما يُقال بين الجهات والجماعات السياسية المشاركة في الحكم وخارجه وبين الحكومة الاتحادية بشكل خاص وبين حكومة إقليم كردستان، فإنه اليوم وبعد تجارب عديدة يصبح أكثر راهنية، ويمكن للمجتمع المدني أن يكون شريكاً فاعلاً فيه ومكمّلاً في اتخاذ القرار، خصوصاً حين كادت التجربة أن تتعرّض للتصدّع بفعل عوامل مختلفة داخلية وخارجية، حيث كان إعلان القيادة الكردية التوجه لإجراء استفتاء في 25 سبتمبر (أيلول) العام 2017، الشعرة التي قصمت ظهر البعير كما يُقال، وشهدت البلاد ردود فعل مختلفة حادة وصاخبة غذّتها نزعات استعلائية وشوفينية من جهة وضيق أفق وانعزالية من جهة أخرى، الأمر الذي يتجدد أحياناً بأشكال عديدة.
لا بدّ للمثقفين الكرد تبديد مخاوف العرب بتأكيد اعتبارهم جزءًا من العراق في إطار حق تقرير المصير الذي اختاروه عبر النظام الفيدرالي
ولعلّ ما يجري هذه الأيام من تراشقات بين رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي من جهة وقيادة الإقليم والحزب الديمقراطي الكردستاني من جهة أخرى، هو امتداد لحساسيات قديمة انعكست تأثيراتها داخل البرلمان وفي الإعلام، حول مسألة كركوك وإدارتها وحول موضوع تصدير النفط، حيث تثار شكاوى حول تجاوز الإقليم على الكمية التي تم الاتفاق على تسليم أثمانها للحكومة العراقية، إضافة إلى قضايا أخرى، يعود قسم منها إلى الدستور ذاته الذي احتوى على الكثير من الألغام حول علاقة الدولة الاتحادية بالإقليم وصلاحيات الأخير، بما فيها الإدارية والتشريعية والبيشمركة، ناهيك عن جوانب عملية، ثم ضعف الثقة والمصالح الخاصة التي ترتبت خلال الفترة المنصرمة.
ولعلّ عدم وجود مؤسسة بحثية رصينة ودراسات اختصاصية معمّقة يجعل ردود الأفعال إزاء بعض القضايا هي الطاغية، وكانت قد ارتفعت دعوات منذ فترة طويلة إلى تأسيس معهد عربي- كردي متخصص ويمكن توسيعه إلى معهد للدراسات الشرقية، ولاسيّما للشعوب المجاورة بحيث يدرس علاقتها مع بعضها، خصوصاً (عرب، ترك، فرس، كرد) هدفه تنشيط حركة التواصل والنشر والترجمة والاطلاع على آداب وفنون وثقافات كل طرف بما لدى الطرف الآخر، إضافة إلى التحدّيات والمخاوف التي تواجه الهوّية المشتركة للعرب والكرد والترك والفرس، والهوّية الخاصة لكل منهم على انفراد.
وقد تسهم مبادرة من هذا النوع في تعزيز العلاقات من جهة وفي تذليل العقبات والمصاعب من جهة أخرى، ولاسيّما إذا انطلقت من تعظيم الجوامع وتقليص الفوارق، وذلك في إطار التكامل الإقليمي، وكان الأمير الحسن بن طلال قد دعا إلى حوار بين "أعمدة الأمة الأربعة" وشملت مبادرته التي لقيت صدى إيجابياً واسعاً واستجابة كبيرة لمثقفين من العرب والكرد والفرس والترك. وشكّلت تلك المبادرة إطاراً يمكن مواصلته وتغذيته باستمرار ليأخذ مداه الذي يستحقه في إطار حوار سلمي مدني حضاري يعزز المشتركات ويُبعد المختلفات ويبحث عن الحلول للإشكاليات والمشكلات.
وبخصوص العرب والكرد فإن وقفة مراجعة ضرورية لتنقية الأجواء، وهو ما يحتاجه الطرفان، خصوصاً في ظلّ محاولات تستهدف كليهما وذلك من خلال:
- محاولة عزل الكرد عن المحيط العربي، وإضعاف ما هو مشترك وإيجابي في العلاقات وتقديم ما هو خلافي وإشكالي.
- اعتبار العرب والعروبة مسؤولان عمّا حدث للكرد من اضطهاد وعسف شوفيني، وتحميل العرب والعروبة ارتكابات النظام السابق وآثامه.
- اتهام الكرد بالانفصالية والعداء للعرب لمطالبتهم بحق تقرير المصير وإقامة كيانية خاصة مستقلة، وتحميلهم مسؤولية ما حدث وما يحدث بعد الاحتلال. ومثلما ينبغي التمييز بين عروبة الحكّام المستبدين وعروبة العرب، فإن ضيق أفق بعض النخب الكردية الانعزالية لا ينبغي أن يتحمّله المثقفون الكرد.
- تقديم ما هو طارئ ومؤقت وآني من قضايا شائكة ومعقدة، على حساب ما هو استراتيجي وثابت وبعيد المدى.
- عدم اكتراث بعض عرب العراق بمسألة كرد إيران وكرد تركيا وكرد سوريا وحقوقهم المشروعة.
- عدم اكتراث بعض كرد العراق أو غيرهم من الكرد بالعلاقات مع "إسرائيل" وبحقوق الشعب العربي الفلسطيني.
ولكي تتعزّز الثقة بين الطرفين فلا بدّ للمثقفين العرب تبديد مخاوف الكرد؛ وذلك من خلال تعزيز وتوطيد العلاقة والتفاهم والمشترك الإنساني، والاعتراف بحقوقهم لا باعتبارها منّة أو هبة أو هديّة، بقدر كونها إقراراً بواقع أليم، فضلاً عن مبادئ المساواة والعدالة والشراكة والمواطنة المتكافئة التي هي الأساس الذي ينبغي أن يقوم عليه بناء الدولة، مثلما ينبغي أن تقوم عليه العلاقات بين الشركاء.
كما لا بدّ للمثقفين الكرد تبديد مخاوف العرب بتأكيد اعتبارهم جزءًا من العراق في إطار حق تقرير المصير الذي اختاروه عبر النظام الفيدرالي، علماً بأن لا سعادة للعرب من دون الكرد، ولا سعادة للكرد من دون العرب في العراق، لأن مصيرهما مشترك وذلك قدر الجغرافيا، سواء أكان نقمة أم نعمة.