حوار من أجل الحياة

حسان العماري

 

الحمدُ لله خلَق الإنسانَ ولم يكن شيئًا مَذكورًا، وصوَّره    فأحسَن صورتَه فجعله سميعًا  بصيرًا، وأرسَل إليه رسلَه وأقام عليه حجَّته وهداه السبيلَ إمَّا شَاكرًا وإمّا كفورًا، أحمَده سبحانَه وأشكره شكرَ من لم يرجُ من غيرِه جزاءً ولا شكورًا، وأشهد  أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له إنّه كان حليمًا غفورًا، وأشهد أنّ سيّدنا ونبينا  محمَّدًا عبد الله ورسوله، بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة وعبد ربَّه حتى تفطّرت قدماه فكان  عبدًا شكورًا، صلّى الله وسلم وبارك عليه وعلى آلِه وأصحابه رجالٍ صدقوا  ما عاهَدوا الله عليه فكان جزاؤهم موفورًا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان.

صلاةً وسلامًا وبركات دائمات رَواحًا وبُكورًا أما بعد:  

يقول سبحانه وتعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) (البقرة 30-32).

عباد الله : من يتأمل في هذه الآيات يتسائل هل كان الله سبحانه وتعالى يحتاج وهو يقرر خلق الإنسان وإستخلافه في الأرض إلى أن يحاور الملائكة أو أن يسمع لآرائهم في مثل هذه القضية … كلا وتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً فهو الذي ( لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) (الانبياء:23) ولكنها سنة الله في خلقه أن يجعل من الحوار أسلوباً لتقرير القيم وتأصيل المبادىء وتطييب الخواطر ومعرفة كوامن النفوس وإعذاراً للخلق وبياناً للحق وله سبحانه في خلقه شئون وحق له أن يفعل ما يشاء.

ولذلك فقد خاطب وحاور سبحانه وتعالى أنبياءه ورسله وأوحى إليهم و قررهم وسمع كلامهم  فقال عن نوح عليه السلام

( وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ  قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (هود 45-46) و قال تعالى عن عيسى  عليه السلام  (وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) (المائدة116).

بل لقد حاور الله سبحانه وتعالى إبليس اللعين واستمع لرأيه  فقال تعالى وقد أمره بالسجود لآدم عليه السلام ( قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ) ( الأعراف 11-16).

لقد ضرب الله عز وجل المثل الأعلى لعباده المؤمنين في الحِوار في القرآن الكريم كي يتأدبوا بالهدي الإلهي في الدعوة إلى الحق، وتدبير أمور دينهم ودنياهم، وحل المشكلات التي تواجههم في حياتهم  وتنظيم العلاقات فيما بينهم، وحفلت سور القرآن الكريم بصور متباينة وحوادث متعددة وأزمنه متغيرة كل ذلك ليكون الحوار وسيلة حضارية راقية لبناء الحياة وحل المشكلات وتطييب النفوس ومن أجل الوصول من خلاله إلى أصح الأراء وأفضل النتائج وجعل سبحانه وتعالى الحوار وسيلة للتعايش بين الأمم والأفراد والشعوب قال تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات:13)  فلا يحق لأحد أن يتسلط برأيه على الآخرين دون أن يسمع لآرائهم وتطلعاتهم فلا يجوز مثلاً .. أن يحرم الطالب من التعبير عن رأيه ويستبد به أستاذه وهو يريد أن يتعلم ويسأل ويستفسر ويطرح آرائه ولا يجوز أن تمنع المرأة من الحوار وإبداء الرأي مع زوجها ومع مجتمعها فيما يخصها في بيتها وأسرتها .. ولا يجوز أن يمنع الفرد مهما كان من التحدث عن رأيه والتعبير عن قضاياه  المختلفة والأبناء كذلك من  حقهم علينا أن نسمع إليهم وأن نتحدث معهم عن طموحاتهم وأمنياتهم … والجماعات والقبائل والدول يجب أن يكون الحوار بينهم وسيلة للحياة وطريق لحل المشكلات ووأد الفتن وتجنيب البلاد والعباد ويلات الحروب والصراعات وعندما يعتْد كل فرد أو جماعة برأيه ويعمل على مصادرة آراء الآخرين وأطروحاتهم فقد اكتسب صفة من صفات الاستبداد قال تعالى على لسان فرعون ( مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) (غافر/29)  والحوار لا يكون بين المتخاصمين فقط أو المختلفين حول قضية من القضايا وإنما يكون أيضاً في نقاط الاتفاق لتصويبها وتحسينها واختيار أفضلها في البيوت والمؤسسات وبين الأصدقاء ومع الموظفين وبين الإخوة وبين أفراد القبيلة الواحدة والأسرة الواحدة والأمة الواحدة   …   وإن مما أبتليت فيه الأمة اليوم وظهر جلياً في سلوك أبنائها الإعجاب بالرأي ومصادرة آراء الآخرين في الفصل الدراسي وفي الوظيفة  وفي البيت ومع الجيران وفي علاقاتنا الاحتماعية والسياسية  وهذا مما حذر منه صلى الله عليه وسلم فعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه وقد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تأويل قوله تعالى: “عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم”، فقال: “ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوى متبعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، ودع العوام“. ( أبو داوود والترمذي وبن ماجه )

عباد الله: ولأهمية الحوار وضرورته فقد أتخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيلة للدعوة والبلاغ والتربية وإقامة الحجة وتطييب النفوس وتصويب الأخطاء وبناء القيم فحاور اليهود و النصارى والمشركين وحاور أصحابه ونساءه وهو رسول الله وسيد ولد آدم وخاتم الأنبياء والمرسلين … يوم حنين أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوزع الغنائم على المؤلفة قلوبهم والمهاجرين ولم يعطي الأنصار منها شيء وهم الذين آوو ونصروا وقدموا حياتهم وأموالهم من أجل هذا الدين فغضبوا ووجدوا في أنفسهم فجمعهم رسول الله وحاورهم وهو يريد من هذا الحوار أن يحل هذه الإشكالية وأن يُطيب النفوس وأن يبن الحقائق فقال ( يا معشر الأنصار، مقالة بلغتني عنكم، وجدة وجدتموها علي في أنفسكم؟ ألم آتكم ضلالا فهداكم الله؟ وعالة فأغناكم الله؟ وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟ قالوا: “بلى، “الله ورسوله أمَنّ وأفضل” ثم قال: ألا تجيبونني يا معشر الأنصار؟ قال: “أجيبوا” قالوا: “بماذا نجيبك يا رسول الله؟ لله ولرسوله المن والفضل.” قال صلى الله عليه وسلم : أما والله لو شئتم لقلتم، فلصَدقتم ولصُّدِقتم: “أتيتنا مكذبا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدا فآويناك، وعائلا فآسيناك“. أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا، ووكلتم إلى إسلامكم؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار، أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده؛ لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا؛ لسلكت شعب الأنصار. اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار  فقالوا بلسان رجل واحد رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم قسماً وحضاً “.

 ماذا لو لم يحاورهم ويسمع كلامهم لأمتلأت النفوس غيظاً وحنقاً ولاتسعت دائرة الفتنة وظهر الخلاف والشقاق ولكنه صلى الله عليه وسلم حاورهم وطيب نفوسهم وأقنعهم وأرضاهم وهو لم يعطيهم ديناراً ولا درهما.

واليوم كم من مشكلة تحدث بين الإخوة والجيران والزملاء فيحل الهجران وتقطع الأرحام سنوات … كل معجب برأيه وقوله وموقفه ولو استمع كل فريق للآخر لحُلت المشكلات ولذهبت الضغائن وصفت النفوس …  بل لقد كانت المرأة المسلمة تعبر عن رأيها وتحاور وتجادل رسول الله وهو يسمع صلى الله عليه وسلم  وهو يستمع إليها ويحاورها بكل تفاعل وحنو ورحمة روى مسلم بن عبيد أن أسماء بنت السكن  أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه الكرام رضي الله عنهم جميعا، فقالت: بأبي وأمي يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، وإني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين، كلهن يقلن بقولي وعلى مثل رأيي:  إن الله تعالى بعثك إلى الرجال والنساء كافة، فآمنا بك واتبعناك، وإنا معشر النساء مقصورات و قواعد البيوت، ومواضع شهوات الرجال، وحاملات أولادهم، وإن معاشر الرجال فضلوا علينا بالجُمع والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والجهاد في سبيل الله، وإذا خرجوا إلى الجهاد حفظنا لهم أموالهم، وغزلنا أثوابهم، وربينا أولادهم، أفنشاركهم في هذا الأجر يا رسول الله؟ فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه إلى أصحابه ثم قال: هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالا عن دينها من هذه؟ فقالوا: لا والله يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها فقال: انصرفي يا أسماء، وأعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها لمرضاته، واتباعها لموافقته، يعدل كل ما ذكرت للرجال  فانصرفت أسماء وهي تهلل وتكبر استبشاراً بما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ..  وخطب عمر بن الخطاب المسلمين يوماً فقال: لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقية، فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال، فقالت امرأة من صف النساء: ما ذاك لك• قال: ولِمَ؟ قالت لأن الله تعالى قال: (وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً) النساء:20، فقال عمر رضي الله عنه: أصابت المرأة وأخطأ عمر …  بل يستمع صلى الله عليه وسلم – لشاب يستأذنه في الزنا فلم ينهره ولم يزجره بل قرَّبه إليه وسأله : أترضاه لأمك ؟ أترضاه لأختك ؟ حتى أقنعه ثم وضع يده الشريفة على صدر الشاب وأخذ يدعو له فكان أطهر شاب في المدينة …  فهل كانت تربيته صلى الله عليه وسلم لأصحابه فاشلة حتى يقدم شاب على مثل هذا القول كلا .. بل هي العظمة في التربية فقد وجد الشاب نفسه في حالة ضعف فذهب إلى المربي الفاضل والمعلم القدير فحاوره وخاطبه وأقنعه ووجه سلوكه وعالجه من نزغات النفس والشيطان… فما أحوجنا إلى هذه التربية وإلى هذه الثقافة في حياتنا اليوم فالإسلام ليس كهنوتا .. ولا خضوعا وانقيادا من بعض الناس لبعضهم إنما الإسلام حياة .. والحياة حركة .. والحركة تستلزم التخطيط والتدبير .. ولا تخطيط ولا تدبير إلا بمعلومات صحيحة .. ولا وصول لمعلومات صحيحة إلا بمناقشة مستفيضة يتوافر لها ضمانات الصدق والجدية .. وما تلك المناقشة إلا حوار  وإن حياة الأمم والدول اليوم لا تبنى إلا بالحوار … اللهم ألف بين قلوبنا وأصلح فساد ذات بيننا وردنا إلى دينك رداً جميلا…  قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه .

عباد الله : ألا وإن أعظم حوار ما يكون بين العبد وربه فقد جاء في الصحاح، والسنن المسانيد، من رواية  أنس، وأبي هريرة، إذا كان أهل الجنة في الجنة نادى منادٍ : يا أهل الجنة إن ربكم تبارك وتعالى يستزيركم فحيى على زيارته، فيقولون سمعاً وطاعة، وينهضون إلى الزيارة مبادرين، فإذا بالنجائب قد أعدت لهم، فيستوون على ظهورها مسرعين، حتى إذا انتهوا إلى الوادي الأفيح الذي جعل لهم موعداّ، وجمعوا هناك، فلم يغادر الداعي منهم أحداً، أمر الرب سبحانه وتعالى بكرسية فنصب هناك، ثم نصبت لهم منابر من نور، ومنابر من لؤلؤ، ومنابر من زبرجد، ومنابر من ذهب، ومنابر من فضة، وجلس أدناهم – وحاشاهم أن يكون بينهم دنيء – على كثبان المسك، ما يرون أصحاب الكراسي فوقهم العطايا، حتى إذا استقرت بهم مجالسهم، واطمأنت بهم أماكنهم، نادى المنادي: يا أهل الجنة سلام عليكم .. فلا ترد هذه التحية بأحسن من قولهم: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ياذا الجلال والإكرام. فيتجلى لهم الرب تبارك وتعالى يضحك إليهم ويقول: يا أهل الجنة : فيكون أول ما يسمعون منه سبحانه و تعالى: أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني، فهذا يوم المزيد. فيجتمعون على كلمة واحدة: أن قد رضينا، فارض عنا، فيقول: يا أهل الجنة إني لو لم أرض عنكم لم أسكنكم جنتي، هذا يوم المزيد، فسلوني فيجتمعون على كلمة واحدة: أرنا وجهك ننظر إليه.. فيكشف الرب جل جلاله الحجب، ويتجلا لهم فيغشاهم من نوره ما لو أن الله سبحانه وتعالى قضى ألا يحترقوا لاحترقوا. ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاوره ربه حاضره محاضرة، حتى إنه يقول:يا فلان، أتذكر يوم فعلت كذا وكذا، يذكره ببعض غدراته في الدنيا، فيقول: يا رب ألم تغفر لي؟ فيقول: بلى بمغفرتي بلغت منزلتك هذه فيا لذت الأسماع بتلك المحاضرة.. ويا قرة عيون الأبرار بالنظر إلى وجهه الكريم في الدار الآخرة (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ  إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ  ) [القيامة:22-25] .  اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين … فلنجعل من الحوار وسيلة لترسيخ القيم ونبذ التعصب وتأليف القلوب .. لنجعل من الحوار أسلوب لحل المشكلات والخلافات وتقوية الصف ..لنجعل من الحوار سلوكاً راقياً في حياتنا نرد به حقاً وندفع به باطلاً ونصحح مفهوماً وندفع به شبهةً .. لنجعل الحوار طريقاً لتربية أنفسنا وأبنائنا ومجتمعاتنا على قيم الخير والعزة والكرامة …  ثم اعلموا أن الله تبارك وتعالى قال قولاً كريماً تنبيهاً لكم وتعليماً وتشريفاً لقدر نبيه وتعظيماً: (إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56]، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه وخلفائه الراشدين، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن بقية الصحابة والقرابة وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وفضلك يا أرحم الراحمين  .

المصدر: http://www.manaratweb.com/%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%A3%D8%AC%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9/

 

الحوار الخارجي: 
أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك