الطائفي وعُقدة الدُّونيّة
د. خالد عايد الجنفاوي
“يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم ان الله عليم خبير”(الحجرات 13 ).
يسعى بعض المضطربين، وبخاصة المتعصبين طائفياً، الى تحقيق احترامهم المزعوم لذواتهم عن طريق تعمدهم تحقير وإذلال الآخرين المختلفين عنهم مذهبياً، اعتقاداً منهم أن بقدر إهانتهم وإقصائهم، وربما محاربتهم للمختلفين عنهم في إيمانهم ومعتقداتهم، سوف يتمكنون من ترسيخ احترامهم لأنفسهم، أو ينتصرون لطائفتهم، وبالطبع، لا يمكن للطائفي المتعصب أن يكتسب سمة الاعتزاز بنفسه، أو مذهبه، وهو يعمل قدر ما يستطيع لنشر وترسيخ التفرقة والكراهية الطائفية في المجتمع الاسلامي والمسالم.
مهما حاول الطائفي تبرير تعصبه لنفسه، فهو سيكشف عبر كلامه وكتاباته وتصرفاته الطائفية، أنه يحاول في الحقيقية إخفاء، أو تبرير ذلك الشعور المرير بالدونية تجاه من هو مختلف عنه، عرقياً أو مذهبياً أو دينياً أو فئوياً.
أعترف شخصياً أنه بقدر ما قرأت عن عقد الدونية، والتي تصاحب الانغماس المريض في النفس والكلام المعوج والسلوك الطائفي السلبي، لم أستطع حتى اليوم استيعاب كيف للانسان، البالغ ذهنياً، أن تنطلي عليه نرجسية الصفات السلبية والهدامة للطائفية، وحيث لا يمكن لأحدهم أيضاً أن يكمل نقص شخصيتة عن طريق هدم ذوات وشخصيات الآخرين.
التكامل النفسي المصاحب لإحترام الذات، وللإنتماء الروحي المذهبي، من المفترض أن يصاحبه احترام مساوٍ لمعتقدات الناس الآخرين، والامتناع عن رهن العلاقات الانسانية، الايجابية والبناءة، في المجتمع بتراهات كراهية لا قيمة لها في سياق المسيرة الحضارية الانسانية المعاصرة.
اللهم لا تجعلنا من الذين سيتبعون أهواءهم النرجسية بهدف علاج شعورهم بالنقص عن طريق الانتقاص من قيمة أخوانهم المؤمنين الذين يتشاركون معهم في المعتقد الديني الواحد، ويقول المولى عز وجل في كتابه الكريم:”وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ”(آل عمران 103).