مواقع التواصل الاجتماعي آلام وآمال!

 
 

"‏رسائل التويتر والوتساب وأمثالها مثال صارخ لفوضى الثقافة وثقافة الفوضى، التي نتلقاها ويتلقاها أبناؤنا في هذا العصر... أهكذا تبنى ثقافة حقيقية؟".

 

هكذا كتب أخي الشيخ عبدالحكيم اﻷنيس.

 

فكتبتُ إليه: لكن ما هو الحل؟

وقد اجتاحت البيوت، وقاعات الدرس، وغرف النوم، ومجالس الناس، وغُرَف استقبال الضيوف، وموائد الطعام، وعند قيادة السيارات، بل وفي الطرقات!

إن الإنترنت بكل تجلياته: أعظمُ إبداع تقني حصل في تاريخ البشرية!

ولهذا كان هذا التساؤل مهمًّا: إلى أي مدى يمكن أن يكون وسيلةً لتحصيل المعرفة؟

‏والحقيقة أنه ليس بمقدور فرد ولا مجموعة أن تجيب على هذا التساؤل؛ ﻷنه مِن أضخم المشكلات في هذا العصر!

وهو يتطلَّب معالجة معمَّقة من العلماء والمفكرين..

 

ولكن أضع بين الباحثين عدة ملاحظات حول هذا الموضوع:

أولًا: الحل من وجهة نظري:

1- العمل على تطوير التسمية وتنويعها، لتكون: مواقع التواصل العلمي في القضايا العلمية، والثقافي في القضايا الثقافية، والشرعي في القضايا الشرعية.. وهكذا في كل علم.

وقد بدأنا نشهد أمثالَ هذه المواقع والحسابات الجادة النافعة، والحمد لله.

2- تقنين الاستعمال، لا سيما في القضايا غيرِ المهمة.

3- الانتقاء الجيد للمواقع العلمية المفيدة في مواقع (الإنترنت)، والمجموعات العلمية المتخصصة الهادفة في (الواتساب)، والحسابات العلمية والثقافية النافعة في (تويتر).

 

ثانيًا: إن مواقعَ التواصل الاجتماعي بصورتها الحالية هي وسائلُ قد تنبِّه وتثقِّف، ولكن لا تبني ثقافة منظمة، ولا تعطي تعليمًا منظَّمًا، ولا تخرج علماءَ أكفاء.

 

ومِن اﻹبداع العلمي في حضارتنا اﻹسلامية: أن العلماءَ أبدعوا في تصنيف العلوم، وفي ترتيبها، وتدرُّجها، وحكمها.

بينما هذه الوسائل لا تراعي هذه اﻷمور!

 

قال الشيخ عبدالفتاح أبو غدة رحمه الله - ومن خطه نقلت - : "قراءةُ الكتب - أو سماع الأشرطة المسجلة - من غير معلِّم لا تعطي المعرفةَ الصحيحة الكاملة، ولا تفيد العلم النقي المضبوط القويم؛ فهي معينة لا معلمة، ومذكرة لا مقومة.

 

ولهذا قالوا: مَن كان شيخُه كتابَه، كان خطؤه أكثر من صوابه!

هذا إلى جانب فَقْدِ القدوة الحسنة الصالحة التي تجسم الفضائل، وتحبِّب المتأسِّي بها للنجيب العاقل؛ قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21].

 

وقد تساءل رعد الكيلاني قائلًا:

"هناك التعلم عن بُعد، والجامعات المفتوحة، فإذا عممنا هذه المقولة سنحجِّر واسعًا!

نعم التعليم المباشر والمشافهة أفضلُ، ونتائجها فيها ثمرة التعليم والتربية.

ولكن التعليم الإلكتروني أصبح ظاهرةً لا يمكن تجاهلها، وهي مِن ثقافة العصر في نقل الخبرة والعلوم".

 

وقد أجاب د. سعد الكبيسي عن ذلك بقوله:

الشيخ - رحمه الله - تكلَّم عن مجرد السماع، أما التعليم عن بُعد ففيه حوار، ونقاش، واختبارات، وتصحيحات، فهو ليس من هذا.

وحتى مجرد السماع هو لم يقل: إنه غيرُ نافع مطلقًا، بل عدَّه غيرَ كافٍ لتكوين شخصية العالم.

إن التعليمَ الإلكتروني يعطيك كمًّا كبيرًا من المعلومات دون تمليك الأدواتِ المنهجية للتعامل معها، قبولًا ورفضًا؛ لذلك فإن الفقهَ ممكنٌ أن تدونه على النت، لكن النت لا يستطيع أن يفتيَكَ؛ لأن الفتوى مبنية على تصور الواقعة وتنزيل الحُكم عليها.

ثالثًا: ومن اﻷمور الخطيرة في هذه الوسائل: نقلُ اﻷخبار المزيفة في كافة المجالات مِن غير فحص ولا تمحيص ولا تثبُّت، مع إهمال ذِكر مصادرها!

 

وليس من المستغرب أن تروج على العوام، ولكن المستغرب حقًّا أن تروج على بعض المثقفين، كما هو مشاهد!

‏وسبب ذلك: أن أغلب الناس لا تريد أن تحلِّلَ الأخبار؛ بسبب الكسل، والناس تبحث عن السهل، وأحيانًا بدافع الجهل، والبُعد عن التخصص الدقيق.

وهناك تساهل كبير في قَبول الأخبار من غير تحقق!

ولهذا كان من الضروري جدًّا إقبالُ العلماء بالاختصاصات كافة لسد الفراغ، وتصويب المسار، وكشف الزيف.

 

رابعًا: وهي كذلك لا تربِّي؛ لأن التربيةَ تحتاج إلى بيئة اجتماعية تم بنيانُها بدقة متناهية في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، وتُتلَقَّى تلقيًا مِن خلال المجالسة والمشافهة واللقاء والاجتماع والانتفاع...

وقد قلت: ‏سبحان الله!

مخترعات هذا العصر تمثِّل رُوحَ مَن صنعها!

وتُشبههم في برود العاطفة والشعور.

ربما لو كان المسلمون صنَّاعها، لكان لها رُوحٌ مِن رُوحهم!

وقد أطلق عليها أحد اﻹخوة: وسائل التقاطع الاجتماعي؛ ﻷن وظيفتَها أن تقرِّبَ البعيد، ولكن أصبحت عند كثيرٍ من الناس تُبعِدُ القريب!

وقد كتب لي اﻷستاذ إحسان قاسم الصالحي قائلًا: "هذه وسائلُ بيد الإنسان؛ فالخلَلُ في الإنسان، إنسان العصر"!

ولهذا فإن هذه الوسائل لا تغني عن ملازمة العلماء الصالحين؛ لاكتساب الصفات الربَّانية.

 

وقد سُئل الشيخ محمد يوسف مايلي أحد العلماء في مدينة (بوبال) في الهند: هل الوسائل الحديثة مثل: القنوات الدينية، ووسائل النت والواتس والفيسبوك وغيرها إذا استُخدمت في المجال الديني تُعَدُّ وسائلَ دعوية كافية ومُغْنية؟

 

فأجاب:

هذه الوسائل تَزيد المعلومات، وتسهِّل الاطلاع، وتختصر الوقت، ولكنها لا تُحدِث تغييرًا ربانيًّا، ولا تكسب الصفات الربانية التي يحبها الله، مثل: التقوى، واليقين، والإخلاص، والخشية، والاستقامة، والتواضع، والصبر، وحسن الخُلق، وغيرها؛ لأن هذه الصفاتِ الربانيةَ لا يمكن أن تكتسب إلا بملازمة الصالحين، وطول المكث في البيئات الصالحة، والتوجيه الرباني واضح في قوله تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾ [الكهف: 28].

 

والتوجيه الرباني بقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ﴾ [الكهف: 28] هذا أيضًا تأكيد على أهمية الملازمة، وتحذير من اختيار بدائلَ عنها.

 

خامسًا: وسائل التواصل هل ستكون بديلًا عن الكتاب؟

كتب أحد الإخوة الناشرين قائلًا: مشكلة التوزيع للكتب العربية معروفة؛ يُطبَع من الكتاب ٢٠٠٠ نسخة ولا تنتهي إلا بعد عشر سنوات!

والكتب الأجنبية يطبع منها الملايين ويصدرون طبعة ثانية وثالثة..

الناس عندنا يفضِّلون الكنافة على الكتب!

وقلت: تساؤل يطرح مشكلة!

 

والكتاب عندما يكون مغريًا كالكنافة سيباع منه الكثير..

وهناك مشكلاتٌ حقيقية في مجتمعاتنا دفعت الكثيرين للعزوف عن القراءة..

وهناك وسائل التواصل الحديثة، وهي أشبهُ بدور نشر متنقلة وسريعة، وقد سحَرت البعض فجعلته يدمن عليها، بعيدًا عن المكتبة والكتاب!

 

فأين نحن مما يجري من حولنا؟

‏وقد زارني، وأنا في عمان، الأستاذ أحمد العلاونة (الزِّرِكْلي)؛ لشدة تخصصه به، وإتمام عمله.

والشيخ سفيان عايش، وهو من العاملين في ميدان توزيع الكتاب في اﻷردن.

ودار الحديث عن تجارة الكتاب طباعة ونشرًا وتوزيعًا.

وقد أخبرني الشيخ سفيان أن بيعَ الكتب تراجع كثيرًا عن سابق عهده!

ومِن أسباب ذلك: الكتاب الإلكتروني، ووسائل التواصل الاجتماعي التي سهَّلتِ الوصولَ إلى المعلومة!

وأضاف قائلًا: ولكن الله أنقذنا بالقرآن الكريم؛ فإن الطلب عليه ما زال جيدًا، والحمد لله.

 

قلت: مستقبل الكتاب إلى أين؟

هل سيأتي يوم فيترجم للعالم بأن له:

ألف محاضرة صوتية ومرئية..

وألف مقال في موقع كذا..

ومليون تغريدة..

ومليون رسالة إلكترونية.

 

وقال أخي الدكتور عبدالحكيم:

الكتاب الورقي هو العِصمةُ مِن ضياع العلم في الكتاب الإلكتروني الذي هو أشبه بالهَبَاءِ الطائر في الهواء.

التخلي عن الطباعة كارثةٌ حقيقية!

كيف نعتمد على الكتاب الإلكتروني في بلادنا المنكوبة المعرَّضة لانقطاع الكهرباء في كل ساعة؟

قلت: ولهذا كان لا بد لكل مَن يعتمد النشر الإلكتروني أن يبادر إلى جمع ما كتَب ويقوم بتوثيقه ورقيًّا، وطباعته إن أمكن..

 

سادسًا: وسائل التواصل والتأليف:

كتب الأستاذ عبدالله التوراتي - وهو يتحدَّث عن فوائد كتاب سراج المريدين لابن العربي - قائلًا:

‏كان ابن العربي في رحلته سائحًا، وفي يده (تذكرة) يكتُبُ فيها كل ما يراه، وكل ما يسمعه، فمِن تلك (التذكرة) أو (أوراق المياومة) استخرج كتبًا كثيرة، ‏حفِظ اﻹمام ابن العربي وقته وأخرج عددًا من المؤلفات.

 

قلت:

ليت مَن يتصفَّح وسائل التواصل الحديثة يقوم بجمع كل مفيد إذا كان موثقًا محرَّرًا، إذًا لجمع علمًا مفيدًا.

ولكن كيف يتم توثيق المعلومات مِن وسائل التواصل الاجتماعي؟

الذي أراه أن توثيق المعلومات من وسائل التواصل الاجتماعي له عدة صور، منها ما يكتبه الكاتب بيده، وينشره في موقع من المواقع العلمية الجادة، فهو معتمَد قطعًا.

ولهذا أنصح مَن نشَر رأيًا أو حُكمًا أو فكرة أن يدقق النظرَ فيما يكتب.

وأن يضعَ اسمه في نهاية ما يكتب؛ لتحمل مسؤوليته العلمية في ذلك.

وأن يجمع ما يكتب؛ ﻷنه قد يُهمل أفكارًا ومسائل مهمة.

 

وقد لاحظت عددًا من أهل العلم والفضل يكتبون نفائس ثم لا يقيدونها، فتذهب سُدًى!

وأما ما يكتب حال المذاكرة، فينبغي أن يشار إلى ذلك؛ ﻷن الكاتبَ قد يكتب مِن حفظه، وقد يقع له السهوُ والنسيان.

وقد يتنزَّل في العبارة بحسَب حال المتلقي..

وما يكتب بهذه الصورة يشبه التقييدات، وهي ما يكتبه الطالب من تقرير أستاذه في الدرس، وهي تختلف باختلاف نباهة الطالب وفهمه.

وقد قال ابن خلدون: "إن التقاييد غيرُ معتمدة في تقرير أقوال المذهب؛ ﻷنها مما قيده تلاميذ الشيخ عند شرحه للكتاب، مثل تقييد أبي الحسن الصغير، وتقييد الجزولي، وغيرها، وتختلف نسخها باختلاف التلميذ الذي قيدها".

 

والذي أراه:

أن هذه التقييدات إذا عُرضت على صاحبها فأصلح ما بها وأقرَّها اعتُمدت، وإلا فهي في محل النظر.

وينبغي لمن نقلها أن يشير إلى ذلك.

ولا بد من عرضها على أهل العلم في ذلك الفن، فتُقَر أو تُناقش.

 

سابعًا: تجرِبتي في حفظ المعلومات!

مِن المفيد أن تفتح ملفات للموضوعات في دفتر الحفظ، وهناك عدة أنواع، عليك أن تختارَ ما يناسبك منها.

ثم تقوم بنقل كل معلومة مهمة ومفيدة إلى الملف الخاص بها.

وبعد مدة سترى أنك تمتلك بنكًا ممتازًا من المعلومات في شتى المواضيع.

وقد استفدت من هذا البنك عددًا مِن الفقرات الجميلة، وأشرت إلى ذلك في الحاشية.

والله الموفِّق لكل خير.

ثامنًا: تجرِبة فريدة في طلب العلم عبر الواتساب، كتبها أحد اﻹخوة، وقد قمتُ باختصارها، وإثباتها.

 

كان هناك جملة من الضوابط تم الالتزام بها، تتضمن الهدف من المُلتقى، وهي:

1- تجنُّب إرسال مقاطع الفيديو بأنواعها.

2- كتابة الاسم في نهاية الرسالة؛ مِن أجل حفظ الحقوق.

3- عند نَسْخ مواضيع من مواقع أخرى، فالمرجوُّ عَزْوُ الكلام إلى مصادره، بذِكر:

(اسم الكتاب ومؤلفه ورقم الصفحة).

 

4- كتابة الاسم في آخر الرسالة إذا كانت من مقُول المُرسِل، أو مِن إعداده وترتيبه.

5- كتابة كلمة (منقول) في نهاية الرسائل المنقولة.

6- البُعد عن آفة الحشو والتكرار.

7- الاهتمام بجودة وقيمة المشاركة العلمية.

8- الكتابة بأسلوب علمي، إن أمكن، مع الوضوح والجَلاء.

9- البُعد عن الأخطاء الإملائية والنَّحْوية، إن أمكن.

10- التماس الأعذار في عدم الرد إذا أرسلت رسالة خاصة أو عامة.

 

11- التحلي بالصفات الحميدة أثناء كتابة المواضيع أو الردود، والتحلي بآداب الحوار العلمي مع المشاركين، وقَبول الحق ولو كان مُرًّا.

14- مراعاة الوقت المناسب عند المشاركة.

15- الانتقاء والتميُّز في إرسال الرسائل.

 

وكان هناك اقتراحات، منها:

1- الدعوة إلى إقامة اجتماع كل ستة أشهر، يَجتمع فيه أعضاء الملتقى؛ للتعارف إذا كان ذلك ممكنًا.

 

2- الاتفاق على ساعة محدَّدة في الأسبوع يتمُّ فيها مناقشة مسألة علمية:

يُطلَب من كل مشارك أن يَعرض لنا مجموعة من المسائل العلمية التي يريد عرضَها في تلك الساعة، ثم يتمُّ فرزُها وترتيبها.

 

3- العمل على نشر ما يتم عرضه في الملتقى من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ومن المقترح في ذلك:

أ- إنشاء حساب في تويتر يحمل اسم المجموعة، يعرض فيه غالب الرسائل المعروضة في الملتقى.

ب- أن يكون هناك رقم "خاصٌّ" في الملتقى يتم الإعلان عنه؛ وذلك لإرسال الرسائل عبر برنامج (الواتساب) .

 

وأخيرًا:

إليكم ثمرةَ ما تم اكتسابُه في هذا الملتقى:

1- بلغت الفوائدُ العلمية الموثقة التي عُرضت في هذه المجموعة بعدما جمعتُها ورتبتها - أكثرَ مِن [800] صفحة.

2- بلغ عدد الكتب المعروضة ما يزيد على (600) كتاب، مع بيان ووصف مختصر لكل كتاب.

3- تجاوَز عدد التفاسير المعروضة في الملتقى (150) تفسيرًا، مع تعريف مختصر لكل تفسير.

فإلى كل طالب علم وداعية هذه التجرِبة الفريدة.

 

للاطلاع على أصل الموضوع ينظر مقال: "تجرِبتي في طلب العلم عبر الواتساب"؛ للأخ عبدالعزيز سالم شامان الرويلي، المنشور في شبكة اﻷلوكة.

 

تاسعًا: ولي تجرِبة في الاستفادة من مجموعات الواتساب، أذكرها هنا لتكون مثالًا:

أنا عضوٌ في مجموعة المخطوطات اﻹسلامية، وفيها نخبة من أفاضل الباحثين من بلدان شتى، وقد بحث مرة موضوع مختصرات العلماء للكتب، فجمعت المشاركات، فأصبح ماتعًا، وهذا نصه:

قال د. محمد السريع:

أتحفنا الشيخ صالح الأزهري بالأمس بفائدة حول مختصرات العلماء ومنتقياتهم التي يكتبونها لأنفسهم، وأنها لا تعامل معاملة تآليفهم المحرَّرة، ومثَّل لذلك بتعليقةٍ للحافظ ابن حجر.

ومن أمثلته أيضًا: تلخيص الذهبي: "معرفة التابعين من ثقات ابن حبان"، حيث كتب الذهبي بخطِّه - بعد عنوانه ومنهجه فيه -: "قاله وكتبه محمد بن الذهبي لنفسه؛ ليستضيءَ به".

 

وقال اﻷخ عبدالله باوزير:

وقد علَّق الحافظ ابن حجر كثيرًا من المنتقيات والمنتخبات في رحلته الشامية ..

وأفاد تلميذه السخاوي في ترجمته أنه جمع من اﻷجزاء الحديثية والفوائد النثرية والتتمات التي يلحقها في تصانيفه ونحوها ثمان مجلدات فأكثر؛ الجواهر ص161.

 

وقال اﻷخ محمود جبر:

بل كثيرٌ من كتب الذهبي كانت تلخيصًا، ومنها كتاب الإيمان لابن تيمية أيضًا.

وقال د. يوسف الردادي: "وأنها لا تعامل معاملة تآليفهم المحررة" كلام جميل.

كيف يتعامل معها المحقق التعامل الأمثل؟‪

 

قال اﻷخ محمود جبر:

هي نُسَخٌ مساعدة للكتاب الأصل.

ولو فيها ترجيحات للكاتب نفسه، فلا بد أن تنشرَ كأنها من تأليفه.

 

وقال د. محمد السريع:

لا يخفى عليكم أن المراد إبرازُه هنا: وجود النصِّ على أن هدف التلخيص: الاستضاءة والمراجعة لا التأليف، وإلا فملخصات العلماء ومنتقيَاتهم لا تحصى.

 

وقال أيضًا: د. يوسف سلمك الله، هذه عبارتي، وأما عبارة الشيخ صالح فهي كما يلي:

⁠⁠⁠تنبيه لازم، بعض ما وصلنا من مصنفات العلماء حين تكون اختصارًا لكتاب ما - وإن زادوا فيه بعضَ الزيادات والفوائد حتى وإن كانت بخطوطهم - إنما صنفوه لا ليكون تصنيفًا مستقلًّا، بل هي أشبه بالفوائد المنتقاة التي يتسامح فيها كاتبها، ويؤجل تحريرها وتنقيحها، فلا يؤاخذون على ما بها مِن خلَل أو أخطاء وعدم تحرير.

وقال د. يوسف الردادي: بارك الله فيكم؛ ولذلك سألتك عن الطريقة المثلى في التعامل مع تلخيص العلماء.

مثل: قطع الآية، أو قطع الحديث، أو عدم استيفاء الأقوال في المسألة؟

ومِن المعاصرين من يرى عدم تحقيق تلخيصات العلماء؛ لأن التلخيص ليس تأليفًا مستقلًّا.

وقال الأخ خالد الجزمي:

"ظن بعضُ أهل العلم سكوت الذهبي على قول الحاكم في مستدركه: صحيح على شرط الشيخين موافقةً منه!

وليس الأمر كذلك البتة؛ فالكتاب تلخيص للمستدرَك، قال فيه الذهبي: يُعْوِزُه مزيد تحرير، ولا يلتفت في ذلك إلا لما قال فيه الذهبي: قلت".

 

قلت: وهناك تجرِبة فريدة في اختصار الكتب للإمام النووي:

قال اﻹمام الإسنوي في معرِض ذكر التفاوت في مواضعَ من الروضة:

"ووقوع هذا للشيخ محيي الدين النووي أكثر؛ وذلك أنه لما تأهل للنظر والتحصيل، رأى مِن المسارعة إلى الخيرات أن جعل ما يحصِّله ويقف عليه تصنيفًا، ينتفع به الناظر فيه، فجعل تصنيفَه تحصيلًا، وتحصيلَه تصنيفًا... ولولا ذلك لم يتيسر له من التصانيف ما تيسر؛ فإنه رحمه الله دخل دمشق للاشتغال وهو ابن ثماني عشرة سنة، ومات ولم يستكمل ستًّا وأربعين)[1].

ويعني بذلك: أنه إذا أراد أن يدرُسَ كتابًا يقوم باختصاره، ومثال ذلك: كتاب الروضة والمنهاج وغيرهما.

عاشرًا: وأما الآداب المتعلِّقة بوسائل التواصل، وأهم أحكامها، فيرجع إلى مقالي: الوصايا العَشْر للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، المنشور في شبكة اﻷلوكة.



[1] الإسنوي، المهمات في شرح الروضة والرافعي، تحقيق الدمياطي، دار ابن حزم، ط1، 1430هـ، ص 1 /99.



المصدر: https://www.alukah.net/culture/0/111415/#ixzz5dvxQnYJi

 

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك