الأسوة الحسنة ودورها في التربية الناجحة
مهما يكن لدى المرء من قدرات ومواهب وأساليب يستثمرها لتربية ذاته وتزكيتها، فإنه لا يستغني عن وجود قدوة من بني جنسه تكون له نبراسا في سيره إلى ربه. فعليه أن يحرص على اختيار شخص استجمع قدرا كبيرا من الفضل والتقوى يكون قدوة له في أمور الخير والهدى ويرجع إليه في السراء والضراء مستفيدا من رأيه ومشورته فيما يلم به من أحداث ومواقف. فللقدوة تأثير كبير في تكوين شخصية الفرد وصقلها حيث إن الإنسان ميال بطبعه إلى التقليد والمحاكاة، وفي التربية الإسلامية يتحول هذا التقليد ويرتقي إلى مفهوم راق يطلق عليه “الاتباع”، وأرقى هذا الاتباع ما كان على بصيرة. يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾(يوسف:108). فالاتباع عملية فكرية يمزج فيها بين الوعي والانتماء والمحاكاة والاعتزاز في ظل البصيرة والحجة.
القدوة وإحراز الأهداف
نعم، هنالك الكثير من الأفكار والطموحات -بدءا بالأعمال اليومية والمشاريع العادية، وصولا إلى الأهداف السامية والمطالب العالية- لاقينا دون تحقيقها عراقيل وصعوبات، وفشلنا في إكمالها، بل منها ما لم نتجاوز بها مرحلة التصور والخيال.
ومع أن عديدا من العوامل لها تأثير مباشر في تحقيق الأهداف، لكن لا مراء في أن أقرب الطرق وأسلمها للوصول إليها هو اتخاذ قدوة صالحة، والاحتذاء بحذوه، والاستفادة من تجاربه، والاستنارة بمعارفه. وإذا كان هناك من يستطيع أن يكون سعيدا حتى في الظروف القاسية، فإن بإمكاننا أن نكون سعداء مثله بمجرد التعرف على إستراتيجيته في كيفية النظر إلى الأشياء والأحداث. والذي يستطيع أن ينهض من نومه مبكرا نشيطا مفعما بالطاقة والحيوية، فإنما يتيسر له ذلك بفضل أعمال وتصرفات يقوم بها. فمتابعة أمثال هؤلاء قد تؤدي بنا إلى نفس النتيجة التي وصلوا إليها.
والحقيقة أننا في مراحل مختلفة من حياتنا نستلهم العديدَ من الأشخاص، فتكون في طريقة تفكيرنا وتصوراتنا وتصرفاتنا بصمات واضحة منهم على قدر علاقتنا بهم. فلا غرو أن يبرز في ملامح شخصيتنا أمور تلقيناها من أبينا أو أمنا أو كليهما أو من مدرسنا أو من شخص تقي ورع متدين. ففي كل موقف تطفو على السطح تجربة تلقيناها من أحد هؤلاء، مما ينم عن مدى تأثرنا به واستفادتنا منه. فحق ما قيل: “المرء ابن بيئته وخلاصة تجاربه”.
ومن جانب آخر نجد في مجتمعاتنا من انحرف، فعاش في بداية أمره تجارب تافهة وسلبية، ولكنه ثاب -أخيرا- إلى رشده وبحث عن مرشد يعِينه على تسوية وضعه وإصلاح أمره، وفي نهاية المطاف فاز به فعلا. علما بأن في أوضاع الناس -صالحهم وطالحهم- دروسا وعبرا يستخرجها الكيس الفطن.
الإنسان مجبول على التأسي
والحقيقة أننا نتأسى دائما في مختلف مراحل حياتنا؛ فالطفل يقوم بالاقتداء بالكبار باعتبارهم مثله الأعلى، ويبدأ باكتساب العادات والتقاليد والملكات من خلال ما يسمعه ويلاحظه من أقوال وحركات وانفعالات. فيندفع برغبة خفية لا يشعر بها نحو محاكاة من يعجب به في لهجة الحديث أو أسلوب الحركة والمعاملة. والتلميذ يتدرب على الصنعة بالتأسي بالأستاذ والمعلم. وأنتم إذا كنتم لا تتقنون النطق بألفاظ، فعليكم التأسي بأشخاص يتقنونها، فقد تكونون مثلهم في غضون وقت قصير للغاية. فالذي يقلد خطيبا مفوها بصوته وإيقاعاته ونبراته يبدأ شيئا فشيئا بالإحساس بالثقة بالنفس. ومن أراد الاستفادة من الأحاسيس القوية والمشاعر الجياشة التي يتمتع بها، فعليه أن يبدأ بالأمر من محاكاة أحد الذين يعجب بهم. وإذا كنتم تعرفون أناسا يحسنون الاتصال والتعامل مع أولادهم فبإمكانكم متابعتهم والاستفادة من تجربتهم. فنحن نستطيع التشبه بمن نعجب به بالاحتذاء به؛ بأن نؤمن مثله ونفكر على طرازه ونتكلم بسليقته ونثابر على شاكلته ونتخلق بأخلاقه.
نعم، لا مراء في أن بعض المهام معقدة ومتشابكة بحيث يستغرق التأسي والاقتداء بمن يحسنونها والقيام بمثل ما قاموا به وقتا طويلا، إلا أنه إذا كان لدى الإنسان الذي يريد التأسي من العزيمة والإيمان ما يسند هذه الإرادة ويدعمها فإنه سيحقق ذلك إن عاجلا أو آجلا.
إن التأسي أسرع من طريقة التجربة والخطأ في الوصول إلى الهدف المطلوب، فرب أعمال وإنجازات صرف عليها أصحابها عمرا ثمينا ومبالغ باهظة، يستطيع الإنسان أن يحققها في زمن قصير جدا، وذلك بالمتابعة الحثيثة والتأسي الفعال والسير في نفس الطريق الذي سلكوه.
واليابانيون هم أكبر المقلدين في العالم، فالسر الذي يكمن وراء النجاح الباهر لاقتصاد اليابان ليس هو الاختراعات الفريدة، بل إنهم يبدؤون من العمل بأخذ المنتجات والأفكار من شتى الجهات وعلى نطاق واسع، سواء في مجال قطاع السيارات وأَنصاف الموصِلات أو غيرها، وبتصميم دقيق يحافظون على العناصر المهمة في تلك الأفكار والمنتجات ويطوّرون الجوانب الأخرى. صحيح أنه لابد من بذل الجهد لاختراعات جديدة وكشوفات مبتكرة، ولكن لا يعني ذلك أننا سنضرب صفحا عمّا تم اختراعه، وسنحاول كشفه من جديد.
ولابد للإنسان من القدوة الصالحة في أمور معاشه وحياته الدنيوية لكي يعيش حياة مثالية؛ فالإنسان الذي ليس له قدوة صالحة لن يهتدي إلى الصواب في الحقيقة، ولن يكون على بصيرة من أمره وواثقاً من كونه على الحق والصواب، ولن يتفلت من الوساوس والشكوك حول الوصول إلى أهدافه؛ فمثله كمثل سفينة في خضم بحر محيط تمخر بدون بوصلة، فلا غرو أنها ستتيه بين ألف وجهة ووجهة. فهكذا الحياة؛ عروقها متشعبة وأساليبها متنوعة يحتاج سالكها إلى مرشد رشيد.
الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة القدوات
فنحن في علاقاتنا مع أولادنا وأبوينا وأزواجنا، وفي مأكلنا ومشربنا وعباداتنا ودعواتنا وسائر أعمالنا أحرار، نستطيع أن نتصرف كما نشاء. وبذلك قد نسمو إلى العلا وقد نهبط إلى الحضيض، ونحسن أو نسيء. ولكن علينا أن لا ننسى أن الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم لم يتركه سدى، ولم يدَعْه بدون أسوة، سائبا يسرح ويمرح في الحياة من دون هاد أمين، بل هداه بالقرآن إلى الأسوة الحسنة، كما في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا﴾(الأحزاب:21) و﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾(آل عمران:31) . فهاتان الآيتان وغيرهما تشير إلى أن الطريق الآمن والدرب الموصل إلى المطالب إنما هو اتخاذ القدوة الصالحة واتباع الأسوة الحسنة. وهل هناك طريق أسلم من التأسي بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي اتفق الصديق والعدو على أنه كان في قمة الأخلاق الحسنة.
وفي شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته يجد المرء الأسوة الحسنة في حياته كلها؛ فهو إنسان أكرمه الله سبحانه وتعالى برسالته، وسيرته شاملة لكل النواحي الإنسانية في الإنسان، فهو الشاب الأمين قبل البعثة والتاجر الصادق، وهو الباذل لكل طاقته في تبليغ دعوة ربه، وهو الأب الرحيم والزوج المحبوب والقائد المحنك والصديق المخلص والمربي المرشد والحاكم العادل. كما أنه صلى الله عليه وسلم ضرب المثل الأعلى في تربية الذات من جميع النواحي سواء في عبادته أو زهده أو خلقه الكريم أو غير ذلك. والمتأمل لسيرته يجد الحل الأمثل لكل المعضلات التي تقف حائلا دون إشعاع الروح وبلوغ صفائها ونقائها.
فقد ولد صلى الله عليه وسلم وبزغت شمسه في عصر مظلم محلولك تراكمت فيه العقائد الزائفة والمشاكل الاجتماعية؛ فكان الناس يعبدون الشجر والحجر، والشمس والقمر، حتى إن بعضهم كان يصنع من المأكولات مثل الحلوى والجبن صنما، فإذا جاع عاد ليأكله. وكان أحدهم إذا بُشّر بالأنثى ﴿ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ﴾(النحل:58-59)، وكانت الأخلاق الرذيلة والأفعال الشنيعة -مثل الزنا والميسر وتعاطي الخمور والتعامل بالربا- كأنها تصرفات عادية في المجتمع. ولكنه صلى الله عليه وسلم استطاع في زمن قصير أن يقضي عليها كلها، ويرسي بدلا عنها فكرةَ أن غاية خلق الإنسان هو التعرف إلى الله والقيام بالعبودية له، فعلّم الناس وربّاهم على سبل العيش المتوازن بعيدا عن الإفراط والتفريط، وإخلاص الأعمال لله تعالى، وملازمة الصدق، والوفاء بالعهود، وعدم الخيانة عند الائتمان، والشفقة على الأهل، والرفق بالنساء. وأرشدهم إلى العدل والتواضع والسخاء والمعروف والبر والحلم والصبر.
فالذين أحبوه واتبعوا مبادئه واقتدوا به واتخذوه أسوة في ذلك العصر، بنوا حضارة إنسانية يتمتع فيها الإنسان بإنسانيته ويحس بكرامته.. حضارة أحرزوا فيها شأوا أعلى لم تبلغ إليه حضارة بعدهم حتى الآن. ومن بعد ذلك أنشئت عشرات من الدول على خطى النظام الذي جاء به مثل الدولة الأموية والعباسية والسلجوقية والقره خانية والعثمانية. وكم نشأ وترعرع في ظل تلك الدول علماء دهاة اهتدوا بهديه صلى الله عليه وسلم وسبقوا عصورهم وألقوا بضيائهم إلى أيامنا هذه، وأبطالُ روح عاشوا في أبعادٍ ماورائية، وأدباء مصاقع وأساتذة بيان.
فها هم سادتنا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأبو عبيدة وعقبة بن نافع رضي الله عنهم وطارق بن زياد والإمام أبو يوسف ومحمد بن الحسن والجابري وابن سينا وابن بطوطة والخوارزمي وجلال الدين الرومي والإمام الرباني وبديع الزمان سعيد النورسي رحمهم الله تعالى وغيرهم ممن تركوا بصمات واضحة على عصورهم رضي الله عنهم وأرضاهم.
ولقد علمنا التاريخ أن الذي سما بهؤلاء الدول والأشخاص وحلق بهم في الذرى إنما هو اتخاذهم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أسوة يحتذى به من كل الوجوه، وقدوة يؤتم به من كل النواحي.
القدوة الصالحة وقصة نجاح
طالب في مقتبل العمر، لا يتلقى من أسرته أيّ دعم مادي أو معنوي. وما إن ناهز سنه الرابع عشر حتى اضطر إلى العمل والدراسة معا. وأخيرا حصل على عمل في جريدة، ودخل الجامعة، فواصل مدير تحرير الجريدة مساعدته ومساندته أثناء دراسته الجامعية، مما أدى بالطالب الشاب أن يقول في قابل أيامه: “لقد تعلمت مِن تصرف مديري أن أمد يد العون إلى الآخرين، وأن أفسح المجال لغيري كي يستفيد من الفرص التي أتيحت لي”.
وبعد أن تخرّج الشاب من الجامعة بدأ بالعمل في مؤسسة. فكان من مبادئ مدير المؤسسة أنه يطلب من العاملين أن ينجزوا كل مهمة في يومها، وأن يُجروا الاتصالات الهاتفية ويردوا على الرسائل في نفس اليوم. وكان -مع ذلك- يعامل كل أحد بظرافة عالية أيا كان مستواه الاجتماعي، لا يميز في ذلك بين شخص عادي لا يتمتع بأي صلاحية أو منصب أو شبكة علاقات، وبين شخص ذي منصب رفيع من وزير أو سفير أو غيرهما. وكان الشاب يراقب هذا المدير ويتابع تصرفاته، فيتعلم من أسلوبه كيفية تأسيس العلاقات الطيبة مع الآخرين والوصولِ إلى المستوى المطلوب في إنجاز المهام وإحراز النجاح.
وبعد فترة عُيّن الشاب محررا للمجلة، ومن بعد ذلك مديرا للنشر. وكان صاحب الجريدة من النوع الذي يستهدف في مشاريعه الربح، وكان يطمح دائما في كل عمل يقوم به الوصولَ إلى المستوى الأمثل وغير العادي، سواء كان مسابقة رياضية أو نشاطا تجاريا أو غير ذلك. فهذه الطبيعة التنافسية أثرت في المدير الشاب تأثيرا بالغا، وبهذه الروح والعزيمة وأسلوب الإدارة الرشيدة وعقلية الطموح إلى الأمثل قفزت جريدته إلى الدرجة الأولى في البلد سواء من ناحية المبيعات أو النوعية. وحينما يتحدث الشاب عن أيامه تلك كان يقول: “لقد كنت محظوظا للغاية لأنني كنت برفقة أناس يقدّرون الإنسان وجهده وإنجازاته…”.
فهذا الرجل هو “توم جونسون” (Tom Johnson) الذي أدار قناة (CNN) سنة 1990، والتي كانت تواصل بثها الحي المباشر 24 ساعة، وكانت تشاهَد من 130 دولة. وفي غضون ست سنوات من المدة التي ترأسها “توم جونسون” أصبحت تشاهَد من 208 دولة.
فـ”توم جونسون” القائل: “بإمكانك التعلم من كل من تلاقيه” هو الذي يقول بدوره: “لقد تعلمت مقابلة الإحسان بالإحسان من “بيتون” (Peyton)، وأهمية الاستفادة من كل يوم يمر بي، وجدوى الحرص على النوعية الجيدة من “بيل” (Bill) و”ليندن جونسون” (LBJ)، وتعلمت من “تيد” (Ted) و”أوتيس” (Otis) أن الفوز إنما يتوفر برفع المستوى وتجنُّب الغش، وأن الحفاظ على الجودة يحقق نجاحات مذهلة..” نعم، إنه استطاع أن يقول هذا كله لأنه كان إنسانا عاقلا يقدّر مواهب الآخرين ويبذل جهدا جهيدا في سبيل الاستفادة من قدراتهم وتجاربهم. وما فعله وحققه جونسون ليس شيئا جديدا وغريبا، بل إنما وصل إلى ما وصل إليه بالتأسي والقدوة الحسنة.
مَن طلب القدوة وجدها
الحاصل أن الإنسان ميال بطبعه وغريزته إلى الاقتداء بالآخرين، فهو بميزته هذه يتمكن من الوصول إلى أهدافه والحصول على طموحاته، وهذا النوع من الاقتداء يلبي رغبة فطرية موجودة لدى الإنسان الذي يتطلع إلى تحقيق ما وصل إليه أولئك الأفذاذ أو يزيد. وبالمقابل إن وقع في شباك الجهل والغرور وفخهما، وتغاضى عما أحرزه غيره من الإنجازات والنجاحات، ولم يراجع حساباته ويقيّم وضعه في مجال النجاحات والإخفاقات، فسيحرم قطعا من هذه الطاقة الكامنة في كيانه، ويقع في كوارث لا تحمد عقباها لا سمح الله!
فإذا كان لدى الفرد ميل إلى نوع من أنواع النبوغ كالعلم أو العبادة أو التخصص في أي علم من العلوم، فيحتاج أن يكون أمامه مثل بارز في هذا المجال يسير على خطاه ويقتفي آثاره. علما بأن عالم الإنسانية في غاية الثراء من ناحية توافر القدوات الحسنة في النواحي المعنوية والمادية، وإذا تلفّت المرء يمنة ويسرة واستعرض أمام مخيلته أساتذته الذين تتلمذ عليهم في إحدى المؤسسات التربوية أو التعليمية فلا شك أنه سيجد بغيته، ولربما تكون هذه القدوة من العلماء العاملين البارزين في المجتمع ممن يبعد آلاف الأميال، ومع ذلك يسهل الاتصال بهم والغَرْف من معينهم للاستفادة من علومهم وجهودهم وتجاربهم التربوية والروحية، فيوفر على نفسه كثيرا من الوقت والجهد في سبيل البحث عن الأفضل والأصلح لذاته. بل يزيده ذلك تمسكا بتعاليم دينه وقيمه، فيجاهد نفسه في ذلك لأنه يرى إمكانية تطبيق تلك التعاليم في أرض الواقع.
فإذا سار على الدرب الذي فتحوه وعبّدوه فسيرى بعين اليقين كيف تتوالى النجاحات والنتائج الباهرة الحميدة.
وخير مثال على ذلك هو الأثر الكبير الذي مثلته القدوة في نشر الإسلام في كثير من أصقاع الدنيا بواسطة تلك النماذج المتحركة التي دعت إلى الإسلام بأفعالها قبل أقوالها، فاستقطبت ملايين من البشر دخلوا في دين الله دونما فتح ولا جهاد. تلك النماذج تمثلت في أعداد ليست بالكثيرة من التجار المسلمين والزوار الذين أدخلوا بسيرتهم وتمسكهم بتعاليم دينهم كل هذه الأعداد إلى الإسلام.
المصدر: https://hiragate.com/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D9%88%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D...