الحوار... لا يحتاج شهادات
د. زهرة حرم
لتحاور... عليك أن تسمح لطاقة الحب الداخلية أن تخرج إلى العلن، لتحاور عليك أن تتحلى بصفة عظيمة نسميها الصبر، لتحاور عليك أن تفرغ جميع ما في حقيبتك الغليظة من اتهامات مسبقة وأفكار جاهزة معلبة، لتحاور... تعال بأذن نظيفة، وقلب سليم.
هذه ليست فلسفة كلامية، إنها الحقيقة، لا يكفي أن تكون صاحب شهادات عليا؛ لتكون محاورا، كما أن فذلكاتك الكلامية التي تنجح بها على الشاشات وفي المجالس، لا تكفي لتكون محاورا، وصدقني بصفتك محامي الدفاعات، الذي يربح القضايا في المحاكم، لا يجعلك هذا مؤهلا لدور المحاور.
هل يكفي الحب وحده – إذا – كمؤهل يحمله المحاور؛ ليدير الدفة، أو يكون عضوا في حوار! إنني أزعم أنه كافٍ، وأن القلوب المسكونة بالحب هي مَن تمتلك كل الطاقات التي أخذ الجميع اليوم يدعو إليها، دون أن يلتفت إلى الطاقة الأصل التي تحركها، فالتسامح ونبذ العنف والكراهية... ما هي إلا دعوات إلى الحب، من دون تعريف واضح.
هذا ليس كلام الرومانسيات، هذا هو الجوهر في القضية، فالأسرة الصغيرة تَنهدّ إذا فُقد الحب، والمجتمع معرض للهزات والاضطرابات بفعل العصبيات، فكيف بالوطن الكبير! وما العصبية إلا طاقة سلبية مُوغلة في الشر، حيث الأنانية قوامها الأساس الذي يحركها، إذ ليست الدعوة إلى العرق أو الدين أو المذهب أو جماعة ما سوى تصريح شديد الخطورة برفض الآخر، ورفع حدة (الأنا) المرادفة للأنانية، ومن ثم عدم القبول بمن يخالفها في كل هذا أو ذاك.
لنعترف... طاقة الحب لدينا في خطر، إنه حبٌ موجّه للذات، للمشابه لنا، لجنسنا، وعرقنا، والكثير منا ليس أهلًا للحوارات، فمن كان منا متجردا من العصبية أو الأنانية، فليرفع يده! أكرر... إن الدعوة للتسامح المنتشرة في كل مكان اليوم هي إنذار واضح الصوت بأن إنسانيتنا تحتاج إلى علاج.
المصدر: http://albiladpress.com/news/2018/3368/columns/471209.html