مؤتمر: " مستقبل الإٍسلام في القرن الهجري الخامس عشر "

مؤتمر: " مستقبل الإٍسلام في القرن الهجري الخامس عشر "

كمال عفانه*

تحت عنوان: "مستقبل الإسلام في القرن الهجري الخامس عشر" عقدت مؤسسة آل البيت للفكر الإسلامي بعمَّان -عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية- الدورة الثانية عشرة لمؤتمرها العام في المدة ما بين 24- 26 جمادى الأولى 1423 الموافق 4- 6/8/2002م، حيث تفضل الأمير حمزة بن الحسين، ولي العهد في المملكة الأردنية الهاشمية، الرئيس الأعلى للمؤسسة بافتتاح الدورة صباح يوم الأحد 24 جمادى الأولى 1423هـ الموافق 4/ آب / 2002م في المركز الثقافي الملكي.

عقدت جلسة تنظيمية اتفق فيها على استيعاب البحوث العديدة التي بلغت 25 بحثا في خمس لجان، تتولى كل لجنة منها مناقشة محور من محاور الموضوع الرئيسي للمؤتمر الذي هو: "مستقبل الإسلام في القرن الهجري الخامس عشر"، وذلك وفق ما يلي:

اللجنة الأولى: وتجمع بين المحورين الأول والثاني، وموضوعها: "ثورة الاتصالات وثورة التكنولوجيا في القرن الهجري الخامس عشر، وموقع الأمة الإسلامية فيها".

وقد عقدت جلسة واحدة برئاسة الدكتور أكمل الدين إحسان أو غلي، نوقش فيها البحثان التاليان:

1- تكنولوجيا المعلومات ووسائل الإعلام الجماهيرية وأثر العولمة في العالم الإسلامي للدكتور سليمان عبد الله شلايفر.

2- ثورة التكنولوجيا في القرن الهجري الخامس عشر، وموقع الأمة الإسلامية فيها للدكتور أبي الحسن صادق.

اللجنة الثانية المخصصة للمحور الثالث: "التطرف في الإسلام".
وعقدت ثلاث جلسات، وفق ما يلي:

الجلسة الأولى: برئاسة السيد علي الهاشم، ناقشت أبحاث:

1- التطرف في الإسلام للدكتور أحمد صدقي الدجاني.

2- أحداث 11 سبتمبر (أيلول) و (الحرب على الإرهاب) وتأثيرها على وضع الجاليات الإسلامية في الغرب (بريطانيا نموذجا) للسيد عبد المجيد الخوئي.

3- وسطية الإسلام والتطرف الديني للدكتور عبد الهادي بو طالب.

الجلسة الثانية: برئاسة الدكتور شاكر الفحام، وناقشت بحث:

التطرف في الإسلام للدكتور وهبة الزحيلي.

الجلسة الثالثة: برئاسة الدكتور أحمد كمال أبو المجد، وناقشت بحثي:

1- التطرف في الإسلام للشيخ محمد طاهر آل شبير الخاقاني.

2- موقف الإسلام من الغلو والتطرف وما يسمى بالإرهاب في هذه الأيام للدكتور عبد السلام العبادي.

اللجنة الثالثة المخصصة للمحور الرابع: صراع الحضارات.
وعقدت ثلاث جلسات، وفق ما يلي:

الجلسة الأولى: برئاسة الدكتور أحمد هليل، وناقشت أبحاث:

1- الإسلام والغرب، صراع أم حوار؟ للدكتور حسن حنفي.

2- العلاقة بين الإسلام والغرب، وواجب المسلمين لآية الله الشيخ محمد على التسخيري.

3- تأملات في مستقبل المشروع الإسلامي في أفق القرن الهجري الجديد للدكتور محمد فاروق النبهان.

الجلسة الثانية: برئاسة الدكتور مدثر عبد الرحيم الطيب، وناقشت أبحاث:

1- أيلول ونظرية صراع الحضارات للدكتور مراد هوفمان.

2- مستقبل الإسلام في القرن الواحد والعشرين للدكتور هشام نشابة.

3- صراع الثقافات للدكتور جاويد إقبال.

الجلسة الثالثة: برئاسة الدكتور عبد الكريم غرايبة، وناقشت أبحاث:

1- صدام الحضارات، أهو افتراء على التاريخ، أم هو مشروع لإيقاد حرب ثالثة؟ للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي.

2- صراع الحضارات في إفريقيا جنوب الصحراء، للأستاذ عبد الله باه.

3- بين تصادم الحضارات وحوارها: رؤية مغايرة، للدكتور عز الدين عمر موسى.

اللجنة الرابعة المخصصة للمحور الخامس: دخول العلمانية على الأمة الإسلامية.
وعقدت جلستين وفق ما يلي:

الجلسة الأولى: برئاسة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، وناقشت أبحاث:

1- العلمانية في العالم الإسلامي (نموذج الوطن العربي) للدكتور رضوان السيد.

2- تأثير العلمانية على المؤسسات الاقتصادية في الأمة الإسلامية للدكتور عبد العزيز الخياط.

3- الأمة الإسلامية والعولمة للسيد مصطفى محقق داماد.

الجلسة الثانية: برئاسة الدكتور عبد الكريم خليفة، وناقشت أبحاث:

1- الاختراق العلماني للعالم الإسلامي، للدكتور محمد عمارة.

2- هل نعيش بداية انهيار القانون الدولي؟ للدكتور عبد الهادي التازي.

3- أثر العولمة الثقافي على المجتمع الإسلامي، للدكتور عمر جاه.

4- المواجهة الإسلامية مع الحضارة الغربية الحديثة: العلمنة وأزمة الهوية للدكتور سيد محمد العطاس؛ وقدم الدكتور عمر جاه ملخصا للبحث نيابة عن كاتبه.

اللجنة الخامسة المخصصة للمحور السادس: تنبؤات القرآن والحديث عن القرن الهجري الخامس عشر وعن آخر الزمن.

وعقدت جلسة واحدة برئاسة الشيخ محمد سالم بن عبد الودود، وقدم فيها الباحث الشيخ السّقاف: "تنبؤات القرآن والحديث عن القرن الهجري الخامس وعن آخر الزمن". هذا ووزعت على المشاركين في الدورة بحوث لم تتح الفرصة لأصحابها لإلقائها، إما لعدم تمكنهم من حضور الدورة، وإما لوصولها متأخرة، وهي:

1- بحث الدكتور يوسف القرضاوي بعنوان: "من الغلو والانحلال إلى الوسيطة والاعتدال".

2- بحث السيد علي بن عبد الرحمن الهاشم بعنوان: "حضارة الإسلام: نظام روحي وأخلاقي وإخاء إنساني".

3- بحث الدكتور عمار الطالبي بعنوان: "العولمة وأثرها على السلوكيات والأخلاق".

4- بحث الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري بعنوان: "صراع الحضارات في المفهوم الإسلامي".

5- بحث الدكتور أنس كاريتش بعنوان: "هل الإسلام الأوروبي أمر مثالي غير قابل للتطبيق، أم أنه فرصة واقعية للإسلام ولأوروبا؟".

وقد برزت من خلال البحوث المقدمة، ومن خلال المناقشات التي دارت حولها، الأفكار والملاحظات التالية:

- إن التكنولوجيا والتجارة وتشابك مصالح الشعوب لا تدعو بالضرورة إلى نشر النزعة المادية، ولا تولد أزمات روحية أو أخلاقية. وقد وجد اقتصاد السوق أيام ازدهار الديانات العظمى في الشرق والغرب دون أن يقوض بنيان الحضارات المرتكزة على العقائد الدينية.

- إن الأسلمة لا بد أن تعنى ضمنا جهدا مميزا من الجمع والتوليف من حيث الشكل والمضون، مثلما قام الفكر الإسلامي بأسلمة الفلسفة الإغريقية، ومثلما قام باستيعاب تقاليد فنون الحضارات القديمة لإقامة فن إسلامي، وعمارة وهندسة في المناطق الحضرية وغيرها.

- ضرورة أن تكون للأمة الإسلامية مشاركة في التقدم التكنولوجي العالمي، وذلك بتحديد قائمة أولوياتها، وتحديد خطة عمل لتحقيق هذا التقدم، ويكون ذلك برصد اعتمادات مناسبة في الموازنات الوطنية لتمويل التعليم، ومراكز البحوث ونشر الوعي بذلك. وتبني السياسات الضرورية الأخرى التي تمكن من تحقيق هذا الهدف، ومن بينها التعاون بين البلدان الإسلامية في خططها البحثية، والتفتح والتعاون مع الجهات المختلفة الأخرى.

- إن التقدم التكنولوجي في مختلف المجالات ضرورة حيوية للعالم الإسلامي، ليحقق المشاركة الحضارية والإنسانية في حركة التقدم العالمي، وذلك بما يكّنه في طاقاته الروحية والعقلية من قيم مثلى، ومن إمكانات للإبداع. وإن هذه الخطوات تساعد على أن تصبح لنا مساهمة في صناعة التكنولوجيا وتبادلها، بدلا من الاستيراد المطلق لها.

- الإفادة من ثورة الاتصالات لتقديم صورة العالم الإسلامي المشرقة بدينه وقيمة المثلى، وذلك بإقامة إعلام يعتمد في الأسس المهّنية المبنية على الصدق وفهم الذات، وحسن التأتي مع الآخر، امتثالا لما أمرنا الله تعالى به.

- التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية لا ينبغي أن تدعو إلى الإحباط والانطواء على الذات، بل تدعوها أن تكثف من جهودها لتحقيق تقدمها ومشاركتها في العطاء الإنساني، وذلك بتقديم نموذج حضاري يؤكد أصالة منابعها الروحية، وقدراتها على المنافسة، وهذا يصنع الرد المباشر على مختلف صور التشويه التي تلحق بها.

- إننا مدعوون لتقديم الحقائق العقائدية – باعتبارنا أمة إسلامية – وللحوار مع الآخر بالحكمة والإقناع، لمواجهة ما نوصم به من التطرف والإرهاب بغير حق. ولا يخفى أن الإسلام هو دين التوازن والاعتدال في العقيدة والأخلاق والمعاملات. والتسامح هو يرفض الغلو والتفريط.

- لقد آمن المسلمون عبر تاريخهم الممتد بالعدل والمساواة والأمن على الأنفاس والأموال، وبالتعايش مع أصحاب الديانات والثقافات الأخرى. وإن لكلمة الإرهاب، وما تشحن به من معان، عبر عنها المسلمون بالتعدي على حق الغير، وفي بعض صورها الجائرة بالحرابة، وكلها لها أحكام رادعة رافضة لهذا السلوك.

- إن الإرهاب فعل منكر في ديننا وسلوكنا، وهو غير المقاومة التي تكون حقا مشروعا للدفاع عن الوجود، والوطن، والعرض، والمال، وسائر الحقوق.

- إن المسلمين في البلاد العربية مواطنون لهم حقوقهم، ويسهمون في مجتمعاتهم بما عليهم من واجبات. وهم يستنكرون الإرهاب عن إيمان ديني، وليس فقط من وجهة نظر القانون والوضع السياسي وحدهما. وإن آصرتهم الروحية بأشقائهم المسلمين في أنحاء العالم حقيقة ثابتة لا تنفصم. ولا يمكن تجاهل معنى هذه الرابطة الثقافية الخاصة في عالمنا عند رسم السياسات الخارجية.

- إن المغريات والعوائق عن الخير، وضعف اليقين وتوقف المدد الروحي الخاص في عصرنا، تجعلنا في حاجة أكيدة للتيسير على الناس، وليس ذلك بقسر النصوص لتحقيق المبتغى، ولكن بتبني الاجتهادات، المستندة إلى مبادئ الشريعة، بما يحقق الرفق بالناس.

- إن المصطلح الرائج: الصراع بين الحضارات، يعبر عن فعل من أفعال الشر، يقابله في عقائدنا: "الحوار" الذي يقيم بديلا أمرنا به في ديننا. وبالحوار وحده يقام السلم والتعايش، وتبطل الحالات العارضة في مسيرة التاريخ، التي يعتبرونها – وهما – من حتميات التاريخ.

- إن الإسلام والمسيحية خاصة مدعوان إلى الحوار الدائم، ليس بهدف تسوية الخلافات التاريخية والحديثة، والخلافات بين الشرق والغرب فحسب، بل لتجاوز ذلك إلى الخروج بالعالم الذي يسودانه من أزمته الأخلاقية، وإقامة التقارب بين المؤمنين من أتباع الديانتين في أرجاء العالم.

- نحن بحاجة إلى نظرية تربوية إسلامية متكاملة، نبني عليها أجيالنا الناشئة، وتكون معبرة عن طموحاتهم، وتعمل على التجسير بين المثال والواقع بما تقيمه في نفوسهم من مثل، وبما تبعثه فيهم من طاقة للعمل.

- إن التعريف والدعوة بحقيقة الإسلام، ينطلقان من أن الإنسان مكلف من الله تعالى بواجبات ووظائف محددة تقوم على الاعتقاد والسلوك، ثم يترك له حرية الاختيار.

- إن العدل واستيفاء الحقوق هما أساس السلام الذي يطمئن المظلوم ويجازي المعتدي، ويجتث جذور العنف والتطرف والإرهاب.

- لقد دعا الإسلام منذ بدايته إلى منع الكنز والربا، والاحتكار والغش، والتحايل في البيع، والكذب في التعامل؛ وإلى تشغيل المال في المعاملات وفي التجارة والزراعة والصناعة وغيرها. وهذا يدعو العالم الإسلامي المعاصر إلى الاستفادة من ذلك بوضع خطط لتنمية في جميع المجالات.

- تطوير مناهج إعداد الدعاة بهدف الـتأكد من إدراكهم لروح الإسلام، ومنهجه في بناء الحياة الإنسانية بالإضافة إلى اطلاعهم على الثقافة المعاصرة، بحيث يكون تعاملهم مع المجتمعات عن وعي وبصيرة، وينبغي التنبه والامتناع عما يشيعه بعضهم من أقوال غير موثوقة لتفسير بعض الظواهر.

- يواجه مجتمعنا المسلم في مجال المبادئ فردية غير محدودة تتعاظم مع التكنولوجيا الحديثة، إذ أثمر العلم الحديث حاجات غير واقعية كثيرة أدت إلى انحراف العلم عن مساره، فتضاربت الذات الحقيقية مع تلك الفردية. وينبغي البحث عن وسائل المعرفة الكلية، والكيفية الروحانية مع الكمية المادية لتعزيز الوعي الفردي، لا حجبه. وهذه الوسطية هي التوازن الذي يهدف إليه الحديثان الشريفان: "اطلبوا العلم ولو في الصين" و"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".

ومن الجدير بالذكر أن عدد المشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر العام لمؤسسة آل البيت للفكر الإسلامي قد تجاوز المئة عالم ومفكر من ثلاثين بلدا من مختلف أنحاء العالم.

***********************

*) باحث من الأردن.

المصدر: http://www.altasamoh.net/Article.asp?Id=20

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك