الإعلام الاجتماعي وسيلة للتغيير أم التعبير!

بين الفينة والأخرى يجري التحقق من مكانة الفنون في حياة الإنسان ليتأكد أن الشرور والنقائص لم تؤثرا في طبيعته الانسانية وذائقته الفنية، فالأسس الأخلاقية لا تتغير كلما تغيرت الظروف والأزمنة، ومهما تطور العلم والمعرفة يظل ذلك الانسان حديث عهد بما تنتجه العلوم والمعارف، أضف إلى ذلك تلك الأبواب المشرعة على التقنية وتطبيقاتها التي ساهمت في هذه الثورة المتواصلة ذات قدرات تصويرية هائلة اجتمعت في مسمى واحد وهو السوشيال ميديا.

هذا وقد فرضت مجالا متغيرا وأحدثت الكثير من التعديلات المؤثرة على الأعمال التجارية أكثر من غيرها، وانتشارها بشكل واسع كسوق اليكتروني نشط في التجارة المعولمة الخالية من قوانين مفعّلة أو متابعة حكومية أو رقابة، لمعالجة بعض الأخطاء بين العمل التجاري وعملائه من ناحية التبادل والبيع والشراء.. ولنترك هذا الجانب إلى حقل التسوية والتنمية لاحقا.

فإذا كانت صناعة الفن عبر اليوتيوب تعتبر احد روافد الفنون العالمية فإن الخسارة كبيرة لأنها طغت على المهارة اليدوية والابهار المتكامل باعتمادها على الآلة الصناعية واستخدام التقنية بشكل متزايد حتى جعلوا منها جوهرا للإنتاج ليحقق الرغبات السطحية فقط، ويحفز على إظهار الذات المتمردة وبهذا نجح الكثير من الشباب بقلب قيم القوة إلى ضعف مستهلك وبعيدة عن الابداع الجمالي في صفته الذاتية التي سلبت منه القيمة الحقيقية للفن، فكانت الاستجابة كبيرة، ولها مبررات في ظاهرها الترفيه، وفي جوهرها شح الخيارات وفقر العروض.

فعلاقة الفن اليوم أكثر تعقيداً لم تعد تلك اللغة المعبرة بل أصبحت علاقة مؤدلجة تنتهج التغيير عوضا عن التعبير ما أحدث فارقا كبيرا لدى المتلقي تضاءلت نسبة الشفافية من ناحية ذاتية والابتكار والابداع من ناحية فنية، بوصفهم مستخدمين وليسوا متخصصين، يقيّمون الأشياء بمعيار وقياس خاص ومتفرد ينحدر من الصورة والظهور العشوائي، وبالمقابل ترجمت أعمالهم بعضا من قضايا المجتمع نشأ بفضلها فن الحكاية والرسم الرقمي والعاب الكمبيوتر والفيديو.

وشهد المجتمع السعودي انتشار برامج التواصل الاجتماعي المتعددة وبجهود كوكبة من نجوم السوشيال ميديا من أبناء وبنات المملكة، الذين ظهروا على غير العادة ليكونوا وجوها إعلامية شهيرة، تختلفت مواهبهم ما بين عروض الأزياء والرسم والنحت ومواهب فنية مختلفة بعضها رفيع المستوى وبعضها للتهريج فقط لم يرتق بالجيل الصاعد إلى المكانة المأمولة، ورغم سطحية البرامج والمواد التي قدموها إلا أنهم حصدوا متابعين بالآلاف ومضى معظمهم نحو طريق النجاح والشهرة دون عناء.

فلنبحث إذن عن تجسيد الحقيقة في العمل الفني وتقنياته وإحياء النهم الجمالي لدى الفرد عوضاً عن السلبية في الطرح وزج المفردات النابية كنوع من الكوميديا الهابطة، فإذا سلمنا بأن الانسان لايكاد يخرج من عصره أي هو ابن عصره بتعبيير”هيغل” فإن الذات الفنية ذات متجذرة في وجودها الاجتماعي، وان لكل عصر تجربته الفنية، ولكل مجتمع مقولاته وأحكامه الذوقية.

المصدر: http://hewarpost.com/?p=1112

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك