متى يصاب بأحادية الرأي ومصادرة الرأي الآخر؟

يوسف الحسن
 

تؤثر التربية أثرا بالغا في الطريقة التي يتعامل بها المتحاورون بين بعضهم البعض. فالطفل الذي تربى على القمع والكبت ولم يحاوره والداه حول أي موضوع في طفولته، لا يستطيع أن يفهم معنى الحوار أبدا فضلا عن ممارسته. فكلمات مثل (اسكت) أو (رأيي أنا هو الصحيح) أو (لا تفتح هذا الموضوع ثانية) والتي تقال للطفل والمراهق، تترك ندوبا غائرة في شخصيته، تكبر معه وتتعمق وتشكل عائقا في لاوعيه للحوار مع الآخر. ويبالغ بعض الآباء في كبتهم لآراء أبنائهم حتى في الأمور التي تخصهم كملابسهم ومقتنياتهم مثلا، حتى إن بعضهم يفرض على ابنه التخصص الذي يدرسه في الجامعة وربما زوجته وأصدقائه ونمط شخصيته. كما أن بعض الآباء لا يمكن أن يتراجع عن رأيه أو يغيره حول أي موضوع مهما تبين له لاحقا، وهو ما يستطيع الأبناء رصده في شخصياتهم وتقمصه مستقبلا.

ويكرس هذا النوع من التعامل مع الأطفال أحادية الرأي ومصادرة الرأي الآخر، ولذلك فإنه وعندما يشب الطفل ويكبر ويبدأ في العمل ويتسنم مسؤولية إدارية في موقع ما فإنه يبدأ وبشكل لا إرادي في ممارسة ما شاهده وعايشه في طفولته ومراهقته وشبابه. وهنا تبدأ معاناة مرؤوسيه منه والذين ربما يقومون بتطبيق هذه الممارسات على من هم تحت مسؤولياتهم في العمل أو البيت وهكذا تستمر دورة (رفض الحور) في المجتمع.

لذا فإن الحوار يبدأ حينما يبدأ من البيت بين الزوج والزوجة وبين الوالدين والأبناء وبين الأبناء أنفسهم حتى في القضايا الصغيرة. ولا يضير أبدا أن يتحاور الأب مع ابنه حتى إن كان الأب متيقنا من فكرته وقد جربها عشرات المرات حتى أضحت حقيقة عنده، ذلك أنها ليست كذلك عند الابن، فالهدف هنا هو غرس روح الحوار داخل ابنه، فضلا عن تأثير الحوار نفسه في التربية. ذلك أن لكل من (التربية) و (الحوار) تأثيرا متبادلا على بعضهما البعض في كلا الاتجاهين.

وحتى يتحول الحوار إلى حقيقة ثابتة وراسخة في المجتمع ويغدو عملية متواصلة ومستمرة فيه، يجب أن يتبناه أفراد المجتمع أولا على المستوى الشخصي ثم يمارسوه مع أبنائهم عمليا، وبعد أن يصلوا إلى سن الدراسة يتم تعليمهم الحوار عبر الممارسة العملية وليس تلقينا فقط. حينها وعندما يدخل أحدهم في عملية حوار فإن هذا (الحوار) سوف يصبح تلقائيا، لأنه سيكون عندها متجذرا في شخصياتهم لا يستطيعون الفكاك منه ولا يبعدهم عنه أي عارض أو استفزاز قد يواجههم مستقبلاً.

المصدر: http://hewarpost.com/?p=642

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك