الرأي المختلف وقوة الموقف

نحتاج في حياتنا العملية إلى رأي ثان وثالث

سهام الشارخ
 

عندما تسأل بعض الأشخاص عن البرامج التلفزيونية التي يتابعونها في القنوات الفضائية سواء أكانت حوارية أم ثقافية أم علمية أم وثائقية، أم عن الكتب والموضوعات التي يقرأون فيها يكون الرد أنهم لا يجدون الوقت الكافي للمتابعة والقراءة، مع أنهم يداومون على متابعة (الواتس آب) ليل نهار، ويبعثون ما يصلهم من رسائل وأدعية وفيديوهات حتى قبل أن يقرأوها أو يشاهدوها أحيانا، هذا التدوير للرسائل والمقطوعات والمعلومات المضللة أشاع الكثير من الخرافات والبدع التي بدأ التحذير منها مؤخرا، وساهم في تكريس حالة القولبة الفكرية التي يعيشها المجتمع بشكل عام حيث يفكر ويتحرك الأشخاص في إطار متشابه من التوجهات والأفكار والأذواق والعادات والمظاهر بلا تمايز ولا اختلاف إلا نادرا، فهناك حالة قبول عامة أو استسلام لما يقال أو يكتب ولما يمارس من عادات وسلوكيات دون تمحيص أو مراجعة، وبالتالي ليس هناك من داع للبحث والاستكشاف، بل إن البحث والتنقيب يكون عن كل ما يوافق التوجهات ويتطابق مع وجهات النظر، مع تضييق الفرص أمام الاعتراضات أو الآراء والأساليب المختلفة، إنها حالة من الجمود والتبعية والتشبث بما اعتاد الناس عليه ولو كان غير صحيح لأن اتباعه أسهل وأسلم، وهذا ما يظهر في كثير من الممارسات الاجتماعية والدينية التي تنتشر بين بعض الناس وتترسخ مع الزمن حتى وإن كان المنطق والعقل يرفضانها.

الاطلاع على فكرة أو رأي مختلف يزيد المعرفة ويقوي الموقف، ففي مجال العمل والسياسة لا يمكن أن تقفل الأذهان على أفكار معينة، بل لا بد من الإحاطة والمعرفة والاطلاع على الأفكار المتعارضة معها لضمان التطور والنجاح والقدرة على الصمود، وقد تضطرنا ظروف الحياة اليومية أن نسأل باستمرار عن وجهة النظر الأخرى، فمثلا عندما يراجع المريض طبيبا ويوصي الطبيب له بعملية جراحية أو بإجراء طبي صعب يضطر المريض أن يزور طبيبا آخر ليأخذ رأيه ويتأكد من صحة ومناسبة العلاج ومدى ضرورة العملية أو الإجراء، وعندما يقرر أحدنا شراء بضاعة ما، يحرص على التجول والبحث عن طلبه في عدة محلات حتى يستقر رأيه على الأنسب، إذن نحن نحتاج في حياتنا العملية إلى رأي أو خيار ثان وثالث.. فلماذا التهرب والخوف من الفكر أو الطريق المختلف في أوضاع أخرى؟ ولماذا استصعاب البحث عن الجديد والمختلف؟

أعتقد أننا بحاجة إلى إجراء دراسات ميدانية علمية واستطلاعات رأي حول هذه الحالة السائدة والمتجذرة التي تعوق الإبداع والتفرد، وتجعل الأشخاص نسخا مكررة في تفكيرهم وكلامهم وسلوكهم وحتى في مظهرهم، دراسات توضح الأسباب والعوامل، وتقترح الحلول للخروج من حالة الكسل والجمود والتقليد وافتقاد الثقة في النفس.

المصدر: http://hewarpost.com/?p=1253

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك