قراءة في التعايش المذهبي والتسامح

قراءة في التعايش المذهبي والتسامح

أنعكاس صورة تراث في واقع حال يرى أجتماع النقيضين في الحالة الواحدة ، ومنها ما يرى في التعايش الديني والمذهبي بين خصومة دينية طائفية وبين وئام على حد سواء، ما يعمل على أللأ أمان في العيش ولا سلامته ولا تكافله أجتماعيا أو تضامنه .
والحال هذه ليس بوقف على العراق ولا هو بأنموذج لها حسب بل هي ماينشز به أي بلد تميز فيه أضطراب تاريخي بعصيان وعنف دموي وشخصيات تخفت ذاك أو تكبحه وكما في العصر الاموي مثلا في الحجاج بن يوسف الثقفي (95 هـ / 713 م) .
وقد تكون السياسة عاملا في اضطراب التعايش بين أهل جغرافية المنطقة الواحدة ، وذلك ما برز فترة الاسلام ، وكما بروز التقارب في المكون ألاجتماعي ، فقد جسد التحالف الوحدوي بين السنة والشيعة تكالبه على والي الشرطة عام (442هـ / 1050 م) عندما أقتضت المصلحة المشتركة لآهالي بغداد أن يكونوا جمعا واحدا . وحادثة أخرى تنازل فيها عن التعصب للمقدسات بين حزن ونواح على قتل أمام ( يوم عاشوراء ) و الفرح لمولد النبي ، تمكن فيها الساسة تماهي الحدود بين ذاك الحزن وهذا الفرح في حمأة الخلافات .
والتساؤال قد يرد ...
هل العراق حاليا أنعكاس لصورة تراث التسامح والتكاره بين ألاديان والمذاهب تنوعا وأختلافا ..؟
وما الذي ينبغي أن يسود تفهما من ألاخر في الحياة ألاجتماعية رغم الفوارق في العبادات والمعتقدات ..؟
وهل ذلك ممكنا فيما لو تم التمييز بين ألاختلافات في الدين والتقارب الذي يفرضه العيش المشترك داخل المجتمع الواحد ..؟
كل ذاك من هذا بأجابات أيجابية لو تحققت فلن يكون لتنوع الاديان والمذاهب تسببا في فرقة المجتمع بل مساهمة في أثراء وتعزيز صلات أجتماعية وثقافية بين المجموعات وأفرادها .
أن المعوقات وأرهاصات التعايش يشتد تأثيرها بدوافع سياسية تكرست في ثقافة فقهية وقومية ، وهو أرث لايمكن ألاحزاب الدينية بأختلافها المتصدرة للواجهة ألاستغناء عنه ، حيث تجده ( ألاحزاب ) وسيلة جذب وتأييد تحاول أبرازه والتذكير به فترة وأخرى خشية تخلخل الصف الطائفي خلف قيادتها ، يضاف لذلك ما تبثه فضائيات تملكها أحزاب وكيانات متنفذة بما يفتى به ضد ألاديان ألاخرى في عزاء حسيني أو خطبة جمعة .
أن ظهورألاضطراب الاجتماعي عبر التاريخ يبرز في تشكيل الكيانات السياسية التي تقسم البلد الى غيتوات طائفية وقومية قد يكون غائبا بينها (ألاضطراب ألاجتماعي)، والتقسيم الطائفي سببا أساسيا في نشوئه، وعمل المعارضة يتجه على هذا الاتجاه ، لان خارطة عمل المعارضة حددت ، من قبل ، على أساس الهويات، ضرب ضد المذهبية (الشيعة) وضرب ضد القومية (الكورد)، لتعود (المعارضة) بقوة الى أحضان المذهبية والطائفية .
أن التعايش يتطلب ألاعتراف بأن الحياة تفرز من مفاهيم وسبلا في التعبد ، حيث أن القرأن لم بغفل هذا بالذات بل أكد على حق الاختلاف وجعله أمرا ربانيا : " ولكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء ألله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما أتاكم ".
" ولو شاء ألله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل ألله من يشاء ويهدي من يشاء ولتسئلن عما كنتم تعملون "
" وما كان الناس ألا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون "
" ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين" .
أن التاريخ يعيد نفسه، فما حدث أيام الخلافة العباسية تكرر في القرن العشرين ، كنموذج في التسامح والتكاره ، وعلى الرغم من أختلاف ألازمنة حذو حذوه في القرن الحادي والعشرين ، لكن الاحداث شهدت فشل أنقياد الطائفتين أو المذهبين بمجملها في تصادم شامل ، ومن المعلوم أن عصب التعايش في المجتمع العراقي يعتمد اليوم كليا على حالات الوئام والنزاع بين الطائفتين ، من ناحية التمثيل السكاني ، ومن ناحية الديانة الرسمية ومظاهرها على بقية الاديان ملاحظة تبجيلها .
بعد تاريخ أليوم وألامس .. الهاجس القومي ....!
خطاب الوحدوية والفوارق ..!!
وعن الهاجس القومي ، لوصايا الفقهاء ما خلق مزيدا من الكراهية ، من ناحية الزواج والمعاملة بمنع أو عدم أستحباب الزواج من الكورد ، على أساس ما يعتقدونه من الجفاء والخشونة والبعد عن الدين ، ولا غرابة من الحاق ما يخص الشبكيين في الهاجس القومي ، فهو لاديانة خاصة ولا مذهب خاص ، حالهم حال بقية المسلمين " شيعتهم شيعة وسنتهم سنة " ، ألا أن ألاحصاءات القديمة وأنعدام العارفين في شأنهم ثبتهم أنهم ملة دينية أو جماعة ملحقة بالايزيدين ، وبالوقت يعتبرهم البعض أنهم كورد أو فرس أتوا أوان العثمانيين والخلاف العثماني الصفوي ، ألا أنهم يتحدثون عن هاجس قومي خاص بهم ويبدو أنهم بدأوا في تذكر أبجدية لهم يحاولون تكريسها وطرحها .
التاريخ العراقي لم يشهد مواجهات شاملة جامعة بين الاديان والمذاهب والقوميات فلم يعثر سجليا أو أرشيفيا على حرب عربية كوردية أو كوردية تركمانية شاملة ، أو مواجهات شيعية سنية شاملة خارج سلطة أمير أو والي أو أغا . والملاحظ اليوم أن هناك جيشا يطرح نفسه مدافعا وممثلا عن السنة ، وأخر يطرح نفسه ممثلا ومدافعا عن الشيعة ، وعلى الرغم من كل الضغوط لم تحدث مواجهة الجموع بالجموع بل على العكس وجد الجيشان نفسهما في عزلة من قبل العشائر والطبقات الاجتماعية العراقية الاخرى .
وذلك ما تعلق بالمصلحة الاجتماعية وليس بتعفف العراقيين عن العنف لارتكاب حماقات طائفية آوعنصرية وبتقدير الخسارة بأندلاع حرب جماعات شاملة ، فالتداخل بين فرقاء المجتمع العراقي الاجتماعي العشائري كوابح لاتطمئن ولا تهمل معها أشاعة ثقافة التسامح وكما النظر للخطاب الديني والمذهبي والفقهي بأمثلة وجزئياتها . ومهما قوت هوية العراقيين البسطاء منهم والمتعلمين ، فالتفسير لما يحدث يعاز الى التدخل الاجنبي، لا الى ما يعبر به الواقع بشكل دقيق ، فالكثير من الجماعات وبكل المسميات تدعي الوحدوية العراقية بخطاباتها الاعلامية وتصريحاتها وبلا فوارق .
التعايش دعائم ومفهوم ...
أن المؤثر من خطاب في تلك الجماعة أو هذه هو موقف رجل الدين من التعايش بوئام اجتماعي واستعمال ذلك في السياسة ، وذلك عند تصادم العقائد وألاراء على أرض الواقع سلبا أو أيجابا والشراكة فيها ، وكأن التسامح منزلة مختص بها القوي تعاليا وحالة تغاضي يتبادلها مع الاطراف ألاضعف ليؤشر التسامح بالتساهل معنى وليأتي التعايش أثرها .
التعايش مصطلح يستوعب قيم التسامح والتكاره، لا تغاضي ولا مكرمة من قوي لضعيف ، أذ أشترطا الجود والمساهلة من كل ألاطراف ، وبما لايرى التسامح ضعف وبألابتعاد عن واقع معاش ، بل جعل التسامح خلقا سماويا لا مد مذهبي فائر وكراهية بلا عقل .
وبين ذاك وهذا مصادفة تنتج شرعة شريعة لملايين البشر وأخرى تنتجها المقاصد السياسية ، ذلك من روايات تدخل التاريخ وتفعل فعلها في التسامح والتكاره ، ودون أن يسأل عن تقاليد دين هذا او ذاك ومن أو من ، وكل يسن له ما يسن ، حتى تبات الظرفية تحكم حكمها فيما يسن ويشرع لحياة البشر ، كالبحث عن وبين الجامع والعازل بين أبناء البلد الواحد ، هي من وضع علماء دين في نصوص مقدسة وأخرى فقهية ومن تجربة في تاريخ .
العراق تنوع جغرافي بيئي تعدد ديني مذهبي
( ميسوبوتاميا )
بلد ما بين النهرين، يحاكي أرضه جبالا وهضابا وسهولا وبطاحا تنوعا جغرافيا بيئيا ضيقا واتساعا يتقارب بها الفراتين بشريطه الطولي حتى أشيع ربطه بالماء ، وبيئة الماء هذه تلد تسامحا وتواضعا وليونة في التعايش قد لا تلد في الصحراء ، رغم الكرم وألايثار وفراهة الروح .
بلد كان مركزا لامبراطورية مترامية الاطراف، ووسطا دائما في الحروب بين جيوش المشرق وجيوش المغرب ، مع فسح تعايش بمسامحة وسلام ، متوازنة مع دورات عنف وتكاره أجتماعي ، بلد كان يسمى ( بابل ) وكما في القرأن الكريم: " وأتبعوا ما تتلوا الشاطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت" ـ البقرة 102
و" العراق " بالكسر ـ جمع " عراق " أي شاطيء البحر على طوله ، وكل ما اتصل بالبحر من مرعى هو عراق ، أو أنه شاطيء دجلة والفرات ، وكثير النخل والشجر تعريبا من " أيران شهر ، وهو " أوروك " و " أيراك" أو " أرك " ، بما يدور حول العلاقة بين الماء والشجر ، وألارض المنخفضة .
التعايش دعائم ومفهوم
التشابك الديني..........
يتعدى ألاسلام والمسيحية حدودهما التبشيرية عن باقي الاديان، والانتساب اليهما لايرتبط بقومية او بأصل وأنحدار ، ليس كما الاديان الاخرى التي التزمت وراعت الاصل في الانتساب اليها وتمسكت بحدودها ، فمن المستحيل ان يجد المسلم نفسه أو المسيحي بين أي من الاديان الثلاث الاخرى ، الصابئة والايزيدية واليهودية ، لآعتمادها شروطا في الانتساب ومنها شرط ديانة ألام ونقاوة النسب ، على عكس هذه الديانات الثلاثة التي يتحول فيها بفعل التبشير او الضغوط الى الديانة الاسلامية او المسيحية .
وهناك الكورد العراقيين على دين القوم القديم " الزرادشتي " ، ومنهم من لايرى في الزرادشتية ما تحدثت به كتب الملل والنحل الاسلامية ، وقد يكون في الاصل أعتبار المجوس ديانة بلاد فارس القديمة من اهل الكتاب او شبه الكتاب ، وعلى ضوء ذلك قد توجد تعصبات دينية أسلامية وممارسات من جماعات متطرفة .
أن تعايش الاديان الخمسة على أرض العراق ، الصابئة المندائية ، والازيدية ، واليهودية ، والمسيحية ، بمختلف مذاهبها والاسلام بمختلف مذاهبه ، أضافة الى الكاكائية والبهائية وقليل من الزرادشتية ، المتواجدة ، يبقى تواجد هذه الجماعات حقائق تاريخية ، قل عددهم أو كثر، وحيث لغات العراق السريانية وألارامية القديمة، والكورد، والتركمان، والكلدان، وألاراميون، والتصوف بمنزلته الخاصة بطريقتيه القادرية والنقشبندية، مع التواجد الاشوري الكلداني المسيحي، الملحوظ " والقديم جدا ، مع خصوصية كركوك وديالى المدن المتنوعة الدين وألأما زالت أشكال العراق نفسها وبغدادها المتنوعة التي فيها كل نماذج الشعب العراقي .
المصدر: http://www.iraqiwi.com/news.php?action=view&id=5713

الأكثر مشاركة في الفيس بوك