هي ليست مباراة

عبدالله العقيل

 

المتابع لحواراتنا في الإعلام أو في وسائل التواصل الاجتماعي يعرف جيدا أن ثقافة الاختلاف عندنا شبه معدومة. كثير منا يتصور أنه وحده يمتلك الحقيقة، ولذلك فإن كل مختلف عنه هو على خطأ أو على ضلال. المسألة لا تقف هنا فحسب، بل يتجاوزها الكثير ليُحوِّلها إلى خلاف شخصي، وقد تصل إلى السباب والتلفظ بأبشع العبارات.



الغريب في الأمر، أن كثيرا من الناس يستشهد بعبارات جميلة في حديثه أو يضعها عنوانا تحت اسمه، عبارات توحي بأنه شخص يتقبل الرأي المختلف ولا يصادر آراء غيره، ولكن بمجرد أن تخوض معه حوارا تظهر لك عورته الفكرية، ويغضب عليك لأنك لم تتفق معه في رأيه! هو يناقشك ليس لهدف الاستفادة من النقاش بل لهدف جعل رأيك مطابقا لرأيه.



تجد من كتب عبارة الدكتور عبدالله الغذامي الشهيرة: “هو رأيي أعرضه ولا أفرضه” تحت معرفه في “تويتر”، وعندما تختلف معه ينهال عليك بأقسى الألفاظ. نحن نتعامل مع حواراتنا وكأنها مباراة، فيها فائز وخاسر، والاعتراف بصواب الخصم أو بخطئنا يعدّ هزيمة مُرّة.



كثير منا يعشق ترديد العبارات الجميلة نظريا ولا يطبقها عمليا، وأعتقد أنها نتيجة طبيعية إذا رأينا كيف نتعامل مع أبنائنا في المنزل وفي المدرسة، وهما الركيزتان الأساسيتان في بلورة شخصياتنا.



ففي المنزل، نستخدم أسلوب الأمر والنهي بحكم السلطة الأبوية ولا نستخدم أسلوب النقاش لإيصال الفكرة. كذلك الحال في المدرسة “غالبا” المعلم يستخدم أسلوب التلقين لإيصال الفكرة. وفي كلتا الحالتين يتربى الطفل على أن الحياة عبارة عن رأي واحد لا يمكن الاختلاف عليه.



هذه الفكرة يصعب جدا أن يتخلص منها الإنسان حتى لو تقدم به العمر، ولذلك من الجميل أن تضع أمام عينيك في أي حوار تخوضه معلومة مهمة وهي: أنك لا تملك الحقيقة المطلقة.

المصدر: http://hewarpost.com/?p=2007

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك