"حيونة" الإنسان

بلال الذنيبات (الأردن)

تابعتُ الإسبوع الفائت تقريراً صُحفياً تلفزيونياً على إحدى الفضائيات العربية، يتحدث عن تعامل بعض الوحوش البشرية مع الأطفال وبني الإنسان في مُختلف أصقاع الأرض ومعمورتها، من سورية إلى بورما والعراق ومُختلف أنحاء الربوع المسكونة ببشرٍ يتمتعون بإنسانية منقوصة.
لا عجب، فالحيواناتُ تحمي بني جنسها لا إرادياً، بينما يسعى الإنسان إلى إفناء بني جلدته، مُستخدماً أبشع الصور والأساليب، ثم يتغنّى بالإنسانية التي باتت تنوء بما نرى من إجرامٍ فاحش، باسم الدين والسياسة واللون والآراء والأفكار على تعدّد منابعها وصورها.
باتت الإنسانية اليوم سُبةً أمام أن تصف أحدهم بالحيوان، ذلك أنّ الحيوان يسعى جهده في حماية بني قومه و فصيلته، بالعكس من الإنسان الذي يمارس أبشع الجرائم بمُسمياتٍ مُختلفة، منها السياسية، ومنها العائلية والاجتماعية والإقتصادية والدينية.
ما بتنا نراه في سورية عموماً مُنذُ ست سنواتٍ خلت بات يزجي للعالم والإنسانية ضعفها والتصاقها بالمادية في ظلّ نظامٍ رأسمالي تحكمه المصالح والقوى الدولية المُتصارعة والمتضاربة في مصلحتها على حساب الشرعية الدولية والحقوق الآدمية التي تغنينا ونتغنّى بها كُلما كانت تُحقّق مآربنا، وكأنّ حقوق الإنسان مُتغيراتٌ لا ثوابت تتماشى ومصالح الدول القوية في ظل مُجتمعٍ دوليٍ تحكمه القوة، لا القيمة والمصلحية والنفعية، لا الحقوق والواجبات.
للفضاء الإلكتروني المفتوح دور السبق في تسليط الأضواء على ما يحدثُ في العالم اللا إنساني اليوم، إذ يلعب دوراً في كشف الغطاء عن الحقيقة المُرة التي بتنا نراها جلية من دون أن تجعلنا نفعل شيئاً سوى الكتابة عبر منصات التواصل الاجتماعي الافتراضية التي عرّتنا، وجعلتنا مُجردين من إنسانيتنا وغير مُبالين بما يجري.
لعلنا نعيش اليوم "تمسحة معولمة" في المشاعر والأحاسيس. تحول بيننا وبين أن تؤثر بنا الصور الثابتة والمتحرّكة التي باتت مُجرّد خبر عاجل يمرُ عبر شريط الحياة اليومية، والذي سرعان ما يتحوّل إلى خبرٍ تتقاذفه الفضائيات والإذاعات والصُحف الورقية والإلكترونية، من دون أن تتجاوز ردّة الفعل في أُمتنا العربية المُسلمة هاشتاغ أو تعليق أجوف عبر منصات التواصل الاجتماعي.
نحنُ اليوم أحوج ما نكون إلى ثورةٍ إنسانية، تُعيد إلى هذا العالم البشري إنسانيته وقيمته، لا الاستمرار في غيّ القيم الرأسمالية النفعية والمادية والميكافللية المقيتة التي تحكم علاقات مُجتمعنا الدولي، المتحوّل إلى توازن القوى بتوّلد القوى الإقليمية، في ظل بداية انهيار نظام القطب الأوحد

- See more at: https://www.alaraby.co.uk/opinion/2016/12/30/%d8%ad%d9%8a%d9%88%d9%86%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%86%d8%b3%d8%a7%d9%86-1?utm_campaign=magnet&utm_source=article_page&utm_medium=related_articles#sthash.TsVimleK.dpuf

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك