السلام بين الشعوب

جهاد علاونه 

 

أثبتت كل الفحوصات والتجارب المخبرية في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية بأن جميع الدول العربية عاجزة تماما عن تحقيق السلام العادل والشامل لشعوبها العربية التي تقع تحت وطأة الحكم الدكتاتوري في جميع الدول العربية دون استثناء, وأثبتت التجارب والتقارير الناتجة عن استطلاع المعاهد ومراكز الدراسات الخاصة بالشرق الأوسط بأن كل السياسات المتبعة في الدول العربية الإسلامية ما زالت حتى اليوم عاجزة تماما عن تحقيق الحرية والتنمية الشاملة لشعوب المنطقة العربية, وبأن معظم الحركات الخاصة بالسلام بين المسلمين وبين المسيحيين التي تقودها الدول العربية ما هي إلا حركات تجميلية تهدف إلى إيهام المحكومات الغربية بأن الحكومات العربية جادة كل الجد في تحقيق السلام الشامل والعادل لشعوب المنطقة, ومن على هذا الأساس والمنطلق يجب علينا نحن كشعوب عربية أن نبحث عن السلام مع الغرب ومع أصحاب الديانات الأخرى لوحدنا دون أن نسمح للدولة بأن تتدخل بنا, لأن معظم الدول والحكومات العربية كاذبة وفاشلة في عملية تحقيق السلام بين شعوبها وبين الشعوب العربية, وحتى نتجاوز هذه المعضلة كشعوب ويجب علينا أن نشرب من رأس النبع بأنفسنا قبل أن ننتظر أن تسقينا إياه الدول والحكومات العربية, فنحن لا نرتجي مطلقا أن تحقق لنا الحكومات العربية السلام مع إسرائيل أو السلام مع الديانات الأخرى, إننا نقف أمام موقف يجب أن نكون فيه جادين فعلا وقادرين على تحقيق التنمية الشاملة لنا من خلال تشبيك العلاقات مع الشعوب الأوروبية وخصوصا الشعب الإسرائيلي متجاوزين النظرة والأمل الذي يحدونا جميعا لكي تحقق لنا حكوماتنا هذه المعجزة.
 
إن السلام الذي ننتظر أن تحققه لنا الحكومات العربية لا يمكن أن يتحقق لعدة أسباب ومن أهمها أن هنالك درسان مهمان واحد أدى إلى مقتل رئيس دولة وهو السادات, والدرس الآخر أدى بصراحة إلى مقتل إسحاق رابين نفسه, فكما يوجد في الدول العربية متطرفين دينيين كما يوجد أيضا في إسرائيل متطرفون دينيون أيضا, لذلك حتى نتجاوز هذه المشكلة نحن نبحث وبشكل جاد عن السلام بأنفسنا دون أن تتدخل الحكومات سواء أكانت عربية أم إسرائيلية أم أمريكية وهذا لن يتأتى لنا إلا من خلال البحث عن ناشطين عرب مسلمين يهمهم أن يتحقق السلام العادل والشامل لهم.
 
ومن أجل أن نحقق السلام لشعوب المنطقة العربية يجب علينا أن نحاول تشبيك العلاقات بين الشعوب العربية الإسلامية الباحثة عن السلام وبين الشعوب الغربية وخصوصا شعب إسرائيل,تلك الدولة التي يبحث معظم سكانها عن مكان يؤويهم تحت الشمس, ويجب علينا كأفراد وجماعات باحثة عن السلام أن نحاول تثقيف أنفسنا بأهمية السلام وما يجلبه هذا السلام من منفعة عظيمة لكل فرد يبحث عن السلام بشكل جدي, وأن نحاول أن نبث وننشر ثقافة السلام كما ننشر ثقافة حقوق الإنسان, وهذان الأمران مهمان جدا على هذا الصعيد وخصوصا في هذا الوقت بالذات, حيث ترتبط ثقافة حقوق الإنسان مع ثقافة السلام ارتباطا جذريا, وإننا قادرون في هذه المرحلة على غرس قيم المحبة والسلام وحق كل فرد بتغيير منهجه والحفاظ التام على الحقوق الفردية التي يكفلها القانون للمواطن, ويجب تثقيف المواطن بحقه في التعبير عن رأيه الفكري والسياسي ومن ضمن تلك الحقوق المسلوبة مصادرة ومطاردة الأفراد الذين يبحثون عن السلام مع الشعوب الأخرى قولا وعملا وعدم الاكتفاء بالقول, ويجب أن تعترف الدول العربية بحق المواطن كفرد بتغيير نهجه وفكره وحتى دينه, وأن يحقق السلام العادل مع أصحاب الديانات الأخرى طالما الدول العربية نفسها قد فشلت بتحقيق هذا المطلب للمواطن العربي.
 
إننا نؤمن اليوم كأفراد بأهمية تحقيق السلام الشامل والعادل لكافة شعوب الأرض وأن يعيش الكل بسلامٍ باعتبارهم مواطنين ضمن إحدى مكونات الدولة, فلا يمكن اليوم التغاضي عن الحقوق الفردية للمواطن العربي وأن ينظر إلى كل مكونات الدولة على أساس أنه كمواطن هو إحدى هذه المكونات,ومن حقه أن يعبر عن رأيه البسيط وغير البسيط وبحقه في الانخراط ضمن أفراد من شعوبٍ أخرى وديانات أخرى لهم نفس التوجه السلمي الذي يتمتع هو به, وأنا كمواطن أردني عربي من حقي أن أعلن عن رغبتي بممارسة حقي في تنشيط نفسي وبشبك نفسي مع أفرادٍ من كافة شعوب العالم وبتعزيز علاقات الأخوة وحتى المصاهرة معهم,وفي الداخل يجب أن تزول الحساسية بين المسلم والمسيحي على اعتبار أن المسلم مواطن والمسيحي مواطن يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات المنوطة بهم.
الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك