البنية التحتية للحوار

علي العبدلي

 

لا يهم أن يكون رأيك صائبا، بقدر ما عليك أن تهز رأسك وأنت تستمع للآخر، من باب الاقتناع التام مرغما بكل ما يقوله، ستفعلها فقط لتجنب نفسك مساعي إقناعك بصراخ لا تستوعبه أذناك، لأنه يتصور أن فكرك ليس مصدره عقلك، وإنما قدرتك على الإقصاء. كي تقنع يجب أن ترهق أذن المستمع وليس أن تقنع عقله، كي تنتصر في حوارك مع الآخر أقنعه بقدرتك على علو صوتك وليس علو وسمو فكرك، هذا ببساطة ما يريد جهلاء الفكر أن يغرسوه لدينا في بيئة الحوار، لم يستوعبوا بعد أن الرأي حق مشروع لصاحبه ما لم يتجاوز قيم الدين والوطن والثوابت، هؤلاء لا يؤمنون بحقيقة أن في اختلاف الرأي قيمة، عندما يُوظَف على أساس تنوع فكري يعيش في إطار صحي يؤمن أن الحوار كالبناء العالي، يتكون من مجموعة أفكار يسودها التوافق والإنسجام.



نعترف أننا نعاني تصدعات وعثرات أصابت البنية التحتية للحوار، ولكن من يتحمل تلك الإخفاقات؟، وكيف يمكننا علاجها أو كأقل تقدير تجنب غلوها في الإقصاء؟ في تصوري، أن الحوار لا يمكن أن يثمر ونحن لا نسقيه بوسطية التعاطي وتقبل الاختلاف، فتقبل الآخر يجب ألا يفسده اختلاف الرأي، والتعبير عن عدم تقبل الرأي الآخر لا يكون بإطلاق مسميات خشنة وغير لائقة.

 

فلا يمكن أن نتبنى إصلاحات للحوار ما لم نبدأ من أنفسنا ودورها في غرس قيمه وآدابه في النشء، وأن تكون منصاتنا الإعلامية معززة لهذه الإصلاحات، وليست مشنجة للتعصب الذي يقصي الحوار البنّاء، ويتبنى الصراخ والإقصاء، كما نراه اليوم على سبيل المثال في إعلامنا الرياضي. الخطاب الديني، هو الآخر، عليه ضرورة تفعيل الحوار الذي يعزز من التسامح والحث على معانقة الآراء لبعضها مهما كانت اختلافاتها، والأهم هو دور الأدباء والمثقفين في بناء أرضية قابلة لكل المتغيرات، تحقق مكتسبات الحوار الهادف، وتجعل من مناخ الحوار أكثر وسطية واعتدالا.

المصدر: http://hewarpost.com/?p=3006

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك