دعوة حوار الحضارات أطلقها الاستعمار
دعوة حوار الحضارات أطلقها الاستعمار
يونس مسكين
المساء : 14 - 01 - 2008
العيون - يونس مسكين
كل الأفكار حول حوار الحضارات تلتقي في العالم العربي الإسلامي، وتطرح نوعا من التفكك بين العالم العربي، الذي غيب وأصبح يحتضر، والعالم الإسلامي. وما يفسد هذا الحوار هو الموقف السلبي المتمثل في التعصب والتطرف الذي يناهض المجتمعات الإسلامية وينبذها. علما بأن العالم العربي ينتقل نحو الديمقراطية بشكل سينمائي ويواجه في نفس الوقت تنامي حركات متشددة، فأصبح منقسما بين علمانيين وإسلاميين.
أساس
حوار الثقافات
اعتبر عبد الرحيم منار السليمي أنه بقدر ما تتزايد الدعوة إلى الحوار فإن الواقع يفرز العديد من الصراعات والأزمات، وكلها في العالم العربي الإسلامي. كما أن العديد من الباحثين كتبوا عن حوار الحضارات، ومازال النقاش مثيرا حول ما إذا كانت المسألة نظرية أم إيديولوجية أم خطابا بمضامين سياسية، مضيفا أننا لا نعرف من أين تنطلق هذه النظرية، هل من انهيار الاتحاد السوفياتي السابق أم الحرب الباردة أم مع نهاية الاستعمار أو بعد الحادي عشر من شتنبر.
فكل الأفكار حول حوار الحضارات، حسب السليمي، تلتقي في العالم العربي الإسلامي، وتطرح نوعا من التفكك بين العالم العربي، الذي غيب وأصبح يحتضر، والعالم الإسلامي. وهو ما أكدته مداخلة محمد زين العابدين الحسيني في ندوة حول حوار الحضارات: حوار الثقافات والأديان» مساء الخميس الماضي، الذي أضاف أن الدعوة إلى الحوار بين الحضارات أطلقها الاستعمار الذي كان يدعي أنه جاء لنشر الحضارة بين المتخلفين.
وأضاف الحسيني أن هناك موقفين من مسألة الحوار بين الثقافات، أحدهما إيجابي والآخر سلبي، يتمثل الموقف الإيجابي في كل من الإسلام والمسيحية، حيث المنطلق هو الحوار، وما يفسد هذا الحوار هو الموقف السلبي المتمثل في التعصب والتطرف. معتبرا أن الموقف السلبي موجود عند عدد من المفكرين الغربيين، وهو إطار جديد للصهيونية لأنه يكرس هيمنة ثقافية في إطار العولمة. ويمثل هذا التيار أشخاص مثل برنار لويس الذي ألف كتابا عن «جذور السعار الإسلامي»، وصامويل هنتنغتون صاحب نظرية صدام الحضارات ووجود الصراع على أطراف العالم الإسلامي. علما بأن أهداف حوار الثقافات من المنظور الإسلامي هو التفاعل والاحتكاك الحضاري، حيث قامت الحضارة الإسلامية على أساس التفاعل الحضاري، فهي ثقافة حوار أخذت من الحضارات السابقة ومن الأمم الأخرى، برأي الحسيني.
مداخلة منار السليمي في هذه الندوة، التي افتتحت أشغال الملتقى الدولي الثالث لشباب السلام بمدينة العيون، قدمت عدة أطروحات للموضوع، الأولى تنطلق من حرب الحضارات، أي أنها تناهض المجتمعات الإسلامية وتنبذها، فيما تقوم الثانية من خلال كل التطورات المنتجة للخطاب في حوار الحضارات على تقديم صورة العربي الهمجي والمسلم بلباس أفغاني... بينما تحاول الثالثة تجريب الديمقراطية في الدول الإسلامية، فهل يمكن أن نقوم بالاستنساخ؟ مضيفا أن النظام الدولي يطرح تناقضا: تكتل يدعو إلى الحوار في مقابل تزايد الأزمات، ذلك أن الشراكات المقترحة تقوم على مركزية أوربية أو غربية. علما بأن هناك صراعا خفيا بين قطب غير محدد جغرافيا هو القاعدة والولايات المتحدة الأمريكية. كما أن العالم العربي ينتقل نحو الديمقراطية بشكل سينمائي، ويواجه في نفس الوقت تنامي حركات متشددة، فأصبح منقسما بين علمانيين وإسلاميين.
الثقافة بالنسبة إلى محمد زين العابدين الحسيني روح الأمة وعنوان هويتها، فلكل أمة ثقافة تستمد منها خصائصها ومقوماتها، ولكل مجتمع ثقافته التي يتميز بها، فالثقافة ليس مجموعة أفكار بل ضرب من السلوك والطابع العام الذي ينطبع به المجتمع. وأسس الحوار بين الثقافات هي التكافؤ والندية واللغة كعنصر مساعد والتربية والدين، وهي الأسس التي تؤدي إلى التثاقف، فيما شروطه هي التعددية والتبادل والتنافس والالتزام بقواعد الحوار والنقاش. فيما رأى منار السليمي أن معنى حوار الحضارات الجلوس إلى طاولة المفاوضات، لكن الإشكال في تموقع الأطراف، ذلك أن الكل يلتقي اليوم في تساؤل لماذا يكرهوننا؟ وألا يمكن أن نقول إننا نعيش حوار الجهالات وليس الحضارات كما قال إدوارد سعيد؟
هناك تحول في السلوك الأمريكي، حسب السليمي، حيث تعمل واشنطن على نشر التصور الأمريكي، وتتدخل منهجيا وبقوة لفرضه، بينما الاتحاد الأوربي يقوم بنفس السعي مع الميل إلى الدبلوماسية. واعتبرت أمريكا أن الثقافة الإسلامية تربة خصبة لإنتاج العنف، من خلال صياغة العقيدة الدفاعية الأمريكية الجديدة على أساس مفاهيم من قبيل الحرب الوقائية.
و اعتبر الحسيني أن للصراع بين الثقافات ثلاثة أبعاد، بعد أنطولوجي يسكن الذات باعتباره أساس الهوية، وبعد إيديولوجي وبعد تواصلي. وأن الحوار غير متكافئ، مستدلا على ذلك بالتوزيع غير المتكافئ لاستعمال الإنترنيت ونسب الأمية. كما أن الغرب يقدم نفسه في صورة المتحضر المتسامح، ويتصرف تجاه الآخر بعكس ذلك. ليخلص منار السليمي إلى استنتاجات مفادها أن العالم العربي، المتهم بمعاداة الحضارة، يطرح فكرة الحوار، وفي المقابل شاهدنا في الشريط الأخير للقاعدة، شخصا أمريكيا يمزق جواز سفره ويدعو إلى استقبال بوش بالقنابل، وأضاف متسائلا عمن يتحمل مسؤولية العنف، هل العالم العربي أم أوربا وأمريكا؟ حيث إن هناك من تولدت لديهم فكرة العنف في ضواحي باريس ولندن لعجز هذه الأخيرة عن استيعاب الجيل الجديد؛ مسجلا أن هناك تناقضا بين تزايد الطلب على الهوية الدينية وتزايد الطلب على الديمقراطية، رغم أن هذا الأخير آخذ في الضعف.
وفيما راح المحجوب الميزاوي يستعرض أفكار تيارات وتوجهات روحية وباطنية، تعتبر أن السلام لا يمكن أن يتحقق في العالم دون أن يتمكن الإنسان من الترقي الروحي بالمحبة والسلام، تساءل السليمي عما إذا كنا نبحث عن سلام أشقر بعيون خضراء ولونه أبيض يرفض الزواج من سلام أسمر؟