مقاطعة العرب طهران سياسياً

مطلق بن سعود المطيري

 

حالة التفكك والانهيارات الكبيرة في الوطن العربي تعد فرصة ثمينة لدولة الولي الفقيه لتصدير ثورتها الطائفية وحصد المكاسب السياسية والاقتصادية، فقد ساعدت الفوضى السياسية العربية صانع القرار السياسي الإيراني على رمي ثقل بلاده العسكري والاستخباراتي في الأرض العربية، كما شجعها على ذلك أيضا كمية الانتصارات التي حققتها في العراق وسورية، ومحاولاتها المستمرة في اليمن، فالسيطرة الإيرانية على الدول العربية توجه استراتيجي لا رجوع عنها، فخسارة هذه المشروع يعني بالنسبة للملالي خسارة سيطرتهم على ايران.

الانقسام العربي اليوم ليس فقط انقساماً بين مواقف دولة ودولة، ولكنه انقسام داخل الدولة بين انتماءاتها المذهبية، فدولة مثل العراق اليوم اصبحت دولة مذهبيين متطرفين، فإما أن يبيد المسيطر بقية مكونات الشعب، وإما يسقط وتفتح لزعاماته السجون وتعلق لهم المشانق، ففرصة سقوطهم ليست ضئيلة بل معدومة، فالمشروع الإيراني جعل منه نموذجا لتصدير الثورة وتثبيتها، وهذا يعني ان الطوائف الأخرى لا يكون لها وجود في أرضها إلا وجود مقاوم لتلك السيطرة او خانع وذليل ويبحث عن فرصة هروب جماعي، مآلات الوضع في العراق اصبحت ملموسة في سورية واليمن ولبنان، نجاح ايران في بسط سيطرتها في المنطقة يعود لقراءتها الجيدة لسياسة اوباما في المنطقة، وتحالفها الاستراتيجي مع روسيا، فأوباما تقوم سياسته على عدم ارسال قوات امريكية للمنطقة، والمشروع الايراني لا يوقف زحفه على المنطقة الا عمل عسكري، وكذلك عرفت طهران كيف تمنح اوباما انتصارا سياسيا يتمثل بتوقيع الاتفاق النووي، بدون ان تتنازل عن مشروعها التوسعي، فقد استنفذت فترة اوباما الثانية في الاتفاق النووي، فضمنت حياد واشنطن ونجاح رئيسها في مفاوضات البرنامج النووي، وعلى الجانب الروسي نجحت بان تكون شريكا عسكرياً لموسكو، تفتح لمقاتلاته الأجواء وتجمع لقاذفاته الأعداء لتقصفها، مكاسب هذه الشراكة لم تتضح بعد الا ان مكاسبها في سورية وإزالة مخاوف الفشل فقد اتضحت تماما ومنها عودة العلاقات الروسية التركية، العالم اليوم يقع تحت السيطرة الروسية والامريكية والايرانية والاسرائيلية، فاوربا مسكينة حالها افضل بقليل من العالم العربي، ومعرضة لحالة انهيار في اتحادها بسبب المشاكل الاقتصادية، وايضا مشاكل امنية بسبب الأعمال الإرهابية، فالإرهاب التي تتعرض له اوربا وخاصة فرنسا قد يحقق مكاسب سياسية للدول المسيطرة تتمثل في خروجها من دائرة التأثير السياسي، والمانيا ينحصر دورها المؤثر بابتعادها عن واشنطن واقترابها من موسكو وهذه معادلة صعبة التطبيق، ولعل المرحلة الثانية من تصدير الثورة الإيرانية ستكون باتجاه اوربا.

العرب اليوم لا يوجد لديهم فرص تكبح المشروع الإيراني وخسروها، ولكن يوجد لديهم إرادة شعبية إن عرفوا كيف يستخدمونها أنتجت لهم فرصاً تقاوم المشروع الإيراني، الشعب العربي بأغلبه رافض الاصطفاف الطائفي الذي تعمل طهران على تكريسه، وتحتاج هذه الإرادة الشعبية إلى إرادة سياسية تنجز مشروعا سياسيا عربيا، يعد برنامج مقاطعة سياسية عربية لطهران، فالكل يتذكر عندما قطعت المملكة علاقاتها مع طهران بسبب الاعتداء على سفارتها واتبعها بعض العرب وبنسب متفاوتة اهتزت قوة طهران ومشروعها، فهذه التجربة يجب ترقيتها الى مستويات اعلى، فيكون إرهاب طهران في سورية سببا، مقاطعة طهران السياسية بشكل كامل اليوم قد تكون عملاً له أثر اليوم، فغداً ربما تكون المقاطعة من الفرص الضائعة التي مرت بدون اسثمار لها، المقاطعة قضية كبيرة وتثير المخاوف وربما تشهد انقسامات، ولكنها ستكون سياسة مطلوبة شعبيا ومحمية بإرادة شعبية أيضا، فإيران احتلت دولاً عربية وتزحف باتجاه البقية، إن لم نواجها بسلاح سياسي صارم سوف تحتلنا بقرار سياسي صارم.

المصدر: http://www.alriyadh.com/1527780

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك