ماركس ومدرسة فرانكفورت: من حلم الثورة إلى هاجس النقد
مدخل إشكالي:
استحالت الدراسات الراهنة في المجال الفلسفي مرهونة في أفقها التحليلي وحتى في مسارها التأويلي، بوجود مسعى فكري يحرص على أن يقدم لنا مقاربة معرفية، لا تكون بالضرورة فلسفية خالصة، تتحدث عن الوجود والقيم والمعرفة بمقولات مجردة ومتعالية، -بغير الصورة الكانطيةـ وإنما على العكس من ذلك، وتحت قصف الوقائع المادية والأحداث التاريخية والتطورات السياسية/ الاجتماعية التي أحدثت رجّة عالية الشدة ومرتفعة القوة في التصورات والمواقف المعاصرة، بدأ هذا المسعى في التحول صوب الواقع، والاجتهاد في إنزال التحليل الفلسفي من علياء الفكر وتجريد العقل الذي كان من مهام الفكر الهيجلي ومن واجبات الطرح الكانطي إلى منازل واقعية، يلتقي فيها الفكر مع شخوصه المتحركة في التاريخ، منخرطاً بصورة اشتباكية مع الكائنات البشرية في سعيها المحموم والدائب لكي تحقق غاياتها المتجددة باستمرار.
تجسد هذا المسعى المعرفي بصورة جلية ضمن أطروحات مدرسة فرانكفورت أو ما كان يُسمى بمعهد الدراسات الاجتماعية، حيث عملت واجتهدت في إبداع رؤية فلسفية ولكن بمكونات اجتماعية ومقولات واقعية، ولإنجاز ذلك المسعى التزمت المدرسة بربط وشائج تواصلية بالتراث الفلسفي الألماني متجلياً في فلسفة هيجل الجدلية وأيضاً في نسق كانط النقدي، ومتحاورة مع النصوص الفلسفية التي تَرتد في أصولها إلى التراث اليوناني وخاصة أسطورة عوليس، وقد انخرطت في حوارات مثمرة مع مدارس فلسفية، كمدرسة التحليل النفسي والتوجه الماركسي، ولم تكتفِ بهذا التقاطع المعرفي، بل تداخل نشاطها الدراسي مع نشاطات تبدو لنا في حكم الغرائبي، عندما نعرف أنّ المدرسة بالرغم من نزعتها الاجتماعية/ الواقعية، قد اهتمت بمجال الموسيقى كما تجلى في اشتغالات الفيلسوف الألماني تيودور أدورنو.
ونحن، في هذا التوجه المعرفي/التحليلي وبصورة مخصوصة، نسعى إلى الوقوف على طبيعة العلاقة البحثية بين مدرسة فرانكفورت والتوجه الفلسفي الماركسي، اعتماداً أولاً على فرضية تاريخية مؤداها أنّ مدرسة فرانكفورت كانت منشغلة في بداية مسارها بتطوير الدراسات الماركسية، وثانياً على فرضية تحليلية مؤداها أنّ المفاهيم التي اشتغلت عليها الماركسية مثل الاغتراب والتشيؤ والثورة والهيمنة والطبقة والنقد الاجتماعي، هي ذاتها كانت محل اهتمام معرفي من طرف مدرسة فرانكفورت، وبهذا التعالق الثنائي تغدو العلاقة على درجة عالية من التأشكل، مما يدفعنا إلى طرح بعض التساؤلات إلى واجهة التحليل وأفق التقييم: على أي أساس نستطيع ضبط إيقاع مستوى التواصل المعرفي بين مدرسة فرانكفورت والتوجه الماركسي؟ ومن وحي هذا التساؤل الثنائي، نتقدم أولاً جهة السؤال عن مدى حضور التواجد الماركسي التقليدي في الدراسات التي أنتجتها المدرسة؟ وهل يمكن الحديث عن حضور دائم في خطابها التحليلي للمجتمع الغربي المعاصر؟ ثم ثانياً جهة السؤال عن شكل وطبيعة القطيعة التي حدثت بينهما، بعدما سعت المدرسة إلى الانفتاح على آفاق بحثية متنوعة وثرية من حيث مقولاتها التحليلية وأيضاَ من حيث مناهجها ورؤاها التفسيرية؟ وكيف استطاعت المدرسة أن تبلور خطاباً فلسفياً متميزاً في طرحه عن باقي التوجهات الفلسفية وخاصة التوجه الماركسي؟ وما هو المدى المعرفي الذي يجسد تميز المدرسة وجِدة فهمها للمجتمع الغربي ومقدرتها على تخطي كل ما هو كلاسيكي وستاتيكي أيضاً في الخطابات الفلسفية، وبالتالي فاعليتها في صياغة رؤية جديدة، لعلها تسعفها في معالجة الأعطاب التي تطال بنية هذا المجتمع الغربي؟.
1- المقاربة التحليلية:
1-1- الرؤية الماركسية:
من نوافل القول أن نتحدث في هذا التوقيت التاريخي عن أصول وأسس التوجه الماركسي، وأغلب الدارسين للمعرفة بالمبادئ التي تشكل منظومته المعرفية سواء في الجانب المعرفي الذي ينبني على المادية الجدلية، أو في التمشي الاجتماعي الذي يهتدي بقوانين المادية التاريخية، وبرغم ذلك وبجهد متواضع، نجتهد قدر المستطاع في تقديم صورة مصغرة عن الرؤية الماركسية.
فهي تعتمد معرفياً على تقسيم المجتمع البشري إلى طبقتين، حسب تطور علاقات الإنتاج، هما الطبقة البورجوازية، وتقابلها بصورة مضادة الطبقة العمالية "البروليتاريا"، وقد اتكأ التوجه الماركسي على العامل المادي الذي يتمظهر في العنصر الاقتصادي في تبني هذا التقسيم، وبفضل فاعليته الحضورية في تفعيل الحركية الاجتماعية، اعتبرت الماركسية أنّ (الطبقات التي تملك وسائل الإنتاج تهيمن بالضرورة على قوى الإنتاج الأخرى التي تحرم من حق الملكية الخاصة. غير أنّ ظهور قوى منتجة ومالكين جدد لقوى الإنتاج، يساهم في إدخال المجتمع في تناقضات مع العلاقات السابقة. الأمر الذي يؤدي لا محالة إلى تغييرها في اتجاه جديد للهيمنة تحدده الطبقات الصاعدة).[1]
ولئن، كان التوجه الماركسي عمل على فضح الممارسات الرأسمالية، فإنه سعى أيضاً إلى البحث عن التقعيد المعرفي للمجتمع الرأسمالي، إذ تكون فيه المنظومة المعرفية برمتها والتي تتضمن الأشكال القانونية والدينية وكل ما ينتمي إلى فضاء الفكر هو في جوهره نتيجة فوقية أو استجابة شرطية لمستوى التطور الاقتصادي في العالم السفلي، وهي تبعية حتمية، نظراً لكون الوضع الاجتماعي هو الذي يحدد مستوى ودرجة الوعي وليس العكس، فـ (ما يجري على المستوى الاقتصادي يجد نظيراً له يقابله على المستوى القانوني والمعياري، هو عبارة عن مرآة تجسد بوضوح العلاقات القائمة)[2].
ويمكن تلخيص التصور الماركسي للدور الذي يلعبه العامل الاقتصادي في العبارة التالية: (في دراستنا للمادية التاريخية أنّ تاريخ المجتمعات يفسر بالترابط الآتي: الناس يصنعون التاريخ بأفعالهم، التي هي تعبير عن إرادتهم. وهذه الإرادة تحددها الأفكار. رأينا أنّ الذي يفسر أفكار الناس أي إيديولوجيتهم، هو الوسط الاجتماعي الذي تظهر فيه الطبقات، وهذه الطبقات تحدد بدورها بفعل العامل الاقتصادي، أي في نهاية المطاف بنمط الإنتاج).[3]
وعندما يلج المنهج المادي التاريخي مرحلة الخدمة المعرفية في فهم كيفية اشتغال حركية المجتمع، نجد أنفسنا أمام قائمة مفتوحة من المظاهر الاجتماعية والممارسات الاقتصادية التي أفرزتها الرأسمالية أثناء صعودها، وتحولها إلى نظام عالمي، بفضل حاجتها الملحة إلى مواد خام رخيصة وفي متناول الاستعمال، وبحثاً في الوقت ذاته عن أسواق جديدة، كي تمتص الفائض الإنتاجي الذي لم تعد السوق الوطنية الرأسمالية قادرة على تصريفه داخلياً.
وفي هذا المستوى من التحليل، نقف على سلسلة من المظاهر الاجتماعية التي غمرت المجتمع الغربي والإنساني، ودفعت به إلى تخوم الهاوية، حيث تحول الاستغلال إلى ممارسة عادية في ظل هيمنة الطبقة البورجوازية، وسادت بفعل علاقات إنتاج قائمة على الملكية الفردية مظاهر الاغتراب والتشيؤ والتسليع والضياع والبؤس، وهي في مجملها عوامل ومفاعيل على درجة عالية من السوء الأنطولوجي، كانت من منظور كارل ماركس المناخ الذي تشكل فيه الوعي الثوري لطبقة العمال، لأنها هي الطبقة المرشحة التي بإمكانها أن تحدث ثورة داخل المجتمع الرأسمالي، لكي تنتهي وفق النبوءة الماركسية بتقويض كلي ونهائي لعلاقات الإنتاج، وهي بالتالي مدعوة تاريخياً كي تتبنى (أفكاراً جديدة تحمل في طياتها الثقة وتخلو من اليأس، تدعو إلى النضال، ولا تشير بالاستسلام، وليست تلك مسألة ثانوية بالنسبة إلى العمال، بل هي مسألة حياة أو موت، لأنهم لن يتحرروا من الاضطهاد الطبقي إلا إذا كانت لديهم فكرة عن العالم تمكنهم من تغييره فعلاً).[4]
إنّ التأثير الذي أحدثته الماركسية في الفضاء الفلسفي، والذي طال جميع مناحي الحياة الإنسانية، لا يمكن أن نضعه في خانة التجاهل أو مسار النسيان، أو أن ندفع به جهة السقوط في ثقوب الذاكرة البشرية. لأنه من غير الممكن أن نشتغل فكرياً وفلسفياً في أي مدار بحثي، دون أن نتقاطع بقوة الفكر وضغط الزمن مع الرؤية الماركسية، فهي التي قدمت لنا ترسانة مكثفة من المفاهيم، كانت بالنسبة إلى بعض المدارس والتوجهات الفلسفية مصدراً ثرياً وخصباً، أسعفها في إغناء ذاتها بهذه المفاهيم وإثراء مكتسباتها التفسيرية، ومازالت لحد الآن تدين لها بهذا المنجز المعرفي.
على أنّ التقاطع المعرفي يجب ألا يُقرأ من باب التطابق في الطرح والتجانس في التحليل، وإنما يُوضع في مرتبة التداخل بين المدارس الفلسفية، لأنّ المسعى الذي انخرطت فيه مدرسة فرانكفورت هو مسعى تحليلي، وبالموازاة مع ذلك اندمجت في جهد نقدي يرمي إلى اكتشاف "مختلف الأعراض المرضية التي أصابت عصرنا كالتشيؤ والاغتراب والصنمية، ممّا حدا بهم إلى أن يقيموا نقداً حاداً ليتوبيا التقدم التقني والنظريات التبشيرية بعالم الأحلام الموعود، كما انتقدوا في حينه النزعة العلموية التي تتصور المعرفة كطبيعة موضوعية مجردة عن المصلحة...".[5]
وهذا يدعونا إلى البحث عمّا هو مشترك وما هو أيضاً مختلف بين رؤية كارل ماركس ومدرسة فرانكفورت، لكي نستطيع أن نقف على مدى التعالق المعرفي في آفاق التحليل وأبعاد النقد.
1-2- المسار النقدي لمدرسة فرانكفورت:
وقد سبق نشوء المدرسة / المعهد، ظهور بعض المحاولات الأولية التي كانت تسعى نحو إنشاء مركز جامعي مستقل عن باقي المعاهد، يعنى بتقديم دراسات تهتم بالبحث في المسائل الماركسية من أجل تجديد قدرتها وإمكانياتها الراديكالية والثورية المستبطنة فيها، وخاصة بعد فشل ثورة 1918، بقيادة روزا لوكسمبورغ (1870- 1919)، وقد تساوق هذا الطموح، مع رغبة رجل الأعمال الألماني فليكس فايل في خلق فضاء جامعي تلتقي فيه (الكوادر الأكاديمية لمتابعة البحوث في الفكر الماركسي).[6]
وتجسد ذلك أولاً في ما يُسمّى حلقة "الأسبوع الأول والثاني للعمل الماركسي"، غير أنّ هذه المحاولات لم تكلل بالنجاح العملي، مما دفع بأصحاب الفكرة إلى البحث عن هيكل يتخذ شكل المؤسسة يجسد فعلياً المشروع / الرهان، وتحولت الرغبة إلى مشروع مستقبلي، فاقترح عليه مجموعة من أصدقائه، ومن بينهم فريديريك بولوك (1894-1970) (تأسيس معهد دائم من أجل القيام بهذه الدراسات الماركسية والسياسية السوسيولوجية).[7] فيصبح المشروع واقعاً قائماً بذاته، ثانياً .
وتكللت هذه المحاولات العديدة بالنجاح، وكانت خلاصتها حصول المدرسة / المعهد على الصفة الرسمية في (3 فيفري 1923 بموجب مرسوم من وزارة التعليم قضى بإلحاقه ضمن جامعة فرانكفورت)[8]. وبعد مناقشات دارت بين أعضاء المدرسة / المعهد، تمحورت حول رئاستها، وقع الاختيار على (أستاذ القانون والعلوم السياسية في جامعة فيينا كارل غرونبرغ (1861-1940) أحد أبرز زعماء المدرسة الماركسية النمساوية)[9]. وبذلك انخرطت المدرسة / المعهد في التنظير الماركسي والتزمت بالخط الاشتراكي الذي يعول في رؤيته على المادية التاريخية وفي ممارساته النضالية / الثورية على طبقة البروليتاريا.
وفي كانون الثاني من سنة 1931 عين الفيلسوف الألماني ماكس هوركهايمر (1895-1973) رئيساً جديداً للمدرسة / المعهد، خلفاً لكارل غرونبرغ، وبدأت المدرسة في طرق عهد جديد، مغاير للأول، ونلمح تلك المغايرة في خطابه الافتتاحي والمعنون بـ "الوضع الراهن للفلسفة الاجتماعية ومهمات معهد الأبحاث الاجتماعية"، حيث ثمن في خطابه فكرة الانفتاح على مدارس علم الاجتماع المختلفة والاطلاع على الفلسفة الكانطية الجديدة، والتسلح بالمنجزات المعرفية المعاصرة للعلوم الإنسانية، كعلم النفس مثلاً.
في هذه السنوات التحق بالمدرسة / المعهد الفيلسوف الألماني، هربارت ماركوز (1889-1979)، الذي كان له نزوع فلسفي نحو دمج مباحث الاقتصاد بمباحث علم النفس، من خلال تقديم مقاربة يجمع فيها بين الماركسية والفرويدية، وجمع أفكاره في كتاب يحمل عنواناً موحياً هو "الإنسان ذو البعد الواحد".
وتعززت المدرسة بإسهامات صديق هوركهايمر، الفيلسوف تيودور أدورنو (1903-1969) الذي أثرى مكتبتها بأبحاث نقدية ودراسات قيمة خاصة في مجال الجمال والفن والموسيقى.
غير أنه بصعود النازية سنة 1933 تعرضت المدرسة إلى جملة من المضايقات العديدة انتهت بإغلاقها ومصادرة مكتبتها، ومطاردة بعض أعضائها ممّا دفعهم إلى الهجرة خارج ألمانيا، وفي سنة 1934 بدأت المدرسة تستقر في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد ساعدها هذا التواجد داخل النظام الرأسمالي في الانفتاح على أنماط حياتية وأشكال من التنظيمات الاجتماعية غير التي كانت سائدة في ألمانيا، ومكنهم أيضاً من إدراك أهمية وقيمة اللغة الإنجليزية بصفتها لغة عالمية.
بعد أن وضعت الحرب العالمية أوزارها، وبالإضافة إلى انهيار الأنظمة الفاشية والنازية، عادت المدرسة / المعهد بفلاسفتها إلى ألمانيا سنة 1950. ودشنت بعودتها عهداً فكرياً جديداً، حيث برز جيل من الفلاسفة والمفكرين، من بينهم: (يورغن هابرماس، ألبرت فيلمر، كلاوس أوف، ألفريد شميت، أكسيل هونيت...) تحت يافطة مدرسة فرانكفورت[10].
واللافت للنظر في الدراسات الألمانية، ظاهرة الالتزام بتقليد فلسفي هو في صميمه يكاد يكون تقليداً ألمانياً، وهو تقليد النقد كنشاط تنظيري ينصبّ على المنتج الفكري وكممارسة واقعية ترمي إلى دفع الفكر نحو التورط في إشكالية التغيير الاجتماعي و(بناء على ذلك أرست المدرسة منظوراً جديداً يقوم على فلسفة اجتماعية ترى ذاتها كنظرية نقدية. فعوض أن تنخرط بالانتماء إلى المجتمع وتسلم بنظمه، لم تتردد في نقده والبقاء خارجه، لتقوم بدورها كاملاً في النقد كاشفة عن مصادر العطب الذي يطاله وتتوجه موضوعياً نحو تغييره)[11]. هذا المنظور النقدي نابع من رؤية فلسفية تسعى، قدر مستطاعها الفكري، إلى تقديم وتشكيل معادلة تأليفية (تتمثل في ضرورة المعرفة وضرورة التغيير في الوقت نفسه).[12]
وبهذا الالتزام المعرفي، أي ضرورة الجمع بين التنظير النقدي والممارسة العملية، حرصت المدرسة على أن تستقي أفكارها ومقولاتها الخطابية ذات الطابع التحليلي النقدي من مصادر متعددة ومتنوعة، حيث (استعانت بخلفية فلسفية متمثلة في العودة إلى الفلسفة الألمانية الكلاسيكية عموماً، وإلى هيجل بوجه خاص، وهذا التوجه بدأه جورج لوكاتش في كتابه التاريخ والوعي الطبقي، كما يعتبر عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر من أهم أركان هذه المدرسة بالإضافة إلى فرويد ونيتشه).[13]
هذا التنوع الفكري والفلسفي، ساهم بشكل أساسي وفعال في تحديد الإطار التنظيري للمدرسة وإثرائه، فكان سبباً مباشراً دفع الفيلسوف الألماني ماكس هوركهايمر سنة 1937 إلى إخراج نصّ فلسفي كان بالفعل متميزاً من جهة طرافته التحليلية، ينظر إليه على أنه منطلق تأسيسي للأفق الفكري للمدرسة، عنونه كالتالي: النظرية التقليدية والنظرية النقدية.
ويعني هوركهايمر بالمجال التقليدي من النظرية جميع العلوم الكلاسيكية، وخاصة العلوم التي تشتغل على الإنسان بأبعاده المتنوعة، مثل (علم التربية، علم النفس، علم الاجتماع، العلوم السياسية، ...) تقوم بإصدار معارف ينظر إليها بعين الرضا من طرف النظام القائم في المجتمع لأنها تحرص أصلاً على ديمومته، فهو يستمد شرعيته منها، وهي بدورها تستمد شرعيتها منه).[14]
أمّا المجال النقدي منها الذي ترمي المدرسة إلى بنائه وبلورته وتفعيله، فيرمي إلى تفكيك وتحليل (المجتمع في كليته ليس بهدف توسيع مدارك المعرفة أو الإضافة إليها من منظور نقدي كمي، ولا بغاية تحسين وظيفته، بل لتقديم رؤية نقدية راديكالية له، هدفها يتوخى إقرار تنظيم له على العقل يتحرر فيه الإنسان من أغلاله، وهي لا تقدم بصفة مباشرة هذا التنظيم وإنما تشارك فيه من منطلق المساهمة في صحوة الوعي الإنساني)[15]. وفي السياق نفسه يصرّ ماكس هوركهايمر على الطابع النقدي المتجذر والمتأصل في خطاب المدرسة منذ بداياتها الأولى. إذ يقول صراحة إنه من حيث الأصل (نظريتنا النقدية كانت، مثلما هو حال البدء دوماً، أكثر نقدية خاصة إزاء المجتمع المهيمن)[16].
ومن بين أكثر المسائل التي حاولت المدرسة أن تجعل منها موضوعاً أثيراً، خاصة من الناحية النقدية، موضوع التنوير باعتباره مسألة فلسفية مركبة من أبعاد اجتماعية وسياسية ودينية وفكرية، علق عليها الفكر الأوروبي في بداية القرن الثامن العشر آمالاً عظيمة، تمظهرت أولاً في شكل طموحات سياسية بثوب عَلماني، تبنتها الطبقة البورجوازية الصاعدة، ثم في صورة غايات إنسانية ترمي في النهاية إلى السيطرة على الطبيعة، كما حلم بها الفيلسوف الفرنسي روني ديكارت.
يرى ديكارت أنّ للتنوير أساساً فلسفياً عميقاً، هو المتحكم في طريقة اشتغاله على موضوعاته المتعددة، يتمثل هذا الأساس في مفهوم مركزي، وهو مفهوم العقل، إذ سعت مدرسة فرانكفورت إلى تحليله وتشريحه، لأنه في نظرها هو المفهوم/ المفتاح في مشروع التنوير. يقول الدكتور الزواوي بغورة في كتابه ما بعد الحداثة والتنوير، ما يلي: (وبالتالي فإننا لا نجانب الصواب إن قلنا إنّ موضوع العقل في مدرسة فرانكفورت يُعدّ موضوعاً أساسياً).[17]
ومن هذا المنطلق، صوّب كل من ماكس هوركهيمر وتيودور أدورنو جهودهما الفكرية لمعالجة هذه المسألة المفهومية "العقل"، وألفا معا كتاباً عنوانه "جدل التنوير" صدر سنة 1944، وقد ترجم إلى اللغة الفرنسية تحت عنوان "جدل العقل"، منشورات غاليمار، عام 1974.La dialectique de la raison
إنّ الغاية الأساسية من تأليف الكتاب "جدل التنوير" هي إعادة مساءلة مشروع التنوير، ووضعه أمام محكمة النقد، بغرض تحليله وتفتيته وتقييمه من حيث منطلقاته وأدواته ومقولاته ونتائجه.
وبعد تحليل عميق لمشروع التنوير، وصلا إلى نتائج بينت بشكل لا لَبس فيه أنّ التنوير سقط في الهيمنة بعدما كان ينادي بالتحرر، وقام في الوقت ذاته بإنتاج أساطيره الخاصة به، مثل أسطورة التقدم التقني والعلمي، وإمكانية السيطرة على الطبيعة وتسخيرها لصالح البشر، والتحكم في قدر ومصير ومستقبل الإنسان، بعدما كان يتشبث بمحاربة الأساطير، وشجع من حيث لا يدري الإيديولوجيات اللاعقلانية المتسلطة والمهيمنة، التي تحاول دوماً أن تتسربل برداء العقلانية، بعدما كان يرى في التنوير الفضاء الحقيقي لسير العقل سيراً حتمياً نحو التقدم، الذي يبدو عقلانياً في بنيته الخارجية.
وبالتالي كان تمشي مشروع التنوير تمشياً عكسياً، أدى إلى نتائج لم تكن تدور في خلد مؤسسيه، أي أنّ (العقل التنويري قد أنجز نقيضه، وعمل على تقويض مثله، وهذا هو المعنى المراد من جدل العقل، الذي يعني الهدم الذاتي للعقل، أي أنّ العقل يقوم بهدم أسسه التي بناها)[18]. من هذا المنظور احتل مفهوم العقل مساحة واسعة من اهتمامهما الفكري، وبعد دراسات رصينة ومعمقة، تبين لهما أنّ الأزمة التي تورط فيها التنوير، أي أزمة الهيمنة على الإنسان والتحكم في واقعه، لم تكن نتيجة مشكلة أفرزها التطبيق الخاطئ للمشروع، فـ (تلك الهيمنة موجودة في صلب العقل ذاته)[19]، واكتسبت بذلك مسألة البحث في العقل وفي منطلقاته مع تلازم إعادة النظر فيه مشروعية لازمة نظرياً وضرورية تطبيقياً.
وأدى بحثهما أخيراً إلى تقسيم العقل إلى نوعين: الأول يُسمّى العقل الموضوعي أو النقدي، والنوع الثاني يسمى العقل الأداتي التقني، الشكلي، الذاتي، وهو تقسيم يجب ألا يُقرأ من منظور القطيعة والتباعد المعرفين، وإنما يجب أن يصنف ضمن التواصل الصراعي والتشابك بينهما، حيث تضافرت عوامل عديدة، منها ما هو سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي، في الحدّ من فاعلية العقل الموضوعي في ممارسة وظيفته النقدية.
ويمكن أن نلمس ذلك الخلل الذي أصاب العقل النقدي في مهمته الأصلية، في أنه (جرّد من حق الرفض وتم احتواؤه من طرف السلطة، ليس لصالح المصداقية وإنما لصالح الفاعلية، بما يكفل ديمومة السلطة ذاتها واستمرارها)،[20] وبمرور الوقت بدأ العقل النقدي في الانحصار والتراجع، تاركاً مجال المعرفة والفكر لصالح العقل الأداتي (فالنصر قد كتبه التاريخ الحديث للعقل الذاتي والأداتي ضد العقل الموضوعي)[21]. وقد كان العقل الأداتي، منذ بدايات تشكله في أعماق الحضارة الغربية، يستبطن في جوفه مرامي وغايات، تتقدمها رغبته الجامحة في تمكين الإنسان من السيطرة على الطبيعة وعلى ذاته، إذ يتخندق في الجهة المناقضة للعقل النقدي، فهو لا يبتغي النقد أو التساؤل عن أهداف السلوك الإنساني من حيث أخلاقيتها ومشروعيتها ومدى تماشيها مع قيم وعقائد البشر، وإنما يبحث فقط عن فاعلية الوسائل وجدواها في تحقيق الأهداف دون التساؤل عن مضامينها.
فالعقل الأداتي، في نظر مدرسة فرانكفورت، لا يعير اهتماماً للمسائل القيمية الأخلاقية، ولا يكترث إطلاقاً لطموحات الإنسان في التحرر من الأوهام والأساطير، وإنما هو مشدود دوماً إلى مسألة واحدة ووحيدة، وهي البحث عن أفضل الوسائل، وأنجع الطرق الكفيلة والقادرة على إنجاز الفكرة، دون النظر إلى ما يترتب عنها من نتائج أخلاقية على الإنسان.
هذا التصور الفلسفي لمفهوم العقل الأداتي لمدرسة فرانكفورت، وخاصة لدى ماكس هوركهايمر وتيودور أدورنو، ليس نتيجة (عناصر مادية أو اقتصادية أو سياسية، وإنما يرجعونه إلى عنصر ثقافي حضاري على طريقة ماكس فيبر. فالعقل الأداتي ـ حسبما يرى هوركهايمر وأدورنو ـ يعود أولاً إلى الأساطير اليونانية القديمة)[22].
بمعنى أنّ مدرسة فرانكفورت تستبعد من أطروحتها الفلسفية تلك الآراء السطحية التي تتعامل مع ظاهرة العقل الأداتي على أنه وليد عوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية راهنة صاحبت حركة التنوير، وإنما تعزو تواجد هذه الظاهرة إلى مفاعيل ثقافية ومكونات حضارية تاريخية، تَرتد في النهاية وفي التحليل الأخير إلى الأساطير اليونانية.
وفق هذا المنظور الحفري في الطبقات العميقة للثقافة الغربية، اشتغل كل من ماكس هوكهايمر وتيودور أدورنو، على النص الأسطوري، المتمثل في الأوديسة، التي تعتبر - حسب نظرهما - (النص الأساسي في الحضارة الأوروبية)[23]. بُغية اكتشاف العلاقة الجدلية، واللامرئية بين ما تحتويه الأوديسة من أساطير، وخاصة أسطورة "أوديسيوس"، وما يختزنه التنوير من مقولات، منها مقولة العقل الأداتي، التي تَحكمت في رؤيته الفلسفية، ويحافظ متن الأوديسة أيضاً على (ذلك الرابط الموجود بين الأسطورة والهيمنة والعمل).[24]
وقد جاء في الأسطورة Mythe أنّ أوديسيوس عندما اقترب مركبه من الحوريات اتخذ بعض الإجراءات العملياتية، وهي - في نظر ماكس هوركهيمر وأدورنو - (تظهر بشكل مجازي جدل العقل)[25]. حيث (طلب من بحارته أن يضعوا الشمع في آذانهم حتى لا يسمعوا غناء الحوريات، وهو غناء ينتهي بمن يسمعه إلى الاستسلام لهن ولإغوائهن. وطلب منهم أن يقيدوه إلى "صاري" السفينة، وأن يزيدوا تقييده كلما ازداد الغناء. وتنتهي الأسطورة بانتحار الحوريات لأنّ أوديسيوس سمع غناءهن وعرف سرّهنّ).[26]
2- المقاربة التجاوزية: "هربارت ماركوز نموذجاً"
تأسيساً على ما تم، فإنّ التأسيس المعرفي لرؤية مدرسة فرانكفورت، لا ينظر إليه من جهة كونه، عرضاً أو فرشاً نافلاً أو زائداً عن ما نودّ طرحه في مستوى البحث عن علاقة ماركس بالمدرسة. وإنما هو في حدِّ ذاته وبصورة تبسيطية انفتاح على ضروب من التفاعل التي تحدث بين المدارس المختلفة، زيادة على كون الجانب المعرفي يكشف عن المناطق الخفية والمسارات غير الظاهرة التي تتحكم في طريقة ونمط اشتغال العقل الأداتي داخل النصوص الفلسفية الغربية.
وتقعيداً لما سبق، قدمت فرانكفورت رؤية تحليلية تجلت فيها مقدرتها التجاوزية على تخطي القراءة الماركسية في مسائل الاجتماع والسياسة، فما كان يُردّ إلى عوامل اقتصادية بحتة وخالصة أصبح يَرتدُّ، حسب التمشي الفرانكفورتي، إلى مفاعيل متعددة يغلب عليها الطابع الثقافي والاغتراب والتشيؤ والتسليع، لم تعد ثمرة أو نتيجة لوضع اقتصادي مزرٍ ومنحط في مجرى البؤس، خاضع للهيمنة البورجوازية، وإنما هو محصلة نشاطات العقل الأداتي الثاوي في تضاعيف الرؤية الغربية وفي نصوصها المؤسسة للعقل الفلسفي، غير أنّ التجاوز لا يعني أنّ المخرج مع القراءة الماركسية كان قطائعياً معها، بل نعني به، - أي مفهوم التجاوز - قدرة المدرسة على استثمارها في تثمين طرحها التحليلي للمجتمع الغربي.
تمشياً مع التزاوج الفكري الحادث بينهما، تنتصب أمامنا المحاولة التي قدمها الفيلسوف الألماني هربارت ماركوز في كتابه "الإنسان ذو البعد الواحد"، إذ نجد في متنه صورة واضحة عن حضور دلالة التجاوز المعرفي الذي أحدثته مدرسة فرانكفورت في علاقتها مع الرؤية الماركسية، فماركوز يَعترف صراحة بأنّ (البورجوازية والبروليتاريا ما تزالان الطبقتين الرئيستين في العالم الرأسمالي)[27]. غير أنّ هذا الإقرار الفلسفي يتجه صوب الحديث عن ضمور الطبقة العمالية وابتعادها عن الأرضية الثورية الماركسية، زيادة على اندماجها في نسيج المجتمع الرأسمالي حتى تحولت إلى طبقة ملتزمة بالمسار الرأسمالي، محافظة على مصالحه/ مصالحها، إذ في (القطاعات المتطورة من المجتمع المعاصر توجد اليوم مصلحة قوية توحد خصوم الأمس بهدف الحفاظ على المؤسسات وتدعيمها).[28]
والدلالة على انخراط الطبقة العمالية في مسار الاقتصاد الرأسمالي وذوبانها في دواليبه، هي ما حصل للنقابة العمالية التي كانت تستند إلى أرضية ثورية على الوضع الراهن، والدفع به صوب وضع مستقبلي وفق تصور شيوعي خالٍ من الطبقات، لأنها كانت متسلحة بروح نقدية تقدح في كل ما يتعلق بالممارسات الرأسمالية، أو هكذا بدا لها، حيث ينوه ماركوز بما حدث في الولايات المتحدة إذ تواطأت (مصالح رأس المال والنقابات وتحالفهما. وتعلمنا النشرة التي أصدرها "مركز دراسة المؤسسات والديمقراطية" تحت عنوان "نظرة العمال إلى العمل" أنّ النقابة قد أصبحت في نظر نفسها غير متميزة عن المشروع تقريباً. ونحن نواجه اليوم ظاهرة النقابات والمشاريع التي تشكل معاُ مجموعة ضاغطة. وما عاد في وسع النقابة أن تقنع عمال الصواريخ بأنّ المشروع الذي يعملون لحسابه هو عدوهم في الوقت الذي تتواطأ فيه النقابة هي نفسها مع المشروع الكبير للحصول على عقود صواريخ أضخم وأهم وعلى طلبات تسلح أخرى...).[29]
كذلك، لم يعد خافياً على أحد، في الفضاء السياسي الغربي، ظاهرة الاندماج الكلي للأحزاب اليسارية في المشروع الرأسمالي الغربي، التي تحولت إلى مجرد منظمات سياسية تتبنى برنامجاً غربياً، ينسجم كلياً مع مطالب الرأسمالية، إذ (أنّ حزب العمال الإنكليزي الذي يتنافس زعماؤه مع زملائهم من الحزب المحافظ على تقديم المصالح "القومية" يلقى العنت في إنقاذ برنامج متواضع للتأميم الجزئي. وفي ألمانيا الغربية التي حظر فيها الحزب الشيوعي نبذ الحزب الاشتراكي ـ الديمقراطي رسمياً برامجه الماركسية ليبرهن على جدارته بالاحترام بصورة مقنعة).[30]
وبصورة تدريجية متصاعدة، يستمر هربارت ماركوز في تقديم قراءات جديدة وطريفة لمجمل الظواهر التي كانت محصورة فقط في المسلك الماركسي، وهي بالتالي محاولة جسورة ترنو إلى القضاء على هيمنة الرؤية الماركسية عليها، ومنه السعي على إثرائها بأفق تحليلي جديد. مثل ظاهرتي الاستلاب والتشيؤ، وفي خطوة هجومية أخرى، يصف ما قدمه ماركس بخصوص تنبؤاته حول مصائر الرأسمالية، بأنها قراء ة لاهوتية أو بتعبير دقيق ميتولوجية، لأنها تسبغ على طبقة العمال صفة الخلاص المسيحي من شرور الرأسمالية، وعليه، وانطلاقاً من هذا التصور، وعد ماركس العمال بجنة أرضية خالية من البؤس، والاستغلال، والهيمنة، والطبقية، والاغتراب...، فاللغة الأسطورية ما زالت حسب ماركوز تسكن داخل خطاب ماركس (فلو أخذ بعين الاعتبار وضع الطبقات الكادحة في المجتمع الصناعي المتقدم اليوم، لأمكن القول إنّ المفهوم الماركسي عن "البروليتاريا" هو مفهوم ميثولوجي، ولو أخذنا بعين الاعتبار واقع الاشتراكية المعاصرة، لأمكن لنا أن نقول إنّ فكرة ماركس عنها كانت حلماً).[31]
وببحث عميق يصل ماركوز إلى الجاني الخفي الذي تحكم في رؤية ماركس، التي تصيرت خطاباً ميثولوجياً في جوهره، علمياً في شكله، محايداً في مفرداته، حيث يكمن سبب هذا الانقلاب في (التناقض القائم اليوم بين النظرية والوقائع. ولكنّ هذا التناقض ليس في حد ذاته علة زيف النظرية. وذلك أنه إذا كان للنظرية النقدية اليوم طابع غير علمي، تأملي، فهذا يعود إلى الطابع النوعي لمفاهيمها التي تسمّي وتحدد اللاعقلاني في العقلاني، والأسطورة في الواقع، ولأّن هذه المفاهيم ميثولوجية، كان في مقدورها أن تكشف النقاب عن التأثير الأسطوري للوقائع المعطاة).[32]
الخلاصة:
بهذه القراءة الماركوزية، نستطيع أن نتبين التجاوز الذي حصل في قراءة مدرسة فرانكفورت التحليلية للمجتمع الغربي المعاصر، ومقدرتها على الابتعاد عن التصور الماركسي، الذي لم يساير مستجدات الواقع الرأسمالي وبقي حبيس مقولاته المهترئة والمتكلسة داخل خطاب أضحى مع مرور الوقت خطاباً إيديولوجيا فارغاً. وهي قراءة طريفة من جهة كونها تأسيساً معرفياً اشتغل على مفهوم العقل الأداتي، ومن جهة تجاوزها للطرح الماركسي في مجراه التحليلي لمفاهيم الطبقة والنقابة والحزب وتشبعها بمحتوى ميثولوجي أسطوري.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجـع:
1- حسن مصدق، النظرية النقدية التواصلية، يورغن هابرماس ومدرسة فرانكفورت، المركز الثقافي العربي، المغرب/ لبنان، ط 1، 2005
2- جورج بوليتزر، مبادئ أولية في الفلسفة، ترجمة الدكتورة: فهيمة شرف الدين، دار الفارابي، الطبعة الخامسة، 2005
3- جورج بوليتزر، جي بيس، موريس كافين، أصول الفلسفة الماركسية، الجزء الأول تعريب: شعبان بركات، منشورات المكتبة العصرية، صيدا، لبنان، دون تاريخ ودون ذكر الطبع.
4- علاء طاهر، مدرسة فرانكفورت، من هوركهيمر إلى هابرماز، منشورات مركز الإنماء القومي، بيروت، الطبعة الأولى، (د، ت).
5- توم بوتومور، مدرسة فرانكفورت، ترجمة سعد هجرس، دار أويا للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 1998
6- الزواوي بغورة، ما بعد الحداثة والتنوير، موقف الأنطولوجيا التاريخية ـ دراسة نقدية، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الأولى، "يناير" 2009
7- MAX HORKHEIMER, THEORIE CRITIQUE, ESSAIE, PAYOT, PARIS TRADUITS DE L'Allemand par le groupe de traduction du College de philosophie, 1978
8- MAX HORKHEIMER, THEODOR W. ADORNO, La dialectique de la raison, fragment philosophiques, traduit de l'allemand par eliane kaufholz, Editions gallimard.
9- عبد الوهاب المسيري، الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان، دار الفكر، سوريا، دار الفكر المعاصر، لبنان، الطبعة الأولى، 20002
10- هربارت ماركوز، الإنسان ذو البعد الواحد، ترجمة جورج طرابيشي، دار الآداب، الطبعة الرابعة، 20004
11- محسن الخولي، التنوير والنقد، منزلة كانط في مدرسة فرانكفورت، دار الحوار، اللاذقية، سوريا، ط1، 2006
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] حسن مصدق، النظرية النقدية التواصلية، يورغن هابرماس ومدرسة فرانكفورت، المركز الثقافي العربي، المغرب/ لبنان، ط 1، 2005، ص 46
[2] حسن مصدق، النظرية النقدية التواصلية، المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
[3] جورج بوليتزر، مبادئ أولية في الفلسفة، ترجمة: فهيمة شرف الدين، دار الفارابي، الطبعة الخامسة 2005، ص 193
[4] جورج بوليتزر، جي بيس، موريس كافين، أصول الفلسفة الماركسية، الجزء الأول تعريب: شعبان بركات، منشورات المكتبة العصرية، صيدا، لبنان، دون تاريخ ودون طبعة، ص ص 11-12
[5] حسن مصدق، النظرية النقدية التواصلية، المرجع السابق، ص 11
[6] علاء طاهر، مدرسة فرانكفورت من هوركهايمر إلى هابرماز، منشورات مركز الإنماء القومي، بيروت، ط1، (د، ت)، ص 45
[7] علاء طاهر، المرجع السابق، ص 46
[8] توم بوتومر، مدرسة فرانكفورت، تر: سعد هجرس، دار أويا للطباعة وللنشر والتوزيع، ط1، 1998، ص 37
[9] حسن مصدق، النظرية النقدية التواصلية، المرجع السابق، ص 27
[10] حسن مصدق، النظرية النقدية التواصلية، المرجع السابق، ص ص 28-29
[11] حسن مصدق، النظرية النقدية التواصلية، المرجع السابق، ص 29
[12] الزواوي بغورة، ما بعد الحداثة والتنوير / موقف الأنطولوجيل التاريخية، دراسة نقدية، دار الطليعة، بيروت، ط1، 2009، ص 211
[13] الزواوي بغورة، المرجع السابق، ص 212
[14] حسن مصدق، النظرية النقدية التواصلية، المرجع السابق، ص ص 34-35
[15] حسن مصدق، المرجع السابق، ص ص 43-44
[16] MAX HORKHEIMER, THEORIE CRITIQUE, ESSAIE, PAYOT, PARIS TRADUITS DE L'Allemand par le groupe de traduction du College de philosophie, 1978, p375.
[17] الزواوي بغورة، ما بعد الحداثة والتنوير/ موقف الأنطولوجيا التاريخية، دراسة نقدية، المرجع السابق، ص 217
[18] الزواوي بغورة، المرجع السابق، ص 220
[19] حسن مصدق، النظرية النقدية التواصلية، المرجع السابق، ص 32
[20] حسن مصدق، النظرية النقدية التواصلية، المرجع السابق، ص 58
[21] محسن الخولي، التنوير والنقد، منزلة كانط في مدرسة فرانكفورت، دار الحوار، اللاذقية، سوريا، ط1، 2006، 152
[22] عبد الوهاب المسيري، الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان، دار الفكر، سوريا، دار الفكر المعاصر، لبنان، ط1، 20002، ص 88
[23] MAX HORKHEIMER, THEODOR W. ADORNO,La dialectique de la raison, fragment philosophiques, traduit de l'allemand par eliane kaufholz, Editions gallimard, p 60.
[24] ibid. p 48.
[25] ibid. p 50.
[26] عبد الوهاب المسيري، الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان، المرجع السابق، ص 88
[27] هربارت ماركوز، الإنسان ذو البعد الواحد، تر: جورج طرابيشي، دار الآداب، ط4، 2004، ص 29
[28] هربارت ماركوز، الإنسان ذو البعد الواحد، المرجع السابق، الصفحة 29
[29] هربارت ماركوز، الإنسان ذو البعد الواحد، المرجع نفسه، ص 56
[30] هربارت ماركوز، المرجع نفسه، ص 57
[31] هربارت ماركوز، الإنسان ذو البعد الواحد، المرجع نفسه، ص 208
[32] هربارت ماركوز، الإنسان ذو البعد الواحد، المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
المصدر: http://www.mominoun.com/articles/%D9%85%D8%A7%D8%B1%D9%83%D8%B3-%D9%88%D...