هيئة أممية جديدة
منيرة فهد الحمدان
في عام ٢٠١٣ م رفضت المملكة العربية السعودية أن تشغل أحد المقاعد غير الدائمة في مجلس الأمن في منظمة الأمم المتحدة، مبررة ذلك بأن "آليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن تحول دون قيام المجلس بأداء واجباته وتحمل مسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم العالميين على النحو المطلوب".
وهذه حقيقة، حيث إن هيئة الأمم المتحدة فقدت ثقلها السياسي وظلت تعمل من خلال أجهزتها المتخصصة مثل اليونيسيف واليونسكو وغيرها. ولو عدنا للنظر لمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة لوجدنا بأنها المساواة بين الدول، تنفيذ الالتزامات بحسن نية، حل المنازعات بالطرق السلمية، حظر استعمال القوة، مساعدة الأمم المتحدة لتنفيذ أحكام الميثاق وحفظ الأمن والسلم الدوليين.
ويوماً بعد يوم نرى إهمالاً لأحد هذه المبادئ أو مخالفة لها، فيسقط أمام أعيننا مبدأ تلو الآخر، إن المبادئ لأي أمر هي الركائز الأساسية والتي بدونها يتهدم ويسقط، وهذا ما آل إليه حال هيئة الأمم المتحدة؛ حيث إن المساواة مشوبة من حين إقرار حق الفيتو، وأيضا بالسماح لبعض الدول دون أخرى بتصنيع وامتلاك أسلحة الدمار الشامل، فضلاً عن ذلك فقد أصبح حل النزاعات يأتي بالحروب واستعمال القوة، والأمم المتحدة نفسها هي في صدارة من خرق هذا المبدأ، كإرسال قواتها للعراق و أفغانستان أو السماح لروسيا بشن هجمات في سوريا.
لم نعد نرى في العالم لا أمناً ولا سلماً، وإنما قوى متضاربة وأصبحت الهيئة مجرد إجراء عبور وتصريح للدول للحروب الدموية. ألم يحن الوقت للتفكير في هيئة أممية جديدة واستبدال الميثاق الحالي بآخر يواكب مستجدات العصر ومشكلاته، يجب اتخاذ مثل هذه الخطوة وعمل دراسة شاملة للوضع الدولي في هذه السنوات الأخيرة لتسهيل عملية استحداث جهاز دولي جديد يحل محل هيئة الأمم المتحدة الصورية. ويتم إعداد مرحلة انتقالية للتحضير والإعداد لانطلاق الهيئة الدولية الجديدة.
حيث إن طرح مقترح تعديل أحكام الميثاق سيكون اقتراحاً ليس بواقعي، حيث إنه يشترط لتعديل أحكام الميثاق موافقة الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، وهذا ما يصعب تحقيقه، فالكثير من قرارات المجلس تعطلت بسبب هذا الشرط واستخدام الأعضاء الدائمين لحق الفيتو؛ لذلك ستكون إعادة هيكلة الهيئة كاملة واستبدالها بأخرى حديثة بميثاق تأسيسي جديد خياراً قابلاً للتفكير فيه بالنظر إلى الوضع الدولي الحالي وما يمكن التنبؤ به مستقبلاً.