القيم الأخلاقية ودورها في نشر السلام عند الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس في العصر الحاضر

أنجيليكي غريغوري زياكا

 

عادة ما ينظر إلى الدين على أنه المسبب للصراعات والتعصب والحروب، وغالباً ما يطرح موضوع الدين والصراع في النقاشات التي تدور بين الأديان بهدف محاولة تفادي التعارض ونشر السلام، في هذا المقال سيكون التركيز على موضوع كيفية معالجة الكنائس والبيئات الدينية الأخرى لموضوع السلام والصراعات الدينية عندما تتحاور تلك الكنائس بعضها مع بعض ومع ممثلين لأديان أخرى, وكيف تعزز هذه المؤسسات تلك الموضوعات في الحوار بين الأديان بشأن إزالة مَوَاطن التعارض وتحقيق التعايش السلمي بين الشعوب.

 

يتسم موضوع السلام في العلاقات بين الأديان بأنه موضوع عام وواسع، ولذا فإنه يصعب أن ندرك كل مفاهيمه ومبادئه بغرض تسجيل الأنشطة المتعلقة به وهو كذلك شيء مشترك بين بني البشر كافة, ويشغل بال المجتمعات والأديان في العالم اليوم، يعلن السلام عن حالة لا يكون فيها أي نوع من أنواع النشاطات العدوانية أو الصراعات أو الاضطرابات بين الأديان والشعوب، غير أن السلام لا يعني فقط "عدم وجود حروب"؛ بل إنه يتعدى هذا المفهوم البسيط إلى أبعاد أخرى أوسع وأشمل، إن السلام يتطلب التعايش والمحبة بين الشعوب, والرخاء على المستوى الفردي والمجتمعي, وتقبّل الاختلاف الديني والسياسي والعرقي, وكذلك توجه الإنسان إلى التفكير الإيجابي, والعمل بموجب ذلك التفكير، وبهذا المعنى يصبح السلام مرادفاً للحضارة، ففي اليونان مثلاً كانت كلمة "سلام" منذ القدم تعني في أصلها كل ما هو "ضد الحرب", وبهذا كانت هذه الكلمة تعني التعايش السلمي بين البشر في مجتمع حر وديموقراطي مزدهر، إن السلام الروماني الذي ساد في القرنين التاليين لقدوم عيسى في الإمبراطورية الرومانية نتج عنه غياب كامل للحروب على طول وعرض الإمبراطورية، وفي الفكر السامي عموماً يعبر عن السلام بكلمة "شالوم", وهي كلمة عبرية تعني التحية، وفي اللغة العربية يعبر عن السلام بكلمة "سلام", والتي لا يقتصر معناها على غياب الحرب؛ وإنما العيش الرغيد مادياً ومعنوياً؛ بل إن كلمة "سلام" في اللغة العربية تعني "السلام والسلامة، وهي كلمة واسعة الاستعمال في القرآن الكريم وفي المجتمع الإسلامي، إن عبارة "السلام عليكم" تحية ملائكية تتردد كثيراً في المجتمع المسلم. والمثل الشخصية والاجتماعية للسلام واحترام الإنسان وحقوقه مهمة أيضاً في الثقافات الدينية الأساسية في آسيا، فالكونفوشسية ترى أنه من العبث أن تقيم النظام والقانون عن طريق العنف، كما أن احترام القوي للضعيف والعكس هو المبدأ الأساسي لهذه الفلسفة, وأن هذا الاحترام هو الذي يولد السلام بين الناس, ويجعلهم يعيشون في محبة وتسامح، أما الفلسفة الطاوية التي أسسها لاو تسو فهي لا تعارض الحروب واستخدام العنف فحسب؛ وإنما تهدف بالدرجة الأولى إلى إبراز بساطة الإنسان وفطرته البريئة، ففي الفصل الـ 33 من كتاب تسو "تاو تي تشنج" نقرأ: "الحكمة هي معرفة الآخر، والتنوير هو معرفة النفس، والتحكم بالآخرين يتطلب القوة، والتحكم بالنفس يحتاج إلى عزيمة"(1), كما أن كلمة "أهيمسا" -التي تعني "المقاومة السلبية" كما استعملها المهاتما غاندي لتحقيق الحرية واسترداد الحقوق للشعب الهندي- قد أثارت الكثير من المشاعر في العالم الغربي؛ لأنها قابلت العنف باللاعنف, والكراهية بالمحبة, والشتم بعدم السباب، إن مفهوم "أهيمسا" مفهوم أصيل وعريق في التقاليد الهندية, يهدف إلى تحقيق السلام والسكينة، أما "الجاينز" -وهم فرع من الهندوس- فقد كانوا أول من عمل بهذا المفهوم, وأصبح بعد ذلك شعاراً للبوذية والهندوسية معاً(2)، ولقد قام عيسى بتعليم موضوع السلام بطريقة رائعة ففي موعظة الجبل (متى، 5: 1 - 48) نجده يتحدث عن السلام ليس فقط بمعناه السلبي؛ وإنما بمعناه الإيجابي أيضاً، بمعنى أنه لا ينبغي لنا أن نرد الشر بالشر فقط؛ وإنما يجب علينا أن نرد الشر بالخير، وفي هذا يقول: "لقد سمعتم ما قد قيل لكم: أن العين بالعين والسن بالسن، ولكني أقول لكم: إنه يجب عليكم ألاّ تقاوموا الشر... ولقد سمعتم ما قيل لكم أن عليكم أن تحبوا جيرانكم وتكرهوا أعداءكم، ولكني أقول لكم: أحبوا أعداءكم, واستغفروا لمن يسبكم, وافعلوا الخير لمن يكرهونكم, وادعوا لأولئك الذين يسيئون لكم ويضطهدونكم"(متى، 5: 38 -44)، وهناك العبارة المشهورة في التطويبات: "مباركون هم من يصنعون السلام, وسينادى عليهم بأنهم أبناء الله"(متى، 5: 9)(3)

 

نقدم في هذا البحث مفهوم القيم الأخلاقية للحوار بين الأديان الذي يتطلع إلى إزالة التوتر وترسيخ المصالحة في الوعي الديني، وسنذكر بعدها بعض المبادرات الرئيسة التي قامت بها الكنائس والمؤسسات الدينية العالمية للتغلب على العنف ونصرة السلام(4).

 

وتتضمن الموضوعات التي تتناولها المؤسسات الأكاديمية المهتمة بالحوار بين الأديان حول كيفية نشر السلام وتجنب الصراعات ما يلي: التغلب على العنف، والدين, والتعايش السلمي، والمصالحة، والكنائس كعامل للتضامن وشهود على السلام، وبناء السلام، والكنائس في مناطق الصراع، والدين والصراع، وقد شغلت هذه الموضوعات الكنائس والمؤسسات الدولية لعقود, ومن البوادر المشجعة الآن أن هذه الموضوعات أصبحت موضع التساؤل والنقاش في كل الكنائس تقريباً.

 

1.         خطوات باتجاه الحوار بين الأديان:

 

منذ الستينيات من القرن الماضي -عندما بدأ الحوار بين الأديان بشكل متعثر وبعدها انطلق بشكل أكثر نشاطاً- نجد أن المؤسسات التي احتضنت هذا التوجه كانت في الأساس مؤسسات دينية، أما اختيار موضوع الحوار بين الأديان فلم يكن عرضياً؛ فقد تم البحث عن الموضوعات المشتركة بين كل الأديان بما يعبر عمّا يهم الخلق والإنسانية جمعاء, ولقد احتل موضوع السلام مكان الصدارة بين الموضوعات المختارة, وذلك بهدف دراسة كيفية نشر السلام في الأرض وفق ترنيمة عيد الميلاد التي تقول: "ليعم السلام في الأرض، ويعم الخير للإنسان"(لوقا، 2: 14).

 

لقد بدأ الحوار بين الأديان والثقافات بشكل حاسم بعد الحرب العالمية الثانية, عندما أدركت الإنسانية -وهي ترى الدمار الشامل والمآسي التي حلت بها- الحاجة الماسة للتفاهم المتبادل وللتعايش السلمي بين الشعوب وبين الأديان، ولقد أسهم في ذلك حركة السكان, ونمو وتطور وسائل الإعلام, واختراع وتطور التلفزيون, كل ذلك أسهم بشكل عظيم في التطور الكبير في هذا الحوار، وعليه فقد عم التفاؤل فيما يتعلق بترسيخ السلام والتواصل بين الشعوب والتقاء الثقافات، ونذكر هنا أهمية الدور الذي اضطلع به كل من مجلس الكنائس العالمي, الذي أيقظ الوعي لدى الكنائس المنضوية تحت لوائه حول أهمية التفكير والعمل بشكل جماعي وعلى الصعيد المحلي، وكذلك دور مجلس الفاتيكان الثاني وإعلانه نوستراإيتيت (28-10-1965), والذي أكدت فيه كنيسة الرومان الكاثوليكية استعدادها للدخول في حوار مع العقائد غير المسيحية - على وجه الخصوص الإسلام واليهودية - وأن تخطو باتجاه طريق السلام، كل هذه الجهود كان لها تأثير كبير في تعزيز مسيرة الحوار حول السلام والتفاهم المتبادل بين الشعوب، ومنذ ذلك الحين أثير السؤال المهم حول الطريقة المثلى لتنظيم التعايش السلمي بين الشعوب في المستقبل عموماً, وما هو الدور المشترك للأديان على هذا الصعيد، وقد تمخض عن هذه النقاشات توجه ديني جعل هدفه الرئيس تأسيس الحوار بين الأديان والتقاء الثقافات والمصالحة بينها(5).

 

وقد عمدت البطرياركية في القسنطنطينية إلى تمهيد الطريق للحوار, وإلى توحيد الكنائس, وترسيخ السلام بين الشعوب عن طريق المنشورات البابوية في عام 1902 و1920, والتي ساعدت على التوحيد بين الكنائس الأورثوذكسية, وأسهمت في ترسيخ مفهوم التواصل بين العالم المسيحي ككل, وفي تشكيل الحركة العالمية ومجلس الكنائس العالمي(6).

 

وفي المجتمعات متعددة الثقافات ثمة جهود حثيثة لتعزيز التواصل بين الأفراد من مختلف الأديان والمعتقدات، ولكن من منظور كنسي فإن أسس هذا التواصل على مستوى عالمي كانت قد وضعتها البطرياركية العالمية في القسنطنطينية وأعمال مجلس الكنائس العالمي وقرارات مجلس الفاتيكان الثاني، وفي عام 1979 أصدر مجلس الكنائس العالمي الدليل الإرشادي لمثل هذا الحوار، وهذا الدليل يقدم المبادئ الأساسية والتوجهات النظرية والعملية للتواصل بين الأديان في المجتمع وفي التعليم, وفي العالم بشكل عام، وكان المبدأ الأساسي هو أن العمل المسيحي لا يرى أن هدف الحوار هو تحول أولئك الذين يعتقدون ويفكرون بشكل مختلف عن معتقداهم أو طرق تفكيرهم؛ وإنما العمل الدؤوب من خلال الجهود والتأويلات اللاهوتية لكي ينخرط الشخص في بوتقة التعددية الدينية والحركات الدينية، وبهذا يتسنى معرفة الإنسان بشكل أفضل، وقد كان الهم الأساسي هو أن الحوار بين الأديان لا يقتصر على الحوار في الألفاظ والكلمات والخطاب؛ بل هو خَلْقُ مجتمع تعددي حقيقي, لا يهدف إلى محو المواقف والمعتقدات المختلفة؛ بل يؤسس لعملية هدفها هو التعايش السلمي المشترك لا يشوبها التعصب من أول وهلة(7).

 

بالتأكيد إن مثل هذه التعددية لا يقبل بها كل المسيحيين ولا كل الكنائس، ولكن على كل حال فإن الطوائف المختلفة المنضوية تحت مجلس الكنائس العالمي ترتضي الحوار كمنهج, وثمة قائمة طويلة كذلك من رجال الدين المسيحي من الرجال والنساء يناضلون من أجل تطوير ما سمي بلاهوت الأديان على أساسه سيتعاملون مع أصحاب الديانات الأخرى(8)، وهذا اللاهوت قد تم تطويره بالفعل بواسطة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية, وكذلك الكنائس البروتستانتية المشاركة في مجلس الكنائس العالمي, ويستثنى من هذا في الوقت الحاضر الكنيسة الأورثوذكسية التي تعمل -على الرغم من هذا- على تقديم الشهود المسيحي وسيادة السلام بين الشعوب على أساس الجوهر الأساسي للرسالة المسيحية وعقيدتها(9). وفي الفكر اللاهوتي الأورثوذكسي في اليونان نجد أن إسهامات مقارنة الأديان منذ عام 1970 وحتى الآن في الحوار مع أصحاب الديانات كان في غاية الأهمية(10).

 

ولعل أهم خطوة نحو فتح البطرياركية العالمية أمام الأديان الأخرى كانت في عام 1961 في المؤتمر الأول للأورثوذكسية المنعقد في رودس -حيث تم إدراج موضوع "الأورثوذكسية والأديان الأخرى"- ضمن جدول الأعمال للإعداد للمجلس العالمي الثامن الذي سيعقد لاحقاً، وكان قد تم اتخاذ قرار محدد وصريح حول البدء في حوار شامل لكل أطياف الكنيسة الأورثوذكسية مع الأديان الأخرى في المؤتمر الأول لمجلس الكنائس الأورثوذكسية, الذي انعقد في مركز البطرياركية الأورثوذكسية العالمية في شامبسي- سويسرا، وفيه عبرت الكنيسة الأورثوذكسية عن استعدادها للإسهام في إشاعة التفاهم بين الأديان والتزامها بكافة الجهود الرامية إلى إزالة التطرف بكل أشكاله نصرة لقيم الحرية والسلام في العالم ولكي يسعد بها كل إنسان بصرف النظر عن عرقه ودينه، وقد تم تجديد هذا المقترح والتأكيد عليه وتوسيعه في المؤتمر الثالث لمجلس الكنائس الأورثوذكسية المنعقد في 1986 في مركز البطرياركية الأورثوذكسية العالمية في شامبسي، وقد حدد هذا المؤتمر المبادئ التي تحكم إسهامات الكنيسة الأورثوذكسية في نشر روح السلام والعدالة والحرية والأخوة والإحسان بين الأمم والأديان, والدعوة إلى نبذ التحيز العرقي أو أي نوع من أنواع التمييز(11).

 

2.         الموضوعات والقيم الأخلاقية للحوار بين الأديان لتعزيز السلام والتغلب على الصراعات الدينية:

 

والافتراض الأساسي لتأسيس حوار مثمر هو حسن النية في الدخول في حوار مع أبناء جنسنا من أتباع الديانات الأخرى، والرغبة الأساسية لمحاورة أهل الأديان الأخرى تتمثل في بحث الآخر, ومحاولة فهمه, والاعتقاد بأنه من خلال تلك الاختلافات تلتقي الأديان والشعوب والقيم الكونية في بوتقة واحدة لتحقيق هدف واحد وهو احترام الخَلْق واحترام البشر، وبينما كان حوار الأديان في الفترة من 1970-1990 يمثّل التقاء على مستوى نظري يهدف إلى التعرف على الآخر في المعتقدات الدينية؛ فإنه قد أصبح في فجر الألفية الثالثة أكثر عملية وأكثر إلحاحاً(12)، وأصبح يهدف إلى توثيق أواصر علاقات المحبة والسلام بين الناس والأمم للتغلب على سوء الفهم والصراعات الدينية.

 

ومنذ عام 2000 وحتى الآن, وفي إطار محاكاة اتجاه تحرير اللاهوت الذي ظهر في كنائس أمريكا اللاتينية خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي, والتي كانت الأولوية فيه بالنسبة للكنائس هناك هي مواجهة مشكلات المجتمع والحرية والبيئة، فقد تحول الحوار بين الأديان إلى ما أطلق عليه باللاهوت السياقي المجتمعي(13), الذي يسعى إلى إيجاد حلول للمشكلات الموجودة في البيئة والمجتمع, وخَلْق حوار بناء ومثمر في الواقع المعاش انطلاقاً من العناصر المشتركة, وتحديداً بين أفراد المجتمع والمجتمعات ذات التعددية الدينية والمجتمعات التعددية بشكل عام(14)، ووفق مبادئ هذا اللاهوت يتم دعوة كلا الزعيمين الدينيين, وكذلك الأتباع من المؤمنين من الطائفتين أو الديانتين للتعلم والتعايش والدفاع عن القيم الدينية المشتركة؛ مثل حماية الحياة وحقوق الإنسان, وأهمية السلام في الأوقات العصيبة، عندما تكون النتيجة الطبيعية للعصبية الدينية هي الصراع والتعصب(15)، وبهذا فإن جوهر الحوار بين الأديان هو التعايش السلمي بين المجتمعات الدينية, والتي ندعوها إلى أن تتعايش بسلام في إطار الحيز الجغرافي الذي تعيش فيه، وإن غياب الحوار قد يؤدي إلى التوتر والصراع بين الجماعات الدينية المختلفة, وحينها يصبح الدين عنصراً لإشعال فتيل الحرب بدل أن يكون عنصرًا لنشر المحبة والسلام والوئام.

 

إن الحوار بين الأديان في الوقت الراهن مشغول أساساً بالأسئلة الاجتماعية والاقتصادية؛ مثل الهجرة والفقر العالمي والمعاناة التي يعيشها كثير من البشر نتيجة لهذا الفقر, وكذلك تصاعد حدة الأصولية, والتي تشكل خطراً على الأديان نفسها(16)، وعلى هذا فإن أفضل السبل لتعزيز هذه المفاهيم الجوهرية ونشرها لا يكون عن طريق المقاربات العقائدية المتعصبة, والتي يكون فيها التحيز ضد المعتقدات الدينية للآخرين, والخوف من ضياع قيمنا الدينية, والتي ينتج عنها تفشي المهاترات والتعسف بين الأديان، ولكن السبيل الأفضل يتمثل في تبني منهجية اجتماعية إنسانية, وجعلها فوق كل اعتبار، وبهذه الطريقة لن يتقوقع ممثلو الأديان والأكاديميون داخل بوتقتهم الدينية، بل سينطلقون متحررين لمناقشة الهموم الدينية للآخرين, وسيكونون على استعداد للاستماع إلى وجهات نظرهم, وهنا ستسود المحبة والتصالح بين الجميع(17)، وكذلك من الضروري على برامج الدراسة في أوروبا التي تضطلع بتدريس الحوار بين الأديان أن تنتقل في هذا الاتجاه لكي يتسنى لها معالجة القضايا الهامة بين الأديان مثل سوء الفهم والصراعات؛ لكي تصل إلى الفهم الصحيح للآخر، وفي هذه النقطة تحديداً فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو إمكانية إيجاد مقاربة إيجابية إلى فهم الديني "الآخر" باستخدام الطرق والبرامج المتبعة حتى الآن، هل يمكن أن تتغلب رسالة أي من الأديان على التعصب العقائدي لهذا الدين أو ذاك حينما يحصل تواصل بين هذا الدين ودين آخر؟".

 

وفي المجتمعات الحديثة ذات الطابع التعددي من حيث الثقافة عادة ما نرى تحويل الدين إلى وسيلة لزرع الشقاق والتفرقة(18)، وفي هذه المجتمعات -وتلك التي تعاني من مظاهر مزمنة من الصراع الديني والسياسي- يأتي الحوار بين الأديان ليصالح الأطراف المتصارعة ويؤسس للسلام بينها، ويبدأ هذا الحوار ممثلو الأديان المحليون الذين تقع على عاتقهم مسؤولية التعرف إلى الآخر, وفهمه بشكل أفضل، وفهم مشكلات مجتمعهم ومناقشتها ومواجهتها بشكل مسؤول، ثم إنهم بعد ذلك مطالبون بتوجيه جمهور المؤمنين في كل طائفة أن ينحوا هذا المنحى، والأمل يحدونا أن مثل هذا التواصل يمكن أن يقدم حلاًّ سريعاً أو متدرجاً للصراعات المزمنة والانسدادات الحاصلة في التواصل بين أفراد هذه المجتمعات، وهذا هو هدف البرامج القادمة التي سيقوم بها مجلس الكنائس العالمي والواردة في "الكنائس في مناطق الصراع، فهم الذات المسيحي، والثقة والاحترام بين الأديان(19).

 

أما إذا تعذر قيام حوار بين الأديان؛ فإن الحوار بين الثقافات البعيد عن الموضوعات الدينية الحساسة يمكن أن يكون له دور إيجابي في نشر الوئام، وينبغي التركيز هنا على قضية كيف أن الأفراد يتعايشون مع الاختلاف ومع الآخر، وماذا يجنون من التواصل مع من يختلفون عنهم, ودرجة حساسية الفرد في القضايا بين الثقافية، وكل هذه معايير لنجاح التلاقي بين أفراد المجتمع المتعدد حسب ما جاء في المبادئ الواردة في كتاب "النموذج التطوري للحساسية البين-ثقافية"(20).

 

أما الحوار بين الثقافات فإنه يقود مرة أخرى إلى الحوار بين الأديان؛ لأن الدين هو جوهر كل الثقافات وفق ما يقوله بانيكار(21)، وفي هذا الحوار الخلاق يكون المشاركون فيه واعين لحقيقة أن هدفهم ليس إلغاء الاختلافات بين الأديان, أو مواءمة عقيدهم بما عند الآخر بطريقة ترقيعية, تتجاهل ما لا يمكن مصالحته بين معتقدات هؤلاء المشاركين؛ وإنما التخلص من العداوة والمهاترات التاريخية بين الأديان، وفوق كل هذا يكون الهدف هو التخلص من التعصب والسلوك المشين بين الجماعات الدينية المتعايشة في منطقة واحدة.

 

ويقوم الحوار بين الأديان في مثل هذه الحالات -وكذلك يتولى القائمون عليه من كنائس منظمة ومنظمات أخرى- بالتعامل مع هذه القضايا بأسلوب ديني وأكاديمي, وليس بأسلوب سياسي، ولكن في كثير من الحالات حيث تكون هناك صراعات أو حروب ذات صبغة دينية، فإن المشكلة لا تكون دينية فقط؛ ولكنها تكون مشكلة سياسية في الأساس، فعلى سبيل المثال تلك الحروب والصراعات التي دارت رحاها في البلقان (صربيا, والبوسنة والهرسك, وسراييفو, وكسوفو) أو تلك التي تحدث في فلسطين ولبنان وبلفاست وسيراليون والسودان وغيرها، فإنه قد تم استغلال الدين والهوية الدينية لخدمة أغراض سياسية، وهنا يمكن أن يكون الحوار بين الأديان عامل تهدئة للغضب المتأجج في قلوب الناس؛ ولكنه لا يبدو أن له أي نتائج على مراكز صنع القرار، وفي الحقيقة كثيراً ما يتركنا هذا الاستغلال نشعر أنه استغلال لخدمة المصالح السياسية أكثر منه لخدمة مصالح دينية, والسبب أنه يستخدم لإخماد النار في مناطق سبق أن تعرضت للضرر جراء سياسات عدوانية وصراعات عنيفة واجتياحات عسكرية كما حدث في يوغسلافيا السابقة، ولا يزال يحدث في قطاع غزة وغيرها من الأماكن(22)، وفي هذه الحالات تكون وظيفة الحوار بين الأديان وقائية أكثر منها علاجية(23)، غير أنه في الحالات التي يكون فيها فتيل التوتر الديني لم يشتعل بعد ولكنه كامن؛ فإن على المنظمات الدينية والدولية والمؤسسات والحكومات والمبادرات الدينية أن تعمل على أساس المعالجة الوقائية, عن طريق إيجاد شبكات وجماعات للحوار والتواصل بين الناس وبين الزعماء الدينيين، وفي حال الصراعات العنيفة بين الأديان فإن هذه الشبكات والجماعات التي سبق إنشاؤها بهدف الحوار والتواصل يمكن لها تقديم المساعدة عن طريق الحضور والمشاركة بصفتها شاهد وقائع وعامل مصالحة في الحالات التي يكون فيها الاختلاف الديني حاجزاً لا يمكن تجاوزه, ويقف عائقاً أمام الاتصال والتعايش السلمي(24)، وهناك في المقابل حالات أخرى على سبيل المثال ما فعلته السياسة في جمهورية يوغوسلافيا السابقة, نعم إنها السياسة التي فرضت من الخارج بهدف حل الخلافات الدينية والسياسية المتأججة, وهذا بدوره أدى إلى خلق حالة واقعية من التغريب الديني في مناطق سادها التعايش وعمها الوئام بين السكان الأصليين من المسلمين والمسيحيين لقرون طويلة؛ بل وكانت هناك حالات كثيرة من علاقات المصاهرة بين أتباع الديانتين، إن اتخاذ الدين وسيلة وذريعة سياسية لتحقيق مآرب اقتصادية وجيواستراتيجية انتهازية أدى إلى التفرقة وفرض حواجز متوهمة بين أبناء الوطن الواحد من المسلمين والمسيحيين الذين عاشوا جيراناً متحابين فيما قبل 1990.

 

إن هذه اللعبة السياسية التي تتلاعب بالهوية الدينية والإثنية لهي اختراع ناجح فيما صممت له من خلق الصراعات العنيفة والتفرقة والانقسامات بين الشعوب والديانات والدول, كما حدث في الهند وباكستان وفي يوغوسلافيا السابقة وإيرلندا وغيرها، في مثل هذه الحالات يكون التعارض بين "نحن" و"هم" هو البداية والانطلاقة نحو سياسة التسطيح لجوهر وروح الهوية وتصنيفاتها وعلائقها وارتباطاتها المتعددة(25).

 

لكن الأديان والقائمين عليها في كثير من الحالات لا يعذرون من المسؤولية هنا، وعليه فإننا على سبيل المثال نرى بين الكنائس المسيحية تنافساً واضحاً وقوياً في مناطق مثل أفريقيا يشبه إلى حد كبير النشاط التبشيري القديم في الحقبة الاستعمارية, والتي كان يتم فيها تحويل الاعتقاد المسيحي إلى جملة من الحملات التنصيرية التي كانت أول ما تؤذيه هو المسيح نفسه، وفي حالات مثل هذه والتي لا نزال نراها في مناطق مختلفة من العالم -حيث لا يزال الناس فيها يناضلون من أجل البقاء- فإن العمل التبشيري يتحول إلى عمل تجاري واسع النطاق, وتبدو الكنائس وهي تفقد دورها المقدس في العالم, وتعمل على التفرقة وإثارة الصراع.

 

وفي الأخير فإنه يجب ملاحظة أنه في مناطق مختلفة من العالم حيث تستمر الصراعات بين الديانات المختلفة والجماعات المختلفة بصورة تنذر بالدمار والخراب للإنسانية, كما يحدث على مدى سنين طويلة في نيجيريا, وهي واحدة من أغنى دول أفريقيا, وهي كذلك الدولة التي أرهقت اقتصادياً بفعل رأس المال العالمي، ففي مثل هذه الحالة يبدو أن الديانات في الغالب تعمل بشكل تمييزي وبطريقة إجرامية، ولكن في الواقع ووفق المطران الكسندر مطران الكنيسة الأورثوذكسية في نيجيريا, والذي يلقي باللائمة على كل الذين يستخدمون الرب لتحقيق أغراض سياسية واقتصادية خاصة بهم، وهذه الأزمات "ليست دينية في الأساس، وإنما تتعلق بحاجة البعض لامتلاك واستغلال الأراضي المنتجة في المنطقة"، ويضيف المطران "صحيح أنه في الآونة الأخيرة التطرف الديني والصراعات الدينية في أماكن أخرى من العالم قد تم تحويلها إلى مناطق مثل نيجيريا لخدمة أغراض خاصة وخطط جيوسياسية معينة, تؤدي في النهاية إلى إذكاء التوتر الذي يمكن أن يكون له تداعياته على الوحدة وشكل البلد الذي هو عليه اليوم، ويمكننا أن نتذكر الحرب الأهلية في بيافرا قبل عقود قليلة مضت... للأسف هنا أيضاً كما هو الحال تماماً في العراق وفي مناطق أخرى من العالم، المشكلة هي الرغبة الجامحة في السيطرة على منابع النفط"(26).

 

والسؤال الذي يطرح نفسه على المسيحية والمسيحيين اليوم هو كيف نتعامل مع الظروف التاريخية الجديدة, وفوق كل هذا مع السكان المتعددي الديانات في عصرنا الحاضر, وكيف نكتشف مسارات لاهوتية جديدة لفهم الآخر والتعايش معه؛ أي مع غير المسيحي، مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى من العقيدة المسيحية أن تنخرط في حوار مع الأديان الرئيسة الأخرى في العالم آخذة بعين الاعتبار المعايير التالية: (أ) التعددية الثقافية والدينية خير للمجتمع وهي هبة ربانية. (ب) البحث عن قيم دينية مشتركة, والأهم تنمية حس التعاون والثقة ليس فقط على المستوى الفردي ولكن على المستوى الديني كذلك، بمعنى إشراك الأديان والقائمين على تلك الأديان وأتباعها ومنظماتها. (جـ) الإنصات المشترك للذاكرة التاريخية للآخر واكتشافها. (د) العمل المشترك على المستوى المحلي والعالمي من قِبَل قادة الحوار بين الأديان، بمعنى الزعماء الدينيين وأفراد المجتمعات الدينية. (هـ) على مستوى التعليم تثقيف الناس بالمعتقدات الدينية والثقافية "للآخر" بهدف تعزيز الحماية المشتركة للقيم العالمية.

 

3.         المبادرات الرئيسة للكنائس فيما يخص الحوار بين الأديان للتغلب على العنف ونشر السلام

 

الكنيسة الكاثوليكية:

 

لقد خلق قرار مجلس الفاتيكان الثاني (1962-1965) المتعلق بعلاقة الكنيسة بالأديان الأخرى -وهو قرار أدرج ضمن إعلان نوستراإيتيت (28 أكتوبر 1965)- مناخاً جديداً تماماً في الكنيسة الكاثولوكية فيما يخص علاقاتها واتصالاتها بالديانات الأخرى، وقد أعلن قرار المجلس عن استعداد الكنيسة الكاثولوكية للمضيّ قدماً لفتح حوار مع الأديان الأخرى, وعلى وجه الخصوص الإسلام واليهودية, وأن تمشي في طريق السلام(27)، كان هذا الحدث غير مسبوق بالنظر إلى ما كان عليه الحال في السابق، ولفهم أهميته يمكننا فقط أن نعود بتفكيرنا قليلاً إلى الوراء لنرى طريق الاقتتال الذي كان سبيل التفاهم في الماضي, وخصوصاً فيما يتعلق بالعلاقة بين المسيحية والإسلام، فالحملات الصليبية مثلاً والاستعمار والتنصير واستعمالها كوسائل كلها تسلط الضوء بشكل صريح على طبيعة التواصل بين الغرب المسيحي والعالم غير المسيحي، إن الموقف الجديد الذي تبنته الكنيسة الكاثوليكية الرومانية كان موقفاً حاسماً بالنسبة لتعاونها مع الكنائس الأخرى, وكذلك بالنسبة لتعزيزها بالاشتراك مع تلك الكنائس للحوار بين الأديان مع الأديان الأخرى، غير أن الانفتاح الناجح للكنيسة الكاثوليكية الرومانية أمام الديانات الأخرى مع إعلان مجلس الفاتيكان الثاني لم يكن أمراً مفاجئاً، وإنما مثّل تتويج المنجزات لمسار علمي وجدلي حافل بدأ بعقود قبل أن يقوم العلماء والمفكرون من بين النخب الفكرية في أوروبا بجعل الإسلام أمراً جديداً على الغرب, متغلبين بذلك على فروق عمرها مئات السنين, وكاشفين مفاهيم جديدة عن الإسلام للعالم الغربي بما فيها "الطريق الصوفي الداخلي"؛ أي الطرق الصوفية في الإسلام(28).

 

للوصول إلى هذه الغاية تشكلت آلية مركزية في إطار الكنيسة الكاثوليكية الرومانية لتعزيز الحوار, وهذه الآلية هي المجلس البابوي للحوار بين الأديان، وهذا الحوار تم القيام به أساساً عن طريق الكنائس المحلية والعلاقة قائمة بين هذا المجلس وبين الكيان المماثل له التابع لمجلس الكنائس العالمي فيما يخص قضايا الاتصال والحوار بين الأديان، ولكنه ليس له علاقة بالنشاطات التي يقوم بها هذا الكيان؛ لأنه يعمل بشكل مستقل ككنيسة لها أنشطتها الخاصة بها, الموازية لتلك التي يقوم بها مجلس الكنائس العالمي، وبهذا المعنى فإن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية تعمل على تطوير أنشطة خاصة بها في علاقاتها مع الكنائس المسيحية، والكيان الرسمي الذي يقوم بأنشطة الحوار والاتصال بين الأديان غير المسيحية هو "العشيرة الرومانية", والتي ينضوي تحتها طوائف متعددة كل منها مناط به جانب معين من المسؤولية.

 

ونجد المعلومات والنقاشات حول كثير من الحوارات التي شاركت فيها الكنيسة الكاثوليكية الرومانية منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا مع كل أديان العالم: (الإسلام، واليهودية والهندوسية والبوذية والشنتوية وغيرها)، وكذلك مع عدد من الأديان المحلية في أفريقيا، نجد كل ذلك موثقاً في مجلة "اعرف الروابط الروحية التي توحدنا", والتي تذْكُر للقراء كذلك أخباراً عن رحلات البابا يوحنا بولس الثاني إلى مختلف البلدان ولقاءاته مع الزعماء السياسيين والدينيين في تلك الدول، كما نجد أيضاً في هذه المجلة تقارير مفصلة عن 16 عاماً من الحوار بين المسيحية والإسلام (1978-1994)، أما المعهد البابوي للدراسات العربية والإسلامية فهو معهد متخصص بتطوير التواصل الأكاديمي وحوار الكنيسة الكاثوليكية مع الإسلام، وتنشر نتائج هذا الحوار تباعاً في مجلة الإسلام والمسيحية التي بدأت في الصدور منذ عام 1975, ولا زالت تصدر حتى اليوم.

 

أما الخطوة الكبيرة إلى الأمام فقد كانت في اتصال الكنيسة الكاثوليكية الرومانية مع زعماء الكنائس المسيحية كلها, وكذلك مع أديان العالم, والتي أعقبت إعلان عن "يوم السلام والصلوات" الذي بدأه البابا يوحنا بولس الثاني في أكتوبر 26 -27 من عام 1986(29) في أسيسي، ومنذ ذلك الحين وهذا اليوم يُحتفل به في مراحل مختلفة كما حدث في يناير من عام 1993 وكذلك عام 2002(30).

 

تم تنظيم الملتقى الأول أثناء الحرب الأهلية في لبنان, والثاني أثناء الصراع في البلقان, والثالث في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر أيلول 2001، وقد تم التأكيد في ملتقى أسيسي على أهمية الحوار بين الأديان للتوصل إلى الانسجام والسلام العالمي، ونتج عن ملتقى عام 2002 الإعلان عن ميثاق أسيسي للسلام, والذي وافق على أساسه رؤساء ديانات العالم على التزامهم بالمبادئ التالية:

 

1.         نتعهد بإعلان التزامنا الثابت أن العنف والإرهاب لا يتفقان مع الروح الأصيلة للدين، وإذ ندين اللجوء إلى العنف والحرب باسم الله أو باسم الدين, فنحن نلزم أنفسنا بعمل كل ما من شأنه إزالة الجذور المسببة للإرهاب.

 

2.         نتعهد بتعليم الناس وتثقيفهم على الاحترام المتبادل واحترام الذات؛ وذلك للمساعدة في خلق تعايش سلمي وأخوي بين الشعوب وأصحاب الديانات والثقافات والإثنيات المختلفة.

 

3.         نتعهد برعاية ثقافة الحوار؛ لكي يترسخ الفهم وتتعزز الثقة المتبادلة بين الأفراد وبين الشعوب؛ لأن هذه هي الأسس الحقيقية للسلام.

 

4.         نتعهد بالدفاع عن حق كل إنسان في العيش الكريم وفق هويته الخاصة, وأن يكوّن بكل حرية أسرته الخاصة به.

 

5.         نتعهد بالحوار الصريح والمتأني، ورفض أن تكون خلافاتنا حواجز مانعة للتواصل، ولكن ندرك أن التواصل مع التنوع الموجود لدى الآخر يمكن أن يصبح فرصة للتفاهم بين الناس.

 

6.         نتعهد بمسامحة بعضنا بعضاً عن الأخطاء السابقة والحالية، وعن كل التحيزات التي وقعت علينا، وأن يدعم بعضنا بعضاً في جهد مشترك للتغلب على الأنانية والغطرسة والكراهية والعنف، وأن نتعلم من الماضي أن السلام دون العدالة لا يفضي إلى سلام حقيقي.

 

7.         نتعهد أن نقف بجانب الفقراء والعاجزين، وأن نتحدث بلسان أولئك الذين لا يسمع لهم، وأن نعمل بشكل فعال على تغيير هذه الأوضاع انطلاقاً من إيماننا بأنه لا يمكن لأحد منا أن يعيش سعيداً لوحده.

 

8.         نتعهد أن نوصل صيحات الذين يُرغمون على العنف والشر، وأن نعمل كل ما في وسعنا لتقديم الأمل الحقيقي للناس رجالاً ونساءً في العدالة والسلام.

 

9.         نتعهد أن نشجع كل الجهود الرامية إلى تعزيز الصداقة بين الشعوب انطلاقاً من إيماننا بأن غياب التضامن والتفاهم بين الشعوب وأن التقدم التكنولوجي يعرض العالم إلى خطر متزايد من الدمار والموت.

 

10.       نتعهد أن نحث قادة الدول لعمل كل ما هو ممكن لخلق عالم يسود فيه التضامن والسلام والعدالة على المستويين الوطني والدولي.

 

الكنائس البروتستنتية:

 

هناك الكثير من الكنائس البروتستنتية، وتتسم هذه بأنها مستقلة تماماً بعضها عن بعض، ولهذا فقد يكون من غير الممكن أن نقدم تفاصيل إسهامات هذه الكنائس في نطاق هذه التغطية المخصصة للحديث عن الحوار والسلام بين الأديان، وعليه فسنقتصر في عرضنا على وصف الأنشطة التي تقوم بها الجماعات البروتستنتية التي تمثل الفروع الرئيسة للكنيسة الإصلاحية البروتستنتية، وهي الفاعل الحقيقي في تأسيس مجلس الكنائس العالمي.

 

سبق وأن طور البروتستنتيون نشاطاً تبشيرياً واسعاً منذ العهد الاستعماري، ولكن لأن هذه الكنائس كانت تفتقر إلى الوحدة وغياب كيان موحد مركزي يتولى تنسيق الأعمال التبشيرية؛ فإن العمل التبشيري البروتستنتي سرعان ما خلق مشاكل رئيسة لهذه الكنائس ذاتها؛ لأنه سرعان ما دب التنافس بين تلك الطوائف المختلفة، ونجم عن هذا وجود خلافات ونزاعات بين هذه الطوائف، ولوضع حد لهذه المشاكل اجتمعت هيئات تبشيرية عديدة في عام 1910 في مؤتمر التبشير العالمي في إدنبره-اسكتلنده، وهذا المؤتمر خلق نوعاً من الوعي بالبعد العالمي للتبشير، وأصبح نقطة البداية للحركة البروتستنتية العالمية، ومنذ عام 1948 شاركت معظم كنائس البروتستنت في مجلس الكنائس العالمي، ومنذ ذلك الحين أصبحت غالبية الأنشطة التي تقوم بها هذه الكنائس حول قضايا الحوار بين الأديان والسلام كلها من ضمن مبادرات مجلس الكنائس العالمي.

 

مجلس الكنائس العالمي:

 

ينشط مجلس الكنائس العالمي في برامج السلام في مختلف البيئات الدينية، ويشارك في الكثير من أنشطة المؤتمر العالمي للأديان والسلام، والذي يُعَدّ الملتقى الأكبر في العالم من حيث عدد المشاركين من أتباع الديانات، ويهدف هذا المؤتمر إلى ترسيخ السلام العالمي(31)، وقد بدأ هذا المؤتمر منذ عام 1970، وأصبح نشطاً في مجال نشر السلام في مناطق الحروب مثل سيراليون والبوسنة وإسرائيل وفلسطين، ويركز هذا المؤتمر على خلق فرص للتعاون والمشاركة بين الأديان لمواجهة أسئلة بالغة الصعوبة، بما فيها الحروب والجوع وحماية كوكب الأرض، والهدف من المؤتمر هو تسليط الضوء على الطاقة الهائلة التي تتمتع بها المجتمعات الدينية وتوجيهها إلى القيام بعمل مشترك يسهم في توسيع نطاق المصالحة والعدالة والسلام بين الأمم.

 

كما أن مجلس الكنائس العالمي قد طور أنشطة مستقلة لتحقيق السلام في الأماكن المقدسة منذ 1948 ومنذ عام 1995 فصاعداً، أكد على اهتمامه بحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وإرساء قواعد السلام في المنطقة، وفي عام 2007 اجتمعت الكنائس من كافة أرجاء الأرض في عَمّان - الأردن لتأسيس الملتقى الفلسطيني/الإسرائيلي، الذي يهدف أساساً إلى تكوين التزام عام بين الكنائس المشاركة للقيام بجهد مشترك بين الديانات نحو ترسيخ أسس السلام والعدالة لصالح كل الذين يعيشون في المنطقة، أحد الأنشطة التي قام بها مجلس الكنائس العالمي مؤخراً كان إصدار بيان ضد حرب غزة في ديسمبر-يناير 2008-2009، والتي كلفت أكثر من 1400 قتيل فلسطيني و15 قتيلاً إسرائيليا، واختتم المجلس بيانه بالحض على أن تعم العدالة والسلام في غزة، وإلغاء الحصار عليها، وإقامة حوار مع زعماء سياسيين منتخبين(32).

 

يبين العدد 29 (2001) من مجلة مجلس الكنائس العالمي -تحت عنوان (الحوار المعاصر)- اهتماماً في هذا الشأن؛ حيث خصص العدد بكامله لموضوع الدين والعنف ومعالجة قضايا السلام والصراع والمصالحة من وجهة نظر أديان العالم اليوم(33).

 

وفي أكتوبر من عام 2008 انعقد في جنيف -سويسرا ملتقى التشاور المسيحي حول فهم الذات المسيحية في ضوء الإسلام والحوار الإسلامي المسيحي، تولى مجلس الكنائس العالمي تنظيم هذا المؤتمر بالاشتراك مع عدد من الكنائس المسيحية من بينها الكنيسة الأورثوذكسية، والتحالف العالمي للكنائس الإصلاحية، والتحالف العالمي الإنجيلي، والكنيسة الكاثوليكية الرومانية، وفي هذا الملتقى طرح عدد من الأسئلة تتعلق بالحوار المشترك مع المسلمين، بما في ذلك موضوع حقوق الإنسان، والتبشير ومفاهيم العلمانية، والتعددية والوطنية، إضافة إلى استخدام الرموز الدينية للأغراض السياسية، والعنف الذي يكون سببه الدين، أفاض المشاركون في موضوعات التعاون المسيحي الإسلامي في أمور ذات أهمية حيوية للإنسانية بما في ذلك العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وتغيُّر المناخ، والسلام، ومعالجة آثار الذكريات الأليمة.

 

ومن الأهمية بمكان نشاط مجلس الكنائس العالمي في الحوار بين الأديان وخصوصاً مع إيران، ففي نوفمبر من عام 2007 كانت هناك مبادرة للحوار بين النساء، بادر إليها مجلس الكنائس العالمي ومعهد إيران للحوار بين الأديان، حول موضوع "النساء كصُنّاع سلام من خلال الدين: ورشة عمل مشتركة بين المرأة المسلمة والمرأة المسيحية"، التقى المشاركون في المؤتمر النسوي بمن فيهم أساتذة جامعات، وطالبات، ومديرات، وطبيبات، ووزيرات، كل هؤلاء التقوا لأول مرة في طهران في شهر ديسمبر من عام 2008، واستمر العمل في جوتنبيرج في السويد في سبتمبر 2009، وقد أكملت هذه الملتقيات دورة السنوات الثلاث الأولى في عام 2009، وسينشر مجلس الكنائس العالمي مذكرات هذه الملتقيات في عام 2010، تم تقسيم أنشطة هذا الملتقى إلى ثلاثة مجموعات رئيسة حسب الموضوعات وهي: (أ) المرأة والإعلام الجماهيري، وقد قامت هذه المجموعة بتصميم موقع على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) لنشر مشاركات وإسهامات أعضاء المجموعة نفسها، وكذلك أعمال مجموعات أخرى من النساء المشتغلات بموضوع الحوار بين الأديان بشكل عام. (ب) المرأة ومرض الإيدز، وهذه المجموعة شغلت نفسها بموضوعات الصحة، وركزت اهتمامها على الأمور التثقيفية والتعليمية المتعلقة بمكافحة انتشار فيروس نقص المناعة - الإيدز في إيران، ومن خلال أنشطة متنوعة أبدت هذه المجموعة رغبتها في توسيع مشاركة القيادات الدينية في إيران في موضوع وقاية ومعالجة حاملي الفيروس (أساساً من الأمهات والأطفال القصر) داخل المجتمع الإيراني، والهدف هو استخراج الأحكام الدينية المتعلقة بهذا الأمر في الشريعة الإسلامية (الفتاوى) خلال السنوات القليلة الماضية. (جـ) المرأة والتعليم، وقد تعثرت أعمال هذه المجموعة نظراً للأحداث التي اعقبت الانتخابات في إيران في يونيو من عام 2009. والتي نجم عنها تعذر التواصل مع كثير من أعضاء هذه المجموعة، وهذا أدى بدوره إلى اتخاذ قرار في ديسمبر من عام 2009 بعد الاجتماع بعدد من الأعضاء في مجلس الكنائس العالمي في جنيف يتبنى كتابة دليل واحد يتضمن البحوث الهامة حول المرأة ودورها في الحوار بين الأديان، وإسهاماتها في تحقيق السلام والتغلب على العنف في مختلف الدول، بما فيها البوسنة وإيران والسويد واليونان وإندونيسيا والولايات المتحدة الأمريكية(34).

 

كما أن مجلس الكنائس العالمي قد بدأ حواراً رسمياً مع إيران (منذ 1995) عن طريق مركز الحوار بين الأديان، وفي ديسمبر من عام 2008 عقد هذا المركز اجتماعه الخامس في طهران، وكان عنوان الملتقى "الدين والتعايش السلمي"، واختتم الملتقى أعماله بالتوصية بحماية السلام وفق النقاط التالية: الحاجة إلى التعايش والوئام بين الشعوب والديانات، وضرورة التفاهم المشترك بين مختلف المعتقدات الدينية، والتأسيس لحوار بناء، وخلق جسور للاحترام المتبادل والفهم الصحيح لمعتقدات الآخرين، الاستفادة من الموروث المشترك الممتد منذ أبينا إبراهيم، وعدُّهٌ إلزاماً علينا بأن نحافظ على التعايش السلمي واحترام أبناء الأديان المختلفة، ونشر مفهوم المشاركة الجماعية والمسؤولية بين المسلمين والمسيحيين، والعمل المشترك في القضايا الاجتماعية والسياسية، وترسيخ مفهوم الاحترام للأديان المختلفة والبحث عن القيم المشتركة مثل السلام، وكرامة الإنسان، والالتزام المشترك بمناهضة التمييز، وتقوية التفاهم المتبادل(35).

 

البطرياركية الكنسية في القسطنطينية:

 

احتلت الكنيسة الأورثوذكسية-البطرياركية الكنسية في القسطنطينية قصب السبق في الحوار بين الأديان نظرًا للتعايش مع العالم الإسلامي لعدة قرون في مختلف شؤون الحياة وبذا احرزت سبقاً في موضوع الحوار بين الأديان مع أديان العالم، وبهذا لم تتوان البطرياركية منذ البداية عن الدخول في حوار مع الإسلام سيراً على تقاليد جيناديوس الثاني، وهو أول بطريارك بعد سقوط القسطنطينية، ومن المعلوم أن بطرياركيات شرقية أخرى قد خضعت للحكم الإسلامي منذ فجر الإسلام (النصف الأول من القرن السابع)، وفي هذه المناطق تعايش المسلمون والمسيحيون على مدى 14 قرناً(36).

 

كانت الجهود الأولى نحو السلام قد قامت بها البطرياركية الكنسية عن طريق منشورات مجلسها الشهيرة في عام 1902 وعام 1920، والتي قد أشرنا إليها سابقاً، وفي أول هذه المنشورات البابوية دعا فيها البطريارك الكنائس الأورثوذكسية إلى وحدة المعتقد والوفاق والتعايش السلمي والأخوي، أما في المنشور الثاني فقد دعت البطرياركية كل الكنائس والطوائف في الديانة المسيحية إلى المبادئ نفسها، وهي التعايش السلمي والتفاهم المتبادل والتواصل بين الكنائس وجعْل كل هذا أساسا التي تقوم عليها الوحدة المرتقبة والتعايش السلمي للكنيسة، وتحقيق مقولة: "ليكون الجميع كلهم واحدا". واليوم هذا الحوار يتم الترويج له عن طريق البطريارك بارثولوميو الأول نفسه والذي أكد عند اعتلائه عرش البابوية في 2 نوفمبر 1991 على أهمية وحدة العقيدة الأورثوذكسية من جانب، ومن جانب آخر أكد كذلك على المسؤولية العليا للكنيسة تجاه كل البشر، ويحدد البطريارك هذه المسؤولية في الحوار مع الأديان الرئيسة في العالم، والحفاظ على التراث الروحي والأخلاقي في العالم كله، والذي يعدّ مبعث فخر للإنسانية ولكل البشر، ولهذا السبب يعدّ البطريارك الحوار بين الأديان ضرورة وحتمية(37).

 

نعرض هنا -من بين الأعداد الكبيرة من الأنشطة والمشاركات التي قام بها البطريارك وغالباً ما تكون منه شخصياً- هذه المشاركات التي تتعلق بموضوع السلام.

 

عقد لقاء تحت عنوان "السلام والتسامح" في القسطنطينية في فبراير عام 1994 وكان تنظيم هذا الملتقى بالاشتراك بين البطرياركية في القسطنطينية ومؤسسة نداء الضمير في نيويورك، وقد حضر هذا الملتقى زعماء روحيون وسياسيون من آسيا الوسطى والقوقاز والبلقان، ودار النقاش والمداولات حول موضوع السلام والتسامح، وهي موضوعات ذات أهمية بالغة للإنسانية جمعاء، وقد اقترح المجتمعون السبل التي تخرجنا من التأزم الحاصل، وتساعد على التغلب على العنف الديني والإثني وسبل حماية الأديان المختلفة والكرامة الإنسانية، وكانت نتيجة هذا الملتقى هو الإعلان المشهور باسم إعلان بوسبروس والذي وقع عليه البطريارك وشخصيات مرموقة أخرى، ويدين هذا الإعلان كل أشكال الحروب وخصوصاً تلك التي تشن باسم الدين، كما يدين استغلال الدين من قبل الأقوياء أو الضعفاء في الأرض لأغراض غريبة عن طبيعته، ويعبر عن استعداد ممثلي الديانات الرئيسة التوحيدية الثلاثة على العمل وفق دعوة البطريارك على أن تسود روح الوسطية والمصالحة والسلام والتسامح بين المؤمنين من أبناء هذه الديانات(38)، وللوصول إلى هذا الهدف تم تنظيم مؤتمر ثان تحت المسمى نفسه، "السلام والتسامح 2" من قبل المؤسسات نفسها التي نظمت المؤتمر الأول واستضافته مرة أخرى مدينة القسطنطينية في نوفمبر 2005(39)، وقد حضر هذا الملتقى الثاني زعماء روحيون وسياسيون من جنوب شرق آسيا والقوقاز وآسيا الوسطى، وقد أعلن الحكام إدانتهم لكل أشكال العنف والدمار التي تحدث باسم الدين، ورفضوا كافة أشكال الصراع المسلح، وأقاموا الصلوات من أجل تسود المصالحة والتعايش السلمي بين الشعوب، ودعا القادة الروحيين أتباعهم في الأديان الثلاثة إلى نشر رسالة التصالح والتعايش السلمي، وتعهدوا بالعمل الدؤوب لنشر الحوار بين الأديان المختلفة، وحماية حق كل إنسان في ممارسة معتقده بحرية والعيش بكرامة، كما وقع البطريارك بنفسه على بيان هذا المؤتمر، وجدير بالذكر أن موضوع السلام قد تم مناقشته في المؤتمر الدولي الأول للأديان التوحيدية الثلاثة الذي نظمته جامعة الكالا دو هيناريس في مدريد - إسبانيا في نوفمبر 1994 تحت عنوان ثلاثة أديان: التزام واحد نحو السلام، وقد شارك البطريارك بشكل فاعل في هذا الحدث(40)، كما تجدر الإشارة إلى المؤتمرات الدولية التي نظمت في الرباط - المغرب، بالتعاون مع اليونسكو والملك الحسن الثاني، والتي شارك فيها البطريارك أيضاً، ومن بين هذه المؤتمرات ينبغي الإشارة تحديداً إلى المؤتمر الذي عقد في فبراير 1998 تحت عنوان "الحوار بين الأديان التوحيدية الثلاثة: نحو ثقافة السلام"(41)، وقد شارك البطريارك في المؤتمر الدولي الذي نظمته لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف تحت عنوان "بيت لحم عام 2000"(42).

 

ولقد شاركت البطرياركية في العديد من الحوارات مع الديانات الأخرى خلال عدة رحلات قام بها البطريارك إلى الشرق والغرب وعلى منبر البرلمان الأوروبي؛ حيث ظهر البطريارك من خلال تصريحاته كسفير للسلام بين الغرب والشرق وبين المسيحيين والمسلمين(43).

 

ومن أبرز نشاطات البطريارك المشاركة في الحوارات بين المسيحيين والمسلمين التي ينظمها المركز الأورثوذكسي للبطرياركية في شامبسي، جنيف، بالاشتراك مع داماسكينو مدير ميتروبوليتان سويسرا والمجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية (مؤسسة آل البيت) عَمّان، الأردن، بالتعاون مع مدير المؤسسة الأمير الحسن بن طلال، وقد عقدت عشرة مؤتمرات، تسعة منها برئاسة داماسكينو، وواحد برئاسة إيمانويل ميتروبوليتان فرنسا(44)، من بين موضوعاتها المتعددة تمثل المؤتمرات التالية أهمية خاصة بالنسبة لموضوع السلام، المؤتمر الثالث للسلام الذي عقد في مركز الأورثوذكس للبطرياركية في شامبسي في 1998 تحت عنوان "السلام والعدالة في أدبيات الديانتين الموحدتين (الإسلام والمسيحية)، وكذلك المؤتمر المنعقد في القسطنطينية في 1989تحت عنوان التعددية الدينية، والذي كان الهدف الأساسي منه هو التأكيد على الأهمية العظمى للسلام والتعايش السلمي بين الديانات المختلفة في منطقة جغرافية واحدة، وتحديد الأسس التي تُمكِّن لهذا التعايش أن يتحقق بحيث يكون مصدر ثراء للممارسات الروحية المختلفة لأتباع هذه الديانات بدل أن يكون مصدر صراع، وأخيراً المؤتمر العاشر المنعقد في البحرين في عام 2002، حيث التقى المسيحيون والمسلمون واليهود وممثلون عن ديانات أخرى شرقية، وتم في هذا المؤتمر تطوير مبادئ التعايش السلمي، وكان المتحدث حل الرؤية الأورثوذكسية في هذه الدورة هو إيمانويل آدماكيس، الذي أصبح منذ ذلك الحين مسؤولاً عن الحوارات بين الأديان التي تنظمها بطرياركية القسطنطينية.

 

في إطار ما يسمى بـ "مبادرة فالتادون" انعقدت حلقة نقاشية عن الأديان في ثيسالونيكي في يناير 2002 بإشراف ميتروبوليتان فرنسا إيمانويل آداماكيس تحت عنوان "تحقيق التفاهم المتبادل بين وسائل الإعلام الجماهيرية والمجتمعات الدينية في جنوب شرق أوروبا"، وهدفت مبادرة فالتادون إلى مشاركة الكنائس والجماعات الدينية الأخرى في البلقان في محاولة لاستعادة السلام والتعايش السلمي بين شعب جمهورية يوغسلافيا السابقة، وكان ثمة موضوع له خصوصية من بين موضوعات الحلقة النقاشية، وهو تعريف الصحفيين من أوروبا الغربية بالخصائص التاريخية والثقافية والدينية للبلقان، والتي كما يبدو أنها لم تكن معروفة بما فيه الكفاية لدى الرأي العام الغربي، وكان من ضمن المشاركين في هذه الحلقة ممثلون للبطرياركية والكنائس الأورثوذكسية، وقيادات من العالم الإسلامي في المنطقة، وأعضاء في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ودول البلقان، وكان التوقع الشخصي للكاتبة من هذا الملتقى، والذي دعيت للمشاركة فيه أن القادة الدينيين سواء من المسلمين أو المسيحيين كان قد سبق لهم أن تعرف بعضهم على بعض شخصياً، وكانت مشاعر الألفة والثقة بينهم واضحة للعيان عند كل من حضر الملتقى، وكان همهم الأساسي هو إقناع ممثلي الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي التوقف عن الضرب باعتبار هذا الإجراء هو الحل الوحيد الذي يمكن أن يساعد الناس على العيش بسلام، وخلال الجلسة الافتتاحية أكدت رسالة البطريارك على أن تفاقم مشاعر الوطنية يؤدي إلى الصراع وإراقة الدماء، وأكد كذلك على أن "العامل الديني عامل مساعد على الوحدة والسلام، ولهذا السبب يجب ألاّ يستخدم لخلق الكراهية والانقسامات وبشكل أخص لإعلان الحرب والاقتتال بين الإخوة"(45).

 

ولا يزال عمل البطرياركية في مجال الحوار بين الأديان مستمراً من خلال الاتصال ونشر الصداقة مع الديانات الأخرى في آسيا مثل الهندوسية والبوذية، ويجدر الإشارة كذلك إلى أنشطة البطرياركية الموجهة لحماية البيئة وتجددها ممثلة في الحلقات النقاشية السنوية حول في مقرها في القسطنطينية وعلى وجه الخصوص الندوات المتنقلة حول البيئة، والتي تهدف إلى تعريف الناس بعضهم ببعض، وإزالة كل أسباب التمييز وإشاعة الاحترام للخليقة والكون الذي نعيش فيه, وكل هذه المشاعر هي مشاعر مشتركة بين أتباع الديانات كافة، وبناء على هذه المبادرات فإن البطرياركية قد أطلق عليها "البطرياركية الخضراء"(46).

 

البطرياركيات الأخرى والكنائس الأورثوذكسية المستقلة:

 

كانت الكنيسة اليونانية المستقلة إلى عهد قريب مترددة في أخذ الخطوات باتجاه الحوار بين الأديان، ومرد هذا التردد هو التاريخ الذي شهده المسيحيون اليونانيون وعلاقاتهم مع الإسلام الذي حكم اليونان حتى أوائل القرن العشرين، لم يحرك الإسلام الذي ارتبط بالإمبراطورية العثمانية لا القواعد ولا الفكر الديني إلا في النصف الثاني من القرن العشرين، وخلال العقود الماضية شاركت الكنيسة اليونانية -من خلال مجلس الكنائس العالمي- بشكل أكبر في الأنشطة المتعلقة بالحوار بين الأديان(47)، ومما يجدر ذكره أيضا في هذا الشأن النشاط المنتظم الذي تقوم به أكاديمية الدراسات اللاهوتية في متروبولسديمترياس (فولوس) والتي تنظم مؤتمرات على مدى يوم واحد وملتقيات، وتدرس مقررات مرتين كل سنة، بالإضافة إلى تنظيم فعاليات أخرى ذات محتوى لاهوتي وتعليمي وبين-ديني، ومن الأنشطة المقامة كذلك وله علاقة بموضوعنا هنا المؤتمر الدولي حول "التسامح والتصالح والسلام" والذي انعقد بالاشتراك مع مجلس الكنائس العالمي ومعهد بوسطن اللاهوتي في شهر مايو من عام 2007 في مركز المؤتمرات في متروبولس(48).

 

خلال السنوات القلية الماضية كان حضور كنيسة قبرص في الحوار بين الأديان نشطاً جداً، وكذلك مشاركتها مع الكنائس الأخرى في الشرق الأوسط ومع مجلس الكنائس العالمي، ومن الأهمية أيضاً أن نذكر حضور البطرياركيات القديمة في الاسكندرية والقدس وأنطاكية في فعاليات الحوار بين الأديان، وتتميز هذه البطرياركيات بأن أتباعها يعيشون جنباً إلى جنب مع المسلمين في قلب ديار الإسلام في الشرق الأوسط وأفريقيا، ومن الشخصيات البارزة جداً من بين شخصيات القرن العشرين قداسة بارتينيوس الثالث بطريارك الاسكندرية الذي يعد صاحب سلطة وشهرة على مستوى العالم، وقد عمل دون كلل باتجاه التعايش السلمي والحوار بين المسيحيين أنفسهم وبين أتباع الديانات الأخرى، وعلى وجه الخصوص مع المسلمين الذين نشأ بينهم في مصر، كما أن إسهامات الكنيسة اللبنانية -وعلى رأسها المرقس جورج خضر في الحوار مع الإسلام- وكذلك إسهامات القساوسة الشباب مثل الأب جورج مسوح مدير معهد الدراسات الإسلامية المسيحية في جامعة البلمند في لبنان وممثل بطرياركيته في الملتقيات الدولية بين الأديان، كل هذا جعل بطرياركية أنطاكية أكثر مسؤولية وأكثر نشاطاً فيما يتعلق بالتواصل مع الأديان الأخرى، وقبل أربع سنوات (في مارس 2007) في أكاديمية متروبولسفولوس المقدسة التي استضافت جورج مسوح في محاضرة أكد فيها بشكل لا لبس فيه أنه لو لم يكن ثمة سلام بين المسلمين في لبنان من الطائفتين السنة والشيعة فإنه لن يكون هناك سلام بين المسيحيين، وقال: "إن المسلم هو جارنا، فإذا لم يكن بخير فنحن أيضاً لن نكون بخير، وإذا لم يكن يعيش في سلام، فنحن أيضاً لن نعيش في سلام"(49).

 

ولا يمكننا أن ننسى أن نذكر دخول شريك فاعل هو بطريارك روسيا في قضايا الحوار بين الأديان منذ عام 1990 وحتى الآن، ومما يشار إليه تحديداً هنا هو خطاب قداسة بطريارك روسيا اليكسيوس الثاني في أكتوبر 2007 في المجلس الأوروبي حول موضوع الحوار بين الأديان، والذي أكد فيه قداسته أن "الكنيسة الأورثوذكسية الروسية تدرك تماماً النطاق الواسع من العقائد الدينية في أوروبا والعالم، وأنها مستعدة للدخول في حوار معها كلها وأيضاً مع أتباع المذهب العلماني، غير أننا على قناعة أن ليس ثمة وجهة نظر واحدة -بما فيها النظرة العلمانية- يمكن أن تدعي أنها تحتكر أوروبا أو أي مكان آخر، ولهذا السبب نعتقد أن إبعاد الدين عن الحياة العامة أمر غير مقبول، لقد حان الوقت أن ندرك أن الدوافع الدينية لها الحق في أن توجد في كل مكان بما في ذلك في الحياة العامة، ولتجنب الصراع بين وجهات النظر الدينية على مستوى العالم نحن بحاجة إلى حوار صادق بين الثقافات يشارك فيه ممثلون ناشطون عن الديانات التقليدية وكذلك عن التوجه العلماني، وأعتقد أن المجلس الأوروبي -الذي لديه الإمكانية والخبرة- بصفته منبراً للحوار بين القيم الأوروبية يمكن أن يكون كذلك منبراً جيداً لحوار من هذا القبيل"(50)، وهناك العديد من البيانات الصادرة عن قداسة البطريارك الروسي وكذلك العديد من المشاركات التي قامت بها البطرياركية الروسية في الاتحاد الأوروبي، وفي المنظمات الدينية الدولية، وكذلك في أنشطة مجلس الكنائس العالمي، وكلها تهدف إلى إحلال السلام في الأرض، ونظراً لوجود المسلمين واليهود، وكذلك عدد لا بأس به من أتباع الديانات المحلية -مثل البوذيين واللاميين في آسيا الوسطى وشرق روسيا- فإن هذا يجعل من الحوار أمراً ضرورياً وحتمياً في هذا الوقت بالذات، كما أن هذه الديانات معترف بها رسمياً في الاتحاد الروسي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1)         للمزيد حول تعاليم الكونفوشسية ولاوتسو حول التعايش السلمي بين البشر، يمكن الاطلاع على جر زياكاس "الديانات والحضارات في آسيا"(الطبعة الثانية) ثيسالونيكي: كورن. سفاكيناناكي (2008)، 595-509 و512-530 على التوالي. انظر: كذلك، ج. ميلر "الطاوية"، أكسفورد: ون وورلد، 2003، 45-46 و75-92.

2)         للاطلاع أكثر حول مفهوم "أهيمسا" في نصوص مختلفة من الهندوسية والجاينيزية، انظر: ساريفيبالي رادهاكريشنان وشارلز مور "المرجع في الفلسفة الهندية، برنستون: مطابع جامعة برنستون، 1957، 77، 165، 251، 276، 416، وللمزيد حول مصطلح "أهيمسا" في الجانيزية والبوذية، انظر: جر زياكاس، "الديانات والحضارات في آسيا" 454-455 و430-431.

3)         هناك شرح موجز لهذه الموضوعات في مقالة جر زياكاس "الأديان ورسالة السلام في عصر العولمة" في باتشيس ب (محرر) 2004، 53-58، كما ينظر كلوثي إف دبليو الديانات في الهند: مقدمة تاريخية، لندن: راوتلدج 2006، 115، 185، 231.

4)         فيما يتعلق بالبرامج الدراسية في الجامعات والمعاهد الدينية الأوروبية التي تتجه هذه الاتجاه انظر: الدليل الشامل حول الدين والصراع، مقالات حول نشأة الصراعات الدينية ومقاربات الحلول، إينيكيل إي وزياكا إي وآخرين، لندن: هاربتري 2011.

5)         جون د آرسي ماي، "حوار الأديان: مصادر المعرفة؟ وسائل السلام؟ في مجلة كارنتدايالوج العدد 43 (2004) تم تحميلها من موقع www.wcc-coe.org/what/interreligious/cd43-03.html بتاريخ 18 ابريل 2009، وهذه المقالة اعتمدت أساساً على ورقة بحثية ألقاها ماي الأستاذ المشارك في الحوار بين الأديان في الكلية الإيرلندية للاهوت، كلية التثليث، دبلن في جامعة ليفين في فبراير من عام 2004 وفيها تحدث فيها ماي عن آرائه حول الحوار بين الأديان، في هذه المقالة يرى الكاتب أن ثمة بوناً شاسعاً من عدم الثقة من جانب الكنائس والمؤسسات الدينية والكليات الدينية تجاه حوار الأديان, وأن هذا الحوار تتبناه أساساً مؤسسات مثل مجلس الكنائس العالمي عن طريق مبادرات والتزامات فردية، انظر أيضا: فاسيليادس "الوحدانية والشهود" ثيسالونيكي: إبيكنترو 2007، 421، "نحو دراسة لاهوتية للأديان"، وانظر: كذلك كونستانتينو "البحث اللاهوتي في عصر العولمة" في كاليتزيدس ن دودوس (محررين) الأورثوذكسيةونيوتيركوتيتا" أثينا، 2006، 471-481، وفي صفحة 479 تحديداً حيث يتم التأكيد فيها على أن الرب الإنجيلي يتحدث بأصوات متعددة, وهذا الموقف الإنجيلي قد اعترف به مجلس الكنائس العالمي مما أدى إلى تغيير أحد عناوين برامجها من "الإنجيل والثقافة" إلى "الإنجيل والثقافات".

6)         تكمن أهمية هذه المنشورات في تأسيس مجلس الكنائس العالمي والحركة العالمية, وكذلك كنتيجة مصاحبة تأسيس الحوار بين الأديان، وهذا كان معروفاً للأمين العام الأول لمجلس الكنائس العالمي فيسر هوفت الذي اعترف أن كنيسة القسطنطينية كانت السباقة إلى تبني وجهة نظر داعمة للوحدة والسلام والعمل في هذا الاتجاه وفق إرادة المسيح، كما أن إسهام هذه المنشورات ودور الكنائس الأورثوذكسية في مجلس الكنائس العالمي قد أشير إليه في الكثير من كتابات ممثل البطرياركيةالعالمية لدى المجلس الأب جورجيس تيستس، انظره (1988)، وانظر: الشرح المفصل لهذه الموضوعات في كتاب القديس تسومبانديس "الكنيسة الأورثوذكسية ومجلس الكنائس العالمي" وكذلك كتابه "إسهام الكنيسة الإورثوذكسية في مجلس الكنائس العالمي.

7)         ناقش مجلس الكنائس العالمي ونشر مواقفه الأساسية حول الحوار مع أناس من أصحاب العقائد والأيدولوجيات الحية (إرشادات حول الحوار مع أصحاب العقائد الحية) في الملتقى المنعقد في تشيانج ماي في تايلنده في ابريل من عام 1977 ونشر في عام 1979، انظر: موقع مجلس الكنائس العالمي www.oikoumene.org/en/resources/documents/wcc-programmes/interreligious-d... (تاريخ الوصول إلى المادة 18 مايو 2009) للاطلاع على نقد ومراجعة هذه المواقف انظر: النظرة العالمية للحوار والعلاقات مع أصحاب الديانات الأخرى، استعراض خبرة ثلاثين عاماً من الحوار ومراجعة للموجهات المنشورة عام 1979، مجلس الكنائس العالمي 2003، الحصول على المادة من الموقع التالي ((تاريخ الوصول إلى المادة 18 مايو 2009):

http: //www.oikoumene.org/en/resources/documents/wcc-programmes/interreligious-d...

8)         من بين هؤلاء العلماء المعروفين ورجال الدين الذين حثوا على التعددية الدينية دون أي توجه طائفي معين في أمريكا وأوروبا بول نيتر وجون هيك وستانلي سامارثاووزلي ياريارا جاه وروزمري رويثر وأبليسيوس بييريس ويمولدو ندوبانيكر وهانس كونج وجوزف فان إيس وويلاند أوكستوبي وأولريش مان وبول شوارزنو وأخرون من الذين يتقبلون الحوار مع الديانات الأخرى ويكافحون من أجل العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل بين أصحاب الديانات المختلفة، والقيادي البارز في مشروع لاهوت الأديان بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية الرومانية وهو هانس كونج يتحدث عن ميثاق شرف أخلاقي عالمي قادر على حماية قيمة الإنسان وخدمته في العالم المعاصر بصرف النظر عن الأديان أو أي اختلافات أخرى، انظر: في هذا الجانب يفانتيس "الحركات الدينية والتوجهات الأساسية في إطار الكاثوليكية" مجلة تاريخ الأورثوذكسية، المجلد 8، 148-171، صفحة 158، ويمكننا أن نتبع الاتجاهات الأساسية المتعلقة بالتواصل مع أصحاب الديانات التي وردت في كتاب (المسيحية وأديان العالم: مسارات الحوار مع الإسلام والهندوسية والبوذيه، لندن: أوربس 1993) وفي هذا الكتاب يطور علماء متخصصون كل في مجاله في الأديان المقارنة نظرتهم حول الإسلام (جوزيف فان إيس) الهندوسية (هينريك فون ستيتنكرون) البوذيه (هاينزبشيرت) بينما يقوم هانس كونج بالرد على كل واحد من هؤلاء, ويقدم الأبعاد الدينية المسيحية التي تدعم الحاجة إلى التقرب إلى الديانات الأخرى باسم المسيحية.

9)         يتم حالياً تطوير مفهوم التواصل مع أصحاب الديانات الأخرى على أساس جوهر الرسالة المسيحية وعقيدتها على أيدي أساتذة متخصصين في كلية اللاهوت في جامعة ثيسالونيكي وكذلك على أيدي ممثلين للبطرياركية العالمية والكنيسة اليونانية في الملتقيات بين الأديان، ويمكن النظر تحديداً في مارتزيلوس الأورثوذكسية والحوارات المعاصرة (2008) 375-407، ويمكن النظر في كتاب فازلياديس الوحدة والشهود، وخصوصاً الفصل المعنون "الشهود الأورثوذكسي والبحث عن الوحدة المنظورة للكنيسة" 131-163، كما يمكن النظر في مقالته بعنوان "المزاعم الكونية للأورثوذكسية وخصوصية شهوديتها في عالم متعدد" في كتاب من تحرير إي كلابسيس بعنوان "الكنائس الأورثوذكسية في عالم متعدد، حديث عالمي" جنيف: مجلس الكنائس العالمي 2004، 192-206، ويشكل إيمانويل كلابسيس حضوراً أمريكياً مهماً بصفته رئيس الكهنة في كلية الصليب المقدس الأورثوذكسية اليونانية للاهوت في بروكلين ماس، وممثل البطرياركية العالمية في عدد من ملتقيات الأديان، انظر: الكتاب الذي حرره إيمانويل كلابسيس بعنوان "الكنائس الأورثوذكسية في عالم متعدد: حديث توحيدي، جنيف: مجلس الكنائس العالمي 2004، كما يمكن النظر في كتابه المحرر والمعنون "العنف والروحانية المسيحية: حديث توحيدي، جنيف، 2007.

10)       من أولئك الذين عملوا دون كلل ولا ملل في هذا الاتجاه لتعزيز الحوار بين الأديان المطرانفي ألبانيا أناستاسيوس جينولاتوس، وكاهن سويسرا داماسكينوس بابانديريو بصفته مديراً للمركز الأورثوذكسي للبطرياركية التوحيدية في شامبسي في سويسرا وأستاذ اللاهوت في جامعة ثيسالونيكي جورجس زياكاس.

11)       انظر: مقال ديماسكينوس باباندريو بعنوان "المؤتمرات الأورثوذكسية" المنشور في الموسوعة المسيحية، الجزء الرابع، لايدن 2005، 25- 26، وللمزيد حول هذه الموضوعات انظر أيضا: مارتزيلوس "الأورثوذكسية والحوار بين الأديان"، في كتاب جريوجريوس بالاماس، 2006، 1065-1078، وانظر: كذلك مقالته المعنونة "الأورثوذكسية والحوار بين الأديان" في "السياسة الكنسية العالمية" وهو عمل قدم إلى أسقف متروبولتين أدريانبوادماسين، أثينا، 2007، 437-444،

12)       انظر: مقال جين مارك المستخرج من موقع (وتم الوصول إلى هذا المقال في 7 مارس 2009):

http: //istrmarseille.fr/Pages/CdD/CdDs/CdD04/aveline.htm

13)       انظر: مقال فاسيلياديس تحت عنوان "الوحدة والشهود" 150-151، حيث يؤكد الكاتب على أن اللاهوت تتبع التعدد في السياقات السياسية والتاريخية والاجتماعية المختلفة، وبهذا فإن مصطلح اللاهوت ليس مصطلحاً جامداً أو مجرداً؛ ولكنه يتحول بهذا إلى تنوع في انماط مختلفة من اللاهوت وفق سياقات معينة، وهذه الموضوعات كانت تدور حولها النقاشات في عام 1992 في كلية اللاهوت التابعة لجامعة ثيسالونيكي, والتي اشتركت مع معهد بوسي العالمي في تنظيم الندوة الدولية في 3 أكتوبر من عام 1992 تحت عنوان اللاهوت الكلاسيكي واللاهوت السياقي: دور اللاهوت الأورثوذكسي فيما مرحلة ما بعد حركة كانبيرا العالمية، ونشرت فعاليات هذه الندوة في مجلة كاثودون، العدد 4 (1993) انظر: فاسيلياديس"الوحدة والشهود"، 458.

14)       انظر: كونستانتونيو الذي يقدم عرضاً صحيحاً لهذه الموضوعات في مقاله "البحث اللاهوتي في عصر العولمة" المنشور في الكتاب الذي حرره كاليتزديسو دودوس بعنوان "الأورثوذكسية والنيوتيريكوتيتا، ميتروبوليس ديمترياس المقدسة، أثينا 2006، 471-481، والإشارة هنا إلى 473-475، وانظر: كذلك الكتاب الذي حرره هانس أوكو بعنوان "تغيير الحاضر وتوقع المستقبل، نظرة ناقدة حول الحوار بين الأديان" جنيف: مجلس الكنائس العالمي، 2006، 125-129.

15)       لقد كان لحماية الديموقراطية في أوروبا والدفاع عن حقوق الإنسان والقيم الاجتماعية الأثر البالغ على الكنائس، انظر: مقالة بيترو "الكنائس المسيحية في المجتمع الأوروبي الحديث" المنشور في مجلة تاريخ الأورثوذكسية، الجزء 8، 16-35، والإشارة هنا تحديداً إلى 20-22، وكذلك مقالته تحت عنوان "السلام والتطور البشري والتغلب على العنف" في الكتاب الذي حرره إيمانويل كلابسيس "العنف والروحانية المسيحية، حديث عالمي" جنيف: منشورات مجلس الكنائس العالمي 2007، 23-31.

16)       انظر: كتاب بترو المعنون "التعددية الثقافية والحرية الدينية" الطبعة الثانية ثيسالونيكي فانياس، 2005 وخصوصاً الجزء المعنون "ظاهرة الأصولية الدينية"، 103-125، وللمزيد عن هذه الظاهرة ينظر مقال زياكاس "الأصولية والتعصب" المنشور في كتاب "بورفثينتس... كاريستيريوس توموس، في شرف المطران لألبانيا أناستاسيوس، أثينا، 1997، 199-215، وكذلك كتابه "الإسلام الدين والدولة، ثيسالونيكي: كورن، 105-115.

17)       انظر: سكوت دانيل دنبار في مقالته "مكانة الحوار بين الأديان في الدراسة الأكاديمية للدين" المنشور في مجلة الدراسات العالمية، جامعة تمبل، فيلادلفيا، الجزء 35، العدد 3-4، 455-469، في هذا المقال يتصور دنبار تعليم الحوار بين الأديان كما يلي: (ص.468): في عالم اليوم -الذي يتسم بالتعددية الدينية والأكاديمية- يصبح الحوار بين الأديان بحاجة إلى أن ينتقل من هوامش الدراسات الدينية إلى المركز؛ وذلك نظراً لأنه يمكن أن يجسر الاختلافات بين التخصصات والعلوم وكذلك بين الثقافات، وإنه من السخف أن نتجاهل الحاجة المتزايدة للحوار بين الأديان في العالم من حولنا اليوم، وثمة أسباب كثيرة تجعل من تعزيز دراسة هذا المحور في المناهج التعليمية أمراً مهماً، ليس فقط لأننا نعيش في مجتمع تتنوع ثقافته بشكل مضطرد؛ ولكن لأن العالم من حولنا يصبح أكثر تداخلاً يوما بعد يوم، وعليه فإن أتباع الديانات الأخرى لم يعودوا "غرباء" أو "بعيدين"؛ ولكنهم أصبحوا جيراننا وأحياناً أقاربنا أيضاً، ولهذا أصبح الحوار معهم أمراً في غاية الأهمية؛ لكي نتغلب على الأنماط الذهنية الجاهزة عنهم وكذلك لمنع الصراعات المستقبلية، ونتيجة لهذا لا ينبغي أن يظل الحوار بين الأديان على هامش الدراسات الدينية في العقود القادمة وإنما يجب أن يصبح جزءاً لا يتجزأ من متطلبات الإعداد لمهنة رجال الدين وكذلك جزءاً من تبريراتها الذاتيه.

18)       انظر: ريزر "العنف والدين في المجتمعات التعددية"، المنشور في مجلة الكنائس الأورثوذكسية في عالم متعدد، 90-102.

19)       يمكن معرفة المزيد عن هذه البرامج وأنشطتها عن طريق الاطلاع على مجلة مجلس الكنائس العالمي "الحوار المعاصر" ويمكن الوصول إليها عن طريق زيارة هذا الموقع:

http: //www.oikumene.org/en/programmes/interreigiousdialogue.html

20)       وفق كتاب ميلتون بينيت بعنوان "النموذج التطوري للحساسية البين- الثقافية" وكتاب "موسوعة التطور البين-ثقافي" وهما كتابان يعدان مرجعين عالميين يستخدمان في مجال برامج التدريب البين-ثقافي وهما يعرفان الحساسية البين-ثقافية للمتدربين، ومعايشة الآخر تذكي التعلم في كافة مستوياته المختلفة: المعرفي والوجداني والسلوكي، انظر: كذلك بينيت "مقاربة متطورة للتدريب على الحساسية البين-ثقافية"، المنشور في المجلة الدولية للعلاقات بين الثقافات، الجزء 10، العدد (2) امستردام، إلسيفر 1986، 179-196، وانظر أيضا: لانديس وبينيت وميلتون بينيت في كتابهم "المرشد في التدريب البين-ثقافي" منشورات سيج، الطبعة الثالثة 2004، ومقال بينيت "نحو نسبية إثنية: نموذج تطوري للحساسية البين-ثقافية" المنشور في الكتاب الذي حرره مايكل بيج بعنوان "التعليم للخبرة البين-ثقافية" مطابع إنتركالشرال 1993، 21-71، وكذلك انظر: مقالة جانيت بينيت بعنوان "التهميش الثقافي: قضايا الهوية في التدريب البين-ثقافي" في الكتاب الذي حرره مايكل بيج بعنوان "التعليم للخبرة البين-ثقافية"، 109-135.

21)       انظر: الإشارة إلى أفكار وأعمال بانيكار في مقال نشره كارلا روفرسيلي "التعلم بين الأديان والتعليم بين الثقافات في أوروبا".

22)       انظر: خطاب المطران مايكل فتزجيرالد بعنوان "الأمل المعقود على الحوار بين الأديان في عالم مليء بالصراعات"(16 مارس 2006) وهو خطاب ألقي في كلية بوسطن ضمن فعاليات المؤتمر "في عصرنا: العلاقات بين الأديان في عالم منقسم" مأخوذ من الموقع:

http://www.bc.edu/research/cjl/metaelements/texts/cjrelations/resources/... (تحميل المادة في 10 سبتمبر 2009) في الفقرة الثانية من مقالته المعنونة "ما لا يمكن للحوار أن يفعله" يشير المؤلف من بين أمور أخرى إلى ما يلي: "ينبغي ألا يتوقع من الحوار بين الأديان أن يقدم لنا حلاً سريعاً لحالات الصراع... بل يجب أن يأتي الحل عن طريق سبل أخرى ربما عن طريق المفاوضات السياسية، وفي هذا الصدد يلعب الزعماء الدينيين دورٌ مهم, وهو تشجيع الناس على مساندة الحل المفترض, وإذا كانوا على تواصل مع الزعماء الدينيين في الجانب الآخر فهذا له أثر فعال وكبير في تخفيف التوتر، على أنه ينبغي التنبه إلى أن الحوار بين الأديان ينبغي أن ينظر إليه من زاوية أنه من الطب الوقائي وليس من الطب العلاجي؛ لأن هدفه هو بناء علاقات جيدة بين أتباع الديانات المختلفة، ومساعدتهم أن يعيشوا بسلام وانسجام، وهذه ليست مهمة سهلة... وبهذا المعنى يمكن ألاّ يأبه لنتائج الحوار بين الأديان مثل الوئام بين أتباع الديانات المختلفة، وما ينتبه له هو الصراع وليس غياب الصراع، ورغم هذا فإن الحوار بين الأديان يمكن أن يساعد على المحافظة على السلم الاجتماعي"(ص2).

23)       انظر: خطاب المطران مايكل فتزجيرالد وكذلك المقابلة بعنوان "الحوار بين الأديان ليس سيارة إسعاف، نقاش حول التسامح الديني والصراع وترسيخ السلام"، يناقش كل من القس إيبس من مجلس الكنائس العالمي، فريق العلاقات الدولية، والدكتور طارق متري، والقس أوكو من مجلس الكنائس العالمي، فريق العلاقات والحوار الدولي هذا الموضوع مع كارين آشتيلستيتر من مكتب العلاقات والإعلام في مجلس الكنائس العالمي، من موقع http: //wccoe.org/wcc/news/press/01/07feat-e.html (تم تحميل المادة في 10 سبتمبر 2009).

24)       يصل هانس أوكو إلى خلاصة مفادها "من الحمق ألا نشرك العلاقات الدولية في استكشاف هذه المبادرات العالمية جميعها، وأعتقد أنه من الضروري أن يواجه الحوار بين الأديان والعلاقات الدولية جميعاً المظاهر ذات الصلة فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي -الفلسطيني"، ص4-5.

25)       انظر: أمين معلوف (198) وكذلك هانس أوكو الذي حرر كتاباً بعنوان "تغيير الحاضر، وتوقع المستقبل، نظرة ناقدة في الحوار بين الأديان، جنيف: مجلس الكنائس العالمي، 2006، 130-135، وانظر: كذلك الأعمال الشيقة للكاتب فيتزجيرالد بعنوان "الصراعات الإثنية والكنائس الأورثوذكسية: مقدمة" و"الكنائس الأورثوذكسية في عالم متعدد: حديث عالمي"، 139-147، وانظر: كذلك تسيتسيس "الإثنية والوطنية والدين، 248-258، وانظر: كذلك كلابسيس "الإثنية والوطنية والهوية" 159-173.

26)       كانت هذه مقابلة مع المطران الإكساندر مطران الكنيسة الأورثوذكسية في نيجيريا لوكالة الأنباء الكنسية رومفايا في أعقاب الأحداث المؤسفة التي حدثت في نيجيريا في مارس من عام 2010 والتي نجم عنها قتل عدد من السكان الأصليين من مسيحيين ومسلمين، وأضاف الأسقف "سنظل نناضل من أجل السلام والمصالحة, وتقبل الآخر كائناً من كان" مستقى من الموقع (وتم تحميل المادة في 8 مارس 2010):

http: //www.romfea.gr/index/php?option=com_content&view=article&id=4438: -q-q&catid=13

27)       حول الالتزامات التي قدمتها الكنيسة الكاثولوكية للحوار بين الأديان منذ انعقاد مجلس الفاتيكان الثاني فصاعداً يمكن الاطلاع على مقالة كتبها المطران فيتزجيرالد(1993)، 55-70، انظر: كذلك العرض الشائق (والذي يختلف عن توجهنا) لأعمال التبشير في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية في المقالة التي كتبها الكاهن في الكنيسة الكاثوليكية في اليونان الدكتور كونتيديس بعنوان "الكنيسة الكاثوليكية في القرن الـ 20" والمنشورة في مجلة تاريخ الأورثوذكسية، الجزء 8، 94-123، والإشارة هنا تحديداً للصفحات 107-112.

28)       حول الدراسات الإسلامية الرائدة والحوار بين المسيحية والإسلام انظر: العمل القيم الذي قدمه رائد الحوار والدراسات المسيحية-الإسلامية الأب موريس بورمانز (2009)، وانظر: كذلك بورمانز وآني لورين (2002).

29)       في معرض خطابه أكد البابا يوحنا بولس الثاني على التالي: "أن حقيقة أننا مجتمعون اليوم هنا لا يفرض علينا أن نبحث عن أي إجماع ديني بين أنفسنا، أو أن نتفاوض في معتقداتنا الدينية، ولا يعني أيضاً يمكن أن تكون الأديان متصالحة على أساس التزام مشترك بخطة وضعية قد تتخطى الأديان نفسها، ولا يعد أيضاً نوعاً من التنازل أو مقايضة المعتقدات الدينية المختلفة؛ لأن كل إنسان يجب أن يتبع بكل صدق وأمانه ما يمليه عليه ضميره بهدف البحث عن الحقيقة واتباعها، إن اجتماعنا هذا هو فقط إعلان-وهنا تحديداً تتجلى أهمية هذا الاجتماع بالنسبة للإنسان الحديث- ولهذا فإن على الإنسانية لكي تنتصر في معركة العظمى لسيادة السلام عن طريق فهم الآخر-عليها أن تغرف من المصادر العميقة والأكثر حيوية، من المكان الذي يتشكل فيه الضمير ومن المكان الذي تتولد فيه القوة الأخلاقية للإنسان". للاطلاع على النص الكامل للخطاب البابوي وفعاليات الملتقى, وكذلك قائمة المشاركين انظر: نص المجلس البابوي، 1987.

30)       في الملتقى الأول شارك ما يقرب من 250 من ممثلي الأديان منهم 17 من الكنائس المسيحية الأورثوذكسية، و14 من الكنيسة الأنجليكانية والبروتستنتية، و30 من العالم الإسلامي، وكان هناك أيضاً 10 حاخامات يهود وممثلون آخرون عن البوذية والشنتوية والجانيزية والسيخية والهندوسية والزرادشتية والكنفوشسية والأديان المحلية في أفريقيا، وقد سافر المشاركون من روما إلى أسيسي على قطار السلام, والتزموا جميعاً بالعمل على ترسيخ السلام, ونشر إيمانهم المشترك بأن العنف والإرهاب لا يتفقان مع الدين ولا مع تعاليم كل أديان العالم، انظر: إعلان أسيسي للسلام، مأخوذ من الموقع (تم تحميله في 15 مايو 2009):

http://www.vatican.va/holy_father/john_paul_ii/letters/2002/documents/hf...

31)       http: //www.wcrp.org/

32)       منقول من موقع:

http://www.oikoumene.org/en/resources/documents/executive-committee/boss...

33)       للاطلاع على العدد ومحتوياته انظر: حوار المرأة المسيحية والمسلمة يتبلور في الموقع http: //www2.wcc-coe.org/pressreleaseen.nsf/index/pr-08-82.html

34)       في الوقت الحالي قام معهد إيران للحوار بين الأديان بتصميم موقع على الإنترنت للتواصل مع أعضاء هذه المجموعة، انظر الموقع: على: http: //www.peaceandwomen.org/members/login.asp (تم الوصول إلى الموقع في 20 يونيو من عام 2009).

35)       للمزيد حول هذه المبادرة انظر الموقع: http: //www.ekklesia.co.uk/node/8209.

36)       أنج زياكا (2002، 2004) 15-104، www.anrthesses.com، انظر: كذلك للمؤلف نفسه "الحوار بين الأديان" في مجلة تاريخ الأورثوذكسية، الجزء 8، 534-561.

37)       تم نشر دراسة كاملة ومفصلة حول حوار البطريارك مع الإسلام في كتاب الدكتور زياكاس المعنون فناري 400 عام (2001) 575-725.

38)       انظر: زياكاس 254، وللاطلاع على المزيد في هذا الجانب انظر: المنشور الرسمي للبطريارك (1994) 331-337، (المؤتمر الدولي حول السلام والتسامح) ومجلة مركز الأورثوذكسية في شامبسي العدد 504 (1994).

39)       انظر: بيان هذا المؤتمر على موقع مؤسسة نداء الضمير، (الوصول للمادة في 10 يونيو 2009).

http: //www.appealofconscience.org/news/article/cfm?id=100044

40)       انظر: أورثوذكسيا (1994) 885 و889-890، التي تجد فيها رسالة البطريارك باللغة الإنجليزية، وانظر: كذلك زياكاس 272-273.

41)       انظر: أورثوذكسيا (1998) 119، رسالة البطريارك في صفحة 122-123، وانظر أيضا: بيان ممثلي هذه الأديان الثلاثة باللغة الإنجليزية، وانظر: كذلك إيبيكيبسيس "مؤتمر اليونسكو في المغرب من أجل الحوار بين الأديان التوحيدية الثلاثة".

42)       انظر: أورثوكيسا (1999) 111-112.

43)       للاطلاع على تقرير مفصل عن هذه الأنشطة التي يقوم بها البطريارك انظر: زياكاس المشار إليه آنفاً 278-292، يعدّ التقرير موضوعات زيارة البطريارك إلى البطرياركية القديمة في الشرق والعالم الإسلامي دعوة رسمية، ولقاءه مع رئيس البرلمان الأوروبي جاك ديلور وخطابه في مقر البرلمان الأوروبي ومشاركته في الجمعية العامة السادسة للمؤتمر الدولي حول الدين والسلام الذي عقد في ريفا ديل جاردا- إيطاليا في عام 1994 كلها دعوات مفتوحة للحوار، للمزيد من المعلومات انظر أيضا: "زيارة البطريارك إلى البطرياركية الأورثوذكسية في الشرق الأوسط" إبيسكيبسيس، 492 (1993) 2 -5، انظر: كذلك أورثوذكسيا (1994) 117-121، وقد نشرت تفاصيل زيارة البطريارك إلى الشرق في مجلة إيرينكون 66 (1993) العدد (2)، 239-241.

44)       وقد كتب الشخصية الرئيسة في هذه الحوارات عدداً من الدراسات والمقالات حولها، انظر: على سبيل المثال "الحوار الأكاديمي المسيحي الإسلامي" 1994، 167-192.

45)       انظر: موقع البطرياركية، (الحصول على المادة بتاريخ 18 مارس 2009).

http: //www.ec-patr.org/dodisplay.php?lang=gr&id=303&tla=gr

46)       حول هذا الموضوع انظر: زياكاس، 293-308.

47)       انظر: ستاثوكوستا، علاقات اليونان مع مجلس الكنائس العالمي 1948-1961، أطروحة دكتوراه قدمت في جامعة أرسطو في ثيسالونيكي 1999.

48)       للاطلاع على برنامج المؤتمر انظر: موقع أكاديمية الدراسات اللاهوتية في متروبولسديمترياس، وتم الوصول إلى المادة في 10 مارس 2009.

http: //www.acadimia.gr/content/view/1/44/1/7/lang.el/

49)       جورج خضر "المسيحية في عالم متعدد: اقتصادية الروح المقدسة" في الكتاب الذي حررته سمارثا ستانلي بعنوان "الديانات الحية والحركات الكنسية العالمية" جنيف-سويسرا مجلس الكنائس العالمي 1971، 131-142، وكان عنوان محاضرة جورج مسوح هو " الحوار بين المسيحيين والمسلمين في الشرق الأوسط".

50)       ممثلية الكنيسة الأورثوذكسية الروسية لدى المؤسسات الأوروبية http: //www.orthodoxeurope.org/ (الوصول للمادة بتاريخ 18 مارس 2009)، وتوجد مجلة علمية خاصة بالكنيسة الأورثوذكسية الروسية والتي بدأت بالصدور في نوفمبر 2002، كما أن "النشرة الأوروبية" هي في الوقت نفسه نشرة الأخبار الخاصة بالكنيسة الأورثوذكسية وكذلك بالأنشطة المتعلقة بالحوار في إطار المسيحية وخارجها مع الديانات الأخرى، وتهدف هذه النشرة أساساً إلى توفير معلومات عن أنشطة مكتب الكنيسة مع الاتحاد الأوروبي وأنشطة الملتقيات بين الثقافات وبين الأديان التي تنظمها الكنيسة بالاشتراك مع الاتحاد الأوروبي ومشاركاتها في هذه الاجتماعات، يمكن الحصول على المواد المنشورة في الأعداد من 141 إلى الآن الكترونياً من الموقع:  http: //orthodoxeurope.org/section/14.aspx

المصدر: http://tafahom.om/index.php/nums/view/4/76

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك