دراســة في كلمــة (المثل) في القرآن الكريم

عبدالباقي يوسف

 

للقرآن الكريم أثره الجلي على سائر ألوان وأجناس الآداب والفنون الإنسانية بشكل عام، بحيث يمكنني أن أصنف هذه المنجزات الفكرية الإنسانية إلى مرحلتين انعطافيتين: مرحلة ما قبل نزول آي القرآن، ومرحلة ما بعد النزول.. فإذا نظرنا إلى الآداب والمناهج الفكرية الإنسانية التي اتسمت بالنبوغ، نراها لا تتمتع بالمزايا التي تمتعت بها في مرحلة ما بعد انتشار القرآن الكريم في الناس، وهذا أمر طبيعي في مواكبة الفكر والمنجز ومحطات تطور العبقرية البشرية لأسباب وعوامل ومستجدات التطور.

 

لقد حصل هذا الانتقال مع سائر الكتب السماوية، فازدهار الآداب مرّ بمراحل انتقالية مع كل رسالة سماوية، إلى أن انتهت بالمرحلة الانتقالية الانعطافية العظمى الأخيرة مع رسالة خاتم الأنبياء والرسل.

 

لقد مرّت هذه الآداب بمراحل انتقالية تطورية على أيدي أشخاص اتسموا بقمم العبقرية والنبوغ البشري، من مختلف الحقب الزمنية والبقاع الجغرافية، ويمكن أن يُقرن عصر بأكمله باسم أديب ترك بصمة وأثراً على تحسين الإنسانية نحو الرقي. بيد أن ذلك لا يكون بالمستوى المتقدم الذي تحققه الرسائل السماوية. من هنا يمكن القول إن القرآن أحدث هذا الازدهار الأكبر والأهم في تاريخ نبوغ الفكر البشري، إذ ليس من أحد على الإطلاق يمكن أن يدّعي أن القرآن لا يعنيه بشيء، لا من قريب ولا من بعيد، ويعيش في العالم كما لو أنه لم ينزل فيه القرآن، فليس من أحد يمكنه الاستغناء عن القرآن منذ نزوله، ذلك أن الناس جميعاً يجدون حاجاتهم، وكذلك تاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم، في صفحات هذا الكتاب.

 

الآن، ونحن في قمة الانفتاح التكنولوجي، يمكننا ملاحظة فعّالية القرآن في مسير هذا الانفتاح، إلى درجة أننا نراه بطل هذا الانفتاح، ومسهم هام في تكامله وتواصله واستمراريته، إذ ينير معظم قنوات التواصل في الناس في رحابة العالم أجمع، وليس من شخص في رحابة العالم مهما تعالى موقعه، وعظمت مسؤوليته، يمكنه أن يستغني عن عالم الإسلام، أو يدعو إلى قطيعة عنه، والأمر ذاته بالنسبة لأهل المسؤولية في ديار المسلمين، إذ ليس من شخص يمكنه أن يدعو إلى قطيعة عن سائر العالم غير الإسلامي، أو يمتنع عن زيارة ديار عباد الله في أرضه الواسعة.

 

إذن، العالم كله يتلاقح ببعضه البعض، ويتصل ببعضه البعض، ويحقق الديمومة والألق الفكري والتطور الإنساني من خلال بعضه البعض، الذي هو كالجسد الواحد، إذا مرض منه عضو واحد، تداعت له بقية الأعضاء بالسهر والحمّى، كما يصف النبي "صلى الله عليه وسلم".

 

ليس بوسعك بأي حال من الأحوال أن تنعم بطعام طيب موفور، وجارك إلى جانبك يتضور جوعاً.

 

إن المتقدم يدفع عن المتأخر ضريبته، عندما لا يتوفر لدى المتأخر ما يمكن له أن يدفعه نتيجة تأخره.

 

للمثل على هذا، يمكننا أن نرى مثل هذه الظواهر عندما نجد شخصاً مهمشاً في بلدة آمنة متقدمة، ينعم أهلها برغد العيش، ودفء المسكن، وحرية القول والعمل والمعتقد، يقوم هذا الشخص المهمّش بإفساد حياة هذه البلدة عليها، وإزعاج سكانها في أمنهم ودفئهم، وهو يقدم على عمل شائن يؤذي أطفالاً في مدرستهم، أو متنزهين في نزهتهم، أو عمالاً في مصنعهم، أو ركاباً في حافلتهم.

 

إذا نظرنا إلى سائر الذين يقومون بأعمال شائنة، سواء في جنبات مجتمعاتهم، أو في جنبات غير مجتمعاتهم، سنجد شيئاً من الانحراف في سلوكهم، نقع على شيء من نمط التهميش الذي يمضون في دركه الأسفل، أو الفاقة، أو الجهل في شخصياتهم، إذ ليس من كائن طبيعي سوي متمتع بسوية علاقات المجتمع أن يقدم على قتل أطفال في مدرسة، أو يطلق الرصاص بشكل عشوائي في أناس يتسامرون في ملهى، أو اختطاف ضيوف يتسوحون ويلتقطون صوراً تذكارية.

 

إن المثل الذي ضربه نبي الإسلام يعطي تصوراً عن عائلية المجتمع الإنساني المتماسك، ولذلك كان يقول: أوَليست نفساً؟

 

إن الجسد هنا هو جسد الإنسان، والنفس هي نفس الإنسان، ذلك أن رسالة القرآن هي رسالة إنسانية عالمية شاملة، أكثر مما هي رسالة مكية، أو مدنية، أو لغوية، أو عرقية. إنها موجهة للعالم على أنه جسد واحد، إذا مرض منه عضو، تداعت له بقية الأعضاء بالسهر والحمّى.

 

عندما ننظر إلى حيّ، مؤلف من مئة بيت - على سبيل المثال - يقطنه طبيب، ويقطنه لص، نرى أن سائر سكان الحي ينتفعون من الطبيب، بمن فيهم سكان بيت الطبيب، وسائر سكان الحي يتأذون من اللص، بمن فيهم سكان بيت اللص.

 

إن قرية متأخرة ظلامية، تلقى النفع من قرية متقدمة مستنيرة، وقرية متقدمة مستنيرة، تلقى أذى من قرية متأخرة ظلامية، إذ ليس بوسع أحد الفصل بين عوامل التأثر والتأثير بين سكان القريتين، حتى لو كانت قرية تعيش في أقصى شرق المعمورة، وقرية تعيش في أقصى غربها. لذلك نرى أن العالم كله منشغل بقضايا بعضه البعض، وهو حقيقة الأمر يحب بعضه البعض، ويتآلف ويتآزر ويتكاتف، ويتأنسن مع بعضه البعض. إنه يقدم خدمات متأصلة لبعضه البعض. ومن الضفة المقابلة، علينا أن ندرك جيداً أنه ليس بوسعنا أن نستثني نزعات البغض والحقد والعدوان، من بعض نماذج حقب التسلسل الزمني الإنساني منذ فجر الإنسان. بوسعنا أن نذكر أسماء طغاة، وسفاحين، وقطاع طرق، لكن أسماء الأنبياء، والرسل، والصديقين، والمبدعين، وأهل الخير، والعمار، والحب، والصلاح، تفوق بدرجات متقدمة أسماء أولئك، فكان من الطبيعي أن تمضي مسيرة عمار وبناء الأرض والإنسان.

 

أحداث وشخصيات القرآن الكريم محور المثل

 

إن أحداث وشخصيات القرآن، هي أحداث وشخصيات التاريخ الإنساني، فنرى فيه أهل النبوة، والحكمة، والصدق، والعدل. إلى جانب أننا نرى أهل النقيض، وهم أناس من أبناء جلدة الإنسان، وليسوا من كوكب آخر، أو ينتمون إلى جنس آخر.

 

إنهم يشكلون مرتكزات تاريخنا وتطورنا وتحولاتنا الاجتماعية والمعرفية والفكرية. لذلك فإننا نحتاج أن نقرأ القرآن، لأننا بدونه لا نستطيع أن نتواكب، أو نتطور، أو نفعل شيئاً مجدياً في عمارة الحياة والإنسان، يمكن أن نضيفه إلى تراث منجزات أجدادنا، أولئك الذين يظهرون بجلاء على صفحات هذا القرآن المجيد.

 

من هنا كان أثر القرآن جلياً على مسيرة الفكر الانساني، وقد اغتنى وخصب وتألق هذا الفكر بنور القرآن، كما لم يتألق من قبل.

 

لقد خرّج القرآن أجيالاً من أهل العلم والأدب، والفن، والفقه، والفلسفة، والفكر، والسياسة، والطب، والفلك. فأخذ الناس يحفظون ويتداولون آيات القرآن بشيء من ضرب المثل، ذلك أن القرآن قد أولى المثل منزلة هامة، وقد حضر المثل بشكل جلي في كثير من الآيات القرآنية، مثل قوله: [مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ] البقرة/17،[مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ] الرعد/35،[قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً] الإسراء/88،[وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئْتَهُم بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ] الروم/58،[كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ] الحشر/16،[مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ] الجمعة/5،[وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ] الزمر/27، [وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ] البقرة/171،[مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ] هود/24،[ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ] النحل/75،[وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ] النحل/112،[ضَرَبَ لَكُم مَّثَلاً مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ] الروم/28،[سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ] الأعراف/177.

يتبيّن هنا أن الله تبارك وتعالى بعزته وجلاله، يضرب الأمثال للناس، كمثل قوله: [وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ] النحل/76.

 

يمكن أن يتخذ شخص ما من هذه الآية مثلاً لشخص، لا موقف، ولا رأي، ولا مقدرة، ولا شخصية لديه، ويتخذه لشخص على النقيض، وذلك في جمع أو مجلس من الناس، دون أن يذكر اسماً بعينه، إنه يتحدث بصفة العموم، بيد أنه يشير إلى شخص بعينه.

 

المثل هنا هو لغة تخاطب رمزية، تجنباً للصدام المباشر، أو للحرج.

 

إن أهمية المثل تكمن في لغته الرمزية التي تنطبق على أشخاص بعينهم دون ذكرهم بالاسم، وهنا يبقى المثل مفتوحاً وقابلاً لإنسان أي زمان ومكان، فالمثل مهما بلغ من قِدم، يستمد تجدده من الحدث الجديد والواقع الجديد.

 

إنه كاللغة التي يتخاطب بها الناس عبر التاريخ والتسلسل الزمني، ويتفاعلون ويتواصلون من خلال ملفوظها.

 

لقد أخذت الثقافة الشعبية الشفاهية الكثير من الأمثال من القرآن الكريم، وأضافتها إلى قاموس المثل الشعبي الشفوي، فكان لها القبول والذيوع الواسع في سائر أنحاء العالم.

 

إنها أمثال مقتبسة من آيات القرآن، وهي بذلك تعد شكلاً من أشكال التواصل مع قراءة القرآن، وكذلك دعوة إلى قراءة القرآن واكتشاف كنوز جديدة فيه.

 

عندما يُصاب امرؤ بمكروه، يقول له أحدهم، وهو يسعى للتخفيف عنه: [وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم].

 

إن ما يميز المثل القرآني هو غنى وسعة معانيه ومقاصده، فهنا، رغم خطاب التهدئة والقبول بما قدّر الله وشاء، دعوة إلى الصبر، لأنك لا تكتشف الخير من الذي ظننته أّذى، ومقته، إلاّ بعد شيء من الزمن لتظهر وتينع زهوره.

 

على هذا النحو يدرّبك هذا المثل القرآني على اتباع سلوك الصبر والتأني، لأن: "في الصبر السلامة، وفي العجلة الندامة"، فيغدو الصبر منهاجاً لسائر مقومات حياتك، فتكتسب من ذلك روح الحكمة، حتى ترى كل شيء يمضي في منهج صحيح، وتتقبّل ما يواجهك بحكمة واتزان وإيمان بقضاء الله وقدره، فإذا شبّت النيران في بيتك، تهدّئ من روع نفسك، وتتقبل الحادث، لأنك ربما - لولا ذلك - لمددت سبابتك لتنير المصباح، ولصعقك التيار الكهربائي، فتقول في قرارة نفسك: الحمد لله الذي نجاني، أو نجا أحد عيالي، فغدا المال قرباناً للإنسان.

 

على هذا النحو يمضي بك المثل القرآني، إذا سرق أحدهم محفظتك، أو فُصلت من رأس عملك، أو عطبت حاجة في منزلك، فتقول: [فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ َ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً] النساء/19.

قد يتدخل جار سوء في شأن حياتك ومنزلك، فتكظم غيظك، فيغفر الله لك ذنباً عظيماً ارتكبته، لا يغفره الله تعالى إلاّ لكاظمي الغيظ. إن جار السوء - ذاك - قد تسبّب في أن جعلك تحظى بتلك المنزلة عند ربك، ولو كنت رددت عليه بالمثل، لحرمت نفسك منزلة الأولياء، والصالحين، وكاظمي الغيظ، والمحسنين عند ربهم، فتقول: ليت الله قد جعل لي جارين سيئين بدلاً عن جار واحد، فتمضي في أرض الله وناسه، وأنت تتأمل مجريات الحياة، ووقائع الناس، ممتلئاً بكنوز المثل القرآني البليغ، فتردد ما حفظت ذاكرتك من آيه: [كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَة]، [لا يُكَلّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها]، [لَنْ تَنالُوا البِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّون]، [ما عَلى الرَّسُولِ إِلا البَلاغُ]، [قُلْ لا يَسْتَوي الْخَبيثُ وَالطَّيّب]، [لِكُلّ نَبَأٍ مُسْتَقَرٍ]، [وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيراً لأسمَعَهُمْْ]، [ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيل]، [الآن وَقَدْ عَصَيْتَ قبلُ]، [أَلَيْسَ الصُّبحُ بِقَرِيب]، [قُضِي الاََمْرُ الَّذي فِيهِ تَسْتَفْتِيان]، [الآن حَصْحَصَ الحَقّ]، [قُلْ كُلّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِه]، [ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداك]، [ضَعُفَ الطّالِبُ وَالْمَطْلُوب]، [كُلُّ حِزبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُون]، [ظَهَرَ الْفَسادُ فِي البَرّ وَالْبَحْر]، [وَقليلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُور]، [وَحيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُون]، [وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبير]، [وَلا يَحِيقُ المَكْرُ السَّيّءُ إِلا بِأَهْلِهِ]، [وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِىَ خَلْقَهُ]، [لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُون]، [وَقَليلٌ ما هُمْ]، [لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ الله كاشِفَة]، [هَلْ جَزاءُ الإحْسان إِلاّ الإحْسان]، [فَاعْتَبِرُوا يا أُولي الأََبْصار]، [تَحْسَبُهُمْ جَميعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتّى]، [كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَة]، [كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا]، [هذا فراقُ بَيْنِي وَبَيْنِك]، [نُورٌ عَلى نُور]، [وَما عَلى الرَّسُولِ إِلاّ البَلاغ]، [هَلْ يَسْتَوي الّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالّذِينَ لا يَعْلَمُون]، [يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيدِيهِمْ]، [هَلْ جَزاء الإحْسانِ إِلاّ الإحسانُ]، [لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُون]، [لَكُمْ دِينُـكُمْ وََلِي دِين].

 

خصائص ظهور المثل في القرآن:

 

أولى القرآن الكريم منزلة متقدمة للمثل، فكان له حضوره في الكثير من الآيات القرآنية. والمثل كالجسر الذي يوصل المعنى إلى قارئ القرآن. ويمكننا أن نتعرف على شرح المثل، على معناه، على مفهومه، على المقصد منه، على ما له من تأثير، وما يؤدي من وظيفة.

 

المثل في القرآن هو عنصر هام، بل يشكل إحدى مقومات الكتاب الكريم، ولذلك نرى حضور المثل بالغاً، ويتكرر ذكره من سورة إلى سورة، ومن آية إلى آية. إنه يشبه أداة الوصل بين القرآن وبين القارئ.

 

المقصد من ضرب المثل في القرآن [إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها]، هو التعقل، والتدبر، والتفكر.

 

المثل هنا يمنح فسحة للتعقل وأخذ العظة: [وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون] الحشر/ 21.

 

عندما نقرأ القرآن قراءات تأملية تدبرية، نستنير بكيفية استخدامه وتوظيفه للمثل من أجل إبلاغ المراد.

 

مَثَلُ الشيء هو شبيهه، وتشبّه الشيء بشبيهه يفرز مثلاً يُقتدى به.

 

في القرآن الكريم يُشبّه الأمر بما هو قريب من التساوي به في معطيات عديدة، فيتحقق المثل من خلال المقارنة بين عنصرين يتمتعان بالعديد من الصفات المتشابهة، أو المشتركة.

 

المثل هنا هو تحفيز للمخيلة نحو التفعيل والتنشيط والتصوير والتخيل، بغية رسم صورة متقارنة بين العنصرين وصفاتهما، عندئذ يستطيع القارئ أن يستخرج من المثل ما يكون له عظة.

 

يستخدم الناس بعض الآيات القرآنية في ضرب الأمثال، كي يتبيّن الرشد من الغي.

 

إن تداول الناس لهذه الآيات يجعلهم يشعرون بشيء من الهدوء، والعظة، واستيعاب ما يقع فيهم، أو من حولهم من وقائع وأحداث، وهي تكتسب خصوصية رفيعة كونها آيات من كتاب الله.

 

المصدر: http://alhiwarmagazine.blogspot.com/2014/04/1-2.html

الأكثر مشاركة في الفيس بوك