منهج البحث العلمي في الإسلام

للشيخ إبراهيم السلقيني

 

بزغ فجر الإسلام فوجد الناس قد انصرفوا عن العلم فانصرف العلم عنهم, وخاصة العرب منهم, فتخلف الناس نتيجة لذلك, وتأخروا في كل ميدان، لذلك كان ابرز ما جاء به الدين الإسلامي ودعا اليه تعلم العلم وتعليمه..

فقد رفع الإسلام من قدر العلم كثيرا، كان ذلك منه في عصور سادتها الجهالة وقد جاءت آيات وأحاديث كثيرة تحث على العلم وتبين فضله, وترفع من شأن ذويه, وحسبك تقديرا للعلم أن أول ما نزل من القرآن الكريم قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[1] . ولقد ذكر اسم العلم معرفة ونكرة في عشرات الآيات من القرآن الكريم تناهز المائة وهو يطبق على علوم الدين والدنيا, لا تقف عند حد, ولا تنتهي عند نوع خاص من المعرفة، فمن العلم المطلق قوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}[2] أي لاتتبع ما ليس لك به علم يثبت عندك بالرؤية البصرية, وبالروايات السمعية أو البراهين القطعية, فإن الله تعالى يسألك عما أعطاك من آلات هذا العلم ولقد جعل الله تبارك وتعالى العلم مقياس التفاضل بين الناس وبه ترتفع أقدارهم فقال سبحانه: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[3]

ذلك لأن الشخصية الإنسانية لا يقومها ولا يرقيها شيء غير العلم, لذلك حكم الله سبحانه أن أهله يمتازون عمن سواهم, ثم  ترى القرآن الكريم في آية أخرى يصرح بأن العلماء لهم درجات عند ربهم وميزات يخصهم بها, قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[4] كما أنه سبحانه أاعتد بشهادة أهل العلم في وحدانية فقال سبحانه: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ}[5] ومن ناحية أخرى نزل القرآن الكريم يسجل على الذين لا يعلمون حكما لا يرضاه ذو إدراك لنفسه: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[6]  كذلك يقول تعالى راداعلى المستبدين:{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}[7]  وذلك حتى يخففوا من كبريائهم ويعدوا أنفسهم لتلقي نقد الناقدين, ويطلب القرآن من المؤمن أن يكون دائما في استزادة من العلم {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً}[8] ويبين القرآن الكريم أن الإنسان مهما ضرب في ساحات العلم فإنه لا يزال في البداية: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}[9] ولم يكن العبد الصالح الذي ذكر في سورة الكهف متبوعا وسيدنا موسى تابعا إلا أنه حظي بهبة العلم من الله الواسع العليم قال تعالى: {فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً}[10] .

وقد بين الله سبحانه سبب اختيار طالوت ملكا على بني إسرائيل رادا على من اعترض: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ}[11] .

فأولاد يهوذا أغنياء و طالوت من الفقراء فأرادوا أن ينازعوه الملك فرد عليهم الله سبحانه إن الملك ينال وترقى سدته بالعلم رمز القوة المعنوية، والجسم رمز القوة المادية.

ولقد بين صلى الله عليه وسلم أن التنافس لا يكون إلا بالعلم ففيه ليتنافس المتنافسون، والتسابق لا يكون إلا على تحصيل المعرفة فعليه ليتسابق المتسابقون، لأن الخير كل الخير في العلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقه في الدين"[12]وأن العلم المقرون بالعمل والعبادة يرفع الله صاحبه منزلة لا تعلوها منزلة هي منزلة الرسالة والنبوة من ناحية الفضل لا من ناحية الوحي والتشريع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدنى رجل منكم"[13]. كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم بين أن الأنبياء عليهم السلام تركتهم أسمى من المال وورثهم أفضل الوارثين, العلم تركتهم, والعلماء ورثتهم ومن ورث العلم الصحيح الذي يرشد إلى الخير ويهدي من ناله سواء السبيل فقد فاز وكان من المفلحين عن أبي الدرداء أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن العلماء ورثة الأنبياء, وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما, إنما ورثوا العلم, فمن أخذه أخذ بحظ وافر"[14] كما يعتبر الإسلام التعليم إجباريا، قال عليه السلام: "طلب العلم فريضة على كل مسلم"[15] فطلب العلم فريضة لا تقتصر على مراحل الطفولة والمراهقة بل من المهد إلى اللحد والعلوم في نظر الإسلام نوعان:

أ- علوم هي فرض عين:

كتعلم أمور العقيدة والعبادة على القدر الذي تصح فيه وتعلم حسن المعاملة, وحدود المنكرات, وتعلم العلوم المسلكية لكل فرد كتعلم شؤون التجارة وأحكامها للتاجر, والزراعة للزراع..[16] الخ.

ب- علوم فرض كفاية:

بقية العلوم الأخرى, كالطب والهندسة و الكيمياء والكهرباء والذرة والعلوم الصناعية والحربية وهذا يدل على ضرورة التخصص فإذا لم يتخصص أحد من المسلمين أثموا جميعا, مما يقود إلى توفير المختصين في كل المجالات الحيوية.

وإذا كان طلب العلم فريضة فتارك العلم تارك لفريضة فرضها الله ومن البديهي أن تارك الفريضة له عقوبته عند الله سبحانه, أما العقوبة الدنيوية لتارك التعليم فقد ذكرها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عندما سمع بقبيلتين متجاورتين إحداهما عالمة والأخرى جاهلة لا تقوم الأولى بواجبها من تعليم العلم, ولا تقوم الثانية بواجبها من تعلم العلم إذ صعد المنبر وخطب الناس وقال: "ما بال أقوام لا يعلمون جيرانهم, ولا يفقهونهم, وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون, والله ليعلمن قوم جيرانهم, وليتعلمن قوم من جيرانهم أو لأعاجلنهم العقوبة"[17] فقوله صلى الله عليه وسلم أو لأعجلنهم العقوبة يشير إلى العقوبة الدنيوية, أما ما هي هذه العقوبة؟ما نوعها؟وما مقدارها؟فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبينها فهي خاضعة إذاً لمبدأ التعزير يقدرها الحاكم يما يصلح أحوال الناس.

وإننا لنلحظ أن الإسلام أول نظام في العالم يفرض العلم فرضا ويعاقب من لا يتعلم, إن هذا النظام لم يصل إليه أبناء القرن العشرين مع ما يدعون من مدينة ومن شعارات براقة زائفة.

كما أن التعليم في الإسلام مجاني فقد أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم المعلمين إلى القبائل يبذلون العلم مجانا وكذلك سار على هذا الهدي علماء الإسلام الأجلاء وأئمة المسلمين فهذا الإمام مالك رضي الله عنه يجلس في المسجد ليعلم الناس دون أن يتقاضى على ذلك أي أجر وهذا سعيد بن المسيب وأبو حنيفة و الأوزاعي وغيرهم... وغيرهم لم يعهد عن أحد منهم أنه أخذ أجرا, وإن افتى العلماء بجواز أخذ الأجرة مقابل التفرغ للقيام بأعباء التعليم.

ولم يكتف الإسلام بكل ذلك بل بنى أصوله على العلم الصحيح والتفكير السليم فالعقيدة تقوم النظر لا على التقليد أو الهوى فالطريق الموصل إلى الإيمان بالله عز وجل هو التأمل في ملكوت السموات والأرض والاعتبار بما في كتاب الكون من آيات ناطقة بقدرته تعالى وعظمته: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرض لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[18] كما يأمر الإسلام بالحذر من الظنون والأوهام ويعلل ذلك بأنهما من الأسباب التي أدت إلى تضليل الناس وإفساد نفوسهم: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرض يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ}[19] ويقول سبحانه: {إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً}[20]. والقرآن يأمر بالاعتماد على العلم اليقيني لا على الأهواء والأوهام وينعى على أقوام غامروا بعقولهم في متاهات من الظنون و الأهواء التي من شأنها أن تغطي الحقائق بدلا من أن تكشف عنها: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ}[21] وقال سبحانه: {وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ}[22] .

والإسلام دين الحجة و البرهان فهو يأمر بألا يقبل الإنسان شيئا على أنه حق إلا اذا أقام عليه البرهان:{وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[23]

ولا يجوز الإيمان بشيء إلا ببرهان فإذا سئل المؤمنون عن معتقداتهم لم يتلعثموا في الجواب كما هو شأن المقلدين الذين لا ينظرون فيما يلقى اليهم نظر تمحيص: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُون}[24] ويقول تعالى مطالبا المشركين بالبرهان مطالبة تعجيز {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[25]

كما أن الإسلام عدو التقليد الأعمى فهو يشدد النكير على أناس كانوا يتمسكون بالرأي لا لأنهم عقلوه ولكن لأن آباءهم فعلوه {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ}[26] والقرآن ينفر الشعوب من التقليد الأعمى للقادة:{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ}[27] 

والقرآن لا يكتفي بالنهي عن التقليد للآباء والانقياد الأعمى للقادة والزعماء بل دعى للأخذ بالأحسن {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ}[28]

وهكذا أضفى الإسلام الصفة الدينية على البحث عن الحقيقة العلمية سواء أكانت من نوع الخبر أو من نوع الإنشاء وبديهي أن القيام بهذه المهمة يتوقف على وضع منهج للبحث ومعلوم أنه بقدر ما يكون المنهج صافيا سليما تكون الغاية صحيحة سليمة.

لذلك لا غرابة إذا رأينا أن الإسلام يرفع من شأن العقل ويأمر باستخدامه في قضايا الحياة الصغرى منها والكبرى وجعل الذين يحكمون[29]. عقولهم ويستنفدون طاقات تفكيرهم في كشف حقائق الحياة و اكتناه أسرارها وحدهم أهلا لأن يوجه إليهم الخطاب وأما أولئك الذين أوقفوا حركة العقل وأوصدوا في وجهه باب المعرفة فليس لهم من شرف الإنسانية حظ ولا من كرامة البشر نصيب وإذا استعرضنا ما جاء في القرآن الكريم وحده في معرض الثناء على العقل أو في سياق الحث على إعماله والنهي عن إهماله وجدنا أنه قد ذكر في القرآن الكريم وحده ما يقرب من سبعين مرة, فالشرع لم يتبين إلا بالعقل والعقل لن يهتدي إلا بالشرع والحقائق العلمية إما أن تكون فكرية محضة وإما أن تكون مستندة إلى الحواس.

أولا: الفكرية المحضة

كثير من الحقائق لا يتوقف إثباتها على الحواس بل يكفي في إثباتها الفكر وحده دون حاجة إلى تأييدها بمشاهدة أو تجربة, ومن هذه الحقائق ما يسمى (بالبدهيات) وهي القضايا التي إذا عرضت على العقل السليم كان مجرد عرضها كافيا في إثباتها والتسليم بمقتضياتها فهي في غنى عن أن يبرهن عليها مثل الواحد نصف الاثنين, و الضد ان لا يجتمعان والأثر لا بد له من مؤثر وما شابه ذلك.

وهذه الحقائق البديهية هي الأساس في إثبات القضايا العقلية المحضة ولولا هذه الحقائق البديهية الفطرية المودعة في كل نفس لما استطاع الإنسان الوصول إلى حقيقة عقلية, إذ لا بد للإنسان في طريق وصوله إلى حقيقة عقلية من أن يستند إلى هذه البديهيات وأن يجعلها العماد الذي يرتكز عليه  في حياته العقلية.

ثانيا- الفكرية المستندة إلى الحواس أو التجربة: هناك نوع من القضايا العلمية اليقينية ما يكون الفكر فيها وسيلة فقط وهو مفتقر في إثباتها إلى أن يستند إلى الحس أو التجربة, مثل المعادن تتمدد بالحرارة, والماء مركب من الأوكسجين والهيدروجين, والحديد جسم صلب والحرير ناعم, وما شابه ذلك وهذه الحقائق وإن كانت لها مكانة معتبرة في الاستدلال لكنها لا تبلغ من حيث التقويم منزلة القسم الأول في الاستدلال ذلك لأن الإدراك الحسي قد يعتريه الخطأ كمن هو مصاب بمرض عمى الألوان فقد يحكم على اللون الأحمر بأنه أصفر أو بالعكس ومن أسباب الخطأ الضلال ويكون بسبب التفسير الخاطئ الناجم عن الحالة النفسية للشخص فالخائف ينظر إلى ظل شجرة فيحسبها شخصا يتربص به, أو يرى ثوبا معلقا فيتوهمه شبحا ينقض عليه, والتجربة إنما تبرهن عن نفسها في الماضي والحاضر فقط أما في المستقبل فلا تستطيع أن تثبت نفسها فيه, لأن التجربة مبنية على أن شيئا ما قد تكرر على شكل معين, ومن تكراره فقط نشأت علميته, والتكرار إنما كان في الماضي ويمكن التأكد منه في الحال أما في المستقبل حال كونه مستقبلا فلا يمكن التكرار فيه لأنه لم يأت, وإذا جاء وأمكن التكرار فيه أصبح ماضيا, ومن الممكن أن تنحل القضايا التجريبية في يوم من الأيام بتجارب أخرى جديدة, ولكن ليس في الإمكان أن ينحل دليل عقلي منطقي. قال ستيوارت ميل الفيلسوف الإنكليزي وهو من أكبر علماء المذهب التجريبي: إنه وإن كانت بعض التجارب غير منحلة وغير منتقضة فليست كل تجربة ممكنة الإنحلال والانتقاض. على أن ذلك لا يكون طاعنا في الدليل المستند إلى الحسن والتجربة بل ليتبين عند التقويم ما للقضايا الأخرى, ثم إننا من جهة أخرى نجد أن العقل وحده هو الذي يفسر التجربة والمحسوس ويستخرج منهما المعنى الذهني, وهما ليسا بشيء بدون العقل فالإحساس بدونه أمي والتجربة بدونه خرساء.

واستخراج المعنى وتحقيقه إنما يكون بفضل العقل وحده, فالحقائق الحسية متوفقة توقفا تاما على الحقائق العقلية ومن الخطأ الفادح أن نجعل القيمة الكبرى في الاستدلال للحقائق الحسية والتجريبية وأن نهمل القضايا الذهنية العقلية بعد كل ذلك نستطيع أن نتبين الأسس التي يقوم عليها المنهج الصحيح.

لقد رسم القرآن الكريم منهجا لاكتساب الحقائق العلمية وهذا المنهج لا يمكن الاستغناء عنه لكل باحث عن الحقيقة العلمية ويمكن تلخيص هذا المنهج بما يلي:

أولا- أن أية قضية من القضايا لا يمكن إثباتها بمجرد دعواها بل لا بد أن تكون مستندة إلى دليل يدعمها وبمقدار صحة الدليل و قطعيته تكتسب القضية الصحة و الثبوت وهذا ما صرح به القرآن الكريم في مواضع مختلفة منها قوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[30]

ولكل قضية من القضايا ولكل نوع من الدعاوى نوع من الأدلة العلمية يناسبها, فالدعاوى المتعلقة بطبائع الأشياء المادية يستدل عليها بالبراهين التجريبية المحسوسة والدعاوى المتعلقة بالمجردات لا يقبل معها إلا براهينها المسلمة والدعاوى المتعلقة بحقوق الأفراد والجماعات لا يقبل فيها إلا الشهادات المثبتة لها وهكذا لا تصبح القضية حقيقة علمية إلا بوجود الدليل المناسب لها.

ثانيا- أن الواجب على الباحث أن يفرق أثناء عملية الاستدلال بين الدليل اليقيني وبين الدليل الظني ومادون الظني, وبين النظرية في العلوم والحقيقة العلمية فالدليل اليقيني وحده الذي يصح الاعتماد عليه في الأصول من العقائد[31] والأحكام وهذا ما جاء به القرآن الكريم في كثير من الآيات منها: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً}[32] . أما العقائد عامة والأحكام العملية فيكفي الاستدلال لها بالأدلة الظنية كأخبار الآحاد والقياس.

ثالثا- لابد للباحث من طرح التقليد الأعمى وهو أكبر خطر على الوصول إلى الحقائق واكتشافها بل هو المعول الهدام لصرح العلم الصحيح ولقد كان بين الإسلام وبين التقاليد العمياء صراع عنيف دام فترة من الزمن حتى استطاع أن يقتلع جذوره من نفوس الجاهلين ويفتح عقولهم لتستضيء بنور الحق ومن ذلك قوله تعالى:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ}[33]

رابعا- عدم التناقض بين الحقائق إذ لو جاز التناقض بين الحقائق لانهار صرح العلم, وهذا ما جاء موضحا في الآية الكريمة {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ}[34] إذ التناقض أشد من التفاوت فإذا انتفى التفاوت كان التناقض منفيا من باب أولى.

خامسا- الاعتماد على الحواس فلقد عرفنا أن من القضايا ما يمكن إثباته بطريق الذهن وحده, وأن قسما آخر منها يفتقر في إثباته إلى الاعتماد على الحواس ومن هذا القسم العلوم المادية ولولا اعتمادها على الحواس ومن وراء الحواس العقل لما اتسعت هذه العلوم, ولما تمكن الإنسان من كشف شيء جديد والقرآن يطلب من أولي النهى أن يعملوا حواسهم وعقولهم في مظاهر الحياة وألا يهملوها وسيسألون يوم القيامة عن هذا الإهمال, قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ}[35].ومما تقدم تعلم أنه لابد للباحث من أن يأخذ بهذه القواعد التي رسمها القرآن الكريم, وجعلها منهاجا للوصول إلى الحقائق بل لابد من إلتزامها حتى يكون في حرز عن الخطأ و مجافاة الصواب, وسواء أكانت هذه الحقائق دينية أم دنيوية, ومن هنا حكم علماء الإسلام على أن الإيمان المعتبر هو الإيمان القائم على الدليل والبرهان وأن إيمان المقلد غير صحيح إذا كان عنده قدرة على التفكير والاستدلال والنظر فيقبل إيمانه عن طريق التقليد لعجزه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

طريقة الوصول إلى الأحكام الشرعية

وهكذا فإن الإيمان إذا لم يكن قائما على البرهان العقلي لا يكون صحيحا[36] مادام صاحبه قادرا على التفكير والنظر.

ومتى استقر الإيمان بالله, والإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الاستدلال كان المؤمن ملزما بأخذ الحلول التي جاءت في الإسلام للمشاكل, والأحكام للحوادث, إذ أن هذه فروع عن الأصل وهو الإيمان والفرع يبنى على الأصل, والجزئيات تبع الكليات, ومعلوم أن مصدر الأحكام الإسلامية القرآن الكريم, والحديث الشريف, ولا بد من الرجوع لهذين المصدرين لأخذ الأحكام منهما من منهج واضح يسهل على الباحث طريق الوصول إلى حكم الله في المسائل التي يتعرض لها ويتجافى به عن الخطأ ويتباعد به عن الخبط والضلال ولذلك وضع علماء المسلمين منهجا دقيقا لاستنباط واضح المعالم بين الخطأ فما على المسلم إلا أن يدرس هذا المنهج دراسة واعية, ثم يطبق خطواته فإذا به يصل إلى مقصودة دون خطأ أو التواء أوغموض.

خطوتا المنهج: وهذا المنهج بعد تطبيق الركائز الخمس التي أشار إليها القرآن الكريم ونوهت عنها يتألف من خطوتين, فلا بد للباحث أن يمر في مرحلتين هما: مرحلة إثبات النص أولا, ثم مرحلة فهم النص ثانيا.

المرحلة الاولى:

مرحلة إثبات النص:-النصوص التي يعتمد عليها الإسلام هي كما مر كتاب الله تعالى وسنة رسول صلى الله عليه وسلم فأما كتاب الله فإن نصوصه ثابتة وقد نقله إلينا بالتواتر علماء المسلمين وتناقلته الأجيال على كيفية لا يمكن أن يتطرق إليها أدنى شك إذ حفظه الله من الأيدي العابثة خلال القرون فلا حاجة إلى المرحلة الأولى مرحلة إثبات النص, وأما السنة فثبوتها يتوقف على أمرين هما: صحة المتن, وصحة السند.

والمتن هو نص الحديث فإذا أردنا أن نحكم على متن الحديث أنه صحيح فلا بد أن يكون خاليا من الأمور التالية: ركاكة اللفظ والمعنى, مخالفته للمنطق السليم, مخالفته لما ثبت في التاريخ الصحيح, والحكم في ذلك لأهل الإختصاص.

أما صحة السند:

السند كما نعلم هو رفع الحديث إلى رجاله الذين يرويه بعضهم عن الآخر إلى رسول الله صلى لله عليه وسلم ولكي نحكم على حديث أنه صحيح لابد أن ننظر في كل فرد من أفراده فإذا كان كل راو فيه عدلا ضابطا لما حفظ ثم كان سند الحديث متصلا لا انقطاع فيه سالما من الشذوذ والعلة القادحة حكمنا على هذا السند بالصحة والقبول، وإن خلا من شيء من ذلك حكمنا عليه بالضعف.

ولقد وضع العلماء المسلمون علما مستقلا دقيقا يتعرف بوساطته إلى الحديث الصحيح من غير الصحيح ويسمى هذا العلم بمصطلح الحديث.

وتفرع عنه فن آخر هو علم الجرح والتعديل وتفرع من علم الجرح والتعديل علم تراجم الرجال, حيث تلتقي هذه العلوم على وضع ميزان بغاية الدقة, وهكذا احتوت المكتبة الإسلامية التي في كل بلد منها أثر وفي كل مكتبة من مكتبات العالم منها خبر احتوت على مؤلفات كبرى تستعرض معجم الرجال الذين وردت اسماؤهم في أي سند من الأسانيد وتستطيع أن تقف على ترجمة من تشاء منهم جرحا أو تعديلا وأن تعرف الزمن الذي عاش فيه لتعلم من ذلك معاصريه.

هذا عرض سريع فيما يتعلق بتحقيق النقل والخبر ولكن على من يرغب الاستزادة أن يعكف على الفنون التي نوهت عنها ليجد الجهد الغريب وليجد الكثير من علماء الحديث من يقطع مئات الأميال في زمن لا توجد فيه الطائرة ولا السيارة متعرضا للمشاق و المهالك لا لشيء إلا ليلقى عالما يروي حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ليعلمه ويحفظه فحسب ولكن يريد أن يتلقاه منه أيضا ويستأذنه بروايته عنه لكي تزداد طرق هذا الحديث عنده أنه يسهل علينا جدا أن نقرأ إسنادا من هذه الأسانيد في كتاب من كتب الصحاح دون أن نتكلف أي جهد أو مشقة, ولكن المهم أن نتبين صورة ذلك الجهد العجيب الذي بذل وتلك التضحيات التي قدمت في سبيل هذين السطرين فقط من الإسناد الذي لا نلتفت له اليوم بل قد يضيق البعض منا من قراءته.

أما المرحلة الثانية: في المنهج فهي النص وهي تأتي بعد مرحلة إثبات النص فبعد أن يتأكد الباحث من ثبوت النص وصحته يعود إلى النص فيبذل أقصى ما عنده من جهد لفهمه واستنباط الحكم منه, وفهم النص يتوقف على أمور منها:

أ- معرفة اللغة العربية مفردتها وتراكيبها ومعرفة النحو والبيان فمن لا يكون ضليعا باللغة العربية في ميادينها المختلفة ليس أهلا لأن يستنبط الأحكام ومن لا يتطابق فهمه مع أصول اللغة العربية فإنما يكون فهمه وسوسة من وساوس الشيطان.

ب- معرفة أسباب النزول وأسباب الورود فإن معرفة سبب النزول وسبب الورود تلقي ضوءا على النص, وتكشف للباحث السبيل إلى المعنى الحقيقي.

ج- معرفة ما تقدم من النصوص وما تأخر فإن من المعلوم أن التشريع الإسلامي جاء متدرجا كما في تحريم الخمر مثلا فقد يأتي نص من النصوص فينسخ حكم نص سابق, ولذلك يتعين على فاهم النص معرفة السابق من اللاحق من النصوص.

د- معرفة طرائق الاستنباط ولقد وضع العلماء المسلمون علما مستقلا دقيقا يعين على طرائق فهم النص ويعرف هذا العلم (بعلم أصول الفقه) وهو العلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية وهكذا وضع علماء المسلمين قواعد محصوها تمحيصا وبنوها على أصول أجمعوا عليها إجماعا ومناهج إلتزموها في اجتهادهم و معايير دقيقة عميقة كانت متحكمة في أذهانهم وأبحاثهم حتى إذا ما رجعنا إلى فقه كل واحد منهم تيقنا أنهم لم يكتبوا إرضاء لنزعة شخصية, أو إنبعاثاً عن هوى متبع، أو تحقيقاً لمطلب دنيوي، أو مجاراة لتسلط عابث, ويتخذ من فقههم ومنهجهم فيه نموذجا يهتدي به.

ولقد كان علم أصول الفقه كسابقة علم مصطلح الحديث من العلوم المستحدثة فلقد كان العلماء في الصدر الأول في غينة عنه لأنهم كانوا على تمام العلم باللغة العربية يعرفون معاني ألفاظها وما تقضي به أساليبها وصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقربهم منه ومعرفتهم بالأسباب التي من أجلها كانت الشرائع أكسبتهم معرفة بسر التشريع ذلك إضافة إلى ما امتازوا به من صفاء الخاطر وقوة الذكاء وحدة الذهن فلم يكونوا بحاجة إلى شيء وراء ذلك في استنباط الأحكام من مصادرها, فلما جاءت بعدهم أمم اختلطت بغيرها وانقلبت العلوم كلها صناعة احتاج العلماء إلى وضع قواعد هذا العلم لاستفادة الأحكام من الأدلة وليتقيد الفقيه بها في استنباطه حتى لا يخرج عن الجادة دعما للحق وحدا للأهواء.

وهكذا لم يعرف التاريخ حتى الآن أمة من الأمم جعلت لبحثها العلمي منهجا واضحا صحيحا لا يأتيه الضلال من بين يديه ولا من خلفه غير الامة المسلمة.

ومن هذه الخلاصة السريعة جدا عن المنهج العلمي للبحث عند المسلمين أخذتها من واقع أبحاثهم تبين لنا مدى ما يعتمد عليه العلماء في أبحاثهم من المنهجية والموضوعية المجردة فالعلماء المسلمون يبحثون أول ما يبحثون عن ثبوت النص كما رأينا فإن ثبت عندهم صحة النص بتلك الطريقة الدقيقة الواضحة فلا بد بعد ذلك من فهمه فهما دقيقا ضمن شروط قاسية ودقيقة.

وليس لكل من هب ودب, ولا لأنصاف المتعلمين وأرباعهم و أصفارهم وأدعيائهم, ولا لمن لم تتوفر العدالة فيهم من ملاحدة هدامين, أو فسقة متحللين, ولا من استعمرت الثقافات الأجنبية عقولهم, ولا من يتقربون للزعماء والرؤساء بالتحليل, أو يتملقون العامة بالتحريم أن يتصدر للفتيا والاستنباط وإذا كان الطب والهندسة مباحا للجميع مثلا ولكن لا يجوز لدجال أن يتعرض لعلاج المرضى ولا لمن لم يدرس الهندسة أن بيني سدا أو يصمم حصنا فإن الفهم والاستنباط مباح بهذا المعنى.

وهكذا أعطى المنهج المسلمين حقائق علمية ثابتة لا نظريات متبدلة لذا وجدنا أن سلوك هذا المنهج السليم يضمن للمسلمين الوصول إلى الحقائق العلمية والشرعية و بالتالي يضمن لهم وحدة فكرية ويقضي على أسبابه عدم سلوك هذا المنهج العلمي الصحيح.

 

 

 


[1] سورة العلق الآية(1-5)

[2] سورة الاسراء الآية(36)

[3] سورة زمر الآية(9)

[4] المجادلة الآية (11)

[5]سورة آل عمران الآية (18)

[6] السورة الروم الآية (59)

[7] سورة يوسف الآية (76)

[8] سورة طه الآية (114)

[9] سورة الاسراء الاية(85)

[10] سورة الكهف الآية(66)

[11]سورة البقرة الآية (247)

[12]رواه البخارىج1ص26.

[13] رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.

[14] رواه ابوا داود والترمذي.

[15] رواه البيهقي عن أنس والطبراني.

[16] وظابط هذا أنه يلزم على المسلم أن يتعلم ما لا يسعه جهله في أمور دينه.

[17] رواه الطبراني

[18] سورة البقرة(164)

[19]سورة الأنعام آية(116)

[20] سورة يونس آية(36)

[21] سورة الروم آية(29)

[22] سورة الأنعام آية(119)

[23]سورة البقرة آية(111)

[24] سورة المؤمنون :آية( 117)

[25]سورة النمل:آية(64 ) 

[26] سورة المائدة آية (104)

[27] سورة البقرة آية(0 17 )

[28] الزمر آية(18)

[29] والمقصود الطرق العقلية الفطرية هي التي جاء يها القرآن واتفق العقل والشرع وتلازم الرأى والسمع(الجزء الاولص49الفتاوى)

[30] من سورة البقرة آية (111)

[31] كالإيمان بالله و الملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره فإنها جميعا في الواقع ثابتة بأدلة قطعية0

[32] سورة يونس:آية (36 )

[33] سورة البقرة: آية (170)

[34] سورة الملك:آية(3)

[35] سورة الأعراف: آية(178)

[36] المراد بالبرهان العقلي الفطري الذي جاء به القرآن الكريم واتفق العقل والشرع وتلازم الرأي والسمع كما ذكر.

المصدر: https://uqu.edu.sa/page/ar/98861

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك