تيارات الإسلام السياسي.. أزمة فكر أم إفلاس تطبيق؟

محمد اسماعيل

محمد الشريف

أحمد السيد

أحمد سيف

رضا جمال

ابتسام محمد

فاطمه الحاج

على ضوء تطورات الربيع العربي , وصعود تيارات الإسلام السياسي ، وتصدرهم للمشهد في بلدان الربيع العربي،»اليوم» طرحت هذا التساؤل على مائدة نخبة من علماء الدين والمفكرين الإسلاميين وأساتذة العلوم السياسية :هل تيارات الاسلام السياسي التي تسود المشهد السياسي حاليا في دول الربيع العربي تعبر عن جوهر الإسلام الذي جاء به خاتم الرُّسل والانبياء محمد صلى الله عليه وسلم؟

بعيدة عن جوهر الإسلام

بداية يقول الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الاسلامية : إن تيارات الاسلام السياسي التي تتصدر الساحة الآن في عالمنا العربي معظمها لا تعبر عن جوهر الاسلام الحقيقي الذي يؤكد على شمولية الاسلام وكانت ترفع شعارات اسلامية، وذلك لأن الحركات التي تبنت الخلفية الإسلامية في التعامل مع الأحداث لم تسلك الطريق الصحيح الذي بينه الإسلام ، فبعضها اتبع منهج العنف والتشدد لإحداث تغيير سياسي أو إجتماعي أو ثقافي أو إقتصادي في المجتمع. أضاف: إنه نظرا لفشل الانظمة الحاكمة في بلدان الربيع العربي في تحقيق العدالة والحرية وتبني مناهج للاصلاح الحقيقي الذي يراعي حياة المواطنين , والتي نتج عنها مشكلات كثيرة مثل البطالة وارتفاع الاسعار, وزيادة معدلات الفقر، هذه الاوضاع زادت من سخط الجماهير على حكامها, الامر الذي منح تيارات الاسلام السياسي فرصة الكسب والترويج لشعاراتها. وتابع قائلا: إن من يريدون احتكار الحقيقة ويفسرون الاسلام تبعا لمذهبهم الايديولوجي لا يعبرون عن جوهر الاسلام الحقيقي الذي جاء به خاتم الرسل والانبياء للبشرية جميعا منهجا للحياة ، فهو –أي الاسلام-يجمع بين مصالح الدنيا والدين، وهو شامل لكل شئون الحياة وسلوك الإنسان، وهو رسالة الزمن كله، والعالم كله والإنسان كله في جميع أطوار حياته، ومجالاتها كلها وهناك شمول في جميع التعاليم الإسلامية، فالإسلام دين مرن متطور في أحكامه وتعاليمه، وفي الوقت ذاته هو دين خالد ثابت في تشريعه وتوجيهه، فهو بهذا دين متوازن. واختتم الشيخ عاشور قائلا: إن تيارات الاسلام السياسي لم تعرف الاسلام  بشموله وعموميته وإن زعمتم ذلك، هناك أنظمة للإسلام يتكون كل نظام منها من مجموعة من الأحكام ومن هذه الأنظمة: نظام الأخلاق، ونظام المجتمع، ونظام الإفتاء، ونظام الحسبة، ونظام الحكم، ونظام الاقتصاد والمال، ونظام الجهاد، ونظام الجريمة والعقاب، ونظام الأسرة، ونظام العلاقات الدولية، ونظام العلاقة بالآخر.

سكة السلامة

من جانبه يقول المفكر الاسلامي الدكتور أحمد كمال أبو المجد، وزير الاعلام المصري الأسبق: أن التيار الإسلامي أو ما يطلق عليه جماعات الاسلام السياسي مدعو لكي يضع المجتمع في سكة السلامة لأننا في لحظة فارقة تحتاج إلى إعادة بناء الوطن ودفعه نحو عجلة التنمية والتقدم. أضاف قائلا: بغض النظر عن كون هذه التيارات تعبر عن جوهر الاسلام أم لا ؟ ، نجد أن بعض التيارات التي تخشى من انتشار التيار الإسلامي نجحت في وضع هذا التيار موضع الاتهام، وبثّت المخاوف في نفوس الجماهير من هذا التيار خوفا من ظهوره أو أن يعرف الناس من خلاله الإصلاح بالاسلام.

إذا كان الفكر صحيحاً سليما لأي جماعة أو تيار أنتج مردودا ايجابيا صالحا ومُصلِحا، والعكس صحيح.. وليس هناك فكر على وجه الأرض لا مردود له في الواقع العملي.. سواءً سلبا أو إيجابا، وبالتالي فإن تيارات أو جماعات الإسلام السياسي لم تكن بمنأى عن هذا الوصف.

تعبير أجنبي

من جانبه يقول الدكتور خليل عبد الرحيم الشريف أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط: مع ان تعبير»الاسلام السياسي» هو في الاصل تعبير أجنبي ، كما أن استخدامنا له ربما تجاوز بعض المقاصد التي صك من أجلها، فضلا عما ينطوي عليه من إيحاءات مضمونية محددة . وأضاف قائلا: لا أُفضل استخدام مصطلح « الاسلام السياسي» بل استخدام التيارات  الاسلامية من منظور سياسي ,او الحركات السياسية المغطاة برداء الدين ، و ذلك لأن الحركة الإسلامية في جوهرها ما هي إلّا عمل سياسي وإجتماعي إسلامي في الفضاء العام يهدف لإحداث تأثيرات إسلامية سياسية و اجتماعية وثقافية و دينية في ذلك الفضاء العام عبر عمل عام له صور و أساليب شتى, ومادام هذا هو جوهر الحركة الاسلامية المعاصرة. واختتم الدكتور الشريف قائلا: وإن بروز نزعات التطرف والتشدد ، ليس فقط وليد القراءة المتزمتة للدين ، بل هو أيضا وليد المناخ السياسي والثقافي الذي تعمل فيه هذه الحركات .. لذلك نجد حينما نتأمل بعمق في مسيرة الحركات السياسية الإسلامية في العديد من الدول العربية والاسلامية نجد أن هناك فراغا كبيرا للأيديولوجيات التي لم تعد تساير العصر وخبت فكرة القوميات وبدأت الانظار تتجه الى المارد الجديد وهو الحركات الاسلامية ،وأصبح من المؤكد أن المستقبل السياسي لأي بلد لابد أن يعتمد بشكل أو بآخر على رافد إسلامي لمحاولة القفز على الفراغ الايديولوجي .

..والعكس صحيح

أما المفكر الإسلامي والباحث المتخصص في شئون جماعات الإسلام السياسي الدكتور ناجح ابراهيم فيقول: إذا كان الفكر صحيحاً سليما لأي جماعة أو تيار أنتج مردودا ايجابيا صالحا ومُصلِحا، والعكس صحيح.. وليس هناك فكر على وجه الأرض لا مردود له في الواقع العملي.. سواءً سلبا أو إيجابا، وبالتالي فإن تيارات أو جماعات الإسلام السياسي لم تكن بمنأى عن هذا الوصف. وتابع قائلا: إنّ ما نلاحظه على هذه التيارات هو وجود نقص لديها في إعمال الشورى أو الديمقراطية، وبالتالي فإن جماعات الإسلام أقلّ ديمقراطيةً من بعض الحكومات  لأنها لم تتعوّد على النقد، ومن أخطر الأخطاء التي ترتكبها هذه الجماعات، هو الخلط بين الإسلام الذي هو مُنزّل من عند الله، وهو بالطبع معصوم، وبين الفكر والحكم والتاريخ الإسلامي، لأنه ليس معصوما لكونه نِتاجاً بشريا وليس معصوما.

واختتم الدكتور ناجح ابراهيم قائلا: على جماعات الإسلام السياسي ألّا تتصوّر أنها تمثّل الإسلام، أو أن نقدها نقدٌ للإسلام، لأنها ليست هي الإسلام، بل هي فهمهم ورؤيتهم وتنفيذهم للإسلام، وعلى الجانب الآخر يجب على العلمانيين وأعداء التيار الإسلامي ألّا يتخذوا من نقد الحركات والفكر الإسلامي وسيلة أو منفذا للطعن في الإسلام نفسه، لأن كثيرا من العلمانيين يتخذون من نقد الحركة الإسلامية ذريعةً للطعن في الإسلام، ومِن كُرههم للحركات الإسلامية مدخلاً لكره الإسلام ومحاولة محاربته، وذلك لا يجوز لأن الإسلام دين الله المنزّل الذي فيه مصلحة العالم أجمع سواءً المسلم أو غير المسلم.

 

هل ينجح إسلاميو الربيع العربى فى استعادة النهضة المفقودة؟ أم إنهم ظاهرة مؤقتة؟

بمجيء الربيع العربي انفتحت نافذة الفرص للظاهرة الإسلامية إلى الأفق السياسي الذي كانت محرومة منه بسبب جبروت الاستبداد السياسي. وقد أبرز الحراك الجاري تمكن ممثلي الظاهرة الإسلامية من الاقتراب من سدة الحكم باختيار الجماهير العربية لهم عبر صناديق الاقتراع. واللحظة الراهنة تشكل للإسلاميين فرصا واسعة لاختبار مشروعهم وبرامجهم على أرض الواقع. ومن حق الإسلاميين أن يأخذوا فرصتهم ويمكنوا من اختبار برامجهم لبناء مشروعهم المتكامل وليس من حق غيرهم أن يلقي عليهم الدروس والمواعظ حتى يصبحوا راشدين سياسيا ووطنيا وفق مقاسه ورؤاه. وفى إطار هذا الموضوع كان لنا السؤال الآتي: هل ينجح إسلاميو الربيع العربى فى استعادة النهضة المفقودة كما يقولون؟ أم أنهم ظاهرة ستنكشف بعد تجربتها على الأرض ؟ وفيما يلى التحقيق التالى:

قدوة وعدم الكذب

فى البداية يقول الشيخ منصور الرفاعى عبيد وكيل أول وزارة الأوقاف الأسبق: السعادة تنبع من داخل الإنسان نفسه والمجتمع كالفرد فلابد أن تنبع السعادة من الكيان الاجتماعى ليكون لها أثر وتأثير والبيئة وما حولها . والسعادة لا تأتى اعتباطا لأن بركات السماء والأرض لا يمنحها الله للمتفرقين المتخاذلين الكسالى النائمين وإنما بركات السماء التى تفجر ينبابيع السعادة فى كل جوانب المجتمع أساسها الاتحاد والقوة بين كل الأفراد ولهذا وجهنا ربنا لقوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا). ويجب على كل إنسان من أفراد المجتمع أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه فكل المواطنين أخوة ولهذا يقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه). ومن المعلوم أن الإيمان يزيد وينقص ويزيد الحب ويقوى بالألفة ويزدهر بالعطاء ويضعف إذا غاب الحب وتطاول الإنسان على أخيه الإنسان ولم نتمكن من الألفة وأصبح سوء الظن منتشرا عند الجميع ونظرة الريبة فى عين كل إنسان وغاب الحوار من الدنيا الناس وأصبح الصراخ والعويل هما الأساس لذلك .

وعلينا أن ندرج من الحضارة لا تنشأ من فراغ وأن الحضارة تزدهر لأنها تسقى بماء الحب والاخلاص والتفانى وحب الوطن وإبراز الجوانب الإيمانية.

وينجح إسلاميو الربيع العربى فى استعادة النهضة المفقودة إذا كانوا قدوة حسنة فى لم الشمل وعدم الكذب وفى نفس الوقت يكونون إيجابيين مساهمين الواحد منهم يحرص على مصلحة الجماعة قبل مصلحة نفسه ويؤثر غيره على نفسه.

المهام التاريخية

من جهته، أشار الدكتور محمد طلابى رئيس المنتدى العالمى للوسطية بالمغرب قائلا: لسنا ضد العقلانية ولسنا ضد الغرب ولسنا ضد الرأسمالية والربيع الديمقراطى فتح بابا تاريخيا للتصالح بين الإسلاميين والعلمانيين ويجب التزاوج بين الإسلام وقيم الحداثة النبيلة ومن المهام التاريخية للحركة الإسلامية التى وصلت للسلطة إحداث المصالحة الوطنية فى دولة ديمقراطية مدنية يتداول فيها السلطة.

 مؤكدا مقاصد الربيع الديمقراطى فى أربعة مقاصد تمثلت فى إنتاج السلطة وإعادة توزيعها وإنتاج الثروة وإعادة توزيعها وإنتاج القيم القائدة وإعادة توزيعها. مشيرا إلى أسلمة الديمقراطية بالتحديد على أساس كونها قيمة مركزية وإنتاج المفاهيم الفكرية القائدة وإعادة توزيعها.

مبينا هدف الإسلاميين ليس بناء السلطة وإنما بناء الدولة حتى ولو على حساب خسارة السلطة. وأكد ضرورة التصالح بين الإسلام والغرب بعد توافر عناصره السبعة وهى البعد التنظيمى (علمانى) والبعد السياسي ( الديمقراطية) والبعد الاقتصادى (الرأسمالية) والبعد الفكرى (العقلانية)، والشهوانية والفردية والوطنية.

عصر النهضة

وأضاف عن التحديات قبل الربيع الديمقراطى العربي والتى حصرها فى أربعة تحديات رآها فرصا الآن بعد الربيع العربي هى: غزاة (من الخارج) وطغاة (من الداخل) وغلاة (من الداخل والخارج) والثنائية الحزبية. وأكد تراجع التحديات الثلاثة الأولى بعد الربيع الديمقراطى وصعود التحدى الرابع لذا فالحكام العرب أمام فرصة تاريخية لتأسيس عقل سياسي جديد  يبني دولة عابرة للأقطار من الدول العربية والإفريقية والآسيوية وأن الدولة المطلوبة هى التى تنتقل من عصر الصحوة إلى عصر النهضة.

الضوابط المعتمدة

قال منتصر الزيات محامى الجماعات الإسلامية رئيس منتدى الوسطية للفكر الإسلامى: إن تطورات الحالة الإسلامية السياسية بعد ثورة الربيع العربى التى أوصلت بعض فصائلها إلى الحكم نقيم الموقف بموضوعية وصدق وإيجابية وأن فلسفة الحكم فى الإسلام تكمن فى سعى الحاكم أن يقضى على جوع الرعية وتوفير الأمن لها قال تعالى (فليعبدوا رب هذا البيت الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) ومصر تسترد عافيتها ومكانتها ولن تغيب عن المشهد العربي وهي التي احتضنت لقاء المصالحة بين «فتح» و»حماس» في مرحلة لا تخلو من الحساسية. وأن مصر مستمرة في تحقيق حضورها وأنه كما أن مصر في حاجة للعرب فإن العرب في حاجة لمصر. وهناك قوى عديدة بينها قوى عربية صغيرة لا تريد لمصر ان تستعيد عافيتها وتريد لمصر أن تظل ضعيفة ومغيبة.

اليمين واليسار

وأضاف: لقد كنت أطمح فى حركة إسلامية سلمية لكنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وفق الضوابط المعتمدة فى الشريعة أن نندمج فى مجتمعاتنا نصدع بالحق وهكذا والانكفاء الطويل يضر بالحركة الاسلامية وأرجو أن تتعافى وتواصل طريقها فى الدعوة إلى الله سبحانه. والحركات الإسلامية باتت أشبه بالحصن للفقراء والغلابة وهي أمل الناس الذين باتوا يعتقدون أنهم في حاجة لأياد نظيفة لم تلوث بالفساد والواضح أن الخيارات الاسلامية هي الاكبر على الساحة والناس يريدون تجربتها بعد أن جربوا كل التوجهات من اليمين واليسار الى الامريكيين والسوفييت والاسرائيليين وكل التوجهات.

العدالة الاجتماعية

وأشار الدكتور عبدالفتاح مورو أحد مؤسسى حركة النهضة بتونس قائلا : مصر دولة وطنية ذات حدود ولا فضل لأحد على أحد ولا فضل لإخوانى على سلفى ولا لإخوانى أو سلفى على المصريين ونحن ندعو إلى الحاكمية منذ البنا ومودودي

 وأعددنا تصوراً لهذه الحاكمية والحكم ليس صورة غير متغيرة ثابتة ننقلها عن تاريخنا الماضى لننفذها اليوم غير عابئين بما تغير.والعمل على ضرورة التعددية فى الأحزاب الإسلامية بتعدد التيارات الإسلامية والمذاهب الفقهية فى التاريخ والواقع الإسلامى وأن السياسة هى فن صناعة البدائل سواء فى استخدام الوسائل أو للوصول للنتائج.

مشيرا إلى تحد رئيسى يواجه الإسلاميين تمثل فى تحدى السلطة. فبعد وصول الشعوب العربية لأول مرة منذ ستة عقود من الانحطاط إلى موقع صناعة قرارها بنفسها، طالبت بتقديم مصلحة المجتمع على المصلحة الذاتية وجعل الإنصاف والعدل دليل الحكام الإسلاميين، ولا حكم بلا شورى ودون عدالة اجتماعية. ومن ثم حدد التحديات فى ثلاثة أمور: تحقيق الإنصاف والعدال وتحقيق الشورى وتحقيق العدالة الاجتماعية.

وأكد أن مشروع الإسلام مشروع حضاري وليس مشروع حكم، ومن ثم فهو يحقق للبشرية تقدما لم يعهد فى التاريخ الإنسانى. وأرجع السبب فى تلك التحديات إلى قصور العلماء عن تأدية دورهم بتهيئة سبل الخلاص لهذه الأمة. وأكد أن الحكام خدام عن شعوبهم، وهم مسئولون (خاصة الإسلاميين الذين وصلوا إلى الحكم) عن تحقيق مشروع الحضارة الإسلامية.. فهل مستعدون؟

مشروع حضارة

وأضاف: نحن نشجب ظاهرة العنف سواء كانت اسلامية او غير اسلامية. لكن هذا لا يعني انتقاد الاسلمة او التوجه او الاختيارات الاسلامية ... والبعض انزلق من مناقشة ظاهرة العنف الى استخلاص ان العنف مرتبط بالتدين والدين هو الذي أتى بالعنف وهذا خطأ لا يجب الانزلاق اليه لان هذا سيوفر مناخا للتطرف لان البعض يتطرف كردة فعل فاذا اقصيته يقصيك وهذا ما وقع سابقا مع الاسلاميين حيث وقع اقصاؤهم.. فهناك منهم من ضبط النفس

ومشروع الإسلاميين فى السلطة ليس مشروع حكم بل مشروع حضارة وأن التيار الإسلامى الذى صعد إلى السلطة لم يأتِ ليحكم الناس بل جاء ليهيئ سبل الخلاص للأمة حتى لا تبقى من دول العالم الثالث. وعلى التيارات الإسلامية الا يشغلوا الناس بقضايا جزئية يختلفون فيها بل يشغلونهم بقضية عزة الأمة وكرامتها وان يخدموا شعوبهم ويحكموا لصالحهم.

وأدعو التيار الإسلامى لان يفتحوا آفاقا للأمة وألا يكونوا رهينة ويجب الا تكونوا رهينة حيث تردون عليه يسبون دينكم فتردون ويستهينون بنبيكم فتتجمعون وتتظاهرون وتسبون وتشتمون وتنسون أن القضية قضية انتم مهابون أم لا انتم محترمون أم لا الذين يسبون ديننا لا يحترموننا ويستهينون بنا ويعلمون أننا كغثاء السيل.

ضرورة إنسانية

وأوضح الدكتور سيف عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية قائلا:  الفكر السياسى الإسلامى منتج بشرى يعتمد على مرجعية دينية ويجب أن يؤثر مفهوم التعددية عليه مبينا أنها ترتبط بمفهوم الوسطية الإسلامية ومفهوم التعددية مفهوم محورى وهناك تعددية إيجابية وأخرى سلبية، ويجب أن ننظر إلى الأحزاب بنظرة الصواب والخطأ وهناك خمسة معايير لتناول مفهوم التعددية السياسية. 

والمرجعية فلكل مفهوم مرجعيته، وتعدد المرجعيات لا يمنع الاشتراك والتمايز والاختلاف والجامعية لأن التعدد منه ما هو سلبي وما هو إيجابي. والدافعية فمفهوم التعددية أو أى مفهوم إسلامى يقوم على الدافعية والشرعية بمساريها: شرعية من حيث المصدر (كالسياسة الشرعية) وشرعية تتعلق بالقبول الاجتماعى، والفاعلية المفاهيمية، فلا يمكن لأى مفهوم أن يؤدي للجمود والتخلف وقد حدد أيضا خماسية لاختلاف مفهوم التعددية: الاختلاف سنة كونية، والتعدد حقيقة حياتية، والتعارف عملية والتعايش ضرورة حقيقية، والآلية ضرورة إنسانية.

قيمة الحرية

وأكد الدكتور. محمد مورو المفكر الإسلامى: على الإسلاميين فى الحكم إنشاء مجتمع قوى يعتمد على نفسه حتى تنتهى التبعية الغربية. مبينا أن المجتمع القوى أهم من بناء الدولة القوية لأنه طريق إليها وأن أى معركة بين الاستعمار وبين القوى الشعبية والمجتمعية ينتصر المجتمع فيها وأن إنشاء دولة قوية وإضعاف المجتمع من شأنه أن يسقط الدولة والمجتمع.

والتحدى الحقيقي للإسلاميين فى السلطة هو قيام حكومات إسلامية غير مستبدة تعمل على الفصل بين السلطات وترسخ قيمة الحرية وتزيل الظلم الاقتصادى بما يحقق فى النهاية بناء مجتمعات قوية ودولة ضعيفة وترسيخ الديمقراطية مقدمة لتحقيق الدولة الإسلامية.

 

 

 

بين النتاج الوطني والدعم الغربي.. أين الحقيقة؟

جاءت ثورات الربيع العربي مفاجئة للجميع ورغم عمليات التنظير بين مراكز الأبحاث والدراسات الفكرية حول وجود أشياء كامنة في باطن الشارع العربي، إلا أن أحدا لم يكن ليتوقع هذا البركان الذي أطاح بأنظمة استبدادية ظلت عقودا من الزمن لاتتزحزح بل كانت في طريقها إلى التوريث، وأكثر المفاجآت في المشهد كان صعود تيارات الإسلام السياسي الذي جلس في مقعد السلطة، و ظل السؤال يبحث عن جواب.. اكان صناعة محلية أم أنه ركب على أجندات خارجية؟

 

 

صناعة محلية

من جانبها أكدت رئيسة معهد المرأة للتنمية والتدريب الكويتية كوثر عبدالله الجوعان، أن محاولة إسقاط ما حدث في التجربة الأفغانية على الواقع العربي يبدو وكأنه محاولة زراعة عضو غريب في جسد آخر ليس من نفس الجينات.. وذلك يرجع إلى سمة التيارات الإسلامية في المنطقة العربية كإفرازات طبيعية بملامح شعبية وجماهيرية،، بدليل الامتزاج غير المفتعل في الحراك الشعبي داخل الشارع العربي والذي بلغ مبلغ ذروته خلال ثورات الربيع العربي، ومن هنا فالقول بأن هذه التيارات الإسلامية ليست نتاجا وطنيا بحتا بعيد عن العمل بالوكالة لقوى خارجية ، هو قول يفتقد إلى المصداقية.       

قالت الجوعان : إن ثورات الربيع العربي  قد فتحت الباب لصعود التيارات الإسلامية بشكل لافت وخاصة ان لديها قاعدة شعبية ، أمام مهادنة من الغرب كمؤشر على  القبول بهذه الحركات والتعامل معها، موضحة أن الثورات العربية التي انطلقت من تونس ثم مصر، وامتدت إلى اليمن، وسوريا،  وليبيا كانت عبارة عن تطلعات شعبية قادها شباب بأساليب مبتكرة ولكنها في زخمها استقطبت الشعوب .

أضافت الجوعان أن تاريخ التيارات العقائدية ومنها الإسلامية له بصمة وكفاءة  عالية في شارع الثورات الاحتجاجية وتأجيج مشاعر الجماهير، ولكنها عندما تصل إلى مقاعد الحكم تجد صعوبة في التوفيق بين المبادئ المرجعية والواقع الماثل، حتى ولو كان وصول هذه القوى إلى السلطة جاء عبر الوسائل الديمقراطية، وأن التحدي الأول الذي يواجهها يتمثل في كيفية تطبيق المبادئ الديمقراطية، والتحدي الثاني يتمثل في كفالة حقوق الإنسان للكافة وأن تلتزم بحقوق المواطنة ، فضلا عن تحقيق اجندة التنمية والعدالة الاجتماعية وما يصحبها من محاربة البطالة والفقر، ثم يأتي تحد لايقل أهمية ويتمثل في ضرورة تقييم العلاقات مع العالم الخارجي أساسه الندية لا التبعية ولايعني ذلك العدائية، أضف إلى ذلك التعامل الحازم مع قضية السلام لتأسيس العدل، وهذه وتلك وغيرها تمثل تحديات خطيرة تواجه القوى الإسلامية في السلطة سواء في تونس أو مصر أو ليبيا أو غيرها من دول الربيع العربي.

بيدي لابيد عمرو

من جانبه أكد الأكاديمي السعودي الدكتور خالد الربيع أن التيارات الإسلامية نجحت في إعادة إنتاج ذاتها بنفسها لتواكب ما استجد من متغيرات على الساحة الد اخلية ومفردات التعامل على الصعيد الخارجي، موضحا أنه بعد وصول التيارات الاسلامية سواء في فلسطين أوالجزائر إلى كرسي الحكم ، كان هناك ردود فعل وتخوفات منهم وصلت إلى حد الرفض لهم من قبل شريحة ليست بالقليلة سواء داخل العالم العربي او العالم الغربي بسبب الخلفيات الدموية والمتطرفة لتاريخهم التي ظلت عالقة في الأذهان، وهناك مخاوف من تلاقي كافة حركات التيار الإسلامي فيما بينها بشكل يثير كثيرا من الحسابات حول  مستقبل الحريات وخاصة ما يتعلق بوجود الاقليات، فضلا عن وجود كثيرا من هذه المنظمات والتيارات الإسلامية على قائمة الارهاب .

قال الربيع إنه عقب أحداث سبتمبر2001م في الولايات المتحدة الامريكية خلال رئاسة بوش الابن، فقد اتخذت الإدارة الأمريكية هذا الحدث نقطة إنطلاق  لتشن حربا ضروس ضد بعض الدول التي اعتبرتها الراعية للارهاب  ومن بينها الحرب التي قامت به الدول الغربية  ضد نظام البعث بالعراق وطالبان في أفغانستان وضرب بعض المناطق بالسودان والصومال وتجميد اصوال الدول، كما طالت هذه الإجراءات  الاشخاص  والأفراد بتهمة رعاية وتمويل الارهاب.

أشار الدكتور الربيع بأنه  لم تهنأ القوات الأمريكية في العراق وافغانستان مع مرور الوقت بدأت تتعرض لكثير من العمليات العدائية ضدها وسقط كثير من الجنود الامريكيين والقوات المشتركة الاخرى، ووصلت قناعة لدى قوات التحالف بأن الأمر من الصعب السيطرة عليه أوالقضاء على ما يسمى في عرفهم بالارهاب في فترة زمنية قصيرة،  ولم يكن أمام الولايات المتحدة الامريكية والدول العربية واوروبا  من سبيل آخر إلا البحث عن أسلوب الحوار كبديل عن القوة للتفاهم  وفتح حلقات نقاشات مع التيارات الاسلامية في العالم العربي سواء الاخوان المسلمين أو السلفين أو الجهاديين أو التكفيريين.

أن ثورات الربيع العربي  قد فتحت الباب لصعود التيارات الإسلامية بشكل لافت وخاصة ان لديها قاعدة شعبية ، أمام مهادنة من الغرب كمؤشر على  القبول بهذه الحركات والتعامل معها، موضحة أن الثورات العربية التي انطلقت من تونس ثم مصر، وامتدت إلى اليمن، وسوريا،  وليبيا كانت عبارة عن تطلعات شعبية قادها شباب بأساليب مبتكرة ولكنها في زخمها استقطبت الشعوب .

دور أمريكي

 ورأى الدكتور الربيع أن الإدارة الأمريكية قد لعبت دورا فاعلا في عملية الضغط على الأنظمة والحكومات داخل الدول المختلفة وعلى وجه الخصوص العربية منها لاستيعاب هذه الحركات والتيارات الإسلامية والتحاور معها للوصول إلى صيغة ممكنة تمكنهم لعمل أحزاب تفتح لهم الطريق للانخراط فى العمل السياسي، ومع مرور الوقت أثبتت بعض الحكومات العربية نجاحا ولو بنسبة بسيطة مثل مصر، بينما فشلت حكومات أخرى في استيعابهم لعدم اقتنعاها بمشروعهم والتخوف من طموحهم وتطلعاتهم  وهذا كان حال النظامين الليبي والتونسي.

وتساءل الدكتور الربيع من منا توقف لحظة من الزمن لدراسة مدى تأثير ثورات الربيع العربي فى حصول  التيارات الاسلامية على اكثرية  في البرلمانات والمجالس النيابية؟!.. ويجيب قائلا لاشك أن هذا الطرح الاستفهامي يعود بنا خطوة إلى الخلف لننبش الماضى في صفحات التاريخ ونرى الدور الذي لعبته جماعة الاخوان المسلمين في ثورة يوليو1952م مع الضباط الاحرار انذاك وما كان لهم من دور فاعل وهام،  لكن الاختلاف على نظام الحكم ادى الى توتر العلاقة بينهم وبين الضباط  الاحرار وتم اعتقال وسجن واعدام  الكثير منهم والبعض الاخر ذهب لدول مجاورة خوفا من الاعتقال والاضطهاد بالإضافة لتعرض الكثير من التيارات الاسلامية في دول مثل سوريا والجزائر وليبيا .

ومن وجهة نظر الدكتور الربيع أن السنوات العشر الأخيرة اتسمت بقناعات لدى الحكومات العربية والغربية في ضرورة التواصل مع هذه التيارات والسماح لهم بدخول اللعبة السياسية لاستدراجهم بعيدا عن ثقافة حمل السلاح والعنف، وأنه منذ عام 2005م  كان للتيارات الإسلامية تواجد في البرلمان المصري  كما حققوا انتصارات كبيرة في عدد من النقابات المهنية، بينما كان لهم تمثيل خجول في برلمان المغرب والجزائروافغانستان ، حتى النظام الليبي الذي حاول أن يخوض مسار الحوار معهم لم ينجح في ذلك  وبآت كافة جهوده بالفشل.  

ويتوقف بنا الدكتور الربيع أمام مشهد اندلاع  الثورات العربية ليعرج بنا على أفق التيارات الإسلامية وما كان لها من دور كبير ومؤثر جنبا إلى جنب مع الاحزاب الاخرى  في الاطاحة برؤساء الدول وإسقاط الأنظمة في مصر وليبيا وتونس  بفعل قدرتهم التنظيمية على الحشد الجماهيري والشعبي، وعندما هدأت الأمور وجاءت الانتخابات حققت التيارات الاسلامية فوزا بأغلبية المقاعد البرلمانية، ومثال واضح على ذلك حزب الحرية والعدالة والنور السلفي في مصر أو حزب النهضة في تونس.

قال الدكتور الربيع :إن الحالة المصرية التي حقق فيها حزب الحرية والعدالة مكسبا كبيرا في الفوز بمنصب رئاسة الجمهورية تستحق التوقف للوقوف على الأسباب الحقيقية التي ساهمت في ذلك، من حيث إن الصعود السياسي للإسلاميين جاء انطلاقا من التاريخ النضالي الطويل لهذه التيارات ضد السلطة، والتضحيات التى قدمتها من زهرة شبابها الذين قتلوا وشردوا وتم نفيهم، وكذلك من تضحيات المعتقلين السياسيين، ونضالها ضد الفساد الذي كان يستشري في المجتمع وحالة السرقة والنهب المنظم التي جعلت الناس لا يثقون سوى في الإسلاميين وتتقرب منهم، وبالتالي زادت اللحمة بين الإسلاميين و الشارع وتلاقت أفكارهم حول قضايا الأمة والمجتمع اليومية ونسجوا سويا أحلامهم للغد.

وربط الدكتور الربيع بين المكاسب التي حققها الإسلاميون والخطاب الإعلامي المتزن والواضح الملامح الذي قدموه عبر الدعاية لبرامجهم الانتخابية ، وترجمه الوجود القوى والفاعل لهم في الشارع، كما استشهد بالتجربة التركية ووصول التيارات الاسلامية التي كانت مؤشرا جيدا لدى الغرب على ان التيارات الاسلامية ممكن التفاهم معهم والوصول معهم الى صيغة جيدة لحماية  وضمان مصالحهم وايضا  حماية الاتفاقيات والمعاهدات التى تم توقيعها بالفترة السابقة، ونوه إلى ضرورة ألا نغفل حقيقة غاية في الأهمية والمتمثلة في أن الكثير من القيادات الاسلامية المتواجدة في الوقت الحالى على سدة الحكم في الدول العربية  كانت تعيش في الخارج وتواصلت مع المراكز البحثية ومع مراكز صنع القرار في القوى العظمى، فمثلا الرئيس المصري والمحسوب على التيار الإسلامي الدكتور محمد مرسي درس في الجامعات الأمريكية وهو خريج هندسة، وأيضا رئيس الوزراء التونسي الحالى  حمادي الجبالى، كما  لاننسي ان بعض المراكز البحثية العربية والعالمية كان لهم دور كبير في تقريب وجهات النظر بين التيارت الاسلامية وصناع القرار بالخارج وايضا قامت بعض الدول العربية والاسلامية وبعض الاشخاص الذين لهم شأن كبير وقبول لدى صانع القرار في العالم الغربي بتقريب وجهات النظر ومحاورتهم لمعرفة رؤيتهم في مجموعة من القضايا كالصراع العربي الاسرائيلي وأمن الخليج والاتفاقيات والمعاهدات الدولية بين العرب واسرائيل والدول الغربية  ويصل الدكتور الربيع بنا إلى التحديات الحقيقية التي   تواجه التيارات الاسلامية في الوقت الحاضر ، حيث يرى أنهم قد انتقلوا من العمل السري إلى العمل المنظم وأصبحوا في السلطة وضمن أحزاب تعمل بالشارع السياسي ، ورغم أن كثيرا قد يختلف معهم إلا أن الجميع عليه أن يحترم العملية الديمقراطية خاصة بعد الاحتكام إلى صناديق الانتخابات والتي كشفت الأوزان الحقيقية النسبية في الشارع، خاصة في ظل الفترة الانتقالية التي تمر بها المنطقة العربية وما تتطلبه من إعادة بناء الدولة، صياغة التحالفات الإقليمية، ومن ثم فهي  مرحلة عدم استقرار واختبار وانتظار للنتائج.

وأعتقد الدكتور الربيع أن الاختبار الأصعب أمام التيارات الإسلامية يتمثل في مدى قدرتهم على اقناع اعدائهم او خصومهم في الداخل أولا قبل المجتمع العالمي، وعدم الرهان على مؤازرة القوة الخارجية لحمايتهم ، على اعتبار أن الوضع الراهن يختلف عن السابق من وجود أحزاب فاعلة ومجتمع مدني مؤثر في الحياة السياسية وإعلام قوي ومجتمع أصبح مطلعا على أدق التفاصيل بفعل وسائل الاتصال الحديثة، كما أن الحماهير عندما اختارت ممثلي التيارات الإسلامية كان ذلك وفقا لبرامجهم الانتخابية  وبرامج التنمية والتطوير والعدالة الإجتماعية ، والوعود بقيام دولة عصرية ذات شأن، ومن هنا فإن الجماهير تترقب مدى الإلتزام بالمصداقية في تنفيذ تلك البرامج ومن ثم فالوفاء سيجعل الناس تزداد إلتفافا حولهم أكثر وأكثر، وبالتالي فإن هذا النجاح الذي سيحققه الإسلاميون في تجربتهم الأولى في الحكم، سياسيا واقتصاديا، وقدرتهم على كسب الثقة في الداخل يجعلهم يكونوا أكثر ثقة في أنفسهم عند تعاملهم مع الخارج.

أضاف الدكتور الربيع بأن كافة المؤشرات تقول إن الإسلاميين يريدون أن تنجح تجربتهم، فهم يدركون أن هذا النجاح لن يتحقق في حال حدوث صدام مبكر مع الغرب، وأن عليهم التواصل مع العالم الخارجي طريق من أجل جذب مزيد من الاستثمارات الاجنبية لبناء اقتصاد قوي والانفتاح على الثقافات الاخرى، وإرسال إشارات إيجابية لطمأنة الحكومات الغربية في قدرتهم على التعامل والتواصل معا، وبالتالي التحول من الراديكالية الى الديمقراطية ومن العمل السري للعمل المؤسسي ومن الانغلاق الى الانفتاح على  الاخر. وينتظر الكثير في الداخل والخارج من التيارات الاسلامية الذي وصلوا للسلطة الاجابة مع مرور الوقت على عدة اسئلة من أهمها مدى التزامهم بالديموقراطية والتعددية السياسية والفكرية، وبالحريات، والتداول السلمي للسلطة،ومشاركة الاقليات في الحكم عن طريق تعينهم بمجلس الشعب او الشورى أو مناصب قيادية بالدولة .

تباين المواقف

من جانبه رأى المستشار القانوني اليمني عمار علي أحمد الأهدل أن تعامل الغرب مع دول الربيع العربي تباينت وفقا لطبيعة كل دولة على حدة، فبينما ابتعدت المؤثرات الغربية عن الحالة التونسية والمصرية وربما  اليمنية إلا أنها كانت واضحة جلية في الحالة الليبية وكذا في السورية، الأمر الذي انعكس بدوره على تيارات الإسلام السياسي بإعتبارها جزءا من المكون الشعبي والجماهيري في دول الربيع العربي.قال الأهدل  : إن الغرب الذي فقد المبادرة في الحالتين المصرية والتونسية والليبية ركب الأحداث الليبية مع تدخل الناتو وهو يحاول تكرار نفس السيناريو داخل سوريا وإن كانت المعارضة هناك وبالطبع تيارات الإسلام السياسي التي هي جزء لايتجزأ من الحراك لازالت فاعلة وقادرة على استكمال المسيرة بعد سقوط النظام.

 

الإسلام السياسي في تركيا.. أكثر من سؤال

أولع الكثيرون بالتجربة التركية " النموذج " الصاعد من خلال قيادة مجموعة توصم بأنها تنتمى إلى التيار الاسلامى فى ذهن الكثيرين ، وربما الاقرب إلى حركة الاخوان المسلمين ، منذ كانوا كوادر فى حزب الرفاه الاسلامى الذى بزعامه نجم الدين أربكان ، ثم قادة فيما بعد لحزب العدالة والتنمية ، وكلاهما يوصف بانه ذو خلفية اسلامية ، حيث لم يقر ذلك بشكل رسميا حيث أن قوانين الدولة كانت علمانية ولا زالت .الصعود السياسى التركى لتيار أردوغان وجول ، والذى برز صعوده خلال العقد الأخير ، و حين شوهد أردوغان وهو يغادر منصة منتدى دافوس بسبب رفضه لسياسية المذيع فى توزيع مناسب للحوار وللرد على الرئيس الاسرائيلى شيمون بيريز ، تحول اردوغان الى بطل فى دول العالم العربى أكثر منه حتى فى تركيا وفق تقديرات باحثين أتراك ، ثم جاءت الحرب على غزة عام 2009_2010 ليزداد النجم صعودا حيث توترت العلاقة بين الطرفين التركى الاسرائيلى على الرغم من انهما كانا حلفيين من قبل سواء من خلال دور تركيا فى الناتو أو الشراكة العسكرية بينهما التى كانت الاقوى بينهما، ومع نظام العدالة والتنمية وصل نمو الاقتصاد التركى إلى 8 بالمائة وهو معدل غير مسبوق ساعد على تأسيس ارضية قوية للحزب والنظام من الزاوية الاقتصادية تصوران لتركيا.

 

وقبيل زمن الربيع العربى كان هناك تصوران لدى التيار الاسلامي فى مصر وتونس إزاء الانبهار بالنموذج التركى ، أو محاولة جعلة نموذجا مبهرا ، كما يقول أحمد الاشقر الباحث المتخصص فى الشئون التركية : إن التيار الاسلامى فى هذه الدول لم يكن لديه نموذجه الخاص ، ومن ثم سعى إلى استغلال التجربة وقام بتسوقيها على أساس ان التيار الاسلامى فى تركيا هو صاحب التجربة ، وكانت المظاهر السياسية التركية دائما ما كان الاسلاميون يسعون إلى التلاعب بها لدغدغة عواطف الجماهير بهدف استثمار المقارنة بين النظم الديكتاتورية التى تحكمهم وبين النظام التركى، لكن الذى لم يدركه التيار الاسلامى فى تلك الدول أو ربما كانوا يدركونه، لكنهم أصروا على اسقاطه من الحسابات، هو أننا إزاء نظام نموذج لكن لأصحابه، تركيا دولة برجماتية ، ولا يمكن ان نقارن بين العلاقات التركية العربية وبين العلاقات التركية الاوروبية على الجانب الآخر ، تركيا تستغل كل هذه الاوراق فى ملف الاتحاد الاوروبي الذى تنتظر عضويته الكاملة التى سعت منذ عقود إلى الحصول عليها ، وأحيانا يقدر البعض أن التحول إلى العالم العربى والاسلامى هو محاولة للضغط على الاتحاد الاوروبي أو يأس من الاتحاد الاوروبى فتم اللجوء الى العالم العربى، لكن فى النهاية من يطلع على أدبيات الحالة التركية يؤمن بان هناك تكريسا لنموذج " الدولة العثمانية بمعطيات جديدة " ومحاولة انسلاخ من التتريك الاتاتوركي، وتروج الحديث عن نظام اقليمي عربي تبقى تركيا أحد أضلاعه هو رهان على الفشل، فمن الصحيح أن هناك مشتركات، لكن لا ترقى إلى الاندماج فى مستوى اقليمي، خاصة أن أى نظام اقليمي سيطرح تريد تركيا أن تكون هي من يقوده وهذا لا يناسب تاريخ الدول العريقة فى المنطقة خاصة مصر ، لكن بناء على القدرات والامكانات التركية يمكن أن تكون تركيا دولة نموذجا لغيرها لكنها لا يشترط أن تكون القدوة لأن كل دولة تمثل حالة خاصة. كما أن مصر ليست معنية بتحقيق أحلام الامبراطورية التركية فى استعادة الخلافة. هذا الزمن انتهى ومن يراوده هذا الحلم لا يعيش فى الواقع.

علمانية الدولة

بعد أن وصل الاسلاميون إلى الحكم استحضرت التجربة التركية ، خاصة فى مصر ، حيث وصل الانفتاح إلى أقصى درجاته من حيث الزيارات المتبادلة، التى كان أبرزها مشاركة الرئيس محمد مرسي في المؤتمر السنوي لحزب العدالة والتنمية، وجاء أردوغان الى مصر ، لكن بدأ منحنى فكرة النموذج والتقليد يتضاءل، حتى لدى الاسلاميين الذين لطالما دافعوا عن الفكرة ، كما يقول إيهاب حسين وهو مراقب للنموذج التركي فى وكالة أنباء الشرق الاوسط قال : " لا يمكن ان نتجاهل وقع تصريحات أرودغان قبيل مجيئه إلى القاهرة وهو يتحدث قبل ثلاثة شهور مع برنامج توك شو شهير على علمانيته وعلمانية الدولة التركية التى لا تعني مناهضة الدين، هذا تسبب فى أزمة خاصة فى فهم الكثير من الاسلاميين تفاصيل التجربة التركية التى تقف العلمانية فيها على أرضية جديدة ، وهذه الأرضية هى التى جاءت بالنموذج الاسلامي ، لكنه قد يكون موجودا فى المشهد اليوم ثم يغادر غدا بقواعد اللعبة العلمانية الليبرالية الديمقراطية وليس وفقا لنموذج اسلامي سياسي من نوع خاص ، ومن ثم نحن نتحدث عن مرحلة فى التاريخ التاريخ التركى ، من الصحيح أنها محل تقدير واعجاب لدى الكثيرين، خاصة بالنظر إلى أرقام الاقتصاد والتنمية ، وتحول تركيا التي اصبح لديها فائض ميزانية كبير يؤمن الاقتصاد لسنوات إلى مانح، ومصر تقترض من تركيا، ومن ثم إذا كنا نتحدث عن تقارب ، فلن يزيد على تقارب ما بين حزب الحرية والعدالة الحاكم فى مصر ونظيره فى تركيا، وكذلك فى النهضة فى تونس، وليس صناعة النماذج وربما يكون الوضع بين الحرية والعدالة فى مصر أقرب للتقارب بالنظر للعلاقة الوطيدة بين أقطابه التى وصلت إلى حد المصاهرة بين كوادر من العيار الثقيل بين الطرفين منذ رمن الراحل أربكان".

تجربة صاعدة

الصحفية التركية نوازن ملى التى تزور القاهرة دوريا غالبا تتوقف أمام عناويين السياسية بين البلدين الآن فى ظل نظامين تقربهما الملامح السياسية والمنبت الايدلوجى، قالت: إن كثيرين يعتزون بالتجربة التركية ، لكن من يتحدث عن أنها تجربة صاعدة فى التقدم فهو يسقط الكثير من التاريخ فى حق هذه الدولة، كثيرون من العلمانيين الحقيقيين ينظرون للتجربة فى سياق التاريخ ، ولا يمكن ان نطرح جانبا أن كثيرا من هؤلاء العلمانيين ايضا وهناك الكثير من الاحزاب العلمانية فى تركيا تدرك ان الهوية نفسها التى وضعها أتاتورك من قبل شهدت تحولا كبيرا ، سواء فى مظاهر الدولة فى التعاطى مثلا مع المناسبات الاسلامية، أو مظاهر الزى ، أو غيرها من المؤشرات لكن يبقى كل هذا على السطح ، إذا ما أعتبرت أن فئات أخرى انها همشت ، وأن سياسية التعامل مع المعارضة خشنة ، وان السياسية أيضا فى مناطق الاكراد مقلقة للكثيرين ، حتى ولو كان الاقتصاد جيد وسمعة الدولة فى الخارج محل تقدير واعجاب.

سياسة ناعمة

فى المقابل عبد الله أردوغان وهو باحث تركى أيضاً ، يقول : إن تركيا لديها الكثير من المقومات التى يمكن أن نسميها بالسياسية الناعمة، فمن يتجول فى الاسواق فى دول الربيع العربى خاصة فى تونس ومصر يدرك أن تركيا رقم مهم فى هذه الاسواق، حتى الدراما التركية اليوم ربما أحلت محل الدراما السورية، وباتت فى المرتبة الاولى للدرجة بين اهتمامات الاسرة المصرية، لقد نجحت تركيا إذن أن تدخل كل بيت مصر إذن، وفى السياسة لا يمكن أن يتجاهل أحد أن حديث التيار الاسلامى فى مصر عن " النهضة " هو كان مجرد محاولة استعارة أو إشارة بألاصبع على الخريطة على التحول الاقتصادى والسياسى التركى الناهض، ألم يتخلص الاسلاميون فى مصر من حكم العسكر فى مصر فى الوقت الذى أشير فيه إلى الوضع التركى المماثل فى هذا الاتجاه؟ إذن لماذا نتجاهل أن تركيا يمكن أن تكون قدوة ونموج قابل للتكامل مع أطراف رئيسة فى المنطقة رأسا برأس؟

المصدر: http://www.alyaum.com/article/3066675

 

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك