كيف تَعرفُ مُستقبل أمّة؟ معلومات يجهلها المثقفون و حتى قادة الدّول

عزيز الخزرجي

أهم سبب في إنحطاط العالم العربي عموماً و العراقي خصوصاً هو قلة القراءة, حيث بيّنت الأحصاآت بأن الوطن العربي عموماً يعاني من قلّة القراءة, فقد أشارت الدراسات  بأن كل مليون عربي يقرؤون فقط 30 كتابا متوسط الحجم!

و قد قلتُ قبل أعوام لبعض الأخوة المشاركين في المنتدى الفكري, مقولةً هامّة جدّاً يتذكرها الأذكياء فقط, و هي:
[إذا كنت لا تقرأ إلّا ما يُعجبكَ فتيقن بأنّك لن تتثقف]!

فآلمقارنات و الدراسات قد كشف لنا بأن وضع القراءة في العالم العربي محزن للغاية، و نحن هنا نتحدث عن القراءة أيا كانت و بأية وسيلة، حتى كتب الطبخ أو التنجيم .. فما بالك بقراء النقد الأدبي، أو النص الإبداعي أو تحليل رصين, أما القضايا الفكرية فلا يُعتنى به, بل ربما بعض المتعلمين يعتبرونه مضيعة للوقت!؟

بعض أسباب ضعف القراءة في العالم العربي:
الوضع الاقتصادي المتدهور الذي لا يسمح بشراء الكتب بل و عدم وجود الأوقات المناسبة لذلك بسبب العسر الأقتصادي، وكذلك انتشار الأمية التي تبلغ أعلى مستوياتها في دول عربية مثل: اليمن، موريتانيا، و جيبوتي و حتى العراق، إضافة إلى انتشار الجهل حيث هناك نسبة واسعة من المواطنين يتركون الدراسة بعد انتهاء المرحلة الابتدائية، و يلتحقون بسوق العمل!

فالناس، أو أغلب الناس، في العالم العربي لا يجدون قوت يومهم لذلك ظلوا يعتبرون لقمة الخبز أهم من الحرف و طلب العلم، و صحن طعام أهم من جملة مفيدة، و كيسا من المواد الغذائية أهم بكثير من مقال في جريدة أو قصة قصيرة!

 محنة المحن؛
أنّ نسبة 78% من طلاب الجّامعات العربية يتخرّجون و لا يستعيرون كتاباً واحدا من مكتبة الجّامعة أو حتى المكتبات العامّة طيلة حياتهم الجامعية, ناهيك عن نسبة كبيرة من الطلاب الذين لا يدخلون مكتبة الجامعة أو الثانوية بتاتاً.
   الإحصائيات الحديثة لليونسكو غريبة و مخيفة جداً, فالمواطن العربي يقرأ 6 دقائق في اليوم أمّا المواطن العالمي فيقرأ 36 دقيقة يومياً, و ثلث رجال العرب لا يقرؤون أصلا!
أما النساء فنصيبهن أقل بكثير من المعرفة والتحصيل العلمي عموماً!

أمّا لو قارنا وضع أطفالنا مع أطفال بعض الدول كآليابان و إسرائيل؛ فأنّ الطفل الياباني يقرأ 7  دقائق يومياً أمّا الطفل الإسرائيلي فأنه يقرأ 13 دقيقة يومياً, و آلطفل العربي لا يقرأن سوى دقيقتين!
   هل تعلم أنّ الورق الذي تستهلكه كلّ دور النشر العربية يساوي الورق الذي يستهلكه دار نشر فرنسية واحدة!
   في أمريكا يصدر 50 ألف كتاباً جديداً كل سنة و 10 آلاف مجلة سنوياً .. و في المقابل تبلغ الإصدارات العربية التي لا تتجاوز بأكملها 5 آلاف إصدار فقط!
   و يومياً تصدر حول العالم 7 آلاف دراسة علمية جديدة   و أعز مكان في الدنى سرج سابح و خير جليس في الأنام كتاب.

  اقرأ و اختبر سرعة قراءتك فالإنسان الطبيعي يقرا 250 كلمة في الدقيقة و يوجد أناس قد زادوا سرعتهم إلى أضعاف و ذلك من كثرة المداومة و القراء و من قرأ 21 يوما متواصلاً تصبح القراءة عنده عادة متواصلة.   هل تعلم أن 70% من المعلومات الموثقة تأتي عن طريق القراءة, بل الباحثين يعتمدون على دراساتهم العلمية على المصادر المكتوبة.

أيها القارئ الكريم؛ هناك حكمة صينية تقول:   [إذا أردت أن تعرف مستقبل أمة فانظر إلى ما يقرؤوه أطفالها]!

·           دع طفلك يراك و أنت تقرأ فإنه سيأتي بكتابه و يجلس إلى جانبك تقليداً لك!

حاول أن تُؤسس مكتبة في البيت و إهتم بجمع الكتب, و عليك بإختيار الكتب المفيدة و المناسبة لأعمار ألأطفال.|

في العواصم و المدن الغربية؛ يوجد في كل شارع و منطقة تقريبأً مكتبة مركزية, يمكنك الحصول على أي كتاب تطلبه, حيث تتكفل المكتبة بآلبحث حتى في الدول المجاورة لجلب أي كتاب في حال عدم وجوده في المكتبة.
في الختام أود إضافة تعليق هام كتبته على الموضوع كجواب لسؤآل هامّ ورد من أحد الأخوة في صفحة المنتدى الفكري, مفاده:
[ألمشكلة ليست في من يقرأ .. انما المشكلة في من يكتب و ما اكثر الكتب التي تم حشوها كذبا وزيفا]!

ألأخ مثنى الخزرجي؛ ملاحظتك جيدة .. بل تأتي بموازاة ما كتبتُ و لعلك أكملت جانباً هاماً من البحث بسؤآلك الهام, لأن السؤآل ألجيد بحدّ ذاته يمثل وعياً متقدماً .. بل يُعدّ بمثابة العلامة الدالة في الطريق, كما العلامات المروريّة في دروب الحياة!

يجب أنْ نعرف لمنْ نقرأ!
تابعت الكتب التي طُبعت في الفترة الأخيرة, خصوصاً تلك التي طُبعت من خلال شبكة الأعلام العراقي, و تبيّن لي بأنها كُتب فارغة من أيّ محتوى فكري حقيقيّ, و لا ترتقي لمستوى طلاب الأعدادية ناهيك ما بعده!

و أتذكر أن الكتاب الأخير الذي طُبع كان لكردي و هي رسالة دكتوراه في علاقة الأخلاق بآلقانون؛ و اللطيف أن هذا الطالب, لم يعتمد على المصادر الحقيقية و هي الكتب السماوية و آلأخص القرآن الكريم و كذلك أقوال الفلاسفة العظام سوى بعض الفلاسفة الأوربيين, هذا من جانب و من جانب آخر أننا قبل خمسة عشر عاماً بحثنا الموضوع في مجلّد كامل و أسهبت فيه في طرحي لنظريّة الدّولة الأسلامية و موقف الفلاسفة الأسلاميين بإعتبار الأسلام هو الذي ركّز أكثر من غيره على مسألة العدالة و الأخلاق, حتى جعل الأخلاق غاية الرسالة الأسلامية بحسب تصريح الرسول(ص), الذي قال:
[إنّما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق]!
لكن للأسف نرى أن هؤلاء المتصدين للأعلام لم يقرؤا ذلك الكتاب, رغم إني نشرته على صفحات الأنترنيت فصلا فصلاً و على مدى ستة أشهر تقريباً!

و لك أن تتصور عزيزي المثقف؛ مستوى وحالة الوعي الثقافي و الفكري في العراق و الأمة العربية, حين يفوت القرّاء مثل تلك البحوث الهامة و لا ينتبهوا لها إلا بعد عقود و هنّات, ثم يعرجوا عليها لتقديمها بشكل ناقص و فقير!

و السؤآل الذي يتبع ما تفضلت به؛ مَنْ هم ألمُفكرون الذين يجب أن نقرأ لهم؟
و أساساً؛ هل يوجد في الوطن العربي و خصوصاً في العراق مُفكرون؟
أسألةٌ هامّة أستطيع الأجابة عليها بإختصار و بلاغة و حكمة بـ:
إقرأ لمن لم يتدنس بطنه قبل عقله بآلمال الحرام!؟

و المشكلة هي أننا لا تعرف إنسانا مثقفاً واحداً في أمة العرب لم يأكل الحرام و لم يتدنس فكره و روحه بآلأفكار الألتقاطية و المتنوعة في خليط يصعب معرفة لون واحد فيه, خصوصا السياسيون والتابعين لهم من الأعلاميين أو من يتسلط على المقدرات الأعلامية؟
و أعتذر للأخوة الأعضاء في المنتدى الفكري؛ على الصراحة التي أبديتها.
لعلمي بأن قول الحقّ مرٌّ .. بل كان مُرّاً منذ أن خلق الله آدم(ع) الذي تحمل و أبنائه مراراة المواقف الصادقة و كلمة الحقّ حتى يومنا هذا!

- See more at: http://www.alnoor.se/article.asp?id=251640#sthash.bRWOuxuy.dpuf

 

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك