التعصب ونتائجه على الفرد والمجتمع

التعصب ونتائجه على الفرد والمجتمع
سهام شباط
التفكير عملية إيجابية مقصودة، يتفرد بها الإنسان عن سائر المخلوقات، وتمثل جوهره وأهم خصائص تميزه، والتعقل لغة: يعني تكلف العقل ويتضمن القدرة على ربط الأمور وتقييمها ومحاكمتها، والعقل أو التفكير ليس معرفة ولا معلومات، ولكنه آلية نعالج بها أموراً في المعرفة والمعلومات، لنستطيع من خلالها أن نتعلم ما يساعدنا على تغيير حياتنا نحو الأفضل، وإذا لم نتعلم ستملأ أدمغتنا بمعلومات تافهة ليست ذات فائدة بل وليست إلا معلومات تسيطر علينا وتشغلنا وأحياناً تؤدي إلى كوارث لنا ولغيرنا في المستقبل.
يقول ريتشارد باندلر: معظم الناس لا يستخدمون عقولهم بشكل مقصود وفعال وهم أسرى لما تمليه عليهم، وكأنهم يجلسون في مؤخرة الحافلة، فالعقل كالآلة وإذا لم تعطه شيئاً ليعمل فإنه سوف يعمل دون أن يهتم بما هو، ويدور ويدور دون أن يتوقف والمهم في هذا أن يكون عندك المفتاح لتستطيع ضبطه وقيادته وتوجيهه لما تريد وليس لما يريده الآخرون.
وهذا لا يغذيه سوى المعرفة والتحصيل العلمي لأن سبب الخطيئة البعد عن المعرفة والتي بدورها تؤدي إلى الحقيقة والسلام والخير، ولذلك على الشباب المعاصر معرفة أن من أكبر جرائم المجتمع والشباب هو البعد عن تحصيل العلم والمعرفة، فسوء الفهم والتفسير لأي رأي صحيح لا يقل خطورة عن تبني رأي مغلوط، فمن المهم أن تكون سلوكاتنا وأداؤنا سليماً برفقة العقل الذي هو أساس المعرفة والتي تجعلنا نسيطر بشكل سليم على أنفسنا ونسخّر الطبيعة لمصلحتنا ومصلحة مجتمعنا، فالمعرفة قوة كما يقول "بيكون" فالمستقبل للمجتمعات المتعلمة وليست الجاهلة، والمستقبل يضم الحياة والفرح والسعادة والمال والتقدم والحضارة..
ولعل أهم مستقبل للمجتمع وهو الثروة الضخمة التي يملكها من ذوي العقول من الناس وأكبر مثال على هذه المجتمعات هو اليابان، فقد أصبحت أقوى الدول علمياً واقتصادياً وبواسطة علمها وأخلاقياتها رغم أنها مجموعة جزر صغيرة تملك أراض زراعية صغيرة أصبحت بعقول أناسها من أكبر دول العالم في التجارة والصناعة.
ولا نقصد بالمعرفة التعليم الدارج فهو نظام لم يعد صالحاً إنما نقصد بالمعرفة التي تلامس قلوبنا وتفتح أقفالنا فتحركنا بفعالية ونشاط " لنتحول من إنسان متأثر إلى إنسان مؤثر". معتمدين على التفكير العلمي في النظر إلى الأمور زادنا الفعل والبرهان المقنع بالتجربة والدليل.
فتكديس المعلومات وحشو الأذهان بها ليس ميزة إنما هو عائق دون القدرة على التفكير وتحليل الأمور، ويجب ألا تكون المعرفة غاية بحد ذاتها ،بل مقدمة لتحسين الحياة التي نعيشها لنسهم في تطوير أنفسنا ومجتمعاتنا لمواجهة عالم شديد التعقيد سريع التغيير.
فكل علم ومعرفة لا تغيِّر في حركة المجتمع وتطوره هي حقيقة فارغة، وكل معلومة أو فكرة لا تؤثر في عالم الأشخاص وسلوكهم تعتبر ثرثرة لا فائدة منها.
والإنسان الفعال الحق هو الذي يحرر نفسه من الأوهام والخرافات والفهم الخاطئ للمعرفة والحقيقة بعيداً عن التفكير السطحي الخاطئ والذي يتخلص من الممارسات اليومية لبعض الأشخاص- وللأسف الكثير منهم من درسوا في الجامعات- كمتابعة الأبراج وقراءة الحظ وتفسير الأحلام والدجالين والمشعوذين وكل من يفكر بأن هؤلاء لهم قدرة على معرفة الغيب والاتصال بالله عزّ وجل أو يتصف بقدرات خارقة عن غيره فقد أخطأ الرأي والعمل، وبذلك يكون قد أبعد عقله وفقد رشده.
وكم من البرامج على الفضائيات وتبث من محطات كثيرة تتكلم عن الظواهر الخارقة، ومعرفة الغيب والتخاطر والشعوذات يراد منها إلهاء الشعب والمجتمع عن مشكلاتهم وحياتهم والسيطرة على تفكيرهم وعقولهم وتشتيتها بأي وسيلة كانت "السلب الثقافي والهيمنة الإعلامية على الشعوب".
ولكن الإنسان إيجابي التفكير يعرف حق المعرفة بأنها لن تغير موقفنا تجاه العلم لأن زمن الخوارق والمعجزات قد ولى إلى غير رجعة.
والكل يعرف بأن الإعلام الغربي والأميركي يحاول تشويه صورتنا كعرب عندهم وعندنا فيسهم في تشويه صورتنا، وقد أصبح عندهم العربي إنساناً شيطانياً إرهابياً همه القتل والسلب والنهب، جاهل متخلف يركض وراء القشور من الأشياء "أهمها الجنس"، والإدمان والمخدرات.. وللأسف يحاول تشويه أنفسنا لأنفسنا عن طريق بث البرامج المسيئة للعرب عند العرب والطامة الكبرى بأن كثير من البرامج العربية تساعد في ذلك عن طريق شرائها لهكذا برامج متخفية بأثواب من البراءة والطهارة، ولكن والحمد لله أن أكثر هذه البرامج مكشوفة، الناس يعرفونها ويستدلون عليها عن طريق استخدام تفكيرهم السليم، لأن كثرة عدد أهل الباطل لا تجعل الباطل حقاً، وقلة عدد أصحاب الحق لا تجعل الحق باطلاً، وعلينا أن نستخدم إرادتنا في الوصول إلى الحقيقة فميزان الوصول إليها التفكير السليم دون الذوبان في سلطة الآخرين ولو كان "السلطة الآبائية أو المعلم".
فالهدف من الحياة في الأسرة ليست الذوبان في أداء الأسرة أو سلطة المعلم إنما هي الاستفادة من طرق تفكيرهم ووصفها كحجر أساس والانطلاق منها في تفكيرنا الخاص بنا لأنه آن الأوان لننطلق بتفكيرنا وعقولنا ونرفض كل تفكير جاهل وسخيف مشوه ومريض ولنتمسك بالحق والعلم والدين الصحيح والتفكير المستقيم والأعراف القيمة الصالحة المفيدة لكل الناس ولخير الناس، سلاحنا المحبة والتسامح والإخاء.
فالإنسان المبدع لا يساير أحداً بل يستخدم تفكيره ويبتدع طرقاً وأساليب ليقنع الآخرين، إن الله تعالى خلق لنا العقل وخصنا به عن سائر المخلوقات لنفكر وليس ليفكر غيرنا عنا ونسير وراءه كالأعمى، بل كل إنسان خصه بعقل عليه أن يستخدمه يقول برنارد شو:" الناس المسايرون يكيفون أنفسهم مع العالم من حولهم" متأثرين بالمعرفة فقط، أما الطامحون وأصحاب المطالب العليا والمتمردون على المألوف فيكفون العالم ليتوافق معهم، ولذلك نجد بأن أي تطور في المجتمع يعتمد عليهم.
ومعظم الذين فكروا بشكل مختلف عن مجتمعهم وبيئتهم، لا لمجرد المخالفة والظهور على مبدأ "خالف تعرف" بل لقناعة صارمة أنهم على حق أثبتت الأيام أنهم كانوا صائبين، وهم من ندعوهم ليوم بالمبدعين ونعترف بمساهمتهم بإحداث التغيير وصنع الحضارات.
يقول إيميرسون لا تقلد أبداً، أكد على نفسك، بوسعك أن تقدم ما عندك، أظهر موهبتك الخاصة بك، بارك أعمال الآخرين واستفد منها ولا تتبناها لأنها وجدت لهم ولمجتمعهم، وأنت لك آراؤك التي تخصك وتخص مجتمعك، حافظ على جذورك الأصيلة والجيدة وحاول أن تطورها وتمدنها وتستفيد منها في نقلها للشعوب الأخرى على أنها منّا ومن إنجازنا وليس من إنجاز الآخرين.
لا تتعصب في تفكيرك لأنه العدد الأكبر والذي يوصلك للجهل والخراب ويبعدك عن الحقيقة والتفكير العلمي السليم، والتعصب في اللغة معناه: وصنع العصابة على العين لكيلا تبصر، وهو اعتقاد بأننا نسير على الطريق الصحيح وبأننا نملك الحقيقة كاملة وأن الآخر على خطأ دائماً.
والتعصب تفكير يخيف الإنسان في دفاعه عن مبدأ أو فئة أو عقيدة أو مذهب، فلا يسمح بحرية التفكير وهو يعفي صاحبه من إعمال عقله وإعادة النظر فيما يؤمن به من أفكار ومواقف وسلوك، لأن القالب عنده جاهز، وهو محنط داخله لا يستطيع حراكاً كالتمثال، والتعصب يصيب الفرد بالطاعة العمياء والخضوع والإذلال لما يؤمن به دون إعطاء الفرصة والمرونة ليفكر بما تلقاه أو أخذ به معتمداً على غسل دماغه ومسحها من كل المعرفة والحقيقة التي تؤدي لخير الإنسان وللأسف زرع أفكار ومبادئ وعقائد برأيه أنها هي الحقيقة واليقين.
وقد لعبت دول غربية كثيرة على هذا المنوال فاليهود، والألمان، والأميركان هم شعوب الله المختارون وعليهم السيطرة على شعوب العالم.
وللأسف فقد اقتنع كثير من الناس بهذا ودللوا عليها، فالألمان واليهود والأميركان صدقوا أنفسهم بأنهم أفضل شعوب العالم، حتى نحن كعرب صدقنا هذه الكذبة، لأننا أردنا أن نصدقها بإقفال عقلنا عن التفكير السليم.
لا يمكن للعاقلين أن يختلفوا على أن التعصب آفة، لأنه يأكل عقل الفرد وروحه، ويشتت جهد الجماعات الوطنية في معارك فرعية، بعضها قد يتسع ويستفحل ليهدد مصير الأمة، لهذا علينا أن نبتعد عن التعصيب ونتسامح مع الآخرين، وندرك أن هذه فضيلة لا يمكن التفريط بها، وإنها كعادة كل الفضائل تقع في منزلة بين المنزلتين أي في منتصف المسافة بين التعصب واللامبالاة.
لأن التسامح هو مرونة في العقل وصورة من صور التكيف مع الذات والآخرين، وضرورة من ضرورات الانسجام المتبادل مع الآخر، وتحاشي الصراع من أجل التوصل إلى حل عملي في ظل عدم التدخل في معتقدات وتصرفات الآخرين والتي لا يحبذها المرء، ولا تروق له، وعش واترك الآخرين يعيشون وهذا مثال بسيط عن التسامح، وتوجد درجات متنوعة لمبدأ التسامح وعدم التدخل في شؤون الآخرين منها أن يتجاهل المرء الآراء والأفعال التي لا تناسب طبيعته، وأن يعبر عن عدم تحبيذه لها.
وأن يحاول دحض الأفكار والآراء التي لا يستسيغها بطريقة حوارية بعيداً عن العنف ويوصف كل من يحرم الآخرين عن التعبير عن رأيه ويختلف معه بالتعصب والاستبداد.
ويظهر ذلك من خلال أشكال متعددة للتعصب، مثل التعصب الديني والتعصب الثقافي والتعصب الاجتماعي.
أما التعصب الديني والذي يقف ضد التسامح الديني ويسمح لكل الناس بممارسة طقوسهم الدينية دون أذية أو إجبار أو إكراه، ولعل أبرز صورة نقية خالصة لله وحده هو ما يجري في سورية في إطار حوار الحضارات وما تتصف به بلدنا من تسامح ديني كبير بين الإسلام والمسيحية بين العرب مسلمين ومسيحيين، بين السوريين وبين العالم بأجمعه، فقد أقر الإسلام مبادئ الإخاء الديني والاعتراف بالآخر واحترامه والمساواة بين الناس جميعاً والعدل في التعامل مع الناس بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والعرقية.
وقد أكد "الكندي" العالم والفيلسوف الكبير أهمية ثقافة التسامح والتي هي عكس التعصب حين دعا إلى ضرورة البحث عن الحقيقة لذاتها، وعدم إحاطة رجل واحد بالحقيقة بل قد لا يحيط بها الجميع، وتعرض الكل للخطأ، كما أن الوصول للحقيقة تتطلب مشاركة الناس جميعاً، وأن التسامح ضرورة من أجل تحصيل التقدم.
وقد دعا المؤتمر العام لمنظمة الـ يونيسلو تعريفاً للتسامح يرى فيه ما يلي:
1- الاحترام والقبول والتقدير والتنوع الثري لثقافات عالمنا مع أشكال التعبير المتنوعة.
2- التسامح ليس معناه المساواة والتنازل أو التساهل بل هو اتخاذ موقف إيجابي فيه إقرار بحق الآخرين في التمتع بحقوق الإنسان وحرياته المعترف بها عالمياً.
3- التسامح مسؤولية تشكل عماد حقوق الإنسان والتعددية "بأشكالها الثقافية والديمقراطية وحكم ولا ضرار".
4- لا تتعارض فكرة التسامح مع احترام حقوق الإنسان، ولكن هذا لا يعني بأن آراء الفرد يجب أن تفرض على الغير "لا ضرر ولا ضرار".
أما التعصب الاجتماعي القائم على قيم وعادات وأفكار ومبادئ رثة بالية نتمسك بها ونؤمن بها لمجرد أنها نابعة من قبيلتنا "الأخذ بالثأر" وأد البنات – القتل للشرف- العصبية القبلية، المجتمع الذكوري، المجتمع الأنثوي، ما يفرض على المرأة بمنعها من حقوقها الإرث- العمل- التعليم- الأمومة، بدافع أنها زوجة للمتعة وخدمة الرجل.
ونأتي إلى التعصب الثقافي: ويأتي هذا من جملة تراكمات أسرية- مجتمعية- عبر سنوات حياته وحقنه بجملة من الآراء والأفكار والمعتقدات الثقافية القابضة على عقله لإقفاله والتأثير عليه وغسل دماغه وحشوها بتيارات ثقافية موجهة ضده بأي شكل من الأشكال.
وتتجلى فكرة التعصب الثقافي بإلغاء الآخر ومنع الحوار، والأخذ بفكرة التسلط والهيمنة الفكرية، والعنف ضد الآخر، والاستلاب الفكري ومحو حق الشعوب الأخرى، ومحو ثقافتهم وجذورهم وأصالتهم بحجة أن الأرض كرة واحدة ليس لها أبعاد وأننا شعب واحد البقاء فيه للأقوى، وتحذير الشعوب بأن العالم قرية صغيرة ويجب أن ندخل في مود اللعبة الشرسة التي تجتاح الشعوب "وهذا ما يعيدنا برأيي إلى الوراء، لأننا قاربنا كعالم عربي بأن تنزاح جذور حضارتنا العربية من تحت أقدامنا وأخذنا ننجرف بتيار العولمة والتكنولوجيا وابتعدنا عن أصالتنا وهنا الخوف على شبابنا من الانجراف إلى هاوية الشعوب القوية لنصبح كالأسماك الصغيرة التي تبتلعها الحيتان في أعمال البحار "سهلة الانقياد، ضعيفة الجسم، هشة التفكير، قلقة السلوك، لا تنظر أبعد من أنفها".
ومن أشكال التعصب الثقافي فكرة "خلق العدو" والمعتمدة على أن كل الشعوب هم أعداؤنا وعلينا أن نكون ضدهم، وهذا ما حصل مع الإغريق إذ تحدثوا عن التهديد الفارسي، والرومان تكلموا عن خطر أهل قرطاجنة، وتناول الأوروبيون في زمن نهضتهم أحاديث مسهبة عن العدو التركي، ثم شهدنا الخطر الأصغر، ومن بعده الأحمر.
وهناك التعصب العرقي والذي اعتمد على إراقة الدماء الغزيرة عبر التاريخ " الهنود الحمر- وما جرى لهم على يد الأميركيين، وما تفعله إسرائيل بالفلسطينيين والعرب".
إذن من هذا نرى بأن العقل إذا لم نحكم استخدامه لمصلحة الإنسانية فهو لدمار البشرية بأنواعها، وإذا لم نستخدم المعرفة والعلم لمنفعة البشرية فهو لتدميرها، وهذا ما نشهده من خلال الاختراعات العلمية وخاصة في أميركا ليجعلها المهيمنة على العالم وكل ما خالفها فهو عدوها ويجب القضاء عليه وأي حوار تقوم به مع الشعوب وأي ديمقراطية تمارسها مع العالم فالنزعة التدميرية القائمة على تعصبها الثقافي والسياسي يجعلها العدو المشترك للإنسانية أجمع متسترة تحت غطاء البراجماتية "منفعة ذاتية" خدمة للشعوب في رأيها، ولكن العكس هو الصحيح علمها فقط لمنفعتها هي وللضرر بالآخرين، فهي تقتل وتشرد وتسيطر على البلاد وتغزوها لتسيطر على ثرواتها باسم نشر العدالة والديمقراطية ويحق لها ما لا يحق للآخرين فأي تعصب أكثر من هذا وما توصف به القوة لا يقف عند ذلك إنما تكيل الصفات بالإرهاب لبقية الشعوب المدافعة عن حقها وأمنها وسلامها "الدول العربية" وتهدف إلى التسامح والسلام والمحبة مع شعوب العالم.
ولذلك على دولنا العربية أن تلم شتاتها وأجزاءها وتتوحد ضد أي غزو ومن أي نوع كان لتعيد لحضارتها العربية الأصيلة رونقها.
ولذلك نصيحة مهمة لشبابنا العربي:
أن يتسلح بالعلم والمعرفة ويتخلص من الأوهام والخرافات، ومن الجمود والجهل والتقليد والتعصب الأعمى، ومن الاستكبار والآبائية القائمة على الطاعة بدون قناعة والعبودية بدون حوار، ومن سلطة القدم والانتشار، والابتعاد عن التفكير الغوغائي الأعوج والذي لا طائل منه والمعتمد على العاطفة وليس العقل "أنا كما أنا" وعليك أن تتقبلني كما أنا هذا خطأ علينا إصلاح أنفسنا وأن نريد لها الخير كما نريده للآخرين.
"انصح نفسك قبل أن تنصح الناس": اسلك الطريق المستقيم في الوصول إلى الحقيقة، تخلص من سجونك الأربعة: نفسك، الطبيعة، النظام الاجتماعي المتخلف، من الآخرين- وخاصة عندما يلقوننك حرفياً ما يجب أن تفعل-، وبهذا تكون إنساناً حراً مبدعاً واعياً ناشطاً وفعالاً، وعندها تتحمل المسؤولية بأمانة وإخلاص ومحبة لذاتك وللآخرين مسلحاً بالإيمان والتسامح والخير والمعرفة، لأن الله تعالى في الكون والحياة والطبيعة والمجتمعات والبشر والأشياء فهو خالق ومنظم لها.
وإيمانك بهذا الخالق العظيم مع التسلح بالعلم والمعرفة يهديك إلى الحقيقة الخالصة وإلى التميز بين الحق والظلم الخير والشر.. في هذا الكون. إن الله تعالى يقول لنا لن أغير ما بكم حتى تغيروا ما بأنفسكم.
عليكم أن تغيروا حالكم، اعملوا، وأصلحوا أخطاءكم، ومجتمعكم، وكونوا صالحين، راضين تفاءلوا بالخير تجدوه تمتعوا بالخير والمحبة، لا تتمثل الأشياء التي لا تحبها لا تمثل أو تنافق للآخرين ضد قناعاتك إذا لم تقتنع بها.
ابدأ بأسرتك وعامل أفرادها بالندية واحترم الآخرين، استشرهم في كل قضاياها ثم أخرج إلى أهلك وعاملهم باللين والمرونة والديبلوماسية فتقربهم منك وتشدهم إليك وتقوي أزرك وتجدهم بقربك في محنتك، في فرحك وحزنك، وعمم تجربتك على أصدقائك وأحبائك في العمل والمجتمع، ولو أن كل فرد منا سلك هذا الطريق لصلحت الأمة والبشرية، ومهما كثر العنف والدم والكره والحقد والتعصب فليكن زادنا العلم والمعرفة لأنها السلاح الأقوى في الوصول إلى الحقيقة.

مراجع البحث
- الإنسان والإسلام. د. علي شريعتي، ترجمة عباس الترجمان دار الروضة 1992م.
- بدعة التعصب المذهبي، محمد عبد عباسي، دار البيان 1970م.
- التخلف الاجتماعي، سيكولوجية الإنسان المقهور، د. مصطفى حجازي، معهد الإنماء العربي.
- تكوين العقل العربي د. محمد عابد الجابري، بيروت مركز دراسات الوحدة العربية 1988م.
- حتى يغيروا ما بأنفسهم، جودت سعيد، دار الثقافة للجميع 1975م.
- حكمة الغرب، برتراند راسل، ترجمة د. فؤاد زكريا، عالم المعرفة 1983م الكويت.

المصدر : العدد 39 أيلول 2010
http://www.albahethon.com/?page=show_det&id=1015

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك