الى الحاكم الاسلامي حزبا او رئيسا او قائدا: كن كالأسفنجة تمتص كل الحانات ولا تسكر

قاسم قصير

المتتبع لوسائل الإعلام المختلفة يلحظ بوضوح أن الأخبارالأساسية في العالم اليوم وخصوصاً في العالمين العربي والإسلامي، تتركز حول الحركات الإسلامية ودورها وموقعها في الصراع. وتناقش مختلف التقارير والدراسات والأخبار موقف الإسلاميين مما يجري ودورهم السياسي وعلاقاتهم بالقوى الأخرى، إضافة للحديث عن الصراعات المختلفة الدائرة في أكثر من بلد عربي، والتي تحوَّل فيها الإسلاميون طرفاً أساسياً من خلال مواقعهم الجديدة في السلطة. وكل ذلك يؤكد أن الإسلاميين لم يعودوا قوة هامشية أو قوة خارج المجتمع، بل هم أساس الصراع القائم في الحكم وفي المجتمع.

لكن ما يلاحظه المراقب، أن بعض القوى والحركات الإسلامية تحاول أن تعطي أبعاداً غير صحيحة لهذا الصراع، فأحياناً تعتبره وكأنه صراع بين القوى المؤمنة والقوى الكافرة، أو بين من المؤمنين بالإسلام وغير المؤمنين، أو بين ما يريد تطبيق شرع الله ومن لا يريد تطبيقه. وفي أحياناً أخرى يتم إسقاط الأبعاد المذهبية والطائفية على الصراع.

وهذا كله ليس دقيقاً أو صحيحاً، فما يجري هو صراع على السلطة والحكم وإدارة المجتمع، وبغض النظر عن الاختلافات الفكرية أو السياسية بين القوى المتصارعة، فإنه لا يحق لأحد أن يدَّعي أنه يحتكر الدين أو الإيمان أو الحقيقة، فالخلاف الدائر هو حول القضايا المتصلة بشؤون الدنيا والحياة وإدارة شؤون الناس.

وهذا يتطلب من القوى الإسلامية أن تتسم بالواقعية والتواضع، وأن تتعاطى مع الآخرين من موقع التنافس على خدمة الناس، وليس من أجل احتكار الحق والحقيقة والإدعاء بأنها الوحيدة التي تدرك مصلحة الناس والمجتمع.

كما أن القوى الإسلامية يجب أن تدرك أن هناك من سيسعى لإفشال تجربتها الجديدة في الحكم وهذا أمر واقعي نظراً للصراعات المحتدمة بين أطراف وقوى المجتمع المتنوعة.

ولذا لا بد من إدارة الصراع برؤية متكاملة وبنفس طويل وعدم التسرع في مواجهة القوى الأخرى وجعلها تتوحد ضد الإسلاميين. ويجب الاتعاظ من تجارب الآخرين، سواء كانت تجارب إسلامية أوعلمانية أو يسارية.

نحن أمام واقع مركب وتتداخل فيه كل العوامل والعناصر، وإذا لم يحسن الإسلاميون فهم الواقع وآليات الصراع وكيفية تقديم النموذج الأفضل عن تجربتهم، فإنهم سيفشلون كما فشل الآخرون، ولذا عليهم أن لا يعجَّلوا بإنهاء تجربتهم وأن يكونوا أكثر قدرة على تحمل النقد والمحاسبة وليتذكروا قول أحد الشعراء العرب لمن يتعرض للنقد القاسي:"كن كالأسفنجة تمتص كل الحانات ولا تسكر".

فأنتَ ايها الحاكم  الاسلامي او غير الاسلامي حزبا او رئيسا او قائدا كما الإسفنجةِ  بجب ان تمتصُ الحاناتِ ولا تسكر.

المصدر: http://www.husseinalsader.org/inp/view.asp?ID=8826

الأكثر مشاركة في الفيس بوك