روميو الشيعي وجولييت السنية

بالحب والتضحية، يحارب روميو الشيعي وجولييت السنية، الطائفية التي تمزق العراق منذ اعوام، في اطار عمل مسرحي في بغداد يحيي احد اشهر روايات وليام شكسبير بقالب اكثر دراماتيكية.

وتماشيا مع هذا القالب، حلت المسدسات مكان السيوف، وارتدت بعض الشخصيات في المسرحية الدشداشة التقليدية والكوفية، فيما اختارت النسوة العباءة والحجاب، الى جانب تغييرات اخرى تجاوزت المظاهر والازياء.

وطغى على المسرحية طابع عراقي خالص، رغم انها تجسد الرواية الكلاسيكية لشكسبير والتي تعود الى القرن السادس عشر، حيث يتحدث الممثلون اللغة العربية المكسوة باللهجة العراقية، فيما يتولى البطولة والاخراج عراقيون.

وقد تم تكييف المسرحية مع النسيج الاجتماعي العراقي والصراعات ومعاناة التي عاشها العراقيون خلال السنوات التسع الماضية.

ويلخص المشهد الاخير من المسرحية الرعب العام من التفجيرات الانتحارية في العراق، معيدا احياء ذكرى الهجوم الذي وقع في 31 اكتوبر 2010 وقتل فيه متشددون 44 من المصلين وكاهنين في كنيسة سيدة النجاة في بغداد. وفي هذا المشهد يهرب روميو الى الكنيسة وتنضم اليه بعد ذلك جولييت.

وفي ابتعاد كبير عن نص مسرحية شكسبير الاصلية، يدخل باريس، احدى شخصيات الرواية الاصلية، وهو يرتدي حزاما ناسفا فيفجر نفسه ويقتل روميو وجولييت معا.

ويقول مناضل داود (52 عاما) الذي اخرج المسرحية ان «باريس عضو في تنظيم القاعدة وليس عراقيا»، في اشارة الى المقاتلين الاجانب الذين دخلوا الى العراق بعد اجتياح الولايات المتحدة عام 2003.

وضربت البلاد موجة من العنف الطائفي في العام 2006 قتل على اثرها عشرات الالاف اثر قيام متشددين بتفجير قبة الامامين العسكريين في سامراء شمال بغداد.

وعلى الرغم من السيطرة على اعمال العنف، الا ان الهجمات الدامية لا تزال شائعة حتى اليوم، في وقت يواجه فيه الكثير من العراقيين مشاكل اخرى مثل النقص الحاد في الخدمات الاساسية كالكهرباء والمياه.

ويقول احمد صلاح (23 عاما) الذي يؤدي دور روميو «انها قصة عراقية 100 %، واريد من خلالها ان انقل صورة عن معاناة هذا الجيل والاجيال السابقة. روميو هنا يعاني كما يعاني العراقيون».

وترى سروة رسول التي تؤدي دور جولييت ان «هناك مذهبين في العراق، وكثيرا ما يحدث ان شخصين من هذين المذهبين يعشقان بعضهما البعض لكن لا يتمكنان من الاستمرار بالعلاقة». وتضيف ان «ذلك لا ينطبق على الشيعة والسنة فحسب، انما ايضا على العرب والاكراد».

وتابعت «اي شخص لديه هدف يجب الا يضع الطائفية او القبيلة او قضايا اخرى عائقا امام هدفه».

وكان لكل من صالح ورسول تجربة شخصية مع مأساة طائفية. وقالت رسول «صديقتي انتحرت لأن عشيقها كان عربيا وهي كانت كردية ورفضته عائلتها». وقد تعرض في السابق حي اور في شمال بغداد، حيث تقطن رسول، الى موجة من العنف الطائفي اودت بحياة المئات.

وتقول بهذا الصدد «ابان نظام صدام حسين كان معظم سكان منطقتي من السنة، ولكن بعد انهيار النظام اصبح معظمهم من الشيعة، وبدأوا يقاتلون بعضهم بعضا».

من جهته، يقول صالح «هناك جيل نشأ في الحرب، وعاش طفولته في اثناء الحرب والحصار». واضاف «لدي اصدقاء اصيبوا في الانفجارات، وفقدت اثنين من أصدقائي خلال الاحداث الطائفية»، معتبرا ان «هذا ما جعل من ادائي اداء اقوى واعمق واكثر جدية».

وافتتحت المسرحية على خشبة المسرح الوطني في 16 ابريل، استعدادا للمشاركة في مهرجان شكسبير العالمي في اطار برنامج ثقافي خاص باولمبياد لندن 2012.

وستعرض في ستراتفورد من 26 ابريل حتى الخامس من مايو، وفي لندن من 28 يونيو الى 30 من الشهر ذاته.

وترى ديبورا شو التي انتجت المسرحية «اعتقد انها مسرحية تتحدث مباشرة الى الشعب العراقي أولا، ولذلك فهي ليست مكتوبة لمهرجان الدولي».

المصدر: http://www.husseinalsader.org/inp/view.asp?ID=6195

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك