الإسلام دين القوة والعزة: عبرة من السيرة النبوية الكريمة

إن السيرة النبوية عند المسلمين قدوة ومستخى عبرة لأنها معيار صادق للعدالة وسند روحي يحيي الفضيلة في المجتمع الإسلامي ويسعفه بما يحتاج إليه في شتى مناحي حياته، فيجد فيه الغذاء الكافي والدواء الناجع لما أصابه وألم به من انحلال وضعف وخمول.
وقد اخترت أن تكون هذه الكلمة عن القوة والعزة التي كانت من مظاهر الإسلام والمسلمين يوم كانوا سادة العالم وحكامه العادلين المنصفين حتى نقارنها بقوتهم في هذا الزمان الذي فقد فيه المسلمون تلك القوة فأصبحوا لقمة سائغة في أفواه المستغلين لا يمكن أن يرجع إليهم اعتبارهم الكامل إلا إذا عاودوا سيرتهم الأولى وأدركوا من القوة ما يجعل جانبهم مرهوبا من الأعداء وصداقتهم ومعاونتهم مرغوبا فيها من الأصدقاء وغيرهم على السواء، أعني أن يكون لهم وزن ثقيل في ميدان السياسة الدولية، فمن المعلوم أن القوة والضعف من الأمور النسبية في هذا الوجود، سواء في الأفراد أو الجماعات أو الدول، فمن يستطيع من الأفراد حمل نصف قنطار مثلا أقوى ممن لا يستطيع حمله، وأضعف ممن يحمل القنطار الكامل، وهكذا تكون جماعة أقوى من جماعة، وأمة أقوى من أمة، في العلوم أو الفنون أو العزمات النفسية أو الحروب أو غير ذلك من الأمور، والمسلمون كأمة أو أمم على مسرح الحياة لا يخرجون عن هذه النسبة، والمرء كثير بأخيه، وقد يعتبر عزيزا بجماعته القوية، وإن كان ضعيفا ضعفا حقيقيا أو ظاهريا، كما قال قوم شعيب لنبيهم: وأنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك.
فمتى أرادت أمة من الأمم الانتصار على غيرها أو إفساح المجال لنشر مبادئها لابد أن تتكتل وتوحد صفوف جماعتها، حتى تكون لها من القوة المادية والمعنوية ما تتكافأ به مع غيرها، بل تزيد عليه لتستطيع التغلب والانتصار، وهذه القوة تختلف بحسب الزمان والمكان، ولكن من العوامل الأساسية التي لا يستغنى عنها الصبر والثبات وقوة العزيمة النفسية، وإن المبادئ التي تكيفت بها المجتمعات البشرية قد كانت في مبدأ أمرها في دائرة ضيقة انتشرت بطريق الدعوة إليها حتى أصبحت أفكار ومبادئ جماعة ثم مبادئ حياة أمة سواء كانت أفكار سياسية أو مبادئ دينية. إلا أن التاريخ يحدثنا أن المبادئ أو الأفكار لابد لها من قوة تسندها لتستقر استقرارا نهائيا في المجتمعات البشرية، فالدين المسيحي مثلا لم يستقر كدين لأمة لو بقى على مبدئه الأول في المعاملة، من ضربك على خدك الأيسر أدر له خدك الأيمن، لو لم يجد من يسنده بالقوة كالملك قستنطين وأمثاله.
أما الدين الإسلامي فهذه المسألة لا تضمن انتشاره ولا انتصاره وليس ذلك من طبعة ولا من عقيدته لأنه يريد أن يكون قويا عزيزا وموقفه من الجماعات الأخرى أن يدخلوا في السلم والإسلام الذي دعاهم إليها أو يقبلوا حمايته ويكونوا تحت ذمته وهم على ديانتهم أو يكونوا معه في حرب تنتهي بانتصار أحد الفريقين والمسلم إما أن يعيش سيدا سعيدا أو يموت شهيدا مجيدا، فهو كما قال الشاعر العربي أبو فراس :
ونحــن أنــاس لا توســط بيننــا
                لنــا الصــدر دون العالميــن أو القبــر 
وقد فاه المنافقون في عهد الرسول بأنهم أعزة وأن الرسول في زعمهم الفاسد لم يكن بهذه الصفة وأنهم يستطيعون إخراجه من المدينة كما حكى الله عنهم ذلك في قوله : وقالوا لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، والحقيقة أن العز يخرج الأذل ولكن الأعز هو الله ورسوله والمؤمنون، ولله العزة ولرسوله وللمومنين، فالمومنون هم الذين يمكنهم إخراج المنافقين لأنهم الأعزة أما الذلة لا تفسح له مجال نشر دعوته ولا تضمن انتشاره ولا انتصاره وليس تلك المسألة إلى حد الصفع من توجيهاته الحيوية التي ترمي في جوهرها إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال الله في وصف المومنين «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر» وقد بين النبي (ص) كيفية تغيير المنكر حيث قال من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فغن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان فأمر النبي بتغيير المنكر باليد وبين أن الانتقال من التغيير باليد إلى التغيير باللسان مشروط بعد استطاعة تغييره باليد، والمنكر قد يكون صادرا عن شخص كما يكون صادرا عن جماعة وما عجز عن تغييره الفرد لا تعجز عنه الجماعة وقد كانت قريش عقدت بينهما حلفا في الجاهلية يسمى حلف الفضول يضمن نصرة كل مظلوم بمكة، حيث تعاهدت على ألا تجد بمكة مظلومات من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه وكانوا على من ظلمهم حتى ترد عليه مظلمته.
وحضر النبي (ص) هذا الحلف وأشاد به بعد أن شرفه بالرسالة حتى قال لقد حضرت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم ولو ادعى به الإسلام لا جبت فهذا الحلف هو من باب تغيير الجماعة للمنكر ومن أعظم المناكر العامة في البشرية منكر الشرك باله فبعث الله رسوله بعقيدة التوحيد المنفية للشرك فكانت مهمة نشرها وإعلانها صعبة وأنزل عليه قوله (فأصدع بما تومر وأعرض عن المشركين) فهل تحولت بسببه الجزيرة العربي من الوثنية إلى التوحيد والدخول في دين الإسلام بمجرد الدعوة وإهمال الاستعداد والقوة، واستعمال هذه القوة في الوقت المناسب أم أن الاستعداد وقع وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم. وقال في الإذن لاستعماله لرد عدوان المشركين على المومنين «أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله». وقد كان الإسلام يريد أن يظهر أمام أعدائه بمظهر القوة والعزة لا بمظهر الضعف والذلة في كل مرحلة من مراحل كفاحه، فقد دأب النبي عليه السلام يدعو إلى الله في مكة بعد ثلاثة عشر سنة قبل الهجرة إلى المدينة ويعرض دعوته في موسم الحج على القبائل لتدخل ف يدين الإسلام كما يعرض نفسه لتحميه حتى يبلغ رسالة ربه، فاستجاب في هذه الثناء جماعة الأنصار وفشت دعوة الإسلام في المدينة فرأت قريش أن محمد ابن عبد الله وجد سندا خارج مكة فصار لا يومن جانبه فتآمرت على قتله واغتياله بواسطة جماعة من الشبان من قبائل مختلفة حتى لا يقدر بنو هاشم على الأخذ بثأره منها مجتمعة ففشلت المؤامرة بإذن الله لنبيه في الهجرة إلى المدينة، فاجتمع شمل المسلمين بها، وصار الاستعداد والمناوشات وفي النهاية الجهاد والقتال بين الرسول وبين قبيلته، ومن أهم ذلك غزوة بدر التي انتصر فيها المسلمون، وقتل فيها صناديد من المشركين، وغزوة أحد التي امتحن فيه المسلمون واستشهد فيها كثير من المومنين.
وقصد النبي زيارة البيت فمنعته قريش وكان الصلح على أن يرجع في العام القابل لزيارة البيت الحرام فلما رجع أشاع أعداؤه أن حمى المدينة نهكت المسلمين، فخرجوا ينظرون على طواف المسلمين بين الصفا والمروة فقال النبي لأصحابه (رحم الله أمرا أراهم اليوم من نفسه قوة) فصاروا يسرعون في الطواف بين الصفا والمروة فكان هذا الطواف زيادة على كونه عبادة من مناسك الحج كاستعراض للقوة أمام لخصم لهزم معنوياته وهكذا كان الشأن في مظاهر الإسلام القوية في مختلف المناسبات.
ومن أروع ذلك الاستعراض الذي وقع يوم فتح مكة حسبما رواه ابن هشام في السيرة، أنه بعد ما أجار العباس بن عبد المطلب أبا سفيان حتى أسلم قال أي العباس قلت يا رسول الله أن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئا قال نعم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، فلما ذهب لينصرف قال رسول الله (ص) يا عباس أحبسه بمضيق  الوادي حيث أمرني رسول الله (ص) أن أحبه قال ومرت القبائل على راياتها، كلما مرت قبيلة قال يا عباس من هذه ؟ فأقول سليم فيقول مالي ولسليم ثم تمر القبيلة فيقول مالي ولمزينة حتى نفذت القبائل ما تمر به قبيلة إلا يسألني عنها فإذا أخبرته بهم قال مالي ولبني فلان، حتى مر رسول الله (ص) في كتيبته الخضراء قال ابن هشام وإنما قيل لها الخضراء لكثرة الحديد وظهوره فيها قال ابن إسحاق فيها المهاجرون والأنصار لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد، فقال أي أبو سفيان سبحان الله يا عباس من هؤلاء قال : قلت هذا رسول الله (ص) في المهاجرين والأنصار، قال ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة، والله يا أبا الفضل (كنية العباس) لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما، قال قلت يا أبا سفيان إنها النبوة، قال (نعم إذن) فهذا اعتراف خطير من قائد حربي محنك هو أبو سفيان القائد العام للمشركين في معركة أحد، وفي غزوة الأحزاب، إلا أنا مع هذا كله نقول أن الباحث في انتشار الإسلام في الجزيرة العربية يكاد يجزم بأن الإسلام انتشر بطريق السلم فيها، لأن الغزوات التي حضرها رسول الله سبع وعشرون غزوة قاتل ف يتسع منها وهي غزوات : بدر وأحد والخندق وقريظة والمسطلق وخيبر والفتح وخنيس والطائف. وغزوة بدر التي لها أهمية كبرى في انتصار الإسلام لم يبلغ القتلى فيها من الجانبين مائة قتيل، كما أن معركة أحد التي ابتلى فيها المسلمون واستشهد فيها عدد من المومنين كذلك لم تبلغ القتلى مائة قتيل بين الجانبين.
أما غزوة الفتح فقد قتل فيها أفراد فقط في مناوشة صغيرة، حتى أن العلماء اختلفوا هل فتحت مكة عنوة أم لا ؟ وهذا القدر من القتلى قليل بالنسبة لأمة كثيرة العدد، وهذا ما يبين صحة قول النبي صلى الله عليه وسلم ونصر «بالرعب مسيرة شهر» وذل تأييد من الله، كما قال سبحانه : هو الذي أيدك بنصره وبالمومنين وآلف بين قلوبهم.
ثم بعد الفتح المبين تتابعت وفود القبائل إلى رسول الله تدخل ف يدين الله بدون حرب ولا قتال، فسميت تلك السنة سنة الوفود، وأنزل الله على نبيه سورة من القرآن تنبئ بانتهاء مهمته من الرسالة، وهي قوله سبحانه : «إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا». وقد قال ابن عباس لعمر بمحضر جلة من ا لصحابة هو أجل رسول الله أعلمه به. وقد قال عليه السلام في شأن ظهور طائفة منصورة غالبة من أمته : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وقال عليه السلام (المومن القوي خير وأحب على الله من المومن الضعيف وفي كل خير...) وقد فاه المنافقون في عهد الرسول بما يفهم منه أنهم أعزة وأن الرسول لم يكن في زعمهم بهذه الصفة فرد الله عليهم زعمهم بعدما حكى قولهم. «يقولون لأن رجعنا على المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمومنين». فالرسول والمومنون هم العزة الذين يمكنهم إخراج المنافقين الذين هم الأذلة حقيقة، كما هددتهم الآية الكريمة حيث قال الله : «لأن لم ينتبه المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجعون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين، أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا».
فما كان مستوى هذه القوة الإسلامية التي نوهنا بمظاهرها هذا التنويه بالنسبة للأمم التي عاصرتها ؟ والجواب على هذا السؤال يتبين بعملياتها العسكرية مع الدول المعاصرة لها.
لقد كانت دولتا الفرس والروم هما الدولتان اللتان تتنازعان السيادة في العالم القديم بجانب الأمة العربية الفتية، لهما العدة الحربية الكافية والعدد الوافر من الجيوش المقاتلة فحارتهما هذه الدولة العربية جميعا، وصرعتها جميعا، وفرضت وجودها ولغتها ودينها وبسطت سيطرتها على أقوام هرقل وكسرى في أيام وجيزة، وهذا يرينا المستوى العالي الذي كانت تتمتع به قوة الأمة الإسلامية بالنسبة لغيرها من الدول.
وقد ورث مغربنا العظيم هذه الروح الفياضة بمعاني البطولة والرغبة في الاستشهاد يقول عبد الواحد المراكشي في شأن إنقاذ يوسف ابن تاشفين وأصحابه للأندلس بعد ان كاد ملوك الطوائف المتخاذلين يسلمونها للأعداء بما فيهم المعتمد بن عباد (قال : لم يزل أصحاب يوسف ابن تاشفين يطوون تلك الممالك مملكة مملكة إلى أن دانت لهم الجزيرة بأجمعها، فاظهروا في أول أمرهم من النكاية في العدو والدفاع  عن المسلمين وحماية الثغور ما صدق بهم الظنون وأثلج الصدور وأقر العيون، فزاد حب الأندلس لهم، واشتد خوف ملوك الروم منهم، ويوسف بن تاشفين في ذلك كله يمدهم في كل ساعة بالجيوش بعد الجيوش والخيل أثر الخيل، ويقول في كل مجلس من مجالسه : إنما كان غرضنا من ملك هذه الجزيرة أن نستنقذها من أيدي الروم، لما رأينا استيلائهم على أكثرها وغفلة ملوكهم وإهمالهم للغزو وتواكلهم وتخاذلهم وإيثارهم الراحة، وإنما همة احدهم كأس يشربها وفينة تسمعه ولهو يقطع به أيامه، ولأن عشت لأعيدن جميع البلاد التي ملكها الروم ف يطول هذه الفتنة إلى المسلمين، ولأملانها عليهم (يعني الروم) خيلا ورجالا لا عهد لهم بالدعة ولا علم عندهم برخاء العيش، وإنما همة أحدهم فرس يروضهن ويستفرهه أو سلاح يستجيده أو صريخ يلبي دعوته. في أمثال لهذا القول فيبلغ ذلك ملوك النصارى فيزداد فرقهم، ويقوى مما بأيدي المسلمين بل مما في أيديهم بأسهم. وحين ملك يوسف أمير المسلمين جزيرة الأندلس وإطاعته بأسرها ولم يختلف عليه شيء منها عد من يومئذ في جملة الملوك، واستحق اسم السلطة، وتسمى هو وأصحابه بالمرابطين، وصار هو وابنه معدودين في أكابر الملوك، ونفس هذه الروح العسكرية كانت لعبد المومن مؤسس دولة الموحدين بالمغرب، يحكي لنا عبد الواحد المراكشي ذلك حيث يقول : وكان عبد المومن في نفسه سري الهمة، نزيه النفس، شديد الملوكية لا يرضى إلا بمعالي الأمور، أخبرني الفقيه المتفنن أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أبي جعفر الوزير عن أبيه عن جده الوزير أبي جعفر. قال : دخلت على عبد المومن وهو في بستان له، قد أينعت ثماره، وتفتحت أزهاره وتجاوبت على أغصانها أطيارهن وتكامل من كل جهة حسنه، وهو قاعد في قبة مشرفة على البستان، فسلمت وجلست، وجعلت أنظر يمنة وشامة، متعجبا مما أرى من حسن ذلك البستان، فقال لي يا أبا جعفر أراك كثير النظر إلى هذا البستان، فقلت يطيل الله بقاء أمير المومنين، والله أن هذا المنظر حسن فقال : يا أبا جعفر المنظر الحسن هذا ؟ قلت نعم، فسكت عني، فلما كان بعد يومين أو ثلاثة أمر بعرض العسكر آخذي أسلحتهم، وجلس في مكان مطل، وجعلت العساكر تمر عليه قبيلة بعد قبيلة، وكتيبة أثر كتيبة، لأتمر كتيبة إلا والتي بعدها أحسن منها جودة سلاح وفراهة خيل وظهور قوة، فلما رأى ذلك، التفت إلي وقال : يا أبا جعفر هذا هو المنظر الحسن، لأثمارك، وأشجارك، ولم يزل عبد المومن يطوي الممالك مملكة مملكة ويدوخ البلاد إلى أن دانت له البلاد وأطاعته العباد».  
وهكذا كان الشأن في الشرق أيام صلاح الدين الذي استنقذ البلاد من الصليبيين وأيام الخلافة العثمانية وتوغلهم في تخوم أوربا، ولكن دار الزمان دورته، فرجحت في الوزن الدولي كفة أقوام وشالت كفة الآخرين، طبق ما نطق به الذكر الحكيم : وتلك الأيام نداولها بين الناس.
فالأمة الإسلامية كانت في مقدمة دول العالم في إبان تكونها، معتزة بنفسها، فخورة بدينها، لكن المسلمين المعاصرين غيروا ما بأنفسهم من العزمات، فتغيرت حالتهم، فقدوا الاتحاد والتعاون وأعجبوا بهذه الديموقراطية الغربية المهلهلة الفاشلة، ولكن قد بدأ رؤساء المسلمين يدركون ما ينبغي أن يكونوا عليه من تعاون مثمر صادق، وتوحيد في السياسات الداخلية والخارجية، واتخاذ المواقف المشتركة مع الدول الاستعمارية الظالمة، ومن التسلح بالعلم واقتناء العدة. فعليهم أن يتخذوا جامعة إسلامية تتوحد فيها سياستهم الاقتصادية والعسكرية والديبلوماسية والثقافية والتربوية في مواقف مشتركة موحدة أمام جميع دول العالم، ويكونون يدا واحدة على من ظلم أي عضو من أعضاء هذه الجامعة حتى يحس جميع المسلمين بالأخوة الإسلامية التامة الصادقة، ولا يكون المومن مومنا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، والمسلم أخ المسلم لا يظلمه ولا يخذله ويسلمه، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون إن كنتم مؤمنين.

المصدر: http://www.habous.net/daouat-alhaq/item/576

الأكثر مشاركة في الفيس بوك