الله هو المحبة والتسامح.. بالمحبة يحيا الإنسان.. وبالتسامح تحيا الأديان..

الله هو المحبة والتسامح..

بالمحبة يحيا الإنسان.. وبالتسامح تحيا الأديان..

 

سليم مطر ـ جنيف

المحبة والتسامح لدى شيخ التصوف (ابن عربي)..

لقـد كنت قـبـل الـيوم أنكر صاحبـي    إذا لم يـكـن ديـني إلى ديـنـه دان

وقـد صـار قلبي قـابـلاً كـل صورة   فـمـرعـى لغـزلان وديـر لرهـبان

وبـيـت لأوثـان وكـعـبـة طـائـف     وألـواح تـوراة ومـصحـف قـرآن

أديـن بـديـن الحـب أنـّى توجـَّهتْ     ركائـبـه فالحـب دينـي وإيـمانـي

ـــــــــــــ

<!--[if !supportEmptyParas]--> <!--[endif]-->

(وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) (القرآن الكريم)

<!--[if !supportEmptyParas]--> <!--[endif]-->

من الواضح من هذا القول الكريم، ان الله خلقنا مختلفين بالمعتقدات وبالألسن، ليس لكي نتباغض، بل لكي نتعارف. ان كلمة (التعارف) مشتقة من(المعرفة)، فلكي (تتعارف) مع ابناء جماعة ما، علينا أن(نتعرف) عليها. فالمعرفة هي أساس التعارف. والجهل أساس التباغض.

على هذا الاساس بالضبط قامت موسوعتنا.

ان من اهم مشاكل العقلية العراقية( نعني بالعقلية، مزيج الثقافتين الشعبية والنخبوية)، انها لم تتزود بالمعرفة الكافية لتنوعات الطيف العراقي. والمسؤولية الاولى طبعا تتحملها النخب الحداثية، منذ عصر الافندية اوائل القرن العشرين، وحتى الآن. لقد اصرت هذه النخب، وخصوصا تياراتها السياسية وصفوتها الجامعية، على تجنب التعرف التفصيلي بتنوعات الامة العراقية، دينياً ومذهبياً واقوامياً. وظلت عملية دراسة واقع الفئات العراقية المختلفة، خاضعة لمبادرات فردية محدودة جداً.

 بل بلغ الاهمال لدى نخبنا، انها رفضت حتى ترجمة ما كتبه الاجانب عنا. لقد اختبصت نخبنا العزيزة، بالتركيز على نقل وترجمة نتاجات المجتمعات الغربية من ثقافة ومعلومات وأفكار، بحيث اصبح مثقفنا يعلم عن تلك المجتمعات اضعاف اضعاف ما يعلمه عن مجتمعه العراقي وفيسفائه الجميل. 

 أما النخب العراقية ذات الاتجاهات القومية والدينية، فأنها للأسف، لم ترى من المجتمع العراقي سوى الفئة التي تنتمي اليها عقائدياً. العروبيون مثلا، ركزوا كل جهودهم وما امتلكوه من اجهزة الدولة العراقية خلال سنوات طويلة، من اجل التعرف والتعريف بكل شاردة وواردة تخص الشعوب العربية الشقيقة، من ادغال الصومال حتى شواطىء مالطا، مع التجاهل التام، بل حتى الاحتقار والاستخفاف، بالفئات العراقية غير الناطقة بالعربي. ردا على العروبيين، مارس القوميون من الفئات الاخرى، نفس حالة التعصب الثقافي القومي والتجاهل التام للتنوع الوطني. كذلك الاحزاب الدينية العراقية  لم تخرج من هذا السياق. فأنصار كل تيار ديني، ركزوا جهودهم الثقافية للتعرف والتعريف بأبناء طائفتهم وحدها، مع التجاهل التام، بل ربما الاحتقار والبغض للطوائف الاخرى.

ثم بعد كل هذا التجهيل والتشويه الذي عانت وتعاني منه العقلية العراقية، منذ اكثر من قرن وحتى الآن، هنالك من يستغرب ما يحدث لنا من كوارث بعد خروج عفريت التعصب والتجاهل من قمقمه! أليس ما نعيشه الآن من حقد ودم، ما هو إلا حصيلة طبيعية لذلك التجهيل والتجاهل المعرفي الذي مارسته وتمارسه نخبنا الطيبة، منذ أجيال وأجيال؟! 

*   *   *

ان الدارس للوضع الديني العراقي، يمكنه تسجيل الملاحظات التالية:

ـ ان جميع الاديان والمذاهب العراقية، تشترك بالاساس(السماوي التوحيدي)، إذ تتفق على الايمان بـ (الله)(جل) ووحدانية الخالق.

ـ ان جميع الاديان والمذاهب العراقية، تشترك بأساس اخلاقي اجتماعي متقارب، في امور اساسية مثل تقديس حياة الانسان والحفاظ على كرامته ومساعدة المحتاج ورعاية المسنين والاطفال وحرمة العائلة وضرورة السلام الاجتماعي والنظافة والتعلم، وغيرها من الامور.. 

ـ ان الجزء الاعظم من المكونات الدينية العراقية، قد نشأ في العراق، أوعلى الاقل في منطقة الشرق الاوسط. فليس لدينا أي دين أو مذهب قادم من مناطق عالمية بعيدة. حتى الأديان والمذاهب التي لم تنشأ أساساً في العراق، فأنها تطبعت منذ قرون طويلة بالوضع العراقي. فمثلا، صحيح ان الاسلام نشأ في الحجاز، لكنه عندما بلغ العراق، أدخل فيه العراقيون خزينهم المعرفي وطوعوه حسب بيئتهم، إذ في البصرة والكوفة وبغداد، نشأت المذاهب الشيعية والسنية العراقية المعروفة. كذلك بالنسبة للمسيحية، فرغم انها نشأت في فلسطين، الا أن أهل العراق أوجدوا فيها مذهبهم النسطوري الخاص بهم. حتى المذهبين(الكاثوليكي) و(البروتستاني)، رغم انهما من منشأ أوربي، إلا أن مسيحي العراق قد تقبلاهما باعتبارهما جزءاً من المسيحية(الفلسطينية).

ثم ان غالبية المذاهب الاسلامية والاديان الاخرى المنتشرة في الوطن، قد نشأت اساساً فيه، مثل الكاكائية واليزيدية والشبكية، والصابئية. بل اليهودية، عندما دخلت الى العراق في العصر البابلي، كانت ديناً بدائياً شفاهياً، ثم في بابل اتخذت طابعها الكتابي وأبدعت توراتها وتلمودها، بالاعتماد على الميراث الديني والاسطوري العراقي.

*   *   *

توضيح معاني الرموز الدينية

<!--[if !supportEmptyParas]--> <!--[endif]-->

<!--[if !vml]--><!--[endif]-->

<!--[if !supportEmptyParas]--> <!--[endif]-->

 ـ رمز الصليب: ان رمز الصليب، متداول في الحضارة العراقية قبل المسيحية بقرون طويلة. وهو عموماً يرمز الى شجرة الحياة والخصب. فالصليب بحقيقته متكون من جذع وغصنين. وقد تعمق رمز الخصب، هذا بمفهوم صلب السيد المسيح، حيث سقى بدمائه شجرة الايمان والخلاص.

ـ رمز الدرفش الصابئي، وهو عبارة عن صليب معلق عليه قميص ابيض يعتقد انه للنبي يحيى (ع) . في كل الاحوال فأنه يجمع بين خصب الصليب ونقاء الثوب الابيض رمز الايمان والطهر.

ـ رمز النجمات والمضلعات الثمانية:ان رمز النجمة الثمانية ارتبط لدى العراقيين القدماء، بـ (عشتار) الهة الخصب والانوثة. وهذه النجمة عادة هي( نجمة الزهرة) ويسميها العراقيون (نجمة الصبح) حيث تبزغ عند الفجر. قد يكون اختيارها رمزاً لعشتار، لأنها تجلب انوار الصباح وتوقض الانسان ليتنشط وينتج الحياة. وقد انتقل تقديس (الزهرة ) الى شيعة العراق، حيث اطلقوا على السيدة فاطمة(ع) بنت النبي محمد(ص) لقب (فاطمة الزهراء).. بالنسبة للمضلع المثمن، الذي قد تبناه اليهود أولاً ثم اصبح الآن رمزاً عربياً، فأنه يعود لنفس أصل النجمة الثمانية.

ـ رمز الهلال: وهو ايضا رمز ديني شائع في الاعمال الفنية العراقية، ويرمز الى (سين) اله القمر، اله النور الانوثي وأسرار السحر والحكمة الألهية. وقد انتقل هذا الرمز الى الاسلام، وساد استعماله بصورة رسمية زمن الدولة العثمانية، وأصبح رمزاً اسلامياً مقابلاً للصليب المسيحي .

ـ رمز الشمس: وهورمز الاله(شمش) اله الشمس ونور الحق والحقيقة. وهذا الرمز منتشر بكثرة في المنحوتات العراقية، وقد اصبح شعار الجمهورية العراقية بعد عام 1958.

ـ رمز الطاووس اليزيدي، وهو رمز يعبر لديهم عن (طاووس ملك) أي (الملاك جبريل) الذي يعتبرونه رئيس الملائكة. لكن الطاووس عموماً هو ايضاً رمز(اخصابي) واسم طاووس له علاقة بأسم(تموز) اله الخصب الذكوري العراقي .

*    *   *

الاحصائيات الدينية والمذهبية

ان موضوع الاحصائيات الدينية والمذهبية في العراق، شائك وحساس، لأسباب سياسية معروفة. فالدولة العراقية منذ بداياتها، ومعها كذلك النخب السياسية والجامعية، تجنبت موضوع الاحصائيات، بحجة انه يثير الحساسيات ويفرق بين العراقيين. وهذا كما يبدو سببا معقولا، ولكن السبب الاعمق يكمن في تجنب كشف الحقيقة للابقاء على نظام التعصب الطائفي هو المهيمن على الدولة. ثم ان جميع دول العالم واعرقها ديمقراطية وعلمانية تقوم بعملية احصاء رسمية وعلمية للتكوين الديني والمذهبي في مجتمعها، مثلما تقوم باحصاء جميع الخصوصيات الاخرى، مثل نسبة النساء والاطفال والريف والمدينة واصحاب الشهادات والمهن والعزاب والمطلقون، والعديد العديد من المعلومات الاجتماعية التي تخدم امور الدراسة والمعرفة وسبل تطوير المجتمع.

لكن رغم عدم وجود احصائيات رسمية لمجتمعنا يعتمد عليها، الا ان هنالك احصائيات تقريبية انجزها الانكليز في اوائل القرن العشرين، كذلك التقديرات التقريبية التي تعتمد على نسبة السكان في المناطق التي يكثر فيها ابناء الدين او المذهب المعين. نؤكد ان هذه الارقام التي نوردها تقريبية ومتفق عليها عموما في جميع الدراسات التي تناولت المجتمع العراقي:

ـ المسلمون: حوالي 90%. وينقسمون الى:

مسلمون شيعة، حوالي 55% من مجموع سكان العراق، غالبيتهم الساحقة من العرب، مع نسبة من الفيلية والتركمان والشبك.

مسلمون سنة حوالي 35 % من مجموع سكان العراق، بالتناصف تقريبا بين الاكراد والعرب، مع نسبة مهمة من التركمان السنة.(نصف التركمان سنة، ونصفهم شيعة). ويتوزعون بين حنفية وشافعية. وتسود بين الاكراد الطريقتان الصوفيتان القادرية والنقشبندية.

     اما العشرة بالمئة المتبقية من العراقيين، فهي تشمل باقي الاديان، المسيح والصابئة واليزيدية، اما اليهود فقد غادروا جميعهم العراق.

المصدر: http://www.mesopot.com/old/adad9/1.htm

الحوار الداخلي: 
الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك