حوار بين الإمام أحمد وأخت بشر الحافي

حوار بين الإمام أحمد وأخت بشر الحافي

 

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل:

كنت مع أبي يوماً من الأيام في المنزل، فدق داقٌّ الباب، قال لي:

اخرج فانظر من بالباب؟.

فخرجت، فإذا امرأة، قال: قالت لي:

استأذِن لي على أبي عبد الله ـ يعني أباه ـ.

قال: فاستأذنته، فقال: أدخلها.

قال: فدخلت، فجلست، فسلّمت عليه وقالت له:

يا أبا عبد الله، أنا امرأة أغزل بالليل في السراج، فربما طُفىء السراج فأغزل في القمر، فعليَّ أن أبين غزل القمر من غزل السراج؟.

قال: فقال لها: إن كان عندك بينهما فرق، فعليك أن تبيني ذلك؟.

قال: قالت له: يا أبا عبد الله أنين المريض شكوى؟.

قال: أرجو أن لا يكون شكوى، ولكنه اشتكاء إلى الله.

قال: فودّعته، وخرجت.

قال: فقال لي: يا بني، ما سمعت قط إنساناً سأل عن مثل هذا، اتبع هذه المرأة. فانظر أين تدخل؟.

قال: فاتبعتها، فإذا قد دخلت إلى بيت بشر بن الحارث، وإذا هي أخته.

قال: فرجعت، فقلت له: فقال:

محال أن تكون مثل هذه إلا أخت بشر.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل:

جاءت مُخّة أخت بشر بن الحارث إلى أبي، فقالت له:

إني امرأة رأس مالي دانقين، أشتري القطن، فأغزله، فأبيه بنصف درهم، فأتقوّت بدانق من الجمعة إلى الجمعة فمرّ ابن طاهر الطائف، ومعه مشعل، فوقف يكلّم أصحاب المصالح، فاستتغنمت ضوء المشعل، فغزلت طافات، ثم غاب عني المشعل، فعلمت أن لله فيّ مطالبة، فخلصني خلصك الله.

فقال لها: تخرجين الدانقين، ثم تبقين بلا رأس مال حتّى يعوضك الله خيراً منهما.

فقلت لأبي: يا أبة، لو قلت لها: لو أخرجت الغزل الذي أدركت فيه الطاقات.

فقال: يا بنيّ، سؤالها لا يحتمل التأويل.

ثم قال: من هذه؟.

قلت: مخّة أخت بشر بن الحارث.

فقال: من هاهنا أتيت.

قال علانا لقصائدي:

قال بشر بن الحارث:

تعلمت الورع من أختي، فإنها كانت تجتهد أن لا تأكل ما للمخلوق فيه صنع.

المصدر: تاريخ بغداد: (14/436 ـ 437).

الأكثر مشاركة في الفيس بوك