حوار حول أن الاقتصاد الإسلامي .. طوق النجاة

حوار حول أن الاقتصاد الإسلامي .. طوق النجاة
16/06/2009
لا يخفى على أحدٍ ما تنشره وسائلُ الإعلام ليلَ نهار عن ما يسمى بالأزمة المالية العالمية، وما تسببت به في الإطاحة باقتصاديات الدول العظمى قبل الصغرى، في شرق البلاد وغربها..

أرسل لصديق
طباعة

قراءة : 305 | طباعة : 143 | إرسال لصديق : 0 | عدد المقيمين : 0
لا يخفى على أحدٍ ما تنشره وسائلُ الإعلام ليلَ نهار عن ما يسمى بالأزمة المالية العالمية، وما تسببت به في الإطاحة باقتصاديات الدول العظمى قبل الصغرى، في شرق البلاد وغربها ، وما ذلك إلاَّ باعتمادهم على نظريات اقتصادية من صنع البشر، ما بين الاشتراكية والرأسمالية وما بهما من طرفيها البعيد، والذي أودى بهذه الاقتصاديات، والبعد بلا شك عن الاقتصاد الإسلامي، والذي وضِعت أطرُه من خلال الكتاب والسنة.
وحول هذه القضية يسعدنا نقل الحوار الذي دار مع فضيلة الشيخ الدكتور / عبد الله بن محمد العمرو، أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، والمدير العلمي لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها ...
• بداية .. فضيلة الدكتور – حفظكم الله – ، ماذا عن الأسباب التي قادت إلى هذه الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم في هذه المرحلة الزمنية ؟
حقيقة في هذا الأمر نستطيع أن نقول إن الأسباب الرئيسة لهذه الأزمة تعود إلى أمرين:أحدهما: مخالفة أمر الله عز وجل، والوقوع فيما نهى عنه، فمن السنن الإلهية أن الذنوب والمعاصي سبب للكوارث والأزمات والمصائب المادية والمعنوية، الخاصة والعامة، كما قال تعالى:{ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير }[الشورى:30، مع ما تمارسه تلك الدول من ظلم وتسلط على الدول الضعيفة، ونهب خيراتها وثرواتها، والسبب الثاني:إن النظام الاقتصادي الرأسمالي يقوم على بعض المفاهيم والقواعد التي هي أساس تدميره ومنها ما يلي: -
1 - يقوم النظام المصرفي الربوي على نظام الفائدة أخذا وعطاء، ويعمل في إطار منظومة تجارة الديون شراء وبيعا ووساطة، وكلما ارتفع معدل الفائدة على الودائع كلما ارتفع معدل الفائدة على القروض الممنوحة للأفراد والشركات والمستفيد هو البنوك والمصارف والوسطاء الماليين والعبء والظلم يقع على المقترضين الذين يحصلون على القروض سواء لأغراض الاستهلاك أو لأغراض الإنتاج .
2- يقوم النظام المالي العالمي ونظام الأسواق المالية على نظام المشتقات المالية التي تعتمد اعتمادا أساسيا على معاملات وهمية ورقية شكلية تقوم على الاحتمالات، ولا يترتب عليها أيًُ مبادلات فعلية للسلع والخدمات، فهي عينها المقامرات والمراهنات التي تقوم على الحظ والقدر، والأدهى والأمَرُّ أن معظمها يقوم على ائتمانات من البنوك في شكل قروض، وعندما تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن ينهار كل شيء، وتحدث الأزمة المالية .
3 - انتشار الفساد الأخلاقي الاقتصادي مثل: الاستغلال والكذب والغش والاحتكار والمعاملات الوهمية، وهذه المفاسد تؤدي إلى الظلم، وإرهاق الناس والإضرار بمصالح الناس.
• إذا جئنا إلى أهمية الاقتصاد في الشريعة الإسلامية .. كيف يكون ؟
عنيت الشريعة بمتطلبات الحياة للأفراد والمجتمعات، فجاءت النصوص متوافرة في الحديث عن المعاملات، وركزت على القواعد العامة التي تحكمها، كما ربطت حركت المسلم في سعيه في مصالحه المادية، ومعاملاته المالية بالعقيدة والعبادة، فعلى المسلم مراقبة ربه ورجاء ثوابه والخوف من عقابه، كما أن سعيه في دنياه مع استقامته فيه عبادة لله تعالى، تقربه إليه وترفع درجته عنده، وبهذا يظهر الشمول والتكامل في تشريعات الإسلام وأنها كل لا يتجزأ، ولكل جانب قدره وأهميته.
• الاقتصاد الإسلامي يتمتع بعدة مميزات تجعله الاقتصاد الوحيد القادر على اجتياز هذه الأزمة التي يمر بها العالم .. من هذه المميزات أنه رباني المصدر والهدف كيف ذلك ؟
من أهم خصائص الاقتصاد الإسلامي أنه رباني المصدر , فمصدره إلهي , مستمد من نصوص الكتاب والسنة ، ولذا فهو صالح لكل زمان ومكان، لأنه من الله العليم الخبير، العالم بما يصلح العباد ويجلب لهم النافع، فمتى استقاموا عليه قامت مصالحهم ونمت ثرواتهم، مع السلامة من صنوف الإثم والظلم.
وهو رباني الهدف: حيث يهدف إلى سد حاجات الفرد والمجتمع الدنيوية، وفقاً لشرع الله تعالى، مع تحقيقه لعبودية الإنسان لله، فهو في سعيه لتحصيل المال، وفي استثماره وإنفاقه يراقب ربه ويلتمس رضاه، وما يقربه منه، فلا ينساق مع شهوات جمع المال والتكاثر فيه بما يقطعه عن خالقه، ويوقعه في مخالفة أمره.

• فضيلة الدكتور .. من مزايا الاقتصاد الإسلامي كذلك أنه راعى مصلحة الفرد والجماعة وليس مصلحة فئة على حساب الفئة الأخرى ؟
يقوم الاقتصاد الإسلامي على أساس التوازن والاعتدال بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة، فلا يتعصب للفرد على حساب الدولة ولا يتحمس للجماعة على حساب الفرد.
فالفرد هو محور النشاط الاقتصادي والعنصر الرئيس فيه إلا أن الدولة هي التي ترسم للفرد الإطار الذي يتحرك داخله والذي لا يجوز أن يتعدى حدوده حرصاً منها على مصلحة المجتمع، وحتى لا يختل التوازن بين مصلحة الفرد في فرديته وحريته ومصلحة المجموع.
كما أن مسؤولية الدولة في الإسلام تحقيق الضمان الاجتماعي في المجتمع، فالدولة الإسلامية مسؤولة عن الفقراء والأرامل والعجزة وغيرهم ممن لا يقدرون على كفاية أنفسهم، ويحق لكل فقير أن يطالب الدولة بالإنفاق عليه إذا لم يكن هناك من ينفق عليه. وهذه المسؤولية تجعل الدولة مسؤولة عن جميع أفراد المجتمع.
• ومن مزاياه كذلك أنه يجمع بين الثبات والمرونة .. كيف ترون ذلك ؟
في المعاملات المالية و في الاقتصاد أمور ثابتة لا تتغير ولا تتبدل بتغير الزمان والمكان، مثل: تحريم الربا، والغش، والاحتكار، وأنصبة الزكاة والمواريث، وعقوبة السرقة... ونحوها. وفيها ولا سيما المعاملات المالية ما هو متغير ومتجدد ، ومن مزايا الاقتصاد الإسلامي أنه رعى ذلك الأصل في المعاملات الإباحة ، فكل معاملة مباحة ما لم يثبــت ما يمنعها، ولذا استوعب الاقتصاد الإسلامي بمرونته سائر المستجدات في المعاملات بما يوسع للناس ويحقق التيسير لهم.
• ومن المميزات التي يتمتع بها الاقتصاد الإسلامي كذلك أنه يجمع بين الواقعية والعالمية .. نود الإفادة ؟
الاقتصاد الإسلامي يتمثل في التشريعات الإسلامية المتعلقة بالأموال والمعاملات المالية الفردية والجماعية، فهو جزء مكن هذا الدين الذي يرعى مصالح الناس مع مراعاة أحوالهم وظروفهم، كما يرسم لهم المنهج الأمثل في الصلة الإيجابية مع الآخرين، القائمة على العدل، والإنصاف، ومراعاة الأسس الخلقية، والمصالح المشتركة.
• ومن المميزات كذلك أنه يجمع بين الرقابة الذاتية للفرد ورقابة النظام كيف ذلك ؟
من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها الاقتصاد الإسلامي، مبدأ التوجيه الإداري للنشاط الاقتصادي ، بحيث يخضع النشاط الاقتصادي في حركته وتوجهه لإدارة الدولة بوصفها الممثل الشرعي للمجتمع، مع تمكين الأفراد من ممارسة حقوقهم في اختيار مجالات الإنتاج وطرائقه ووسائله، والأصل في النشاط الاقتصادي الفردي الأخذ بالضوابط الشرعية، والأنظمة المعتمدة، وإذا حصل الإخلال بذلك وهو الأمر الطارئ فتأتي رقابة النظام لتصحيح المسار ومدافعة الأخطاء .
• وأخيراً .. في نظركم ..كيف نسوق لفكرة الاقتصاد الإسلامي في مجتمعاتنا وبيوتنا ؟
ببيان ما يمتاز به الاقتصاد الإسلامي من مبادئ إيجابية؛ كالحث على العمل والكسب الحلال، وإقرار التكافل الاجتماعي، وعدالة التوزيع، ومحاربة سائر صور الاستغلال مثل الربا والاحتكار والقمار والغش والكسب المحرم، وتوجيه المشروعات إلى رعاية أولويات المجتمع بدءا بالضروريات فالحاجيات فالتحسينيات، والترغيب في القرض الحسن، والتأمين التعاوني، مع بيان ثمرات هذا كله على الفرد والمجتمع، كفيل بغرس القناعة بأهمية الاقتصاد الإسلامي ولزوم التقيد به .
وفي الختام نشكر باسمكم فضيلة الشيخ الدكتور / عبد الله بن محمد العمرو، أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، والمدير العلمي لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها ، على هذه الوقفات حول الاقتصاد الإسلامي ومزاياه التي تجعله طوق نجاة مما يحدث بالعالم من أزمات ، ونسأل الله العلي القدير أن يرزقنا الحلال ويبارك لنا فيه ، وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الكرام ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موقع وزارة الأوقاف الكويتية.

المصدر:
http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=152249

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك