الوثنية في ماليزيا والإسلام السياسي

الوثنية في ماليزيا والإسلام السياسي

من منا يعلم أن بماليزيا أكبر تمثال في العالم للصنم الهندوسي “لورد موروجا” ارتفاعه 43 متر ويحج إليه الهندوس من شتي الأصقاع ، وهذا التمثال يقع في واحدة من أهم المناطق السياحية القريبة من كوالالمبور العاصمة وهي منطقة “باتو كيفز” أو كهوف باتو…ويقصد هذه المنطقة الهندوس من كل بلاد أسيا للاحتفالات السنوي وممارسة شعائرهم…كما أنها منطقة سياحية تدعهما وتنميها الحكومة الماليزية…

 

صورة لصنم “لورد موروجا” الهندوسي والذي يقع في كهوف باتو خارج العاصمة كوالالمبور

 

من منا يعلم أن بماليزيا أكثر من 40% من السكان (وثنيين) يعيشون ويمارسون شعائرهم الوثنية بحرية في بلد ذو دستور يفترض به أنه إسلامي (بحسب المعايير القياسية العربية) وبه أغلبية مسلمة ! فالدستور الماليزي ينص علي أن الإسلام هو الدين الرسمي للبلاد ومبادئه هي المصدر الرئيسي للتشريع كما هو الحال في العديد من الدول العربية علي رأسها مصر

 

صورة لأحد الاحتفالات الهندوسية في قلب العاصمة الماليزية

 

من منا يعلم أن ماليزيا بها محاكم شرعية تطبق الفقه الشافعي في الفصل في القضايا (البسيطة) بين المسلمين ، بحسب اختيارهم…تماماً مثل فكرة المحاكم المختلطة التي كانت موجودة في مصر في بداية القرن العشرين…

 من منا يعلم أن الحزب الإسلامي الماليزي (إخوان مسلمين) يحكم إحدي الولايات (كيلانتان) حكماً ذاتياً منذ أكثر من 20 سنة ، ولكنه لم يطبق الشريعة حتي الآن بحجة أن (الوقت غير ملائم) و أنه (يطبقها بالتدريج)…

 المشايخ والعلماء في ماليزيا يحتجون في سماحهم للوثنية بالبقاء والنمو في أرض الإسلام بهذا الشكل بحجة فقهية أصبحت الآن مألوفة جداً في مصر

إن الأطروحة الفقهية لهؤلاء تنص علي أن الرسول صلي الله عليه وسلم قد عاهد قريش بدون جزية ولم يحطم لهم أصنامهم آنذاك ، بل وقبل ذلك صلي وطاف بالكعبة وعندها الأصنام ، وأنه كذلك عاهد اليهود في المدينة وقد امتلأ القرآن الكريم بذمهم والتحذير منهم ، وكان هذا بدون جزية كذلك

 لهذا فيرون أن معاهدة البوذيين والهندوس علي أساس (حقوق المواطنة) و (المساواة في الحقوق الواجبات) ليست مخالفة للإسلام علي هذا الأساس…فهم لهم نفس الحقوق والواجبات ويدخلون الجيش…إذن لا جزية لأنها (اختيارية)…ويحتج أحد أكبر فقهاء ماليزيا داتو محمد تحرير بن داتو شمس الدين وهو المفتي السابق للولاية التي أعيش بها الآن ، يحتج علي ذلك أيضاً بالمصلحة والمفسدة…فيقول أن محاولة فرض الجزية علي الوثنيين الذين تبلغ نسبتهم أكثر من 40% سوف تؤدي لمفسدة كبيرة وهي استثارة المجتمع الدولي علي المسلمين هناك وربما الدخول في حرب أهلية ، بينما المصلحة ضئيلة وهي قيمة الجزية ، والتي يمكن تعويضها ببعض المشاريع الوقفية….طبعاً هذا أصبح كلام مألوف جداً الآن…

وعلي هذا فيسمحون للوثنيين بإقامة شعائرهم ومعابدهم وكل شئ ، ويستدلون بالعديد من الحوادث التي حدثت للصحابة رضوان الله عليهم مع عدد من المشركين في العهدين المكي والمدني علي جواز ما يفعلون…

 ولكن كيف يعاهدون الوثنيين وقد نصت المذاهب علي أن العهد لا يكون إلا لأهل الكتاب ؟؟ هم يستدلون بفعل النبي علي ذلك…فيستدلون علي جواز مصالحة الوثنيين (أي وثنيين) بمعاهدة النبي لمجوس هجر !

 أين مربط الفرس ؟

 مربط الفرس هنا أنه إذا حصر المسلمين استدلالهم الفقهي بعصر النبوة فقط (أثناء حياة النبي صلي الله عليه وسلم) و تحللوا تماماً من التراث الفقهي الإسلامي الذي يبلغ عمره أربعة عشر قرناً فسيؤول الحال إلي هدم الدين وتضييعه

 فالعديد من أحكام أهل الكتاب في البلاد الممصرة لم تثبت في حياة النبي صلي الله عليه وسلم لعدم اتساع رقعة الدولة وعدم بلوغ الغزوات الشأن الذي بلغته بعد ذلك ، وإنما ثبتت تلك الأحكام بالإجماع بعد وفاته عليه الصلاة والسلام

 والإجماع مصدر من مصادر التشريع ، يلي القرآن والسنة في الحجية ، وهو لا ينسخ أي أن الحكم الذي يثبت بالإجماع في أي زمن بعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم لا يلغي ولا يغير ، لماذا ؟ لأنه ليس ثمة وحي يخبر عن هذا النسخ…ولأن النص المعصوم “لا تجتمع أمتي علي ضلالة” دائم صحيح باقٍ إلي يوم القيامة.

كذلك فإن حوادث عهد النبوة تحتاج لاستنباط الأحكام منها أن ينظر الإنسان في اجتهاد علماء الأمة ولا يستقل برأيه إلا إذا بلغ مرتبة الاجتهاد المطلقة ، ولكن تخبرنا كتب الطبقات أن تلك المرتبة قد انعدمت منذ القرن السابع الهجري تقريباً ، وصار العلماء منذ ذلك العهد إلي التقيد في الإفتاء بأصول وفروع أحد المذاهب الأربعة المعروفة ، فكيف بنا الحال الآن ؟؟

 بقي أن نسأل…

ماذا فعلت “المادة الثانية” في الدستور الماليزي منذ 1957؟؟ بل ماذا فعلت المحاكم المختلطة منذ 1957..؟؟

ماذا فعل (الحزب الإسلامي) في كيلانتان ؟ من أكبر إنجازاته إنشاء مراقص غير مختلطة…ديسكوهات للنساء وأخري للرجال ! ولا أمزح !

هل نجحت (بدعة مرحلية الأحكام) في الوصول بماليزيا إلي تطبيق الشريعة أم أنها زادت انسلاخ المسلمين ن دينهم ورسخت الليبرالية ومبدائ المساواة الغربية في نفوسهم أكثر وأكثر…؟؟

إذا كانت (السلطة) هي السبيل للإصلاح ، لماذا لم يقبلها النبي صلي الله عليه وسلم عندما عرضتها قريشٌ عليه وحقن دماء أصحابه ؟ وعندها كان يستطيع أن يبدأ في تطبيق الشريعة بالتدريج بمجرد تسلمه ملك العرب كما اقترحت عليه قريش !!

المصدر: http://articulare.wordpress.com/%D8%A7%D9%84%D9%80%D9%85%D9%80%D9%82%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA/

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك