الفكر الإسلامي المعاصر وتحديات بناء الدولة

الفكر الإسلامي المعاصر وتحديات بناء الدولة

عبد الغني عماد

   المتابع اليوم للمشهد السياسي العربي في سياق الحراك الثوري الذي تضج به عواصم ومدن وشوارع، لا يسعه إلا أن يسجل إننا أمام مشهد جديد لم نعهده من قبل، كانت محصلته الأولى أن اخترقت العديد من الحركات الإسلامية أسوار الإقصاء والتهميش والقمع الذي فرض عليها بشكل استثنائي فاق بكثير ما فرض على غيرها من حركات وتنظيمات، إلا أن الأهم أن هذا الحراك الثوري أسقط رؤوس حاكمة طال استبداد حكمها وكانت تتطلع إلى توريث سلطانها إلى الأبناء وربما الأحفاد، وما أورثت الأمة إلا الفساد والتخلف والهزيمة، والأهم أيضاً أن هذا الحراك أعاد الشعوب والسياسة إلى الميادين في مشهد لم يُستكمل بعد، ولا يزال يشوبه صراع محموم متعدد الأوجه. يطرح هذا الواقع عدداً من الأسئلة تتعلق بالدولة وبالإسلام السياسي وتداول السلطة وتطور النظرة وتحولاتها إلى هذه المسألة في قراءة تفاعلية مع ما يحدث في عالمنا العربي اليوم.

إرهاصات النهضة وإحباطات القطيعة :

    ساهم انفتاح نخبة من المثقفين والمصلحين المسلمين في القرن التاسع عشر والعقود الأولى من القرن العشرين الميلادي على التجربة السياسية والدستورية الأوروبية في التنبه إلى أمرين أساسيين، أحدهما له طبيعة نظرية والآخر له طبيعة موضوعية. وكلاهما يتصلان بمجال المقارنة على مستوى المفاهيم وعلى مستوى الوقائع. فعلى مستوى المفاهيم أتاح هذا الأمر الفرصة لتجديد النظر في المفاهيم السياسية الإسلامية كمفهوم الشورى والحرية والإجماع والدولة والسلطة والدستور، وعلى مستوى الوقائع أمكن الإطلاع على ما وصلت إليه أوروبا من تطور سياسي ودستوري في أنظمة الحكم وإدارة السلطة وبناء الدولة وتقييد الحكم الدستوري وتشكيل المجالس النيابية التي تتيح مجال المشاركة السياسية للأمة والتخلص بالتالي من الحكم الفردي الاستبدادي. هذا الانفتاح والاطلاع أتاح مجالاً واسعاً للمقارنة بين ما نحن عليه سياسياً ودستورياً وبين ما وصلت إليه أنظمة الحكم من أوروبا. ومنها مفهوم الدولة المدنية والديموقراطية والمجالس النيابية. وفي هذا السياق يأتي النص الذي اشتهر كثيراً عن الشيخ محمد رشيد رضا في ردّه على أحد القرّاء الذين بعثوا إليه برسالة إلى مجلة المنار يتحدث فيها عن حصر الإصلاح بالإسلام. فأجابه الشيخ رشيد رضا عام 1907م بقوله: "لا تقل أيها المسلم إن هذا الحكم – المقيد بالشورى- هو أصل من أصول الدين، ونحن قد استفدناه من الكتاب المبين، ومن سيرة الخلفاء الراشدين، لا من معاشرة الأوروبيين، والوقوف على حال الغربيين. فإنه لولا اختلاطنا بالأوروبيين لما تنبهنا من حيث نحن أمة، أو أمم إلى هذا الأمر العظيم، وإن كان صريحاً جلياً في القرآن الكريم"(1)1. ويذهب إلى نفس الاتجاه رائد الإصلاح الديني الإيراني الإمام الشيخ محمد حسين النائيني صاحب نظرية "ولاية الأمة على نفسها" وذلك في دفاعه عن الحكم المقيد بالدستور في كتابه الشهير "تنبيه الأمة وتنزيه الملّة" إذ نراه يقول: "ما أشدّ جهلنا عبدة الظالمين، وحاملي شعبة الاستبداد الديني، بمداليل الكتاب والسنة وأحكام الشريعة وسيرة النبي المطهر والإمام المكرم.. وترانا عوضاً من أن نقول في حق الشوروية العمومية، هذه بضاعتنا ردت إلينا، نعدها مخالفة للقانون الإسلامي، فكأننا لم نقرأ تلك الآيات الواضحة الدلالة، ولم نحصل على مفادها... أما اليوم وقد حصلنا على شيء من التنبه والشعور وقمنا بأخذ مقتضيات ديننا من الأجانب مع تمام الخجل، قائلين هذه بضاعتنا ردت إلينا..."(2)2.

  يعبر أيضاً بوضوح عن هذا التفاعل الفكري الإنساني للمسلمين محمد اقبال (1877 -1938) في تحليله للمعوقات التي أدّت إلى عدم تحوّل مفهوم الإجماع في الشريعة الإسلامية إلى نظام تشريعي ثابت وواضح المعالم. وهذا يعود حسب رأيه إلى أنه كان يتعارض مع مصالح الحكم المطلق الذي نشأ في التاريخ الإسلامي بعد عصر الخليفة الرابع مباشرة.

   كان لهذا النهج الإصلاحي الداعي للحكم الدستوري والنيابي في إطار تيار الجامعة الإسلامية تأثيرات كبيرة، وهو جاء في سياق حركة النهضة العربية التي عبر عن أفكارها رواد كبار، كرفاعة الطهطاوي، وخير الدين التونسي، وعبد الرحمن الكواكبي والشيخ محمد حسين النائيني، حتى ليمكن القول إن عصر هؤلاء قدم أوضح ما عند الفكر الإسلامي أكثر من أي عصر آخر حتى الآن، على المستوى النظري والعملي. لذلك يبقى هؤلاء الرواد بما قدموه على مستوى الفكر الإسلامي محور حركة التطور الإصلاحية الإسلامية والتي تمثّلت بأهمية أفكارها وتجديدها وعظمة رجالها وريادتهم في هذا المجال. 

قد يبدو الفكر السياسي الإسلامي وكأنه لم يتابع تراكمات ما أنجزه رواد الحركة الإصلاحية الإسلامية في القرن التاسع عشر في مجال الاجتهاد والتطوير الفكري، بحيث ظهر وكأن هذا الفكر قد أصيب بقطيعة معرفية فصلته عن لحظة تطور ثورية على مستوى الاهتمامات والأفكار والاتجاهات. وقد عدت هذه القطيعة سبباً هاماً في التراجع الفكري الذي أصاب الفكر الإسلامي أواسط القرن الماضي والتي امتدت عملياً حتى أواخر الثمانينات منه.

  وقد تكرس هذا التراجع مع تشكل الدولة القطرية نموذجاً سلطوياً واحداً قائماً على عنوان عريض مفاده إن النهضة لا يمكن أن تتصور خارج قوة الدولة، وقوة الدولة لا تقوم إلا بوحدة الأمة المعبّر عنها بحزب واحد يحمل ويترجم تطلعاتها في التنمية والتحرر والاستقلال. لذلك قامت الدولة وأنتجت ما يسمى ثقافة الزعيم وثقافة الإقصاء والمصادرة والعنف، ودخلت في خصومات وتصادمات مع الخطاب الإسلامي، وتبنت خيارات فكرية وتشريعية فتحت المجال أمام انبعاث تجاذب إيديولوجي مهَد لصدام عنيف مع الخطاب الإسلامي بكل اتجاهاته وتياراته.

  ظلت ثقافتنا العربية الإسلامية محكومة بهذا الإيقاع إلى أن بدأ يتهاوى مشروع الدولة القطرية العربية، وبدأت بعض الدول العربية تؤسس لنوع من "التعددية السياسية" ضمن دساتيرها القطرية. إلا أن هذا التأسيس لم يكن ليخرج عن ذات الثقافة الإقصائية، لأنه لم يكن مبنياً على قناعة مبدئية تراهن على هذه التعددية لإحداث تنمية سياسية تكون مدخلاً لإنجاز الورشات الإصلاحية الكبرى، وإنما كان في الأصل محاولة استيعابية قصدها التسريع بالإنقلاب على كل المكاسب التي حققها المشروع النهضوي القومي خاصةً فيما يتعلق بالقضايا الكبرى للأمة.

  في ظل هذا المناخ أصبح الفكر الإسلامي مسكوناً بهاجس الخوف على الهوية، وعقدة الغزو الفكري والاختراق الثقافي، فركز في تلك المرحلة على الصراع الإيديولوجي وعدّته المعرفية الآيلة إلى التحصين والدفاع في مواجهة الدولة القطرية من جهة والتيارات الايديولوجية الأخرى التي زجت بنفسها في معترك الصراع تحت يافطة الانتساب إلى الديموقراطية والدولة المدنية وإعلان التلازم العضوي بين الديموقراطية والعلمانية وانتسابها مرجعياً إلى الفلسفة الليبرالية ونتيجة ذلك، جرى استبعاد وإقصاء التيارات الإسلامية، الأمر الذي زاد في تكوين صورة ملتبسة عن الدولة المدنية وحزمة المفاهيم المرتبطة بها وأهمها موضوع الديموقراطية والمشاركة في الانتخابات، والتعددية وغيرها، وساهم في صعود التيارات التكفيرية والمتشددة.

 الدين والدولة : جدلية متجددة

  ساد في الفكر الإسلامي السياسي في تلك المرحلة وجهة نظر رافضة للديموقراطية التي هي محور الدولة المدنية، وذلك باعتبار إنها تؤدي إلى المساواة بين الإيمان والإلحاد في مجال الفكر، بين الإباحية والتقييد في مجال السلوك الخلقي، وبين الرأسمالية المترفة الطاغية والتقييد لمصلحة الجماعة، والإسلام لا يقبل التسوية بين هذه الاتجاهات(3)3. وكان لكتابات الشيخ أبو الأعلى المودودي تأثير كبير في هذا المجال، إذ اعتبر بشكل واضح أن وصف الحكومة الإلهية أو "الثيوقراطية" أصدق تعبير لوصف الحكومة الإسلامية(4)4. فالديموقراطية عنده ليست من الإسلام في شيء.

  والواقع فقد نشأ تياران في أوساط الإسلاميين: أحدهما رافض للديموقراطية ولو تم تسميتها "شورى" باعتبار خلفيتها العلمانية. أما الآخر فقبل بآليات الديموقراطية باعتبار جذورها الشوروية.

  المنظّر الأول لكفر الديموقراطية عربياً هو سيد قطب (1906-1966) الذي قام خطابه الفكري على مفهومين: حاكمية الله وجاهلية العالم، واعتباره القوانين الإلهية أساس أي علاقة إنسانية سواء كانت سياسية أو اجتماعية، فالحاكمية الإلهية عند قطب هي المكوّن السياسي للتوحيد الذي يجب الالتزام به قطعاً، سواء في تنمية المجتمع الفاضل، أو لجهة السماح بالحريات الشخصية والعامة. وبهذا المعنى فإن وظيفة الدولة هي، في الدرجة الأولى وظيفة أخلاقية، ودعوية، اجتماعية وسياسية، وليس لها الحق الشرعي في ابتداع حقوق جديدة أو مشاريع مبتكرة سواء على مستوى الحريات السياسية أو التعددية أو الأحزاب السياسية(5)5.

كذلك تبنت التيارات السلفية وحزب التحرير الإسلامي والعديد من التيارات المتوالدة فيما بعد ذات الاتجاه الرافض للديموقراطية، وصدر لهم كتابات غزيرة في تبيان مساوئها وتعارضها مع الإسلام.

  إلا أن حركة الأخوان المسلمين ومنذ تأسيسها مع حسن البنا (1906-1959) قدمت خطاباً مختلفاً اعتبر فيه البنا أن الأشكال الدستورية للحكم في الغرب لا تخالف الإسلام. وهو خلص بعد دراسة أصول هذا النظام: " أنها تنطبق كل الإنطباق على تعاليم الإسلام ونظمه وقواعده في شكل الحكم. ولهذا يعتقد الأخوان المسلمون أن نظام الحكم الدستوري هو أقرب نظم الحكم القائمة في العالم كله إلى الإسلام، وهم لا يعدلون به نظاماً آخر"(6)6.

  تمثّل الحكومة عند البنا مركز الثقل في نظام الحكم الإسلامي، وشرعيتها مستمدة من الجماعة وهي مسؤولة أمامها وأمام الله، ويستمد الحكم سلطته ومسؤوليته من الجماعة. إذ إن الإسلام يعتبر العقد السياسي السبيل الصحيح إلى تولي سدّة الحكم، والحاكم يقف مسؤولاً أمام أمته، التي لها السلطة العليا في محاسبته. يرتكز الحكم إذاً عنده إلى عقد سياسي بين الحاكم والمحكوم. الأمر الذي أسس إلى ما يمكن التعبير عنه بـ"أسلمة الديموقراطية" والتمييز بين حاكمية الله وحاكمية البشر.

  وعلى الرغم من خروج التيار القطبي التكفيري الرافض للدولة المدنية وللديموقراطية من عباءة الأخوان المسلمين، إلا أن هذا التيار لم يعبّر في الحقيقة عن روح الفكر الأخواني الذي أرساه مؤسس الأخوان البنا، والذي وجد تعبيراته في كتابات عديدة منها ما كتبه الشهيد عبد القادر عودة(7)7، وعبد الرزاق السنهوري(8)8 وضياء الدين الريّس(9)9، والشيخ محمد أبو زهرة(10)10 والشيخ محمد الغزالي ويوسف القرضاوي وجميعهم عمدوا على تأصيل مفهوم الشورى بجعله مبدأً ملزماً جامعاً للمسلمين، بل أن الشيخ أبو زهرة اعتبر أن النظام السياسي يجب أن يبنى على أساس العقل "لأن النصوص الواردة في سياسة الحكم محدودة وقليلة والثابت منها غير مفصل"(11)11، أما الشهيد عودة فقد ذهب إلى أن نظام الحكم الوحيد الذي يعرفه الإسلام هو الحكم القائم على دعامتين: إحداهما طاعة الله واجتناب نواهيه، والثاني: الشورى... أما إذا قام على غير هاتين الدعامتين فهو حكم لا ينسب للإسلام".

  كان لهذه الأفكار تأثير واضح في إطلاق اجتهادات أكثر عمقاً وجرأة في ميدان الفقه السياسي، فقدم الشيخ خالد محمد خالد مفهوماً للشورى يقترب كثيراً من مفهوم الدولة المدنية والنظام الديموقراطي فوضع لها سبعة مبادئ تتلخص في: أن الأمة مصدر السلطات، والفصل بين السلطات، والانتخابات العامة للرئاسة والبرلمان، والاعتراف بالمعارضة البرلمانية، والتعددية الحزبية، والحرية الصحفية والفكرية. وكذلك فعل عبد الحميد بن باديس (1889-1940) والذي يعتبر من أوائل الذين عبروا عن وجهة جديدة في تطويرهم لمفهوم الدولة المدنية من منظور إسلامي، وقد قدم رأياً قريباً مما قدمه علي عبد الرزاق في هذا المجال، إلا أنه تابع ليرسم صورة للنظام السياسي والدولة استناداً إلى اجتهاد اشتّقه من خطبة أبي بكر الصديق المشهورة لما بويع بالخلافة لخصها في ثلاثة عشر أصلاً، كلها تؤكد على سلطة الأمة وحقّها في محاسبة الحكام وعزلهم ومساواة الناس أمام القانون وغيرها من مبادئ تؤكد مدنية الدولة(12)12.

  حاول الشيخ يوسف القرضاوي حل عقدة "الديموقراطية" التي تحولت كمصطلح إلى مشكلة عن بعض الإسلاميين فقدم مراجعات هامة ورؤى جديدة حينها معتبراً إن ما في الديمقراطية من مبادئ أصله في الإسلام"(13)13. وانتقد بشدة من يزعمون أن الديموقراطية ضد حكم الله لأنها تقيم حكم الشعب، قائلاً إن الديموقراطية تعارض حكم الفرد المطلق وبالتالي فالمعادلة هي حكم الشعب ضد حكم الفرد المتسلّط وليس حكم الشعب في مواجهة حكم الله. وذهب إلى اعتبار الشورى ملزمة للحاكم وليس فقد مُعلمة له(14)14، وهو في هذا الاجتهاد إنما أقدم بالفعل على خطوة هامة في الفكر السياسي السني التقليدي. 

أما الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإسلامية في تونس، فهو في الواقع صاحب اجتهادات أكثر تنويراً وعمقاً في هذا الإتجاه، فهو في تنظيره للديموقراطية الإسلامية إنما يعيدها إلى مبدأ قديم هو التعاقد (أو البيعة)، وينتج عن ذلك إن الأمة هي مصدر كل سلطانه، وأن لها عليه السيادة في إطار الدستور (الشريعة)(15)15. لذلك يعلن بوضوح التزامه بالفكر الديموقراطي الإسلامي، ورفضه لمقررات الفكر الاستبدادي القديم وعلى رأسها مسألة الطاعة المطلقة(16)16، ويعتبر الشعب "أمين الله على شرع الله" وإن من واجبه الامتناع عن تنفيذ ما يخالف الشرع والمبادرة إلى مقاومة السلطة الجائرة(17)17. ويذهب إلى وجوب تحديد مدة الولاية خلافاً للفكر السياسي السني القديم(18)18 ويرفض مبدأ الاستخلاف والتوريث منتقداً ذلك بمرارة(19)19، ويقول: إنها لكارثة حقيقية أن يبدأ تاريخنا بالشورى لينتهي إلى العصمة والاستخلاف والتغلب، لأن ذلك يعني شيئاً واحداً: تغييب الأمة وتهميشها"(20)20.

  أما الدكتور أحمد الريسوني (زعيم حركة التوحيد والإصلاح المغربية) فيكسر الحاجز النفسي الذي يقف أمام البعض دون اقتباس الديموقراطية بحجة إنها بضاعة غربية، وبحجة اكتمال الدين، فيقدم قاعدة: "الاقتباس من الغير لما فيه خير" ليخلص منها إلى جواز الاعتماد على النظم الديموقراطية الغربية الحديثة والاقتباس منها ومن تجاربها وأساليبها. مستشهداً بأن الاقتباس سنّة جارية بشهادة القرآن ودلالة السنة النبوية وسيرة الخلفاء الراشدين وكسب السلف الصالح(21)21. يذهب كذلك المفكر الإسلامي محمد سليم العوا في تبنيه الصريح للديموقراطية إلى نفس الاتجاه، فيتبنى إلزامية الشورى ابتداءً ولزومها إنتهاءً، حيث لا يجوز للحاكم تركها وإلا كان عزله واجباً بلا خلاف، وإنها تشمل الشؤون العامة كافة(22)22. وهو يتخلى عن الحكم الدائم "للحاكم" ويعتبر إنه لا يلزم المسلمين أن يبايعوا من يختارونه بيعة أبدية، بل يجب أن تكون هذه البيعة لمدة محدودة. من أجل منع الفتنة والفوضى. والحيلولة دون الاستبداد والفساد(23)23.

    يمكن أن نستمر بسرد العديد من النماذج الدالة على تحولات يمكن الاستنتاج منها بوضوح أن الفكر الإسلامي السياسي المعاصر بشرائحه الكبرى ومنذ ثمانينات القرن الماضي قد تركز انتاجه الفكري على مسألتين بمنتهى الوضوح الأولى تأكيد الالتزام بخيار الدولة المدنية ونبذ العنف، وإن كان الاجتهاد في مضمون هذه الدولة لا يزال يحتمل الكثير من النقاش بنظر القوى الليبرالية، والثانية تتمثل بإشكالية مواجهة الأنظمة الاقصائية القائمة التي ظل بابها مغلقاً على الرغم من كل المبادرات.  

   ورغم تواصل الانفتاح والتجديد الفكري ومحاولات التكيف عند الإسلاميين مفكرين وناشطين، باحثين وحركيين، تجلى ذلك في برامجهم السياسية ومراجعاتهم الفقهية العلنية الشهيرة لأطروحات التكفير والعنف، وتتالي مبادراتهم للتصالح مع الأنظمة التي استطاب لها المقام على الانفراد بـ" المجد " السلطوي على حد تعبير ابن خلدون، فغرقت في التكلس والجمود والفساد، وما قدمت شيئا ينبئ بالاستعداد للتعددية السياسية والانفتاح على الآخر السياسي، هذا فضلاً عن سياسات عقيمة في الدفاع عن الأوطان وحقوق الأمة،  إلى أن حدثت صدمة الثورات العربية وبات الجميع أمام مشهد جديد بالكامل .

على أبواب السلطة: الجميع يتغير

    لا أحد يناقش في أن المستفيد الأول حتى الآن من الحراك الثوري هم الإسلاميون، لكنهم بنفس الوقت قد يصبحون الضحايا الأول له، والمشهد لم يكتمل بعد، خاصة أن البعض تخلى بسرعة عن مصطلح الربيع العربي والثورات العربية، وذهب إلى القواميس والمعاجم ليدقق في التعريفات ومدى انطباقها على الحالة العربية، ليحدثنا  بعد ذلك عن "شتاء" ثم عن "جحيم " ينتظرنا، لمجرد أن هذا الربيع الذي نتحدث عنه أوصل الإسلاميين بالانتخابات إلى السلطة في بلدين عربيين ويطرق الباب بقوة في بلدان أخرى لإيصال تيارات إسلامية مماثلة. وذهب بعضهم إلى التشكيك بصدق تبنيهم لمشروع الدولة المدنية في مواجهة الدولة الأمنية التي روجت وأخافت الجميع من الدولة الدينية القادمة.

كانت النتائج التي حققها الأخوان المسلمون في الانتخابات المصرية متوقعة إلى حد كبير، لكن المفاجأة حصلت في النتائج التي حققها التحالف السلفي بقيادة حزب النور الذي لم تكن له أية تجربة سياسية قبل الثورة المصرية. كما إنه لم يشارك في الثورة المصرية كما فعل الاخوان الذين دفعوا ثمناً باهظاً في المواجهات التي حدثت مع النظام، الأمر الذي يستحق التوقف عنده.

    أثار إنخراط السلفيين في الحياة السياسية جدلاً كبيراً، ساهم فيه تواضع الخبرة السياسية لديهم من جهة، وجملة الاتهامات من ذوي الاتجاهات الليبرالية والعلمانية الذين اعتبروهم مسؤولين عن حالة الاستقطاب الطائفي التي وقعت بعد الثورة وإنهم يقودون انقلاباً على الدولة المدنية مستغلين الفراغ السياسي والمؤسساتي في البلاد لفرض أجندتهم على المجتمع. ما يهمني قبل المناقشة الإشارة إلى النقاط التالية في برنامج حزب النور :

- إعلان الحزب عن التزامه بتأمين الحرية الدينية للأقباط وحقهم في الاحتكام إلى ديانتهم في أمور العقيدة. وفي أمور الحياة (لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم).

- أما شكل النظام السياسي فيرى إنه قائم على اعتماد المرجعية العليا للشريعة الإسلامية كنظام عام ضابط للاجتهادات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مع تأكيد رفضه للنموذج التيوقراطي والنموذج اللاديني، وإن "الشعب مصدر جميع السلطات" وله الأحقية في تقرير الأسس والمبادئ التي يقوم عليها نظام الحكم.

- وإن تحقيق الديموقراطية في إطار الشريعة الإسلامية، إنما تتم بممارسة الشعب حقه في حرية تكوين أحزاب سياسية، والتداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة مباشرة ونزيهة، ومراقبة الحكومة ومحاسبتها، في إطار من الحريات.

- طرح البرنامج أيضاً رؤى سياسية واقتصادية وتنموية تقوم على تشجيع النهوض والتنمية، وتفتح الباب للاستثمار الأجنبي وفق ضوابط وضمانات.   

    لا شك إن برنامج حزب النور يشكل قفزة هامة في تاريخ الحركة السلفية التقليدية المصرية، لأنه يعترف بـ "الديموقراطية" لأول مرة كآلية للحكم وتداول السلطة، وإن جاءت في سياق الرؤية الشرعية الإسلامية. وهو بهذا الخيار يقطع مع أفكار سابقة اعتبرت الديموقراطية كفراً وضلالاً. وهو مسار يشكل نموذجاً لما يمكن أن تؤول إليه الأمور في مصائر التيارات الإسلامية الأشد محافظة من غيرها والتي يمكن في أجواء القمع والاستبداد والاضطهاد أن تشكل بيئة حاضنة أو مفرخة تخرج المتشددين اليائسين الذين يجدون في العنف والتكفير بديلاً مناسباً وطريقاً خاصاً للخلاص. وقد يشكل مسار الجماعة الإسلامية المصرية مثالاً واضحاً في هذا المجال وهي التي سبق وتبنت العنف وشاركت في اغتيال أنور السادات عبر بعض كوادرها وفي العديد من الحوادث والمصادمات الدموية، إلا أنها ومنذ مبادرة وقف العنف التي تقدمت بها عام 1997 وإصدارها للعديد من المراجعات الفقهية، التي تمثل نقداً ذاتياً، لم تعرفه الحركات الإسلامية من قبل، تحولت نحو العمل الدعوي، وهي إثر الثورة أيضاً أسست حزبها "حزب البناء والتنمية" وانتقلت نهائياً من فكر الحاكمية والتكفير والقطيعة إلى "الإصلاح السياسي والدستوري والقانوني الذي يؤسس لنظام سياسي لا يستبعد تياراً سياسياً ولا يقصي فصيلاً وطنياً..."(24)24.

 الشعب .. أسقط نظريات أيضاً

    يدحض حضور السلفيين على الساحة السياسية والمجتمعية المصرية والتحولات الحركية والفكرية التي طرأت على خطابهم وأسلوب عملهم عدداً من الفرضيات التي سادت عن العلاقة بين الإسلاميين والديموقراطية والتعددية الحزبية والسياسية. فقد ساد لفترة طويلة رأي بين بعض الباحثين تبنّته بشدّة الأنظمة الأمنية، يعتبر أن الحركات الإسلامية ( بل الإسلام نفسه ) عاجزة لأسباب بنيوية ومعرفية عن التكيف مع المنظومة الديموقراطية وبالتالي عن إنتاج هيكلية حزبية مرئية أو ملموسة وعاجزة عن القيام بوظائف سياسية (political function) ومنها المشاركة الديموقراطية في الحياة السياسية والقبول بالتعددية بسبب تخندقها في الفخ الايديولوجي، حيث أنها جميعها، على الرغم من بعض التباينات، تهدف إلى إنشاء دولة إسلامية وإقامة "حكم الله". وبالتالي فأن أي محاولة لتشجيع هؤلاء للانخراط في النظام السياسي من خلال المشاركة في الانتخابات ستؤدي حسب "برنارد لويس" إلى وضع مشابه لوضع ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى التي وصل فيها الحزب النازي إلى الحكم عن طريق الانتخابات الحرة(25)25. إلا أن باحثين آخرين وناشطين في مختلف التيارات واستناداً إلى تجارب عديدة يرون خلاف ذلك، إذ استطاعت عملياً بعض الحركات الإسلامية أن تتكيف مع النظام الديموقراطي وأن تتحول إلى قوة طبيعية معارضة في بلدان مختلفة مثال: مصر، تونس، الجزائر، تركيا، لبنان، الأردن، اليمن، المغرب، الكويت وباكستان. وهم يعتبرون هذا التكيف دليلاً على مرونة الإسلام كعقيدة وقابلية الإسلاميين على التكيف مع الواقع، لذلك يجب تشجيعهم على الانخراط في الحياة السياسية من خلال العملية الانتخابية، وهو أمر يشبه المسار الذي دخلت فيه الأحزاب الشيوعية، الشمولية والمؤدلجة في أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية(26)26.

    وبعيداً عن التصنيفات الجاهزة والمعلبة والمنتجة في مراكز أبحاث مخابراتية  بل وربما مؤدلجة ، فإنه من الثابت أنه كلما كانت الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية حادة ومترافقة مع شعور هذه الحركات بأنها مستهدفة بالقمع، لجأت إلى السرية وإلى الطرح الإيديولوجي الجذري، وإلى العنف، شأنها بذلك شأن مختلف الحركات الايديولوجية. وعلى العكس، كلما كان القمع والاضطهاد أقل ضراوة تجاههم وكلما كانت الأزمات والظروف السياسية والاقتصادية أقل حدة، لجأت هذه الحركات إلى الإنخراط في الحياة السياسية العلنية، وأنشأت بالتالي هيكليات تنظيمية مرئية ومارست وظائف سياسية محددة، معتمدة ما يسمى في لغتها السياسية تارةً "فقه المرحلة" أو "الضرورة" وتارةً أخرى قواعد فقهية تتيح لها "التكيف" مع الواقع والذي يرتب عليها انتهاج الواقعية والمرونة السياسية بدلاً من الطرح العقائدي والجذري بهدف الوصول إلى أسلمة المجتمع والدولة والتي هي أهداف قصوى صعبة المنال.

  نخلص من هذا العرض إلى أن الحركات الإسلامية تنقسم في موقفها من الدولة والديموقراطية إلى فريقين: الأول يشارك بنسب مختلفة في الحياة الديموقراطية ويخوض الانتخابات فيها وهو فريق آخذ بالتنامي والتزايد والثاني يناهض الأنظمة القائمة ويحاربها سياسياً وفي بعض المناطق عسكرياً باعتبارها أنظمة كافرة تعتمد شرائع وضعية. وكلاهما ينظر إلى الديموقراطية باعتبارها نتاج الحضارة الغربية المادية المتناقضة في جوهرها الفكري والفلسفي مع الإسلام. ونقطة الخلاف أن الفريق الأول توصل إلى تبني الخيار الديموقراطي وقام بعملية تأصيل فقهي وفكري له، ليس باعتباره أداة للحد من استبداد الأنظمة القائمة فقط، وإنما لاعتباره خياراً لا يتناقض مع ثوابت العقيدة. وهو خيار وضعهم على تناقض تام مع الفريق الإسلامي الثاني وأدخلهم في سجالات واسعة معه وصلت إلى حد التكفير المتبادل. لكن خصومهم العلمانيين لا يكفون عن اتهامهم بالديماغوجية والمصلحية والتشكيك بصدق تبنيهم للحل الديموقراطي كمنهج للتعامل مع الأطراف السياسية والاجتماعية المتنافسة والمتصارعة داخل كل وطن من الأوطان التي يعملون بها. وهو تشكيك يستند إلى أن تبني هؤلاء للديموقراطية ليس أكثر من تكتيك للانقضاض على السلطة تمهيداً لإلغاء الديموقراطية وتحويلها إلى استبداد إسلامي منافس لأنواع الاستبداد الأخرى السائدة في المنطقة العربية، ويذهب هؤلاء تدليلاً على ذلك إلى "اصطياد" مسائل في بعض الفروع يتفق فيها الفريقان تتعلق ببعض الاعتراضات حول مسائل في نظام الأحوال الشخصية وقوانين الأسرة والعلمانية الكاملة وربطها بالديموقراطية وتعارضها مع الشرعية الدينية والسياسية التي جذّرها الإسلام. ويرد هؤلاء على هذا الاعتراض بالتشكيك في مصداقية الديموقراطية التي سرعان ما تتحول إلى استبداد عندما يلوح في الأفق إمكانية امتلاك الإسلاميين للحكم.

    هذا الالتباس القديم يتجدد كلما طرحت إشكالية الإسلام والديموقراطية. وفي الحقيقة كلا الفريقين صادق فيما يقول بنسب متفاوتة، فنسب الديموقراطية الأوروبي وخلفيتها الليبرالية وإدماجها بالعلمانية يجلب المخاوف للإسلاميين، لكن المشكلة في المقابل أن هؤلاء لم يطرحوا بديلاً يبدد خوف الآخرين من نشوء استبداد بجلباب إسلامي على المستوى العربي والعكس صحيح .

في الخلاصة

 حين صاغ كارل مانهايم في كتابه الشهير "الطوبى والايديولوجيا" ما يشبه القانون السوسيولوجي والذي يعتبر من الأدبيات الأساسية في علم الاجتماع، اعتبر إن منظومة الأفكار لا تبقى جامدة بل تشهد تبدلات في حركتها، فالفكرة، كل فكرة إما تكون طوبى وإما تكون إيديولوجيا. فالذهنية السائدة بين الفئات الاجتماعية الفاعلة إبان صعودها نحو السلطة هي "طوبى"، إما ذهنية الفئات الاجتماعية إبان تحجرها في مصالحها، واستلامها زمام السلطة فهي "إيديولوجيا". إذاً فالاثنان هما وعي زائف بنظره، فالأولى تحمل بذور الثانية والتي بدورها تدفع الأمور نحو تبلور طوبى ومثاليات جديدة تلك هي حركة الأفكار ومساراتها مهما كانت مرجعياتها الايديولوجية.

   والواقع إن الإسلاميين كما غيرهم قدموا الكثير من المثل والطوباويات وهم في المعارضة خسروا الكثير من "قداستهم" في اللحظة التي دخلوا فيها عالم السياسة ودهاليزه، ذلك إن الانخراط في تدبير الشأن العام ينقلهم من الطوبى إلى مستوى الايديولوجيا، ومن ثم الى الواقع،  ويحررهم من أوهام المثل العليا ويضعهم مباشرةً في مواجهة حقائق الواقع وضرورات الإنجاز اليومي. الجمهور ينظر إلى المتنافسين في الحقل السياسي مع الوقت على قدم المساواة ويسقط عنهم الحصانة التي لطالما استفادوا منها. والواقع إن هذا ينطبق على الإسلاميين وغيرهم فعندما كان أصحاب المشاريع القومية واليسارية في المعارضة تحصنوا بالمثل العليا أيضاً وعندما امتلكوا الحكم والسلطة فقدوا الكثير منها.  

   وبغض النظر عن أي موقف، الإسلاميون في الدولة سيكونون مختلفين عن النسخة التي نعرفها، ذلك إن واقع الحال يفيد إن براغماتية الحركات الإسلامية كما ثبت في حركتها السياسية سوف تؤول في نهاية الأمر إلى تكوين التعددية السياسية لأنها تصب في مصلحتها، فهذه الحركات هي في النهاية جماعات سياسية أكثر منها "دينية"، وسوف تحاول انجاح مشروعها من خلال الانجاز مستفيدة من المثال التركي الذي ما رسخ نموذجه الا بما حققه من انجازات باهرة . 

مع ذلك ثمة تحديات كثيرة تنتظر الإسلاميين كونهم المستفيد الأبرز من هذه الثورات "انتخابياً":

- أولها تتعلق بتطوير الخطاب الفكري والايديولوجي، ذلك أن مرحلة التواجد في مواقع سلطوية ليست كما هي الحال في مواقع المعارضة، إنهم اليوم مطالبون بنوع جديد من الخطاب والبرامج، من النوع الذي يحقق إنجازات تقدمية ملموسة وإلا فسوف يخسرون شرائح كبيرة ممن راهن عليهم.

- وثاني هذه التحديات يتعلق في المزيد من التمييز بين الديني والسياسي، إذ لا يكفي أن تعلن هذه الحركات عن تأسيس أحزاب سياسية كمؤشر على الفصل بين الدور الديني الدعوي والدور السياسي الاجتماعي، ذلك إن منطق الحزب السياسي والجماعة الدينية يختلفان من حيث المنهج والذهنية والأهداف.

- وثالث هذه التحديات يتعلق بإدارة العملية الديموقراطية داخل هذه الأحزاب، ذلك إن هذه الحركات بسبب استهدافها من الأنظمة أجلت الكثير من الاستحقاقات الداخلية، وتحت وطأة القمع الخارجي تمتعت ببنية متماسكة، واعتمدت على ثقافة الطاعة وعلى نوع من العلاقة الأبوية بين الأجيال، الأمر الذي عطل منظومة الحراك والترقي التنظيمي. ما لم يحدث تجديد في البنى التنظيمية والحركية يتقاطع مع الأفكار التي طرحت في سياق الثورات العربية حول الحريات والمشاركة والديموقراطية والشورى، فسوف تشهد بعض هذه الحركات إشكاليات داخلية عميقة، شهدنا بعض بوادرها بخروج بعض الانتقادات إلى العلن وانشقاق بعض القيادات الشهيرة.

   خلاصة القول إن مستقبل الحركات والأحزاب الإسلامية والتحولات التي ستطالها يتوقف على الحصاد والإنجازات التي تفضي إليها التجربة وعلى الشكل الذي سوف تؤول إليه الدولة العربية في عهدة التغيير الثوري الحاصل.

-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

الهامش: 1 - وجيه كوثراني: مختارات سياسية من مجلة المنار، بيروت، دار الطليعة، 1980، ص23.

2 - عبد الغني عماد: حاكمية الله وسلطان الفقيه، دار الطليعة، بيروت، ط2005، ص132-133.

3 - محمد المبارك: الفكر الإسلامي الحديث في مواجهة الأفكار الغربية، بيروت، دار الفكر، 1970، ص82.

4 - أبو الأعلى المودودي: نظرية الإسلام وهديه في السياسة والقانون والدستور، دمشق، دار الفكر، 1969، ص35.

5 - عبد الغني عماد: حاكمية الله وسلطان الفقيه، مرجع سابق، ص103-107؛ سيد قطب: هذا الدين (القاهرة مطبعة وهبة، 1965، ص33) ومعركة الإسلام الرأسمالية، بيروت، دار الشروق، 1975، ص49.

6 - الإمام حسن البنا: مجموعة الرسائل، (160-161).

7 - أنظر عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي (القاهرة، مكتبة دار العروبة، ط1959) و"الإسلام وأوضاعنا السياسية (بيروت، مؤسسة الرسالة، ط1951).

8 - عبد الرزاق السنهوري: فقه الخلافة وتطورها لتصبح عصبة أمم شرقية، وهي في الأصل أطروحة دكتوراه قدمها في جامعة السوربون عام 1926، القاهرة، الهيئة المصرية العامة لكتاب، مكتبة الأسرة، 2003.

9 - ضياء الدين الريّس: الإسلام والخلافة في العصر الحديث، دار التراث، القاهرة، 1967.

10 - محمد أبو زهرة: الوحدة الإسلامية، دار الرائد العربي، بيروت.

11 - محمد أبو زهرة: تاريخ المذاهب الإسلامية، دار الفكر العربي، القاهرة، 1996، ص20.

12 - فهمي جدعان: أسس التقدم عند مفكري الإسلام، دار الشروق، عمان – الأردن، 1988، ص252-254.

13 - يوسف القرضاوي: السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها، القاهرة، مكتبة وهبه، 1998، ص111و114.

14 - المرجع السابق، ص116.

15 - راشد الغنوشي: الحريات العامة في الدولة الإسلامية، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1993، ص141.

16 - المرجع السابق، ص187.

17 - المرجع السابق، ص222.

18 - المرجع السابق، ص170.

19 - المرجع السابق، ص162.

20 - المرجع السابق: ص188.

21 - أحمد الريسوني: الشورى في معركة البناء، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، دار الرازي، عمان، 2007. (أنظر الفصل الرابع).

22 - محمد سليم العوا: النظام السياسي في الإسلام، ص103.

23 - المصدر نفسه: ص115و112.

24 - لمزيد من التفصيل: نص البيان في 25 يونيو 2011

25 - Bernard Lewis, "Islam and liberlal democracy", The Atlalntic, -February 1993, p.p35-42.

26 - John Voll and John Esposito, Islam democratic essence, Middle east quarterly, September 1994, p.p 3-11.

المصدر: مؤسسة الفكر الإسلامي المعاصر للدراسات و البحوث 

التاريخ:15/06/2012

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك