حرية”الفكر” وحرية “الكفر”…و”واجب” تسمية الأشياء بأسمائها

حرية”الفكر” وحرية “الكفر”…و”واجب” تسمية الأشياء بأسمائها

د.أحمد خيري العمري

ليس غريبا أبدا أن يتعرض مقام النبوة للتجريح أو التشكيك أو قلة الأدب.فهذا جزء من “متاعب المهنة” إن جاز لنا التعبير، وهو يتجاوز فترة حياة الأنبياء إلى ما بعد وفاتهم طالما كان لهم أتباع وتأثير ممتد عبر القرون…

وهكذا فانه عليه الصلاة والسلام تعرض للإيذاء والتجريح في حياته، فقيل عنه مجنون وشاعر، وقيل عنه بعد وفاته عليه الصلاة والسلام أشياء أخرى كثيرة ، ولا يزالون يقولون حتى يومنا هذا (إرهابي، مغتصب أطفال….الخ).

إلى هنا والأمر عادي ولا يجب أن يثير الاستغراب أو حتى ردود الفعل المبالغ بها.

لكن ما يثير العجب ، هو الظاهرة  التي أراها جديدة في التعامل مع إيذاء الرسول من قبل بعض المحسوبين على الاسلاميين[1] أو من يستخدمون على الأقل نصوصا دينية في فحوى كلامهم ، فبعد أن كنا نجد المطالبين بتطبيق حد الردة والحرابة جاهزين لإشهار اتهاماتهم حتى عند أقل هفوة ، صرنا نجد اليوم “إسلاميين” لديهم نفس الحماس في الدفاع عن “كفريات” شديدة الوضوح، والذود عنها تحت هذا الشعار أو ذاك،وبالاعتماد على نصوص منتقاة ومجتزئة من سياقها ، أي بالضبط كما يفعل نفس المتطرفين على الجهة الأخرى ، من المطالبين بتطبيق حد الردة حتى على غير المرتدين!..

وإذا كان لمتطرفي تطبيق حد الردة “تراث” فقهي متراكم يقف معهم (دون أن يعني ذلك التراكم كونه صوابا) فأن متطرفي الجهة الأخرى ظاهرة حديثة نسبيا ، ولا يكفي أبدا أن يفسر وجودهم بكونهم رد فعل لمتطرفي التطبيق ، بل يمكن أيضا فهم وجودهم بعقيدة النقص تجاه الغرب ، والرغبة الملحة بتقديم “نسخة معدلة” من الإسلام بما يتناسب مع المفاهيم الغربية ..لا يحدث ذلك بالضرورة عبر “مؤامرة” معدة مسبقا في أقبية المخابرات المركزية  كما يطيب للبعض أن يتصور ، بل تحدث في دهاليز نفسية أشد تعقيدا ، في منطقة  ما بين الانبهار المريض بالغرب ، والاحتقار الشديد للذات، ورد الفعل المتراكم تجاه فهم “سلبي” متراكم للنصوص الدينية..

كل هذا ، جعل البعض ، من المحسوبين على الإسلاميين ، أو ممن يستخدمون نصوصا دينية في طرح آرائهم ، يسقطون في خطأ اكبر من خطأ من يدافعون عنهم من المجدفين ممن يسيئون لمقام النبوة أو القرآن أو حتى الذات الإلهية..

هذا الخطأ هو إنكار وجود أي خطا أصلا !…كل شيء مما يقال صار خاضعا لحسن الظن والتأويل، حتى لو كان كفرا صريحا..!..كل شيء صار قابلا للتنازل في سبيل أن نعطي صورة معتدلة للإسلام ..لمن نعطي الصورة؟ ليس للغرب فحسب.بل لأنفسنا أيضا.نريد أن نقنع أنفسنا بفهم معين للإسلام كي نرتاح من تناقضاتنا.حتى لو كان هذا الفهم المعين يتناقض مع الكثير من النصوص في الإسلام..

كل هذا السياق ليس افتراضيا بطبيعة الحال.رغم أنه قد حدث في واقع افتراضي..

أحدهم على التويتر ، تعرض وبمناسبة المولد النبوي، لمقام النبوة  وللرسول عليه الصلاة والسلام بكلام يصعب جدا أن يخضع لتأويل يحسن الظن بمقصده. ربما يصعب أيضا تكفيره عليه.لكن إحسان الظن بما قال غير ممكن أيضا…خلال ساعات انتشر ما كتب انتشار النار في الهشيم ، بل انتشار الخبر في الشبكة(وهو أمر أراه أسرع من انتشار النار في الهشيم)، وتم نبش أرشيفه كاملا، فإذا به قد سبق له أن كتب ما يعبر عن عدم إيمانه بالله ، ..وعن رفض واضح للشعائر باعتبارها “قيودا غبية”-على سبيل المثال..بالاضافة لأشياء أخرى تبين بوضوح “تصنيفه”.

حصل ما هو متوقع من ردود فعل تطالب برأسه وإهدار دمه (عبر تقديمه إلى القضاء أو مباشرة عبر متطوعين جاهزين، بل حدث تعميم لعنوان منزله التفصيلي!..) وخلال أقل من أربع وعشرين ساعة أصدر نفس الشخص بيانا يتراجع فيه عن كل ما كتب ، ويقر بخطأ ما قال ، بل نقل عنه مقربون أنه قال “الشهادة” أمام  جمع من الناس بعدما اغتسل وتوضئ…

قال أحد كبار الدعاة أنه أحس بالصدق في بيان الرجل المتراجع.غير مهم.صدق أو لا صدق.لقد تراجع وأقر بخطأ ما قال.نقطة انتهى.كل ما قيل عن أي عقوبة سيكون لا معنى له حتى بأشد الآراء الفقهية تشددا في الموضوع…كل إصرار على العقوبة بعد هذا هو أمر لا يقدم عليه إلا جاهل ومتجاهل.

هل يعني هذا أني أؤيد بيان التراجع؟ وبالتالي أؤيد التهديدات التي تعرض لها الرجل؟

قطعا لا.أي سخف هذا الذي سيجعلنا نحرم الرجل من حقه في الكفر.نعم.حقه في الكفر…أكرر : حقه في أن يكفر..أن يكون كافرا ..

القرآن الكريم كفل حق الكفر لمن شاء أن يكفر…

““وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا، أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ؟” (يونس99 )

“ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا “( الكهف29)..

“لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” ( البقرة256)

وإذا لم يكن التهديد بالقتل إكراها ، فلا إكراه إذن !..

ماذا عن حد الردة إذن ؟

أي حد؟!.. الحد الذي لم يطبقه الرسول عليه الصلاة والسلام ولو مرة واحدة في حياته رغم وجود مرتدين معروفين بالاسم؟!.. هل نستغرب هذا؟ كيف والقرآن لم ينص على أي عقوبة دنيوية للمرتد.. بل نص على وعيد آخروي ولعن فحسب..

“وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” (البقرة 127)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ  المائدة(54)،

إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (137 النساء)

“كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ” آل عمران 86/87

“وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا” (النساء 115)

 

ماذا عن الحديث المعروف بهذا الشأن؟ ماذا عن وجود سبب معروف للحديث يربطه بمؤامرة من قبل يهود المدينة، وهي المؤامرة التي بينتها الآية القرآنية الكريمة

“وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ” (آل عمران 72 )..

أي أن اليهود كانوا يريدون الدخول في الإسلام والخروج منه –كل يوم- لغرض تفتيت الجبهة الداخلية للمجتمع المسلم والبقاء في الوقت نفسه يهودا..أي “حيلة شرعية”-حسب شرعهم ، توفق بين البشارات الموجودة بالنبي الجديد،عليه الصلاة والسلام، في كتبهم ، وبين بقائهم يهودا…

هذه هي الأسباب التي ولد ضمنها الحديث المشهور عن الردة، الذي يتداول اليوم بمعزل عن سبب “قوله”..[2]

لم يحدث قط أن طبق حد الردة في عهده عليه الصلاة والسلام أو في عهد أبي بكر وعمر،إلا عندما ارتبط أمر الردة بجريمة أخرى (قتل مثلا) وهو أمر مختلف تماما.

لاحقا،حدث تداخل سياسي –فقهي أدى بالتدريج إلى تكوين مفهوم حد الردة على النحو الذي وصلنا والذي يطالب البعض بتطبيقه !..[3]

لكن عدم وجود حد للردة، لا يعني قد عدم وجود ردة !..أو مرتدين !..وهو ما تطرف فيه المدافعون عن الحرية الفكرية.هم لم يدافعوا عن حق الكفر.بل دافعوا عن حرية الفكر وأنكروا أن هذا كان كفرا من الأساس. الفرق كبير وكبير جدا. القرآن كفل حرية الكفر.وحرية الارتداد عن الدين وعدم الدخول فيه ، لكنه أيضا وضع تصنيفا واضحا لكل هذه الحالات.الكافر كافر.لا يعني ذلك أبدا ولا يجب أن يكون حكما بالإعدام عليه.لكنه “كافر”..، عقوبته ستكون آخروية حصرا ما دام لم يتركب جرما “جنائيا” مصاحبا لردته ،..

إما أن نقول أنه كافر ،أو أنما قاله كان كفرا إن شئنا التمييز بين الحالتين…لكن لا يمكن ترك الأمور مائعة بين تسميات هائمة دون ضابط شرعي ، كل ما يمكن تخيله من تسميات هائمة ولا معنى حقيقي لها تم استخدامها في سياق الدفاع عن حرية الفكر في الحالة المشار إليها أعلاه…كل ما يمكن تخيله من نصوص لا رابط لها بالموضوع ، تم استخدامها في الحوارات والنقاشات عن الأمر ، وهي حوارات لا يمكن تجاهلها أو تجاهل أثرها حتى لو كانت لا تتسق مع الصورة الذهنية عن “طلبة العلم” و العلم الشرعي على نحو عام..

لا يمكن افتراض سوء نية في المدافعين.دفاعهم في النهاية هو نتيجة طبيعية لما يزيد من عشر سنوات من رد الفعل تجاه التهجم على الاسلام ورسوله ، رد فعل حاول تقديم صورة  مغايرة للتهجم لكنها انتقائية تبرز “السلام” و”التسامح” و”الرقة” و”اللين”..بينما الاسلام هو دين التوازن بين كل هذا وعكسه.هو دين ما يجب عندما يجب.وما لا يجب عندما لا يجب .توجد نصوص فعلا تؤيد التسامح والتعايش وتحض عليه.وهناك نصوص أخرى تحض على تغيير ما لا يمكن التعايش معه ولو بالقوة.سيرته عليه الصلاة والسلام عكست ذلك .وسيبقى هذا موجودا (في النصوص وفي السيرة) رغما عن أنوفنا جميعا، ومهما بذلنا أو بذل البعض منا الجهد في التعمية عن ذلك أو غض النظر عنه..

سيقولون، وقد قالوا فعلا..:ماذا عن الدعوة؟ ماذا عن كسب قلب هذا الرجل وسواه؟

ماذا عن ذلك حقا؟..

هل كانت الدعوة سببا في أن لا يقول القرآن للكافر أنه كافر ؟!..هل كانت سببا في أن لا يخاطب الكفار ويستفزهم بأشد الصفات والنعوت قوة..بكونهم كالأنعام بل أضل سبيلا. من قال أن ذلك لا يستفزهم نحو الإيمان أصلا. من قال أن “اللين” في الدعوة وحده هو ما يجذب الناس.على العكس، المبالغة في اللين تعطي أحيانا إيحاء بالضعف، بوجود مشكلة في الموقف أصلا.ولا أحد يتبع الضعفاء..

هذا أولا.

ثانيا- من قال أن علينا أن نقنع الجميع بأي فكرة مهما كانت صائبة؟..من قال أن ذلك ممكن أصلا؟ من قال أن عدم إيمان “الجميع” بفكرة ما يعود إلى خطأ ما في الفكرة أو في عرضها.هذا هراء.وهو هراء منتشر للأسف.ومستنزف أيضا. فهو يجعل “منتجي” الفكر أو الدعوة يحاولون أن ينتجوا فكرهم بطريقة تراعي “قبول المتلقي” أكثر مما تراعي الفكرة ذاتها :تناسقها وصلابتها..أي أن السلعة هنا عليها أن ترضي “أذواق” أغلبية الناس..أي توافق أفكارهم..وهذا يعني أن السلعة الفكرية –حسب هذا الهراء- لن تقدم شيئا جديدا بقدر ما ستعمل على تعزيز أفكار مسبقة عند أغلبية الناس أصلا..مالفائدة إذن من الفكرة الجديدة؟..ماذا لو كانت أفكار الناس المكرسة بحاجة إلى هدم ؟ إلى نسف ؟ ألن يقودنا هذا إلى عدم تقبل البعض وهجوم البعض، و..قبول البعض الآخر؟ هل يعني هذا أن الفكرة الجديدة خطأ لمجرد أن هناك من لا يؤمن بها..؟؟

لو كان هذا صحيحا لكان قدحا في رسالة الرسول الكريم نفسه.لقد حمل عليه الصلاة والسلام أعظم رسالة للبشرية وبأعظم أسلوب.فماذا كان؟ هل آمن به الجميع؟ هل اقتنع الجميع بما دعاهم له؟ لا، طبعا.بل قدم بعضهم حياته وهو يرفض ما جاء به.هل يعني هذا أنه قصر عليه الصلاة والسلام؟..هل يعني أنه كان عليه أن يغير منهجه وأسلوبه أملا في كسب قلوب وعقول الكفار؟..لا طبعا. ..وهذا ما يتجاوزه الهراء المنتشر الذي يصر على أن عدم رواج فكرة أو حيازتها على الأغلبية يعني وجود مشكلة فيها..

ليس من مهمتنا أن يدخل الجميع الجنة.هناك ناس يختارون جهنم عن سابق قصد وتصميم.هناك ناس “وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ( الأنفال23 )..

هل نعلم من هؤلاء؟ هل يمكن أن نحددهم.قطعا لا.لكنهم أحيانا يفعلون ذلك بأنفسهم.يقولون الكفر ويصرون عليه.ربما لا يعرفون أنه كفر.نحن نساعدهم على الاستمرار فيه وفي الإصرار عليه عندما لا نسميه باسمه. عندما نلف وندور ونجامل حرصا على “الصورة” و”السمعة”..

نعم في موروثنا الفكري ما يستحق أن نثور عليه مثلما يستحق المستبدون والطغاة الثورة..ومن ضمن هذا الموروث “مفهوم حد الردة”..

لكن التظاهر بأنه لا كفر ولا ردة ، وشطب نصف آيات القرآن هو مما يستحق ثورة أكبر..

نعم.من حق الكفار أن يكفروا.هذا شأنهم.ومن واجبنا أن نكون ضد إعدامهم.فالردة لا تستوجب الإعدام.وسينتظرهم في الآخرة ما يستحقون ما لم يتوبوا ..

لكن مثلما لهم الحق في أن يكفروا، فمن واجبنا نحن أن نسمي الأشياء باسمها..كل الآيات التي كفلت حرية المعتقد فعلت ذلك ضمن هذا السياق : الغي، الرشد ، الكفر ، الإيمان..

حرية المعتقد (بما في ذلك الكفر والإلحاد) لا يجب أن تتنافى مع صراحتنا في التوصيف والتصنيف، هذا هو المنهج القرآني –النبوي..بلا مزايدات ولا مجاملات ولا لف أو دوران..

كما نؤيد حقهم في أن يقولوا “كفرهم”، فمن حقنا أيضا أن نقول أنه كفر..وأن نؤكد أيضا أن هذا لا يعني “إعدامهم”..

لا يجب أن يمنعوننا من حقنا في تسمية الأشياء بما اختاره الله لها..،في الوقت الذي يحصلون هم من الحرية الفكرية، على حقهم في الكفر..

حق الكفر الذي كفله لهم القرآن ، قبل أن تكفله لهم “الحرية الفكرية”..

 

 

 

 

 

 

 


 

[1] كلمة “محسوبين على الإسلاميين” لا تعني أنهم ليسوا مسلمين..فالإسلامي هو من يحمل فكرا إسلاميا محددا، أما المسلم فهو من شهد بالشهادتين.

[2] للمزيد عن الموضوع ، لا غنى عن كتاب طه جابر العلواني بعنوان “لا إكراه في الدين” وهو يتناول موضوع الردة تفصيلا

لتحميل الكتاب

http://www.mediafire.com/?fvbvg63tyrhri2e

 

 

 

[3] لا تفوتني هنا الاشارة إلى دراسة الأستاذ يحيى جاد عن الموضوع ،وهي أربع مقالات نفيسة

http://www.ikhwan.net/forum/showthread.php?159006-%C7%E1%D1%CF%C9-%E6%C7%E1%CD%D1%ED%C9-%C7%E1%DD%DF%D1%ED%C9-%CF%D1%C7%D3%C9-%CA%C3%D5%ED%E1%ED%C9-%CA%CC%CF%ED%CF%ED%C9-%ED%CD%ED%EC-%CC%C7%CF

 المصدر: http://www.quran4nahda.com/?p=2749

الحوار الداخلي: 
الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك