الجفوة بين الإعلام والقطاع الخيري.. من وراءها؟!

الجفوة بين الإعلام والقطاع الخيري.. من وراءها؟!

إعداد: منصور خريش

يؤدي الإعلام دوراً كبيراً في خدمة المؤسسات ويحقق لها الكثير من النجاحات، ولم تكن الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنأى عن التطورات المتسارعة في مجال الإعلام، وإن واكبت بعض الجمعيات تلك التطورات من أجل توصيل رسالتها بالشكل المطلوب، إلا أن بعضها ما زال يغرد خارج السرب، فلم تفعّل الجانب الإعلامي فيها بالشكل المطلوب وما يزال مغيباً، بل لا توجد إدارات متخصصة للإعلام في بعض الجمعيات إما لضعف إيمان قيادات تلك الجمعيات بأهمية الإعلام، أو لضعف الجانب المادي المخصص للإعلام وعدم وضوح الرؤية وضعف الكادر الإعلامي المتخصص الذي يأخذ على عاتقه النهوض بإدارات الإعلام في الجمعيات والخروج بها من غياهب الصمت إلى التفاعل مع المجتمع خدمة لأهداف تلك الجمعيات، حتى إن المتتبع للإعلام في بعض الجمعيات يلاحظ ضعف وانعدام التخطيط في العمل مما أسهم في إضاعة الكثير من الجهود، وجعل كثيراً من البرامج تنفذ لمجرد التنفيذ فقط، ويأتي هذا على حساب الجودة والنوعية.

(الدعوة) سلطت الضوء من خلال هذا التقرير على أقسام الإعلام في الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن، والدور الذي تقوم به في خدمة أهداف الجمعيات وأداء رسالتها على أكمل وجه، ورصدت آراء المختصين في عدد من جمعيات التحفيظ المنتشرة في مختلف مناطق المملكة..

وجه مشرق..

البداية كانت مع الدكتور أنس لطفي مدير العلاقات العامة والإعلام بالجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بتبوك الذي أكَّد بأن الإعلام بالنسبة لجمعية تحفيظ القرآن هو الوجه المشرق واللسان الناطق باسم الجمعية، يصور وينقل ويوثق إنجازاتها ومسيرتها المباركة ورسالتها السامية في خدمة كتاب الله، ولا أروع ولا أجمل من أن يعرف الناس ويسمعوا ويشاهدوا ويقرؤوا يوميات جمعيات تحفيظ القرآن في خدمة القرآن وتربية الناس على موائد القرآن، مشدداً على أن من أهم المهمات، بل من الأساسيات إنشاء وحدة أو قسم أو إدارة في كل جمعية تعنى وتتخصص بالإعلام.

وأشاد الدكتور أنس ببعض النجاحات التي تحققت في بعض جمعيات التحفيظ في مجال الإعلام وقدمت أنموذجاً رائعاً للإعلام القرآني المتخصص في مجال الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن سواءً المقروء أو المرئي أو المسموع؛ لكنه استدرك بالقول بأن هذه الخطوة ما زالت الأولى في طريق النجاح فيما تريده وتطمح إليه هذه الجمعيات.

 

خطوات جيدة

من جهته قال الأستاذ عبداللطيف بن مسعود القحطاني مدير العلاقات العامة والإعلام بجمعية ينبع لتحفيظ القرآن الكريم: إن للإعلام دوراً كبيراً وفعالاً في دعم الأعمال الخيرية بشتى أنواعها، والدور المهم هو الفهم والإدراك المتبادل لكل من مسؤوليات ودور الإعلام وجهات العمل الخيري، يقرب المسافات بينهما بما يخدم الصالح العام إذا وعى كل منهما مسؤوليته تجاه الآخر.

وأضاف القحطاني: أن الدور الأكبر يقع على عاتق الإعلام في الوصول لجهات الدعم الخيري وإبراز احتياجاتها وإيصال صوتها للمجتمع حتى يكون ثمة تفاعل ووضوح..

وتابع قائلاً: لكي نبني صورة ذهنية للمجتمع عن أي عمل خيري فإنه وبالرغم من أن السواد الأعظم من محتوى رسائل وسائل الإعلام الخاصة بالأعمال الخيرية يتضمن الدعوة إلى جمع الأموال والتبرعات المادية والعينية؛ إلا أن من تلك الرسائل ما هو حريّ بأن يقود إلى تحقيق هذا الهدف بطريقة فعالة وغير مباشرة؛ وذلك من خلال إطلاع الجمهور على الطرق التي تنتهي إليها المساهمات، وإظهار نتائجها على نحو يبرز جدواها وأهميتها ويعزز من مصداقية القائمين عليها.

ودعا القحطاني إلى التكاتف والتلاحم في جميع الوسائل الإعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة في سبيل التسويق للعمل الخيري.

إبراز النتائج الملموسة

وشدّد الأستاذ إبراهيم علي الزهراني، مدير العلاقات العامة والإعلام بجمعية تحفيظ القرآن الكريم بالطائف على أهمية الإعلام لنقل الدور النبيل والعظيم الذي تقوم به هذه الجمعيات لخدمة كتاب الله تعالى، وإعطاء رسالة واضحة عبر الوسائل الإعلامية بصورة متكاملة من حيث الأهداف والرسالة والرؤية الإستراتيجية وجميع الأسس التي تقوم عليها الجمعيات، بهدف تحقيق الانتشار الإعلامي الحقيقي، وتأكيد الحضور المميز والمفيد في ذهن المتبرعين والمستفيدين بكافة شرائح المجتمع.

وأكَّد الأستاذ ضيف الله بن أحمد الحقوي مدير العلاقات العامة والإعلام بجمعية تحفيظ القرآن الكريم بجدة والناطق الإعلامي باسم الجمعية أن الجمعيات التي ليس لها ذراع إعلامي يدعمها تظل بكماء، حيث لا غنى عن الإعلام اليوم في إبراز دور أي مؤسسة ناهيك عن جمعية خيرية تعنى بالقرآن، مؤكِّداً بأن جمعية القرآن الكريم بجدة أولت الإعلام أهمية كبرى فهي أول جمعية تصدر مجلة قرآنية وهي مواكب، وأول جمعية تستحث منصب متحدث رسمي، كما أنها قفزت في مجال الإعلام قفزات كبرى، ففي حين كان عدد التغطيات الإعلامية الإيجابية عن الجمعية في الصحف عام 1426هـ 60 خبراً وصل في العام الماضي 700 مادة صحفية مابين خبر وحوار وتقرير ونحوها؛ أي بمعدل مادتين إعلاميتين عن الجمعية يومياً ناهيك عن الأخبار التي نشرت في المواقع الإلكترونية والتي هي أضعاف هذا الرقم، وهذا جاء بعد استخدام واستنفاد جميع الوسائل المتاحة للوصول إلى الإعلام وبعد عقد أربعة ملتقيات إعلامية.

إبراز المناشط وأداء الرسالة

من جهته اعتبر الأستاذ معتز بن نايف العويضة مدير العلاقات العامة والإعلام بجمعية تحفيظ القرآن بمنطقة الجوف أن إعلام جمعيات تحفيظ القرآن يعد من أهم الأقسام التي تخدم مصلحة عملها، مؤكِّداً بأنه لا يمكن بحال تقليص حجمه فضلاً عن تجاهله في تحقيق أهداف الجمعية وإيصال رسائلها من خلال كل الوسائل المتاحة والمتعددة سواء كانت (جرائد – مجلات – تقارير- صحف إلكترونية – مواقع ومنتديات… وغيره).

وقال الأستاذ ممدوح يحيى إبراهيم حمزي مدير العلاقات العامة والإعلام بالجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن بجازان: للإعلام دور عظيم في خدمة أهداف الجمعيات من حيث إبراز مناشطها وحث المحسنين على الوقوف بجانبها لأداء رسالتها على الوجه المطلوب.

قلة الدعم المادي للإعلام

يكاد يجمع مديرو العلاقات العامة والإعلام في معظم الجمعيات على أن من أبرز الصعوبات التي يواجهها قسم الإعلام تتمثل في ضعف الدعم المادي الذي تخصصه الجمعيات لقسم الإعلام.

ويرجع القحطاني (جمعية ينبع) ذلك الضعف إلى غياب الفهم الصحيح من بعض القائمين على جمعيات التحفيظ بأهمية الإعلام وضرورته لإيصال الأهداف والرسالة والتطلعات لفئات المجتمع، فضلاً عن عدم استثمار القائمين على بعض الجمعيات الوسائل الإعلامية بالشكل المطلوب.

فيما رأى الزهراني (جمعية الطائف) أن الصعوبات التي تواجه قسم الإعلام في جمعيات التحفيظ تعود إلى قلة الإيرادات المالية لبعضها، وخصوصاً أن الإعلام لا يكتفي بالقليل، مما يترتب عليه ضعف الدعم المادي لبرامجها، وقلة معرفة المجتمع بمناشطها، وهذا يؤدي إلى ضعفها بشكل عام، ويخلص إلى القول: إن مستوى الأداء الإعلامي للجمعية ينعكس تدريجياً على قوة نشاطها وتحقيق أهدافها.

أعمدة ثابتة

الأستاذ حمزي (جمعية جازان) أوضح أن الجمعية لديها مشاريع وأنشطة لا تستطيع إبرازها إلا عن طريق الإعلام، ولكن نظراً للتكلفة المالية المرتفعة فستظل في نطاق محدود.

ودعا حمزي إلى أن تكون هناك أعمده ثابته في الصحف ونشرات إعلامية مسموعة ومرئية للفضائيات للتعريف بأهداف الجمعيات ومناشطها أولاً بأول، والدعوة لدعمها والمشاركة في أعمالها.

وفي الإطار ذاته قال الأستاذ العويضة (جمعية الجوف) إن الصعوبات التي تواجه قسم الإعلام كثيرة لعل من أبرزها الكوادر المؤهلة على مستويات عليا من جميع النواحي بالإضافة إلى المبالغ الكبيرة التي تستنزفها متطلبات الإعلام المعاصرة والمتجددة.

ضعف في الإعلام

ومن ناحية أخرى اختلفت الآراء حول مواكبة الإعلام لمستجدات العصر؛ فقد عزاها بعضهم إلى افتقار الجهات الخيرية للكوادر المؤهلة للقيام بهذا العمل في هذا المجال كالأستاذ القحطاني – جمعية ينبع -.

ولم يذهب الدكتور لطفي -جمعية تبوك- بعيداً عن ذلك، وفيما اعترف بضعف المبادرات في بعض أقسام الإعلام في تطوير الطرح الإعلامي للجمعية مما يجعل وسائل الإعلام تنظر إليه بأنه طرح تقليدي لا يتناسب مع مستوى طرحها الإعلامي، إلا أنه دعا كافة الأكاديميين والإعلاميين المتخصصين إلى وضع أطر وخطط ومشاريع إستراتيجية للإعلام الخيري من أجل النهوض والرقي به ومعالجة جوانب الضعف الذي يتسم بها، كما دعا في الوقت ذاته ناشطي الإعلام في الجمعيات إلى تسجيل تجاربهم ويومياتهم من أجل وضع دليل علمي للعمل الخيري يساهم في صناعة إعلام متطور يخدم جمعيات تحفيظ القرآن ويحقق أهدافها وخصوصاً مع هذا التطور الهائل والمتسارع في صناعة الإعلام، بغية تحقيق هدفنا المنشود بإذن الله (نحو إعلام قرآني متميز).

من جهته أشار الأستاذ العويضة – تحفيظ الجوف- إلى أن جمعية الجوف تسعى جاهدة لمواكبة مستجدات العصر، مشيراً إلى أن الجمعية تسعى إلى تسجيل حضور لافت في وسائل الإعلام لجذب أنظار الجمهور اللاهث خلف كل جديد بما يتوافق مع أهداف الجمعية لتحقيق رسالتها المتمثلة في خدمة كتاب الله الكريم من خلال تلك الوسائل المتعددة.

http://www.alsalafway.com/cms/topic.php?action=topic&id=11117

الأكثر مشاركة في الفيس بوك